مابين السطور رجل ( شهيرة محمد...

By yasohamza

4.1K 280 157

رواية جديدة منفردة يغلب عليها طابع الغموض رحلة شيقة مع ابطالنا يتخللها مواقف اجتماعيه رومانسية كوميدية More

المقدمة والفصل الأول
الفصل الثالث ( تحالف خارج نطاق المنطق)
الفصل الرابع ( مابين السطور رجل)
الفصل الخامس ( رسائل دموية)
الفصل السادس
الفصل السابع ( تطرف داخل أرض محايدة)
الفصل الثامن( خوارزميات الخوفي)
الفصل التاسع ( محاكاة التهديد )
الفصل العاشر ( باراسيكولوجي)
الفصل الحادي عشر ( التداعي الحر)
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر (الميسولوجية.. كراهية النساء)

الفصل الثاني

378 20 12
By yasohamza

الفص الثاني 

اللهم هب لأهل غـ𓂆ـزة 

عطاءً يفوق البلاء…وهناءً يُنسيهم الشقاء يارب

الوهم المتداخل …….

༺༻

لا يفل شعور الرعب بداخلنا سوى الركض نحو مصدر الرعب بأقصى قوتنا والنظر إليه دون أن ترف أجفاننا 

صانعين من رهبتنا اجتياحًا أرعب.

༺༻

الأضواء أحيانًا قد لا تصنع نجمًا يرتقي عاليًا ولكنها قد تكون اشارة البداية لنيزك ضخم أخذ وضعية السقوط المدمر …. كانت هذه إحدى جمل والدها الفلسفية والتي ترددت في عقلها فجأة بينما تجلس داخل هذا الصرح الكبير وبين هذا الحشد الراقي تبتسم بلطف وفي عينيها نظرة فضول نحو هذا العالم الذي لا تعرف عنه سوى الصورة الخارجية اللامعة والتي تدرك تمام الإدراك أنها سطحية مموهة لا تمت للواقع بصلة، كل الوجوه حولها كانت متقنة الزينة بشكل يقارب الكمال وهذا أصاب المشهد أمامها بخلل بحت جعلها تمرر أصابعها الناعمة بتوتر على فستانها المخملي الأسود والذي اشترته خصيصًا لتحضر به هذا اليوم المميز في مسيرة والدها الحافلة ليكون هذا ظهورها العلني الأول والذي أرادت به أن تثبت للعالم أن انطوائية والدها وسرية حياته ليست لإثارة الجدل حوله أكثر ولكن لكونه رجلًا يهتم لأمر خصوصيته أشد الاهتمام ، تأملت المجاملات والصخب والعلاقات التي لا تفهم عن عمقها شيء هي التي عاشت حياتها بين الدراسة والسفر والقراءة والكتابة والأهم بين ذراعي والدها وأخذت  تفكر كيف لشخص في الحياة أن تكون دائرة معارفه مليئة لهذا الحد، كم يحتاج الإنسان لمشاعر وفكر وحيادية وعقلانية للتعامل مع كل هؤلاء البشر، قاطع أفكارها صوت ناعم بجوارها يقول بحماس " هذا معتصم فاروق، يا إلهي إنه أوسم من الصور بمراحل، انظري إليه …كأنه شاب بالثلاثينات من عمره، يستحق التكريم …يستحقه …فيلمه الأخير كان رائعًا " نظرت أمامها للوسيم الذي كان بطل آخر روايات والدها التي تحولت لفيلم سينمائي بينما هواء البحر القريب يتلاعب بغرتها المسدلة وفي عقلها تقارن بينه وبين شخصية الرواية وعقلها يشيد ببراعة تقمصه فكأنما ترى أمامها شخصًا آخر غير الذي رأته بالفيلم، ليبدأ بعدها في إلقاء كلمة لم تهتم بسماعها كثيرًا وهي تمسك هاتفها لترسل لوالدها رسالة تقول فيها " كل شيء حولي يبدو كعالم افتراضي لا يمت للواقع بصلة، سطور روايتك لدي أكثر واقعية وحياة من كل هذا سيادتك " ابتسمت بحب وهي تنظر للشاشة تنتظر رده لكن الكلمات التي تقال على المنبر جعلتها ترفع رأسها وقلبها يتراقص بفخر وزهو وهي تسمع وزيرة الثقافة تقول " حضورنا الكرام، في سابقة لم يشهد لها ذلك المهرجان مثيلًا وضعنا جائزة إبداعية جديدة ونسبناها لمبدع إستطاع بتمكنه في المجال الروائي أن يجعلنا ننحني احترامًا وتقديرًا لروعة قلمه بعدما  اخترق كل العقول والقلوب، 

رجل نقش اسمه بين لائحة أعظم الروائيين بل وأصبح قيمة لا يستهان بها في عالم فن الجريمة، المبدع الذي لم يتوقف إبداعه على إثرائنا بثقل قلمه بل نفع بلده بحل العديد من القضايا الغامضة …الكاتب الكبير (محمود الحوفي) وتستلم عنه الجائزة ابنته " وقفت ترتجف من فورة الأحاسيس الجارفة التي تجتاحها والتصفيق الحاد يعلو ويعلو فتشعر أن أقدامها ترتفع عن الأرض كأنها تطير في رحاب ذلك الاسم الذي سيبقى ما بقي الدهر أمانها واعتزازها وحبها الكبير، تغلبت على خجلها ورهبتها من كافة العيون التي توجهت نحوها وشعرت أن والدها يستحق منها أن تمنحه في تلك اللحظة تقديرًا يستحقه لذلك تحركت نحو المنبر لتستلم الجائزة ثم وقفت تلتقط أنفاسها برهبة قبل أن تقول برقة وبلكنة غربية حاولت مواراتها قدر الإمكان " هذه المرة الأولى لي التي أصر فيها على استلام جائزة تخص والدي الذي يملك رصيدًا حافلًا من الجوائز التي تزيدني فخرًا بكون هذا الرائع المبدع أبي، وإصراري كان لسببين أولهما أني أريد أن أعبر عن حبي وامتناني له علانية لأنه يستحق مني ذلك  والأمر الآخر هو أن أستغل هذه المناسبة لأنفي عن والدي العديد من الإشاعات التي تلاحقه، والدي لا يتعمد إثارة الجدل أو رسم دور الغموض أو غيره، والدي يجد ذاته في عزلته ويقدس خصوصيته فأرجو من الجميع احترام وتفهم ذلك والدعاء بأن يستمر إبداعه لسنوات لا تنتهي " صمتت للحظة ترقرقت الدموع في عينيها باستحياء لتميل برأسها نحو الميكروفون وتقول بتأثر " أحب سيادتك " عَلا التصفيق الحار فحاولت أن تلتقط أنفاسها بعمق ولكنها شعرت أن هناك حاجزًا قويًا يجعل أنفاسها لا تصل لقلبها، حاولت مجددًا …ومجددًا ولكن في لحظة واحدة عمّ السكون وتغير المشهد إلى ظلام دامس أشعرها أنها تعيش أفظع سكرات الموت.

༺༻

كافة الأسباب التي قد تجعل منا بشرًا أسوياء فاشلة، فنحن جميعًا نصارع في ذاتنا الكثير من الاعوجاج الذي يريد أن يطفو إلى السطح محاولين أن نلجمه لتبقى صورتنا في أعين غيرنا كذبة كبيرة قررت أن تتجمل.

༺༻

قرابة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل………

توقفت سيارة سوداء كلاسيكية أمام البوابة الحديدية لأحد الفيلات التي تكمن على طرف منعزل عن طريق المريوطية، ترجل منها رجل في منتصف الستينيات من عمره يملأ قسماته التي يواريها الظلام العبوس والحدة، ليدفع البوابة بيده ثم يدخل إلى المكان الذي غادره حارسه بلا عودة والذي لم يقربه هو منذ ما يقرب العام ليتوقف بصدمة  ينظر للحديقة التي باتت خرابًا يحاوط خرابًا، ظهر الألم في عينيه وهو يشعر بأن الأرض أسفل قدميه كأنها تتستر بظلمة السماء عن أنظاره وقد ملأها الانكسار بعدما ولى منها عبق الحياة واندثر ورحل مع من رحل، انكسارها كان انعكاسًا لهزيمة روحه التي دفعته ليغامر باسمه وسمعته بعد هذا العمر الطويل، اجتاحته موجة من الحزن غيرت تعابيره وزلزلت ثبات خطاه فسار نحو الباب الداخلي كأنه يترنح وبصدره من المخاوف ما يكفي ليشعره بأن عنقه أصبح على شفا المقصلة، ضغط على زر الاتصال الداخلي بالفيلا وهو يرفع عينيه بضياع نحو السماء لتمر الدقائق دون مجيب، ضيق عينيه بقلق شديد واقترب من الباب يطرقه بحدة وهو يقول " ماذا يحدث بالضبط، استر يارب " عاد يطرق الباب بعنف أشد وهو يقول بصوت جهوري " أنا عمك ممدوح، افتحي الباب، هل أنتِ بخير "لم يأته رد فأخرج هاتفه بسرعة كبيرة وهو يتحرك نحو جهاز الاتصال الداخلي بالفيلا ويضغطه ثانية عسى أن يسفر ذلك عن شيء ليأتيه صوت ابنته تسأله بقلق " أبي، هل وصلت إليها " أجابها بانفعال " أنا أمام الباب الداخلي للفيلا منذ دقائق، ويبدو لي أن لا أحد بالداخل " قالت له بصدمة " مستحيل أن تكون في الخارج في مثل هذا الوقت، لابد وأنها بالداخل، اطرق يا أبي الباب بقوة أو نادِها فلربما هي نائمة "' قال وهو يتحرك نحو الباب ويبدأ بطرقه" لقد فعلت كل ذلك وأكثر والوضع مقلق بالفعل " قالت ابنته باندفاع " أبي هناك مفتاح دومًا ما تتركه أسفل أصيص زهرة الياسمين لأجل حالات الطوارئ، يمكنك استخدامه فلربما قد أصابها مكروه " تحرك نحو أصيص زهرة الياسمين بقلب منقبض وانحنى يدفعه ويلتقط المفتاح وهو يقول " لقد وجدته، سأدخل لتفقد المكان " قالت ابنته برجاء " لا تغلق الخط يا أبي، أنا سأبقى معك " فتح الباب وولج إلى الداخل ينظر حوله بتوتر وهو يقول بصوت مرتفع " يا ابنتي أين أنتِ، هل أنتِ بخير " جاءه صوت ابنته تقول " لعلها فعلت بنفسها شيئًا فحالتها لم تكن مستقرة بالآونة الأخيرة، أرجوك يا أبي تفقد المكان جيدًا وإن حدث أي شيء أبلغ الشرطة فورًا " شعر والدها بتوترها البالغ والذي زاد توتره  فقال لها بضيق " اهدئي أنتِ و أنا سأتفقد المكان وسأعاود الاتصال بكِ " تحرك نحو السلم الداخلي وصعده بحذر وهو يقول" هل من أحد هنا " ولكن حتى صدى صوته لم يكن له وجود بين ذلك الصمت القاتل الذي يفرض ذاته بالمكان، اقترب من الغرف وبدأ يطرقها ثم يتفقدها تباعًا والوضع الهادئ الماثل أمامه لا يؤجج فيه سوى وساوس ترجف أوصاله، غرفة من بعد غرفة حتى انتهى به الأمر ينزل السلم مسرعًا يتوجه نحو غرفة المكتب ويقتحمها باندفاع ليتأكد من خلوها ليبهت من حقيقة اختفائها التي صارت مؤكدة لا محالة ويهم بإخراج هاتفه ولكن نظرة عابرة نحو أحد الجدران جعلته يتقدم للأمام أكثر وهو يزدرد ريقه حتى توقف بجمود والتفت لينظر خلفه كأنه يتأكد من خلو المكان قبل أن يزيح اللوحة المعلقة أمامه لتظهر الخزينة الإلكترونية المتوارية خلفها وهمّ بلمسها ليعاود هاتفه الرنين بشكل مفاجيء أرعبه فسارع يجيب على ابنته قائلًا بصوت مشحون بالانفعالات  " ليست هنا لقد بحثت عنها بكل مكان " قالت له بقلق " لا يمكن أن تكون قد خرجت دون إخبار أحد وبقيت بالخارج لهذا الوقت، أظن أن علينا إبلاغ الشرطة، لعلّها ليست بخير " صمت والدها وعيناه تضيق وهو ينظر للخزينة ليصمت وهلة قبل أن يقول " مؤكد سنفعل".

༺༻

محاولتك في الهروب إلى الدهاليز المظلمة بداخلك ستكون أقسى ما يمكن خاصة حين تكون قدماك مخضبة بدماء ستترك  

آثارها البشعة في صدرك إلى الأبد.

༺༻

هناك أوقات تكون قاسية لدرجة تجعلك ترتشف ضياعك بتلذذ قاتل، تجعلك والتيه عملة واحدة ذات وجهين أحدهما يدرك ماهيته والآخر أنت بلا ماهية أو هوية، بين الجدران التي نشعت فيها شقوق اليأس وأكلتها عوامل التعرية. كان يجلس أرضًا ما بين أكوام الكتب منكبًا على دفتره يكتب بشغف كبير ليرفع رأسه ويتلفت يمينًا ويسارًا بحث عن شيء ما وحين لم يجده بدأ يرفع الكتب بعشوائية سريعة كأنما هناك من يلاحقه حتى لمح غايته تقع على بعد متر منه فحبى كطفل صغير ومد ذراعه يجذب ذلك الكتاب القديم ويفر صفحاته بعنف شديد قبل أن تتوقف أصابعه فوق صفحة جعلته يعود نحو دفتره ويضع الكتاب بجواره ويباشر كتابة بيده اليمنى بينما أصابع يده اليسرى تجري ما بين السطور، كان كالعالق في فلك منعزل عتي الصواعق، كان كالرازخ في حالة غرق محال أن تنتهي، كان يقاتل لأجل شيء واحد …وهو أن يثبت بأي طريقة أنه يستحق أن يؤخذ هو وعقله وموهبته على محمل الجد، كتب علم الجريمة كانت متناثرة وقد زاد عليها كتب قانون وكتب في علم النفس وأخرى دينية، كان المشهد مهيبًا لعين تدرك قوة الكلمات، مزري لعين لا ترى أبعد من الصورة ورغم مرور الوقت وبرودة الجو وقلة الغذاء ورداءة الإضاءة وضآلة المكان كان يتحرك كآلة فقدت إنسانيتها في سبيل قضية محددة، كفوفه مغطاة بحبر الأقلام 

وقدماه الحافية تكاد لا تظهر لها معالم من شدة الاتساخ، كأن الماء لم يلمس جسده منذ زمن، وقف فجأة وتقدم نحو فراشه الأرضي الذي رتب عليه الكثير من الأوراق بصورة منظمة ثم بحدة جذب ثلاث ورقات وكمشهم ثم ألقاهم نحو الباب وبمنتهى الهدوء انحنى على ركبتيه ليفسح ما بين الاوراق مكانًا لتلك الورقة الجديدة وظل يناظرها بتفكير عميق ليرتعد جسده حين يتناهى لأذنيه الطرق العنيف الذي ينهال على باب الشقة، التفت ينظر للباب باضطراب وهو يسمع صاحبة المنزل تقول بصوت مرتفع " أنا أعرف أنك بالداخل وتسمعني وتعرف أني لم يعد لدي طاقة أو نية لاحتمالك، لذلك أقسم بالله إن لم تدفع الليلة الشهور التي تعذرت عن سدادها وفوقها شهرًا مقدمًا سألقيك أنت وفوضاك خارج منزلي بلا عودة، هل تظنها تكية، يا أنا يا أنت الليلة …الليلة سأجعل الشارع بأكمله يشاهدني وأنا اطردك شر طردة " لم ينفعل أو تتأثر ملامحه أو تهتز نظراته المصوبة نحو الباب كما لو أنه لا يبالي، سمع خطواتها التي تبتعد ثم وقف وأخذ يذرع المكان الضيق ذهابًا وإيابًا وعيناه لا تفارق عقارب الساعة العتيقة بمعصمه، مضى الوقت بطيئًا جدًا ولكنه من فورة الترقب كان قادرًا على الصبر حتى تعالى رنين الهاتف فأسرع نحوه ليجيب ولم يلحظ ذلك الظرف الذي دفع من أسفل الباب يحمل على أطرافه إمضاء رجل.

༺༻

ظننت طويلًا أني أحلق في فضاء آمن لذلك يبدو سقوطي المروع رغم كل شيء منطقي …منطقي أكثر مما يجب 

༺༻

موت خفيف….توغل مروع….وخيال مهتوك …ومشاعر انطفأت ومضاتها الحانية في قلب انسحق بين الضلوع، سقوط مؤذي من قمم السلام إلى عمق مآسي الحرب وكارثة  معقدة تلمح ما مضى من العمر وقد قررت أن تمسحه مسحًا كأنه لم يكن، لتعيد كتابته بشكل مغاير لما كان عليه وفاجعة مفاجئة تلف جسدها بصقيع عنيف جعل خدر حواسها يتقهقر للخلف تاركًا إياها تتأرجح بعدم اتزان  في تفاصيل الصورة التي أمامها والتي جمدت صرخة الفزع ما بين شفتيها اللتين انكتم فيهما الصوت، الرؤية ظلت مضطربة بشكل لحظي مر سريعًا قبل أن تتداخل في عينيها صور متفرقة لذلك الكابوس الذي ينتقل بها من مدار لمدار ..عنق منحور ودماء غزيرة ثم قبر بارد وأشباح مظلمة  لينتهي بها الأمر داخل هذا الحيز الذي يبدو كالجحيم، مرت عيناها ببطء هلع على تفاصيل المشهد أمامها ويقينها بأنها عالقة في وهمها يزداد قوة، فكرت أن ذلك الوهم ربما أعنف من سابقيه وأكثر واقعية بسبب الأقراص الجديدة التي بدأت في تناولها، فاستحالة واقعية ما يحدث جعلها تدخل في حالة من الاسترخاء الجنوني والغير مفهوم للعيون المصوبة نحوها بينما هي بعقلية كاتب مشوشة يتعامل مع أبشع كوابيسه بدأت تتعمق في كل شيء، بداية من الثقوب التي تملأ الباب الخشبي العتيق والسقف الذي يبدو يدوي الصنع ومتهالكًا والصناديق الفارغة التي تملأ المكان بالفوضى والقذارة والإضاءة القوية التي تتأرجح فوق رأسها نهاية بالخمسة رجال الواقفين أمامها، نظرت لمخلف بنظرات بدت مخيفة من شدة تدقيقها خاصة حين بدأت تهذي كأنها تحدث نفسها بحديث لم يستطع أحد منهم تفسيره، فكم كانت غلظة ملامحه ملفتة لها لحد جعلها تقول بتفكير " هذا حلم، عقلي نسجه ببراعة وجعله مشهدًا حيًا، ككل ما مررت به، تماسكي، هذا مجرد تفريغ ضغط من عقلك الباطن الذي يعاني منذ فترة " شعرت بألم صارخ برأسها فأغمضت عينيها ثم بكت بقوة وقالت بصراخ " من قيدني بهذا المقعد، كيف أقيد بداخل رأسي …إنها مساحتي الحرة الوحيدة الباقية لي، من أي سطور أنتم، من أي رواية ولماذا تظهرون لي الآن، ألذلك دلالة، أم أنكم مجرد حديث نفس عليّ أن أفهم معناه، ولماذا قد أعيش ذلك الألم داخل عقلي " صمتت تنحني للأمام بانهيار وتقول " لماذا قد يعطي خيالي كل تلك الحياة لتفاصيل تفزعني " ثم رفعت رأسها فجأة نحو بدوي وقالت " how dare you " نظر بدوي لباقي الرجال بتحفز يستشف من وجوههم معنى السباب الذي تلقاه للتو لتقول له بقهر " أنت تملك نظرات متحرش، كيف لعقلي أن يتحرش بي، تأدب " اكفهرت ملامح الواقف أمامها وأمسك فكها الدقيق بعنف ورفع رأسها لتقع عيناه بعينيها فتبكي بحرقة وهي تقول له بألم " هل أنت ذاتي التي قررت أن تتكالب عليّ، هل أنت أول طريق الجنون " عقد حاجبيه بحدة ونظراتها المتفحصة التي تجوب تفاصيله تلسع خلايا عقله بصواعق مفاجئة فأخرج من فمه سبة نابية وهو يقول " هذه الأفلام يمكنك أن تكملي التمثيل بها في حفلة منتصف الليل مع أحد رجال الوغد الذي أرسلكِ لتتجسسي عليّ، لذلك ولكي تخرجي من هنا مثلما دخلتي أخبريني بكل شيء وإلا سأطلق عليكِ هؤلاء الرجال وبعد أن ينتهوا منكِ لن يكن بك نفس لتتحدثي " قالت له بغضب ومازالت دموعها تتساقط بغزارة " كف عن الصراخ يكفيني صراخ، لقد صرخت منذ بداية هذا الكابوس بما يكفي، وحل وثاقي لأن يدي تؤلمني ولا أفهم سبب هذا الألم أمن الممكن أن يكون جسدي بالحقيقة أصابه شيء " أمسك شعرها بعنف وانحنى يقول بغلظة " أنتِ هكذا تلعبين بعداد عمرك يا وتكة، واللعب معي نهايته فُجْر، انطقي من أرسلك؟ …أهو السُني؟، لماذا كان يريد منكِ أن تصوريني أنا ورجالي؟، هل قرر أن يسحب مني أحد زبائني " تحملت الألم الذي لا يُحتمل بمنتهى الصمت ونظرت لوجهه القريب وأحنت جبهتها على فكه وهي تقول باستسلام ولغة عربية فصحي متقنة " مخاض الجنون الوليد في عقلي لا هدنة فيه، وأنا فشلت في واقعي ومحال أن أفشل هنا، أنا أشعر أني أعرفك، ربما خطك قلمي يومًا ما وتركك غريبًا بين سطور دفاتري، أشعر من داخلي أن عينيك مألوفتان …تفاصيلك …حتى ندوب جسدك، أشعرك مني، هل أنت ندمي الذي بات يرافقني بكل لحظة، أم وحدتي القاتلة، من أنت سيدي ولمن تعود أصول عينيك التي أشعرها تذكرني بكل شيء جميل فقدته، ولماذا أنت غاضب وناقم عليّ، أخبرني ما الذي فعلته بك، وكيف آلمتك وأنا إن عدت يومًا لواقعي سأصحح ذلك الخطأ لأمنحك قصة أفضل من خاصتي " صمتت للحظة ثم أخذت نفسًا عميقًا وقالت بانهيار " كيف أن تكون لك تلك الرائحة، كيف أن يكون لك هذا الدفء " لم يدرك عقله كلمة واحدة مما قالته، فحديثها كان أكثر تعقيدًا من أي حديث تَعلّمه في سنوات عمره التي تَعلّم فيها ما لا يخطر على بال بشر، لكن كأن هناك مستقبلات حسية في جسده تتفاعل مع همسها الناعم ودموعها المتساقطة وقربها الخطر وبدا كأن شيئًا فيه يستنفر مستجيبًا لها وشيئًا آخر يتحفز معاديًا لها فهدر بها " يبدو أنكِ لا تعرفين جيدًا من البربري " نظرت له بضياع وقالت " بل أعرف من البرابرة، قرأت عنهم كثيرًا " قال ناجح بغضب " العاهرة تستخف بك يا ريس " توسعت عيناه وشعور الإهانة يتفاقم بداخله فرفع يده وصفعها بغضب شديد أطرحها أرضًا هي والمقعد الذي تجلس عليه ففتحت فاها تصرخ بألم ولكن دون صوت فانحنى البربري يجذبها من ملابسها ويرفعها وهو يقول " تريدين المزاح، حسنًا لا مانع لدي " ومزق ملابسها بشكل عرّى مقدمة عنقها فقالت بصوت مبحوح " أرجوك لا تجعل كابوسي أسوأ، ليتك تفهم مثلي أن كل ذلك وهم لا حقيقة له " زاد غضبه أضعافًا مضاعفة فاعتدل يخرج سكينه ثم بحركة سريعة حل قيودها وجذبها لتقف فلم تحملها قدماها فجرها جرًا نحو مرآة يملأها الصدأ وقال وهو يحيط خصرها الدقيق ككل شيء فيها ويضع السكين على عنقها " انظري جيدًا لعيني، هل مازلت تريدين ادعاء الجنون، أنا أستطيع قتلك الآن ودفنكٓ هنا ولن يعلم عنكِ أحد " نظرت له باستسلام وقالت " افعلها علّ بها خلاصي من هذا الفزع، افعلها عليّ أفيق، افعلها أرجوك " نظر لها بشراسة وبدأ ينغز النصل الحاد بعنقها حتى تقاطرت منه الدماء كما تتقاطر الدموع من عينيها فرفعت ذراعيها المرتجفتين تحتضن ذراعه الذي يحيطها به كأنها ستغفو قريرة العين  ليقترب بدوي يقول بوجل " يا ريس إنْ قتلتها الآن لن يكون لدينا دليل ضد السني، دعها لنؤكد للرجال من خلالها أن السني بات يرسل الحريم ليقوموا بعمل الرجال " لم تكن عيناه واعية سوى لاستكانتها بين ذراعيه التي أخذته من مدار بطشه إلى مدارها الغريب، كان يدور في فلك تفاصيلها كما لو أنه غر متعطش لشيء يجهله، بدأ السكين يتوغل بعنقها أكثر فركض ناجح نحوه  يقول " يا ريس كلام بدوي صحيح " قال مخلف الذي يحمل القميص ويقف بجوار الباب " خبر كهذا سيجعل السني ورجاله يرتدون الحجاب في التو" تحرك فوزي يبعد النصل عن عنقها وهو يقول " لنأتي بحقنا من الرجال يا ريس، ونترك النساء لمن أصبحوا مثلهن " تنفس بانفعال ورفع يده عن عنقها ببطء قبل أن يتركها لتسقط أرضًا ثم تحرك خارج الغرفة كعاصفة جنونية فتبعه رجاله بسرعة  لتتأمل هي انسحابهم بانهيار بالغ جعلها تتقوقع حول نفسها في وضعية الجنين وتغمض عينيها رغم كل الألم الذي ينهش فيها وبمنتهى الهدوء استسلمت للسكون منتظرة أن تستيقظ.

༺༻

كافة العابرين في دارنا قابلون للنسيان إلا أولئك الذين يصرون على أن يكونوا ندبة أزلية.

༺༻

ركض مخلف خلف رئيسه عاري الصدر والذي وقف بالخلاء يضع يديه بخصره وهو يتنفس بانفعال وقال " هذه الفتاة ليست طبيعية، أنا خبرة في هذا النوع، هذه الفتاة ابنة أصول ولكن ذلها الكيف " قال فوزي " مؤكد ابنة ناس، هل رأيت هاتفها، إنه يقدر بثروة ..اسألني أنا الهواتف التي توضع عليها صورة التفاحة المأكولة تباع بمبلغ وقدره، لقد تخصصت في سرقتها فترة كان الهاتف منها يفتح منزلي لشهرين وأكثر " ولى البربري انتباهه لرجاله رغم أنه مازال على وقفته ليقول بدوي بطريقة ذكورية فجة معتادة بينهم " النساء المرفهات كهذه، الأموال التي بين يديهم بلا حساب وهذا يجعلهم عبيد الكيف، وأحيانًا لا يكون كيفهم مخدر فقط أحيانًا يكون رجال أيضًا " ضحك الرجال بصخب ليقول ناجح " لديك حق بهذا، لقد رأيت من هذه العينة كثيرًا يقعون في المحظور وبعدها تتدهور حالتهم وينتهي المال وربما يطردهم أهلهم ويأتون راكعين من أجل نفس أو قرص والدفع بالطريقة التي تروق البائع " ضحك بدوي وقال " لا وهذه يحق لها أن تدفع بالطريقة التي تروقها فهي كما قال الرئيس وتكة ليته تركها لي " قال مخلف " لا تبدو لي عديمة الشرف " قال له بدوي " جميعهم يبدون هكذا، أولاد الناس صعب أن يظهر عليهم الانحراف مثلي ومثلك " ضحك الرجال مجددًا فالتفت البربري بانفعال وقال لمخلف " أعطني القميص، إياك أن يكون قد أصابه شيء " قال له مخلف " تفضل يا رئيس قميصك كان في الحفظ والصون " همّ البربري بأخذ القميص ليلمح نقطة دم من دمائها على أطراف أصابعه فيتفاقم هياجه ويتحرك بحدة نحو الحمام الجانبي لذلك المقهى الشعبي الذي يقع بمكان معزول تحت أحد الكباري ويدخل إليه ليقف أمام الحوض المكسور ويفتح المياه ويبدأ بغسل يده بعنف ليتبعه مخلف الذي أسند جسده على حافة الباب وقال " ماذا سنفعل الآن " قال بربري " سأجعل ذلك العاهر عبرة لمن يعتبر ولكن علينا العودة لإنهاء عملنا فقد تأخرنا " التفت مخلف يحدث الرجال بينما نظر بربري للمرآة المهشمة المثبتة على الجدار الطيني وانتفض بعنف شديد وبعقله يتردد صدى كلماتها  العميقة " كيف أن تكون لك تلك الرائحة، كيف أن يكون لك هذا الدفء ".

༺༻

يرهقني أني لا أدرك كيف أنجو من اجتياح الحزن وكيف أقاوم الغرق حين تضربني أمواجه، وكيف أتأمل أن أحيا وأنا في خضمه ألفظ آخر أنفاسي كأنني على وشك الموت.

༺༻

قرابة الثالثة فجرًا داخل قسم الهرم …….

كان الرائد شهاب الدريني يجلس خلف مكتبه باسترخاء 

يتابع شيئًا ما على شاشة هاتفه المحمول ليرفع عينيه بحدة حين انفتح باب المكتب بدون مقدمات وأطلت منه رأس فضولية يعرفها جيدًا، اعتدل شهاب في جلسته وهو يسمع ذلك الصوت الذي لا يعرف إلى أين يكون المفر منه يقول " كنت قَلِق ألا أجدك بمفردك ولكن الحمد لله، هكذا سآخذ منك ما أريد وألحق بالمطبعة قبل أن تعمل " قال له شهاب بغيظ " كم مرة حذرتك من اقتحام المكتب هكذا، هذا مركز شرطة وليس غرفة نومي " أغلق عدي الباب من خلفه وقال " حتى لو كانت غرفة نومك، لابد من أنك كنت ستسمعني كلمتين من لسانك الذي يقطر عسلًا، أخي بالإسم كأنكم وجدتموني أمام المسجد " قال له شهاب يدعي الملل " يبدو أني لن أخلص منك الليلة " قال له عدي وهو يجلس على المقعد المقابل له ويميل نحو المكتب " بالعكس أنا يمكنني بإشارة منك أن أغادر ولكن امنحني أي شيء حصري بشأن قضية القاتل المتسلسل، فليس من العدل أن يكون أخي هو الضابط الذي يحقق بالأمر وأنا مثلي مثل غيري لا أملك معلومة واحدة " 

قال له شهاب بذهول " لا تملك معلومة، بربك …ألا يكفيك كل ما أخبرتك به سابقًا، ثم ما دمت تكتمت على ما لدي فلتعلم أنه أمر خاص بالتحقيقات ولا يمكنني إخبارك به في هذا التوقيت …فأمر هذا القاتل يهز الداخلية بأكملها، ولم يكن هناك داعي لتترك زوجتك وتأتيني في مثل هذا الوقت، أتعلم كم الساعة " قال عدي يدعي القهر " أنت تعلم يا أخي العزيز أني جندي من جنود السلطة الرابعة ولا يمكنني التقاعس عن واجبي خاصة وأني أرى ترقية تلوح في الأفق لكن يبدو أنك لا تريد مني اقتناصها " سحب شهاب علبة سجائره وأخرج أحدها وهمّ بإشعالها ليمنعه عدي قائلًا " أليس من المعيب أن تدخن أمام أخيك الصغير، اترك هذا السم وكلمني " قال له شهاب " أنت لن ترتاح سوى حين تقتنص الترقية وأحصل أنا على برقية تهنئة بوقفي عن العمل، بربك من الذي دفعك لتمتهن تلك المهنة التي تؤلم رأسي " ضحك عدي وقال " الشغف يا عزيزي … الشغف، وأظنه شغفًا مشتركًا " عاد شهاب يمسك السيجارة وهو يقول " ألا تخشى أن تظن زوجتك أن بحياتك أخرى، متى تعود لمنزلك أنت " قال له عدي " بارع أنت في تغيير مسار الحوار لكن ليكن بعلمك أني لن أتحرك من هنا قبل …..صمت عدي حين تعالى طرق على الباب، فنظر شهاب للباب وقال بعبوس " ادخل " دخل الصول يقول باقتضاب " هناك رجل يريد أن يلتقيك ليقدم بلاغًا عاجلًا سيادتك " نظر شهاب في ساعته ثم قال " ادخله …ادخله، لقد كنت أشعر أنها ستكون مناوبة ممتلئة بحرق الدم " ألقى السيجارة بعنف وهو يقول لعدي بجدية " هيا يا عزيزي، من دون مطرود …لدي عمل " وقف عدي بإحباط وقال " إذًا لا أمل في أن تمنحني أي شيء" قال له " أمل ورفيقاتها في السجن بالأسفل، مع السلامه" ادعى عدي التجهم وهمّ بالمغادرة وهو يقول لشهاب " تذكر هذه اللحظة يا …ليصمت قبل أن يقول بتعجب بالغ " سيد ممدوح " تفاجأ ممدوح من وجود عدي الذي يعد شخصية إعلامية معروفة و قد أجرى معه عدة مقابلات من قبل، توترت نظراته وهو يقول بضيق " أسف على المقاطعة " وجه ممدوح الشاحب وارتباكه وتخبط نظراته جعل أجهزة الاستشعار الخاصة بعدي تتنبأ أن السبق الذي يسعى إليه قد رزقه الله به ولكن بطريقة أخرى، وقف شهاب يقول بجدية " أبدًا، تفضل سيد ممدوح وأخبرني ما المشكلة " نظر ممدوح لعدي بطرف عينه ثم نظر أرضًا لوهلة كأنه ينتظر رحيله وحين مرت الثواني ولم يتحرك رفع ممدوح عينيه لشهاب وقال بصوت مكتوم والعرق الغزير يتصبب من جبينه " أريد أن أقدم بلاغ اختفاء ".

༺༻

الصمت لا يعني أن ما لدينا قد انتهى، بل يعني أننا قد يئسنا من العالم وبدأنا بالصراخ بداخلنا …..

༺༻

داخل فيلا ممدوح شكري الرابعة والنصف صباحًا…

༺༻

وستبقى سكرة الحب هي النعيم الوحيد الذي لا يسعى إليه أي عاقل، ولكنها لم تكن يومًا من العقلاء لذلك أصابها خدر العشق من رأسها حتى الأصابع وورطها مع رجل ناري كما البركان الثائر الذي كلما تعطشت لحنانه صب عليها من فوران مشاعره فاحترقت، هي التي ركض خلفها الكثيرون وطلب ودها الكثيرون وتحاكى بخيلائها الكثيرون باتت أسيرة رجل يكاد لا يرى منها سوى ما يريد أما ما تريده فهو غير معترف به في قاموس رجولته التي اضطهدت عنفوانها ولجمته في زمامه الخانق، ذرعت راوية مكتب والدها الذي لم يعد للمنزل بعد ذهابًا وإيابًا وهي تتحسس بروز بطنها بأصابع أنهكها إرسال الرسائل وبعقل مرهق من شدة القلق والتفكير، كل شيء تكالب عليها في تلك اللحظة الخوف …والحيرة … والشكوك والحزن، كل المشاعر الغريبة والمدمرة هاجمتها لتقتات على صمودها المتداعي فانتفضت رافضة أن تصبح فريسة لها وأسرعت تجلس خلف المكتب مجددًا لتتفحص الأوراق الموضوعة عليه للمرة التي لا تعرف عددها ليقاطعها رنين هاتفها فأسرعت تتحرك نحو المنضدة الموضوع عليها لتتفقد اسم المتصل فزاد تجهمها وفتحت المكالمة المرئية تسمع صوته يقول " أكل شيء بخير " هزت رأسها بغضب وقالت " لا شيء بخير ولا سيكون شيء بخير حتى أفهم كيف وصلت تلك الأوراق لأبي " جائها صوته الجامد يقول " أي أوراق " تحركت راوية نحو المكتب وحملت الأوراق بحدة ووجهتها صوب كاميرا هاتفها وهي تقول " هذه الأوراق، ماذا تفعل بين يدي والدي، قل لي أن ما أفكر فيه غير صحيح، قل لي أنك لم تفعل ذلك، أخبرني الحقيقة حالًا " عمّ الصمت للحظات قبل أن يقول " أظنكِ بت تدركين ما حدث ولم يعد هناك داعي للحديث " بهتت ملامح راوية وقالت بصدمة " إذًا لم يكن أنت بل أبي من فعل كل شيء" قال لها بحدة " بل من صحح كل شيء، ففي النهاية كان على أحدهم دفع ثمن الخداع وقد فعل " تحجرت الدموع في عينيها ونظرت له نظرة أُعلن فيها القهر الأهوج عن ذاته قبل أن تصبح تعابيرها زوابع رعدية وهي تقول " ردي على هذا سيصلك قريبًا وحينها تذكر أنك من أوصلنا لتلك النقطة " أغلقت راوية الهاتف ووضعت يدها على شفتيها تكتم صوت بكائها قبل أن تأخذ نفسًا عميقًا وتسرع بإعادة الأوراق إلى مكانها ثم تخرج من الغرفة وتطفئ الأضواء وتغلق الباب خلفها.

༺༻

حين تكون شخصًا يستلذ بسلب الواقع قوته كأنما أصبح لديه واقع يفرض ذاته على الواقع فاعلم انك بت جذوة للشر الذي دومًا ما أحرق في فورته الأخضر واليابس.

༺༻

داخل شقة فارهة على النيل خرج كريم من الحمام وهو يرتدي روبًا أبيضًا قطنيًا أحكم حزامه حول خصره ثم رفع يديه يمررهما من بين خصلات شعره الطويلة المبللة وشعور بالاسترخاء التام يغمره، عبر كريم غرفته الخاصة متوجهًا نحو المطبخ المصمم على الطراز الغربي والتقط مشروبًا كحوليًا معبأ من المبرد ثم فتحه ورفعه نحو شفتيه يشرب بنهم 

قبل أن يفتح أحد الأدراج ويخرج منه زجاجة صغيرة محكمة الغلق ففتحها قبل أن يفرغها على الرخام الاسود أمامه فيخرج منها ما يقارب عشرين قرصًا دوائيًا لا دلالة واحدة على نوعهم أو طريقة الاستخدام، حمل كريم ما بين اصبعيه قرصًا ونظر له للحظات قبل أن يمسك ظرفًا كان بنفس الدرج ويفضه فيأتيه صوت أنثوي خرج من نفس الغرفة يقول " لم أر رجلًا مثلك، متعته بالحياة أبحاثه وليس النساء " نظر لها كريم بملل وقال " أي خطأ في التركيبة هذه المرة لا قبل لنا بعواقبه " قالت له " نحن لا نعبث يا حبيبي ليكون هناك خطأ، ثم كل الأخطاء التي واجهناها سابقًا كانت لعيب في التركيبة، امنح الأقراص لفئران تجاربك ولنرى نتيجة التعديل هذه المرة " اقتربت فيدرا حتى وقفت على الجانب الآخر من الرخام ومالت بنصفها العلوي بشكل أنثوي مغري وقالت " أنا متحمسة للنتائج أكثر مما تتخيل كحماسي لهذه الليلة التي بدأت تخبو " نظر لها وضيق عينيه ثم قال " هل يعني ذلك أن الليلة لم تنته بعد " مطت شفتيها وقالت " هذا يعود لك " ثم نفضت روبها الحريري ليقع أرضًا كاشفًا عن قميصها الجريء وتحركت عائدة نحو الغرفة فعاد كريم بأنظاره للحبوب التي أمامه وفكر قائلًا " فئراني بدأت تمنحني نتيجة بالفعل، لكن ما أسعى إليه أكثر من ذلك بكثير"..

༺༻

إذا ظننت أنك بت محصّنًا غير قابل للهدم فجرب أن ترى بعيون لا تعميها المشاعرعن حقيقة أقرب الناس إليك وبعدها فلتأخذ نفسًا عميقًا قبل أن تتهاوى..

༺༻

قلب ينبض بضراوة في صدر أعلن حداده منذ زمن على كل المشاعر، كفر عتي في عيون جسورة صارعت في ميادين الحياة حتى خطت الصراعات في تفاصيلها آثارًا لا تمحى، وفكرًا مؤرقًا وليد صدفة بحتة يتلاعب بعقل لم يكن ليؤرقه في الحياة شيء وهو الذي لا يملك شيئًا، وضيقًا تفاقم بقوة ليملأ ما بين ضلوعه بينما ينطلق بقوة سيارة رياضية ضخمة بأقصى سرعته فيما يجلس مخلف الضخم بجواره وعلى المقعد الخلفي يجلس باقي رجاله بصعوبة، يناظرونه بتوتر وترقب ولكن لا أحد منهم يجرؤ على الحديث، دقائق وتوقفت السيارة أمام أحد الملاهي الليلية بشارع الهرم وترجل منها بربري الذي سحب سترة بذلته التي كان يفردها على ظهر المقعد بحرص وهمّ بلبسها ليقاطعه نزول الغندور ومن خلفه عدة رجال يقول بغضب شديد " ارحل من هنا يا بربري، أنت ورجالك لا أريد أن أراكم مجددًا، سلمني مفتاح السيارة والهواتف التي منحتها لكم وارحل من مكاني نهائيًا " قال له البربري بعبوس " ماذا حدث لكل ذلك يا باشا، لقد أتممنا عملنا وعدنا لنباشر حراسة المكان " رفع الغندور كفه التي كان يرتدي بها أربعة خواتم من الذهب وعدة أساور وقال " شغل أي شغل!، أتدري لكم غبتم عن الملهى وهذه ليلة ذروة، هذا لم يكن اتفاقنا يا بربري، يبدو أنك كما سمعت عنك، لا تصلح لشيء " قال البربري وهو يكاد يفقد آخر ذرات صبره " يا باشا أنت لا تعرف ما حدث " قال الغندور " ولا أريد أن أعرف، ارحل ورجالك من هنا وإلا سيتصرف هؤلاء الرجال معك " نظر البربري للرجال الذين يقفون خلف الغندور ليتفاجأ أنهم رجال السني فقال بعنف " هذه القصة إذًا، حسنًا اسمعني يا باشا …مكاني لن يأخذه غيري، إما أنا وإما جميعنا سنحزن، البربري لا يُعلَم عليه " أمسكه الغندور من تلابيبه وقال " هل نسيت نفسك يا ابن الشوارع " توسعت أعين البربري بجنون وصرخ به " القميص " ورفع يده عاليًا فقفز رجاله خارج السيارة بسرعة بينما تنزل يد البربري الباطشة تلكم فك الغندور الذي سقط على السلم خلفه قبل أن يتحول المشهد لمعركة قتالية حامية.

༺༻

مع بزوغ أول شعاع للشمس……..

كانت تقف متوارية خارج غرفة والدها تراقبه منكبًا على ملف ضخم يحمل شعار وزارة الداخلية بينما يجلس أمامه شخص يقول له " لقد بتنا نضع أملنا في القبض على هذا القاتل في سيادتك، الداخلية بأكملها تمر بحالة انقلاب بسببه 

لقد تحول الأمر لقضية رأي عام والأمور تتفاقم ويجب أن نضع يدينا عليه في أسرع وقت، لقد حيرتنا طريقته وشتتنا جميعًا، هناك فريق تكوّن من أمهر رجالنا يسعون خلفه ولكن كلما سرنا وراء دليل لا تكون النهاية مبشرة " لم يأته رد من والدها الذي جذب نظارته وارتداها وبدأ بتفقد الملف الذي كان ممتليئًا بصور دموية جعلتها تغمض عينيها وحين حاولت فتحها شعرت أن الضغط على أجفانها يزداد كأنما هناك من يحاول عصب عينيها همّت بالصراخ ولكن كأنما تكمم فاها بعنف شديد لتشعر بجسدها يسحب بمنتهى العنف قبل أن ترج دون رحمة فتبدأ في الانتفاض بذعر محاولة أن تصدر أي صوت قد يسمعه أبوها، محاولة أن تفهم ما يحدث لها، لكن هذا لم يكن بالسهل مطلقًا، ملأت أوردتها أدرينالين جعلها تجاهد بعزم رغم ألمها البالغ نحو النجاة وحينها سمعت أصواتًا غريبةً تقترب منها قبل أن ينتهي كل شيء…..

༺༻

هو لم يعمر في قلبي دارًا ويسكنها، بل بنى صرحًا عظيمًا ووضع فيه كل ما أحب ثم ناداني إليه وحين لبيت ندائه… أطفأ كافة الأضواء ورحل وتركني فريسة للظلام المرعب ….

༺༻

بالسابعة صباحًا داخل دار القمة للكتابة والنشر والتوزيع…

كان معتز يجلس بوجه متجهم تبدو عليه علامات قلة النوم جلية ينظر لشاشة هاتفه بحدة وهو يتفقد الفيديوهات التي تسربت من مؤتمر الأمس، كانت أصابعه تنقر على المكتب  بينما حاجباه يزدادان انعقادًا وهو يقرأ العناوين التي كانت جميعها تعلن عن فضيحة مدوية، تصلب في مقعده للحظة قبل أن يرفع سماعة هاتف مكتبه ويضغط على أحد الازار بغل لا يعرف فيمن عليه أن يفرغه ثم يقول " أريد فنجان قهوة…سادة وثقيلة حالًا " ثم وضع السماعة بحدة ورفع عينيه المنتفخة لأعلى يشعر أن عقله مشلول تمامًا بشكل يشعره بالعجز التام عن تدارك تلك الكارثة، رفع يده يحك فكه العضلي الذي يبرز وسامته ثم قال بحدة " سأسحقك، انتظري عليّ أن انتهي من هذه الفوضى وبعدها الحساب سيطول " تعالى طرق على باب مكتبه جعله يلتقط أنفاسه ويدعي الهدوء وهو يقول " ادخل " فتح الباب ودخل شاب يافع يحمل صينية لامعة يعلوها فنجان ساخن من القهوة وهو يقول " كما طلبت يا سيدي …سادة وثقيلة، هل تأمر بشيء آخر " قال له معتز " أنا أنتظر صحفيًا، بمجرد وصوله ادخله دون استئذان فأنا على عجلة من أمري ولدي أمر مهم عليّ لحاقه " جاءهما صوت يقول " وأنا لن أؤخرك عن أمورك بإذن الله" رفع معتز نظراته نحو عدي ثم بمنتهى ضبط النفس امتلأ بخيلائه المعهودة والمعروفة عنه وقال بثبات انفعالي وهو جالس مكانه لم يقف " أهلًا أستاذ عدي، لقد تلقيت اتصالك تحديدًا لأنك إنسان مجتهد وجزء من كيان له مصداقية وتملك جمهورًا ناضجًا غير متحيز، رغم أن توقيت مكالمتك كان مريبًا قليلًا " ابتسم عدي وقال " متفهم ذلك معتز أن موعد مكالمتي كان غريبًا لكن ظنتتك ستتفهم السبب " قال له معتز وهو يريح ظهره للخلف يدعي الثقة " تقصد ما حدث بالمؤتمر الصحفي، الأمر بالنسبة لي ليس أكثر من زوبعة وستمر، أنت تعلم حجم الدار وتاريخها العريق الذي يمتد لأجدادي وشيء كهذا محال أن يهزني ولكن هناك أمورًا يجب توضيحها لكي لا يختلط على الناس بعض التفاصيل، ألا تدرك أن تسعين بالمئة من الأفلام التي تركت علامات قوية كانت بالبداية روايات خرجت للنور من هذا الدار، محال أن يتأثر كل هذا بشيء " قال عدي الذي جلس على المقعد المقابل له بينما انسحب الشاب بهدوء وأغلق الباب خلفه فلم يسأله إن كان يحب أن يشرب شيئًا حتى " كل هذا مفهوم سيد معتز، لا أحد بمصر كلها لا يدركه، وأظن الاتصالات تنهال عليك من الأمس بشأن ما حدث لكن اتصالي المريب من وجهة نظرك مؤكد كان له سبب أكثر اختلافًا " عقد معتز عينيه وضم شفتيه بشكل ينم عن توتر ثم قال بجمود " وما هو هذا السبب أستاذ عدي " قال له عدي الذي بدأ يدرك أن معتز مازال جاهلًا بآخر الاخبار فابتسم بشكل متواري وهو يقول له " لقد كنت قرابة الفجر أزور أخي الرائد شهاب بقسم الهرم لنناقش أمرًا يخص أحد القضايا وهناك تفاجأت بحضور السيد ممدوح صدقي فجأة وكان في حالة من الهلع …..قاطعه معتز يقول بصدمة " ممدوح صدقي" أكد عدي حديثه قائلًا " لقد أتى ليحرر محضر اختفاء " انتفض معتز واقفًا بشكل عنيف أسقط الخيلاء والتحضر أسفل أقدامه وهو يقول " من اختفى؟ " نظر عدي لشاشة هاتفه التي كانت تعيد المقطع مرار وتكرارًا ثم نظر لوجه معتز الذي اندفع نحو باب المكتب يخرج منه دون مقدمات فوقف عدي بسرعة وأسرع خلفه وهو يقول " يبدو أن الأمر كبير جدًا ويستحق السعي خلفه "..

༺༻

هو لم يكن مجرد شخص أحببته، لم يكن ملجئي وقوتي وشمسي التي لا تغيب بل كان خيطي الذي يضمدني حين تخدشني الأشياء من حولي وقد بت بدونه ممزقًا أنزف 

دون توقف ……..

༺༻

الحياة لم تكن يومًا عادلة هذه الجملة وضعت في قاموس الضعفاء بالخط العريض لترضيهم أما من قرروا القتال فقد آمنوا أن قوة يدهم قادرة على قلب الموازين حين يحتاجون لذلك، أوقف البربري السيارة التي تكسر زجاجها بالكامل وامتلأ جسدها الخارجي بالعديد من الانبعاجات التي شوهتها 

أمام المقهى الشعبي الذي يملكه والمعروف كمقره  هو ورجاله وقفز منها بسرعة يتبعه رجاله الذين امتلأت أجسادهم بالإصابات التي تعد في قانون الشوارع آمنة، والأمن لديهم هو ما لا يؤدي للموت، توجه بخطى شرسة نحو الغرفة الخلفية التي تقبع أسيرته بها واقتحمها بشكل جنوني ليتفاجأ بها متقوقعة على الأرض بسكون يخبره أنها لم تحاول حتى التحرك وليس الهرب، ازدادت نقمة البربري نحوها وجذبها بقوة لتقف ليشعر بها تترنح كخرقة بالية شديدة الرقة ..عميقة العيون …غريبة الألفة فهي لم تدفعه بعيدًا أبدا لم تتعال في حديثها كعادة أبناء الناس، بل تشعره أنها تعرفه خاصة حين تنظر له كما تنظر الآن، نظراتها كانت ساكنة مصوبة لعينيه لا تهتز ولا تتغير، هزت رأسها بسؤال صامت جعل مخلف يقول للبربري " على ماذا تنوي " قال له البربري " سأتي بحقي حالًا، سنذهب للسني" تحرك الرجال بسرعة يخرجون من بين الصناديق والقاذورات أسلحة بيضاء وسلاسل حديدية ليزداد هلع عينيها وهي تسأله " ماذا يحدث، أهي حرب، أرجوك لا تفزعني، ولا تنساق خلف كل تلك الفوضى، إنها وهم وسيخبو، فقط انتظر …انتظر قليلًا " تورم أعينها كان يشعرها بثقل عنيف في أجفانها ولكن البربري هز رأسه وقال بعدما أخرج من أنفه صوت فج " ماذا يا (وتكه)!  يبدو أن مفعول الكيف لم يخبُ بعد " ثم جذبها بعنف خارج الغرفة فحاولت أن توقفه وهي تحاول تثبيت جسدها بالأرض وتقول " انتظر فقط، إلى أين …إلى أين هذه المرة " لم يبال بما تفعله وهو يحيطها بذراعه كأنها لا تزن شيئًا وتحرك نحو السيارة التي حاولت الصراخ حين رأت منظرها المفجع ولكن كما العادة خذلها صوتها كأن صراخها يخرج صداه في حنجرتها فقط، قاتلت لكي لا تركب السيارة وحين استماتت في ذلك معه كبلها بعنف وحشر نفسه بالمقعد الخلفي للسيارة معها وهو يصرخ بمخلف " قد السيارة هيا " ركب مخلف السيارة بسرعة وركب بدوي بجواره فيما ركب فوزي وناجح معه بالمقعد الخلفي فتقوقعت فوق قدميه برهبة من بدوي ونظراته ومالت برأسها على كتفه تبكي وهي تستنشق رائحته وتقول برجاء " لا داعي لتصبح الأمور أسوأ، أرجوك " رفع بدوي يده وهمّ بملامسة فخذها وهو يقول " رجائك يؤجج الأحاسيس " فانكمشت تلصق ذاتها به أكثر فزغر البربري بدوي الذي سحب يده بسرعة فنظرت لوجهه وقالت " أنت لن تسمح لأحد بأن يؤذيني أليس كذلك " لم ينظر لها البربري ولم يرد عليها ليدوم الصمت لدقائق قبل أن يدخلوا لمكان ضخم تكدست فيه أكوام من الخردة ويسيروا بالسيارة بينها حتى لاح وكر السني فقال البربري لمخلف بحدة " قد بأقصى سرعتك ومن يقف في طريقك افرمه تحت الإطار " دعس مخلف على البنزين بقوة وحين تنبه رجال السني لوجودهم وركضوا نحو السيارة تفاجؤوا بها تعبر بسرعة جنونية كأن قائدها لا يبالي بموتهم فركضوا يفرون يمينًا ويسارًا فيما أوقف مخلف السيارة بعنف شديد داخل المخزن الضخم والذي كان يجلس فيه السني بين رجاله ليترجل البربري يجر سبيته التي تقاتله نحو السني فيما أشهر مخلف والبقية أسلحتهم ووقفوا يحلقون حوله بتحفز ليقول البربري " لقد جئت إليك في أرضك وسآخذ حقي منك أمام رجالك جميعًا لكي تعلم جيدًا من هو البربري وكيف يأخذ حقه من فِيه أضخم ذكر" دفعها البربري بعنف أطاح بها أسفل أقدام السني الذي ابتسم فظهرت أسنانه الذهبية البشعة وهو يرمقها بشهوانية ويقول " هدية مقبولة منك " حاول رجال السني مهاجمة البربري الذي أشهر مديته يحذرهم من الاقتراب وهو يصرخ قائلًا " كبيركم أرسل حُرمة خلفي، يبدو أنه بات يرى الحريم أكثر نفعًا منكم، ارتدوا الطرح لعلكم حينها تملؤون عينه " هاج رجال السني وحاولوا الهجوم عليه فكان لهم رجال البربري والمعروف عنهم أنهم ضالعين في حرب الشوارع بالمرصاد، تجهمت ملامح السني وقال بهدوء " لا تظن أن دخلتك أرهبتني ولكني أريد أن أرى آخرك، لذلك أتركك لتهذي " قال له البربري " أنا أريد عرقي وعرق رجالي في العمل الليلة التي خربتها لتأخذ ملهى الغندور تحت يدك، وأريد فوقهم عشرة رزم ثمن ملابسي التي تمزقت، وفوقها خمسين رزمة تأديبًا لك على ما فعلته " نظر السني للواقعة أرضًا وقال " بما أنك لم تدخل عليّ بيدك فارغة سأتركك تخرج حيًا وسأتعامل مع هديتك بشكل سيسرها ويسرك لا تقلق " ضرب البربري أرجيلة السني القريبة من قدمه ثم قال بعنف " أنا لن أخرج من هنا دون حقي " قال له السني وهو يأخذ نفسًا عميقًا ثم يتفل بقوة على يساره قبل أن يسحب تلك الملقاة عند قدميه لتقف " كم دفعت لتلك العاهرة لتقوم بهذا الدور، عامةً أنا سأؤدبها على قبوله كما أحب أما أنت فهذا آخر إنذار لك، خذ رجالك و ارحل " اقتحم رجب أخو السني الصغير المشهد وهو يقول بهياج " هل فقدت عقلك يا ابن الشوارع، هل نسيت الزانية التي أنجبتك تحت الكباري لدرجة جعلتك تتطاول على المعلم السني " اشتعلت أحداق البربري وبحركة سريعة سحب رجب بعنف ليضع مديته على عنقه وهو ينظر لمن حوله ويخط جرح قطعي بوجهه جعل أعين السني تتوسع بغضب ويقول " حركة واحدة وسأجعله جثة" اشتبك رجال السني مع رجال البربري فصرخ السني بجمود " توقفوا " ابتعد رجاله ماثلين لأمره فنظر للبربري بحقد وقال " كم تريد " قال " مئتي رزمة، حق الله، وسأخرج من هنا بهدوء وأنت تظفر بأخيك " دفع السني بالفتاة لأحد رجاله بينما هي تصارع قبضاتهم الهاتكة لبراءة جسدها وهو يقول له " ضعها بالداخل وأحضر مئتي ألف له " أنظار البربري كانت معلقة بها وهي تُسحَب نحو الداخل فيما اقترب آخر يمنح المبلغ لمخلف الذي قال " لن نعد لكن لو أن هناك جنيهًا ناقصًا سنعود " تراجع الرجال بحذر نحو السيارة فيما تراجع البربري وهو يسحب رجب وعيناه على تلك التي تبتعد وقد تجمع حولها ثلاثة من رجال السني بدأت في مقاتلتهم بضراوة وهي تصرخ بحدة و مراكز الاستشعار بها بدأت ترفض هذا الوهم رفضًا قاطعًا وتقول " انتظر …لا تتركني هنا …انتظر " اقترب البربري من باب السيارة التي ركبها رجاله فتحركت عيناه نحو السني الذي يخشى أن يتفاجأ منه بحركة غدر وحين همّ برفع مديته عن عنق رجب سمع صرختها المنهكة المبحوحة التي كأنها لوهلة تحكمت بها تناديه " بربري " نداء من حصاره المباغت غير كل شيء..

 

Continue Reading

You'll Also Like

1.8K 168 23
لم تَكنْ تدري ماذا حل بها؟! وَكأنْ قلبها تفتق لِنصفين إحداهما مليء بِالسعادة المتقطعة والآخرى قلب حزين كَـأنها تستقبل رياح الشتاء صدمة تلوىٰ الآخرىٰ...
1.5M 27.6K 65
نتحدث هنا يا سادة عن ملحمة أمبراطورية المغازي تلك العائلة العريقة" الذي يدير اعمالها الحفيد الأكبر «جبران المغازي» المعروف بقساوة القلب وصلابة العقل...
9.6K 591 28
تتكلم عن فتاة عانت من الاهل او الاقرباء عن الطعن بِها وبشرفها .. لكن هل ستجد من ينقذها ...هل سيأتي من يبقى معها طول العمر ؟؟ او ان الفُراق اقوى من...
2.7K 108 12
ابتسم لها له يونس بحب وهو يجيبها بجديه : -انا فعلا حاله، "انا الأعمي الذي فقد بصره عن معشر النساء منذ وعِ عليكٍ، واصبحت بصيرته لا تري سواكِ " أخفضت ب...