مُعَانَاة كَالسُكَر ✓

By EekaUa

72.1K 6.3K 2.2K

رُبما خانني الشعور بقول أنني كافية.. لم أكُن يومًا كافية قبل وجودكَ؛ بل كُنتُ كـتائه في بحر الخِذلان، كُنتَ... More

«اقتبـاس»
1_ الفصل الأول "قَـرار!"
2_الفصل الثاني "مشاعر"
3_الفصل الثالث "إدراك"
4_الفصل الرابع "شِفاء!"
5_الفصل الخامس "مَصيـر"
6_ الفصل السادس "مُعالجة"
7_ الفصل السابع "موافقة"
8_الفصل الثامن "فُرصة!"
9_ الفصل التاسع "رِحلة!"
10_ الفصل العاشر "إستعداد"
11_ الفصل الحادي عشر "تشابُه!"
12_الفصل الثاني عشر " مراسم"
13- الفصل الثالث عشر "سؤال وأجابة"
14- الفصل الرابع عشر "وقتٌ مُمتع"
15- الفصل الخامس عشر "وقعت بالخطأ!"
16- الفصل السادس عشر "محاولة"
17- الفصل السابع عشر "كارثة"
18- الفصل الثامن عشر "لم يتخطىٰ بعد!"
19- الفصل التاسع عشر " احتواء"
20- الفصل العشرون "بلا سكر!"
21- الفصل الواحد والعشرون "ندوب الماضي"
22- الفصل الثاني والعشرون "يوم الميلاد"
23- الفصل الثالث والعشرون "انفجار!"
24- الفصل الرابع والعشرون "تغييرات مرئية"
26- الفصل السادس والعشرون "العاشر من رمضان"
27- الفصل السابع والعشرون "عيدٌ مُبارك!"
28- الفصل الثامن والعشرون، الأخير " زفاف!"
- ما ناقشته الرواية. ✓
إضافي¹ " عائلة"

25- الفصل الخامس والعشرون "أهلًا رمضان"

1.8K 187 36
By EekaUa

الفصل الخامس والعشرون.
«مُعَانَاة كَالسُكَر»

_______________
تُجاهد..
وسط ميادينٍ من اليأس،
وحشودٍ من الغِل،
وسدودٍ كالجبال..
والكثير من المعارك الحارقة،
والمحيطات الغارقة،
ومع ذلك تُجاهد للأنتصار وحدك،
آملًا أن تعثر على وجهتك، وتُلون مساركَ بألوان الوثوق..
فَلا شك أنك ستقف في مرساك يومًا ما وتقول بصوتٍ يُرعب الحقود..
"ها أنا ذا، أمسكتُ بِحلمٍ طال فيه طريق الوصول!"
_____________________

أتت الساعة التي طال انتظارها بالنسبة لـ "كرم"؛ والذي كان يبتسم على هيئته التي تعكسها المرآة بإندهاشٍ، تدحرج شريط ذكرياته البائسة أمامه مرة أخرى ولكن؛ لم تسيطر عليه ككل المرات السابقة، بل ولوهلة شعر بالفخر والامتنان لما مر به، يشعر الآن أيضًا ببعض الرضا عن كل ما عاشه للآن، ابتسم فجأة حين تذكرها ورأىٰ صورتها ترتسم في مخيلته، ولم تُتيح له الفرصة لأن يشرد أكثر من ذلك، وهذا لأنه قد سمع صوت ضوضاء تتسرب من الخارج، فتح الباب وخرج بسرعة يعرف سببها، ولكن تفاجأ بدهشةٍ حين وجد "إسلام" يُمسك بِعُلبة بيضاء متوسطة الحجم، ويطرق عليها بسرعة وهو يُغني برفقة "يونس" و"عصام" والفتيات تُصفق بالخلف، كان المشهد كافي بتفاصيله أن يُقعه أرضًا من كثرة الضحك، ولكن لا ينكر أنه شعر ببعض الدفء يتسلل إلى قلبه على ما يفعلونه له..

آتاهم صوت زغرودة "كريمة" التي خرجت من غرفتها متجهزة تمامًا، أما "إسلام" والفتية، تقدموا ناحية "كرم" يدورون حوله ويُدندنون بأغاني شعبية قديمة، حيث كان "عصام" يقول:
-"يا نجف بنور يا سيد العرسان"

والفتيات يُرددون:
-"يا سيد العرسان"

-" يا قمر ومنور عـالخلان، آه يا نجف آه نجف آه يا نجف حلو يا نجف آه "

-"حلو ومدلع من يومك، اسم الله عليك ملوي هدوك"

رددوا الفتيات ورائهم بمتعة وضحكات بينما نثر "يونس" بعلوٍ:
-"وعريسنا حلو"

طرق "إسلام" على ما بيده وهو يركع بأحد قدميه أرضًا وقال:
-"آه"

-" والنعمة حلو"

-"آه"

-"وعروسته أهي"

اندهش الجميع وهم يتساءلون بأعنيهم عن العروس، وما إلا ثوانِ استغرقتها والدته "كريمة" لتلتصق بأبنها وهي تُشير إلى حالها بمرحٍ، ليكملوا الشباب:
-" قمورة أهي"

تفوه الجميع سويًا:
-"شيليه بقى فعينك يا عروسة وأن زعل أبقي اديله كام بوسة"

-"بـــس لحد هنا واستوب، اللي جاي من الأغنية عايز خطيبته مش أمه"

قالها "يونس" بإحراجٍ ليضحكوا عليه الجميع، أما"عصام" فتقدم يحتضن أبن عمه ببسمةٍ كادت أن تترك فمه من السعادة، وبعدها تقدم "إسلام" و "يونس" وخلفهم تقدموا الفتيات يصافحونه بحبٍ ويقدمون له المباركة، وأتى أخيرًا الدور على فتاته الصغيرة كما ينعتها داخله دائمًا " روان" التي قفزت داخل أحضانه بضحكاتٍ عالية وهي تقول:
-" وأخيرًا عشت وشفت اليوم اللي هزفك فيه يا كراميلا"

قهقه وهو يخرجها من أحضانه وقال:
-" بقى كده؟، طيب يا ستي عقبال م أفرح بيكِ قريب"

آتاهم صوت "إسلام" الساخط:
-" بعد إذن الجو العائلي، معانا خطوبة ولازم نمشي"

وكأنهم تذكروا أمر الخُطبة للتو، ليتحركوا جميعًا إلى الخارج، وما إن خرجوا من بوابة المبنى، صعدوا إلى السيارات التي جلبها لهم "إسلام" و" عصام" لتقوم بتوصيلهم، حيث كان كل من "يوسف" و "خالد" وأحمد" بسيارة واحدة برفقة "عصام" والفتيات قد ضمتهم سيارة "ميكروباص" واحدة برفقة أمهاتهم، أما"يونس" فلم تكفي بنظره السيارة وقد صعد على دراجته النارية وتحرك خلفهم...

وعقب استغراق الوقت المناسب للوصول، تمكنوا أخيرًا من الوقوف أمام باب بيت العروس، والذي كان يضُج بأصوات الأغاني والزغاريد التي نبعت من أفواه النساء، وخصيصًا "كريمة" و"أمل"، أما "نهال" فكانت تُراقبهم ببسمةٍ طفيفة، وما أن دلفوا إلى الداخل، وعقب انتهاء التحية والمباركة لـ "كرم" ووالداه، خرجت "ملك" من بين الستار الفاصل بين الصالون والغرفة الخاصة بها بهيئتها البسيطة، حيث كانت ترتدي فُستانًا بسيطًا من الـستان باللون البنيّ الامع وعليه بعض التفاصيل الخاصة على الصدر وأطراف الأكمام ووشاحًا للرأس باللون الـبيچ، وفوق ذلك أضافت هي مجوهرات ذهبية لأطراف أصابعها كانت كافية لأظهارها بشكلٍ يخطف الأنظار، وعلى الناحية الأخرى، كادت عيني " كرم" أن تترك مكانها عليها، وحينها ايقظته لكمة "إسلام" الخبيثة، نظر إليه بلومٍ ثم دار يطالعها وهي تقوم بمصافحة الجميع بخجلٍ، ثم أتى الدور على صديقتها "حور" التي قامت بإحتضانها بمرحٍ وسعادة، وما إن انتهت جلست على مقعد ذهبي أنيق جوار "كرم" وخلفهم بعض الزينة والتفاصيل الخاصة بالخطبة...

دقيقة.. دقيقتان مروا عليهم وهم يطالعون بعضهم بعضًا بحبٍ وغير تصديق، وخصيصًا "كرم" الذي كان يروي عطش انتطاره برؤيتها، رُبما ما يحدث لم يكن مع من تمناه قلبه ولكن في نهاية المطاف، حصل على الشريك المناسب، والذي يستطيع أن يكمل معه رحلته إلى ما بعد النهاية!

عند "حور" كانت تحاول عدة مرات أن تحادث "سيف" ولكن لا فائدة، وآثار ريبة ما يحدث أكثر أن هاتفه قد أُغلق بعد محاولتان منها، ولكن فجأة.. وكعادته أتى فالوقت المناسب، برفقة "تالية" و "طارق"، وحين رأها هو وهي تحاول بعيدًا ابتسم بهدوءٍ، ووقتها تقدم لمصافحة الفتية و المباركة لـ "كرم" والعروس، وفي ذلك الوقت نظرت هي فجأة فوجدته يتقدم ناحيتها بهدوءٍ وكأنه لا يعلم حجم القلق الذي سيطر داخلها بسببه، راقبت هدوءه المستفز بلومٍ وقالت:

-" وقافل تليفونك ليه؟"

راقبها من أعلى إلى أسفل بإعجابٍ وقال بصوتٍ عاشق:
-" استني بس تليفون إيه اللي قافله، إيه الحلاوة دي؟"

طالعت هيئتها بخجلٍ، ورُغم أنها تكره ذلك اللون، ولم تكن راضية عن مظهرها كفاية، جعلها هي تتورد من اعترافه اللطيف، ثم دارت حول نفسها بمرحٍ وهي تقول:
-" بجد والله شكلي حلو؟"

-" شكلك بياخد عيني فكل وقت، بس المرة دي والأحمر دا!، خد عيني وقلبي وعقلي وكل الأعضاء والله"

نثر بشجنٍ ضاحك جعلها تنظر إليه وكأنها تكذب ما قاله ليؤكد هو لها بطريقته:
-" بحبك والله"

إتسعت حدقتيها وكأنها تستمع إلى ما قاله لأول مرة، ثم ردت بحبٍ:
-" وأنا كمان"

°°°°°°°°

عند "سلمى" التي كانت تقف تُطالع شاشة هاتفها أتاها صوته المفاجئ:
-"بقى فرح وهيصة ووقفالي بالتليفون؟"

راقبته بغير فهمٍ ثم أغلقت الهاتف تبرر:
-" جاتني رسالة من صحبتي ضروروية وكنت بشوفها، بس قلي أنت شاغل بالك بيا ليه، هي النهاردة مش خطوبة أخوك، روح أقف جمبه يمكن يحتاجك"

تحدث "إسلام" بحنقٍ:
-" أقف جمب أخويا!! يعني هو ظاخل العمليات؟، مهو قاعد متحنط جمب عروسته أهو هعمله إيه يعني، وبعدين تعالي هنا"

أمأمت هي فأكمل:
-" إيه هو اللي شاغل بالك بيا ليه، وهو أنا لو مشغلتش بالي بيكِ هشغله بمين؟"

طالعته بدهشة فأوميء هو بأهدابه وكأنه يؤكد ما قاله، للتساءل هي:
-" مش فاهمة برضو عايز إيه؟"

-" عايزك!"

نثر بسرعة فَـ تفاجأت بصمتٍ ليقول هو:
-" شكلك قمر، الفستان الأحمر واخد منك حتة، فمتلبسيهوش تاني بقى عشان بغير"

وبعد أن قال ما قاله رحل وتركها خلفه تَتفرع منها جزور الورود أجمع، فضحكت بإتساعٍ ووضعت كفيها على عينيها بخجلٍ مما شعرت به..

عند كل من "نهال" و" أمل" و"كريمة" الذين ترصصوا على المقاعد بجوار بعضهم بعضًا، استولت تريقة "نهال" المعتادة على والدة العروس والتي كانت تشبه إلى حدٍ كبير صديقة قديمة لها، أما "كريمة" و"أمل" فكانوا يحاولون أن يكتموا ضحكاتهم وخصيصًا "أمل" التي كانت توكزها لعلها تتوقف عما تفعله وتسكت قليلًا، وبالانتقال إلى "إسلام" ويونس " الذي تفوه وهو يحتسي مابيده:

-"تعرف لو جالي قبل أسبوعين عفريت وقلي أن امهاتنا هيقعدوا مع بعض ويضحكوا كده مكنتش هصدقه"

ضحك "إسلام" وقال وهو يراقبهم بخوفٍ:
-" ربك يسترها، جمعنا تلت أطراف الطرف منهم قنبلة ذرية"

ضحكوا بعلوٍ وبالوقت ذاته تحرك خلفهم "عصام" الذي كان يمسك بكوبان من العصير وقام بده لها:
-" عصير برتقال؟"

امسكت الكوب ونبست:
-" آه وليه لا؟"

حمحم عقب ارتشافه من الكوب وهو يراقب وضعها الخجول، ماا يقول يا تُرى!، هل سيعالج الوضع أم سيتحول إلى أحمق يقول بعض الكلمات العبثية الغير مهمة؟

-"شكلك؛ حلو النهاردة"

نثر لتجيب:
-"النهاردة؟، يعني كل مرة بيكون شكلي وحش فيهم؟"

تأتأ بتلبك وهو يحاول أن يعالج ما قيل:
-" لأ، أنا مقصدش والله أنا بس اللي أقصده أنو"

ضحكت بعلوٍ وفسرت:
-" متقصدش إيه يا عصام أنا بهزر معاك أكيد."

-"آه"

ابتسم بنصف فمه بتوترٍ على غير العادة، وللحق يبدو كالسعلوق الأحمق بذاته الآن، فتساءلت:
-" مالك يا عصام، مش على بعضك ليه؟"

تنهد بحرارة ونبس سريعًا:
-" بصراحة أنا بحبك، مش عارف إزاي بالسرعة دي حبيتك واتعلقت بيكِ"

إتسعت حدقتيها بصدمة وبالكاد يستطيع أن يرى صف اسنانها من فاها المفتوح بدهشة، فقال سريعًا:
-" أنا عازرك وعارف أنه مش شرط تباديليني نفس المشاعر وليكِ كل الحق فده بس عايزك تفكري."

-"أنا كمان.. جايز يكون فالوقت القليل دا اعجبت بيك يا عصام بس الإعجاب لوحده مش كافي يخليني أقرر هل أنا بحبك بجد ولا لا"

قاطعها سريعًا:
-"وعشان كده بقلك تفكري، بس عشان يكون كل اللي جوايا عندك أنت فعلًا حاسس أني بحبك، جايز نكون مختلفين عن بعض فحجات كتير بس أنا واثق أن في حاجة مشتركة بينا، لأن أكيد مش هميل لحبك من باب للطاق كده!"

قال آخر حديثه بأسلوبٍ فظ قليلًا لتعقد هي حاجبيها، فسرعان صحح هو:
-" أكيد مقصدش طريقتي دي بس أنا متوتر شوية"

أومأت بتفهمٍ وقالت:
-"ولا يهمك، أوعدك إني هفكر، بس بعد أذنك هروح أشوف طارق"

اعتذرت لتتنحنح سريعًا من أمامه قبل أن تذوب، أما هو فأطلق صراح تنهيدة عالية نابعة من قلبه ثم استيقظ على صوت أغنية الخطبة ..

أمسك "كرم" الخاتم الذهبي الخاص بِ "ملك" وطالعها بحماسٍ بادلته إياه هي وهي تضحك بحبٍ، شعر بشجاعة أكثر حين استمع إلى تصفيق الفتية وفتيات العائلة، وخصيصًا عقب سماعه صَفير "إسلام" وقام بتلبيسها، وعندها جاء دورها حين أمسكت القطعة الفضية واضافتها إلى أصبعه، وحينها وقفوا يتمايلون على الأغاني برفقة الجميع.. فكان المشهد كالآتي...

"حور" "سلمى" و "رَوان" كانوا كالورود الراقصة، وهذا عائد على اعتمادهم إلى اللون ذاته كعادتهم الدائمة، و"سما" و"سمر" برفقة "تالية" التي تحاول جاهدة أن تتماشى مع الأنغام، رقصاتٍ عشوائيةٍ نبعت من "إسلام" و"يونس" برفقة "عصام" و"طارق" و"سيف"، أما"كرم" فكان  يصفق ويتمايل بهدوءٍ برفقة "ملك" التي لا تُجيد الرقص بتاتًا، فتقدمت "حور" ناحيتها وجذبتها إلى بقعة الفتيات لتأخذ فرصتها، و"كرم" تم التقاطه بسرعة بواسطة "سيف" الذي قام بأحياء الأجواء بطريقته...

_______________________

-" يلا يا حسين الشاي هيبرد"

-"جاي أهو"

تفوه حين خرج إلى الشرفة الواسعة التي كانت تجلس بها "عبير" وحولها كوبان من الشاي وبعض حبات الكحك الخالي من السكر، جلس إلى جوارها وقال بحبٍ:
-" وأخيرًا البيت فضي علينا وهنشرب شاي بهدوء زي زمان"

قهقهت "عبير" ونثرت:
-" أخص عليك اللي يشوفك وأنت بتقول كده ميشوفش فرحتك بالولاد ولمتهم حولينا"

-"الصراحة آه بس دا ميمنعش إني حابب أخد راحتي مع مراتي حبيبتي"

نظرت إليه بخبثٍ وتساءلت:
-"خير يا حسين اتجوزت عليا ولا إيه؟"

رد سريعًا وهو يحتسي الشاي:
-" آه"

أمأمت هي واحدة من الكعك وقالت بلا مبالاة:
-"مبروك يا حبيبي، تتهنى"

تساءل هو بحيرةٍ:
-"إيه مش هتقومي تلبسي الكوبايتين دول فدماغي وتقوليلي يا خاين وكده؟"

مالت برأسها وفسرت:
-"لا، عشان عارفة إنك بتهزر، يوم ما أتأكد إنك مبتهزرش اوعدك اني هلبسهملك فدماغك يا حسين حاضر"

ضحك "حسين" بعلوٍ وهو يهز رأسه يأسًا من كونها على حالها، فنثر بحبٍ:
-" وأنا أقدر يا عبير، دا أنتِ كل حاجة ليا، في حد بيسيب عمره وكل اللي ليه ويروح لحاجة تاني؟"

-"مِسم، ثبتني ثبت"

ردت عليه هي بخجلٍ ليقول هو سريعًا:
-" بس إيه الهدوء الجميل دا والله، تحسي كده روحي ردت"

-"روحك ردت لما احنا برة طبعًا"

قالها "سيف" من الخلف وهو يقف بجوار أخوته، ليكمل "طارق" بمرحٍ مصتنعٍ:
-"كمل يا بابا كلامك ولا اكننا هنا"

مال "حسين" بشفته بتوترٍ وهو يطالع زوجته، ثم قال بعد ثوانٍ استغرقها فالتفكير:
-"كنت بقول أن الجو جميل وكده"

تقدمت "تالية" تقول بضحكٍ:
-"الجو آه"

انزعج والدهم بإصتناع وقال:
-" أنتوا إيه اللي جابكم دلوقتي؟ كان لسه في مرحلة لب وسوداني"

ابتسم "سيف" بإتساعٍ وقال وهو يدلف إلى غرفته:
-"ومالو؟، هغير هدومي وناجي نشاركم المرحلة"

______________________

-بعد مرور نهار يوم الثلاثاء-

حَلت أجواء رمضان بالشوارع والأفق، الأطفال يعلقون الزينة برفقة آبائهم، والمحلات التجارية قامت بدورها أيضًا في تزيين ما ليدهم، وصدحت أصوات الأغاني الدافئة الخاصة بالشهر الكريم في كل الإرجاء، فَدائمًا يأتي بأطيافه وروحانياته فالوقت المناسب بتوقيت المُسلم، يأتي ليمحي الندوب، ويريح القلوب، ويسلك طُرق التقصير ويملؤها باليقين والتوحيد، يأتي ليعمر ما هُدم، ويسقي ما ذُبل بسبب المُعضلات، شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن الكريم على النبيّ - صلى الله عليه وسلم-، شهر رمضان المبارك الذي بمثابةِ عيدٍ بمنازل المسلمين أجمع، وتحديدًا في مبنى "المهدي"..

في الطابق الثاني -عصرًا-، حيث كانت "سلمى" تحادث"حور" عبر الهاتف وهي في حالة مزرية ثم أغلقت الهاتف، رفعت اكمامها التي سقطت للتو ورفعت شعرها قائلة بتعبٍ:

-"يلا يا سمر خلينا نخلص ترويق، حور عيزانا نعلق الزينة سوا"

-"وهي حور لحقت تخلص ترويق؟"

تساءلت لتجيب عليها "سلمى":
-"مش كل الناس بتروق قبل رمضان بيوم زينا، وفكرينا منزنقش نفسنا كل مرة زي كده عشان بجد تعبت"

أتت "نهال" تقول وهي تحمل بيديها المكنسة:
-"خلاص يا سلمى باقي الصالة بس، يلا أنا هطلع الزبالة دي وسمر هاتي وامسحي، و قصاد أختك وهي بتفرش"

أومأت كليهم وبدأو بالعمل...

-فالطابق الأول-

في بيت "يوسف" كانت "كريمة" تكتب قائمة المشتريات الخاصة بالشهر الكريم لـِ "إسلام" الذي كان يُطالعها بضيقٍ فنثر:
-"يا أمي حرام عليكِ دي قائمة للشهر ولا للسنة؟"

أجابت "كريمة":
-"للشهر يا واد وكمان هنحتاج تاني فنص الشهر،المهم بس استني عشان منساش"

كرر هو بتشنجٍ:
-"هنحتاج تاني فنص الشهر؟، ليــــه العمالقة هتفطر وتصوم؟، بقلك إيه يا ماما اكتبي كل اللي عيزاه وبعد المغرب هروح اشتريهم"

-"يواد خلاص خلصت"

تفوه وهو يذهب إلى غرفة أخيه:
-" خلصتي إيه أنتِ عايزة سنة على متخلصي"

دلف هو لأخيه من هنا وخرجت "رَوان" من غرفتها من هنا، ثم قامت بالنقر على الباب ودلفت لهم قائلة:
-"بينا عشان نعلق الزينة"

وبالفعل خرجوا ثلاثتهم إلى أمام المبنى، الذي كان يقف أمامه كل من "يونس" و"عصام" و "حور" و "سما" ، وبعد عدة ثوانِ أتت كل من "سلمى" و"سمر" ومعهم العديد من الزينة والرايات الحمراء، مال "يونس" وهو يُمسك سماعة بلوتوث صغيرة وقام بتشغيل أغنية "سر السعادة" الخاصة بحسين الجاسمي وهو يغمز لهم قائلًا:

-" لزوم الأجواء."

ابتسموا جميعًا وقاموا بأدوارهم حيث وقف "كرم"  أعلى السُلم مُتأهبًا لذلك الفانوس الضخم الذي يُمسك به كل من "يونس" و" إسلام" ليعلقه أعلى البوابة، بينما كان "عصام" يُسمك بطرف العقد برفقة أخته "حور" وقاموا بتعليقه على السور، أما "كرم" فهبط يمسك بالرايات برفقة أخته "رَوان" وقاموا بتوصيلها بالمواسير الخاصة بالغاز ذهابًا وايابًا فالممر الخاص بالمبنى وهم يغنون مع الأغنية في كلماتها الآتية..

"على معاد معاك كل ليلة، هنا فرحة بتلم عيلة"

و"سلمى" وسمر" و"يونس" كانوا يمسكون بعقد إنارة طويل آخر وقاموا بلفه حول الشجرة الضخمة أمام المنزل وهم يبتسمون لبعضهم ويرددون بحبٍ..

"ضحكة فعيون الحبايب، سعادة زيادة"

وبالنسبة إلى"سما" فأوميء لها "عصام" بمرحٍ لتضع هي آخر اللمسات الأخيرة؛ فأمسكت بالتوصيلة الخاصة بكل هذا وقامت بوضعها فالكهرباء حتى انتشرت الإنارة الخاصة بكل ما علقوه فالممر وأمام البناية، كان الجو حماسي وجميل، شعور لذيذ وقوى ولطيف تسلل داخل كل منهم حين اقتربوا إلى جوار بعضهم بعضًا يُطالعون ما قاموا بفعله، ثم عانقوا الشباب بعضهم بحبٍ وكذلك الفتيات، وحينها أكتملت الصورة بكلمات الأغنية..

"على طبيعتك أنت فمكانك أرتاح دي ناسك امانك الفرحة دقت ببانك ندهالك جيالك"

كانوا كل من "يوسف" و"كريمة" أمام الباب الخاص بنزلهم يطالعون أولادهم بحبٍ، وكذلك فالطابق الثاني حيث وقفت "نهال" من النافذة برفقة زوجها تُطالعهم في الأسفل بأعين فرحة دامعة، ولم ينتهي الأمر حين خرجت "أمل" إلى الشرفة حين استمعت إلى صوت الضوضاء، تفاجأت بالمظهر قامت بالنداء على "خالد" الذي كان يمسك بكوب شايه، للعلم كان الأمر مدهش، رؤيتهم إلى أولادهم وهم يمرحون سويًا رغم كل ماحدث بين آبائهم، تلك البقعة السوداء الخاصة بالماضي وبهم لم تؤثر على أطفالهم ولا على محبتهم لبعضهم، فقط للتو استوعبوا أن الأولاد يمكنهم أن يلقنوا آبائهم دروسًا من حينٍ لآخر، فلا شك أن الجميع يقع بالأخطاء وخاصتًا كبار السن والآباء، ولكن القرار من هنا.. حين يتيقنوا بأنهم مخطئون فالتربية وفيما يصدروه لهم، من هنا يبدأ كل شيء بالانجراف إلى المسار الصحيح، يشاهدون الآن نتيجة أيام وشهور صعبة ولّت، وعاد شهرٌ مبارك آخر وهم يمسكون بتلك الدائرة التي لم تنفك يومًا، عائلة كاملة، وأولاد صالحون، ومنزل مليء بالحب والعطاء..

________________

في مدينتي تحديدًا في منزل "حسين عمران" كانت "عبير" تتناغش مع "حسين" بالمطبخ على الطعام كعادتهم، وبالخروج من المطبخ والتوسع بالنظر قليلًا سنجد "سيف" وهو يقف على سُلم متوسط الحجم يتأهب لعقد الإنارة الطويل الذي كان يمسكه كل من "طارق" وتالية"، فأمسك"سيف" طرف العقد وقام بربطه في ماسورة السِتار الخاص بالصالون، ثم هبط وقام بتحويل السُلم إلى الجهة الأخرى ليكمل، ومن هنا تحركت "تالية" إلى طاولة الطعام التي كانوا يفرغون عليها جميع الزينة ثم امسكت بالرايات الذهبية وقامت بفكها بمساعدة والدها الذي ظهر للتو، ثم ترجلت تصعد على المقعد وقامت بربط طرفها في ماسورة الستار، ومن الناحية الأخرى أصبح "طارق" و"سيف" يكملون التعليق ذهابًا وايابًا، ثم أتت "عبير" بصينية الشاي تقول:

-"الله شكل الزينة حلو أوي ، استنوا هجيبلكم الجرابات اللي عملتها للركنة"

وبالفعل أتت ومعها خمسُ أغلفة خاصة بوسادات الصالون الصغيرة، ثم بدلتها برفقة "سيف" و"تالية"، ومع الوقت أصبحت الزينة بكل مكان، وما إن وقفوا يطالعون المنزل تذكرت "تالية" ما كانت تنساه وتحركت إلى غرفتها، وما إلا ثوانِ حتى أتت وبيدها مفرش طاولة أحمر اللون عليه رسوم متحركة خاصة بالشخصيات المعروفة "بوجي وطمطم" وقالت بلطفٍ:

-"وبكده، نكون خلصنا"

قامت بفرشة على سطح الطاولة وهنا وبالفعل، اكتملت الصورة، حيث كانت الإنارة والزينة الخاصة بالشهر المبارك تمليء المكان، وبعدها، تحديدًا عقب انتهاءهم من الشاي، ترجل "طارق" إلى غرفته وهو يقول بالهاتف بشجنٍ:
-" أول رمضان معايا يا أحلى حاجة حصلتلي، كل سنة وأنتِ دايمًا معايا يا سيادة"

وبالوقت ذاته صدح هاتف "تالية" برسالة منه حيث كانت تحتوي على صورتان بهما الزينة التي قام بتعليقها هو وعائلته ثم كتب تحتهما..
"شوفي الزينة، عملناها أنا والشباب، بالمناسبة كل رمضان وأنتِ كويسة، وإن شاء الله رمضان الجاي تكوني على ذمتي"

ضحكت بصوتٍ عالٍ ثم أخذت تطرق له الرد ثم تحركت إلى الخارج تصور له الزينة الخاصة بالمنزل..

أما عند "سيف" فأتاه منها إتصال وأجاب عليها بمرحٍ وقال:
"دا رمضان فمصر طلع حاجة تانية فعلًا"

ضحكت هي بعلوٍ وقالت:
"كل رمضان وأحنا سوا"

"وإن شاء الله بعد رمضان هنبقى سوا فعليًا عشان بصراحة مش قادر"

قالها بضيقٍ طفيف، لتقول هي بإحراج:
" طب سلام بقى هروح أكمل تعليق الزينة"

ضحك على تصرفها وقال بمرحٍ:
"اشطا، وأنا هبعتلك كمان الصور"

°°°°°°°°

وبالأنتقال إلى بيت "خالد المهدي" كانت "حور" تقف على مقعد بلاستيكي وهي تمسك بيدها عقد الإنارة لتثبته، من الجهة الأخرى كان أبيها "خالد" يمسك بطرف الرايات الحمراء برفقة "سما" وكأنه مازالوا لم يحددوا بعد أين سيتم تعليقها، ومن الجهة الأخرى "عصام" الذي للتو انتهى من وضع عقد صغير على باب المنزل ثم انتقل إلى أبيه و"سما" و"حور" التي انتهت للتو، وبعد عدة ثوانِ اتخذوا القرار أخيرًا حين قاموا بوضعها على الستار الأبيض الخاص بالنافذة والشرفة الواسعة، وبعدها انتقلوا جميعًا إلى"البرندة" وقاموا بتحويل  المقاعد البلاستيكية على جانب حيث استغلت نصف الشرفة، ومن بعدها قام "عصام" بوضع الوسادات العربية أرضًا ومن بعدها قامت "حور" بكسائها بالقماش الأحمر والزينة، وبعد انتهاءهم وقفوا يطالعون ما فعلوه ومن ثم أتت "سما" وبيدها فانوس ضخم وقالت بمرحٍ:

-"دا بقى هيتحط هنا"

وضعته على فالركن الفارغ بزاوية مائلة أعطت للشرفة مظهرًا مُفرحًا وجميلًا..

____يُتبع____
♡«مُعَانَاة كَالسُكَر»♡
مـــنار نجـــدي

________________

بارت خاص بناسبة شهر رمضان المبارك..🪄

ولأجل أننا مُسلمون،
وتعظيم شعائرِ الله فريضة؛
رمضان مُبارك، وكل عامٍ وأنتم بخير. ✨

Continue Reading

You'll Also Like

17.3K 1.9K 45
أحبت مارثا ذلك الفتى الغامض، أحبت كيف يتمحور حوله كل شيء، ثم يختفي الفتى المدعو بـإدريان في ظروف غامضة. فتبحث مارثا في الأمر وتكتشف أشياء لم تكن تتو...
7.3M 357K 71
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...
1.3K 88 6
تَابَعها في البداية ثم بَدأ في الحَديث، وضَح لَها الأمَر كَامل لَم يهتم بتَلوين الكَلام ليَصِل لهَا إنه يُريدها مُجرد صَفقة زواج! للكاتبة/ ميرنا علي ...
7.1K 725 22
مُسلمة من اصول عربية . تعيش في كوريا منذ نعومة اظَافرها. ارادت يومًا أن تتحرر من قيود عائلتها ، ولكن ابدًا لم تفكر في التحرر من تعاليم الدين الاسلام...