𝙑𝙖𝙣𝙩𝙖𝘽𝙡𝙖𝙘𝙠

By kostov_writer

14.5K 780 7.4K

-" welcome to VantaBlack" -" مرحبََا بكَ في ڤانتَا بلَاك " -" If you wanna live, you should die first " -" إ... More

intro
01
02
03
04
05
06
07
08
09
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
24
25
26
27
28
29

23

169 18 408
By kostov_writer


' The duo and the novel '


' الثنائي و الرّوايَة '

أغنية الفصل

Moraly grey , April Jai

- لو إلتقَينا تحتَ ظرفِِ آخر ، في مكانِِ آخر و حادثَتك ، ثمّ طلبتُ رقمَك و أردتُ إحتساءَ كوبَ قهوَة معك ، لربما أنتَ لستَ من محبّي القهوَة؟ كوبَ شايِِ إذا ! هل كنتَ ستُوافِق ؟ هل كنتَ ستتمسّكُ بِي هكذَا  ؟ -

قَالَ تلكَ الكلمَات بِبسَاطة لِيتابِع المَضيَ قدمًا ، لم يَكن منّ الصّعبِ علَيه التّعبيرُ عمّا بِداخله بل ذلكَ كان أسهلُ شيء قد يفعَله و لَكن المرأة كَانَت عكسَه، لم تَعش في بيئة ترَكتها تتحدّث بحرّية ، تعبّر بِكلّ ما تفكرُ به بِطلاقة ، بل كَانت إرادَتها محصُورَة فِي الأكلِ و الشّرب و تلكَ الأشياء البسيطَة و التِي ليست بتلكَ الأهميَة ، كالملابس ؟ فهِي منذُ زمَن ترتدِي ملابسًا تَعكسُ ذوقها ، إلى أن جاءَ ذلكَ اليوم الذِي قام فيه فِيلكس بإرسَال المدعُوة بِصديقتها معها و مع جايكوب من أجل إختيارِه للفُستان الذِي سترتدِيه في يومِ زفَافهَا.

تسَاءَلت دُوريس حولَ المُدّة التِي أرَادها فيها هذَا الرّجل ، منذُ متى و إلى متى ؟ لَم يستسلِم بشأنِها ، و حينمَا سمَحت له الفرص قبلا لم يَخطو خطوَة نحوَها إلى الأمام ، بالنّسبة لآخر مرّة قد إلتقَت به في تلكَ الحانَة، كان باستطَاعته خطفَها ، حبسها فِي قبوِِ أسفلَ الأرض و جعلها تقع بِحبّه.
نعم هي متأثرَة بروايَات الواتباد و لكنّها الحقيقَة ! كان بإمكانه فعلُ ذلك إلا أنه لم يَفعل !

تركَها ترحل لِينقذَها فِي الأيّام التّالية من أسوءِ رجلِِ قد عرفتهُ في حياتِها ، المُشكلَة لا تكمُن في ذلك فقط ، بل في هذه المدينَة أيضا ، كقَاتل كان بإمكانه إجبارُ نفسِه عليها ، تهدِيدها و فعلُ بها ما يريدُه، لكنّه مرّة أخرى لم يَفعل !

كَيفَ لرَجلِ مافيَا ، قاتل قد قتلَ المئات أن يكونَ بهذا الشّكل ؟ يبدُو رجُلاً حازمًا و في ذات الوقتِِ ناعمًا معها و حنُون، أوليسَ كلّ القتلَة مريضِين نفسِيين ؟ كيفَ لهذا الرّجل أن يكون سليمَ العقل ؟.

فكّرت بأنّه يقتُل ليسَ بسببِ مكبوتات يُخرجها من دوَاخله أو ليسَ بِسبب ماضِي عنيف قد تعرّض إليه و حتّى ليس بِسبب عائلة قَد أرهَقت عقلَه فجعلَته مريضًا نفسيا ، بل يقتُل لأنّ أجدَاده ، والده كانوا يفعلون ذلك ، يَقتل لأنّه يجدُ المتعَة في تحقِيق غايَة والده ، في إبقاء نِسل الدِيلارد إلى الأبد و نشرِه في الأفق.

تساءَلت كذلِك ، كيف للشرطَة ألّا تقبضَ عليه ؟ ثُم تذَكرت بأن المافيا من الأساسِ تتعاملُ مع الشّرطة أكثر من غيرها و أنّ ما بينهم من مصالح ، أعمال تحدّهم عن فعلِ أي شيء بها ، تحدّهم عن اللّجوء إلى العصابَة و كشفها ، إنّه كتبادلِ مصالح أكثر من تضاربها ، فمثَلاً إن أرادَت الشّرطة البحثَ عن مُروّج مخدّرات ، عن قاتلِِ أو هاربِِ من المدينة يَصعبُ الوصول إليهم، ستستعينُ بعائلة دِيلارد ، عصابَة الغرُاب الأسود بالضّبط و في المقابل ستدَعهم يقُومون بأعمالِهم، كإدخال المخدرات بطريقَة غير قانونيّة، أو التّسترِ عن جريمَة قتلِِ قد قامَ بها دَارك ؟ أو حتى هِرناند في السّابق.

لم تُعد أدرَاجها إلى الخلف بل عكسَ ذلك ، مكَثت تمْشي بالقُرب منه و لأنّها هي دوريس هيل ،ستجدُ ذلك الرّجل يتباطئ في خطوَاته ليمشِي على نفسِ وتيرَتها ، هي لم تَلحظ ذلك و لكِن ميّانو دُوليرس الذِي دائما ما كان في الخلف ، إستطاعَ ملاحظَة هذا و للحقيقَة أُعجِبَ بتصرّفات دِيلارد النّبيلة ، في كلّ مرّة يحاولُ إظهارَ جانبًا جَيّدا لتلكَ المرأة بالرّغم من جوانبِه السّيئة الكثيرَة .

-" هيّا يا أيّها الكسُول ، لتمْشي قَليلًا مع ماكس ، يبدُو بأنّه كئيبٌ من دونِك "

أردَف الرّجل بِكلّ هدوء بعدمَا وضعَ كاين أرضًا و الذِي فورمَا عبَس بملامِح وجهِه مُجيبًا بعدَم إعجاب ممّا قامَ بِه القائد -" أنتَ ضعيف و لستَ قوي ، كان بإمكانِكَ حملُ ماكس معي كذلك "
رفَعَ القاتلُ حاجبَه الأيسَر ثم أجابَه بِسخط -" يَا لكَ من وقح، أهذا جزائي بعدما حملتُك لأميَال ؟ و بالمُناسبَة لستُ حمّالا هنا لأحملَك أنتَ وجروُك ، صغير أبله "
قَهقَهت دُوريس لِتربّتَ على شعرِ الطّفل الحَريري ثم أمرَته بِلطف شَديد -" هيّا يا عزِيزي ، اذهَب و تمَشّى مع ذلكَ الجرو الصّغير ، فهو يُحبّك و بالتأكيد سيريدُك معه "

أومأ قَصيرُ القامَة برأسه ثم عادَ أدراجَه للخَلف ماشيًا مع ماكس و يُوريوس الذي فورما سألَه -" ما بكَ يا كاين ؟ اذْهب لميّانو فهو قوي ، سيحملُك أنتَ و كل الأمّة "
شخرَ ساخرًا لِيتحدّث ميّانو فور سمَاعه لما قالَه -" هل يمكنُك أن تضَع وَضعَ مغادرَة من حياتي ؟ يبدو بأنّك تعيشُ بها أكثرَ منّي ، هل أنتَ مهووس بي ؟ ويلاه عوضَ أن تكونَ إمرأة فاتنَة و حسنَة المظْهر، إنّه أنت ، حتى وجهًا مثلَ الخلق و لا تمْلك "
أشارَ يوريُو إلى قناعِه ثم أردَف بِبعض من الغضَب -" أيّها الوغد و هذا ماذا ؟ إنّه يعادلُ وجهِي مئة مرّة ، وَقح "

تأفّف المُقاتلُ ليتقدّم نحو يوريوس ثّم مرّ بجانبِه بعدما ارتطَم بكَتفه عن قصدِِ بالتأكيد ، يحاولُ إستفْزازَه بتصرّفاته هذه.

-" ها نحنُ ذَا و أخيرًا أمامها "

أخرَج القائدُ كلماته بتأنّي فورَ وقُوفه أمامَ ذلكَ المبنى الضّخم لِيردفَ مرّة أخرى -" يا ليَتنا نكتشفُ شيئا مفيدًا هنا "

هزّت دُوريس رأسها بإيماءة طفِيفة ثم قالَت بِتردّد كبير-" أممم ، دِيلارد ؟ "
بعدمَا حملَق بها ذلك الرّجل ، هي تابَعت مُتحدّثة -" ما رأيُكَ أن نبقَى في الباحَة لبعضِِ من الوقت ؟ أريدُ اكتشافَ لغزَ المفتاح الذِي في جعبتنا ، لهذا يجبُ علي قراءَة ذلك الكُتيّب بتأنّي ، لربما سنجدُ شيئا مهِما به "

فتحَ تلكَ الحبَال المثبّتة حول بوّابة المدرسَة الحدِيدية ليَدفعها ثم أجابَها يشيرُ لها بالدّخول أولا -" النساءُ أوّلا "
ضَحكَت تلك المرأة لتخطُو عتبَة الباب بينما ميّانو هرولَ ليمرّ و لكِن قام القاَئد بإيقافِه مردفًا بِسخط -" هل ٱنتَ أنثى ؟ عُد للورَاء يا غبي ، هيّا لانا تفضّلي بالدّخول "

رُسمَت البسمَة على ثغرِ ذات الشّعر الأحمَر الدّاكن لِتركضَ إلى الدّاخل ثم لحقَ بها كاين ليدخلَ القائد بعدها و خلفَه باقي أعضاء الفريق ، ميّانو كان آخرَ واحدًا من بينهم و ذلكَ ما جعله يغضب و ينزعج، حرفيا قَد فعل ! فها هوَ ذا يسحبُ أذنَ يوريوس من دون سَبب بينما الآخر يصرخ متوعدًا بأنّه سيقتلُه إن لم يُفلته و هذا كلّه حدث فقط لأنّه سبقَه بالدّخول.

خطَى دَارك دِيلارد إلى تلكَ الباحَة ثم أخذَ طاولَة من تلك الطّاولات المُثبتَة بكراسيها ليجلسَ عليها ، فأشارَ إلى دوريس و باقي الفريق بالقدُوم إليه .

بعدمَا جلسَ الجميع حولَ تلكَ الطّاولَة اللّوحيّة، تحدّث دِيلارد بِنبرَة شبه جافّة و أجشَة -" سنفترقُ لبعضِِ من الوقت في هذا المكان ، أنا و هيل سنبقَى هنا من أجلِ تفكِيك شيفرات هذا الكُتيب "
أشارَ لما بينَ يدَي دوريس و التي قد قامت بإخراجِه من حقيبتها فورَ جلوسها في مقعدها ثم أشار إلى آيرون الذي يجلسُ بجانبه لِيضع ذلك المفتاح بينَ يديه -" أمّا أنتَ و لانا ستذهبان للبحثِ عن قفلِِ في هذه المدرسَة يلائم هذا المفتاح ، لربما سنجدُه هنا ؟ بالنّسبة لمَيّانو و يوريوس الثّنائي الغبِي ، اكتشفَا ما يوجدُ في هذه المدرسَة من صالات إلى غيرِ ذلك و أي شيء يُلفتُ النّظر قوما بإحضارِه إلينا و ستكون هذه نقْطة إلتقائنا يا رفاق ، في هذه الباحَة ، إن لم تتجمّعوا هنا وقتَ غروب الشّمس سنذهبُ أنا و هيل للبحثِ عنكم "

أومأ الجمِيع ليرفعَ ذلكَ الصّغير كفّه ، يأخذُ الإذنَ من أجلِ التّحدث و حينما تم السّماح له هو سأل -" ماذا عنّي و عن ماكس ؟"
همْهمَ دِيلارد لِيُجيبَه بِكلّ لُطف -" ستبقَى أنتَ و ماكس هنا معنا ، يمكنكَ اللّعبُ معه في هذه الباحة و لكن لا تبتعد ، حسنا ؟ لا تخرُج من حدُودها أبدًا ".

هزّ قصيرُ القامَة رأسَه لِيذهبَ مبتعدًا عنهم إلى ماكس الذي كان ناَئما أرضا ، فهزّه بيدِه موقظًا إيّاه ثم ركضَ مسرعا ليلحقَ به الجرو و يبدأ باللّعب معه ، بالنّسبة لميّانو و يوريوس فقد ذهبا مباشرَة بعد ذلك من أجل المهمَة التي وُكّلت لكليهما ، ثم لحقَ الرّجل الآلي و تلكَ الفتاة بهما ، ذاهبان إلى داخل الحرٕم المدرسِي من أجل تجرِيب المفتاح في كلّ قفل سيجدانه أمامهُما.

-" أخيرًا ، أنا ، أنت ، مكانٌ فارغ ، ما رأيك ؟ "

إستندَ ذلك الرّجل بِيده نحو المرأة التِي تطالعُ ذلكَ الكتاب لِيشيرَ له ثم لها و بعدها إلى المكان قائلا كلماته تلك.

ردّت عليه بِعدم إهتمام و بكلّ سهولَة -" أنا ، أنتَ، كاين و ماكس يا عزيزي ، هل فقدتَ الذّاكرَة إنهما أمامك يلعبان ، أبله "
حملَق القاتلُ بها و نظرات الإعجاب قَد رُسمَت على سوداوِيتَاه ، عيون ذابلَة بتحديقَات ساكنَة و عميقَة مع بسمَة رقيقَة قد شّقت ذلك الثّغر البارز، فنبسَ لها بعدها بإحكام و لِين -" كيفَ لي أن أركزَ على كلّ كلمَة تقولينها بينما الكلمَة الوحيدَة التي سأسمعها مِنكِ هي ' عزيزي ' ؟ ارحمِي الرّجل الذي أمامك و لو قليلا يا ' عـ ـز يـ ـزتـ ـي "

رفَعَت وجْهَها عن ذلكَ الكِتاب لِتضعَ عيونها على الرّجل الذي باتَ قريبًا منها ، باتَ قريبًا بشكْل يُرهقُ قلبها ، تفكيرَها و باطنَ عقلها ، فراحَت تردفُ بتعجّب كبير -" كيفَ لكَ أن تكونَ قاتلً للمئات بينما أنتَ كهذا ؟ تبدو كطفلِِ صغيرِِ بعمرِ كاين ، أحمق "
همهمَ القائدُ ليسحبَ منها ذلكَ الكُتيب تحت أنظارها و التي هي الأخرى اندفعَت من أجل أخذه ، لكنّها لم تصِل في الوقت ، فعادَت لِتجلسَ في مكانها باعتدال و بأذرع مُكتّفة..

وضَع ذلك الكتابَ أمامَ مرء عينيْه لِيُجيبها على ما قالته قبل مدّة قصيرَة -" لقد كنتُ قاتلًا إلى أن جِئتِ يا هيل فقتلتِني ، أوليسَ هذا غير عادلِِ يا أيتهَا الفاتِنة ؟ "
عضّت الأخيرَة طرفَ ثغرها بأسنانها ثم سألته بِكلّ جرٱة -" هل تريدُني من أجلِ جسدِي ؟"
حينها لَم تجد الإجابة التي تحتاجها منه فقَد قابلها بالصّمت ، لكنها واصلَت حديثها بِسخريّة -" أدركتُ ذلك ، فكلّ من يَخطو خطوَة نحوِي إلى الأمام سيكون لسببِِ واحد ، لمسُ جسدِي و ممارسَة الرّذيلَة التي لا أريدُها عليه ، الرّجالُ كلّهم سواسيّة و لا يوجدُ الجيّد منكُم "

حَكّ القاتلُ جبينَ رأسه ثم سألَها بِبرود و جفَاف -" كيفَ لكِ أن تجِيبِي نفسكِ في مكاني ؟ لو أردتُ جسدَكِ لأخذْته في الحين ، هل ذلك صعبٌ علي ؟ أنا دَارك دِيلارد ؟ "

ثُم أجابَ نفسَه بِنفسه متابعًا حديثه ، يُخرج كلماته تلك بِصدق كبير بينما ملامحُ التّيق قَد رُسمِت على وجهِه، ملامحّ حالمَة قد طغَت عليه و نبرَة دافئة قَد غلبَت على صوته -" بالتّأكيد لا يا سيّدتي الغاضبَة، أريدُكِ أنتِ كلّكِ و ليس جزْءًا منكِ فقَط ، أريدُ إنقباضَ يسارَ صدرِكِ من أجلِي ، أريدُ ضِيقَ تنفّسكِ بسبَبي ، أريدُ نظراتَ بندُقِيَتيك النّاعمَة لِي ، أريدُ بسمَة ثغرَكِ الصّغيرِ من أجلِي ، أريدُ نبضَات فؤادكِ و تسارعِ خُطواتِك حينما تريْنَني ، أريدُ تورّد وجنتَيك و خجَل ملامحَكِ ، أريدُ تلكَ اللّهفة ، تلكَ الرّغبة و حبّك للحياة لا الموتِ ، أريدُ أن أحيِيكِ مثلما فعلتِ بِي ، هل أريدُ جسدَك ؟ إنه آخر إهتمامِي يا هِيل ، مالجَسد إلّا مجرد دميَة من دونِ حبّك، كيفَ لي أن ألمِسك ، أنتهِك حقُوقك و أنتِ رافضَة ؟ كيفَ لي أن أمارسَ تلكَ الرّذيلة معكِ بينما شعور الكره يتمحور بداخلكِ ناحيتِي ؟ أنا أريدُ ممارسَة الحبّ لا الجنْس معك ، و لكِ كلّ الحق في الرّفض ، لم تكُن لدّي آمالُ حبّك لي و كلّ ما تمحْورت آمالِي حوله ، هو حمايتُك ، مساعدتك هنا أو هناك ، لا يهم طالما أنتِ معي "


خَتمَ كلمَاته تلكَ بالعودَة إلى ذلكَ الكتاب ،فثبُتَ سودَاويتَاه علَيه ليُتابع مطَالعتَه و كأنّه لم يعترِف بتلكَ الكلمَات ، لم يُخبرِها بما يُوجد في دواخِل قَلبه ، في بَاطِن عقلِه ، عصَفت مشاعرٌ جديدَة بتلكَ المرأة و أفكارٌ مشتّتَة قد اخترَقَت ذاتَها ، لَعقَت ثَغرَها ثِم أمالَت رأسهَا جانبًا و لم تشْعر إلّا بتلكَ الحمرَة و هي تكسُو وجهَها ، تُغلّف خدّيها المُنتفخَة بِخَجلِِ لم يراودْها مع أيّ شخصِِ آخر ، لا مِن بعيدِِ أو حتّى من قَريب.

لم يَكن يَنتظرُ ردُودَ فعلَها و لم يَكن يَتوَقّعُ أيّ كلمَات منها ، و كُلّ ما ظَنّه هو أنه الوقتُ المنَاسِب لِيتلَفّظ بتلكَ الأحادِيث الواضِحة ، واضحَة نسبيًّا لهَا ، أرادَ أن يُحسِسها بأنّها كاملَة بالنّسبة له ، بأنّه لا يستغلُ وجودَها بجانبِه أو حتّى بُقربه ، ليسَت له النّية في فعلِ أي سُوء بها ، نعم إنّه رجلٌ سيء بالنّسبة للجمِيع و حتّى بالنّسبة لها ، لكِنّه لطَالما سيَكونَ أفضلَ رجلِِ من أجلِها و يا إلهِي كم تصَنّع الحُسنَ أمامَ الكثِيرِين بِسبِبها.

مرَّت رُبع ساعَة لربما أكثَر و تلكَ المرأة لم تُجبه عمّا قالَه و مكثَ هو الأخيرُ يطالعُ فِي ذلكَ الكُتيب إلى أن أردَفت ، بنبرَة صوتِِ رقيقَة مفعمَة بالحنِيّة هي تحدّثت -" لو إلتقَينا تحتَ ظرفِِ آخر ، في مكانِِ آخر و حادثَتك ، ثمّ طلبتُ رقمَك و أردتُ إحتساءَ كوبَ قهوَة معك ، لربما أنتَ لستَ من محبّي القهوَة؟ كوبَ شايِِ إذا ! هل كنتَ ستُوافِق ؟ هل كنتَ ستتمسّكُ بِي هكذَا ؟"
رفَع ذلكَ الرّجل رأسَه لِينظرَ قبَالته و بِصوتِِ ساخر هو أجابَها ، يحملِق بها و نظراتُ الهيَام باديَة على وجهِه -" لما كنتُ سأترُكك ، بَل ستكونُ فرصَة عمرِِ لن تتعوّض ، كدتُ أفعلُ ذلكَ ذاتَ يومِِ ، أتقدّم إلَيك كـ ' مرحبًا أنا دَارك دِيلارد ، هل لنا بِكوب قهوَة معا ؟ ' و لكّنني في آخر المطَافِ عدتُ أدرَاجِي ، فأنتِ رأيتِ كلّ شخصِِ ، كلّ شيء ، إلى أن وصلتِ لي فبتّ لا ترَينَني ، لستُ متأكدًا من السّبب ؟ لربما لم أكُن بتلكَ الجاذبيّة ؟ لم أكن نوعُك المفَضل و لربما لازِلت كذلك ؟ كانَ كلّ ما يملَؤ بَصرَك جايكوب و كأنّه الحيَاة لك ، على الأقلِ هذا ما ظنَنتُه في ذلكَ الوقت "

بالرّغم من تعجّبها حولَ المكانِ الذِي إلتَقت فيه بهذا الرّجل و كيفَ لها ألّا تتذكَر ملامحَ وجهِه ؟ فهل هوَ قد تغيرَ إلى تلك الدّرجَة منذُ ذلك الوقت ؟ أرادَت طرحَ تساؤلاتِها هذه ، أرادَ معرفَة كلّ ما تريدُه و فكّ هذا الغمُوض الذِي يحيطُ حياتها و لكنها تجاهَلت ذلك تمامًا ، ليسَ لأنّها لم تعُد تريدُ إشباعَ فضولها ، بل لأنّها متأكدَة من أن الرّجل سيخبرُها من تلقاء نفسِه ، إن لم يكن اليوم ؟ سيكون ذلكَ في القرِيب العاجل.

لِهذا المرأَة ضحكَت باستهْتارِِ لما قاله ، أويظُنّ هذا العاشقُ أنها أحبّت جايكُوب ؟ هيهَات ، هي لم تفعَل منذ الأزَل و لن تفعل إلى الأبد .

قَضمَت أسفلَ كرَزتيَها ثُم تكَلمَت مؤكِدة حديثَها بِنبرَتها الجدِيّة و الواثقَة -" جايكوب ؟ لم يَكن نوعِي المفَضل و لا يزالُ كذلك ، بالإضافَة إلى أنّه صديقٌ لي ؟ لَقد كان معِي منذُ مدّة طويلَة فشاء القدر أن أعاملَه بتلكَ الطّريقة ، فهوَ الصّديق الوحيدُ الذي إمتلكْته منذ الصّغر ، إلى أن جاءت صديقَتي نِيكي ، أمّا عن الحُب ؟ لم أقع في الحُبّ يوما ، وقعتُ في حُبّ الرّوايات و الشّخصيّات الخيالِية أما عن الحقيقيّة ؟ لم أفعَل من قبل ، لطالما كانَت المُطالعَة مهربّا لي فجرّبت فيها ذلكَ الشّعور الذِي لم أستطِع الإحساس به في واقعنا "

بينَ كلّ كلمَة قالتها كان القاتلُ يتأمَلها إلى أن إتّكئ بوجنتَيه على يدَيه المُستندَة على مرفَقيه فوق تلكَ الطّاولَة، راحَ إلى عالمِِ آخر بينما يسمعُ كلّ حرفِِ تنطقُ به ، يشاهدُه كيفَ يخرُج من حنجرَتها إلى خارِج فمها الحُلو و هي بحمَاس تحدّثت -" أوتدْركُ أمرًا ؟ قبلَ وقتِِ قصير قرأتُ روايَة رائعة و أحببتُها جدّا "
لم يمنَعها عن الحَديث بل شاركَها أفكارَها و ذلكَ ما جعلَ يسارَ صدرِها ينبِض بِخفوت ، لم يفعل أحدٌ لها هذا ، لطالما أصمَتوها ، لم يتركُوها تعبّر عما تحبّه و عمّا تكره، عما تريدُه و عما لا تُريدُه أما هو ؟ البسمَة قَد رُسمَت على ثَغرِه فرَاح يسألُها ، بكلّ تَركيز معها -" روَاية ؟ حادثِيني عنها إذا يا فتاة البُندق"

باشرَت بالحدِيث و علامَات الإعجاب قَد ظهرَت على ملامِح وجهِها -" حسنًا ، تُسمّى بـ صَبوَة مَا بَعد الثّاني و السّتين ، الرّوايَة عربيَة الأصل ! و لكنّها لَقت نجاحًا كبيرًا مما جعلَها تتَرجم إلى الكثير من اللّغات ، مِن بينها الفَرنسيّة و الإنجلِيزِيّة "
همهمَ رَجلُ المافيَا ليطرحَ تساؤلاته بعدها -" و ما هِي قصّتها يا هِيل ؟"
صَفّقت المرأة ثم تحدّثت و البسمَة قد شَقّت ثَغرها -" تتحدّث عن فتاة قي العشرينَات بعد خروجِ الإستعمَار الفرنْسي منَ الجزائر ! و يا إلهي ، البطلُ وَسيم يا دِيلارد ، لقد أحبَبته ، حتّى إسمه ، فرانسوا دينور ، مُميز مثله "
نَطقَت الرّاءَ خَاءًا وذلك قد زادَها حُسنًا ، ليتعجّب الرّجل ، كيفَ لمجرّد حرف نطقتْه ، جعلَه يشعُر بشعُور كهذا ؟ كأنّ ذلك الحرْف خِلِق من أجلِها ، خصّيصًا لها لتخرِجه من ثغرها.

عقدَ الأخيرُ حاجَبيه و بملامِح مكشّرة هو سأل -" هممم، هل هوَ أوسمُ منّي ؟ "
قَهقَهت دُوريس بِبشاشَة ثم أمالَت رأسَها ،تتأمّل القاتلَ أمامها بينما تُميّز ملامِحه و بِصوت خَافت هي قالَت له -" أشّكُ في ذلك يا دِيلارد"
حرّكَ الأخيرُ رأسَه ، يَصنع إيمَاءَة مُتفهمَة بِعُنقه ثُم أردَف بِهمَس ، صوتٌ عمِيق في آن واحد -" ذلكَ أفضَل ! فأنا لا أرَى أيّ إمرأة في هذا العالَم بِقدرِ جمالِك و حُسنِ أخلاقِك يَا أسيرَة قلبِي ، فِي الحقِيقَة أنا لا أرى غَيرَك ، نسَاءُ العالَم لا تَهمّني "
اخترَقت وجهَ هِيل إبتسامَة بلهَاء وِقعَ تلكَ الكلمَتين اللتَين زارَتا طبلَة أذنها ' أسيرَة قلبي' لِتجيبَه بعدها -" أويجبُ علي ألّا أرَى غيرَك من الآن و صاعدًا ؟"

هل كانَ الغزَل بالنّسبَة لها بهذِه الحلاوَة ؟ فمبَالها باتَت تحبّ ما يَخرج من ثغرِ القاتلِ الذي يجلسُ قربهَا ؟

فَتحَ القاتلُ ثغرَه مُتصنّعا الدّهشَة ثم نطَقَ بِذهولِ ملامِح وجهِه -" ويلاه ، يا أيتها الخائنَة ، هل كنتِ ترينَ غيرِي ؟ أنَا الذِي غضّيتُ البصَر من أجلِك ؟ و لَم تُعد تجذبُ ذوقِي نساء العالم بِسبَبكِ ؟ "
تأفّفَت وريثَة هيل لتحرّك يديها في الهوَاء نافيَة -" إنّه فقَط فرانسوا دينور يا رَجل ، لو قرأتَ الرّوايَة ستوافِقني الرأي "
عضّ إبنُ هِرنانْد على ثَغرِه بِرقّة ثُم أمالَ رأسَه ناحيَة تلكَ المرأَة لِيردفَ بكلّ صِدق و ثقَة -" حينما نعود إلى المكان الذِي أتينَا منه ، أعدُكِ بأنّني سأقرأها من أجلِك يا هِيل"

هل وعدَها من أجلِ قراءَة روَاية أُعجِبت بها ؟

نَعم ، لقَد فَعل !

و هَل سيقرَؤها ؟

لربمَا قدْ قام بذلك بالفعْل.

- يُتبع -

Continue Reading

You'll Also Like

60.3K 860 15
في عالم حيث يشكل الدين و الإيمان هويتنا وقيمنا، ماذا يحدث عندما تجد روحان يجمعهما الحب، نفسيهما منفصلتين بسبب الاختلافات الدينية؟ هل يمكن للحب أن يتج...
592K 46.9K 45
قصة مقتبسه من الواقع تكتب بنسيج وخيال الكاتب تروي تفاصيل غامضة تحدث في بلاد النهرين
438K 25.8K 39
البدايةَ مُختلفة "يدأي ثرثارة" عنواني مُبهج لكنَ حكايَتنا يُرثى لهَا. القمر والحب عندما لا يتزايدان يتناقصان و .الرَوح تهوى منَ تُحب " لكنَ القدر...
42.3K 2.6K 30
"فَشلتُ في أن اكون مُكملًا لأحد،فأنا شخص ممل للغايه،لا يُجيد سوى الحُب من مسافات بَعيده" لم أُدرك أهمية لمسته إلا بعدَ أنْ فقدتُها. -تِلكَ اول اعمالي...