مُعَانَاة كَالسُكَر ✓

By EekaUa

72.2K 6.3K 2.2K

رُبما خانني الشعور بقول أنني كافية.. لم أكُن يومًا كافية قبل وجودكَ؛ بل كُنتُ كـتائه في بحر الخِذلان، كُنتَ... More

«اقتبـاس»
1_ الفصل الأول "قَـرار!"
2_الفصل الثاني "مشاعر"
3_الفصل الثالث "إدراك"
4_الفصل الرابع "شِفاء!"
5_الفصل الخامس "مَصيـر"
6_ الفصل السادس "مُعالجة"
7_ الفصل السابع "موافقة"
8_الفصل الثامن "فُرصة!"
9_ الفصل التاسع "رِحلة!"
10_ الفصل العاشر "إستعداد"
11_ الفصل الحادي عشر "تشابُه!"
12_الفصل الثاني عشر " مراسم"
13- الفصل الثالث عشر "سؤال وأجابة"
14- الفصل الرابع عشر "وقتٌ مُمتع"
15- الفصل الخامس عشر "وقعت بالخطأ!"
16- الفصل السادس عشر "محاولة"
17- الفصل السابع عشر "كارثة"
18- الفصل الثامن عشر "لم يتخطىٰ بعد!"
19- الفصل التاسع عشر " احتواء"
20- الفصل العشرون "بلا سكر!"
21- الفصل الواحد والعشرون "ندوب الماضي"
22- الفصل الثاني والعشرون "يوم الميلاد"
23- الفصل الثالث والعشرون "انفجار!"
24- الفصل الرابع والعشرون "تغييرات مرئية"
25- الفصل الخامس والعشرون "أهلًا رمضان"
27- الفصل السابع والعشرون "عيدٌ مُبارك!"
28- الفصل الثامن والعشرون، الأخير " زفاف!"
- ما ناقشته الرواية. ✓
إضافي¹ " عائلة"

26- الفصل السادس والعشرون "العاشر من رمضان"

1.6K 174 49
By EekaUa

الفصل السادس والعشرون.
«مُعَانَاة كَالسُكَر»

_______________________

نَمرُ في الحياة عابرين لا نعلم سبب تلك الأيام التي نحياها برفقة معاركنا اليومية المرهقة للنفس، ولكن رغم ذلك على الإنسان أن يتحمل مسؤولية كونه انسان!، فالله خلقنا حتى نتعلم، حتى نواجه، حتى نرتقي.. حتى نُعمر، خلقنا الله لرسالة محددة وهي أن نُحسن التصرف بهذا الجسد، أن نُحسن التصرف باختيار الله لنا للعيش على هذه الأرض، نحن فالحياةِ لنعيش الأحاسيس المؤلمة ذاتها يوميًا، أن نعبر الطرق التي سلكناها قبلًا ونحن نحاول جاهدين ألا نتعثر مرة أخرى، فمن مِنّا لم ينام ليلًا وهو بائسُ القلب حزين الروح والجسد!، من مِنّا لم يسعد سعادةً أبكته فرحًا؟!، من مِنّا لم يعوضه الله عن ما رأه!، من مِنّا لم يحصد الماساة التي كانت بالأمس يقينًا وأملًا اليوم!..

تلك هي الحياةُ عزيزي.. لا دائمة السواد ولا ناصعة البياض، ليست إلا القليل من الرمادي به يومٌ ممتزجٌ بالسواد، ويومٌ آخر يداعبهُ خيوطًا بيضاء اللون، لستَ وحدك من كان يعاني، ولستَ وحدك من طار فرحًا اليوم، لستَ وحدك من مات له عزيز، ولستَ وحدك من رزقتَ بطفلٍ جديد.. هذه هي الحياة وكوننا بشر علينا أن نعتادها ونتقبلها كما هي!

__________________________

(-اليوم العاشر من شهر رمضان المبارك-)

أمام المبنى الخاص بعائلة "المهدي"، تحديدًا داخل البوابة الخاصة بهم، كانت عائلة "حسين عمران" متجمعة برفقة عائلة "المهدي" على طاولة طعام كبيرة، حيث جمعت الكبير والصغير ووسط الضحكات النابعة من الشباب و "خالد" وأخوته برفقة "حسين"، كانوا الفتيات يتولون أمر رَص السفرة الرمضانية وزيادتها بالعصائر الأطباق، وبعد ثوانٍ رن فالأرجاء أذان المغرب مُعلنًا نهاية اليوم العاشر من الصيام، تحركوا الشبان خلف بعضهم وقاموا بفرش السجاد الخاص بالصلاة وقاموا بتأدية فرض المغرب، ثم تحركوا على السفرة يهنئون بالأفطار الشهي؛ الذي تم صنعه من قِبل "أمل" و"نهال" و"كريمة" بمساعدة الفتيات..

-"أما بقى أنا جاييلكم بخبر يجنن"

نثر "إسلام" بعفوية وصوتٌ خافت ليصل إلى مائدة الفتيات، فظهرت علامات الاستفهام على وجوههم ليكمل:
-"الولا عصام بيحب"

إتسعت حدقتي "تالية" وهي تأكل خوفًا من فضحها الآن وأمام الجميع، أما الفتيات فدارت اعينهم على بعضهم البعض ثم عليها، وبالنسبة إلى "عصام" فتقبل الخبر ببرودٍ تام، وعقب بلع ما في فمه وتفوه بهدوءٍ امتزجه بعض الخبثِ:
-"طب ما أنت كمان بتحب، بس المدهش عندي إني عارف بتحب مين تحب اقول ولا..."

إتسعت حدقتيه هو بزعرٍ، وخصيصًا وهو يطالع "يونس" الذي كان يصتنع الجهل حتى لا ينفعل، فوكزه "إسلام" في ركبته أسفل الطاولة، ليقول له "عصام" بصوت وصل إلى أذنيه:
-"يبقى نصلي على النبي كده ونهدا بدل مـا أطربق السفرة دي فوق دماغك"

أومأ موافقًا له وهو يقول:
-"دا لو يونس مطربقهاش فوق دماغنا إحنا الاتنين"

وبعد إنتهاء البعض من الطعام، وقاموا كل من "نهال" و"عبير" بصب الشاي، أمسك "يونس" الكوب الخاص به مع معلقة الشاي وأخذ يطرق عليها بعلوٍ ليلفت نظرهم له، وما إن نجح في ذلك غمغم ببسمة طفيفة:
-"حابب اشاركم فرحتي، بأني هشتغل"

صفق الشباب كتشجيعٍ له أما هو فاستمر فالحديث:
-"بصراحة سيف عرض عليا إني أشتغل معاه، بس أنا مرديتش عليه على طول مش فزلكة والله، بس حبيت أخد وقتي وأحدد أنا عايز إيه، عايز أسافر برة ولا أقعد هنا ولا افتحلي مشروع بأسمي، ولا أرضى واشتغل مع سيف، أهو مننا وعلينا وساكن في مدينتي يعني مصلحة.."

قهقه الجميع على آخر ما تفوه به ليضحك هو أيضًا ثم أكمل:
-"المهم إني اختارت، وعرفت أنا عايز إيه كويس، بس قبل ما اقولكم أنا اختارت إيه، عايز أقول إن قيمة البني آدم مش بيعملها الشغل، ولا الشهايد والدراسات العليا، ولا الفلوس والعربيات واللبس البراند، القيمة بتتعمل بالقيمة، و يوم ما هتقدر تعمل لنفسك قيمة هتعرف أن قيمتك الحقيقة من كونك انسان.. انسان ربنا صوره فأحسن صورة وخلقه عشان يعمل اللي عليه والباقي دا عنده هو اللي بيدبره، طولت وبقيت بتفلسف زي كرم بس مش مشكلة"

ضحك الجميع وسط اندماجهم بما يقوله وخصوصًا "كرم" الذي كان يطالع ابن عمه بحبٍ، ليكمل:
-" فالنهاية اختارت أشتغل مع "كرم" فالورشة، قررت مسيبش مكاني معاه، لأني عرفت كويس إن أنا اللي هعملني مش المكان ولا المكانة، بجد أنا مش عارف بقول إيه، بس جاي أشكركم كلكم، من أكبركم لأصغركم، عشان اتحملتوني فكل وقت كنت بقلل فيه من نفسي، وفكل وقت مكنتش طايق فيه نفسي و كنتوا بتحتووني فيه، أنا بجد بحبكم من كل قلبي"

ضحكوا الجميع بحبٍ وامتنان على ما وصل إليه أخيرًا، وخصوصًا أبويه، والآن يستطيعوا أن يخلوا صراح احساسهم المستمر بالذنب، بعد أن تأكدوا أنه أصبح أكثر نجاحًا في ما اختاره هو، لا خوف يقصف الجناح بعد اليوم، ولا تبريراتٍ تمنع ما يريد أن يصل إليه، فالمرء أن وصل لِذاته، وصل إلى أعلى مراحل الراحة والثقة، فلا شيء يضاهي جمال تقييمك لما أنت عليه، وكونك تجازف لتحاول؛ فأنت بالتأكيد ستنجح يومًا ما!..

تقدم بعد إلقاء ما كان يريده ناحية أبناء أعمامه براحة تامة، ليأتيهم صوت "إسلام" المرح:
-"طب بما أن يونس ابتدا السهرة بأعترافات طازة، نلعب لعبة الاعترافات بقى"

-"إيه لعبة الاعترافات دي؟"

تساءلت "سلمىٰ" بجهلٍ، ليجيب عليها هو:
-" دي لعبة بتبدأ بأن الأكبر بين الموجودين يسأل شخص من اختياره سؤال كان نفسه يسألهوله، وبعدين بقى هيجي الأصغر من الأكبر يسأل سؤال لشخص من اختياره وهكذا بقى"

ضحكوا الأكابر عليه ليرد أبيه "يوسف":
-"مع نفسكم أنتوا إحنا هنلعب طاولة"

وبالحديث كان يقصد كل من إخوته "أحمد" و "خالد" وصديقه "حسين"، وبالفعل أحضر لهم "عصام" اللعبة من الداخل ليمرحون سويًا، وبعد عشر دقائق كان المشهد كالآتي..

الأكابر على جانب يلهون معًا، وأمهاتهم يتناولون بعض الحلوى بجانب أحاديثهم على الجهة الأخرى، وفالمنتصف جلسوا هم على الأرض يستعدون للعبة، وهم بمعنى.. "سيف وطارق و إسلام ويونس" على جهة اليمين، و على رأس المستطيل من الناحيتين كان يجلس كل من "عصام وكرم" ومن جهة اليسار كانت كل من "حور و تالية، سلمى و رَوان"، أما"سما و سمر" فكاتنا تشرفان على اللعبة وهم يجلسون على مقاعد بعيدة قليلًا..

وبعد أن استعدوا تحدث "إسلام"بملاعبةٍ:
-"مين الكبير هنا؟"

-"ياه لو عندك شوية أدب"

تفوه "كرم" بغيظٍ منه كونه أكبر الموجودين، ثم وجه سؤاله إلى"يونس":
-"إيه اللي خلاك تاخد خطوة إنك تستغل معايا غير إنك عرفت قيمة نفسك؟"

-"السماعة البلوتوث اللي بشغل عليها أغاني عندك"

تفوه دون تفكيرٍ حتى ليتشنج وجه "كرم" وسط ضحكات الجميع، أما هو فصحح فورًا:
-"إيه مش دي لعبة اعترافات؟، أنتوا متعرفوش السماعة دي مشتريها من قد إيه، دي تحفة أثرية دي!"

تمالك "كرم" أعصابه ثم أتجه "يونس" بالحديث إلى "إسلام":
-" حاسس إنك مخبي عليا حاجة يا إسلام، فياريت تعترف"

تساءل بغيظٍ يشر من عينيه ليلتبك "إسلام" وهو يطالع أخاه و "عصام" والبقية بتوترٍ، فحمحم مجيبًا بهدوء مصتنع:
-" آه مخبي حاجة عنك فعشان كده هقلك بعدين مش دلوقتي، اللي بعده بسرعة قبل مياكلني"

نثر آخر ما تفوه به بخفوتٍ ليسأل:
-"سيف أكبر من عصام، يلا اسأل يا سيف"

أمأم "سيف" بتفكيرٍ ثم سأل أخاه:
-" إيه الخطوة الأهم لتحقيق الحلم يا طارق؟"

شرد بضع ثوانٍ ثم أجاب:
-"تصديقه"

صمت الجميع وكأنهم ينتظرونه ليكمل وأكمل بالفعل حين غمغم بعقلانية:
-"من وأنا صغير كنت مصدق إني فيوم من الأيام هحقق حلمي، كان إحساس غريب كده بيقولي إنك هتعيش اللحظة دي، صوت دايمًا جوايا بيردد إني هقدر في كل مرة بقرب فيها من حاجة أنا عايزها، وقد كان"

ابتسم أخاه بفخرٍ من حديثه ليتساءل "عصام":
-"قليلي يا سلمى إيه أكتر حاجة مهمة فحياتك؟"

تفاجأت من كونه سألها؛ فتوقعت أن يسأل أحد الشباب، ولكنها أخلت حنجرتها بثقة وقالت:
-"مش مهمة فحياتي أنا بس، هي مهمة فحياة الإنسان عمتًا، وهي وجود الأهل، يعني مهما بعدت وروحت وجيت وغلطت واتعلمت وشوفت فحياتي مش هلاقي حد بيقلق وبيخاف عليا قد أهلي وأخواتي"

أومأ"عصام" بإتفاق وأضاف:
-"ادعمك في ده، الأهل دول أكبر وأهم نعمة ربنا كرمنا بيها، ولازم نعرف قيمتها كويس"

فورًا تحدث "إسلام" موجهًا حديثه إلى "سيف":
-" إيه الصفة اللي شايفها لازم تكون فكل إنسان من وجهة نظرك؟"

رد فورًا:
-"الطيبة، يعني في زمانا دا الطيب بيتقال عليه عبيط وساذج، وأنا مش بكون راضي عن كده بصراحة، لأني شايف أن الطيب دا أحسن عند ربنا من أي حد، لأننا لو مكناش طيبين وقلبنا لين مش هنشوف جنته ولا نعتبها"

أومأ له بإتفاق ليتفوه "طارق" موجهًا حديثه إلى"عصام":
-" السجاير بتضيفلك حاجة؟"

لوى شفته بأسى وأجاب دون تفكيرٍ:
-"أبدًا بالعكس هي بتاخد مني كتير، بتاخد صحتي وفلوسي، هي بس الفكرة فالعادة والاعتياد، هي مصيبة وكارثة وبفضل أحاول دايمًا أقنع نفسي أنها ولا شيء، بس بفشل كل مرة، وبمناسبة السؤال، أنا ليا عشر أيام مبطلها، وناوي بإذن الله مشربهاش تاني"

صفقن الفتيات بسعادة ليضيف لهم "كرم":
-"وأنا بقالي شهر وعشر أيام بالظبط مبطلها"

-" لولا ما إحنا فرمضان كان زماني قمت شغلت أغاني ورقصت على الأخبار الحلوة دي"

خرجت من فم "يونس" لتنبس أخته الصغيرة "سمر":
-"وعقبال ما ربنا يتوب عليك من الأغاني المش مفهومة دي يا يونس"

ضحكوا الشباب عليه من نظراته التي كان يطالع بها أخته، وما إن كانوا سيكملون اللعب تفوهت "حور" بهدوءٍ:
-"لا بقى أنا مليت"

تفوهت "تالية" بإتفاق:
-" وأنا كمان."

°°°°°°

على الجهة الأخرى كانوا يتحدثون وفي النهاية قالت "عبير"
-" يا ستي جربي بس أنت وادعيلي"

-"تجرب إيه؟"

تساءلت "أمل" من جهلها عما تتحدث عنه لتجيب "نهال":
-"بتقلي على وصفة فيها البتنجان اكمن يونس مبياكلهوش وكده"

أومأت"أمل" بخفة ليأتيهم سؤال "كريمة":
-"إيه رأيكم فالبسبوسة؟"

قهقهت "عبير" بينما أطلقت"نهال" بنبرة حانقة:
-"يختي اتوكسي أنت وبسبوستك، دي المرة الخمسة وعشرين يتسألي السؤال دا!"

نظرت إليهم وهي تبتسم بسعادة على اثارتها للجدل بينها وبين "نهال" و"أمل"، لتقول "أمل":
-" يلا معلش يا نهال هي المرة الوحيدة اللي طلعت معاها مظبوطة من حقها"

شهقت "كريمة" بإعتراضٍ وهي تنبس:
-"حوش حوش يا أمل البقلاوة الناشفة اللي أنتِ عملاها، دا أنا لو حدفتها فالحيطة هتتردلي تاني!"

-"يالهوي يالهوي اللي يقعد معاكم يتجنن منكم"

تفوهت "عبير" وسط ضحكاتها لينظروا إليها الثلاثة بسخطٍ حيث تبدلت قهقهتها إلى الصمت، وما إن كانت "نهال" تتهيء للرد أتاها صوت "أمل":
-" لا بقى يا نهال إلا نسيبتي"

نظرن إليها بنظراتٍ ثاتبة ثم انفجروا بالضحك سويًا، وحينها أخيرًا آتاهم صوت الرحيل من "حسين"، وبعد حوالي خمس دقائق، كانوا الشباب على الرصيف الخارجي للبوابة، وبالداخل تحديدًا بالمكان ذاته كانت تجلس "حور" برفقة "سيف" وهم يتناقشون في..

-"المفروض إني هروح بعد العصر يوم ويوم، عشان على نهاية الشهر يعني على بعد العيد كده هيحصل عرض أزياء من عشر فساتين من تصميمي، والمفروض أنه اختبار للي درسته واتعلمته، تعرف يا سيف لو فزت، هبقى فحتة تاني بجد!"

ضحك بسعادة على حماسها الملتهب ورد:
-"أن شاء الله هتنجحي أنا واثق من دا، المهم إنك تعملي اللي عليكِ"

-"أن شاء الله"

ردت فتساءل:
-"ها بقى، احكيلي إنك لو بجد فزتي هتعملى إيه بالمبلغ؟"

إتسعت بسمتها لسؤاله ثم ردت:
-"هعمل براند بأسمي، وهشتري مشغل متوسط الحجم مؤقتًا، ومع الوقت لو الموضوع نجح هبتدي أكبر كل حاجة"

ابتسم لفكرتها الممتازة بالنسبة له، ثم رد:
-"فكرة جميلة أوي، وطب واختارتي اسم البراند ولا نختاره سوا؟"

فضحكت تقول:
-"لا لسه بدري يا سيف، مش لما اشوف هفوز ولا لا!"

-"ياستي هتفوزي والله، يلا قولي هتسمي البراند إيه؟"

مالت برأسها وهي تفكر، ثم نثرت:
-"مش عارفة بس أنا عايزة حاجة تبقى شبهي"

أمأم هو ثم أقترح:
-" طيب متسميه على اسمك!"

اعجبت بما قاله ولكن لسبب، فقالت بخبثٍ وهي تمسك بقشة من الأرض وأخذت ترسم عليها:
-" طب إيه رأيك نضيف فراشة صغننة بين حرفين!"

-"مش فاهم!"

ردت:
-" يعني هحرف الـH وفالنص فراشة وبعدها حرف الـ S"

-"والله؟"

تساءل بخبثٍ لتجيب بعبثٍ:
-"آه والله!"

ضحكوا سويًا ثم قالت هي:
-"دا حرفك ودا حرفي"

تحدث بحكمة:
-"مش شايفه أن دي حاجة خاصة بيكِ لوحدك، يعني أنت اللي تعبتي عشان توصليلها، وأنت اللي اتعلمتي واجتهدتي عشان تعمليها، يعني أنا معملتش حاجة فده كله عشان تديني شرف أشيل اسم البراند معاكِ!"

-"مين قال إنك معملتش حاجة؟، أنت رممتني يا سيف، رممت روحي، وعقلي ،ونفسيتي، رممت شخصيتي وكل اللي اتبقى مني، عيشتني لحظات أنا كنت فاكرة إني عمري مهعيشها، اديتني مشاعر كنت فاكرة إني مستاهلهاش، كنت دايمًا بتحسسني إني مش لوحدي وإني قادرة أعمل أي حاجة واخطي أي خطوة، زي دلوقتي؛ أنا مش واثقة فنفسي قد م أنت واثق فيا، لدرجة أنك شايفني هفوز فالمسابقة اللي أنا متوترة منها من دلوقتي!"

نثرت دون حتى تفكير، فهو بالفعل كان ونعم السند لها، وإن وجدت شخصًا يحبك دون مقابل؛ فهنيئًا لك أيها القاريء!

-"طب استخبى فين؟"

تساءل كونه يجهل ما يستطيع قوله لها، أما هي فابتسمت بخجلٍ وهي تقول:
-" بالمناسبة، كنت عايزة اقلك أن عصام وتالية استووا على الآخر"

غمغم ببسمة طفيفة:
-" أنتِ هتقوليلي، دول ضايعيين"

همست:
-" بس أنا سمعته وهو بيكلم بابا فالبلكونة أنه بعد العيد هيجي عشان يخطبها منكم"

-"أيوة، عارف، مهو قايل لتالية وتالية حكتلي، متقلقيش أنا عارف كل حاجة"

نظرت إليه بضيقٍ ليرد إليها النظرات بأخرى شامتة.

على الرصيف كان كل من "كرم" و"عصام" منسجمين بالحديث معًا، وعلى غلفة أخرج "إسلام" من جيبه لعبة نارية صغيرة "صاروخ" وقام "يونس" بإشعالها له، وبعد أن تم قام بالقاءها أسفل قدم "كرم" ووقفوا وكأنهم يتحدثون، وبعد ثوانٍ انتفضوا بخوفٍ من صوتها وهم يدورون حول بعضهم بعضًا يُطالعون ما حدث أسفل أقدامهم، وعلى الرغم من المسافة التي كانت بينهم وبين "إسلام" و "يونس" إلا أنهم أمسكوا بهم وهم يسخطون عليهم بالشتائم والضرب المبرح على أعناقهم..

-"أوعى يا عم ايدك كده، إيه منلعبش يعني ولا إيه؟"

تساءل "يونس" ببساطةٍ ليرد عليه "كرم" بتشنجٍ:
-"تلعب إيه الله يخربيتك أنت داخل على الـ 27 سنة أعقل!"

نثر يد "كرم" منه ثم قال وهو يتجه ناحية المنزل:
-"حسبي الله ونعم الوكيل في كل حد بيحبط اللي حوليه، حسبي الله"

طالعوه بإستفهامٍ من رد فعله حتى "إسلام" الذي أتاه صوت "عصام" الحانق وهو يقول:
-" أنت، والله أنت أساس المصايب يا بومة، أنت إيه عدوة منتشرة!"

طالعهم "إسلام" بنظراتٍ درامية جعلتهم يطالعون بعضهم بريبة، ثم تحرك إلى المنزل دون حديث وعلى وجهه ابتسامة خبيثة مُغمغمًا بخفوتٍ:
-" بقى أنا أساس المصايب!"

ثم وعلى غفلة قام بقفل البوابة عليهم وهم بالخارج يصرخون و ينعلوه هو و اليوم الذي ولد فيه..

______________

بعد أن قام بتوصيل عائلته، أتجه ناحية مقهى تضج منه أجواء رمضانية، وحين رآها أتجه ناحيتها بهدوءٍ مثقل، ثم قال بنبرة عاشق:
-"وأخيرًا ارتويت!"

ضحكت "سيادة" بحب على حديثه الجميل ثم قالت بلطفٍ:
-"أخبارك إيه، وحشتني أوي"

غمغم بحماسٍ:
-"وأنتِ وحشتيني أوي أوي، أنا بخير طول م أنا شايفك"

ابتمست بخجلٍ ثم قالت:
-"طبلتلك قهوة معايا، ها أخبار الفطار إيه؟"

-"الحمدلله كان فطار لذيذ، المهم كنت عايز اتكلم معاكِ فموضوع"

-"إيه؟"

تساءلت بفضولٍ، ليرد هو:
-"إيه رأيك نكتب الكتاب بعد العيد؟"

قابلت الاقتراح بملامح هادئة ممتزجة ببعض التوتر الذي لا تعلم سببه، ولكن على ما يبدو أنها خائفة من خطوة الزواج، الأمر مريب ومربك أن فكرت به من ناحية رسمية، فَـ للحق هي تحبه كثيرًا ولكن ليست جاهزة بعد..

أومأ هو وكأنه تفهم ما شعرت به، هو أيضًا يشعر بالأمر ذاته ولكنه يريد أن يكسر ذلك الشعور، فهو لديه ثقة دائمة بأن الخوف تمحيه المواجهة..

تحدث:
-"أنا عارف اللي حسيتي بيه لأني حاسس بيه، وأنا آسف لو فاجئتك، وكمان اوعدك اخليكِ تاخدي كل الوقت اللي محتاجاه فالتفكير، بس لازم تعرفي أن خوفنا من شيء مش هيحل حاجة، لازم نواجهة بهدوء، وكمان لازم نفكر فالخطوة عشان لابد منها، ولا أنتِ مش بتحبيني؟"

نفت بسرعة وهي تقول:
-"لا طبعًا أنت بتقول إيه يا طارق، أكيد بحبك وبحبك أوي والله، بس أنا بجد محتاجة وقت، ممكن تحترم ده؟"

-"أكيد هحترمه، بس متطوليش عشان أنا بجد مش قادر على حياتي وأنتِ بعيد عني، ماشي؟"

ابتسمت بسعادة وهي تردف بخفوت:
-"ماشي"

________________

كان كل من "إسلام" و "يونس" يجلسان على المقاعد البلاستيكية أمام المنزل، يطالعان بعضهم بعضًا بنظراتٍ ثاقبة مختلطة بأخرى غير مفهومة، فتنهد "إسلام" وهو يطالعه بتوترٍ، ليعتدل "يونس" فجأة واضعًا قدمه على الأخرى، وكانت حركته المفاجأة كافية لينتفض "إسلام" منها بخوفٍ ظنًا منه بأنه سيضربه، ثم أخذ القرار بالحديث حيث قال:

-"هتفضل باصصلي كده كتير؟، قلت إيه؟"

تنهد "يونس" بعلوٍ ثم قال:
-"أيوة يعني عايز إيه؟"

ظهرت على ملامح "إسلام" علامات الاستفهام، ثم عاد حديثه مرة أخرى:
-"يابني بقلك بحب سلمى وعايز اتجوزها"

لوى شفته بتفكيرٍ ثم تفوه:
-"أيوة أنت عايز مني ايه يعني؟"

-"بقلك عشان تكون عارف بس مش أكتر"

على غفلة قام "يونس" بإمساكه من تلابيبة وقال بحنقٍ:
-"ودلوقتي افتكرت تقلي يا كلب يا عويل أنت؟"

أمأم بخوفٍ من ردة فعله ثم نثر بسرعة:
-"والله كنت ناوي اقولك من وقتها بس فكل مرة كنت بخافك ترفضي"

نثره وهو يقول:
-"ارفضك؟، ارفضك ليه؟"

حك عنقه وهو يجلس على المقعد مرة أخرى ثم قال:
-"افتكرتك هتستصغرني، أو هتفتكر إني مليقش بأختك، بس أنا والله بشتغل على نفسي على قد ما أقدر أهو"

رفع شفته العلوية بحنقٍ من حديثه الساذج ثم صحح له:
-" أنت غبي ياض، وأنا هفكر كده ليه؟، حوش يعني أنا اللي خاربها!"

ضحك على طريقة حكيه ليضحك معه هو أيضًا، ثم قال بهدوءٍ:
-" يا إسلام أنت واخد مكانه كبيرة ومميزة عندي وأنت عارف كده كويس، أنا مكنتش هرفض، وإذا كنت عملت ريأكشن صورلك إني هرفضك فأنا مكنتش أقصد ده أكيد، أنا بس بغير على سلمى أوي، أنت عارف أنها صحبتي قبل ماتكون أختي، يعني ممكن أقوم اضربك علقة دلوقتي بسبب إنك بتحبها وعايزها، والله أعلم لو اتجوزتها هيحصل فيك إيه"

-"أيوة يعني أنا المفروض أفرح ولا اتضايق؟"

تساءل بجهلٍ ليرد عليه هو بضحكاتٍ:
-"لا طبعًا تفرح، عمتًا ألف مبروك مقدمًا، أنا مش هلاقي لأختي أحسن واجدع منك يا إسلام"

ضحك "إسلام " بإمتنانٍ على ما سمعه، ثم ربت على قدم إبن عمه بنظرات شاكرة، ليأتيه صوت "يونس":
-" أيوة بس الكلام ميمنعش إنك هتاخد مني تهزيقات بالعبيط برضو"

ثبت نظرهم على بعضهم بعضًا ثم انفجروا بالضحك سويًا..

____يُتبع____
♡«مُعَانَاة كَالسُكَر»♡
مـــنار نجـــدي

Continue Reading

You'll Also Like

4.1K 264 27
بعض الأمور تحدُث في الماضي تُغير مَجري الحاضر تُغيير أحداث بغير أرداتنا تغير مستقبل ولكن ستتغير للأفضل ....أَم للأسوء! "ماذا لو بنُيت حيا...
557 68 7
"روتينيه طبيعيه هكذا كانت حياتي دوماً ولدتُ وكبرتُ وحياتي هادئه تَملئُها السكينه والراحه وبعض العقبات الروتينية حتى أتى اختبار ربي لي عن طريق غاليتي...
17.3K 1.9K 45
أحبت مارثا ذلك الفتى الغامض، أحبت كيف يتمحور حوله كل شيء، ثم يختفي الفتى المدعو بـإدريان في ظروف غامضة. فتبحث مارثا في الأمر وتكتشف أشياء لم تكن تتو...
470K 14.3K 32
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...