سريع

By itsmaribanks

872K 73.5K 73.9K

"سريع عزيزتي، أنا سريع جدا" الرواية هي الثانية من سلسلة Rage & Wheels الجزء الأول: آدم. لكن يمكن قراءة كل... More

بداية
1- إختطاف
2- احفظي سري وسأحفظ خاصتك
3- ماكر
4- متعجرف
5- بعض الفوضى
6- بوتو والفراشة
7- رِهان
8- عيد الميلاد
9- رعب وتحدّي
10- حفلة مبيت
11- الفوز والخسارة
12- لكنه لم يفقدني
13- المأوى
14- مضمار ريدكاي
15- التسلل للخارج
16- السارقة أم المتسابقة؟
فصل خاص | اللحظة الإستثنائية
17- ضخات الأدرينالين
18- تائهين
19- ليلة بوتو والفراشة
20- لحظة التوهان
21- حصان بري
22- مرايا مكسورة
23- أفكار، مشاعر وحقيقة
فصل خاص | ستنقذني دائما
فصل خاص | ما نريد، ما نستحق
25- نعود لنتوه
26- وهِن لكن سريع
فصل خاص | الإنخفاض والإرتفاع
26- نجوم تعرف ولا تعرف طريقها
28- الحكمة من الشيء
29- شكرا
30- رابط يجمعنا
31- ركُب الحياة
32- سافلة
33- سباق المدينة
34- المضمار الشبح
35- إنسجام
36- زهرة الياسمين
37- تحت السطح
38- هانتر ريدكاي وكلوفر سكوت
النهاية | هذه المرة لأجل نفسك.

24- إقتناص الفرص والنهوض

17.2K 1.6K 1.2K
By itsmaribanks

لم أرى هانتر منذ أيام.

أطلقتُ تنهيدة ثقيلة بينما أتابع حركة الغيوم في السماء من حيث كنتُ أستلقي، عيوني شاردة وشعور بالضيق كان يملؤني، كأن العالم كلّه لم يعُد يسعني ولم يعد كافيا لي.

'يختبئ الطائر الصغير في عشّه

يحسب أحلامه ويغلق عينيه بأمان

برد الشتاء لا يخيف الطائر الصغير

الأمطار تغني لأجل الطائر الصغير

والطائر الصغير يختبئ في عشّه

ينام بسلام، ينام بسلام'

تمتمت ألحان القصيدة بصوت منخفض، واهتزت أوراق الشجرة في ساحة المدرسة أراها تراقص الرياح، أبتسم وبنعومة خففتُ صوتي أعيد غناء كلمات الأغنية من جديد، أكرر المقطع الذي أحبّه.

'برد الشتاء لا يخيف الطائر الصغير، برد الشتاء لا يخيف الطائر الصغير'

لا أحد فعليا يعلم عن علاقتي بالغناء والقصائد، أنا شخص يحبّ الغناء والألحان الجميلة الهادئة لكني أفضّل إبقاء ذلك طيّ الكتمان، ربما لأنه يبدو سخيفا نوعا ما أن أغني أمام أحدهم.

لا أستطيع تخيل نفسي أغني أمام جوني أو هانتر، وأتأثر بالكلمات أيضا عن طائر صغير؟

يا للهول، هذا محرج.

لكن صدقا، هذه القصيدة كانت من المفضلات لديّ، كانت تغنيها لي أمي دائما في طفولتي وأخبرتني أن أحدهم علّمها إياها في الماضي، أيام شبابها.

أحبّ حقا هذه القصيدة، هي تحمل كل ذكريات الأيام الجميلة من طفولتي، وأتمنى ألاّ أنساها مطلقا في يوم ما.

'يختبئ الطائر الصغير في عشه'

واصلتُ الغناء أستدعي صوت والدتي وهي تغنيه لي، عيوني أغمضتهما أنسى كل شيء حولي.

أنا أعلم أن لا أحد سيراني بما أن الجميع في كافيتيريا الثانوية يتناولون وجبات غداءهم وآخرون في الحجز، بينما البقية في نواديهم الخاصة يقومون بالأنشطة التي يحبونها.

لا يوجد في حديقة الساحة سوى أنا وغريب الأطوار ذو النظارات والحبوب دِيكي يقرأ كتب أغاثا كريستي ويتحدث بمفرده بينما يحلّل القضية بصوت مرتفع.

لا بأس بِدِيكي لأنه لا يهتم مطلقا حتى لو قطعتُ وريدي أمامه، وبالمقابل، لا أحد يهتم بِديكي أيضا، لذا نعم، سأغني كما أشاء.

الشيء التالي الذي شعرتُ به بينما عيوني مغمضة هو وقوف أحد ما أمامي يغطي الضوء بجسده، مما جعلني أفتح عيناي بسرعة أرى جنجر تقف أمامي بإبتسامة دافئة على شفاهها، هي أمالت رأسها لي تضحك بخفة "الطائر الصغير؟"

يا إلهي! ها نحن ذا.

استقمتُ بسرعة أعتدل في جلستني ونظرتُ إليها بإحراج أهزّ رأسي عدة مرات "هذا لا شيء"

ضحكة هربت منها تجلس بجانبي وإنتبهتُ أنها كانت تحمل تفاحة حمراء ناضجة في يدها، عيوني راقبتها وتبلل فمي بينما آلمتني أسناني رغبة في أخذ قضمة منها.

"أجل لا شيء، قولي هذا لديكي الذكيّ" مزحت بسخرية تجعلني أضرب كتفها، ألوي شفاهي بإنزعاج بينما أصدرت هي هسهسة متألمة بسبب قوّة الضربة.

"إن علمتُ أنكِ أخبرتِ أي أحد أني كنت أغني هذه الكلمات، سأخبر الجميع عن علاقتك بفابيو" هددتُ بصوت واضح أرى عيونها تتسع وخدّيها يحمرّان بشدة.

نعم، أمسكتُ بكِ أختي.

"ماذا؟ ليس لديّ أي علاقة بفابيو! بحقك كلو!" بدت متوترة وهذا جعلني أبتسم بإنتصار، أقلب عيناي وأنطق بسخرية "أخبري ديكي الذكيّ بهذا"

"أنا جادة، أنا–––" توقفت تحمحم وتتابع "فابيو––"

قاطعتها بإبتسامة "لن أخبر أي أحد، احفظي سرّي وسأحفظ خاصتك"

غمزتها في نهاية كلامي بضحكة صغيرة وفجأة خفق قلبي أحصل على ديجافو عن هانتر في لقائي الأول به، كان قد قال نفس العبارة.

احفظي سرّي وسأحفظ خاصتك.

شردتُ ترتخي ملامحي ونظرت للأرض المعشبة أمامي، يعود كلّ شيء لأن يملئ ذهني، الكثير من العقد والكثير من المشاكل.

جنجر لم تتحدث هي الأخرى وبدت كأنها تعلم جيدا مالذي أفكّر به، لذا الصمت كان حاضرا بيننا، نجلس بهدوء وأفكارنا شاردة لدقائق أخرى.

فكرتُ في أختي في هذه اللحظات، هي شخص ممتلئ بالحياة، مسالمة ولا يجب أن تفكّر مطلقا في أي شيء. أعلم أني أيضا لا أستحق هذا، لكن جنجر بالنسبة لي هي الأولوية وهي الشخص الذي يجب أن يكون بخير قبل أن أكون أنا كذلك.

"أحضرتُ هذه لأجلك" صوتها قطع الجوّ الصّامت الكئيب حين مدّت لي حبة التّفاح مع إبتسامة صغيرة على شفاهها، تتابع فيما تثبت بصرها عليّ "لم تتناولي فطورك اليوم أيضا، ولا ترغبين في تناول الغداء، لذا فكرتُ بالتفاح"

كانت كل كلمة تخرج من شفاهها دافئة مثل شمس بعيدة، نبرة صوتها لا تحمل أي همّ ولا مقاومة، أختي كانت شخصا يجلب السلام مباشرة لنفسي حين تجلس بجانبي.

إبتسامتي بشكل لا إرادي ارتسمت على شفاهي، وبرفق أنا أخذتُها منها، أومئ لها بإمتنان "شكرا جيجي"

"هذا لا شيء" هزت رأسها وبخجل أبعدت عينيها عنّي تجعلني أبتسم لذلك، آخذ أول قضمة وألوكها بين أسناني أستمتع بالمذاق الحلو الحامضي اللذيذ الذي يخصّ التفاح فقط. نطقتُ "أحبّ التفاح للأبد"

ضحكت جنجر تنظر إليّ وإبتسمت أنا الأخرى على ذلك أواصل الأكل، قبل أن أسمعها تنظف حلقها، تخفض بصرها وتتابع "أبي إتصل بي قبل يومين واليوم أيضا"

انقبض صدري أطالعها وأتوقف عن الأكل، بينما ناظرتني هي "طلب مني أن أحضر له حاسوب أمي، أخبرني أنه سيعود"

كلماتها جعلتني عاجزة عن الحديث، في حين تابعت "أخبرني أنه طلب منكِ نفس الشيء ورفضتِ والآن لم تعودي تردين على اتصالاته، لذلك أخبرته أن هاتفك ضاع منك"

"هل فعلتِ ما طلبه منكِ؟" سألتُها بحذر ونبضات قلبي كانت تتسارع بقوة، أراها تهزّ رأسها نافية "كلاّ، قلتُ أني سأفكر بالأمر"

"لا تفعلي ذلك" رددتُ مباشرة، في حين طالعتني هي بإستغراب وتابعتُ "هناك شيء ما يريده في الحاسوب لديه علاقة بأمي، تتذكرين الطريقة التي كانت تجلس بها أمي أمام حاسوبها؟ لماذا لم يتم الإمساك بأبي حتى الآن وأمي في السجن؟"

"مالذي تقصدينه؟" شفاهها كانت مفترقة بذهول، ورميت التفاحة أسمح لها بالدحرجة على الأرض قبل أن أمدّ يديّ الإثنتين وأمسك بخاصتيّ أختي، أرد برفق "اسمعي جنجر، هناك شيء ما في حاسوب أمي يريده أبي ومؤكد له علاقة بأمر الإعتقال هذا، لذلك علينا إكتشافه بأية طريقة"

"هناك كلمة سرّ لا نعلمها"

"سنجد حلاّ، لكن أولا نحتاج خطّة" شددتُ أكثر على يديها، أضيف بينما أضيق عيناي "نحتاج لإكتشاف ما حصل"

"أخفيتُ الحاسوب ولم أخبر جدي أو جدتي بالأمر، مالذي يجب أن نفعله أيضا؟"

"ستبقين إتصالاتك مع أبي وتتحدثين معه كعادتك بما أنكِ الفتاة العاقلة اللطيفة" وجهتُ كلماتي لها بهدوء أراها تومئ لي، وأضفتُ "اتبعي أي شيء يخبركِ به، وعلينا تسجيل كل المكالمات أيضا، اتفقنا؟"

"فهمت" هزت رأسها تجعلني أبتسم برفق، أنطق "علينا أن نكتشف ما حصل"

عيونها انخفضت ترتخي ملامحها وبصوت منخفض هي أطلقت تنهيدة تلتزم الصمت، تجعل بذلك حاجبي يرتفع، أطالعها بعدم فهم وأنطق "ماذا هناك؟"

هزت رأسها نافية دون أن تنطق بأية وتابعت أنا "جنجر، أخبريني ماذا هناك؟"

"لا أعلم، أشعر فقط بأن هذا غير صحيح، كل ما يحصل حولنا" رفعت بصرها ناحيتي ببطئ تجعلني أبتلع بخفة، أرى اللمعة في عينيها حين تابعت "أريد أن نعود لما كنا عليه، عائلة عادية تعيش بهدوء وسلام، أريد أيضا أن أغطي عن غيابك وتهربك للمضمار وأريد أن––"

انكسرت تعابيرها حين أضافت بخفوت "يُشفى هانتر وتعود المياه لمجاريها"

الكلمات الأخيرة كانت مؤلمة أكثر من سابقاتها، لأني في صميمي خشيتُ أن يكون رحيل هانتر هو الشيء الصحيح الذي يجب أن يحصل.

لا أعلم لماذا أشعر بهذا الآن، لكن ريدكاي ذلك أصبح جزءا كبيرا من حياة السباقات خاصتي، ولا أريده أن يرحل مطلقا، ليس ولم أخبره بكل شيء بعد، هو حتى لم يكمل لي قصة الريشة.

اللعنة! لم يسمعني أغني بعد.

"سيكون بخير" إبتسمتُ برفق أرفع ذراعي لأربّت على كتفها، أضيف "لا تقلقي بهذا الشأن"

"سأصلي لأجله" إبتسمت لي بإنكسار، وتابعت "ٱعذريني كلو لديّ تدريب الآن"

بتلك الكلمات هي وقفت بسرعة ترمي لي إبتسامة سريعة قبل أن تختفي من أمامي، تتركني أجلس مكاني بمفردي، أتابع إبتعادها عني وسرعتها.

هززتُ رأسي أطلق تنهيدة صغيرة متعبة، وشعرتُ فجأة برغبة في الحديث إلى أحدهم، شخص ما لا يفقد الأمل مطلقا وممتلئ بالنشاط على مدار اليوم، دائم الإبتسام ويجعلك تبتهج رغما عنك.

أوديت.

لم أتوقع أن يأتي اليوم الذي أحتاج فيه أوديت لكن حدث هذا.

إبتسمتُ داخليا على الفكرة، وبهدوء وقفت أنفض ملابسي، أهمس لنفسي "حسنا كلوفر، لنبحث عن الثرثارة"

أعتقد أن أوديت ليست شخصا مزعجا بعد كل شيء.

"ياو ديكي!" ناديته أجعل عيونه ترتفع من الصفحة إليّ، وإبتسمت أغمزه "تمنّى لي الحظ، سأذهب إلى أوديت"

لم يصدر عنه أي ردّ لعدة ثواني ورمقني بنظرة كأنه يطالع شخصا مجنونا، قبل أن ينطق أخيرا "أوديت بيرد؟"

يا للعجب! لقد تحدّث إلي.

"نعم؟" رفعتُ حاجبي له، وإبتسم هو بخفة يومئ لي "في السطح"

ماذا؟

رفع سبابته يشير للأعلى، وبشكل آلي أنا دققتُ عنقي للأعلى أيضا ألتقط صورة أوديت تتكئ على السور الاسمنتي.

هي هناك فعلا.

"حظ موفق" ديكي قال بهدوء وعاد للحديث مع صفحات روايته، يجعلني أرمقه بخفة، أبتسم على هيئته.

أعني هل هذا هو الشاب الذي كنتُ أسخر منه عندما يمرّ أمامي حين أكون مع جوني بعد نهاية الدوام وأخبره كم أنه لا يصلح ليكون صديق أي شخص؟

أتذكر أن جوني كان ينظر إليه بهدوء، يبتسم لي ولا ينطق أية كلمة. لكني الآن أعرف أني كنتُ مخطئة وجوني أراد أن أتعلم درسي بمفردي؛ أشعر بالخجل بالتفكير في الأمر.

حملتُ حقيبتي وتحركت ناحيته أنطق بصوت هادئ به نبرة ودّية "شكرا ديكي"

_


"أخيرا" زفرتُ بتعب أفتح باب السطح وعيوني مسحتُه أبحث عن باربي الشقراء تلك حين لمحتُها واقفة تمدّ ذراعيها على السور.

رمشتُ أرى الفستان الأبيض القصير الذي كانت ترتديه تحت السترة الجلدية السوداء، جوارب سوداء طويلة شفافة تحته وتنتعل حذاءا أسود ثقيل.

مظهر جميل.

حمحمتُ لكن لا يبدو أنها سمعتني لذا تقدمتُ ناحيتها أضع يداي في جيوب سترتي الزرقاء، أركل حصى صغيرة في طريقي ووقفتُ بجانبها أنطق "مالذي تفعلينه هنا بمفردكِ؟"

جسدها اهتز بخفة فزعا وإلتفتت ناحيتني تنظر إليّ، تزفر بإرتياح "أفزعتِني"

إبتسمت في نهاية كلامها تطالعني، تميل رأسها للجانب وتتابع "كيف عرفتِ أني هنا؟"

"أخبرني ديكي" هززتُ كتفاي بشبه إبتسامة، وشعرتُ بالخجل من كوني سعيدة برؤية وجهها اليوم.

"ديكي؟ اوه ذلك اللطيف الذي يحبّ الكتب" ضحكت بخفة تعيد خصلة من خصلاتها الذهبية للخلف، تتابع "لابدّ أنه رآني"

لطيف؟

الشيء الجميل في أوديت هو أنها لا تسخر من أي أحد -ما عدا هانتر- ولا تحكم مثلي على أي شخص.

أوديت تبدو مثل الجانب المشرق لكل شيء، دائما ما تنظر للشيء الجميل.

أعني من يتوقع أن الفتاة ذات الشعبية في المدرسة ستنظر إلى الفتى الغريب الذي يتحدث مع الكتب على أنه شخص لطيف؟ المدرسة كلها تسخر من ديكي لكن أوديت تفعل عكس ذلك.

"سعيدة أنكِ جئتِ، هذا يعني أنكِ أردتِ لقائي" علّقت تبتسم لي وشعرتُ بإحمرار وجنتاي أحمحم وأرد مباشرة بتوتر "وأردتُ رؤية سلحفاتك أيضا"

تبا!

"فيفي؟" رفعت حاجبيها معا، "فيفي هنا، تريدين رؤيتها؟"

فتحت حقيبتها المعلّقة على كتفها وأخرجت السلحفاة بهدوء وعلى مهل منها، تضحك بينما تقربها من وجهها تلطمها بأرنبة أنفها، تردف بين قهقهاتها "أهلا جميلتي، هل شعرتِ بالوحدة هناك؟"

حسنا، أعتقد أنها تبالغ قليلا.

"ٱنظري إليها كلوفر" قرّبتها مني وبحركة لا إرادية أرجعتُ رأسي للخلف أتكلف إبتسامة صغيرة وأنطق "جميلة فعلا"

ابتسمت تومئ لي ومن ثم أعادتها للحقيبة تعيد حملها على كتفها، تطالعني بنفس الإبتسامة "إذا؟ هل هناك شيء ما؟"

هززتُ كتفاي "لا أعلم"

"أنتِ بخير؟" وضعت يدها على كتفي ونبرتها أصبحت أليَن قليلا تعطيني إبتسامة صغيرة "يمكنكِ إخباري، أنا صديقتك"

"لا أعلم أوديت" إبتلعت أشعر بمعدتي تنقبض من كلمة 'صديقتك'. أوديت هنا تريد أن تستمع إليّ.

"أعلم أني لم أكن معكِ مؤخرا لكني أفكر بكِ من حين لآخر وأكره رؤيتك بهذا الشكل، تعلمين الجميع أصبحوا هكذا مؤخرا بسبب ما حصل لهانتر وأنتِ الوحيدة التي تتحلى بالروح القوية كلوفر" عضّت شفتها توقف كلماتها قبل أن تناظرني بإبتسامة أكثر نعومة وليونة.

شعرتُ للحظات بالإنتماء لكلماتها، كأن أوديت هي الشخص الذي يجب أن أخبره بأشياء كثيرة، بدت لي مثل أخت أخرى، تشبه جنجر كثيرا وأردتُ أن أضحك وأبكي معها قليلا، وأميل على كتفها مثلما يفعل الأصدقاء.

لم تكن هذه نظرتي لأوديت في المرات السابقة، وأجزم أنه لولا ذلك السباق مع هانتر، لم أكن لأرى هذا الجانب فيها. أعتقد أن أوديت بيرد غيرت الكثير من الأشياء في نفسي، ويبدو أنها أكبر معلّم على أن المظاهر مجرد غطاء.

ما يبديه الأشخاص لا يعبّر بالضرورة عن شخصياتهم وما يشعرون به.

نظرتي السابقة لأوديت ليست مثل السابق، وكذلك الأمر بالنسبة لديكي الذكيّ.

"لا يمكنني أن أكون قويّة دائما أوديت" هززت كتفاي وإلتفتّ ناحية السور أواجه الأفق، أشعر بالغصّة في حلقي، قبل أن أبتلع، أرمش عدة مرات لأمنع أي دموع ترغب في الخروج، ونطقتُ برفق "لكل شخص منا حدّ يصل إليه ولا يستطيع الإحتمال بعده"

"لهذا الأصدقاء موجودين" يدها شعرتُ بها مرّة أخرى على كتفي تميل ناحيتي وعيوني ارتعشت أحوّل نظراتي إليها وأرى إبتسامة صادقة تشعّ من عيونها قبل شفاهها، كانت إبتسامة جميلة جدّا تعانق روحك مباشرة. هل ترى حينما ينظر إليكَ طفل غير ملوّث؟ كانت كذلك نظرة أوديت وإبتسامتها في هذه اللحظة.

هي تابعت "الأصدقاء خُلقوا ليكونوا الجدار الذي نتكّئ عليه، وليرفعوا نداءك حينما تفقد صوتك، وأنا مستعدة لأفعل هذا لأجلكِ كلوفر"

قلبي خفق بقوة وصدري انقبض على كلماتها، حرارتي ارتفعت أفكر في كل كلمة قالتها للتو. الأصدقاء ووجودهم.

من هم الأصدقاء حقا؟

"وهم يؤمنوا بكَ حين يملؤك الشّكّ حول نفسك، لأنهم يرون نورك مضيء دائما" تابعت تلك الكلمات، وشعرتُ بالوحدة مع كل كلمة.

جوني كان معي، كان يدعمني، يحبّني ويضحك معي ويعلّمني، لكنه كان أخي، ربما حتى مثل أب.

كان يعطيني العناق، لكن ليس مثل لمسة أوديت، ليس مثل كلمات فتاة أخرى مثلي تخبرني عن الرفقة والصداقة.

شعرتُ بالوحدة تغزوني، لم يسبق لي مطلقا تجربة هذا، لم يخبرني أي أحد أنه يؤمن بي وسيرفع ندائي عندما أفقد أنا صوتي.

"أخبريني بشيء واحد فقط" قالت بإصرار تقبض على كتفي وإنخفضت نظراتي لأقدامي.

كان لديّ الكثير لأقوله، أردتُ فقط أن أخرج كل شيء دفعة واحدة وأقود بعيدا، لكن هناك دائما شيء يقوم بتقييدنا.

إبتلعت أنطق أول شيء خطر بذهني، "لا أريد أن يرحل هانتر"

"هو لن يرحل" صوتها كان واثقا وعيوني إرتفعت إليها أرى نظراتها التي كانت تشعّ كأنها تتحدث عن حقيقة علمية ثابتة مثلما تظهر النجوم في الليل.

"من قال أنه سيرحل؟" تابعت وكل شيء ارتعش بداخلي.

هو مريض، ليس أمامه سوى نصف فرصة ولا أحد يعلم مالذي يمكن أن يحصل، كيف لنا أن نتأكد؟

كيف لها أن تكون بهذه الثقة؟

"بدأ البارحة العلاج الكيميائي، وسيكون بخير" إبتسمت بإتساع تهزّ رأسها "هانتر شخص قويّ وسيكون بخير، سيتحمل العلاج"

دقات قلبي ارتفعت وحرارتي كذلك، الهواء البارد لم يستطع فعل أي شيء معي. أردت رؤيته.

"هانتر صديقنا، وهناك مقولة يرددها دائما لنا، الفرد للجماعة والجماعة للفرد، تعرفين معناها؟"

إبتلعت أهمس بخفوت "ما معناها؟"

"أن الفرد ينذر نفسه لأصدقاءه كلهم ويقدم لهم كل شيء، والأصدقاء يفعلون نفس الشيء معه، يكونون معه في كل حالاته، إنها تدلّ على الرابطة القوية بين الأصدقاء ولتكون شعارهم كي لا يتفرقوا مهما حصل"

الكلمات دقّت بقوة في ذهني، أردتُ الصراخ.

"ونحن جماعته، أصدقاءه، سنؤمن به حتى ينجو، صحيح كلوفر؟" صوتها اهتز في نهاية كلامها يجعلني أناظرها، أرى اللمعة في عينيها، تتابع وتبتلع "صحيح كلوفر؟ سنؤمن به، صحيح؟"

عيوني وخزتني أنا الأخرى، تخيلتُ شعوره يموت وحيدا، ينظر إلى وجوهنا الخائفة تطالعه بيأس بينما يرحل، تخيلتُ خلاء المضمار منه، وحدة سيتشو ووالديه.

"لا أعلم" صوتي انكسر، أهزّ رأسي "أعني ربما"

"ٱنظري إليّ" وضعت يديها على كتفاي تجعلني أطالعها، أرى إبتسامتها المرتجفة.

تتابع "صحيح أنه شخص مزعج لكنه لطيف ويحبّنا، ونحن أيضا نحبّه ونثق به أليس كذلك؟ لا يمكن لأحدهم أن يرى في الظلام شعلة خافتة إلا إذا تكاثفت جميع الشعلات لتضيء طريقه"

هانتر. نحن. الإيمان.

"معكِ حق" همستُ بخفوت لها أراها تومئ "أجل، يمكننا فعلها، سنخبره أنه معنا، وسيبقى معنا، وأننا جماعته"

أصدقاء.

علاقات ورابطة وحبّ وثقة وإيمان.

"لذا حينما تفكرين أنه سينجو، قوليها بصوت مرتفع وٱصرخي بها"

"سينجو هانتر" هتفتُ بصوت مرتفع، أراها تضحك وعيونها دمعت بألم، كذلك كانت توشك أن تفعل خاصتي لو لم أرمش أمنع ذلك، أسمعها تفعل المثل وتصرخ بصوت مرتفع جدا "سينجو هانتر"

جذبتني ناحية السور تضحك عاليا، تخبرني بإبتسامة "هذه كانت مدرسته أيضا، أخبرني سيتشو أنهما كانا يتهربان من الحصص هنا"

تخيلتُ هانتر وسيتشو ذوو السابعة عشر سنة يهربون هنا مثل الأرامل.

"بصوت أعلى معا"

"هيا"

أخذنا أنفاسنا والجوّ الغائم كان مناسبا لنهتف معا بصوت مرتفع "هانتر سينجو"

"أنتما! مالذي تفعلانه هناك؟" الصوت جاء من الأسفل وخفضت بصري أرى ضابط السلوك ينظر إلينا قبل أن يسير للداخل.

"يا للهول هو قادم إلينا" ضحكت أوديت تضع يدها على فمها، وبشكل لا إرادي ضحكتُ أنا أيضا أهزّ رأسي لها "لنهرب"

"هيا بنا، هيا" قالتها بحماس تمسك يدي وتركض للأمام تفتح الباب بينما أقدامنا تدقّ الدرجات بصوت أعلى، نلقي نظرة من الدرابزين مع انعطافة كل نهاية سلالم للتأكد من أنه قادم.

ضحكاتنا ارتفعت وصرخنا حينما لمحناه يسير بإتجاهنا، يهتف بنا بغضب "توقفا"

"ٱهربي كلوفر" أوديت صرخت وبدت مثل أرنب صغير، تركض بعيدا وتجعلني أضحك أكثر، أواصل الركض وخطواته السريعة خلفنا، ضرباتي تتسارع وبدى لي الأمر أشبه بالسيارات حين نقودها بسرعة حين يلاحقك خصمك في المضمار.

فكرتُ في تلك اللحظات أن كل شيء جميل بطريقته الخاصة، حتى لو كان سلحفاة أوديت أو الضابط الذي يلحقنا الآن.

أو حتى ديكي الذكي، أو ديبي.

وتوباييس أيضا.

_

"كان يجب أن نتهرب من الحصص أيضا" زفرتُ بغيظ أرمي حقيبتي على كتفي بغير إكتراث بينما أسير رفقة أوديت للخارج بين احتشاد الطلاب.

هي ضحكت بخفة تضرب كتفي "علينا أن ندرس، إنها آخر سنة لنا، ألا ترغبين في التحرر من قيود الثانوية والذهاب للجامعة؟"

صحيح، الجامعة.

أريد هذا.

الأمر فقط أني أشعر بإنطفاء شديد ولا رغبة لديّ في الدراسة.

لويتُ شفاهي دون إضافة أية كلمة وواصلنا سيرنا حتى أصبحنا في الخارج، وفي تلك اللحظة جاءني صوت المحرّك إلى سمعي يجعلني أرفع بصري مباشرة أرى السيارة الحمراء المثيرة خاصة توباييس.

وها هو ذلك اللعين بداخلها، عضضتُ شفتي بغيظ أحاول إطفاء الحريق الذي اشتعل بداخلي حالما رأيته يلوّك العلكة في فمه، شعره كان مصبوغا بلون أحمر يماثل لون المثيرة، يحدّث إحدى الشقراوات التي تنخفض من النافذة ناحيته، عيونه تلمع بنظرات واثقة وعضلاته تمنحه منظرا جميلا.

اللعنة! لما على الأوغاد أن يملكوا سيارات في المدرسة وأنا لا؟ هل علي أن أتحول لشخص وغد أيضا؟

"كلوفر؟ هل تستمعين لي؟" أوديت لوحت أمامي تخرجني من شرودي لكن لم أكن أرى سوى الجميلة الحمراء.

أريد قيادتها.

"أنا مشغولة باربي" نطقت بشرود نواصل سيرنا وبصري كان يتأمل كل تفصيلة من السيارة، العجلات، الهيكل، الزينة والرسم الجميلة، ثم هناك إسم توباييس وودي مكتوب بخط أسود صارخ وجامح يدلّ عليه.

أريد أن يكون إسمي على سيارتي أيضا.

"هل ترين وودي الوغد؟" أشرتُ بوجهي وأوديت نظرت إليه تنطق "سيارته الأفضل"

"مجرد سيارة" قلبتُ عيناي أسمع ضحكتها الخفيفة وزممتُ شفاهي بإنزعاج ما أزال أراقب وسيم المدرسة.

أتمنى أن يسرقها لصوص الشوارع ثم سأحضر سيارتي وأحرق قلبه بالغيرة.

"فراشة" الصوت جعلني أنا وأوديت نلفّ أعناقنا نحو مصدره وبمجرد أن فعلتُ ذلك سقط فكّي على الأرض من الدهشة، عيوني إتسعت بغير تصديق وشفاهي إفترقت، قلبي خفق بقوة واندفعت الدماء في جسدي مثل مضخات النيتروس.

إلهي!

هانتر يقف أمام سيارتي الزرقاء التي كانت تلمع بالمعنى الحرفي، لم أصدق ما تراه عيناي، عجلات سوداء مرصصة تلمع بضوء أزرق يومض في مركزها، حواف الهيكل كلها باللون الأسود وبه زينة بيضاء لامعة، هل كانت جواهر صغيرة؟

لا يهم.

الإطار الخلفي المستطيل المرتفع في مؤخرتها كان له أجنحة فراشة زرقاء، أما الطلاء الأزرق أصبح أكثر لمعانا وكُتب على الأبواب بخط طويل إسم فراشة مع رسم هائج لأجنحة فراشة سوداء.

أما هانتر كان يرتدي بذلة رياضية بيضاء وعلى السترة كان يوجد رسم فراشة زرقاء، شعره فوضوي وقامته ازدادت طولا بسبب إطار الحذاء الرياضي الأبيض المرتفع.

اللعنة! ما هذا؟

سيتشو كان ملابس رياضية مماثلة لخاصته لكنها سوداء وبها رسمة لإيتاشي من أنمي ناروتو.

"مالذي يحصل هنا؟" تمتمت أوديت بجانبي بذهول ولم أكن قادرة على الإجابة، كل الكلمات هربت مني حالما كان ذلك المنظر أمامي.

هذه اللعينة الزرقاء أجمل بكثير من تلك المثيرة الحمراء.

يد هانتر ارتفعت تلوّح لي وابتسم يغمزني، مثلما الحال مع سيتشو الذي كان يطالع أوديت.

لم يكن أمامي سوى الركض بسرعة للأمام أقف أمامه وتحدثت بصوت ما يزال تحت تأثير الصدمة "ما هذا؟"

"بلو وينجز" غمزني ينظر إليّ بإبتسامة واثقة على شفتيه، أسنانه لمعت يعضّ بها السفلية بخفّة ويتابع "سيارتكِ"

"لم تكن هكذا، أنت من فعل هذا؟" قلبي كان يخفق بقوة حتى شعرتُ بالضربات في حلقي ومؤخرتي.

هانتر حرّك كتفيه يلوي شفاهه "أضفتُ بعض التعديلات من ذوقي الخاص"

"يا رجل!" فمي كان ما يزال مفتوحا أتخطاه وأسير ناحيتها، أتلمس المجوهرات البيضاء الصغيرة وشعرتُ بنظرات جميع الطلاب علينا.

أرجو أن يرى توباييس هذا.

"أهلا باربي" سيتشو نطق بخفوت خلفنا لكني لم أكن لأكلف نفسي عناء النظر إليه، السيارة أمامي كفيلة بجعلني أنسى الحياة وما فيها كليا.

"كل هذا أنت فعلته؟" أدرتُ عنقي إليه أراه يقترب مني بإبتسامة، عطره ملأ أنفي يختلط برائحة السيارة الجديدة، بينما حضوره كان دافئا بجانبي يردّ "أجل، بيديّ فقط، الخطّ أيضا من كتابتي"

خفضت بصري للأسفل أقرأ كلمة فراشة على الطريقة الفرنسية، ولمعت عيناي من جماله أهمس "خطك جميل"

"أعلم" ألقى كلمته وشعرتُ بيده تضرب مكان الوشم بخفة فوق ملابسي، يهمس بجانب أذني "ربما ستوشمين شيئا ما بخطّ يدي في المستقبل، مثل بوتو خاصتي؟"

لففتُ عنقي ناحيته، ورغم أنه يتصرف مثل عادته إلاّ أني شعرتُ هذه المرة بأن وقع كلماته كان أقوى من السابق، شيء ما دغدغ معدتي وأعجبتني يده الموضوعة هناك.

اللعنة هانتر.

اللون البني في عيونه كان جميلا مع ضوء المساء وغمزني يتابع "أم هانتر يبدو أجمل؟"

"أنا أعني هذا حقا، أنتَ موهوب" إبتسمتُ له أشد شفاهي وأوسع إبتسامتي لأقصى حدّ لها مما جعل عيوني تضيق وجعلني أيضا أبدو بشكل مضحك.

هانتر أطلق ضحكة يسحب يدي ويضع المفاتيح في يدي، يصنع نفس التعبير على وجهه، ويبتسم بنفس الطريقة، "لتجربيها الآن، تأكدتُ من كل شيء فيها، وعدلتُ على محركك حتى يكون أداءه أفضل"

كل هذا لأجلي؟

وبدى كأنه قرأ أفكاري لذا بسرعة أضاف "لستِ مهمة كثيرا، لكن هذا ما يحصل حينما لا تكون مونلايت في الجوار، ألاعب جميلة أخرى"

غمزني مرة أخرى وإنخفضت ذراعي للأسفل خلف ظهره وإلى مؤخرته ما أزال أعقد بصري بخاصته، وإبتسمتُ أضربها بخفة أتمتم "جميل جدا بوتو"

أخذتُ المفاتيح بعدها وإبتعدت أسير ناحية السيارة أسمع ضحكته، يتبعني "مالذي يجذبك في هذه المؤخرة؟ هي حتى ليست من الذهب ولا تفعل أي شيء عدا تلبية نداء الطبيعة"

اللعنة! لما عليه أن يكون هكذا؟

شعرتُ بإحمرار وجهي لكني لم ألتفت وفتحت باب السيارة أركبها، ومباشرة رائحة هانتر ملأت أنفي، منعشة وحادّة.

هو ركب السيارة بجانبي يغلق الباب من ناحيته، يبتسم لي "لم تضعي حزامك بعد؟"

"أي عطر تستخدمه؟"

حاجبه إرتفع يلقي سؤاله بسخرية "لا تعرفين أنواع العطور الرجالية؟"

"هذه ليست إجابتي" طالعته ببعض الإحراج وفي تلك اللحظة أقلعت سيارة أوديت تمر بجانبنا وكان سيتشو معها، يهتف لهانتر "أراكما في المضمار"

هانتر أومأ له قبل أن يعيد بصره لي ويرسل لي قبلة هوائية "ابحثي عن نوع عطري وأعدكِ أني سأعطيكِ مفاجأة"

"سيارة؟" إبتسمت بإتساع أظهر أسناني له، وتكّ هو لسانه يقلب عينيه "أشياء أجمل"

"مثل ماذا؟"

"قودي عزيزتي، هيا للمضمار" غمزني يغلق الحديث وشعرتُ بالتوتر فجأة حالما حولت بصري ناحية المقود.

أخذتُ إستعدادي أربط حزام الأمان، ومن ثم ملأتُ رئتاي بالهواء وأحاول تهدئة نفسي. أصابعي إلتفت حول المقود تتلمس الجلد، ورائحة هانتر كانت في كل مكان.

ها أنا ذا الآن، لديّ سيارة خاصة بي وهي أجمل من خاصة توباييس، أستطيع قيادتها بدون رخصة أنا بمفردي، أنا فقط.

وهي لي.

"تحتاجين مساعدة فراشتي؟"

"أنا بخير، دعني أربط روحي بها، أنا أخبرها عن نفسي" همست أغمض عيناي وأشعر بكيان السيارة حولي، أطفو بعيدا في ذهني وأتخيلها كائن حي يتواصل معي، يشعر بي ويتحدث إليّ.

قال هانتر أنها بلو وينجز.

"سنكون واحد من اليوم فصاعدا" همستُ بخفوت وسمعتُ ضحكة هانتر الساخرة المختلطة بأنفاسه.

"إنسي أمر خضراء العيون الأخرى، أنا كلوفر مالكتكِ" تابعتُ وهانتر تكّ لسانه يسخر "اوه لم أقصر في جعلها تنساها"

لعين.

لكني أحب حديثه هذا.

لأن هذا هو الشيء الوحيد الصحيح.

"أخبريها أن تتذكر مؤخرتي الذهبية أيضا" أضاف وشعرتُ بالحرارة تتصاعد إلى وجهي مرة أخرى.

لماذا واللعنة يفعل هذا؟

"تعلم ماذا؟ سأقود فحسب" زفرت بسخط أقوم بتشغيلها وأتحاشى النظر إليه.

"الآن بدأتِ تفكرين بعقلك بدل مؤخرتي" قال مرة أخرى وعيوني حدجته بنظرة قاتلة أراه يهز كتفيه "ليس خطأكِ"

"أستطيع قتلك هنا" هددتُ بصوت منضغط وإبتسم هو "اقطعي أنفاسي بالطريقة التي نعرفها"

"لماذا لا تخرس فقط؟" صرخت بنفاذ صبر، وفي الثانية التالية إبتسم هو بهدوء يهزّ كتفيه "من يعلم؟ ربما سأخرس للأبد في يوم ما"

ملامحي انكسرت وشعرتُ بلساني ينعقد عند تلك الكلمات، لم يكن لدي أي شيء لأقوله وفجأة شعرتُ بالهواء ينضغط في صدري.

هو تابع بصوت أكثر هدوءا "أنا أقتنص الأيام التي تمرّ بسرعة، وأقضيها بالشكل الذي أحبه مع الأشخاص الذين أستمتع معهم فراشتي"

"أنا لم أقصد هذا" هززتُ رأسي نافية أشعر بجفاف حلقي في حين ردّه كان ضحكة صغيرة، يميل ناحيتي ويضرب وجنتي بأصبعه ينطق "أعلم فراشتي الخضراء الجميلة"

خضراء؟

طالعته كأني أودّ إحتضانه وآلمتني ذراعاي بسبب رغبتي في ذلك لكني لم أتشجع لقولها، في حين إبتسم لي يميل رأسه للجانب "هلاّ إنطلقنا؟"

"المضمار؟ أم مضمار ريدكاي؟" همستُ أخفض بصري للأسف بإنكسار وهانتر سعل بخفة يجعلني أنظر إليه بقلق، أراه يجذب قناع طبّي ويضعه على وجهه.

رفع وجهه ناحيتي بعدها وضاقت عيناه التي بدت أجمل، يعطيني نظرة هادئة تحت رموشه، يردف "سأترك لكِ خيار النعيم الذي سنذهب إليه"

صوته بدى متعب يختفي خلف القناع لكني تذكرتُ كلمات أوديت.

الجماعة تؤمن بالفرد منها، صحيح؟

شغلتُ السيارة أنظر أمامي، أزم شفاهي ورغم عدم تحليّ بالشجاعة لكني تجاسرتُ أرمي الكلمات في الهواء "الفرد للجماعة والجماعة للفرد هانتر"

بتلك الكلمات أنا شعرتُ بوجهي يحترق، أشغل السيارة وأقول للأمام دون النظر إليه ورغم ذلك شعرتُ بنظراته تحرقني، يطالعني.

شعرتُ فجأة بشيء يختلط في الهواء بيني وبينه، كان دافئا، وأردتُ بقاءه معي، أردتُ أن أجعله يشعر بحال أفضل.

أريد بقاءه معي هنا والآن وفي أي مكان لعين نحن ذاهبان إليه.

"لا بأس إن تسببتِ بحادث قاتل فراشتي" قال بصوت هادئ ودّي وكان في العبارة نداء إستغاثة.

بوتو خاصة الفراشة كان منكسر.

"سأنقذكَ وآخذك للنعيم" قلتُ بإبتسامة أزيد السرعة وألف المقود للجانب، أحدجه من طرف عيني وأستشعر ليونة نظراته.

أنتَ كافي جدا، بداخلك قوة كافية لتمرّ بإختبار الحياة لكَ.

ثق بنفسك هانتر، آمن بالصوت الداخلي في عمقك واستمع لروحك.

"أثق بكِ فراشتي"

كان ذلك كل ما تفوه به يجعل الدفئ يحتلّني، والآن سأقود في كل أنحاء كاليفورنيا واللعنة على المضامير.

سأذهب وأتوه وأطالع النجوم حتى تقودني للديار.

_

يتبع...

الشغف هبط هبووووووط قوي جدا والله أعلم مالقادم في الأيام الجاية.

يوم قررت أعمل برنامج، قرر ابن الحمار بتاع الشغف يروح كده.

المهم

رايكم؟

أفضل مشهد؟

جملة أعجبتكم؟

توقعات؟

نقد ولا ملاحظات؟

_

سي يو 💗



Continue Reading

You'll Also Like

3.8K 129 1
سيولٌ مِـنَ الألَـمِ جرَفت هدوءُ أيامَها وَلـطَخت مَعها رُونقُ ألجمالِ في عَيـنيـها ، حين إختَـطَـف ذَلِكَ ألحادِثُ الأليمِ عائِلـتَها العزيزة ، لشهو...
11.3K 591 4
في تلك اللحظة أمسك شئ برقبتي و إعتصرها كبرتقالة قديمة عند أم مصرية، إنه يحملني، إن كنت ستلقيني أسرع رقبتي ليست رقبة فيل، لم لا يرفعني من قدمي من يدي،...
5.1M 447K 50
• حقيقة.!!! يتشاءمون بالغُراب إِذا نعق ويتشاءمون من الغربيب إذا زهقّ بـكّرَ بُـكُورَ الغُـرابِ أذا تَـوهَق ماكـر وحـذر، شـرس، وسـفاحٌ جاء لِيشرق ويغ...
901K 61.6K 26
قتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم و...