سريع

By itsmaribanks

874K 73.6K 73.9K

"سريع عزيزتي، أنا سريع جدا" الرواية هي الثانية من سلسلة Rage & Wheels الجزء الأول: آدم. لكن يمكن قراءة كل... More

بداية
1- إختطاف
2- احفظي سري وسأحفظ خاصتك
3- ماكر
4- متعجرف
5- بعض الفوضى
6- بوتو والفراشة
7- رِهان
8- عيد الميلاد
9- رعب وتحدّي
10- حفلة مبيت
11- الفوز والخسارة
12- لكنه لم يفقدني
13- المأوى
14- مضمار ريدكاي
15- التسلل للخارج
16- السارقة أم المتسابقة؟
17- ضخات الأدرينالين
18- تائهين
19- ليلة بوتو والفراشة
20- لحظة التوهان
21- حصان بري
22- مرايا مكسورة
23- أفكار، مشاعر وحقيقة
فصل خاص | ستنقذني دائما
فصل خاص | ما نريد، ما نستحق
24- إقتناص الفرص والنهوض
25- نعود لنتوه
26- وهِن لكن سريع
فصل خاص | الإنخفاض والإرتفاع
26- نجوم تعرف ولا تعرف طريقها
28- الحكمة من الشيء
29- شكرا
30- رابط يجمعنا
31- ركُب الحياة
32- سافلة
33- سباق المدينة
34- المضمار الشبح
35- إنسجام
36- زهرة الياسمين
37- تحت السطح
38- هانتر ريدكاي وكلوفر سكوت
النهاية | هذه المرة لأجل نفسك.

فصل خاص | اللحظة الإستثنائية

16.3K 1.3K 747
By itsmaribanks

جوني

"غادر"

صراخ أبي تردد بنبرة مهددة ينظر إليّ بعيون محمرّة من شدة الغضب، تعابيره منقبضة تدلّ على شدة سخطه في اللحظة الحالية، ووقفتُ أنا هناك أمامه في ردهة المنزل أزمّ شفاهي أحاول ألا أردّ عليه بالمقابل، أحاول السيطرة على غضبي.

أعتصر قبضتاي وأشعرُ بقلبي ينقبض، زوبعة إعصارية في معدتي، وحرارتي مرتفعة.

"ألا تفهم؟ قلتُ غادر!" هتف مرة أخرى، واندفع ناحيتي يدفع صدري يجعلني أعود خطوات للخلف، يتابع "لا تعُد مطلقا"

"لقد فعلتُ ذلك لأجلك واللعنة! لقد أهانك أمام الجميع" انفجرتُ أخيرا أرفع ذراعي في الهواء وألوّح بها بغضب، أرى عيونه تتسع للحظات فحسب، قبل أن تستعر النيران في نظراته، ينطلق ناحيتي وذراعه ارتفعت على وشك توجيه صفعة إلى وجهي، لكن هذه المرة أمي تدخلت تقف حائلا بيني وبينه.

"هذا يكفي مارتن!" هي هتفت بحدة تزم شفاهها، وعيونها وجهت نظرات حادة إليه، تتابع "هو لم يقصد، لقد أراد أن يردّ إهانتهم لكَ، جون لم يفعل أي شيء خاطئ"

"لا دخل له، كان عليه إستشارتي" أبي أصرّ بحدة، ولم أكن قادرا على السكوت في تلك اللحظة، ووجدتُ نفسب أهتف بصوت أكثر إرتفاعا من خاصته "لستُ طفلا لأستشيرك، قلتُ أني فعلتُ ذلك لأجلك أيها الوغد العنيد! أنتَ السبب فيما وصلنا إليه، لولا ألعاب القمار خاصتك لما كنا نخوض هذا النقاش"

"جوني هذا يكفي" أمي إلتفتت تضع يديها على صدري وتدفعني للوراء، فيما عيوني كانت مثبتة على والدي، أرى نظراته المليئة بالخيبة، الغضب والعار.

شعرتُ بقلبي ينقبض وصدري يضيق. ليس أبي، لم أكن أرغب بالتفوه بتلك الكلمات مطلقا، لكنها كانت الحقيقة التي تؤلمني أنا ووالداي.

حقيقة أن أبي مقامر أضاع كل أموال العائلة في اللاشيء.

والآن بعدما غرقنا في الديون أصبح أصحاب تلك الأموال يقومون بإهانته أمام أصحاب البذلات الذين كان منهم يوما ما ولم يعد.

لم أكن لأستطيع إلتزام حين تعلق الأمر به، هو الشخص الذي أكنّ له كل الإحترام وصاحب الفضل فيما أنا عليه الآن. لم أكن لأستطيع منع نفسي من الإستعانة برفاق الشوارع خاصتي والتعدي على أحدهم.

كلا، لم أستطع أبدا.

"غادر" هسهس الكلمات بهمس حاد، يتابع ويضغط على كل حرف ببطئ شديد "الآن!"

إبتلعتُ أرى النظرة في عينيه، كانت قاطعة لا جِدال فيها، وزممتُ شفاهي أبادله بنظرة تحدّي.

"إهدئا ودعونا نحلّ الأمور مثل البالغين يا رفاق" أمي تحدثت في محاولة لتطليف الجوّ، وكنتُ على وشك الخضوع لها لولا هتاف أبي "ألا تفهم؟ قلتُ غادر، لم يعد مرحبا بكَ هنا مجددا"

قلبي ضرب بقوة في جوانب صدري، عيوني اتسعت وافترقت شفاهي بصدمة لم تدُم سوى للحظات قبل أن تعود تعابيري للإشتداد، أقبض على أصابعي، وزممت شفاهي أهزّ رأسي "ليكن"

قذفتُ حروفي بوجهه، ودون تضييع أي ثانية أخرى أن قدتُ خطواتي أزرع الأرض بقوة، أهزها مثل وحش غاضب، آخذ اليسار ناحية غرفتي، فتحت الباب لا أكلف نفسي عناء إغلاقه أو صفعه حتى، وجذبتُ حقيبة رياضية سوداء أرمي فيها كل مستلزماتي، بعض من ملابسي، أدوات الحلاقة والتنظيف، وأجهزتي.

"هو لا يقصد ما قاله جون! إهدأ، أنتما غاضبان فحسب" صوت أمي جاءني من الخلف أسمع خطواتها حين دلفت للداخل، ورغم ذلك أنا تخطيتها أسير للخارج، فيما تتبعني، تنادي بإسمي عدة مرات.

كان هو يقف أمامي بجمود، يقف كأنه لم يسقط من قبل، وأعطيته نظرة حادة أرمي حقيبتي على كتفي وأبصق كلماتي عليه "أنا مغادر، تماما كما طلبت"

ضيقتُ عيناي أعقد بصري به بتحدي أكبر وتابعت "أبي"

"جيد" هو قال ببرود يعقد ذراعيه على صدره، يرفع ذقنه بشموخ ويضيف "ولا تعد مطلقا"

لا أعلم لماذا شعرتُ بالخيبة حينها، وآخر ذرة أمل بداخلي كنتُ أحملها انكسرت للتو.

لم يكن لدي أي كلام لأقوله أكثر، لذا دون تردد أنا إلتفتت أقصد الباب، أسمع نداء أمي ومحاولة لحاقها بي حين أوقفها أبي ينطق بهدوء "دعيه يذهب، هو ليس طفلا"

مع كل خطوة كنتُ آخذها للباب كان داخلي يرغب بأن أسمعه يتحدث عن تراجعه، أن يطلب مني التوقف والعودة.

لكنه لم يفعل.

أبي طردني للتو لأني دافعتُ عنه.

إنقبض فكي وبسرعة صفعت الباب خلفي بقوة أسمع صوته الحاد، أخرج مفاتيحي وعيوني مركزة على الكامارو المركونة في الشارع.

فكرة واحدة دارت في ذهني حينها، فكرة واحدة وقررت أني لن أتراجع عنها أبدا.

لن أعود.

"أنتَ بخير؟" صوت نايومي جاءني يداعب مسامعي وشعرتُ بلمسات أصابعها على يدي، تجعل كل المشاعر بداخلي تفيض، ترتفع إلى أقصى درجة لها، وإبتلعتُ أحرص على الحفاظ على ملامحي.

أستطيع الشعور بنظراتها عليّ، رغم أني لا أراها، ورغم الألم الملمّ بقلبي في الوقت الحالي، إلاّ أني ممتن أن تلك العيون العسلية تنظر إليّ انا من بين الجميع.

أن أخت آدم ريدكاي، الرجل الذي أعتبره قدوة لي في حياتي تجلس الآن بجانبي في سيارتي وتتولى قيادتها بمهارة، تلمسني وتتمتم بكلمات ليّنة لأجلي.

أنا فقط.

جوني ديب الشاب العادي.

"أجل" خرجت الإجابة من بين شفاهي بهدوء، وفي الثانية التالية ضرب قلبي حين شعرتُ بأصابعها تضغط على يدي الموضوعة فوق فخذي، ترسل لي كل الدعم الذي كنتُ بحاجة إليه في تلك اللحظة.

الهواء البارد الذي يدخل من النافذة لم يكن بمقدوره إطفاء الحريق المتقد داخل صدري، رغبتي الكبيرة في رؤيتها في هذه اللحظة، عيونها، إبتسامتها وشعرها القصير.

كل تفصيلة بها كانت ترفعني للأعلى وترميني من أقصى نقطة في سمائي الخاصة، تتركني لأصطدم بأرض الواقع.

واقع أني لن أكون كل شيء لها، لن أقدم ما هي بحاجة له.

مالذي سيقدمه شخص أعمى؟

لا شيء.

"سيكون كل شيء على ما يرام جون، أنا معك" نبرتها كانت ناعمة، قيادتها هادئة، لمستها رقيقة وكل شيء بها جميل كالشمس والنجوم، هادئ ومشع، لكنه حارق.

أريد هذه الفتاة واللعنة!

وفي تلك اللحظة أردت أن أصرخ بأقصى صوتي، أطلب منها ألا تفعل هذا معي، ألا تلمسني ولا تبتسم حين تنظر إليّ لأني أشعر بالألم، لأني أتوه عن الطريق الصحيح في كل مرة تكون هي قريبة مني.

نايومي ريدكاي.

"شكرا يومي" قلتُ كلماتي بهدوء، أحافظ على الجدية، لا أظهر أبدا مقدار الضياع الذي أنا به حاليا.

أعود للوراء إلى ظهر الكرسي وهي لم تفلت يدي أبدا، ولم أكن لأرغب في أن تفلتني.

لكني لا أريد ذلك في الوقت نفسه، أشعر أني لا أعلم أين الوجهة التالية، وما هي الخطوة القادمة.

إلهي!

"هل هي أول مرة تلتقي فيها به بعد الخلاف؟" رمت سؤالها لي، وإبتلعت آخذ وقتا للإجابة، أغوص داخل أفكاري وأتذكر آخر نظرة وجهها لي.

مليئة بالغضب والخيبة.

خاب أمله في إبنه الذي تحول لفتى شوارع.

والآن بعد أن علم بالحادث، هو طلب مني أن آتي لزيارته.

بعد أن أصبح مقعدا، وبعد أن أصبحتُ أعمى.

كِلانا خسِر في النهاية، رغم أني سددتُ الأموال كلها ما عدا آخر دفعة بسبب ما حصل.

حلقي، صدري وروحي، يؤلمونني على فكرة أننا خسرنا بعضنا، وخسرنا أنفسنا.

خليط من الغضب والسخط يتشكل لديّ، يشعلني ويلهبني، وأرغب في تحدي الحياة والقوانين، أرغب بأن أرى مرة أخرى، أن أثبت نفسي وأمرر كل ما لديّ من خلال نظراتي.

لكن ما لديّ الآن هو عيون فارغة فحسب.

اضطرب جسدي واهتز، وبسرعة شعرتُ بنايومي تقبض عليّ مرة أخرى، لكن حينها أنا تحدثت أمنع عنها أيا ما كانت على وشك التفوه به "أجل، أول مرة"

لم ترد مباشرة، أعلم أنها مترددة وخائفة من قول شيء خاطئ، لا تعلم أني الوحيد الذي يمكنها قول كل ما لديها أمامه دون أن يتعب أو يشعر بالملل.

ليس على يومي، فتاة الشيفروليه خاصتي أن تشعر بالتردد والخوف معي.

لستُ الوحش، إنما أنا----

أنا من سيمنحها الكتف الذي تحتاجه عندما تنزل دموعها.

أعلم في داخلي أنها لن تبكي عندي، ولن تبحث عن المأوى في صدري أنا. هناك أخوها، وإبن أخيها، أصدقاءها والكثير من متسابقي المضمار ممن يحلمون بها.

اللعنة!

قولي شيئا ما واللعنة! لا تتركيني هكذا أغرق وسط الصمت.

"ما رأيكَ بأن نأخذ جولة في حديقة الملاهي غدا؟" نبرة سؤالها اللينة المليئة بالود فاجأتني للمرة التي لا أعلم عددها اليوم، أسمع ضحكتها فيما تتابع كلماتها "لقد تدربنا كثيرا الأيام الماضية وأعتقد أن المتسابق معصوب العينين بحاجة لعطلة، لذا ما رأيك جون؟"

"موافق" رميتُ الكلمة دون تفكير أبدا.

أعلم أنه يجب عليّ وضع حدود لنفسي منذ الآن، لكني فقط لا أستطيع.

أنا لا أستطيع البقاء بعيدا عنها.

"هذا جيد إذا" تحدثت بنفس النبرة، ولم يكن لديّ شيء لأقوله إنما إكتفيتُ بإيماءة صغيرة مني.

"وصلنا" أضافت بعد برهة صمت وشعرتُ بها تركن السيارة.

سمعتُ الباب يفتح من جهتها ويُعاد إغلاقه، ولم تمرّ سوى لحظات عندما فتحت هي الباب من جهتي، وامتدت يدي أفتح حزام الأمان قبل أن أشعر بيدها الممسكة بخاصتي، تتمتم بصوت هادئ منخفض "من هنا"

اللعنة!

ما هذا الذي أنا فيه الآن؟

زممتُ شفاهي، أجيج الغضب في داخلي يرغب في الإنفجار لكني لأجلها أرخيتُ نفسي وقررتُ إغلاق فمي، أشعر بلمستها وأنزل من السيارة رفقتها.

كانت تقودني لباب المنزل الذي كنت أعيش فيه مع والداي قبل مدة، ومجرد التواجد في المكان مع رائحة أزهار الياسمين التي إعتادت أمي زراعتها في الحديقة الصغيرة وتحت نافذة المطبخ المطلة على الخارج، أعاد لي ذكريات الطفولة والحنين لأيام مضت.

"سأطرق" نايومي تحدثت بهدوء تجعلني أومئ لها برفق، أسمع بعدها صوت طرقاتها الهادئة والخفيفة، يليها صوت الجرس الذي يرنّ في الداخل بسبب ضغطها عليه.

التوتر بدأ يملؤني منذ الآن بالفعل ولا أتخيل أبدا كيف سيكون ردّ كل منا.

الخامسة مساءا، أستطيع تخيل أمي تشرب من شاي البابونج خاصتها تجلس على طاولة الطعام في المطبخ أمام حاسوبها وتتابع مخططات الديكور خاصتها.

في حين هو...أبي، كعادته يجلس في كهفه كما إعتدت تسميته في صغري، خلف حواسيبه، يقوم ببرمجة تطبيق جديد ويدرس الأداء من مختلف الجوانب الفنية والتقنية.

مارتن ديب والبرمجة كانا مثل النهار والشمس، لا يمكن ان يحلّ النهار دون سطوع الشمس، وهكذا كان ابي مع البرمجة وحواسيبه؛ رغم أنها كانت مجرد هواية يعشق القيام بها، إلا أني دائما ما فكرتُ أنه لو تبناها كمهنة رسمية، كان لينجح حقا، وكانت تلك التطبيقات لتحقق مبيعات عالية جدا.

لكنه عنيد. كما دأبه دائما.

"قادمة" صوت والدتي جاء من الداخل وانقبض قلبي، دفئ إحتلّني فجأة ورغم أني رفضتُ رؤيتها قبل مدة قصيرة بسبب حالتي بعد الحادث -التي لم أتخطاها على أية حال- إلا أنني في الحقيقة أموت لرؤيتها والجلوس بجانبها.

صوت الباب وهو يُفتح جعل قلبي يقع ويهوي في قاع سحيق، ومباشرة إحتلّ المكان جوّ عميق من الصمت دام لعدة لحظات مرّت كأنها الدهر بطوله، وفي اللحظة التالية وجدتُ جسدي يُسحب للأمام، ذراعان نحيفتان تحيطان بي، خدها لامس خاصتي وهمست بصوت يائس بقرب أذني بينما تشدني إليها "إشتقتُ إليكَ عزيزي"

رائحة عطر الياسمين خاصتها هاجمت أنفي تلفّني وتبتلعني داخل دفئها الخاص والذكريات من الماضي.

لم يكن وقتا طويلا جدا منذ غادرتُ، إلاّ أنه مضى مثل سنين طويلة.

ذراعاي إرتفعتا وشعرتُ بنايومي تفلت يدها عني، أحيط أمي وأجذبها قليلا ناحيتي، لا أقوى على فعل ذلك ولا أريد بالأصل أن أفعله، إلاّ أني رغم ذلك وجدت نفسي أحتضنها، أفعلها رغما عن أنفي.

"آسفة" همست بصوت إنكسر، وبقوة أكبر جذبتني، أسمع شهقة خافتة تخرج منها، تتابع "لأني لم أبذل كل جهدي لأجلكَ"

شعرتُ كم أن تلك الكلمات كانت تذبحها، ولم أرغب في أن تشعر والدتي بذلك، ذلك لم يكن ذنبها، ولم يتوقع أي أحد ما سيحصل عندها.

كان سباقا عاديا وكنتُ على وشك الفوز.

أسفي أن ذلك المشهد هو آخر ما رأيته قبل أن أفقد بصري.

أجل، ذلك هو أسفي الوحيد.

"لا بأس" قلتها بصوت منخفض أصنع إبتسامة لأجلها، لا أراها لكني آمل أن تجعلها تشعر بالإرتياح وتتخلص من شعور الذنب.

ببطئ هي إبتعدت تضع كلتا يديها على ذراعاي تمررها صعودا وهبوطا، تجعل قشعريرة تسري في جسدي، لا أستطيع مقاومة كل هذا الحنان.

يدي إمتدت إلى نايومي، وأمي مباشرة شعرت بها تبعد يديها عني، تفهم أني أعني بذلك وجود شخص معنا، وفي اللحظة التالية سمعتها تنظف حلقها، تنطق برفق "أوه! معذرة، أهلا بكِ عزيزتي"

"لا بأس، أهلا سيدة ديب، أنا نايومي، صديقة جوني المقربة بعد كلوفر" أنهت كلماتها بضحكة صغيرة ومدت يدها تمسك بمعصمي، تجعل كل شيء في داخلي يتبعثر.

الصديقة المقربة بعد كلوفر؟

تبا!

"سرّني التعرف عليكِ نايومي، أنا زيلدا ديب" أمي نطقت ولا أعلم لما إبتسمت حينها، ربما لأني تذكرت الطريقة التي كنت أناديها بها مع أبي في صغري عندما نقول 'زيل'

"أبي هنا؟" قاطعتُ جوّ التعارف بسؤالي وسمعتُ الصمت الذي احتلّ ذلك الحديث، أشعر بنظرات الجميع عليّ، وفي اللحظة التالية جاءني الصوت من مكان قريب يجعل قلبي يضرب بقوة.

"أنا هنا جوني" الصوت الأجش لم يتغير، النبرة المبحوحة الصارمة، لكن هذه المرة كان بها نوع من العاطفة، اضطرب داخلي وتقلصت معدتي على الفكرة هنا،....فكرة أنه يتصرف بعاطفية، أنه أخيرا أصبح لما أردته أن يكون عليه في يوم ما.

إبتلعت وإستقام ظهري أجتذب ملامحه إلى ذهني، أشعر بالنظرات كلها عليّ، وأردتُ أن أبتعد في ذلك الوقت.

أين هي صغيرتي كلوفر لتسحبني معها حيث تنسيني أصوات المحركات كل شيء وتفصلني عن العالم؟

"تفضل بالدخول عزيزي" أمي نطقت بنبرة منكسرة، تحمل الشفقة والعطف في طياتها، وتجعلني بذلك أشتعل أكثر.

أردتُ أن أصرخ بأني لستُ مثيرا للشفقة، وبأني ما أزال هنا كما كنتُ دوما.

اعتصرتُ أصابعي بقوة أشكل قبضتاي في اللحظة التي إلتفت فيها اليد الدافئة حول خاصتي، ولم يكن بمقدور أي أحد أن يوقف ما يحصل في داخلي بسببها.

من المستحيل أن يستطيع أي مرء أن يلغي سيطرتها عليّ وتأثيرها.

"جوني؟" أمي أضافت ونايومي ضغطت على يدي لكنها لم تقل أي شيء.

لا أعلم لماذا لا أستطيع قول أية كلمة الآن.

"لنتحدث قليلا جوني، أعتقد أن كلانا بحاجة لذلك" أبي نطق بصوت جاد، ومجددا إلتقطت تلك النبرة به.

التعاطف، الشفقة.

'غادر ولا تعد مطلقا'

الجملة عادت لترنّ في ذهني.

'آسف لقول هذا، لكن الحادث أدى لخسارة بصرك'

كلمات الطبيب أمامي فيما كنتُ أطالع الفراغ والظلام في السرير.

'جوني أنا آسفة'

بكاء كلوفر وإنهيارها في صدري، وهي التي لا تنهار أبدا.

كلها لم تدل سوى على شيء واحد....أني لم أعد أنا.

هززت رأسي نافيا، يتفجر كل شيء بداخلي، رغباتي مع مخاوفي تختلط وتنتج صراعا قويا لا يمكنني مجابهتها وحدي.

أنا أتقبل الواقع.

اخرس أيها اللعين، قل أنك تتقبل الواقع، صدّق ما تفكر به!

وجدت نفسي بشكل لا إرادي أنسحب، أعود للوراء وأهزّ رأسي نافيا، الطرق مغلقة أمامي، حريق يلهب صدري ولا يمكنني أبدا تقبل هذه الحقيقة.

لأني أردتُ الحياة، ولأني أردتُ أن أشاهد إنجازاتي بها.

من المستحيل أن يروني بهذا الشكل، هم لا يعلمون أني لستُ بحاجة لهذا النوع من الدعم، لستُ بحاجة للعناق حين يكون البرد داخلي وليس في الخارج.

إلتفتت أعطيهم ظهري، أتقدم للأمام، الهواء يصفع وجنتاي وأبتعد عن المكان، يداي للأمام أحاول ألا أصطدم بأي شيء، لكني فشلت حين انزلقت قدمي وجثوت على ركبتاي فجأة.

أردتُ أن أبكي على الإهانة والقهر.

لكن الرجال لا يبكون، والدموع تأبى الخروج.

"جوني!" نايومي نادت إسمي وكل شيء بداخلي انهار على حقيقة أني ضعيف أمامها بهذا الشكل.

ضغطت على شفاهي ودفعتُ نفسي لأقف، واصلتُ طريقي اسمع صوت خطواتها خلفي تلحق بي.

أجل، نايومي خلفي.

كانت الشخص الصحيح في الوقت الخاطئ.

_

الهدوء كان مخيما على المكان فيما تتولى هي القيادة، الهواء الليلي يصفع وجهي، أعيد رأسي للخلف وأحاول أن أهدئ الإعصار بداخلي.

نايومي كانت تتولى القيادة في حين كنتُ اجلس بجانبها بهدوء.

شعور قاتم كان يحتلّ داخلي ولا أعلم صِدقا مالخطوة التالية، أو إلى أين ستأخذني الأيام بعدها في هذه الحياة.

يصعب على المرء الشرح حين يتعلق الأمر بالألم الداخلي، حين لا يستطيع أي أحد مساعدته وحين تنظر إليه العيون بشفقة، ينكسر ويزول غطاءه فينكشف ضعفه أمام الآخرين.

أجل، من الصعب جدا أن أشرح ما في داخلي، وحتى ذلك العناق لم يكن ليفيدني على أية حال.

أشعر كأن يدا شائكة تقبض على قلبي وتعتصره حتى تدميه وتوقفه.

أطلقتُ تنهيدة قوية أخرج معها هذا الكمّ من الأفكار القاتمة، وشعرتُ فجأة بالسيارة تتوقف، تجعل بذلك حواسي تتيقظ، واعتدلت في جلستي أوجه كلماتي لنايومي "لماذا توقفتِ؟"

"لننزل" هي قالت بخفوت، تتابع "أرغب في أن أريكَ شيئا ما"

أريك؟

لكني لم أجادل، يكفي الثقل الجاثم فوق صدري، كوني لم أرِد لقاء والداي.

إبتلعتُ أومئ لها بهدوء، أسمعها تترجل من السيارة دون ان تغلق الباب، بنفس الهدوء أنا فتحت الباب من جهتي، أترجل منها، ووقفتُ أسير للأمام عندما صدمني جسدها الصغير، أسمع قهقهتها الصغيرة، تمسك بمعصمي وتردف "تعال"

الهواء المنعش النقي ضربني فيما تسحبني للأمام وإبتسمتُ أعلم أننا نقف على المرتفع أمام البحر، كان ذلك هواء البحر.

"هل تشعر بهذا؟" هي قالت ذلك تقوم بمد يدي مع خاصتها لتلامس السور الذي وقفنا أمامه، وإبتلعت أحاول ألا تظهر الحمرة على وجهي بسبب قربها مني، ورجائي ألا تسمع صوت ضرباتي المتسارعة.

"بماذا؟" طرحت سؤالي بهدوء، في داخلي غير مصدق على أني إستطعت التفوه به حتى.

اصابعي إلتفت حول السور وشعرت بيدها تلامس خاصتي في حين ذراعها تفعل المثل مع ذراعي، تميل رأسها وتهمس بصوت سعيد "الهدوء والصفاء"

شفاهي زُمّت، داخلي اضطرب وها هي للمرة المليون تعبث بي.

تابعت "كلما شعرتُ بالحزن آتي إلى هنا لأتأمل البحر في هذا الوقت من المساء، يعجبني"

صوتها كان يبدو أنه يسرح بعيدا في مشاعر كثيرة، طرف شفتي ارتفع حال سماعي لذلك، فيما أضافت هي "وفي كل مرة أدرك كم أن الحياة قصيرة ويحدث كل شيء فيها بسرعة كبيرة"

لفحة هواء خفيفة ضربتني، ومثل طفلة صغيرة هي تحدثت "ما رأيكَ أنت؟"

"أعتقد أن معكِ حق نايومي" قلتُ أرمي كلماتي بهدوء، ألم منعش ضربني.

كان منعشا، يؤلم جدا داخلي لكنه مريح عندما تكون هي قريبة مني.

وإبتسمت أتابع "أتمنى فقط أن أستطيع رؤية هذا المنظر أمامي"

حرقة آلمت حلقي، وتذكرتُ كيف كنت أقود على هذه الطريق دائما، لا آبه ولا أتوقف للحظة كي أتأمل هذا المنظر.

"هل هذا يؤلمك جون؟" هي اقتربت مني تهمس برقة لي، وإبتسمت أبتلع، رأسي للأمام، في حين أرد بهدوء "أكثر مما تتوقعين"

"ماذا لو قمنا بإستثناء هذه اللحظات من الحياة وأغلق عيناي معك لأشاركك الشعور؟" هي قالت بنفس النبرة، تقترب مني وفي اللحظة التالية دفعت ظهري للسور برفق، تضع يدها على صدري تهمس "لقد أغلقتُ عيناي أنا أيضا الآن"

"نايومي" هربت حروف إسمها من شفاهي المرتجفة، ولمستها على صدري فوق منطقة القلب أثارت الفوضى في كل ما تبقى لي.

"أنت متسابق رائع جوني، ونحن نستنثني اللحظات هنا"

لم يسعني إستيعاب كلماتها وفي اللحظة التالية انفجر كل شيء بي، كاد قلبي يقفز من مكانه عند شعوري بملمس شفاهها على خاصتي، تضعها هناك برفق دون الحركة، تبتسم ضدي وتجعلني أشعر بها.

"نحن أحياء لكننا لسنا كذلك، لأننا بشر في النهاية"

همسات كلماتها خدّرتني بالكامل وأخذت هي الحركة تلتقط شفتي السفلية، ببطئ وبهدوء دون التعمق كأنها تخبرني أنها هنا لكنها لن تكون بعد لحظات.

تذيقني العسل ومن ثم ترميه بعيدا.

وكنتُ مثل الراغب في المذاق، أكثر من اي شيء آخر في الحياة.

"وهل أنتِ حية؟" خرجت كلماتي بطيئة، هامسة ضد شفاهها، أشعر بأنفاسها عليّ، لطيفة ورقيقة.

اللعنة!

"فقط حين أشعر بالحياة" قالت ذلك والشيء التالي الذي شعرتُ به هو ارتفاع ذراعها الأخرى غير التي كانت على صدري، تصعد وتحيط بعنقي، وارتفع جسدها أعلم أنها تقف على أطراف أصابعها للوصول إليّ.

في تلك اللحظة أنا لم أضيع ثانية في لف ذراعي حول خصرها أقربها مني أكثر، وكل شيء تردد في ذهني يدعوني لأن آخذ خطوتي أنا أيضا.

لذا لم أتردد.

أملت رأسي للجانب، ورفعت ذراعي الأخرى أثبت أصابعي تحت ذقنها، لا أراها لكني أعرف طريقي جيدا إليها، شفاهي تحركت ضدّ خاصتها برفق، أكبح نفسي كي لا أؤذيها أو أندفع.

غير راغب مطلقا بأن تشعر بالإنزعاج مني.

أنفاسي على وشك الإنقطاع أولا من قربها مني وضرباتي، وثانيا لأني أحبها وآخذ هوائي منها.

أرغب بالبقاء على هذا الوضع للأبد، نغلق أعيننا، نقبل بعضنا ونهمس لبعضنا ببعض الأسرار بين فواصل القبلات.

"ماذا عنكَ؟ هل أنتَ حي؟" قالت تضحك بخفة، تنقر شفاهي، تتابع بهمس "أخبرني لأننا على وشك الإستيقاظ"

"الآن، أنا حي" قلتُ ذلك أبعد نفسي عن الواقع، أعلم أنها ستتذكر ذلك، لأننا لسنا ثملين ولا على وشك الموت.

مع حلول صباح اليوم التالي ستتذكر نايومي أني قلتُ ذلك، في حين كانت هي تفعل هذا معي لتساعدني.

ربما....

"من الجيد معرفة ذلك، جون جون" قالت تلك الكلمات وخفقة أخرى هزت صدري، تنقر شفاهها عليّ وتبتسم ضدي، تهمس لآخر مرة "ستبقى حيّ للأبد"

وبتلك الكلمات هي انخفضت، ابتعدت عني قليلا، أسمع خطواتها حولي، تسير لتقف بجانبي، وفعلت المثل أواجه البحر الذي لا أراه إلا أن الهواء مماثل البرودة للحرارة بداخلي كان كفيلا بتخفيف الألم.

كنتُ محرجا من قول أي شيء، لكني تجاسرتُ أرمي سؤالي بهدوء "لماذا؟"

"جميعنا يحتاج شيئا ما في الحياة، وربما تتوافق إحتياجاتنا"

صوتها كان قنوعا، مسالما ويحافظ دائما على هدوءه.

تتوافق إحتياجاتنا؟

مالذي تقصدينه نايومي ريدكاي؟ مالشيء التالي الذي سأدفع حياتي مقابلا كي أكتشفه؟

أريد إشارتك.

_

يتبع...

جوني؟ مفاجأة صح؟ 🙈

المهم، رايكم؟

أفضل مشهد؟

أفضل جملة؟

تعلمتَ شيئا ما؟ ✨

وأخيرا اذا عندكم ملاحظات أو نقد تفضلوا.

-

See you y'll ❤️

Continue Reading

You'll Also Like

5.5K 508 12
فتاة مهتمة بالفن والموسيقى بحياة هادئة مملة تتحول حياتها بعد ان وقعت في عالم لا تعلم عنه شيءا ...
1.5M 117K 52
قصة حقيقة بقلمي الكاتبة زهراء امجد _شال ايدة من حلگي بعد مصاح مروان رجعت كملت جملتي اكرهك انت اناني متحب بس نفسك كأنما معيشنا بسجن مو محاضرة !!! مروا...
ROBOT By Ü

Fanfiction

28.8K 2.6K 18
. لو أن الروبوتات نَطقتْ لصاحت -أطفِئوني- . ابتدت 10\3\2018 انتهت 21\8\2021 الساعة 10:10
140K 3.4K 21
كيف لتالا الخادمة البريئة أن تعي تلك التحولات التي عصفت في حياتها ..؟ تالا وجدت نفسها أصبحت فجأة زوجة لأمير ، أمير الثري الوسيم ذو الأخلاق العالية...