سريع

By itsmaribanks

872K 73.5K 73.9K

"سريع عزيزتي، أنا سريع جدا" الرواية هي الثانية من سلسلة Rage & Wheels الجزء الأول: آدم. لكن يمكن قراءة كل... More

بداية
1- إختطاف
2- احفظي سري وسأحفظ خاصتك
3- ماكر
4- متعجرف
5- بعض الفوضى
6- بوتو والفراشة
7- رِهان
8- عيد الميلاد
9- رعب وتحدّي
10- حفلة مبيت
11- الفوز والخسارة
12- لكنه لم يفقدني
13- المأوى
14- مضمار ريدكاي
15- التسلل للخارج
16- السارقة أم المتسابقة؟
فصل خاص | اللحظة الإستثنائية
17- ضخات الأدرينالين
18- تائهين
19- ليلة بوتو والفراشة
20- لحظة التوهان
21- حصان بري
22- مرايا مكسورة
23- أفكار، مشاعر وحقيقة
فصل خاص | ستنقذني دائما
24- إقتناص الفرص والنهوض
25- نعود لنتوه
26- وهِن لكن سريع
فصل خاص | الإنخفاض والإرتفاع
26- نجوم تعرف ولا تعرف طريقها
28- الحكمة من الشيء
29- شكرا
30- رابط يجمعنا
31- ركُب الحياة
32- سافلة
33- سباق المدينة
34- المضمار الشبح
35- إنسجام
36- زهرة الياسمين
37- تحت السطح
38- هانتر ريدكاي وكلوفر سكوت
النهاية | هذه المرة لأجل نفسك.

فصل خاص | ما نريد، ما نستحق

18.7K 1.5K 973
By itsmaribanks

الفصل غير معدل، تجاهلوا الأخطاء 💗

_

سيتشو

"ٱنظر إلي"

أبي وضع يده على كتف آدم الجالس على الأريكة يضغط عليه بخفة، يجعل عيونه ترتفع لتقابله، بينما تابع "ليست المرة الأولى التي نسقط فيها، حسنا؟ سيكون بخير"

لم يكن بمقدور آدم سوى إصدار تنهيدة يومئ بخفة ولا ينبس بأية كلمة.

جميعنا كنا في منزل ريدكاي، أنا، نايومي، جاكلين، آدم، أبي وأمي.

"لماذا قد يخفي أمرا كهذا؟ مالسبب لهذا؟" جاكلين تحدثت تحاول ألا تنهار، وأمي كانت تجلس بجانبها على الأريكة، تحيط بذراعها كتفيها، تمررها عليها وتنطق بخفوت "كل شيء سيكون على ما يرام"

شعور بالضيق كان يملئ صدري وكل كلمة كنتُ أستمع إليها كانت مثل سهم يثقب قلبي.

كنتُ أقف على مقربة منهم، أعقد ذراعاي على صدري وأتكئ على الجدار، بينما تحدثت جاكلين تتابع الحديث "الصور تشير إلى تأصله، علينا أن نسرع"

التحاليل التي وجدناها تشير إلى تقدم المرض وضرورة الخضوع للجراحة قبل أن يتقدم الورم أكثر وقد يصيب حلقه ودماغه.

هذا فقط مزعج، مزعج جدا أن أرى صديقي يتعرض لهذا دون أن أعرف بالأمر حتى.

مزعج ويجعلني أشعر بالغضب من كل شيء، حتى منه ومن نفسي.

"هاتفه مغلق" نايومي تدخلت وكلماتها كانت منكسرة تسير ناحية آدم وتنحني على ركبتيها أمامه، تمرر يدها على خدّه وتضيف "أخي، أرجوك لا تقلق"

"تواصلتُ مع الطبيب" أبي تحدث يجعل العيون عليه، لكنه كان يركز على جاكلين بنظرة هادئة وليّنة أعطاها لها تابع "يمكنهم إنتزاعه، لكن عليه الخضوع للعلاج الكيميائي أولا"

"اللعنة!" همست تغطي وجهها بكلتا يديها وتساقطت خصلاتها تغطيها، كتفيها إهتزا بينما ظلّت صامتة، كانت تبكي دون صوت أو أنها تحارب نفسها لكي لا تفعل، المنظر جعلني أضغط على أسناني، أشد على أصابعي فوق جلد ذراعي، وإحتدت عيناي كما هو الحال مع إشتداد فكّي.

هذه المرة لم أستطِع منع نفسي من أن أنطق بنبرة غاضبة حادة "سيكون بخير واللعنة!"

أبي أعطاني نظرة عميقة لم أستطع مقاومتها، لذا بسرعة أبعدت عيناي عنه أشعر بنيران تحرق داخلي، إبتلعت ومن ثم مررتُ بصري على الجميع عندما لمحتُ طيف الإنكسار في ملامح آدم وكم غضبتُ حين رأيتُه بذلك الشكل.

تبا تبا تبا!

بسرعة أنا فككت عقدة ذراعاي آخذ خطواتي للخارج، أضغط على شفاهي ضدّ بعضها وغزتني موجة غضب وعجز كبيرة.

صفعت الباب خلفي بقوة أسير للخارج، الجوّ البارد لم يمنحني السلام والهدوء كعادته، هذه المرة جعلني أشعر بالبرد أكثر، جعلني أشعر بالضياع وفي كل مرة تأتي في عقلي فكرة فقدانه أشعر أني أتمزق.

كيف يمكن لهذا أن يحصل؟ كيف يمكن أن أفقد أفضل وأعز أصدقائي وشريكي في المضمار؟

سأفضّل الموت على أن أراه يموت أمامي، سأموت معه إن كان على هذا أن يحصل.

جذبتُ هاتفي وإبتلعت أشعر بنبضاتي تتسارع، أدخل المحادثة بيننا وأرى آخر رسالة منه كانت صورة عجلات ثقيلة حسنة الترصيص.

ضغطت أصابعي على لوحة المفاتيح أكتب رسالتي

[إتصل بي أو أخبرني بمكانك يا رجل! تعلم أن لا أحد منا يحب هذه الطرق]

ضغطتُ على زر الإرسال وزفرت أرمي أقذر شتائم أعرفها، أعيد إزلاق هاتفي للجيب الخلفي لبنطالي.

شعوري كان مقيتا؛ مقيت للغاية.

عقلي عمل بسرعة أحاول التفكير في مكان من الممكن أن يكون فيه لكن لا شيء لاح في ذهني، أعرف أنه غير قابل للتوقع.

بإمكانه حتى أن يكون في أنبوب مجاري.

واصلتُ السير وشعور بالغرابة جاءني بدون سيارتي، في حين تذكرتُ أن كلوفر لحقت به عند خروجه، أين من الممكن أن يكونا قد ذهبا واللعنة؟

رن هاتفي يعلن وصول رسالة، وخفق قلبي أجذبه بسرعة وأفتحه لأجدها من هانتر.

[في غرفتك ؛)] 

لعين!

هو ليس في غرفتي، وهذه الإجابة تعني أنه لا يريد إخباري.

تنهيدة خرجت مني متعبة للغاية، ذلك التعب الذي يسكن داخلك ويكبر بتطاول أفكارك، لأن جسدي كان ليصرخ بأني بخير إن زاح هذا الثقل عن كاهلي.

لكني هنا، أتعلم مواجهة الواقع.

لأول مرة في حياتي.

واصلتُ السير لا وجهة لديّ، لكن لا أعلم لماذا أردتُ الذهاب إلى المضمار، في هذا الوقت من المؤكد أنها هناك تقود بينك بيرد على طرقاته الملتوية، تنساق بمهارة وتضحك بصوت مرتفع.

أوديت بيرد.

شقرائي المميزة.

كانت دائما تملك ذلك الشيء الذي يخصها بمفردها، مكوّن يختلط بشخصيتها بشكل مميز يجعلني أختارها دائما.

أطلقتُ زفرة خافتة وكان عليّ الوصول للمكان بسرعة.

هاتفي رنّ مرة أخرى يعلن وصول رسالة ثانية، وسحبته أجده هانتر، إبتلعتُ أفتحها

[أنا بخير صديقي، دعني أختلي بنفسي قليلا ؛)]

إبتسامتي إرتسمت رغما عني عند قراءتي لتلك الكلمات، ومباشرة عرفتُ مكانه مما جعلني أتنهد بإرتياح.

أعتقد أني سأبحث عنه في وقت لاحق، لأني أعرفه جيدا، سيكسر فكّي إن أزعجته الآن.

رمشتُ عدة مرات، ولم أشأ أن أرسل أي رد، لذا بهدوء أرجعتُ الهاتف إلى جيبي وقررتُ أن أدع الأفكار السيئة بعيدا لبضع ساعات.

ليس الأمر كأنها نهاية العالم؛ هانتر صديقي وأعرف أنه ولِد ليعيش سنوات أكثر مني.

وهذا المرض اللعين، هو مجرد عقبة صغيرة سيتخطاها؛ عليّ أن أؤمن بهذا.

"اللعنة على هذا" همستُ تحت أنفاسي وواصلت السير، أخوض تجربة الوصول على القدمين للوجهة بعد مدة طويلة من الإنقطاع.

_


الجوّ كان باردا، الهواء هبّ بقوة، ووضعت يداي في جيوب سترتي أولّد بعض الدفئ في الداخل، رغم ذلك كانت النسائم الباردة تتلل عبر القماش وتقشعر جسدي بشعور محبّب جدا إليّ.

تقدمتُ للداخل أمرّ عبر العديد من الأشخاص، وفي كل مرة أتلقى تحية من أحدهم وأردها إليه.

أو إليها.

تاكاهاشي بعد كل شيء. لا يمكن ألا أكون ظاهرا.

عيوني رغم ذلك كانت تمسح المكان أبحث عن سيارة بينك بيرد، المرسديس الوردية خاصة أوديت.

هُتاف جاء على مقربة مني وتقدمتُ أنضم للحشد الذين كانوا يصرخون على أحدهم، الهواتف تسجّل والتصفيرات تتعالى.

إبتسمتُ على ذلك؛ لم أشهد هذا منذ مدة. أعني بذلك الحركات الخطيرة ومغازلة الموت قليلا.

بعد الحادث أصبحتُ أكثر حذرا وقليلا ما أسرع كما في السابق، لكن رغم ذلك ما أزال أتوق لهذا.

عيوني ارتفعت لمراقبة السيارات التي تقوم بالإستعراض، وافترقت شفاهي عندما لمحت الكامارو الصفراء خاصة جوني تلتفّ حول نفسها وتدورها بإنسياق كامل.

صوت الإحتكاك كان حادا بدى مثل أغنية رائعة لآذان هؤلاء الأشخاص هنا، وانبعث الدخان من تحت الهيكل يشكل غمامة حول السيارة، إلا أن المقدمة كانت ظاهرة حين رمشتُ بذهول أرى جوني في داخلها، يلفّ العصابة حول عينيه، ويديه تمسكان بالمقود مثل لاعب خفة يعلم جيدا كيف يقوم بعرض بطاقاته.

اللعنة! هو يقود دون أن يرى.

إبتسامة واثقة ارتسمت على شفاهه وإقشعر بدني أشعر بشيء بداخلي يدعوني للإنضمام.

الفرملة وإعادة الإنطلاق التي كان يقوم بها جعلاني أصاب بالذهول.

زممتُ شفاهي أضيق عيناي وأتابع السيارة بتركيز، أمسح كل جزء منها، كل حركة وكل حيلة.

عجلات جيدة، مرصصة بطريقة جيدة، لم يبدُ أنه استخدم أي داعمات سرعة، ويجيد جيدا إحترام الوقت.

كان ذكيا، يجيد اللعب على الفرامل، يسيطر على طريقة عمل التروس ويستغلها لمصلحته.

أصابعي إلتفت في قبضتين قويتين، وشعرتُ بنوع من–––الغيرة.

ضرباتي تسارعت حينما توقف يأخذ حركة أفعوانية للأمام تحت نداء الجميع، ومن ثم أنهى العرض بإيقاف السيارة والترجل منها؛ أصابعه مرت في خصلاته المصبوغة تشع من عينيه إبتسامة لامعة.

هذا الشاب أصبح يهدد مكانتي في مضماري.

"جوني" صاح الحشد لكني وجدت نفسي أبتعد بهدوء عن المكان، حرارة في صدري ورغبة بداخلي أن أنطلق أنا أيضا للأمام.

أرغب أن أكون الأفضل.

"سحقا!" همستُ بها للمرة الثانية وفي اللحظة التالية رفعت رأسي للأعلى حيث مقاعد المشاهدة حين إلتقط بصري صورة أوديت جالسة في صف بمفردها وتطالع أرض المضمار بشرود.

كعادتها في اختيار نمط ملابسها، هي كانت ترتدي سترة جلدية وردية اللون على شاكلة سترات السباق، فوق قميص أبيض، تنورة قصيرة بيضاء اللون، وساقيها عاريتين تجعلني أستغرب بشأن عدم شعورها بالبرد.

أم هل هي تشعر بالبرد؟

رعشة هزت جسدي وخفق قلبي مرتين بقوة لوهلة من الزمن، إبتلعت أضع يداي في جيوب سترتي، أخفض بصري لأرى صورة ناروتو مطبوعة عليها.

أحبّ ناروتو.

وأوديت تحبّ هذا الجانب مني. أعلم ذلك.

قدتُ خطواتي بعدها ناحيتها لا أبعد عيون عنها، أحاول في كل خطوة تنظيم أفكاري وإختيار كلمات وجمل لطيفة لأخبرها بها.

آخر مرة تعرضتُ لها بغضب شعرتُ بالندم الشديد وهذه المرة سأقتل نفسي إن فعلتها مجددا.

أوديت شخصية لطيفة ولا يجب أن أتصرف معها بطريقة تاكاهاشي خاصتي.

صعدتُ المدرجات أعبر الصفوف ووصلتُ أخيرا إليها، ثم تقدمتُ أتخذ جلستي بجانبها، عيوني تطالع الساحة في الأسفل حين تحدثتُ "كيف الحال باربي؟"

لم ترُد؛ وأطلقت ضحكة خافتة بين أنفاسها، فيما ملتُ بجسدي للأمام، مرفقاي على ركبتيّ ويداي تجتمعان معا في الوسط، حيث إنفراجة ساقاي.

عيوني وقعت على جوني الجالس داخل سيارته المفتوح بابها، إحدى ساقيه للخارج وكان يعبث في هاتفه، يستمع إلى شيء ما.

مؤكد أنه من الصعب على المرء إعتياد هاتفه بعد فقدان بصره، لكن ما أراه أمامي يستحق الإحترام، لأن جوني يتعامل مع كل شيء، دون تذمر.

دون تذمر.

وهذا أهم شيء.

"هو متسابق مميز" تحدثت أوديت بجانبي تجعلني أحول بصري إليها، وضاقت عيناي حين وجدتها إلى جوني بإبتسامة صافية على شفاهها، تتابع "لا يمكن لأي شيء إيقافه"

إبتلعت أبتعد عن حركة شفاهها، ورمشتُ أعود لإلقاء نظرة على جوني؛ هالة من الهدوء والغموض تحيطه، لكنه بنفس الوقت يجعل الأشخاص حوله يشعرون بالراحة إتجاهه.

بالنسبة لمتسابق كان مذهلا، أما لشخص فكان من بين القلّة الجديرين بالإحترام.

وحينما يتعلق الأمر بأوديت تتحدث عنه بهذا الشكل، فإن ناقوس الخطر في ذهني يدقّ بقوة ويهددني.

"أحيانا أتمنى لو أني مثله" هي واصلت الحديث تجعل عيوني تلتصق بها، أدرس كل تفصيلة فيها، أتعمق بحفرها في ذهني، في حين جذبت خصلة من شعرها تعيدها لخلف أذنها، وتابعت "أعني من تكون هذه الظروف؟ سيارة خارقة؟ بإمكاني التغلب عليها"

أنهت كلماتها بضحكة صغيرة تجعلني أضحك أنا الآخر على التشبيه، وعضضت شفتي بخفة قبل أن أهزّ رأسي لها، أنطق بخفة "أجل، معكِ حق"

"أجل" قالت ذلك وعادت للشرود، وحتى الآن هي لم تنظر إليّ، إنما كانت تطالع كل شيء في المضمار.

بدت لي–––حزينة؟

هل كانت شقرائي حزينة؟

نظفت حلقها عند تلك الفكرة في ذهني، وعادت للحديث "سمعتُ بشأن هانتر"

هل هذا هو السبب؟

أصغيتُ لها بإنتباه أكثر، وهي تابعت "مرض لعين يحاول أخذه منا"

اشتدت ملامحي على تلك الكلمات وتحدثت مباشرة بحدة وبكلمات هادئة بطيئة "سيكون بخير"

سيكون بخير! هذا فقط ما يسعني قوله.

اللعنة! هذا فقط.

"بالطبع سيكون بخير" هزت رأسها وهذه المرة إلتفتت ناحيتي تواجهني بنظراتها حين لمعت عيونها الخضراء بنظرة مصرّة، دموع خفيفة كانت متجمعة فيهما، وافترقت شفاهها قليلا بينما نقر لسانها أسنانها تمنع تلك العقدة في حلقها.

"سيكون بخير، ما معنى المرض سيتشو؟ مالذي يعنيه أن يكون الشخص مريضا؟ إنه مجرد تعب وسيمرّ"

كانت منفعلة نوعا ما، لكنها إبتسمت رغم ذلك وهبطت دمعة خفيفة من عينها تجعل قلبي ينقبض، وحتى مع ذلك فإنها كانت إبتسامة صادقة.

"المرض الحقيقي هنا، إنه هنا سيتشو" أشارت بسبابتها إلى جبينها، وأضافت دون توقف "أفكاري هي ما يصنعني، أنا من سيختار إن كان عليّ أن أكون مريضة أم لا، لأني أنا من سيؤمن بذلك"

رمشتُ أستوعب كلماتها التي دقّت عميقا في داخلي، في حين واصلت "وحينما أؤمن أني بخير سيستجيب جسدي، سأكون بخير لأني قررتُ أن أكون كذلك"

إبتلعت هي بخفة وإتسعت إبتسامتها تقف أمامي وتفرد ذراعيها، تحرك رأسها وعيونها كانت ما تزال تدمع "ٱنظر إليّ قد أبدو غبية وبلهاء، لكني إخترتُ أن أتحلى بهذا الإيمان وأن أرى كل شيء بلون وردي، هل ترى كيف أفعلها سيتشو؟ ٱنظر إلى الطريقة التي تمضي بها أيامي، كلها وردية وجميلة لأني أؤمن أنها كذلك"

أمالت رأسها للجانب "هل ترى كيف حصلتُ على أصدقاء رائعين لأني أؤمن بذلك؟ هل ترى كيف إبتعد عني الأوغاد؟ لأني واللعنة أؤمن بهذا"

معها حق.

عدا أنها بلهاء، لأنها ليست كذلك في نظري أبدا.

"وجوني هناك في الأسفل، لم يختر أن يصبح أعمى، لكنه إختيار أن يكون بخير مع الأمر، وأن يواصل شغفه، هل ترى سيتشو؟"

مدت يدها لي وأمسكتها حين جذبتني لأقف، تدفعني للأمام وتشبثت بذراعي تجعل جسدي يستجيب لقربها مني، إبتلعت أعلق بصري على جوني بينما رائحتها تداعب أنفي.

عطر فراولة، جميل ومنعش.

"ٱنظر إليه، هو يؤمن بقدراته ويؤمن أنه سيحصل في النهاية على ما يريد" قالت ذلك تقبض على ذراعي بإصرار، تجعل حلقي يجف.

جوني كان هناك، كان يصبح الأفضل رغم فقدانه لأحد أهم المتطلبات.

همست هذه المرة ترخي رأسها على كتفي "هل تعتقد أن هانتر سيرحل بهذه البساطة؟ مع ذلك الشغف والحبّ الإندفاع"

قلبي خفق بقوة وعيوني لمعت أجلب صورته في ذهني، معدتي آلمتني وشعرتُ فجأة بأني أُضرب بصخرة عملاقة.

لكن واحد من أصدقاء أبي رحل بهذه البساطة في وقت ما من الماضي.

"هانتر مادن ريدكاي، المتسابق الأسرع والشاب المليء بالحياة يرحل بسبب مرض لعين؟"

اللعنة! هذا مؤلم.

تخيلتُ أن أفتح عيناي ذات يوم على خلوّ المضمار من وجود هانتر ريدكاي، لا وجود لصوته ولا لصوت عجلاته، لا مونلايت ولا ضحكاته.

تبا! حتى ديبي ستشعر بالفراغ من دونه.

"أوديت إحتمالية نجاته تساوي 50%" همستُ أدير وجهي ناحيتها، أبتلع وأتابع "قد يرحل، وأنا خائف جدا"

"من هو الخوف؟ سيارة خارقة؟ لماذا يسيطر عليك؟" إبتسمت لي تضحك بخفة وتهبط دمعة أخرى من عيونها، قبل أن تبتلع "لماذا اخترت أن تخاف بدل أن يكون لديكَ الإيمان؟"

لأني سأنكسر حين يرحل، ولستُ متأكدا كيف سأواصل حياتي.

"أوديت" قلتُ إسمها، لكنها هزت رأسها تمنعني وتعطيني إبتسامة أوسع وأكثر دفئا "البشر حقا غير منطقيين سيتش! كيف يمكن أن يموت أحدهم بمرض حين يكون لديه العلاج الأقوى؟ لماذا لا يختار المرضى الإيمان؟"

الإيمان.

كانت كلمة أكبر من أن يستوعبها عقلي.

أحسستُ فجأة أني صغير جدا، مجرد نقطة بعيدة لا تربطني بالأشياء سوى خيوط رفيعة.

"لماذا نفعل ما نفعله إن لم تكن لدينا هذه الأفكار عنها؟ أنت تتسابق لأنك تحبها، لأن فكرتك عنها أنها––"

"حرية" أكملتُ جملتها وهزت هي رأسها تجعل قلبي ينقبض أكثر.

لا أعلم مالذي كان يحصل حولنا، ولا مالذي نتحدث عنه، لكني سُحِبتُ بموجة مشاعر قوية؛ ولوهلة شعرت أني أقف على حافة شيء ما.

لا يمكنني أبدا تسميته.

"لا أعلم بشأنكم يا رفاق، لكني إخترتُ أن أؤمن بهانتر" تحدثت أوديت بجانبي بهدوء وعيوني تعلقت بخاصتها أرى طيفا من الأمل تحمله في نظراتها.

كان قويا جدا.

كالموجة الدافئة، الموجة التي ترفعك عاليا وتظل كذلك حتى توصلك برّ الأمان.

الإيمان بهانتر.

"أعتقد أني سأختار هذا أيضا" منحتها إبتسامة صغيرة، أهزّ رأسي لها بخفة ورمشت هي تطالعني.

دفعتُ بكل شيء بعيدا، وأردتُ فقط أن أجرب الإيمان.

"تريد أن ترى سباقي مع جوني؟" اقترحت علي ولففت عنقي للأسفل أراه يجلس هناك.

تنهدتُ آخذ لحظات لأطرد فكرة تعلقها به، قبل أن أرد "لنرى كيف ستبلي باربي"

_

هي تخسر.

جوني كان أسرع وأكثر مهارة رغم كل شيء، وهاهي  الكامارو تتوقف بحركة ملتفة تصدر صوت إحتكاك حاد بينما ترتسم آثار العجلات على الطريق تطبع وجود جماحها هنا.

المرسديس الوردية بينك بيرد لحقت بها بعد ستّ ثواني وتوقفت تترجل منها أوديت، تضحك وتركض ناحيتي "هل رأيتني؟"

وصلت إليّ تتنفس بسرعة، إبتسامتها واسعة وتابعت "تخطيته في منتصف السباق، هل ترى كيف فعلتها؟"

إعتمدت على العجلات الخلفية في القيام بالحركة عند الإنعطاف في تلك اللحظة وكان ذلك سهوا من جوني، لأنها لم تكن لتفعلها.

في النهاية فعلتها أجل..

"رأيتُ ذلك، كان مذهلا" علقت أبتسم لها بخفة، أمدّ ذراعي لأجذب علبة المناديل الورقة الصغيرة من جيبي وسحبتُ واحدة قبل أن أقترب منها وأمسح جبينها المتعرّق بخفة.

عيونها ناظرتني مثل طفلة صغيرة ترمش عدة مرات في حين إبتسمتُ أضيف "تعرقتِ! لابدّ أن السباق كان ممتع"

"أجل" قالت برفق، ثم سرعان ما زالت تعابير الإستغراب تحلّ محلها أخرى باسمة، "أخبرني جوني أنه سيعلمني بعض الحيل مثلما فعل مع كلوفر"

"أستطيع أن أعلمك حيلا أفضل" إندفعتُ مباشرة ونظرت هي إليّ بإستغراب، في حين نظفت حلقي أهزّ رأسي، أتابع "أعني لديّ بعض الحيل التي–––"

توقفتُ عن الحديث وضاعت مني الكلمات لأقول أي شيء، نظراتها أمامي بدت مثل شيء أرغب في التحديق به اليوم بكامله.

مملوءة بالإيمان.

"هل تشعر بالغيرة سيتشو؟" ضحكت بخفة تلكز ذراعي، ولوهلة خفق قلبي، أراها تميل رأسها وتقترب مني "لا تقل أنك تشعر بالغيرة، أوه سيتشو!"

إبتسامة صغيرة ارتسمت على شفاهي وهززتُ رأسي "هل لديكِ مشكلة إن كنتُ كذلك؟"

"ماذا؟" توقفت فجأة تطالعني، في حين تككتُ لساني أبعد نظراتي عنها وألف وجهي للجانب، أنطق "ظننتُ ذلك"

أجل، لديّ مشكلة إن كانت تتحدث عنه بهذا الشكل.

"أنت حقا عنيد" قالت بهدوء تجذب إنتباهي إليها، أراها تعقد ذراعيها على صدرها، تبتسم برفق وتتابع "ولا تتوقف أبدا عن المحاولة"

كنتُ أعلم عمّ تتحدث.

"حتى تمنحيني فرصة" أجبتُها مباشرة وشعرت بخفقاتي تتسارع.

لا تتسارعي واللعنة!

تابعتُ "مالفرق بيني وبين الشاب الذي أرديتُه أرضا؟"

مالفرق بيني وبين وأولائك الصغار في الثانوية؟ أنا أفضل منهم بكثير وفي كل شيء.

أنا الأفضل لها، وأنا الذي يجب أن تكون معه وليس شاب ما يزال تحت السنّ القانوني.

هذا لن يهتمّ بها، ولن يعطيها الخطر الذي أعطيه لها.

لن يمنحها الشعور الذي بإمكان سيتشو ألبرت تاكاهاشي منحه لها.

وهي تعرف هذا جيدا، لكنها ما تزال تصرّ على أن تغلق عينيها.

لا بأس ما يزال لديّ بعض الصبر.

"ما هو السبب الذي يدفعكَ لهذا؟ أريد إجابة صحيحة وحينها يمكنني التفكير في الأمر" قالت تتحداني بنظراتي، وهذه المرة كانت تصدر عن أوديت المتسابقة الغاضبة وليس أوديت بيرد فتاة الثانوية اللطيفة.

كانت تتحداني، وقبلتُ هذا التحدي.

إبتسامة صغيرة كانت على شفاهي لا أفصل نظراتي المنعقدة بخاصتها، أتقدم ناحيتها وأمحو المسافة بيننا لكنها لم تتحرك.

لم تكن تتحرك، كانت تتوق لتعرف مالتالي.

كانت تريد هذا؛ وأعتقد أنه سبب كافي.

يدي إمتدت توضع على خدها في حين إنحنيتُ أنا ناحيتها أقرب وجهي من خاصتها، وشفاهي بالكاد لامست خاصتها؛ عيوني ما تزال عليها فيما إبتسمت لها أهمس أمامها "أنتِ بحاجة لهذا أوديت"

شفاهي لامست خاصتها، وحروفي خرجت تسقط عليها لكني لم أقبّلها، كنتُ أنقرها بخفة دون أن أتعمق.

كنتُ أريها مالذي يمكن أن يكون إن كانت معي. إن كانت ستختارني.

"ترين أوديت كل تلك الفوضى الجميلة بداخلك؟ لا أحد بهذا العالم يمكنه فهمها غيري، لا أحد يستطيع أن يعرف ما أنتِ بحاجة إليه غيري، لا يمكن لأي رجل في هذا العالم أن يعرف ما يريده عصفوري الصغير حتى لو كان والدكِ"

صوت خافت خرج من بين شفاهها وإبتسمتُ حينما علمتُ أن كلماتي لها وقع عليها، لذا برفق تابعتُ "بيرد، بإمكاننا أن نكون شيئا معا، يمكنكِ أن تؤمني بهذا إن أعطيتني هذه الفرصة"

كانت ارتجافة خافتة صدرت عنها شعرت بها بقربي منها، وبهدوء إبتعدتُ عنها أعطيها نظرة أخيرة "أتمنى أن تكون هذه هي الإجابة التي تريدينها باربي"

بتلك الكلمات أنا إنسحبت ألتفت وأقود خطواتي للإبتعاد عنها، لكن عندها تذكرتُ شيئا وتوقفت أطالعها من فوق كتفي "ٱطلبي مني إن أردتِ تعلّم الفنّ الحقيقي، لا تنسي لمن يعود ويست"

هذا أناني قليلا، لكن الأمر ليس بيدي؛ إن كان على أي أحد أن يعلمها شيئا ما فهو أنا.

تابعتُ سيري ولم يعد لدي أي رغبة في البقاء هنا في المضمار، بدلا من ذلك تذكرتُ هانتر وأعتقد أنه حان الوقت للخوض في الأمر معه.

سحبتُ الهاتف أقرأ رسالته مجددا وإبتسمتُ أتخيل شكله.

حسنا هانتر، ها أنا قادم لأزعجك.

_

الرياح هبّت برفق وخفّة تحرّك خصلاتي التي ازداد طولها مؤخرا؛ بينما وقفت هناك على مقربة منه على الجسر أرى جسده فوق السور ساقيه للأسفل ووجهه للأعلى يطالع غروب الشمس على صفحة المياه.

أجل، المكان المفضل له منذ كنا صغارا.

أخبرني أبي أنه كان يأتي للشرب مع أصدقاءه هناك في أيام شبابه وقبل ولادتنا.

عيوني طالعت هانتر تحرّك الرياح خصلاته، التيشرت الذي كان يرتديه لا يكفي لهذه البرودة، لكني أعلم أنه يحبّ ذلك الشعور.

وضعت يداي في جيوب سترتي وتحركتُ للأمام ناحيته، بضع خطوات فقط وتعمدت إصدار صوت بحذائي الرياضي كي ينتبه لكنه لم يلتفت رغم ذلك.

"علمتُ أني سأجدكَ هنا" إبتدرت الحديث أقف بجانبه وأضع يداي على السور، أرمي نظرة عليه وأرى إبتسامة صغيرة تتشكل على شفاهه، ينطق بهدوء "علمتُ أنك ستأتي"

"أردتني أن آتي" إبتسمتُ بالمقابل على هذا الوغد الذي لا يستطيع إمضاء يوم من دوني.

هزة خفيفة صدرت عن رأسه ما يزال ينظر إلى الغروب الذي طبع ألوانه الدافئة على صفحة السماء الباردة يصنع خليطا مريحا ويعكس لمعان ضياءه الذي يخبو ببطئ وخجل على صفحة المياه الساكنة تترقب هي الأخرى هدوء هذا الوقت من اليوم.

المغيب، النوم والراحة، نهاية اليوم ومضيّ ساعات أخرى من الحياة.

اه تبا! مالذي أتحدث عنه؟ أعتقد أن أوديت أثرت بي.

"أين هي كلوفر؟" رفعتُ حاجبي بعدما لاحظت أنها ليست هنا، وهانتر ردّ بنفس النبرة "غادرت"

غادرت فقط؟

"بهذه البساطة؟"

"طلبتُ منها أن تدعني أمضي وقتا بمفردي" شرح بهدوء وهززتُ رأسي أتفهم ذلك.

أراد وقتا بمفرده ثم أراد وجودي معه. هذا هو هانتر مادن ريدكاي الذي أعرفه.

"مالذي جاء بكَ إلى هنا إذا؟ أصبحت السرعة حيلة قديمة للإنتشاء؟" سألته بسخرية وتكّ هو لسانه يومئ قبل أن أراه يدفع بجسده للأعلى ويقف على حافة السور بإتزان، خلاصته تحركت مع الرياح وكذلك فعلت خاصتي أرى إنعكاس اللون الذهبي على وجهه.

"كل شيء يصبح له معنى وثمن فجأة حين نشعر بإقتراب النهاية"

تحرك خطوة للجانب يبدأ السير على السور وفعلتُ المثل أسير بجانبه على أرض الجسر، أسمعه يضيف "حتى المياه التي نشربها، كل شيء بالمعنى الحرفي"

إبتلعتُ وكلماته ضربت صدري بقوة، أرى الطريقة التي يتحدث بها، في حين تابع هو "أعتقد أنني كنتُ أفوّت متعة الكثير من الأشياء"

"كانت لدينا متعتنا الخاصة" أجبته بهدوء أرفع رأسي له وإبتسم هو يناظرني، أرى عيونه تلمع بشبح إنكسار، يومئ لي "أجل"

"لم تفوّت أي شيء إذا" توقفتُ عن السير وأيضا فعل هو نفس الشيء يقف في مواجهتي، يعقد ذراعيه على صدري "لكني أريد أكثر"

"يمكنك فعل أكثر من هذا" اشتدّ فكّي وشعرتُ بحرارة تملئ صدري عند سماعي لنبرة صوته، كانت تشبه–––

تشبه من يحزم حقائبه للمغادرة.

"نحن واحد، وأنا أؤمن بك، من هو سيتشو من دون هانتر؟ من يكون ألبرت دون مادن؟"

إبتسمت أضيف "من دارك نايت السوداء دون مونلايت البيضاء؟"

ضحكة هربت منه يفتح عقدة ذراعيه ويضرب يديه معا يجعلني أبتسم على ذلك.

كانت هذه كلمات وعبارات كنا نقولها حين كنا في المدرسة المتوسطة نخطط للحصول على سياراتنا.

اللعنة! كم أشتاق لتلك الأيام التي لم نكن نفكر فيها بأي شيء عدا متى يسمح لنا آباءنا بقيادة السيارات وإزعاج الشرطة.

"لقد غرقت مونلايت"

"ستغرق دارك نايت إذا" أملتُ رأسي له بتحدي ورمقني هو يبادلني نفس النظرة تلمع في عينيه كالنجم المحترق.

الشمس تحركت أكثر نحو الأفول وضوءها أصبح عليّ يعميني مما جعلني أضع يدي على عيناي أغطيهما بينما ما أزال ألقي نظري على هانتر الواقف أمامي والذي تحرك يقف حائلا بيني وبينها، يضحك بسخرية "أنا أحميك فتى الأنمي"

"أرى هذا" عضضتُ شفتي أحاول ألا أقول ذلك، لكن حروفي خرجت على أية حال "أعتقد أني سأظل دائما بحاجة لحمايتك، مدى الحياة"

أنا بحاجة إليكَ هانتر، بحاجة لأن تؤمن أننا نستطيع، وبحاجة لأن تؤمن بإيماني بكَ.

"هل تشعر بالخوف أحيانا؟" هو سألني ورفعتُ حاجبي له "هل هذا سؤال يطرحه عليّ صديقي المفضل؟"

"لا أقصد خسارة سيارتك أو باربي خاصتك" ضحك بخفة يقفز للأمام ويقف أمامي، يعطيني نظرة هادئة "هل تشعر بالخوف ألبرت؟"

صدري إنقبض وزممت شفاهي أشعر بإشتداد فكّي على تلك الكلمات.

كان يتصرف مثل آدم تماما مثلما أخبرني والدي.

وأبي دائما إمتلك نفس الإجابة التي دارت في ذهني الآن، أجد نفسي أنطقها "عندما تكون جماعتي لي أنا في دياري الخاص، هل يخاف الفرد حين يكون في الديار؟"

تقدمتُ منه أقف وجها لوجه، وأنف لأنف أعقد بصري به بحدة وضغطتُ على حروفي أضيف "هل يشعر الفرد بالخوف بين جماعته هانتر؟"

لمعة ومضت في عينيه وأعتقد أن شيئا ما به إهتز، ما جعلني أتابع "هل تخاف مونلايت عندما تؤمن بها دارك نايت؟"

الإيمان.

هذا ما قالته أوديت.

"مونلايت غرقت" كرر بخفوت ودفعتُ كتفيه بقوة أجعله يعود خطوات للخلف ويصطدم بالسور خلفه، قبل أن أهتف بغضب "اللعنة على هذا، هيا إذهب إذا، اقفز في المياه خلفك واغرق وسأتبعك"

ألم خافت عصف بخلفية عيوني وعقدة صغيرة وجدت في حلقي في حين اضطرب صدري أهبّ ناحيته وأمسك به من أطراف قميصه بقوة وأجذبه ناحيتي "من قال أنها النهاية هانتر؟ تحدث واللعنة"

ظلّ صامتا وهززته بقوة أضغط على أسناني أمامه "أنت تريد سماع هذا وإلاّ فلماذا أردتَ قدومي إليك؟ تريد أن أخبرك أنها ليست النهاية، تريد شخصا ينقذك من هذا وتعلم أن سيتشو سيفعل ها؟ دارك نايت هي ظلّ مونلايت صحيح؟"

لم أحصل على أي إجابة منه وكانت كلماتي صحيحة، كلها صحيحة.

هانتر بحاجة إليّ.

"هانتر!" أفلتّه بخفّة وصوتي أصبح أكثر هدوءا قليلا، أتابع بينما أطلق زفرة خافتة "لا وجود للنهاية صحيح؟ هل تتذكر حين كنا نريد أن نقود على طريق لا نهاية له؟"

عيوني رمقته بها، وإبتسم هو بخفة تلمع عيناه، يومئ لي "لا شيء غير السرعة والسباق"

صحيح. لا شيء بعدها سوى نحن.

"هل تعتقد أن الحياة قادتنا لهذا كي تضع النهاية قبل أن نبدأ حتى؟ أخبرني"

"كلا"

"انه مجرّد درس آخر سندهسه تحت عجلاتنا ونمضي"

"درس لي"

"درس لنا" يدي وضعتها على كتفه أبتسم بخفة، وربتت عليه أتابع "لا ريدكاي دون تاكاهاشي"

"يا رجل كفى، لقد فهمت" ضحك بخفة يضرب كتفي وإبتسمتُ أنا على ذلك.

الشمس اختفت ولم يبقَ سوى شعاعها الخافت يوشك على الرحيل هو الآخر؛ الصمتُ حلّ علينا وإلتزمناه نناظر السماء.

كانت المهرب دائما، إن كنتُ على أقدامي، أسرع في السيارة أو حتى بين أغطية السرير.

السماء هي المهرب، هي الفسحة وهي الهدف.

"لقد إخترتُ أن أؤمن بكَ هان، تعلم؟" قطعتُ الصمت أراه ينظر إليّ من جانب عيني لكني فضلتُ إبقاء بصري على السماء، وتقدمت إلى السور أطالع السماء أشعر به يقف بجانبي، يردف بصوت هادئ "أنا مريض سيتش، هناك في صدري خلايا خبيثة تقطع تنفسي، وت–––"

توقف يسعل بقوة، يجعلني ألتفت له وأراه يغطي فمه بيده، بينما ذراعه الأخرى على السور مائل بجسده للأسفل، يسعل بقوة أكبر مع كل مرة حتى انقطع صوته وأصبح مثل القشة المهترئة.

اللعنة!

"أنتَ بخير هانتر؟" انحنيت إليه، وواصل السعال ينظر إليّ بعيون دامعة ويهزّ رأسه موافقا.

تبا! تبا! تبا!

جذبت منديلا ورقيا من جيبي أقدمه له وهو أبعد يده عن فمه على وشك أخذه مني حين خفق قلبي بقوة أرى اللون الأحمر في راحته، عيوني إتسعت وشعرتُ بكل ذرة في كياني تنهار.

بدى هو في نفس الحالة لأن يده ارتعشت على المنظر لكنه رغم ذلك جذب المنديل يغطي به فمه، يواصل السعال ويلتفت للجانب الآخر.

تقدمت أضع يدي على ظهره، أسمع همسه الخافت بين السعال، ينطقها كمن يختنق، وكان كذلك.

يده رمت المنديل بإنفعال تنزل ليضغط على صدره أسمع صوت أنفاسه المتسارعة.

هذا واللعنة أسوء من رؤية حساسية أبي للفراولة.

"هل أتصل بالإسعاف؟"

"كلا" همس بين أنفاسه وصوته كان متحشرجا أسوء من ذي قبل، أراه يلتفت وينزلق على السور للنزول قبل أن يجلس على الأرض بسيقان مثنية، يستقر مرفقيه على ركبيته ورأسه للأسفل منحط يرتكز على يديه.

منخفض، هابط، منكسر.

فعلتُ المثل أتخذ جلستي بجانبه وطالعتُ السماء أسمع صوت أنفاسه المتسارعة التي تهدأ تدريجيا، ومع كل نفس كان يخرج منه تمنيتُ لو أني أستطيع أن أحمل قليلا عنه.

لو أن بإمكاني تقاسم هذا المرض اللعين معه.

"سيأتي ذلك اليوم سيتشو" همس بخفوت، يجعلني أضغط على أسناني بينما ما تزال عيوني للأمام، لكن هذه المرة لم تكن في السماء انما انخفضت للأرض، منكسرة أيضا.

"وعليّ تقبّل هذا" قال ذلك وإنضغط فكّي، يتابع "مجرد التفكير يجعلني أشعر بالبرد والوحدة حقا، لكني مريض، لا أحد يستطيع تغيير الواقع"

اللعنة هانتر! اخرس.

فجأة بدأ يصبح الإيمان أصعب من مجرد قوله، خاصة حينما أفكر بأن المضمار سيخلو من وجوده وهو الذي أثبت حضوره منذ سن متقدمة.

"حالتي تتطلب الكثير، الخلايا ما تزال في بدايتها لكنها تكاثفت، قد تكون هذه أيامي الأخيرة"

"ستخضع للعلاج" أجبتُ بغضب ألتف ناحيته، أرى تلك النظرات الصادرة عنه.

هو يريد هذا.

"ستخضع للعلاج وستُشفى ودعنا نتراهن على هذا، ما رأيكَ بسيارتي؟"

إبتسامة صغيرة صدرت عنه، لكنه لم يتحدث، بينما إحتلنا جوّ صمت آخر.

أخذتُ نفسا خافتا ورفعتُ رأسي للأعلى حيث بدأ الظلام يهبط على مهل.

تحدثتُ أغني "إنها الثالثة صباحا أمتد بجانبها، أفكر بكِ

إنها الثالثة صباحا قلقة بشأني

هي فقط تتصل بي لأني لست هنا

فقط تأتي للجوار حين أكون متعلقا بواحدة

هي فقط تتصل بي عندما لا أكون صاحي

لا تجعلني أقع في حب الشخص الخطأ"

"لماذا هذه الأغنية؟" هانتر سألني بنبرة ساخرة، وضحكتُ أنا بخفة ألكزه بكتفي "تتذكر هذا؟"

كنا نقطع وعودا لأنفسنا ألا نرتبط حتى ننتهي من الجامعة ونمتلك مرآبنا الخاص.

لذلك كنا نستمع للأغاني المسمومة كي نبقى بعيدا عن النساء. وهذا مضحك في الواقع.

لأنه حسنا، هانتر إلتزم بالإتفاق وأنا كنتُ أعتبر الأمر لعبة وسمحتُ لنفسي أن أقع لأجل أوديت بيرد.

"أتذكر هذه" قال ثم نظف حلقه يضحك بخفة "لا أعلم إن كنتُ سأغنيها بشكل جيد"

إبتسم وبدأ الغناء

"أعرف مكانا يمكننا الذهاب إليه

هي تعيش للمطاردة، دعنا نأخذ هذا

حبيبتي انكسر قلبها

وهي في مكاني–––"

توقف يضحك ويتابع "نسيتُ المقطع الآخر"

وقفتُ من مكاني أمامه أتابع الأغنية

"مثل المخدر في الملهى

من الواضح أنها تنتظرني

هل هذه نزوة؟

لديّ جمهور لكنها كل ما أرى"

" هذا صحيح فتى الأنمي، إنها باربي" تكّ لسانه بسخرية، وتحركتُ للسور أقف هناك وأراقب الأفق الذي خبا النور به.

أضواء المدينة بدأت تلمع من بعيد، بينما هبّ الرياح أكثر برودة وهانتر وقف هو الآخر يقف بجانبي، ينظر حيث عيوني كانت مثبتة ويتحدث "الأمر غريب حين لا نكون دون سياراتنا"

"قلتَ أنك تريد أن تجرّب أشياء أخرى" هززتُ كتفاي بلا مبالاة وفي اللحظة التالية إرتفع جسده أراه يصعد ليقف على السور، يقف بمواجهتي ويفرد ذراعيه في الهواء يهتف بصوت مرتفع "أخبر العالم أن يخلّد إسمي سيتشو، أخبرهم أن هانتر ريدكاي س–––"

توقف وعيوني اتسعت حين رأيته يعود للوراء يغمض عينيه ويرمي بجسده يصرخ بصوت مملوء بالحماس "سريع جدا ووه!"

الصرخة إرتفعت عاليا وجسده ارتطم بالمياه بصوت حاد صاخب، يجعلني أنظر إليه أبحث عنه بعيناي حين رأيته يخرج فجأة ويهتف بصوت مبحوح يديه على جانبي فمه "ماذا فتى الأنمي؟ ألن تنضم إليّ؟"

ساقط!

إبتسمتُ أهتف بالمقابل "لا تصرخ ستؤذي حلقك يا رجل!"

"تعال وإقفز معي دارك نايت"

ضحكة هربت مني أدفع بجسدي للأعلى وأقف على حافة السور أتأكد من وجود هاتفي في جيبي، وفتحت سترتي أردّ "أنا قادم"

في اللحظة التالية قفزت عاليا أشعر بالهواء يُسحَب مني لوهلة قبل أن تسحبني الجاذبية للأسفل، ضرباتي تسارعت وكأن روحي انفصلت عن جسدي أنا شعرتُ عند الهبوط السريع.

كل شيء سريع جدا، سريع كما يجب أن يكون وها هو الماء يقترب مني، ثم عندها بوم!

جسدي غرق في الداخل وأغلقتُ عيناي أشعر بالمياه تغمرني من كل جانب وتلفّ جسدي مثل غطاء دافئ وبارد.

مخادع.

فقاعات خرجت من أنفي وحين وصولي لأقصى نقطة لي في العمق، دفعتُ بجسدي للأعلى أسبح للسطح وأخرج جزئي العلوي.

أطلقت زفرة قوية ومسحتُ وجهي أعيد خصلاتي للخلف أرى هانتر ينظر إليّ ويبتسم "لقد فعلتها"

"الفرد للجماعة والجماعة للفرد" علّقت بسخرية أرى إيماءته الصغيرة، يتحدث "القفز إذا، صحيح؟"

"وسيكون هناك دائما شخص ما ليجذبك للسطح" هززتُ رأسي موافقا إياه، حينما رأيته يعود للوراء ويستلقي على المياه يطفو جسده بهدوء "سأقفز إذا"

حمدا للرب على هذا!

تابع "رغم أني تمنيتُ أن تكون نهايتي مع سيارتي"

"لا تقلق، ستنتهي حياتك مع مونلايت وماذا تسمي تلك الأخرى؟"

عيونه انتقلت إليّ وإبتسمت أغمزه "صحيح، فراشتك"

"اخرس أيها الياباني"

"نصف ياباني" قلبتُ عيناي، أضيف "لكنها الحقيقة، أنت وفراشتك ستكون نهايتكما معا تحت حطام مونلايت"

إبتسامة صغيرة صدرت عنه وردّ بهدوء "أتمنى أن أفتح عيناي وأجد نفسي نظيفا مجددا، حينها سأفكر بشأن موتي الحقيقي"

موتي الحقيقية. هذا ما نحيا لأجله نحن المتسابقين.

أن نحيا ونموت على الطريق وداخل السيارة.

لا يهم إن سقطت من منحدر أو انقلبت على حافة الطريق أو غرقت أو حتى انفجرت.

نحن نعيش مع السيارات ومن المستحسن أن نموت مع السيارات.

"سننال النهاية التي نستحقها، لا تقلق صديقي"

ستتوقف أنفاسنا في اللحظة المناسبة وسنرحل حينها دون عودة.

_

يتبع....

رايكم؟

أفضل مشهد؟

جملة أعجبتكم؟

توقعاتكم؟

نقد أو ملاحظات؟

_

See you :))

Continue Reading

You'll Also Like

11.3K 591 4
في تلك اللحظة أمسك شئ برقبتي و إعتصرها كبرتقالة قديمة عند أم مصرية، إنه يحملني، إن كنت ستلقيني أسرع رقبتي ليست رقبة فيل، لم لا يرفعني من قدمي من يدي،...
410K 24.3K 51
قصه من أرض الواقع.. بقلمي أنا آيات علي ها أنا قد خلقتُ من الظُلم و العذاب الذي جار علي من وحش جبار فہ لقد وقعت بيد من لا يعرف معنى الرحمه و انهُ ذو...
3.8K 129 1
سيولٌ مِـنَ الألَـمِ جرَفت هدوءُ أيامَها وَلـطَخت مَعها رُونقُ ألجمالِ في عَيـنيـها ، حين إختَـطَـف ذَلِكَ ألحادِثُ الأليمِ عائِلـتَها العزيزة ، لشهو...
34.1K 1.4K 18
ارتشف دمائي ،روحي ...خُذ كل شيء ودعني العب بك كالدميه في النهايه فأنا الملكه هنا والجميع خاضع لي "عَنِدما يجوب الليلُ مُحتلاً سمائنا ستستمتع بصوت ع...