سريع

By itsmaribanks

873K 73.6K 73.9K

"سريع عزيزتي، أنا سريع جدا" الرواية هي الثانية من سلسلة Rage & Wheels الجزء الأول: آدم. لكن يمكن قراءة كل... More

بداية
1- إختطاف
2- احفظي سري وسأحفظ خاصتك
3- ماكر
4- متعجرف
5- بعض الفوضى
6- بوتو والفراشة
7- رِهان
8- عيد الميلاد
9- رعب وتحدّي
10- حفلة مبيت
11- الفوز والخسارة
12- لكنه لم يفقدني
13- المأوى
14- مضمار ريدكاي
15- التسلل للخارج
16- السارقة أم المتسابقة؟
فصل خاص | اللحظة الإستثنائية
17- ضخات الأدرينالين
18- تائهين
19- ليلة بوتو والفراشة
20- لحظة التوهان
21- حصان بري
22- مرايا مكسورة
23- أفكار، مشاعر وحقيقة
فصل خاص | ستنقذني دائما
فصل خاص | ما نريد، ما نستحق
24- إقتناص الفرص والنهوض
25- نعود لنتوه
26- وهِن لكن سريع
26- نجوم تعرف ولا تعرف طريقها
28- الحكمة من الشيء
29- شكرا
30- رابط يجمعنا
31- ركُب الحياة
32- سافلة
33- سباق المدينة
34- المضمار الشبح
35- إنسجام
36- زهرة الياسمين
37- تحت السطح
38- هانتر ريدكاي وكلوفر سكوت
النهاية | هذه المرة لأجل نفسك.

فصل خاص | الإنخفاض والإرتفاع

19K 1.5K 3.2K
By itsmaribanks

بعد أسبوع آخر.

أوديت

"أراكم قريبا يا رفاق"

لوّحت للجماعة أقوم بتوديعهم وفعلوا هم المثل معي قبل أن ألتفت أسير حيث كانت سيارتي مركونة، سحبتُ مفاتيحي من جيبي وهذه الجهة من المضمار كانت هادئة في هذا الوقت من الليل بحيث لم أكن أسمع سوى صوت كعب حذائي على الأرض.

تنفستُ بهدوء أستشعر السكينة في هذا الوقت، جذبتُ سترتي الجلدية الوردية أدفن نفسي بها بسبب البرودة وإبتسمتُ على الشعور؛ عيوني كانت للأمام أطالع الطريق حين وقع بصري على سيتشو يسير وحيدا.

كان يرتدي سترة سوداء بسحاب يغطي بقلنسوتها رأسه ويديه في جيوبها، بنطال أسود وحذاء كونفرس.

حاجبي اِرتفع أراقبه يأخذ مساره إلى خلف المدرجات وبدى حزينا جدا.

لقد تغير كثيرا في الأيام الماضية ولم أتحدث إليه منذ آخر سباق جماعي الذي فاز به دايتو. والده.

"مالذي يفعله سيتشو بمفرده هنا دون سيارة؟" همست تحت أنفاسي ينعقد حاجباي معا بغير فهم حين وجدتُ أقدامي تقودني ناحيته أتبعه.

رميتُ المفاتيح أعيدها لجيبي وركضتُ ألحق به، أصل لنهاية المدرجات الأخيرة وألتفت عند آخر حدّ لها، أرى الطريق ممهدة أمامي لكن لا أثر له.

أين ذهب؟

أدرت رأسي في المكان أمسحه حين إلتقطه بصري يتجه إلى المنزل الرمادي.

المنزل الرمادي كان أشبه ببيت الشجرة لكنه لم يكن على شجرة إنما على عمود إسمنتي مرتفع قمنا ببناءه منذ سنوات في المضمار لكي نبيت فيه إذا أردنا البقاء في المضمار.

لم يعد أي أحد يذهب إليه منذ عدة أشهر.

كان المكان جميلا ومريحا رغم أنه منزل صغير جدا به غرفة واحدة فقط وشرفة بإطلالة على المضمار بسبب إرتفاع العمود.

أسميناه بالمنزل الرمادي لأن لون طلاءه كان كذلك.

تقدمتُ للأمام أتبعه حين رأيته يتسلق السلالم للأعلى ومن ثم إختفى بداخله.

إبتلعت أشعر بدقّاتي تتسارع قليلا، شيء ما بداخلي طلب مني أن أعود أدراجي لكني أصررت على التقدم واللحاق به.

لأنه حسب علمي فإن سيتشو هو أكثر شخص يكره البقاء وحيدا في المنزل الرمادي، لماذا الآن يذهب إليه بمفرده؟

هل هو بخير؟

خطواتي قادتني للوقوف أمام السلالم، وأخذتُ نفسا أملئ به رئتاي في اللحظة التي رفعتُ فيها ذراعاي للأعلى أبدأ التسلق؛ لم يكن الأمر صعبا لكنها كانت تتأرجح وكانت دائما هذه مشكلتي مع المنزل الرمادي.

إبتلعت أتجاهل النظر للأسفل وأصررتُ على دفع جسدي للأعلى حتى بلغتُ النهاية ومن ثم تعلقت ذراعاي بالأرضية أضغط على أسناني وأبذل جهدي لأرفع نفسي، ساقي العارية بسبب التنورة القصيرة تأرجحت في الهواء قليلا ومن ثم دفعتها للأعلى أثبتها على الأرضية قبل أن أدير جسدي الذي بات أثقل وزنا مؤخرا ووقعتُ أخيرا على الأرض أتنفس بقوة، أشعر بالدماء التي تجمعت في وجهي تعود للجريان في باقي جسدي.

اللعنة على الوزن الذي إكتسبته.

زفرة قوية مرتاحة أطلقتها ووقفت أفتح الباب، أطللتُ برأسي أولا أرى إن كان هناك أي أثر له لكن لا شيء.

هو في الشرفة إذا.

دخلتُ والأنوار كانت مطفئة، مما جعلني أبتلع، لكني رغم ذلك تقدمت أقصد الشرفة التي كان بابها مفتوحا والستائر ترفرف بهدوء وسلاسة.

لمحتُ سيتشو يقف هناك، ذراعيه على السور وجسده مائل قليلا بينما رأسه للأعلى والقلنسوة ما تزال تغطيه.

خطواتي أصدرت صوتا حينما تقدمت منه ومن خلال حركة كتفيه عرفتُ أنه يسمعني، لكنه لا يلتفت لي.

هل يعرف أنها أنا؟

"مالذي تفعلينه هنا أوديت؟" قال بهدوء ونبرته حملت برودة غريبة جعلتني أبتلع، حاجباي ارتفعا قليلا بإستغراب.

"كيف عرفت أنها أنا؟" تقدمتُ منه أكثر أسمع التنهيدة الخفيفة التي أطلقها "عطر الفراولة"

صحيح.

كيف لم أفكر بهذا؟

زممت شفاهي أدفعها للجانب قليلا، وجمعت يداي خلف ظهري أواصل التقدم منه، الهواء البارد حرك خصلاتي وسبب قشعريرة في ساقيّ الإثنين، بينما حمحمتُ أنطق "لقد رأيتُك تسير وحيدا لذلك أردتُ القدوم إليك"

عند تلك الكلمات جسده إلتفت ناحيتي وواجهتني نظراته الهادئة، ملامحه كانت ساكنة مسالمة، لكن صوته بدى غريبا حين تحدث "ولماذا؟"

رمشتُ من طريقته في الحديث وتحرّك كتفيّ أتجول ببصري في المكان وأتفادى مقابلة عيونه، أردّ بصوت منخفض "حسنا، ربما أنت بحاجة لرفيق، لا تبدو بحالة جيدة"

أخيرا إلتقت عيوني بخاصته ورأيتُ السخرية تلوح على تقاسيم وجهه قبل أن يصدر نفسا خافتا اختلطت به ضحكات صغيرة، يرفع حاجبه "هل تفعلين هذا دائما؟ تهتمين فقط في لحظات الإنخفاظ؟"

خفق قلبي فجأة وشعرتُ بإحمرار وجنتاي أرمش بضعة مرات، شفاهي تحركت أكثر من مرة لقول شيء ما، لكني تراجعت، بدلا من ذلك هو أضاف "أنا بخير أوديت، أردتُ فقط قضاء بعض الوقت بمفردي"

بتلك الكلمات هو إلتفت يعطيني ظهره وهذه المرة كان وجهه يواجه أرض المضمار، تنفسه هادئ والهواء دفع بقلنسوته للوراء يكشف عن رأسه المحلوق الذي ذكرني بهانتر.

شيء ما يشبه الألم الخفيف الذي يخز الجلد، شعرتُ به في داخلي وانكسرت نظراتي أخفضها لأقدامي، أبتلع وأهمس "هل هذا يعني أنك لا تريدني أن أبقى معك؟"

"بإمكانكِ الرحيل إن أردتِ، لستِ مجبرة على هذا" ردّ مباشرة دون الإلتفات يجعل ملامحي ترتخي أكثر.

لا أعلم، لكن بدوتُ خائبة.

"لكني ظننتُ أني الشخص الوحيد الذي تريده أن--" تقدمت منه حين إلتفت ناحيتي يواجهني، إبتسامة صغيرة على شفاهها وقاطعني "لم تعودي مجبرة على ذلك أوديت، ليس عليكِ أن تكوني هناك لأجل الجميع إن لم ترغبي في ذلك"

"ماذا؟" عيوني اتسعت ورأيته يتحرك إليّ، يرفع يده ويعيد خصلة من شعري للخلف، يبتسم لي ويضيف "إن كان الأمر يتعلق بي وبكِ فأعدكِ أنه إنتهى عند هذا الحدّ"

تراجع للوراء ويديه إنزلقتا في جيوب بنطاله يميل رأسه "فكرت بالأمر طويلا خلال الأيام الماضية، لقد حررتكِ مني وإن كنتِ ترغبين في أي شيء غير الذي أنتظره منكِ فأنتِ حرة في فعله، إفعلي ما تشائين"

خفقات قلبي أصبحت أقوى وأعنف، هذا الذي أمامي، الكلمات التي أسمعها.

سيتشو لم يعد كما كان.

هو تابع "أعتقد أن هذا عادل أيضا، لا يمكنني أن أكون أنانيا وأجبركِ على شيء لا ترغبين به، كما أنه من واجبي أن أوافق على ما يجعلكِ مرتاحة"

"الأمر ليس كذلك، لقد جئتُ إليكَ لأني رأيتُ واحدا من أصدقائي يشعر بالوحدة"

لم أعلم مالذي تفوهتُ به إلا حينما رأيتُ الخيبة والإنكسار في ملامحه، إنطفاء يلوح من عيونه ولعنتُ نفسي داخليا على ذلك.

إبتلعت أصحح مباشرة "أعني أنك شخص مهم بالنسبة لي ألبرت، لا يمكنني--"

"أنا بخير، شكرا لكِ" منحني إبتسامة صغيرة، ومن ثم أخرج يديه من جيوبه يسحب القلنسوة ليغطي رأسه قبل أن يتقدم للأمام ويضيف "لا داعي للقلق"

بذلك القول تخطاني يجعل قلبي يضرب بقوة، أسمع خطواته خلفي تبتعد وعيوني اتسعت لا أصدق أنه تجاهلني فقط بهذه البساطة.

قبضت على أصابعي أشدها في حين خرجت الكلمات بسرعة مني أدير جسدي بإتجاهه "ظننتُ أنكَ قلتَ ستنتظرني، ظننتُ أنك عنيد"

رأيته يتوقف قبل أن يصل للباب، ولوهلة فكرت أنه سيقول شيئا ما لكنه إلتفت إليّ يرمي لي نظرة جادة، ينطق بهدوء "ظننتُ أيضا أنكِ ذكية كفاية لتعرفي أني بحاجة لإشارة كي أقترب أو أبتعد، لقد تركتِني معلّقا أوديت"

ابتلع وتحركت تفاحة آدم في حلقه وعيونه المسحوبة ضاقت أكثر يضيف "لا يمكنني إهدار كبريائي أكثر من هذا"

"ألم تفكر أني ربما فكرتُ في الأمر؟" واصلتُ بخفوت أراقبه بعيون حزينة وارتفع حاجبه لي "لماذا لم تتحدثي إذا؟"

"ربما لأني مترددة، لستُ متأكدة سيتش! أعني أنك صديق طفولتي وطالما كنا كذلك لا أستطيع تخيّل تحوّل الأمور فجأة--"

قاطعني بهدوء "أين المشكلة؟"

فجأة إنعقد لساني ورمشتُ أنظر إليه، كانت نظراته كهربائية جعلتني أبتلع، أحرك رأسي بقلة حيلة "لا أعلم"

"هذه هي المشكلة أوديت، أنتِ لا تعلمين، لا يمكنك إتخاذ مساركِ لأنكِ لا تستطيعين تقرير أي شيء تريدينه، وبهذه الطريقة ستخسرين كل الأطراف وكل شيء"

صوته كان منفعلا في حين رمى لي نظرة حادة وضغط على نبرته يضيف "لا يمكنك أن تبقي عالقة وتجعلي من حولك يعلقون معك، تعلّمي أن تتخذي طريقا وتسيري إليه"

ضرباتي تسارعت، شيء ما قبض على قلبي وأنفاس ضيقة خرجت مني، حين تابع بهدوء أكبر وأكبر "إبدئي بحساب خسائرك أوديت واجعلي رؤيتك واضحة"

هل هذا صحيح؟ هل أنا حقا عالقة؟

لم تكن لديّ أي كلمات أردّ بها عليه لأني في صميمي عرفت أن معه حقّ، كنتُ أريد كل شيء ولا شيء.

لكنه رغم ذلك جعلني أشعر بالغضب بسبب هذه المواجهة، لا أعلم كيف وجهتُ كلامي له أشعر بعيوني تلمع "لا يمكنك أن تتحدث إليّ بهذه الطريقة، لا تنسى أني لستُ مجرد شخص عادي"

تنهد وانخفض حاجبيه يهزّ رأسه "لا يمكنكِ أن تعامليني بهذه الطريقة أوديت، لا تنسي أني إنسان قبل أن أكون شابا أرادكِ"

إلهي!

عيوني راقبته لكنه لم ينتظر أي ردّ مني وإلتفت يغادر المكان ويغلق الباب وراءه بهدوء، يتركني أقف هناك بمفردي، جسدي ارتجف وشفاهي كانت مفترقة.

لا أصدق أن هذا حصل، لا أصدق أن سيتشو تخلّى.

لقد--لقد كسرتُه.

أنا السبب في هذا، إلهي! أنا السبب.

تقدمتُ من الشرفة وعيوني وقعت عليه في الأسفل يديه في جيوب سترته ويسير مبتعدا دون الإلتفات للوراء.

ولا نظرة واحدة.

لمعت نظراتي وشعرت بالوخز في عيناي، وها أنا الآن كعادتي مثل طفلة صغيرة ضعيفة أخرج كل هذه المشاعر على هيئة دموع.

اللعنة!

"عديمة فائدة" غطيتُ عيوني أهمس بتلك الكلمات ومن ثم إلتفت أجلس على أرضية الشرفة، أضم ساقاي إليّ وها هي حانت اللحظة.

كل شيء يتدافع في ذهني، كل شيء سيء.

اللون الوردي يختفي والعالم لم يعد مفروشا بالورود، أصبح الرمادي يحيطني وعليّ أن أبكي أكثر حتى يوشك رأسي على الإنفجار.

عليّ ذلك كي أستطيع المواصلة غدا.

الآن رفيقي هو شعور الخزي لأني كسرتُ قلب أحدهم. ولم يكن مجرد شخص عادي.

كان سيتشو تاكاهاشي.

_


نايومي

كان في سيارته يرخي رأسه على يديه فوق المقود، عصابته حول عيونه ويبدو أنه غارق في شيء ما.

إبتسمتُ أشعر بمعدتي تنقبض على هيئته، كعادته دائما خليط بين الهدوء والجمال والألم.

حلو لدرجة الألم.

والوحيد الذي يفهم كل ما أخبره به وكل ما أريده، الوحيد الذي يجعلني أشعر أن أرواحنا ستكون بخير رغم كل شيء.

كأنه أخي آدم.

أخذتُ نفسا أسير إليه، إنحنيتُ وطرقتُ على زجاج النافذة أرى رأسه يرتفع للأعلى، إبتسمتُ أرى الزجاج ينخفض ونطق بصوته الهادئ "نعم؟"

ضحكة خفيفة صدرت عني "تحظى بليلتك هنا جون؟"

لمحت حركة ملامحه وإشتدادها، الإبتسامة المتوترة على شفاهه التي باتت تعجبني كثيرا هذه الأيام، وردّ يصدر ضحكة عميقة "اه كلا! كان فقط مجرد تفكير"

"هل يمكنني الإنضمام إليكَ في جلسة التفكير هذه؟" لوحتُ بيديّ وتمنيتُ لو أنه يستطيع رؤيتي في حين أومأ لي يبتسم بخفة "طبعا"

"ها نحن ذا" ضحكتُ أسير لألتف حول مقدمة السيارة وهو فتح الباب لي يجعلني أشعر بإنقباض معدتي مرة أخرى، إبتلعت أركب بجانبه وأصفع الباب بخفة ورائي.

أعدتُ ظهري للخلف آخذ نفسا سريعا ورأيتُ الطريقة التي يرتفع بها صدري ويهبط، متوترة.

رائحته وهالته كانت تملئ المكان، الهدوء عمّ الجوّ يجعل كلانا يلتزم الصمت الذي دام عدة دقائق قبل أن أقطعه "إذا؟ هل كنتَ تخطط لقضاء ليلتك في المضمار؟"

"لا أعلم" هزّ كتفيه يصنع تلك الإبتسامة.

لم أستطع إبعاد عيوني عنه، خصلاته المصبوغة كانت مصففة بطريقة فوضوية جميلة، الحلق في شفاهه يجعل من حركتها تبدو أجمل وأكثر جاذبية، الوشوم على عنقه كانت مخفية بسبب القميص الأسود ذا العنق الذي كان يرتديه تحت السترة الجلدية، وصدره يعلو ويهبط بهدوء، لكن الإرتجافات بداخله كنتُ أستطيع أن ألمحها.

لا أعلم، لكن بيني وبين نفسي أعترف أني أحبّ تأثيري عليه وتفاعله مع وجودي.

هو أضاف ويديه على المقود مرتخيتين "أصبحتُ أفضّل البقاء هنا مؤخرا"

"أنا أيضا" هززتُ رأسي تنخفض نظراتي لحركة ساقه، عيوني إنطفأت فجأة، أبتلع وأضيف "المنزل أصبح يشعرني بالضّيق، أخي وزوجته يعانيان ولا أرغب في رؤية هذا"

رفعت عيوني إليه أرى أنه كان يصغي إليّ بإهتمام، عضضتُ شفاهي بقوة أتابع "حالة هانتر أصبحت سيئة الأسبوع الماضي وأشعر أني لا أمتلك الشجاعة الكافية لتقبّل الأمر، لن أستطيع بذل الجهد بتلك القوة التي يفعل آدم حتى يظهر لإبنه أن لا شيء سيء، سأنهار مباشرة وسأحطمه معي، لذلك أبقى هنا في المضمار"

"معكِ حق" قال بهدوء وأومأ بخفة يضيف "أحيانا تكون الأمور فوق قوتنا، ولكل شخص ما حدّه الأقصى في التحمل"

معه حق.

زممتُ أعيد خصلاتي للخلف، أستعد لأرمي له سؤالي وخائفة من الإجابة، لكني رغم ذلك نطقته "هل تعتقد أن هانتر سينجو؟ هل الإيمان بإمكانه أن ينقذه؟"

"إذا أردتِ الحقيقة نايومي" توقف يبلل شفاهه واسترخى كتفيه بهدوء، قبل أن يتابع "ليس الجميع مؤمنين كما تقتضي الحاجة، لأن بين الإيمان والشكّ خيط رفيع"

"خيط رفيع؟"

إيماءة صغيرة صدرت عنه، وأجاب بنفس النبرة الهادئة "بعضنا يؤمن وداخله يهتز من الخوف، أعني أنه لا يمكن للمرء أن يكون مؤمنا حقيقيا إن ترك هذه المشاعر تعبر من شروخ جروحه الداخلية"

"لكن الخوف شعور حقيقي، ليس كذبة"

كلماتي جعلته يبتسم يومئ لي، "لم أقل أنه ليس علينا أن نشعر بالخوف، نايومي علينا أن نتقبل كوننا خائفين وضعفاء، نتقبل الحقيقة التي نحن عليها ونصنع قناعة أنها بذرة نموّ في داخلنا"

"بذرة نمو؟" أملتُ رأسي للجانب أطالعه، أسمع إجابته "أجل، لأننا حين نتقبل ذلك لن نحارب أكثر، سنترك كل شيء يفلت بمفرده وتخفّ الأثقال على أكتافنا، وسنؤمن أننا سنكون بخير، أننا سننجو"

ننجو.

إبتلع وأخذ الصمت لبضعة لحظات قبل أن يضيف "تقبّلتُ حقيقة كوني أصبحتُ شخصا أعمى بشكل نهائي، كنتُ أشعر بالخوف من أن أصبح عاجزا ومحطّ شفقة، أن لا يعود بإمكاني رؤية كل شيء حولي، ألا أرى من أحبهم مرة أخرى للأبد، كانت تخيفني بقائي في الظلام وحيدا، لكنني تقبّلتها في النهاية"

إبتسم بخفة وبدى لي أنه يفكر في لحظات صعبة مرّت عليه، "كان صعبا للغاية أن أتخطى ذلك، لا يمكننا أن نتخطى بسهولة لأننا سنعود لا محالة، لذلك كان حلّي الوحيد أن أتقبل ما حلّ بي وألاّ أفلت شغفي، أؤمن أني سأصبح أفضل متسابق يوما، دون أن أرى الطريق أمامي، لأنه طالما الإله إختار لي هذا، حسنا فليكن سأسير وأساير قدري"

جوني.

رمشتُ تلمع عيوني على كلماته، الكثير من الأفكار دارت في ذهني، الكثير من المشاعر والكثير من الأسئلة.

منذ متى توقفتُ لأواجه الأمر وأتقبله؟

هذا ما كان يخبرني به آدم دائما، لكن جوني يكشفه لي ويجعلني أراه بعيوني.

"يمكننا إختيار الإيمان به لكنه الوحيد من سينقذ نفسه" قال بصوت يحمل الجديّة، وبلل شفتيه مجددا يتابع "إن أفلت نفسه سيغرق ويموت مهما كانت فرص نجاحه كبيرة"

نيران إشتعلت في صدري إثر كلماته وشعرتُ بغصة في حلقي، عيوني دمعت، وإبتلعت أهمس "يموت؟"

لكن جوني تجاهلني يواصل "إن تمسّك بالحياة وأرادها دون شكّ يحتلّه سيحيا بالضرورة، حتى لو كان الموت أمامه"

رأيته ذراعه تتحرك ناحيتي، تبحث عن يدي ليمسكها، لمسة أصابعه كانت باردة لكن بها دفئا من نوع خاص، جعلت قلبي يضرب مرتين، أسمعه ينطق بصوت حنون رقيق "لا يمكننا أن نكذب على أنفسنا بإسم الإيمان نايومي، صحيح؟ الإيمان قائم على التصديق المطلق"

شفاهي إرتجفت، وهززتُ رأسي له أضغطهما، أعلم أنه لا يراني، فيما أضاف يمرر لي إبتسامة دافئة "ستقومين بما عليك وسترين هانتر يفعلها لأجلكم، خلايا هذه المرض تموت وتحيا مثلنا"

زمّ شفاهه، وقال الكلمات التي كان لها وقع قوي عليّ "مثلما بإمكان الشكّ والخوف قتلنا، بإمكان الإيمان والتحدي أن يقتل المرض أيضا، هناك قوة عظيمة فوق الجميع، البعض يسميها الإله وآخرون الطبيعة، أيا تكن التسمية، هناك دائما من سيسمع صوت صلواتنا"

"ويجيبها" همستُ بخفوت أرى إيماءته، أشعر بأصابعه تلتف حول يدي، يبتسم لي "ويجيبها"

إبتسمتُ وسال فيض الدموع من عيوني برفق ونعومة على بشرتي، أومئ له، الكتلة ما تزال في حلقي لكن الهواء إستطاع المرور، تخيلتُ هانتر يفتح عيونه مجددا ويخبرني أني مزعجة، أن ينمو شعره ويتعافى بدنه، أن يقف أمامي مرة أخرى ويصارعني مثلما كنا صغار.

شعور قويّ هاجمني يجعلني أشعر بقوة الرابطة بيني وبينه منذ كنا صغارا، منذ ولادته ورؤيتي له في حضن جاكلين، صوت بكاءه وضحكاته.

طوال حياتي شهدتُ كل لحظاته حتى أصبح مني، كيف يمكن أن يحيا الجزء دون الكلّ؟

"شكرا لكَ جون" همستُ أقبض على أصابعه، ولا أعلم لماذا تحركتُ ناحيته أضع يدي الأخرى على كتفه وببطئ صعدت أناملي تعبر عنقه وصولا إلى رأسه أمرر أصابعي في خصلاته وأتابع "شكرا لأن شخصا مثلك إختارني من بين الجميع"

تصلّب جسده للحظة عند تلك الكلمات وإبتسمتُ يمتلئ صدري بدفئ عميق جدا، ينبع منه إليّ، في حين كانت الحقيقة تستقر برفق وهدوء في عقلي ووعيي.

لقد إختارني، جميعنا يدرك هذا، وأعتقد أني إتخذتُ قراري في هذه اللحظة.

الآن لم يعد السبب في كونه المتسابق المعجزة، ولا كونه شخص جذاب، ولا طريقة معاملته لي؛ لأن أي شخص بإمكانه أن يكون مثل جوني ديب في هذا.

لكن لا أحد يستطيع أن يحمل جوهر جوني، ولا أحد سيشعر بالقوة لأجلي، لستُ واثقة من أن أحدهم سيبقى معي حين أنهار مثل طفلة صغيرة لا تعرف طريقها رغم نضجي العقلي، أن أحدهم سينظر إليّ كإمرأة رغم الجوهر الصغير المهترئ بداخلي.

لكن جوني يفعل.

جوني فتح لي باب أسراره في أول مرة تقربتُ منه وما زال يقدم لي بهدوء ورضا دون أن يطلب مقابلا.

أعتقد أني الليلة قررتُ إختيار رجُلي الحقيقي، وأعتقد أنه الشخص الذي سأخبر آدم عنه.

دقات قلبي تسارعت حين تابعتُ "أتمنى أن تكون شخصا محظوظا بي"

أنهيتُ كلماتي بضحكة خفيفة أحاول فيها القضاء على الحدة وأصابعي كانت ما تزال في خصلاته تمرّ برفق وهدوء، أرى إشتداد ملامحه إثر كلماتي، وأجزم أن دقات قلبه الآن مثل سيارة دون مكابح في طريق مستقيم طويل.

"نايومي" قال إسمي وطيف حمرة خفيف زيّن وجنتيه يجعلني أبتسم، وقد انطفئت نيران داخلية كانت تحمل هانتر فيها، لا أعلم لماذا بتّ أشعر بهذا الصفاء الآن إتجاهه كأنه حقا غير مريض.

هل يمكن لمحادثة مع شخص أن تصنع هذا الفرق حقا؟ أن تجعلك تشعر أنك بخير بمجرد كلمات بسيطة؟

تلك الخلايا تموت وتحيا مثل البشر، مثلما الشك والخوف يقتلنا، بإمكان الإيمان أن يقتل المرض أيضا.

معه حق.

همستُ أقترب منه، يدي خرجت من خصلاته تنخفض إلى رقبته ولففت ذراعي حوله أجذبه ناحيتي أرى إستجابته لي، يترك نفسه ويتبع حركتي.

لم أكن بحاجة للحديث معه أكثر، ها أنا ذا أخبره أني إخترتُه وأريده بنفس القدر الذي يريدني به لا حاجة لأن أكرر كلماتي على مسامعه أو أن أرفع وأخفض نبرتي، عندما يكون بإمكاني فقط الإندماج معه.

جسده مال ناحيتي وإقترب مني، يدي كانت ما تزال تمسك خاصته وأصابعي تحركت تشابك خاصته في حين ذراعي لا تفلت رقبته ويده الثاني عرفت طريقها إلى خصري يحيطني ويدفعني أقرب إليه.

"لا تفلتني جوني" شفاهي إقتربت من خاصته تسقط أنفاسي عليه، ثم بالثانية التالية دفعتها ضدّه أغمض عينيّ ولا أرى شيئا مثله تماما.

أشعر فقط بوجوده حولي، بإحاطته لي وقربه مني إلى هذا المدى.

مررت شفتي على خاصته ببطئ، أتحسس ملمسها الناعم والحلق المعدني عليها، أبتسم ضدها بخفوت وأمسكها، أنفاسي تتباطئ كأنها تنقطع وضرباتي مثل سباق لا يشارك به سوانا.

أنا وهو.

أنفاسه كانت دافئة، هادئة تسقط عليّ، يعطيني منها حين يفرق شفاهه لي ويسمح لي بالمرور إليه، وإلتقطتها أنا أواصل تقبيله، مثل الجليد والنار تختلط المشاعر بداخل صدري بينما أستسيغ طعمه كالعسل، رائحة عطره الرجولي سوفاج ملأتني تجعلني أنتشي، أستمتع بهذه اللحظات التي بدت كوقت مستقطع من الكون، بعيدا عن كل القوانين.

في اللحظة التالية سحبني ناحيته يجذبني لأجلس فوق ساقيه، لا سؤال ولا إجابة، لا حاجة لأي شيء هنا.

أفلت يدي وإرتفعت ذراعه لخلف رأسي يغرز أصابعه في خصلاتي ويدفع وجهي أقرب ناحيته، لا يهاجمني ولا يفترس، كان هادئا، مطمئنا ويتعمق ببطئ شديد يمنحني كل الوقت دون أن يوتّرني، كان فقط يخبرني بأفعاله أنه يريدني أنا قبل نفسه وقلبي تسارع على ذلك معدتي انقبضت وشعرتُ بدغدغة قوية هناك.

أردتُه. بكل ذرة في كياني أردتُه.

"لم أفعل حين لم تختاريني، كيف إذا بعد أن فعلتِ؟" إبتسم يصدر ضحكة صغيرة تغلغلت إلى مسامعي مثل مخدر قوّي، وإبتسمتُ بالمقابل أرفع ذراعي الأخرى وأحيط رقبته أكثر أدفعه ناحيتي أكثر وأواصل تقبيله أغرق في اللذة التي يختصّ بها بمفرده.

"لن أفلتك يومي" قال ذلك يتنفس أمامي ويسترجع أنفاسه المسروقة، جبينه ضد خاصتي، يديه تمسكان بخديّ الإثنين وفتحت عيوني أرى العصابة أمامي، شفاهه متورمة ملتهبة.

إبتسمتُ آخذ أنفاسي، أشعر أني أرغب في البقاء هنا للأبد لأن كل شيء سيكون بخير مع جون جون.

جوني خاصتي.

"دعنا نبقى هكذا"

إبتسم يرد بين أنفاسه "لا مشكلة لديّ"

_

يتبع...

رايكم؟

لاحظتو حاجة؟ ؛)

أفضل مشهد؟

جملة الفصل برايكم؟

نقد أو ملاحظات؟

طبعا الفصل الثاني دايما يكون مقبّلات، أتمنى تكون عجبتكم ؛)

See you soon...i guess. 🧑‍🦽🧑‍🦽🧑‍🦽

Continue Reading

You'll Also Like

1.2K 307 17
المُـوبِقُ هُوَ الحَـاجِزُ العظِيمْ المُستحِيل لوقُوع شَئ. حَاجِرْ دِينِيْ، عقَائِدِي، إجتِماعِيْ، ثقَافِيْ وَ فكْرِي هـوَ ماسَيجعَـل إجتمَاع شَخصَان...
17.4M 897K 181
حينما يحاسبنا على الذنب أهل الذنب أنفسهم! قد كان يطمح في حياة هادئة، شاب اقتحم الحياة وفتح ذراعيه لها فلم يجد نفسه إلا شريد لا يعرف أين الطريق و أصب...
5.1M 449K 50
• حقيقة.!!! يتشاءمون بالغُراب إِذا نعق ويتشاءمون من الغربيب إذا زهقّ بـكّرَ بُـكُورَ الغُـرابِ أذا تَـوهَق ماكـر وحـذر، شـرس، وسـفاحٌ جاء لِيشرق ويغ...
16.5M 919K 60
واگف گدامي وعيونه يتطاير منهه شرار وكلهن حقد وغيض، گلب شعره الاسود الكثيف اليزيده جمال وجاذبيه وضحك بأستهزاء، گال بنبرة صوت ماكرة - انتي ياهو يگلبچ؟...