الفصل الثاني عشر

169 17 4
                                    

اصطدام ضاري…..

الفصل-١٢

الأهوال التي يحويها اللاوعي الخاص بنا دائمًا ما تأخذ دورها في تكوين الجانب المظلم من الشخصية التي نتعمد أن نستعرضها  طوال الوقت أمام الجميع لكي نحرص على ألا يدرك أحد ممن حولنا حقيقة أننا لسنا سوى الشرير الذي يرتدي القناع …….

✰✰✰✰✰

أبشع الحقائق هي حقيقة تتمحور حولها كافة ردود أفعالنا الصادمة وتبرر في خضمها كافة القرارات الباطشة وتتشكل على أساسها ملامحنا قاتمة السواد بينما هي في الحقيقة لم تكن يومًا حقيقًة لشخص سوانا، نحن من بدعناها كمشجب 

عظيم وجد فقط ليتحمل ثقل أكاذيبنا التي سنعلقها عليه بكل ثقة كما لو أنها كبد الحقيقة الساطعة، ترجل معتز بوجه ممتقع من شدة الغضب أمام منزل أسامة الذي لا يجيب على مكالماته كأنه عاصفة مدوية لا مسببات واضحة لحدوثها سوى أنها وجدت من العدم لتحيل كل ما يقف في طريقها إلى عدم وبدأ يطرق الباب بعنف شديد وهو يقول " افتح الباب يا أسامة، أنا أعلم أنك في الداخل، افتح الباب أو سيشاهدني ساكني المجمع السكني وأنا أكسر الباب وأخرجك قسرًا " لم تأت معتز إجابة فازدادت نظرته انفعالًا وهو يستدير ويتحرك نحو السيارة بخطوات تنذر بالشر لتتوقف خطاه فجأة حين سمع باب المنزل يفتح فاستدار بقوة جعلته يعقد حاجبيه وهو يضع يده فوق جرحه الذي لم يبرأ ويحني رأسه بألم بالغ لم يتركه ليتمكن منه وهو يتحرك نحو المنزل ويدخل من الباب الذي يتوارى فيه أسامة بشكل جزئي وهو يقول بعصبية " لمَ تتعمد تجاهل مكالماتي؟ " جاءه صوت أسامة الذي كان يعطيه ظهره وهو يغلق الباب فلم يستدر ليواجهه " ماذا تريد مني يا معتز؟ " قال له معتز الذي تحرك نحو أريكة ضخمة وجلس عليها وهو يحرك عنقه بحركة نزاعية تعكس مدى ألمه ثم بدأ بحل أزرار قميصه ليظهر جرحه " أريدك أن تجد لي حلًا في هذا الألم، أنا لم أعد أتحمل ورغم ذلك لن أعود للمشفى، أنا أريد مسكن قوي جدًا، لأني سأذهب لراوية، هل علمت بخبر قتل ممدوح صدقي " تحرك أسامة بشكل مريب كأنه يتحاشى النظر لوجه معتز وهو يقول بصوت مكتوم " ابتعد عن راوية يا معتز " قال له معتز الذي بدأ بحل ضمادات جرحه التي تشبعت بالدماء من بين أسنانه " لا لن أفعل، فهذا هو الوقت المناسب لأستردها، هي في قرارة ذاتها تعلم أني أكثر شخص أعلم دواخلها جيدًا، أعلم هشاشتها حين الحزن، وفزعها حين الفقد، ورهبتها حين تواجه موقف أكبر من احتمالها، هي الآن تحتاج من يحتويها بالطريقة التي تلائم شخصيتها ولا أظن أن أحد يجيد فعل ذلك غيري " قال له أسامة وهو يستدير ليواجهه بغضب شديد" توقف عن التحدث عنها بتلك الطريقة كأنها مازالت تخصك، راوية متزوجة من رجل عنيف للغاية وإذا اقتربت منها ولو لخطوة واحدة قد يقتلك بدم بارد " بهت معتز ووقف بصدمة ينظر لوجه أسامة المكدوم ببشاعة قبل أن يقول" ماذا حدث لك؟" قال له أسامة بانفعال " نبذه عما سيحدث لك إن اقتربت من راوية، معتز اخرج راوية من رأسك فقصتك أنت وهي انتهت منذ زمن وأنت من وضعت بها نقطة النهاية وهي الآن تبني حياة جديدة مع رجل آخر تحمل طفله، رجل لا يشبهك بشيء لدرجة أني أخشى أن يمارس عنفه عليها بسببك، أنت آذيت راوية بما فيه الكفاية فلا تتسبب لها في أذى أكبر فهي حاليًا مؤكد في حالة انهيار بسبب وفاة والدها فدعها لحال سبيلها " تجمد معتز لوهلة قبل أن ينطق بنبرة خطرة " هل زوجها من فعل بك ذلك، هل تقصد أن راوية تتعرض للعنف، تقصد أنها تتحمل عنف زوجها وإهانته وإهداره لكرامتها وامتهانه لها وهي التي لم تتقبل خيانة غير مقصودة بدرت مني رغم الحب الذي كان يجمعنا " توسعت أعين أسامة بصدمة وقال له" هل تسمع نفسك، هل انت واعي لما تقول، أنت تضع نفسك في مقارنة مع زوجها الذي تحمل طفله، هذه أصبحت حياتها تقبل فيها ما تقبله وترفض ما ترفضه هذا لا يعنيك ولا يعنيني مطلقًا، هي كبيرة كفاية لتختار حياتها " قال له معتز بهياج " كيف لا يعنيني، راوية تخصني وهذا الطفل كان يجب أن يكون مني، ولا يجب أبدًا أن تتنازل عن كبريائها لأجله فما لم تتنازل عنه لأجلي لا يجب أن تتنازل عنه لمطلق بشر، أنت لا تفهم تلك اللحظة التي رأيتها فيها وبطنها بارزة أمامها …يا إلهي …أكلني الحقد عليها وأكلتني الغيرة، شعرت أنها وجدت لنفسها طريق لتسلكه بينما أنا أدور حول نفسي تائه، أتجاهل رحيلها رغم أني أبحث عنها دون توقف، أنا سأعيد حكايتنا لنصابها الصحيح حتى ولو عنى ذلك أن ينمحي سبب تمسكها بتلك العلاقة نهائيًا " قال له أسامة " أنت فقدت عقلك، وستسبب في قتلك وقتلها بما تفعله، راوية منذ انفصلت عنك لم تلتفت لك ولا تستحق أن تفسد عليها حياتها، وكل ما تسعى إليه الآن قد يكون محض أوهام، ألم تفكر أنها تتقبل من زوجها ما لم تتقبله منك لأنها تحبه حقًا، ثم ماذا تعني بأنك ستمحي أسباب تمسكها بتلك العلاقة! " قال له معتز والانفعالات تتصادم في كافة اختلاجاته " راوية لم تعشق رجلًا غيري، لقد كانت تريد أن تستعيد كبريائها العتيد والذي أهدرته بخيانتي فورطت نفسها بتلك الزيجة أي أني في النهاية سبب ما هي وأنا فيه وآن الأوان لأنهيه، فإذا كان الطفل نقطة ضعفها ليرحل وأمنحها غيره، لا سأمنحها عشرة أطفال فهذا ما كان يجب أن يحدث من البداية " صدمة أسامة كانت قد بلغت مبلغها ولجمت لسانه عن الرد ليتحرك معتز خارج المنزل وقد نسي جرحه تمامًا رغم أنه يتألم بشدة لكنه لوهلة أصبح غير قادر على تحديد موضع الألم هل هو قلبه المثقل أم فكره الثائر الناقم أم جرحه الغائر، وقف أسامة يراقب معتز الذي يتحرك نحوه سيارته بهياج رجل على وشك ارتكاب كارثة وهو يفكر في كلمة ليرحل الذي وصم بها الطفل دون أن يفسر معنى الرحيل …

مابين السطور رجل ( شهيرة محمد) Donde viven las historias. Descúbrelo ahora