زهرة آل فوستاريكي

By AnaZilzail

1.4M 119K 44.8K

كانت الزهرة بين تسعة من النخيل الشاهق، ذلك النخيل الذي وقف في وجه العواصف مانعًا إياها من الوصول للزهرة، لكن... More

المقدمة ( ابنة اليخاندرو الوحيدة وزهرتها)
الشخصيات ..
الاول ( لصوص الواي فاي والراقصة الذهبية )
الثاني ( حرب بلمسة الاحفاد)
الثالث ( رحلة غير متوقعة)
الرابع (هل تستطيع التحليق بالسيارة؟)
الخامس ( اللقــــــــــــاء )
السادس ( المتـشــــــــــرد)
السابع ( حِــلـف نســــائــــي )
الثامن ( ابنـــة العـمــة)
التاسع ( نحتـــاج طبيــــب )
العاشر ( المزرعة السعيدة )
ما قبل الأخير ( الاسطـــا مــرزوق )
الأخير ( لأجـــــل الزهـــرة )
حفلة توقيع رحرح في وسط البلد ( واعتذار )
الخاتمة ( حلقة خاصة )
مفاجأة صغيرة لطيفة
مشهد اضافي ( الساكن الاول في قلبي )_ فبريانو وروبين _
عيدية ( هدية عيد الفطر )
هدية العيد نزل
تنويه هام
اقتباس من مشهد هدية
فصل ( لقاء العمالقة )
الرواية الجديدة نزلت

الحادي عشر ( كــرم ضيـــافـة)

74.4K 5.9K 3.3K
By AnaZilzail


دعوا أحزانكم جانبًا واستقبلوا رمضان بكل بهجة، علقوا الزينة في الطرقات، اضيئوا المصابيح استعدادًا له، انشروا البهجة بين الجميع، الاحزان لن تنتهي، لكن رمضان يأتي مرة في العام وينتهي.....

صلوا على نبي الرحمة

_______________________


كان الجميع يرمق ما تفعل هالفيتي بأعين متعجبة، لا يعلمون ما الذي ستفعله بكل هذا الدقيق، عدا رفقة وروبين ...

ابتسمت هالفيتي تشير لذلك الوعاء الضخم الذي ملئته بالدقيق تمسح قطرات عرق وهمية عن جبينها مرددة ببسمة واسعة :

" اهو ناقص بقى نعجنه ونعمل منه عيش و..."

قاطعتها رفقة بلهفة كبيرة وكأن هالفيتي بما تفعل أعادت لها ذكرياتها مع والدتها حينما كانت تستيقظ صابحًا تلتصق بها جوار الفرن الطيني الذي كان والدها يصنعه لأجلها، تراقبها وتراقب ما تفعل بحماس وترقب لأول قطعة خبز ستخرج لتتناوله بتلذذ :

" بتعرفي تعملي فطير برضو ؟!"

منحتها هالي بسمة واثقة جعلت قلب رفقة يقفز فرحًا تسمع صوتها تردد :

" بعرف اعمل أحلى فطير مشلتت، شادية علمتني كل حاجة "

بينما الجميع يراقب ما يحدث لا يفهمون شيء مما تقول هالي، لتبدأ رفقة تشرح لهم ما سيحدث، تحاول أن تسهل عليهم ما سيتم، ليعلو الحماس وجه الجميع رغم جهلهم جميعًا بآلية صنع الخبز المصري الريفي، إلا أنهن تحمسن بشدة وبدأن في اتباع تعليمات رفقة واشتعل المطبخ ليصبح أشبه بخلية نحل ...

بينما على بُعد صغير من ذلك المطبخ كان الثلاثة يعملون في اسطبل الخيل ما بين متأفف ولا مبالي، وانطونيو هو من كان يشرف بالطبع، وقد اختاره اليخاندرو خصيصًا ليتحكم ويفصل بين أدهم وفبريانو اللذان كانا ينتظران فقط فرصة لقتل بعضها البعض ..

كان يحمل أدهم مكعبًا من القش ضخم يسير به لا يرى أمامه شيئًا، فقط يرى أطراف المكعب و لا شيء آخر..

يخطو باقدامه في حذر شديد يحاول أن يتجنب الانزلاق بسبب رطوبة الأرضية التي تسبب بها حصان فبريانو البارحة بعدما سكب سطل المياه العملاق الذي كان موضوع في الاسطبل ...

خلال ذلك كان انطونيو يستغل طوله وهو يقفل أعلى الدرج يقوم بتصليح سقف الاسطبل ووضع قطع خشب لإغلاق الكسور الموجودة به ...

بينما فبريانو كان ينظف المقصورات الخاصة بالاحصنة، مستخدمًا أداة ذات نهايات مدببة كالاصابع، مال بجسده قليلًا يحاول أن ينظف ذلك القش بين جدار المقصورة ووعاء الماء الضخم دون أن يلوث ثيابه...

لكن فجأة شعر بمن يدفعه من الخلف بقوة مُسقطًا إياه داخل وعاء المياه الذي كان يتجنبه لتعلو شهقاته، ولم يكن ذلك الشيء سوى أدهم الذي دخل تلك المقصورة لوضع مكعب القش لكن شعر بالمكعب يصطدم بشيء دون أن يراه، سمع صوت شيء يسقط في المياه تبعها صوت شهقات فبريانو ...

ألقى أدهم مكعب القش ارضًا ينظر حيث جسد فبريانو الذي استقر داخل الوعاء بملامح مخيفة بحق، منحه بسمة صغيرة يشير لمكعب القش الضخم :

" مكنتش شايف قدامي"

لكن ملامح فبريانو لم تتغير بمقدار إنش واحد وهو مازال يرمقه بنفس النظرة المخيفة، ابتلع أدهم ريقه وهو يقترب منه يحاول المزاح لتخفيف الأجواء :

" معلش يا ابو النسب، تعالى هساعدك تخرج عشان تنشف"

ختم حديثه وهو يمد يده ليجذب جسد فبريانو الذي بدلًا من الانصياع لجذبه، جذبه هو بقوة غير متوقعة مسقطًا أدهم على وجهه في السطل جواره لتعلو صرخات ادهم بقوة في المكان ....

كان وجهه مدفونًا في سطل المياه، رفعه بقوة وهو يشهق وعينه ترمق فبريانو بحنق، بينما الأخير كان مبتسمًا بلطف كبير :

" معلش بقى يا ابو النسب مكنتش واخد بالي "

أنهى حديثه يخرج من سطل المياه بصعوبة يشعر بجسده كله يقطر مياه، بينما ادهم يرجع شعره للخلف بغضب ونهض خلف فبريانو متحركًا بجنون وتسرع صوب مكعب القش ممسكًا به، ثم ألقاه دون تفكير على فبريانو ليلتصق به القش جاعلًا إياه كدجاجة ...

توقف فبريانو في سيره يستدير ببطء شديد يرمق أدهم الذي كان يبادله نفس النظرات المتحدية، وفي ثواني كان مكعب آخر يصطدم بوجه ادهم في سرعة مخيفة لدرجة أنه لم يستوعب متى أتى به فبريانو ومن أين فعل ...

وهكذا أصبح القش ملتصق بوجه ادهم وجسده كله، بقي الاثنان ينظران لبعضها البعض بترقب وتحدي وكأنهم ديوك على وشك التعارك ..

في ذلك الوقت كان انطونيو يُصلح السقف وهو يصفر باستمتاع واضعًا سماعة في أذنه يردد بعض الأغاني وقد كان مزاجه صافيًا بشكل غريب ..

وفي الاسفل كانت هناك معركة بين فبريانو وادهم اللذان استخدما الاستطبل كساحة حرب يتراشقان بكل شيء أمامها والسِباب يعلو في المكان، وانطونيو مازال في عالمه الخاص يغني ويصفر باستمتاع ...

_______________________

كانت النساء قد بدأت في تشكيل العجين بعدما مرت ساعتين على عجنه الجميع يراقب ما تفعل كلًا من رفقة وهالي، حتى روبين التي لم تكن تجيد الأمر كثيرًا وقد كان ذلك من أكبر الأسباب التي تتلقى بسببها ضربات وشد أذن من لولو والتي كانت تردد حانقة متحسرة ( روحي يا روبين يا بنت ابني، هتدخلي البيوت تعرينا، وحماتك تقول اهلك معرفوش يعلموكِ)

وانظروا لما يحدث، حتى بعدما هربت من كل ذلك بزواجها شخص اجنبي لا يمتلك والدة تخبرها أن أهلها لم يحسنوا تعليمها كيفية التحكم في العجين وخبزه، ها هي تجلس ارضًا في مطبخ عائلة زوجها الإيطالية تصنع الخبز المصري ..

كانت روما تجلس تحاول أن تساعدهم دون بذل أي جهد بعدما أصبحت معدتها كبيرة امامها، وأثناء ذلك كانت تتناول قطع من العجين دون أن تتحكم في نفسها، لا تعلم لماذا لكنها أحبت الأمر فتناست ماتفعل لتتناول المزيد وقد كانت رائحته مغرية لها أكثر من عطر الثمين زوجها الذي كان يسبب لها الغثيان ..

فجأة انتفضت بخوف حينما سمعت صراخ يأتي من جهة هالي تشير لها بصدمة :

" بتاكلي العجين ؟! يا حزينة كده الواد يلزق جوا "

انفجرت رفقة في الضحك بقوة لا تستطيع التحكم في قهقهاتها وشاركها روبين ولورا الضحكات الصاخبة والجميع لا يفهم سبب ضحكهن على صراخ هالي في وجه روما ..

قالت روما بتذمر :

" ماذا ؟! ما الذي قالته هالي ؟!"

قالت رفقة من بين ضحكاتها بصعوبة تخشى أن تظن روما أنهن يضحكن عليها :

" هالي تخبرك ألا تكثري من تناول العجين حتى لا يلتصق الجنين في الرحم بسببه "

شهقت جميع الفتيات برعب من تلك الفكرة بينما روما فتحت عينيها بتعجب تحاول التفكير في امكانية حدوث ذلك، لتتحدث هايز بتعجب :

" مهلًا هذا ليس صحيحًا، الأمر غير منطقي علميًا "

صمتت قليلًا ثم تساءلت بشك :

" أليس كذلك ؟؟ أعني ربما نتحدث لادم ونسأله هو يدري في ذلك المجال أكثر"

ضحكت لورا بصخب أكثر على حديث هايز التي جعلتها معلومات هالي تشكك بمعلوماتها التي درستها :

"  خليتوها للبنت تشك باللي درستوا "

بينما راسيل حاولت أن تطمأن الجميع :

" لا بالطبع هي تمزح لا يوجد شيء كهذا"

هزت روما رأسها باستحسان لما قالت راسيل، هي بالطبع تدرك أن ذلك مزاح من هالي، لكنها فقط أرادت التأكد فهي أصبحت تتفحص كل شيء يخص طفلها بشكل مستفز...

أكملت هالي ما كانت تفعل وهي تقص عليهم جاعلة من رفقة مترجمتها الخاصة، فهي أن كانت تفهمهم بسبب ارتدائها السماعة، هم لا يفهمونها بسبب تحدثها العربية :

" أنا بهزر عادي تلاقيه بس وحم مش اكتر هو الوحم كده بيذل الواحدة، أنا ايام قاسم كنت بتوحم على مشمش، وكل ما اقول لادهم عايزة اكله يقولي في المشمش، وقتها مكنتش عارفة هو كده بيصبرني أنه هيجيبه ولا بيتريق عليا ولا ايه "

ضحكت رفقة بصوت عالي صاخب بعدما ترجمت للفتيات ما قالت هالي، وتوضح لهم مصدر تلك الجمل ( في المشمش ) وكيف يستخدمها المصريين عادة للتعبير عن أشياء مستحيلة، فحينما نطلب من أحدهم شيئًا مستحيلًا أو صعبًا يكون الرد عليهم هو ( في المشمش ) ..

ارتفعت الضحكات بين الفتيات بقوة على ما يقال، وقد بدت تلك اللحظات بينهم هي اسعد لحظات الحياة، ما اجمل من ذلك التجمع اللطيف الصافي وتلك الضحكات والأحاديث الممتعة بين النساء وفي الخارج الرجال يتعاونون لجلب ما سيعدون به الطعام، حياة هادئة جميلة لم تحلم لورا يومًا أن تعيشها، حياة جلبت لها دون إرادتها سلام نفسي كبير جعلها تنسى كل ما عاشته سابقًا، مدركة أن كل ما يخص مايك يجلب لها السعادة، فرغم غيابه عنها في هذا الوقت إلا أن عائلته كانت تمثل لها حارسًا لها من الاحزان أو ما تفكر به ...

___________________________

في الملحق الخاص بالمزرعة كان الثلاثي الذين كلفهم اليخاندرو يقومون بالعمل بكل نشاط، منهم من يقوم بإصلاح العطب في الجدران، ومنهم من يقوم بدهان الجزء الظاهر من الجدار، ومنهم من يغط في نوم عميق في أحد أركان الملحق ...

كانت انفاس ماركوس العالية تعلو كل ثانية وأخرى يحاول تجاهل نوم مارسيلو، يشغل نفسه بدهن الحوائط حتى لا ينقض فوق أخيه يقتله ...

لكن مارسيلو لم يكتفي أنه ألقى جميع أعماله على عاتق الاثنين، بل كان يفتح عينه كل فترة يُلقي نظرة عما وصل له الاثنان وبعدها يتمتم بتذمر وحنق :

" أنتم أيها الحمقى لا يُعتمد عليكم، هل تسمون هذا عمل ؟! الالوان تبدو كما لو أن طفل صغير هو من ألقاها دون ترتيب على الجدار، وأنت يا آدم ما هذا الكسل بحق الله، لقد نمت واستيقظت ثلاث مرات وأنت مازلت في نفس الجدار "

هنا وكفى، نفذ صبر ماركوس ليلقي ما بيد ارضًا صارخًا بتهكم :

" أنت أيها الوغد تنام كالبندا وتزعجنا بشخيرك، وتتذمر أيضًا ؟! مثلك يجب أن يدفن رأسه ويشكر ربه أننا تركناه ينام، ألا تخجل من تصرفاتك !!"

" لا ولِمَ اخجل ؟! هل النوم شيء مخجل ؟!"

نظر آدم لماركوس ثم قال بهدوء :

" حسنًا لنتحدث بجدية، أنت ستنهض الآن وتقوم بعملك وإلا ذهبت واخبرت جدي ما تفعل "

رمقه مارسيلو ثواني دون رد قبل أن يهز كتفه بلا اهتمام يكمل نومه :

" أكملا ما كنتما تفعلان واحذرا فأنا اراقبكما "

وما كاد يستكين مغمضًا عينه حتى سمع صوت جده يقترب من الملحق وهو يهادن الصغير ويلاعبه لينتفض من مكانه بسرعة يركض صوب اول شيء وقع عينه عليه وقد كان فرشة الطلاء ليمسكها ويركض للجدار يدعي أنه يعمل في الوقت الذي دخل به اليخاندرو وهو يقول :

" حسنًا احبائي أين وصلتم في العمل ؟؟"

لكن كل ما ابصره وقتها هو وقوف آدم وماركوس في منتصف الغرفة دون فعل شيء، بينما المسكين مارسيلو كان يقوم بالعمل كله وحده ..

مسح مارسيلو ذرات عرق وهمية يتنفس بصوت مرتفع وهو يلقي جسده ارضًا :

" يا ويلي قدمي تكاد تبكي وجعًا من الارهاق "

رفع عينه يدعي التفاجئ هامسًا بصوت مرهق :

" اووه جدي أنت هنا ؟؟"

رمق اليخاندرو ما يحدث بعدم فهم، هل ما يراه حقيقي أم أنه يحلم؟! مارسيلو من يعمل بينما الجميع يراقبه ؟؟

" ما الذي يحدث هنا ؟؟ هل مارسيلو هو من فعل هذا وحده ؟!"

تنفس مارسيلو بارهاق شديد يحرك رقبته للجانبين حتى يستطيع اكمال عمله المرهق مرة اخرى، ثم نهض بنشاط يردد مبتسمًا:

" لا بأس جدي أنا أحب العمل كثيرًا، لا تقسو عليهما "

رفع اليخاندرو حاجبه بانبهار كبير، ثم اقترب من مارسيلو يربت على كتفه بتشجيع :

" انهيت الجدران الثلاث وحدك مارسيلو، حقًا لقد تخطيت توقعاتي، ظننت أنني سأتي لاجدك تستلقي في أحد أركان الغرفة كعادتك "

" لا يا جدي لقد تغيرت وأصبحت مارسيلو آخر، ألم تلاحظ أنني أصبحت اذهب لعملي ثلاث ايام كل اسبوع "

هز اليخاندرو رأسه ببسمة فخورة ينظر حولها للملحق:

" هذا رائع مارسيلو احسنت، ولأجل ذلك العمل الباهر الذي قمت به، قررت أن تكمل أنت أيضًا باقي العمل وحدك وماركوس وآدم ولأنهم بلا فائدة هنا، سوف يخرجان ويرحلا "

تدلى فك مارسيلو بصدمة، بينما عينيه كانت تحكي مقدار صدمته، لترتسم بسمة ساخرة متهكمة على فم اليخاندرو الذي كان يدرك جيدًا ما يحدث، هو ليس بالاحمق ليصدق أن مارسيلو فعل كل هذا وحده، سيصدق أن السماء تمطر دجاج مقلي ولن يصدق ما يراه الآن....

خرج اليخاندرو من الملحق يردد ببسمة واسعة وهو يضم حفيده الحبيب ورفيقه الأقرب هذه الأيام لقلبه :

" في المرة القادمة احرص على إتقان التمثيل، فأنا لست غبيًا لاصدق أنك قمت بكل ذلك دون أن تلطخ ثيابك بذرة دهان أو غبار واحدة عزيزي أنا لستُ احمقًا "

اتسعت بسمة ماركوس وآدم وتحرك الاثنان للخارج تحت صرخات مارسيلو الحانقة  الذي كان يركض خلفهما :

" هيييه إلى أين تعالا هنا، ماركوس أنا اخوك الكبير، تعالى هنا، هيا آدم سوف اساعدكما هذه المرة، هيا لنعمل فريق واحد رائع ......"

______________________

" لا لا، هم ليسوا اغبياء كما تتخييلن، حبيبتي في هذا المنزل لا اغبياء سوانا، بينما هم خبيثون بشكل مخيف "

كانت هذه الجملة خارجة من فم جولي ردًا على تساؤل هالي والتي كانت تخبرهم ما حدث بالأمس مع مارتن وردة فعل الجميع على الأمر، وقد كانت تتسم بالبرود واللامبالاة ...

شرعت روما توضح الأمر حينما رأت ملامح البلاهة تعلو وجه هالفيتي :

" حسنًا هم ليسوا اغبياء أو غير مباليين، بالعكس هم اذكياء بدرجة مخيفة، لكن ليس هنا وليس الأن مع بعضهم البعض، ستجدينهم في وسط العائلة لا يستخدمون عقولهم إلا ما ندر، بينما في الخارج مع الأخرين سيرعبك تفكيرهم"

هزت هالي رأسها بتفهم تستمع لصوت فيور تقول ببسمة :

"كلٌ منهم مميز بشيء غير الآخر، فانطونيو قد يكون الوحيد الهادي المسيطر بهم، بينما جاكيري مغامر لا يخشى شيء تقريبًا، فبريانو دموي لا يهتم بشيء، مارتن عبقري، مايك سمعت أنه ماهر في كل ما يخص الاقفال والأبواب المغلقة، ماركوس هو من يضع لهم الخطط ويقوم بالحسابات المهمة، مارسيلو جيد في التنكر، جايك ماهر في التصويب هذا ما سمعته وآدم خبير في التطبيب فهو من يتولى معالجة الكل، هذا إلى جانب وظيفة كل شخص الحقيقية "

امتصت هالفيتي شفتيها بتأثر وفخر :

" ماشاء الله عصابة تشرح القلب، دول ولا ناجي عطالله وفرقته "

نظرت لها روز تردد برقة :

" وأنتِ فيما يتميز زوجك ؟!"

اجباتها هالفيتي وهي تقوم بصنع الفطير المصري المعروف، تفرده وتضم أطرافه ثم تقوم بوضع السمن عليه وتكمل ضم أطرافه بكل حرفية :

" أدهم فظيع في الشكشوكة "

نظرت لها جميع الفتيات بتعجب بينما فتحت رفقة فمها ببلاهة، وروبين رغم فهمها لما قالت إلا أنها لم تستوعب ..

تساءلت راسيل عن معنى ما قالت هالي بعدما رأت نظرات الصدمة على وجه الجميع ممن فهمها، لتترجم لها رفقة ..

رددت روما بتعجب :

" ششكو....ماذا ؟! ما هذه؟؟ هل هذا نوع من أنواع الأسلحة ام ماذا ؟! "

هزت جولي رأسها مؤيدة لما قالت روما :

" نعم أشعر من هذا الاسم المعقد أنه اسم مدفع أو ماشابه"

ضحكت هالي بصوت مرتفع على ما سمعته منهما :

" سلاح ايه ؟! أدهم ملوش في الأسلحة، آخره مشرط الجراحة مش اكتر، ده بيض بالخضار عادي "

في ذلك الوقت اقتحمت سيلين المطبخ قاطعة تلك المناقشة الودية اللطيفة بين الجميع تنظر حولها بأعين مدققة، لكن فجأة لمحت أرضية المطبخ حيث يجلس الجميع والدقيق متناثر بكل عشوائية حولهن ...

" ما هذا ؟!"

نظر الجميع حيث تشير سيلين لتردد هالي ببراءة :

" ده دقيق يا تيتة "

نظرت لها رفقة وهي تقول :

" كويس أنها مش فهماكِ، يعني مبوظة ارضيتها الثمينة وبتقوليلها تيتة ؟! يا بجاجتك"

" ليه هي مش تيتة ؟!"

" لا سيلين سينجل "

نظرت هالي بصدمة كبيرة صوب سيلين التي كانت تدور في المطبخ بملامح محتقنة من الغيظ، تلك السيدة التي تبدو كبيرة في السن لم تتزوج ؟!

" ازاي ؟! متجوزتش ابدا ؟!"

نظرت رفقة لسيلين ثواني ثم قالت :

" جاكيري قبل كده قالي أنها كانت متجوزة واحد ومات وهو في شبابه يعني قبل ما هما حتى يتولدوا ومن وقتها وهي مبقتش حابة تتجوز غيره،  ولما حصل مشكلة معاهم وكلهم سافروا وكان جده لوحده فضلت هي معاه، هي مرة واحدة اللي لانت فيها وكانت هتتجوز، قام خطيبها طلب منها تسافر معاه فهي رفضت عشان متسبش جده لوحده وفضلت جنبه وبقت ترفض كل اللي يتقدم ليها عشان متسبوش لانه كان صاحبها "

صمتت ثواني ثم اقتربت من هالي هامسة لها بصوت منخفض رغم أن لا أحد يفهمها سوى القليل :

" وكمان جاكيري قالي أنه في مرة جدو حب يعوضها وطلب أيدها للجواز لانه أشفق تضيع عمرها بسببه، لكنها رفضت برضو وقالتله أنه هو لسه بيحب مراته وهي لسه بتحب جوزها وجوازهم مش هيكون ناجح ابدا، وهما صحاب افضل، وبس يا ستي عدى سنين على كل ده ولسه عايشة معاهم وبقت فرد أساسي من العيلة الكل بيحبها رغم اللي بيعملوه فيها، وجدو لسه شايل ليها الجِميل بتاعها "

شردت هالي بعينها صوب سيلين التي كانت تجلس على أحد المقاعد تطالع كتاب بين يديها بهدوء شديد غريب عليها، لتفكر هل هناك من يمكن أن يضحي بذلك الشكل مثلها، ضحت بعمرها لأجل رفيقها فقط...

" عما تتهامسان ؟؟"

كان ذلك صوت جولي التي تدخلت في الحوار لتهز رفقة رأسها بهدوء غامزة :

" كنت فقط أخبرها عن مكانة العزيزة سيلين بيننا "

ابتسمت جولي وهي ترمق سيلين ثواني قبل أن تقول :

" حسنًا لننتهي من صنع تلك المعجنات المعقدة فقد اقترب الغروب ونحن نعد الفطور "

__________________________

أمام المنزل كانت السيارة تختبئ بعيدًا عن الأنظار، هبط منها الأربعة رجال، يتحركون صوب المزرعة التي تبدو من الخارج هادئة...

أشار القائد والذي كان يُدعى " إيكون " نحو المزرعة يحمل بين يديه حقيبة الأموال وحقيبة البضاعة مرددًا بهدوء :

" سوف نختبئ في الخارج حتى المساء وبعدها نذهب ونرى ما يمكننا إيجاده في الداخل، اثق أننا سنجد ما يساعدنا هنا "

هز الثلاثة رؤوسهم بالايجاب، ثم تحرك الجميع صوب شجرة ضخمة تقبع على الجانب الغربي من باب المزرعة، شجرة كبيرة لدرجة أن فروعها تكاد تلامس الأرض، جلس الأربعة أسفلها بتعب شديد يلهثون من الارهاق فمنذ مساء الأمس وهم يهربون من تلك العصابة ولم يتناولوا شيئًا .

" إيكون هل تحدثت مع باقي الرجال ؟!"

كان ذلك صوت شقيق إيكون الثالث والذي مازال مرتابًا مما يحدث...

" نعم لا تقلق لقد اعطيتهم كل التفاصيل وغدًا سنرحل من هنا  "

صمت قليلًا ثم أضاف ينظر لشقيقه الأصغر :

" هل أنت بخير ؟! هل لازال جرحك يؤلمك ؟!"

أطلق جيفون ضحكة ساخرة متهكمة :

" إيكون انا مصاب بطلق ناري وليس قرصة بعوضة، بالطبع سأكون مازلت أتألم فأنا لم اعالج الإصابة بعد "

مدّ إيكون بصرة للمزرعة الشاسعة أمامه :

" لا تقلق، فقط يحل المساء لنختبأ في ستار ظلامه وبعدها نقتحم تلك المزرعة ونرى ما يمكننا إيجاده هناك "

ابتلع الشاب الأصغر ريقه والذي كان هو نفسه رفيق شقيقه :

" لِمَ لا نطرق الباب ونطلب منهم ما نريد ببساطة، لِمَ علينا الاقتحام وغيره ؟!"

" نطرق الباب بهذه الحقائب وهذا المصاب ؟! هل تمازحني ؟؟ بالطبع سيشكون بامرنا وهيئتنا ويطلبون لنا الشرطة "

صمت الشاب يلعن نفسه أن استمع لرفيقه وجاء معهم، زفر بضيق ثم حاول أن يشغل عقله عما يحدث له مفكرًا فيما يمكن أن يفعله بالاموال التي سيحصل عليه، فهو عاش عمره متشردًا فقيرًا تقريبًا، لذلك كان من السهل سحبه لذلك الطريق بمجرد وضع أموال أمامه لتسيل لعابه ..

" بمجرد مغيب الشمس، سننتظر ساعتين او ثلاث وندخل للمكان بكل هدوء سمعتم ؟!"

هز الجميع رؤوسهم بهدوء ليتمتم إيكون في نفسه بحنق مستاءً من غبائهم ...

__________________

وفي وسط الأراضي الزراعية المحيطة بالمزرعة حيث الأشجار والثمار كانت هناك تلك السماعات الضخمة تتوسط الأراضي ..

جاكيري وجايك يستغلان طولهما لقطف الثمار بكل نشاط على انغام الموسيقى، الاثنان يهزان الخصر بكل سعادة ومزاج صافي، بينما مايك يحصد الثمار المزروعة ارضًا بعدما تعب من التعلق في الأشجار ...

وبعدما انتهى الثلاثة مما يفعلون تحركوا باوعية الخضار والفاكهة صوب المنزل، يغنون بسعادة وقد انتهوا سريعًا من تلك المهمة السهلة ...

دخل الثلاثة المنزل ليجدوا اليخاندرو يجلس على إحدى الارائك التي تتوسط البهو يلاعب قاسم، تحرك جاكيري صوب جده يردد بسعادة وفخر :

" ها نحن ذا يا جدي، انتهينا مما تريده، كان ذلك سهلًا أليس كذلك يارجال ؟!"

هز مايك وجايك رأسيهما بالايجاب ليردف اليخاندرو بانبهار كبير وتعجب كبير يزين ملامحه :

" انتهيتم ؟! بهذه السرعة ؟! هذا رائع رغم أنكم توليتم المهمة الاصعب، إذن أين الثمار التي حصدتمونها ؟!"

ابتسم جاكيري يشير لثلاثة أوعية صغيرة تقبع أعلى طاولة البهو :

" ها هي يا جدي"

تحركت عين اليخاندرو بتعجب صوب تلك الأطباق الصغيرة التي كانت تحتوي ثمرات معدودة لن تكفي حتى لإطعام قاسم والتي يسميها جاكيري حصاد افتراءً ..

تحدث جاكيري ببسمة وهو ينظر لجايك ومايك يعانقهما بسعادة :

" سعدت بالعمل معكما يا رجال، جيد أنني لم اقع مع انطونيو وإلا كان أفسد الأمر، والآن سوف اذهب للراحة"

هز مايك رأسه مؤيدًا :

" نعم معك حق، أنا أيضًا ساصعد لأكمل نومي، وأنت جايك ؟؟"

" لا لا أنا سوف أخذ لوحتي وزوجتي واذهب للرسم "

ابتسم الثلاثة لبعضهم البعض مودعين، ولم يكد أحدهم يتحرك خطوة إضافية حتى علت صرخات اليخاندرو بحنق :

" أنتم توقفوا ؟! أين هي تلك الثمار التي احضرتموها ؟؟ "

نظر الثلاثة لبعضهم البعض بتعجب :

" ما بك جدي ها هي أمامك "

أشار لها اليخاندرو بحنق كبير :

" هذه هي ؟! حقًا ؟! هل أنتم حمقى؟! هل اخبرتكم أن تذهبوا لجمع عينات لعمل ابحاث عنها ؟! هل تعلمون عدد أفراد المنزل لتحضروا لي عينة من كل شجرة ؟!"

بدأ جايك يعد على أصابعه ليحسب عدد أفراد المنزل بجدية ثم قال :

" ٢٤ فرد، إذن نحن نحتاج لعشرين ثمرة أخرى من كل شجرة "

نفخ جاكيري بارهاق مما يقول اخوه :

" حسنًا لا بأس، هيا سوف اضع موسيقى حماسية هذه المرة لننتهي من الأمر قبل غروب الشمس "

وما كاد الثلاثة يتحركون حتى صرخ اليخاندرو بحزم :

" أجمعوا ثمار كثيرة تكفي طعام اليوم بأكمله "

نظر له مايك بتعب :

" هذا يعني أننا سنضرب الأربعة وعشرين في ثلاثة وجبات أم وجبتين ؟؟"

حرّك جاكيري يديه :

" لا لا فقط وجبتين، يكفي اثنين فقط "

راقبهم اليخاندرو يشعر بدماء تغلي في عروقه يراقب رحيل الثلاثة الحمقى من أمامه، هم ينفذون أوامره بشكل حرفي، أخبرهم أن تلك الثمار لن تكفي عدد قاطني المنزل، ليقرروا إحضار عدد ثمار يساوي عدد أفراد المنزل، لينقذه الله من بين أيدي أحفاده الذين لا يحبون فعل شيء في هذه الحياة سوى المهمات والقتل، ولا يستخدمون عقلهم سوى في المهمات ...

_______________________

في المساء وبعدما انقضى اليوم بين الاعمال في المزرعة للرجال واعمال المطبخ للنساء، بدأ الرجال يعودون للمنزل واحدًا تلو الآخر لتتساقط الأجساد على الارائك في البهو...

كان جسد كلٍ من ادهم وفبريانو ملئ بالقش والاوساخ التي التصقت بالثياب المبتلة، بينما الباقيين كانت ثيابهم مليئة بالغبار خاصة جاكيري وجايك ومايك اللذين كانت أحذيتهم مليئة بالوحل...

كان الأمر ببساطة أشبه بلوحة مدمرة لاعصاب سيلين...

هتف فبريانو بتعب وملل كبير من الأعمال التي كلفه بها اليخاندرو طوال اليوم والتي تخللها العديد والعديد من الشجارات مع ادهم، والكثير من صرخات انطونيو في وجوههم ..

" جدي أنا لا أحب هذا العمل، أنا لا أصلح لمثل تلك الاعمال، إن أردت يمكنني أن أذهب لمزرعة ليزا وأكمل ضربها، لكن هذا العمل لا أريده "

أضاف جاكيري على حديثه مؤيًدا :

" لقد جنيت ما يفوق الـخمسمائة ثمرة من كل شجرة حتى تشققت كفوف يدي، هذه اليد لم تعتد التمسك بفروع الأشجار، هي اعتادت امساك مقود السيارة أو الطائرة، أنا لست قردًا لافعل ذلك "

أنهى حديثه ثم أشار لفبريانو يضيف بجدية وحنق :

" ربما فبريانو هو الأنسب لمهمة كجني الثمار، هو يحب التعلق بالاشجار كالقردة"

وبمجرد انتهاء كلماته كان جسده يصطدم بالأرض في قوة جاعلة إياه يطلق صرخات عالية بعدما ضربه فبريانو بقدمه مسقطًا إياه...

تحدث أدهم بتذمر :

" أنا لا أريد العمل مع هذا فبريانو مجددًا رجاءً "

نظر له فبريانو صانعًا وجهًا حزينًا لطيفًا :

" لماذا ؟! أدهم عزيزي هل ستتركني وحدي مع انطونيو ؟! لا تفعل هذا ارجوك سأشتاق إليك"

نفخ أدهم بغيظ من تصرفاته المستفزة ليمنحه فبريانو بسمة أكثر استفزازًا، بينما مارسيلو تذمر بصوت مرتفع :

" وأنا يا جدي قضيت النهار بأكمله أصلح الجدار وادهنه وهذا ليس ما اعتدت على فعله، هذا العمل يليق بجاكيري هو يحب الالوان، أنا لا أحب فعل هذه الأعمال "

صمت قليلًا ثم قال بصياح مشابه للسابق:

" حسنًا أنا لا أحب فعل أي أعمال، جدي حتى اعمال المكتب التي لا تطلب مني سوى التفكير تشعرني بالتعب، ارجوكم قدروا أنني شخص لا أحب أن اجهد جسدي العزيز "

كان مارتن يستمع لكل ذلك وهناك بسمة ناعسة كسولة ترتسم على فمه يتمدد على إحدى الارائك يردد بنبرة مستفزة تشبه خاصة شقيقه الأكبر :

" آه يا مساكين، لقد اثرتم شفقتي حقًا، لكم هو سييء أن تعملوا طوال النهار دون توقف، تؤ تؤ تؤ عليكم أن تصعدوا لترتاحوا حتى تنهضوا منذ الصباح وتنتهوا من إكمال العمل"

حدق به الجميع بشكل مخيف ليقاطع اليخاندرو كل ذلك وهو يقول وكأنه لم يسمع كلمة منهم :

" هيا لنتناول العشاء احبائي "

انتهى من حديثه ثم تحرك حاملًا قاسم بين ذراعيه، يتجه صوب السفرة التي قامت النساء بتجهيزها بشكل مبهر حقًا، تحرك الجميع بسرعة صوب طاولة الطعام بجوع كاد يفتح بامعائهم...

جلس جميع أفراد العائلة يتناولون الطعام بتلذذ كبير، فالثمار من الأرض كانت طازجة، حتى تلك الاسماك التي أحضرها مايك من البحيرة الخلفية كانت رائعة ..

تخلل العشاء أحاديث كثيرة وضحكات أكثر متبادلة بين الجميع هذا يتحدث وهذا يسخر، هذا بتذمر وهذا يضحك ...

رفع فبريانو قطعة من السمك ليضعها أمام هالي قائلًا ببسمة :

" كلي كويس يا هالي عشان شكلك تعبان "

نظرت له هالي ببسمة واسعة تتناول منه قطعة السمك داخل طبقها، لكن وبمجرد أن وضعها فبريانو على طبقها الذي مدته له، حتى سارع أدهم بانتشالها واضعًا إياها في فمه بكل عناد هاتفًا :

" خلصي اللي قدامك ولو احتاجتي أنا هديكِ، متاخديش اكل من حد غتت"

ابتسمت هالي بيأس من تصرفاته، تقطع السمك برفق تخرج من الأشواك لأجل صغيرها الذي كان يتوسط قدمها ...

بينما فبريانو رفع حاجبه وهو يقطع السمك أمامه، ثم نهض يضعه في طبق هالفيتي بعناد كبير ضاربًا السكين على طرف طبقه مصدرًا صوتًا مرتفعًا بعض الشيء، ينتظر من ادهم اعتراضًا، وقد كان ...

فبسرعة كبيرة وقبل أن تستوعب هالي أنه وضع سمك بطبقها حتى كان أدهم يلتهم تلك القطعة بعنق يكاد يحطم اسنانه، لكن فبريانو لم يستسلم وهو يقطع قطعة أخرى واضعًا إياها بطبق هالي وقبل أن يمد أدهم يده لأخذها، كان فبريانو يخرج سلاحه موجهًا إياه لرأسه:

" اترك القطعة لها "

رفع ادهم حاجبه ينظر لها ثواني قبل أن يتناول هو قطعة السمك ببسمة باردة مستفزة جعلت فبريانو يبتسم بسمة أكثر استفزازًا يجهز سلاحه للاطلاق لولا أن قاطعه اليخاندرو :

" دع سلاحك وأكمل طعام فبريانو .."

لكن فبريانو عانده وهو يقول :

" فقط سأصنع ثقبًا صغيرًا جدي "

نظر له اليخاندرو بصرامة جعلت ملامحه تلين وهو ينزل سلاحه بينما نظراته تتحرك على أدهم مرددًا :

" حسنًا نحن لم ننتهي بعد "

أنهى كلمته وهو يبدل طبقه بخاصة روبين مرددًا :

" خذ هذا ارنبي الوردي "

نظرت روبين لطبق فبريانو والذي كان قد انتهى من تقطيع الاسماك به وتنظيفها من الاشواك، منحته بسمة عاشقة :

" شكرًا "

مال فبريانو ملتقطًا قبلة صغيرة من وجنتها هامسًا :

" العفو "

قال اليخاندرو ببسمة وهو يراقب تلك السفرة التي جمعت اغلى الأشخاص على قلبه، لم يكن ليتمنى أكثر من ذلك في حياته :

" عند الانتهاء من الطعام وحتى تنتهي النساء من تنظيف المطبخ والاطباق، سوف نذهب للتأكد من إدخال جميع الحيوانات لامكانهم"

زفر مارسيلو بتعب وهو يلقي برأسه على الطاولة :

" ألن ينتهي هذا اليوم ؟!"

_________________________

في الخارج وأسفل تلك الشجرة العملاقة، نظر إيكون حوله بعدما فاق لتوه من غفوة قسرية سقط بها بسبب الإرهاق والجوع والعطش، أدرك بعدما دار بنظره في الظلام حوله أن الوقت لاستكشاف تلك المزرعة قد حان .

نهض ينفض ثيابه، ثم حمل إحدى الحقيبتين أعلى كتفه ينغز بقدمه تلك الأجساد المترامية لهؤلاء الحمقى الذين ينامون بكل سلام حتى أن أصوات شخيرهم بدأت ترن في المحيط، وكأنهم ينامون أعلى أسرتهم في منازلهم ...

" أنتم أيها الاغبياء استيقظوا، صوت شخيركم سيوقظ الموتى في قبورهم "

لكن لا يبدو أن أحدهم قد سمعه أو حتى انتبه له، ليزداد غضب إيكون ضاربًا بقدمه جسد شقيقه الأوسط بغضب اكبر :

" استيقظوا تبًا لكم جميعًا"

بدأت الأجساد تتململ والأصوات الحانقة تخرج، وكان أول من فتح عينه هو ذلك الصغير صديق شقيقه والذي انتفض فزعًا من مكانه يهمس برعب :

" ما هذا ؟! أين نحن !!"

" في الجحيم يا صغير، أنا لا ينقصني غباء، هيا أيقظ الاحمقين الآخرين لنرى ما يمكننا الحصول عليه من هذه المزرعة "

أنهى حديثه ينظر للمزرعة التي كانت الاضواء تنتشر بها دليلًا على وجود أشخاص بها، وهذا ليس جيدًا البتة، هو ظنها لا تحوي أحدًا، لكن لا بأس هو في الأساس انتظر للمساء لأجل هذا، لأن الاضواء هي الشيء الوحيد الذي سيخبره إن كان مالكو المزرعة موجودين بها ام لا وعلى هذا الأساس يضع خطته ..

بدأوا يعون لما يحدث حولهم، ثم نهضوا يتجهزون للتحرك معه، نظر إيكون بطرف عينه للمزرعة يقول بجدية :

" يبدو أن تلك المزرعة بها أشخاص مقيمين، لذلك سوف نغير الخطة"

نظر له الجميع بريبة يستمعون لما يقول، ورغم علامات الرفض التي ظهرت جليًا على وجوه الجميع إلا أنهم وافقوا على مضض لا لأجل شيء سوى أنهم يتضورون جوعًا وخطة إيكون تتضمن إحضار طعام وشراب لذلك لا بأس، هم في النهاية يمتلكون اليد العليا هنا بأسلحتهم وخبراتهم في القتال عدا ذلك الجبان الصغير، ومن بداخل المزرعة مجرد مزارعين، لذلك الغلبة لهم، أليس كذلك ؟!

استغل الأربعة بدائية الأسوار التي لم تكن تحتوي أي أجهزة إنذار متطور أو حتى كهرباء أو غيرها كاسوار المنازل في المدن، قفزوا من فوقها بكل هدوء وحذر معتادين عليه، ثم تحركوا واحدًا تلو الآخر صوب المنزل الذي يتمركز في منتصف تلك المزرعة .

وفي المطبخ حيث بدأت جميع النساء التحدث في العديد من المواضيع ذات الصلة والمختلفة ...

" حسنًا انطونيو كان في البداية مخيفًا باردًا بشكل لا يُحتمل، لكنه مع الوقت بدأ يلين شيئًا فشيء "

رددت جولي باستياء وشفقة مصطنعة :

" كان مخيفًا أكثر من هذا الوقت ؟! أعانك الله روما "

فتحت روما فمها لتُسمع جولي سيلًا من التذمرات كعادتها حينما تقترب من انطونيو، لكن فجأة صمتت وهي تنظر في نقطة خلف الجميع حيث كانت تجلس مواجهة لهم بينما الجميع يهتمون بتنظيف المطبخ ...

فسّرت جولي نظرات روما بشكل خاطئ لتقول بريبة :

" ماذا ؟! لا تقولي أن ذلك النكرة زوجك يقبع خلفي الآن"

لم تبدي روما حركة واحدة قد تثبت أو تنفي ظن جولي التي ارتعشت في وقفتها خوفًا أن يكون انطونيو قد استمع لها، وهذه المرة ستكون القشة التي قسمت ظهر البعير كما انبئها آخر مرة، وايضًا هذه المرة لا يوجد مارتن يدافع عنها، فقد ذهب مارتن ما الرجال بسبب ملله الشديد .

ابتلعت ريقها تستدير ببطء شديد والقلق يأكل قلبها، ثواني وابصرت من يقف على باب المطبخ والذي جعل روما تركز به، أطلقت جولي صرخة عالية بسبب تفاجئها بثلاث رجال ذوي ملامح خشنة، وضعت يدها أعلى صدرها لتهدأ نبضات قلبها :

" يا ويلي ظننته زوجك "

ابتسمت براحة وهي تعود بنظرها لروما تقول أثناء تناولها قضمات صغيرة من التفاح، مطمئنة أنه ليس انطونيو :

" أنا لا اخافه للعلم، أنا فقط لا أحب التحدث معه كثيرًا "

أنهت حديثها بكل برود وقد تناست هؤلاء الأربعة خلفها بينما جميع الفتيات استدرن ليبصرن هذه الأجساد مجهولة الهوية ...

رددت فيور بتفكير :

" من هؤلاء ؟! ألم يخبرنا جدي أنه صرف جميع العمال ؟!"

هزت الفتيات اكتفاهن بجهل ولا أحد منهم يدرك ما يحدث، لتضيف لورا تتمعن بهم قبل أن تشهق فزعًا :

" هناك مصاب بهم"

أنهت حديثها مشيرة لجيفون المصاب بينما بدأت نظرات الشك تعلو وجوههن جميعًا، و إيكون يرمقهم بسخرية متابعًا غباءهم عن قرب، يحاول معرفة كم شخص في المزرعة وحتى الآن يدرك أن هناك عجوز إلى جانب هؤلاء النساء بعدما أشارت له احداهن بـ جدو ..

قالت رفقة وهي تجفف الاطباق التي انتهت لورا من غسلها :

" ربما فبريانو هو من اصابه أثناء لعبه بسلاحه "

وكانت نظرة روبين أبلغ رد على تلك الكلمات التي تصر بها رفقة على إلقاء اللوم على زوجها :

" هل كُتبت أعلى ذراعه أن فبريانو هو من أصابه؟! ألا يمكن أن يكون أحد غيره؟!"

رفعت رفقة حاجبها بتهكم وكأنها تنفي ذلك الاتهام بالكامل :

" ومن يمكن أن يكون غيره ؟! "

هزت روبين رأسها ثم نظرت بعناد وإصرار على إثبات براءة زوجها مما تحاول رفقة الصاقه به :

" حسنًا لنسألهم"

نظرت للمصاب وهي تردد بجدية مشيرة له :

" أنت....."

أشار جيفون لنفسه بجهل لتعطيه روبين اماءة من رأسها تضيف على حديثها السابق :

" هل من اصابك هو فبريانو ؟!"

نظر جيفون لمن حوله بينما نظرات التعجب تعلو وجوه الرجال مخمنين أن هناك رجل آخر في المزرعة يُدعى فبريانو، ورغم ذلك هز جيفون رأسه بالنفي، لتصدر روبين صيحة سعيدة مرددة بثقة :

" ها انظري قال لكِ لا، هذا لتعلمي أن زوجي العزيز لا يمكن أن يأذي الطيبين، هو فقط يقتل الاشرار، حبيبي كالبطل الخارق "

مال أحد الرجال على إيكون هامسًا :

" يبدو أن فبريانو ذلك ضابط شرطة "

غامت عين إيكون وهو يهز رأسه بتفكير، ثم أخذ يستمع لهؤلاء الاغبياء بتركيز تام لمعرفة عدد الرجال هنا وعلى أساسه يضع خطته ....

ارتشفت روما من كوب العصير الخاص بها وهي تنظر لهم بهدوء شديد وفي اعتقادها كما الكل أنهم عمال في المزرعة، وإلا لِمَ هم هنا :

" إذن هل تريدون جدي ؟! هو ليس هنا، هو مع الرجال في منطقة الحيوانات خلف المزرعة "

رجال ... إذن هم كُثر، ربما ثلاثة لو اربعة، حسنًا رغم أن هذا الاحتمال ليس جيدًا إلا أنه قد يتدبر أمره، والآن انتهى وقت المزاح وحان الوقت لينفذ الخطة، في ثواني فقط كانت الأسلحة تخرج من ثياب المجرمين موجهين إياها صوب النساء بشر وملامح مخيفة جعلت هالي ترفع يديها في الهواء برعب، وهالي فقط ....

نظرت هايز لهم بدقة وهي تقول بتخمين وبهدوء لا يليق بالموقف :

" اووه، إذن أنتم لستم عمال في المزرعة ؟؟"

وافقتها راسيل القول وهي ترتشف من كأسها:

" نعم يبدون كالمجرمين "

أضافت روبين بجدية وتفكير :

" إذن...هل نصرخ ونطلب النجدة ؟!"

هزت روما رأسها باستحسان لتلك الفكرة :

" نعم، هذا جيد، راسيل افعلي أنتِ "

هزت راسيل رأسها رافضة لما تقوله روما تمامًا :

" ومن يضمن لي إن صرخت أن يستمع لي مارسيلو ؟! لربما كان نائمًا، دعونا نستغل شخص مضمون، هييه جولي افعلي أنتِ "

ومجددًا رفضت جولي ما قالت :

" لا، أنتِ تعلمين أن مارتن الآن مصاب في صدره، وأنا لا أريد أن ارهقه، ربما ذلك النكرة قد ينفعنا الآن "

نفخت روما بحنق من حديث جولي ومازالت تستند بنصف جسدها العلوي على طاولة المطبخ تحمل بين يديها كوب عصير ترتشفه بتلذذ :

" آخر مرة خُطفنا بها أنا من صرخت، وقتها آلمتني حنجرتي بشدة، لتفعل فيور او لورا أو هايز، ايًا كان  "

فجأة أثناء حديثها انتبهت روما لشيء عجيب جعلها تضيق ما بين حاجبيها وهي تشير لهالي التي كانت ترفع يديها برعب :

" هيييه هالي ما بكِ، لِمَ ترفعين يديكِ بهذا الشكل؟! سوف تؤلمك حبيبتي انزليها"

كان يراقب كل ذلك الحوار الغريب _ الذي قد يبدو للبعض جنونيًا بالكامل _ إيكون وعصابته وهالي،  الخمسة يفتحون أفواههم بصدمة كادت تطيح بالباقية المتبقية من عقولهم ...

الأمر قد يبدو غريبًا للجميع، لكن بالنظر لما عاشته الفتيات فهذا لا يُعد شيئًا، مجرد لصوص جبناء اقتحموا المنزل في وجود جميع ازواجهم، يهددونهم فقط، فهم لو كانوا يريدون فعل شيء لفعلوه دون انتظار كل ذلك الوقت ..

هكذا فكرت روما بسخرية كبيرة تشير لهالي أن تنزل يدها :

" هيا حبيبتي انزلي يديكِ وتعالي لتتذوقي حلوى روز ريثما تحضر أي فتاة المساعدة "

نظرت لهم هالي بصدمة تشير بعينها صوب المجرمين وهي تكاد تفقد عقلها، تحدق في المجرمين بشكل مخيف وكأنها تخبرهم ( هل أنتم لا تبصرون ؟؟ هناك خاطفين هنا )

تحدثت روبين وهي تقول بهدوء وقد كانت أكثرهم تجربة لكل ذلك :

" نزلي يابنتي ايدك لاحسن توقف من الرفعة دي "

اجابتها هالي بشك :

" عادي؟"

هزت روبين رأسها بنعم :

" اكيد "

نظرت هالي للمجرمين تستأذنهم أن تنزل يدها وكأنها طالبة معاقبة :

" انزل عادي ؟؟"

لم يجبها أحد الرجال والذين لم يكونو قد استوعبوا بعد ما يحدث في ذلك المكان، هل يعقل أنهم اقتحموا إحدى مصحات المرضى النفسيين، ففي العادة يقوم الأغنياء بإيداع أبنائهم المدللين في أماكن كهذه بعيدًا عن الأضواء لعلاجهم من الإدمان أو الحنون وغيره ...

انزلت هالي يدها وهي تبتسم براحة :

" هو ده عادي الجو ده ؟؟"

حركت رفقة رأسها لأعلى وأسفل :

" ده عادي اكتر من الحياة اليومية، يابنتي احنا كنا بنتخطف اكتر ما بنقعد في بيوتنا، اياكش بس الايام دي واخدين هدنة بعد ما خلصوا على نص رجالة ايطاليا "

" طب ما الموضوع ده حلو، على كده بقى اتخطفتم كام مرة ؟؟"

لوحت روبين بيدها دون علم :

" متعديش، ده انا كنت بقعد مع الحرامية اكتر ما بقعد مع فبريانو نفسه، لدرجة أنه بقى يغير منهم ويقولي أنا مبقتش اشوفك زي زمان، الحرامية واخدين وقتك كله، بس نعمل ايه بقى يابنتي شغلنا  "

فتحت هالي فمها بانبهار كبير لما يقال وقد اندمجت معهم في حديث لا يفهمه سواهم هم الثلاثة، وهذا كان من حسن حظ أو سوء حظ المجرمين الذين لم يدركوا بعد أين هم وماذا يفعلون...

شعر إيكون بالغضب يتحكم به بسبب كل ذلك، هو يقف هنا رفقة رجاله يشاهدون هذا الجنون الذي يحدث، وبسبب ذلك اتخذ أكثر القرارات غباءً وهو يرفع سلاحه في الهواء مطلقًا رصاصة شقت سكون الليل صارخًا :

" اصمــــتـــن...."

ابتسمت جولي بسمة واسعة مشيرة له بكفها :

" شكرًا لك وفرت علينا عناء الصراخ لاحضارهم "

نظر الجميع لبعضهم البعض بريبة وسؤال واحد يدور في رؤوسهم ترجمه الصغير الجبان بكلمات مرتجفة خائفة:

" احضار من ؟!"

وفي صوت واحد رددت جميع الفتيات ببسمة :

" زوجي "

فتح جيفون عينه بصدمة شاركه بها الثلاثة الآخرون، يحاولون ترجمة ما حدث الآن، أزواجهم جميعًا، جميعهن متزوجات وازواجهن هنا، أي عشرة رجال ؟!

ردد جيفون يفتح فمه بصعوبة مبتلعًا ريقه يحاول استيعاب ما سمعه، بينما يردف بتمني يحاول جمع جميع الأشخاص في شخص واحد  :

" لنأمل أن ذلك العجوز هو نفسه فبريانو وقد تزوج بعشر نساء....."

عض إيكون شفتيه بغضب يشعر برأسه بدأت تدور وبخطته كلها تتفتت أمامه، لذلك ضرب بقدمه الطاولة الصغيرة المجاورة لباب المطبخ محطمًا كل ما عليها من مشغولات زجاجية لتعلو شهقات جميع النساء في ردة فعل طبيعية منذ وطأ بقدمه هذه المزرعة الغريبة :

" نعم، هذا ما يجدر بكم الشعور به....الخوف، لأن ما سيحدث لكم يستحق ملامح الفزع هذه و..."

قاطعته هايز بشفقة :

" سيلين لن تحب هذا "

رمقهم إيكون بعدم فهم :

" مهلًا من هذه ســ "

وقبل أن يكمل كلمته كانت ضربة عنيفة تأتيه من الخلف أعلى رأسه متسببه في انطلاق صرخات عالية وهو يسقط ارضًا بينما صوت سيلين صدح في الأجواء :

" أهو منزل والدك لتحطم به ما تشاء  يا قليل التربية ؟!"

تحولت أنظار الرجال جميع صوب تلك السيدة العجوز التي كانت تقف بشموخ برأس مرفوع لأعلى وكأنها ملكة في إحدى الدول تضرب بعكازها الأرض صارخة بحزم :

" نظفوا تلك الأرضية الآن وإلا....."

_______________

" يا راجل يعني انت اساسا مش مجرم ؟!"

رفع فبريانو حاجبه بسخرية من سؤال أدهم المتعجب بعدما علم لتوه أنهم لا يمتهنون الإجرام، وأن بطاقاتهم الشخصية غير مكتوب بها في خانة الوظيفة ( عضو في المافيا الإيطالية )

" لا، للاسف مش بشتغل مجرم، ده بس مجرد وظيفة باكل منها عيش بليل، دوام جزئي يعني "

قلب أدهم عينه يلوي شفتيه متعجبًا :

" ولا باين عليك والله "

" مش باين ايه ؟! "

ابتسم ادهم يسبقه في السير قبل أن يلقي بكلمته :

" أنك شخص عندك وظيفة وطبيعي زينا "

شيّعه فبريانو بنظرات حانقة ساخرة، ثم حث الخطى خلف الجميع بعدما تأكدوا أن جميع الحيوانات في مساكنها والآن هم في طريقهم للمنزل، سمع فبريانو صوت أدهم يتحدث بفضول كبير :

" إذن هل لديكم وظائف عادية، أم أن وظائفكم الأخرى قريبة من عملكم هذا كعصابة ؟!"

ابتسم اليخاندرو يردد :

" لما لا تقول أن عملنا كعصابة هو العمل الآخر ؟! أي أن الوظائف الأخرى هي الأساسية في حياتنا، نحن بالطبع لا نعيش على الجرائم وتلك الاشياء "

هز ادهم رأسه يتحدث بما يفكر صراحة :

" لا اتخيلكم في الحقيقة سوى رجال ببذل سوداء في اجتماع تجلسون على طاولة طويلة مع امثالكم من أصحاب البذل السوداء في جو غامض وفي الخلفية يعلو صوت اغنية Bella ciao التي كانت تخص تلك العصابة في أحد المسلسلات "

ابتسم جاكيري لهذا الخيال الجامح الذي يتحدث به أدهم، ثم قال بسخرية :

" اغنية تخص عصابة ؟! عزيزي هذه الأغنية Bella ciao هي أغنية شعبية فلكلورية تخص الثورة الإيطالية أثناء الحرب العالمية الثانية، وليست اغنية عصابة "

صمت ثواني ثم نظر لجايك وهو يقول بصوت هادئ شجي :

Una mattina mi son svegliato
o bella ciao, bella ciao, bella ciao, ciao, ciao,
una mattina mi son svegliato
e ho trovato l’invasor.

بدأ جايك يردد معه لتزيد من حماسة جاكيري شيئًا فشيء، وثواني فقط حتى بدأ جميع الاحفاد يرددون الأغنية بحماس كبير يمسكون باكتاف بعضهم البعض يرددون كلمات تلك الأغنية بحماس شديد بينما أدهم يحمل قاسم أعلى كتفه يسير خلفهم رفقة اليخاندرو يرى ذلك المشهد لهم في الظلام كأنهم خيال، يمسكون باكتاف بعضهم البعض يرددون الأغنية ...

ضحك أدهم يقول :

" مش قادر اشوفهم غير العصابة وهي رايحة تسرق البنك"

بينما قاسم على كتفه أخذ يردد تلك الكلمة التي تكررت أكثر من مرة بشكل متعثر يشارك أخواله تلك اللحظات ...

ولم يجد ادهم غير أن يشاركهم الغناء لكن بتلك الكلمات التي تم تعديلها في المسلسل، ليشعر بمايك يجذبه لهم يضمه من كتفه الذي يحمل عليه قاسم، واليخاندرو يراقبهم ببسمة واسعة مرتاحة، استنشق نفس عميق من ذلك الهواء الصافي المنعش وما كاد يزفره حتى توقف الجميع فجأة عما يفعلون تزامنًا مع ارتفاع صوت طلقات نارية قادمة من المنزل ...

ولم يتمهل أحد لمعرفة ما يحدث أو التفكير بمصدر ذلك الصوت، فقط انطلقت الاقدام بسرعة مرعبة منهم من يخرج سلاحه الذي لا يتخلى عنه كانطونيو وفبريانو ومنهم من اكتفى فقط بيديه العاريتين ...

وضع أدهم قاسم بين أحضان اليخاندرو يتحدث بكلمات غير مفهومة قبل أن يركض خلف الاحفاد جميعهم ....

كان الجميع يهرول صوب المنزل، وبمجرد أن وصلوا أمامه توقفوا فجأة بشكل منظم وانطونيو يتقدم مخرجًا سلاحه، يشير لهم بالتريث بينما أدهم لا يفهم ايًا مما يفعلون، نظر انطونيو نظرة صغيرة صوب فبريانو علم بها الأخير ما يجب عليه فعله .....

أمسك فبريانو السلاح بكلتا اليدين منزعجًا من نفسه أنه لم يحضر سلاحيه الاثنين، تقدم الجميع بخطوات حذرة ...

بينما الجميع ينتظر في الخارج وادهم لا يفهم ما يحدث، لماذا لا يدخلون جميعًا ويرون ما يحدث ؟!

لكن الخطة كالعادة كانت أن يكون فبريانو أول من يقتحم المكان لينظف الطريق لأجلهم، وبالطبع عند القول ينظف، فإنه ينظمه من كل شيء ...

دقيقة مرت قبل أن يعود فبريانو مشيرًا للجميع باللحاق به، وللعجب لم يكون المكان مفترشًا بالجثث، هذا يعني لم يقابل فبريانو أحد ...

ومجددًا عاد انطونيو ليتقدم الجميع مع فبريانو فهم يملكون الأسلحة، وبمجرد أن أصبحوا في منتصف البهو أشار للجميع بعينه في إشارة واضحة لهم لفعل أمر ما لا يفقهه أدهم، هو فقط أبصر الجميع عدا فبريانو وانطونيو يتحركون للأعلى بخطوات سريعة، بينما تحرك فبريانو ببطء في المكان يبحث عن شيء غريب، حتى أبصر طاولة ومزهرية محطمتان جوار باب المطبخ ...

تحرك يختفي جوار الباب من الخارج ينظر بعينه نظرة صغيرة ليرى جميع النساء في المطبخ ومعهن أربعة رجال مريبين، وسيلين مربوطة في أحد المقاعد ...

دقيقة مرت حتى عاد الجميع وقد احضر كلٌ سلاحه، ألقى مارتن بسلاح لفبريانو الذي التقطه ببسمة مخيفة يمسك بكل يدٍ واحدًا .

بينما ادهم يراقب كل ذلك بفم مفتوح، لأول مرة بحياته يرى شيئًا كهذا في الواقع، يبدون كـ حسنًا يبدون كالأحفاد، فهو لا يجد وصفًا لهم يوفيهم حقهم، إلا وصفهم بأنهم هم ..

" قال ويقولك الإجرام ده دوام جزئي، جزئي ايه بس دول واخدين فيه نبطشية ومسهرين طول اليوم "

أحاط الجميع بالمطبخ من جميع الجهات، بينما ادهم يرمقهم بقلة خبرة يحاول أن يفعل كما يفعلون، لكنه لا يملك سلاحًا مثلهم، لذلك تحرك صوب طاولة وأمسك ما عليها من التحف الثمينة رافعًا إياها أعلى كتفه متحركًا صوب فبريانو يقف خلفه هامسًا :

" هنهجم آمتى !!"

صمت فبريانو لحظات ثم قال بشكل مفاجئ وبسرعة كبيرة :

" الآن"

وبمجرد أن أتم تلك الكلمة حتى كان الجميع يقتحم المطبخ بشكل مفاجئ للمجرمين ولادهم على حد سواء الذي لم يكن يستوعب ما حدث :

" ايه السرعة دي، مش بتعدوا ليه ؟؟ "

في المطبخ حيث الجميع كانت النساء هادئات بشكل مثير للعجب والدهشة، عدا هالي التي ورغم تأكيد الجميع عليها أن الأمر تحت السيطرة، إلا أنها لم تستطع سوى أن تخاف، بل وترتعش خوفًا ..

فجأة انتفض الجميع في المكان على اقتحام الرجال المطبخ بشكل مخيف رافعين العديد من الأسلحة في وجوه الأربعة مجرمين، هؤلاء الأربعة الذين شعروا بالأرض تميد اسفلهم ..

ثواني وكان أدهم يقتحم المكان رافعًا المزهرية مصوبًا إياها لهم هامسًا :

" ارفع ايدك فوق يا حرامي يا زبالة منك ليه "

ورغم أن مظهر ادهم بتلك المزهرية كان يبدو شاذًا وسط أسلحة الاحفاد، وثياب ادهم البيضاء تتنافر مع سواد ملابس الاحفاد، إلا أنهم خلقوا وببساطة شديدة جو مشحون في المكان جعل المجرمين يشعرون بالرعب، إن كانت كلمة الرعب تصف ما يشعرون به حقًا في هذه اللحظة ...

ضربت هالي وجهها بيأس مشيرة لزوجها خفية  :

" فاظة ؟! ماسك فاظة ايه داخل تهاجم بتاع ورد؟! نزل يا ادهم نزل الله يسامحك بوظت الدخلة "

أنزل أدهم يده وهو يقول ببسمة صغيرة :

" على فكرة أنا بس حبيت الطف الجو، بعدين هما محدش عطاني سلاح فيهم والموضوع جه على غفلة فملحتقش اجهز "

همس الشاب الصغير بأقدام ترتجف :

" يا ويلي هل اقتحمنا مقرًا للجيش"

نظر له إيكون بشر ليصمت، لكنه لم يفعل ومن اول الرحلة يتجرأ ويتحدث بصوت عالي :

" لا تنظر لي بهذا الشكل تبًا لك، أنت السبب أنت من أخبرتنا أن نقتحم تلك المزرعة مدعيًا أنها لن تكون بالأمر الكبير وسوف نسيطر عليها في ثواني ونهدد سكانها المزارعين العُزَّل، بحق الله هل هؤلاء عُزَّل ؟؟ لديهم أسلحة تنافس أسلحة الجيش الوطني "

كان يبدو أن الشاب الصغير قد فقد عقله كليًا يهذي برعب، بينما إيكون يكاد يفقد رباطة جأشه، يحاول أن يتماسك متحدثًا بتجاهل لحديث ذلك الاحمق الذي تعهد في نفسه أن يذيقه الويل بعد الخروج من هنا :

" نحن لا نريد أذية أحد، نحتاج للبقاء هنا لليلة واحدة ومعالجة اخي"

نظر انطونيو لهم من الاعلى للاسفل :

" وهل تظن أن اقتحامك لمنزلنا وتهديد نسائنا بالأسلحة هي الطريقة الأفضل لطلب ما تريد يا سيد ؟!"

كانت كلماته هادئة باردة، إذن لِمَ هذا الرعب الذي تلبس اجساد الجميع ؟؟

صاحت سيلين التي فُكت قيودها للتو بواسطة روبين :

" وايضًا قاموا بالصراخ في وجهي وتقييدي بالمقعد انطونيو "

تحدث جاكيري ببسمة مستفزة :

" هذا ليس بالشيء السييء لنعاقبهم عليه سيلين، بالعكس لولا أن كفة أخطائهم هي الراجحة، لكنت اكرمتهم لأجل مافعلوه بك "

" وماذا سأتوقع منك، أنتظر فقط حتى انتهي من هؤلاء الحمقى ثم أتفرغ لك جاكيري "

لم يجبها جاكيري يعطي انتباهه بالكامل لضيوفهم الكرام، بينما إيكون يحاول ايجاد طريقة للخروج دون أي أضرار :

" نحن لم نمس أحد هنا، لقد جئنا في سلام "

جذبت روبين يد رفقة لتترجم لها مقال، ثم صرخت بصوت معترض :

" كاذب، لقد صرخ في وجوهنا واصفًا ايانا بالغبيات والحمقى يا فبريانو، تخيل نحن غبيات ؟!"

نظر لها الجميع باستنكار لتعجبها تلك الصفة، لكنها لم تصمت وهي تقول متكتفة :

" أيضًا لقد اخافوا جميعًا هالي"

كانت تتحدث بشر وهي تشير لهم جميعًا، ليرتعش الشاب الصغير وهو يختبأ في جيفون الذي كان يشعر بالمكان يدور حوله، الإرهاق بلغ منه مبلغه، وقد نزف الكثير من الدماء ...

ثبّت فبريانو عينه أعلى الحقائب التي يضمها إيكون له بخوف وحماية كبيرة، حماية لا يمنحها حتى لاشقائه ولا لشقيقه الأصغر الذي يكاد يموت بعدما نزف الكثير من الدماء .

أشار فبريانو بمسدسه على الحقائب قائلًا بنبرة مخيفة، وقد ساهم مشهدهم وهم يحملون الأسلحة في تجميد الجميع من الخوف :

" ما هذه الحقائب ؟؟ هل سرقت شيئًا من المنزل ؟؟"

ضم إيكون الحقائب لصدره بقوة وعيون تدور في الوجوه بحنون، تلك الحقائب فقد لأجلها الكثير ولن يفقدها أيضًا ..

تحدثت هالفيتي بجدية بعدما فهمت ماقاله بواسطة السماعة التي تضعها في أذنها طوال الوقت :

" لا لا هما جم بالشنط دي ما اخدوش حاجة من البيت والله "

ردعها أدهم عن الحديث أو التحرك :

" وأنتِ بتدافعي عنهم ليه؟! أنتِ شريكة ليهم ؟!"

رفعت هالي حاجبها من حديثه وما كادت تبدي أي ردة فعل، حتى شعرت بجسدها يُسحب بقوة، إيكون يضمها لصدره بعنف شديد موجهًا فوهة السلاح أعلى رأسها لتشعر أنها ستسقط ارضًا من الرعب، ابتلعت ريقها توجه حديثها للفتيات :

" هو ده عادي برضو وبيحصل كتير معاكم، ولا المفروض  اقلق ؟!"

تحدثت روبين وهي تنظر برعب لما يحدث :

" لا ابدأي اقلقي "

ضمها إيكون له لا يبصر تلك النظرات التي علت وجوه الجميع بسبب غضبه :

" لا أحد يتحرك، أنتم ستعطوني سيارة وتزودونا بطعام وتتركونا نرحل، ولن اؤذي تلك الفتاة "

نظرت هالي وهي ترتعش لادهم :

" الحقني يا ادهم ده عايز ياخدني رهينة "

"مش ده اللي بتدافعي عنه؟! اشربي بقى  "

نظر له فبريانو ثواني وفي رأسه مشهد له وهو يطلق رصاصة لتتوسط رأسه، لكنه يشفق على الفتيات من رؤية هذا، تنهد بعجز يحاول فعل شيء لا يتسبب في إيذاء مشاعر الفتيات ...

" حسنًا أنت بهذا الشكل لن تنال كرم ضيافتنا، أتركها حتى لا تنال مني وجهًا آخر لن يسرك لا تضطرني للتعامل معك بشكل سييء كما تفعل "

نظر إيكون لانطونيو الذي نطق بتلك الكلمات في هيبة كبيرة وهدوء يُحسد عليه، رغم تلك العواصف التي تزين عيونه كما الجميع، ويبدو أن إيكون احسن اختيار الضحية فهي تبدو مهمة للجميع مما يرى من تحفزهم....

قال جاكيري مشيرًا لايكون بجدية :

" بحق الله انطونيو هو لا يمكن أن يكون سيئًا، لقد قيّد سيلين وكاد يقتلها "

تشدق جايك بشر :

" انطونيو نحن لا نمتلك أي كرم من الأساس "

ابتسم آدم قائلًا بسخرية لاذعة :

" نعم لكنهم لا يعلمون، ثم نحن بالفعل نمتلك كرم ضيافة، لكن بطريقتنا الخاصة "

أضاف ماركوس موافقًا :

" نعم يا جايك، نحن أكثر العائلات كرمًا، حتى مع أعدائنا "

كان ذلك الحوار اللطيف يدور أمام إيكون ومن معه الذين مازالوا يحاولون أن يجدوا طريقة للهرب من ذلك الحصار، الأمر أشبه بالوقوع داخل حفرة افاعي ....

استغل فبريانو تشتت إيكون بحديث اشقائه ليرفع سلاحه موجهًا إياه عليه، وفي ثواني فقط كانت رصاصته تستقر في كتف إيكون جوار رأس هالي التي جحظت عيناها وهي تحركها ببطء صوب ذلك الرجل الذي يمسكها تراقب الرصاصة عن قرب ليتركها إيكون بعنف صارخًا أثناء سقوطه ارضًا وتلحق به هالي التي شعرت بالدماء تنسحب من دماء وترتمي ارضًا بقوة ...

تحركت جميع أنظار الاحفاد نحوها بفزع بسبب عنف اصطدامها بالأرض، ليردد انطونيو بحنق :

" احسنت فبريانو لقد تسبب في ارعاب زهرتنا "

ركض ادهم برعب صوب هالي ملقيًا مابيده ارضًا غير مهتمًا له لتعلو صرخات سيلين تزامنًا مع تحطم المزهرية لاشلاء...

انحنى أدهم يضم جسد زوجته له :

" ام فتحي، ام فتحي حبيبتي أنتِ بخير ؟! سمعاني ؟!"

جواره كان انطونيو ينظر للثلاثة الذين فزعوا من سرعة خروج الرصاصة وإصابة إيكون الذي يتدحرج ارضًا بألم بعدما كان يتجاهل وجع أخيه ...

ابتلع الشقيق الأوسط له ريقه وهو يهمس برعب :

" هل هربنا من عصابة حقيرة لنقع مع جيش ؟!"

ابتسم مارسيلو وهو يتحدث اول مرة منذ جاء يتقدم منهم واضعًا يده على كتف الشاب الصغير :

" إذن هل تريد رؤية كيف نكرم ضيوفنا ؟!"

اسودت وجوه الجميع وهم يتحركون صوبهم بعدما تأكدوا من افاقة هالفيتي التي كانت تشير بجنون صوب إيكون:

" الرصاصة خرمت جسمه ..."

ضمها أدهم له مشفقًا عليها مما رأت، ترتعش بخوف هي لم تعتد كل ذلك، ربما نتحدث وتمزح في الأمر، لكن أن تتحدث شيء وأن تمزح شيء آخر.

تحرك الجميع صوب الأربعة رجالة الذي تجمعوا ارضًا بخوف كبير ليسمعوا صوت انطونيو يهمس بنبرة فحيح مرعبة :

" فبريانو، هم لك افعل ما تشاء بهم ....."

__________________________________

في مصر :

كانت جميع النسوة تجتمع في شقة شادية كالمعتاد، الكل يتحدث في أمور مختلفة ...

قاطعت شادية كل ذلك وهي تتناول بعض التسالي بسخرية :

" ام فتحي ؟! وهي فين ام فتحي دلوقتي ؟! دي تلاقيها عايشة مع عيال خالها اللي زي ابطال السيما ولا على بالها حد، خلينا ساكتين عشان أنا شايلة كتير "

ضحكت اشرقت بصوت عالي تلتقط كوب من أمام مريم تصب لها بعض المشروبات الغازية:

" طب بلاش لاحسن البنت تولع وهي قاعدة "

ضحكت شادية :

" يا ستي ربنا يسعدها، اهو خلاص ايام وترجع "

نظرت لمريم ثم قالت بجدية :

" قولتي يا مريم لكريم إني عايزة اكونت الولد الطويل اللي جه ياخد ام فتحي وادهم؟؟ اصل انا بعتله على الماسنجر وتقريبا عملي بلوك "

هزت مريم رأسها ببطء تحاول إيجاد حجة :

" هو يعني ...أصله يا شادية أنتِ عارفة، شادي .."

رفعت شادية حاجبها مرددة بعدم فهم :

" شادي ؟! ايه اللي دخل شادي في الحوار ؟!"

" اصل الحقيقة يعني كريم عرّف شادي وشادي قاله اوعى تديها حاجة"

استشاطت شادية وهي تنظر لمنة التي كانت تغمس قطع البسكوت في الحليب، لتشعر أن هناك نظرات موجهة صوبها، رفعت رأسها بتعجب :

" ايه بتبصي كده ليه ؟!"

فتحت شادية فمها لتجيب عليها لكن قاطع كل ذلك طرق عنيف يأتي من الخارج، نظر الجميع لبعضهم البعض بريبة قبل أن تنهض شادية راكضة صوب الباب وخلفها الجميع ...

فتحت الباب تتحرك صوب سور البناية تنظر للاسفل حيث الصوت والذي كان يصدر من الطابق الخاص بمنزل ادهم، في نفس اللحظة التي خرج بها شاكر والرجال من منزله وتحركوا صوبهم بتعجب ...

قال عوض يهبط للاسفل :

" خير يارب مين اللي هيكسر الباب ده ؟!"

تحرك خلفه شاكر بسرعة كبيرة وكذلك الرجال جميعهم، ثم شادية وخلفها الفتيات ..

وصل الجميع للطابق الخاص بادهم، ليجدوا العديد من الأشخاص يقفون أمام باب منزل ادهم، لكن ذلك لم يكن المثير للإنتباه، بل ذلك الدخان الذي كان يغشي أعين الجميع والخارج من أسفل باب منزل ادهم هو ما جعل الجميع يشهق بفزع ...

صرخ عوض بسرعة يتحرك صوب الباب رفقة شادي :

" كسروا الباب معايا بسرعة قبل ما الحريقة تاكل الشقة "

تحرك شاكر خلفه وبدأ جميع الرجال يدفعون الباب بقوة كبيرة أدت لسقوطه بعد الدفعة الرابعة تقريبًا، لكن فجأة تيبست اجساد الجميع وهم يبصرون ما يحدث أمام أعينهم، ضربت شادية صدرها بفزع :

" سترك يارب ..."

_______________

وها قد اقترب الوداع الاخير لهم ....

وها هي نهاية رحلتنا تلوح في الأفق .

رأيكم وبكل صدق في النوفيلا ككل بما إن النهاية اقتربت ؟!

دمتم سالمين
رحمة نبيل

Continue Reading

You'll Also Like

206K 3.3K 37
حب شقاوه
2.4K 277 8
تدور أحداث الرواية حول سِليم شاب في العقد الثالث من عمره يقراءة كتاب أسطورة أرض ميلاكو لتنقلب حياته رأسًا على عقب إذ فجاءةً يكتشف انه انتقل لزمن وعا...
19.1K 769 30
عندما يكون هذا عشقك الأول، وفجأة تكتشف أن من تعشقه حد الجنون هو ذاته زعيم الشر، إبليس الظلام، زعيم مافيا الظل، كيف سيكون حالك؟ وما رد فعلك يا تُرى؟ و...
3.5K 394 10
_لا نرىٰ "أعين مغلقة بغشاء البؤس فغفلت عن ما يحاوطها" _بؤس "كلمة جمعت أصدقائها" _عائلة "سعادة، شقاء" وكلما أغمضتُ عيني تتقاذف الأسئلة لـ عقلي ومن...