زهرة آل فوستاريكي

By AnaZilzail

1.4M 119K 44.8K

كانت الزهرة بين تسعة من النخيل الشاهق، ذلك النخيل الذي وقف في وجه العواصف مانعًا إياها من الوصول للزهرة، لكن... More

المقدمة ( ابنة اليخاندرو الوحيدة وزهرتها)
الشخصيات ..
الاول ( لصوص الواي فاي والراقصة الذهبية )
الثاني ( حرب بلمسة الاحفاد)
الثالث ( رحلة غير متوقعة)
الرابع (هل تستطيع التحليق بالسيارة؟)
الخامس ( اللقــــــــــــاء )
السادس ( المتـشــــــــــرد)
السابع ( حِــلـف نســــائــــي )
التاسع ( نحتـــاج طبيــــب )
العاشر ( المزرعة السعيدة )
الحادي عشر ( كــرم ضيـــافـة)
ما قبل الأخير ( الاسطـــا مــرزوق )
الأخير ( لأجـــــل الزهـــرة )
حفلة توقيع رحرح في وسط البلد ( واعتذار )
الخاتمة ( حلقة خاصة )
مفاجأة صغيرة لطيفة
مشهد اضافي ( الساكن الاول في قلبي )_ فبريانو وروبين _
عيدية ( هدية عيد الفطر )
هدية العيد نزل
تنويه هام
اقتباس من مشهد هدية
فصل ( لقاء العمالقة )
الرواية الجديدة نزلت

الثامن ( ابنـــة العـمــة)

72.2K 6.1K 3.3K
By AnaZilzail

الفصل اهداء للجميلة مُروج، اتمنى لكِ حياة سعيدة مليئة بالخير جميلتي ❤️

____________

لكي لاتصاب بالجنون أو الاكتئاب من هذه الأحداث الغريبة المتصاعدة حافظ على أورادك وصلواتك ومناجاتك وثقتك بربك.

د/سلمان العودة

#افتح_مصحفك

صلي على النبي

___________________

بدأت شحنات الغضب تملؤ الهواء حتى أصبحت تنافس الأكسجين على السيادة، النظرات المرعبة تتطاير والانفاس الحانقة تتراشق في كل مكان .

الجميع ينتظر همسة واحدة منها، همسة باسم من فعل كل هذا بزهرتهم الغالية، الأمر يقف على همسة منها فقط، همسة قد يُقام على غرارها جحيم يطيح بالجميع في هذا المكان .

لكن كانت تلك الهمسة مستحيلة، فهي لن تستطيع أن تخبرهم ما حدث، كانت كل ما يمكنها فعله هو البكاء بينهم والجميع يحيط بها جاعلين إياها مركز الدائرة، بينما هي وكأن قوتها شحبت، لتشعر بجسدها يتهاوى حزنًا، يكسرها ما سمعت، ويقتلها عدم قدرتها على الرد وهي من لم تصمت يومًا أمام كلمة ...

وما كاد جسد هالفيتي يسقط ارضًا حتى سارع مايك يلتقطها بقوة بين احضانه، يشدها وهو يحاول أن يوقفها مجددًا، ولم يكن لهالفيتي من الوعي ما يجعلها تنتبه أين هي أو بأحضان من تسكن، لم تكن تشعر بقدمها، أيعقل أن مجرد كلمات تفعل بها هذا، وهي من ظنت نفسها اقوى من أي شيء .

ضمها مايك وجسده يرتعش غضبًا من انهيارها، لطالما كان أكثر ما يؤلمه هو حزن الفتيات، يؤلمه أن يرى ألمهن، مايك ذلك الشاب الذي كان اقربهم لوالدته من عاش معها وتعلم منها كيف يحترم المرأة كيف يُقدر ما تفعله، وكيف يحنو عليها وقت ضعفها، من كان التعامل مع النساء اسهل عنده من التنفس، ها هو يقف عاجزًا أمام حزن شقيقته الحبيبة .

" هالفيتي، حبيبتي لا بأس فقط اخبرينا ما يحزنك، فقط قولي ما تريدينه ولا تحملي همًا "

بكت هالفيتي تغطي وجهها هامسة بوجع :

" عايزة ارجع بيتي، عايزة أدهم، مشوني من هنا "

نظر مايك لها بعجز ولم يفهم كلمة منها ليشعر باقتراب فبريانو الذي مسح أعلى حجابها بحنان :

" هالفيتي قولي عايزة ايه وانا هنفذه ليكِ، عهد عليا هعملك أي شيء يسعدك "

رفعت هالفيتي يدها عينها له متحدثة بوجع :

" عايزة أدهم "

كان طلبًا بسيطًا، لكنه لم يكن ما ينتظره فبريانو، كانت ينتظر منها أن تخبره أنها تود قتل من ابكاها، لكم كان سيسعد لتنفيذ رغبتها!

ثواني وشعر مايك بهالفيتي تُنتزع من أحضانه بقوة مفزعة، التفتت عينه للفاعل، ليجد أنه ادهم الذي ترك الصغير ارضًا يلتقف جسد زوجته وهو ينتفض فزعًا، يفحصها بهلع وكأن روحه كادت تفارقه :

" أنتِ كويسة؟! أنتِ بخير صح يا هالي، أنتِ بخير مفيش حاجة بتوجعك؟! "

نظرت هالفيتي له ثواني قبل أن تبكي مجددًا، ترمي جسدها بين أحضانه صارخة بوجع :

" أنا مش بخير يا ادهم، أنا هموت من الوجع "

تأوه أدهم يستشعر انتفاضة جسدها بين يديه، جُنّ جنونه وهو يفكر فيما يمكن أن يتسبب بكل ذلك الوجع الذي يسكن روحها، ضمها بقوة بين أحضانه هامسًا :

" مالك يا هالي، مالك قوليلي مالك ؟!"

" عايزة ارجع البيت، روحني بيتنا مش عايزة افضل هنا، مش عايزة افضل هنا "

كانت تتحدث من بين شهقاتها بصعوبة وادهم لا يفهم شيئًا، رفع عينه للجميع وقد ازدادت نظراته توحشًا :

" حد منهم زعلك ؟! حد عملك حاجة ؟!"

هزت هالفيتي رأسها بلا وهي تهمس من بين شهقاتها :

" مشيني من هنا، مش عايزة افضل في المكان "

ما كاد أدهم يجيبها حتى استمع الجميع لصوت اليخاندرو يصدح بشكل مخيف وهو يلتقط جسد الصغير بين أحضانه يهدهده بحنان عكس نبرته المرعبة :

" هلّا اخبرني أحدكم ما حدث هنا وتسبب في بكاء حفيدتي وطفلها ؟؟ "

نظر الجميع لبعضهم البعض بخوف ولكم تمنوا أن ينتهوا من الأمر قبل أن يصل للجد، كال الصمت ولا احد يعلم سبب ما حدث، ليصدح صوت اليخاندرو هذه المرة مجددًا، لكن بنبرة جعلتهم يتذكرون جدهم أثناء الاجتماعات الهامة التي غالبًا ما تنتهي بقتال ...

" انطونيو .."

كانت كلمة واحدة جعلت انطونيو يلتفت لجده وهو يقول بجدية وحدة :

" لا نعلم جدي، هي لا تخبرنا بشيء، لكن ..."

صمت وهو ينظر لباب المنزل الذي يتوسط المزرعة :

" مارتن يتولى الأمر جدي لا تقلق سنعلم ما حدث، فقط دقائق قصيرة وسينتهي الأمر "

ضم أدهم جسد هالفيتي بين ذراعيه وهو يتحدث بنبرة مخيفة :

" رجاءً نريد العودة للمنزل "

نظر له اليخاندرو والجميع دون أن يصدر أحدهم ردًا عليه.
تحركت أنظار اليخاندرو للصغير الذي كان يفرك عينه بنعاس وتعب من كثرة البكاء، ربت على شعره، ينظر بطرف عينه للنساء اللواتي اقتربن بسرعة كبيرة، وقبل أن تنطق احداهن كلمة واحدة تحدث اليخاندرو بأمر :

" روز ابنتي خذي الصغير وعودي مع جميع النساء للمزرعة، لن يكون من الجيد أن يشاهد أحدكم ما سيحدث"

عم الصمت المكان وقد أصبح الرعب سيد الموقف، اليخاندرو لن يتحدث بهكذا كلمات إلا إن كان يعنيها .

اقتربت روز بطاعة منه تأخذ الصغير الذي تمسك بجده يرفض تركه، لتنظر روز لروبين وهي تتحدث :

" روبين تعالى وساعديني هو لن يفهمني "

اقتربت روبين من الصغيرة وهي تتلاعب بخصلات شعره في حنان كبير تستخدم نقطة ضعفه :

" قاسم حبيبي تحب اجبلك حلويات وشوكولاتة ؟!'

هز الصغير كتفه برفض وتذمر، بينما بدأت شفتيه تلتوي في إشارة واضحة لعودته للبكاء مجددًا، نظرت له روبين بعجز ثم قالت :

" طب تحب نروح ونلعب؟! مش عايز تشوف الحصان ؟!"

نظر لها الصغير بفضول لتبتسم روبين بعدما جذبت اهتمامه :

" فيه حصان ابيض كبير اوي، تيجي نروح نشوفه ؟!وكمان فيه حيوانات كتير اوي "

رفع الصغير نظره ينظر لادهم يطلب اذنًا، لكن نظرات أدهم الزائغة لم تعطه أي إشارة ليقبل بالعرض المغري من روبين .

ادهم الذي كان يضغط على جسد زوجته بشكل مخيف؛ اخافها هي نفسها، وكل أفكاره تتخذ منحني مخيف عما قد يكون حدث لها في المكان لترتعب بهذا الشكل، أيعقل أن أحدهم حاول التعدي عليها ؟!

افاق من شروده على صوت اليخاندرو :

" أدهم أخبر طفلك أن يذهب مع روبين"

نظر له أدهم بعدم فهم ليتلقط نظرات صغيرة التي تطلب إذن الرحيل بخجل، ليبتسم له بسمة لم تصل لعينه وهو يهز رأسه :

" روح معاها يا حبيبي وانا هاجي وراك أنا وماما "

ابتسم قاسم يبعد يديه عن رقبة جده يقفز لأحضان روبين التي قبلته بحب وهي تشير للفتيات ليلحقن بها، تحركت جميع الفتيات وفقًا لأوامر الجد عدا جولي التي كانت ما تزال تنظر لهالفيتي بدموع رغم عدم معرفتها لما حدث .

سمعت صوت انطونيو يهتف بجدية :

" أنتِ أيضًا جولي، غادري معهن "

نظرت له جولي بدموع ثم هتفت برجاء :

" هل يمكنني البقاء مع هالفيتي، هي لا تبدو بخير دعني ابقى معها "

كاد انطونيو يتحدث ليلمح بطرف عينه روما التي كانت ماتزال تقف جواره :

" روما خذي جولي وارحلي رجاءً"

هزت روما رأسها برفض :

" لا، لن ارحل قبل أن أعلم ما حدث للفتاة انطونيو، هذا بسببي ما كان عليّ أن أغفل عنها هنا رغم معرفتي أنها لا تعلم أحدًا سوانا "

زفر انطونيو بتعب قبل أن يسمع الجميع صوت مارتن الذي عاد من داخل المنزل بعدما استأذن صاحب المزرعة لفحص كاميرات المراقبة التي يراقب بها أملاكه الشاسعة الممتدة، وقد كان وجه مارتن لا يُفسر.

رأت جولي زوجها للمرة الأولى بملامح مخيفة مسودة غضبًا، لأول مرة لا تراه لطيفًا حنونًا، كان مخيفًا وناقمًا، وكل ما نطق به بعد توقفه هو :

" لنتحدث جانبًا "

نظر له اليخاندرو بهدوء قبل أن يشير بعينه لاحفاده أن يتبعوه، ليجتمع بهم بعيدًا عن هالفيتي وزوجها، لكن ما كادوا يبتعدون حتى انتفض ادهم وهو يصرخ :

" مهلًا إلى أين ؟! أنا أيضًا اريد معرفة ما حدث لزوجتي "

توقف الجميع ونظروا له ثواني قبل أن يقول جايك بغموض كبير وهدوء :

" فقط اعتني بزوجتك ونحن سنتولى الأمر لا تقلق "

ترك ادهم هالفيتي وهو يتحرك له بقوة يقف في وجه جايك قائلًا بأعين جامدة :

" لا يا سيد أنت مخطأ، لا أحد هنا سيتولى الأمر سواي، هذه زوجتي أنا وهذا الأمر يعنيني أكثر منكم جميعًا هنا، والآن أخبروني ما الذي حدث هنا ؟!"

نظر له اليخاندرو قبل أن يسحبه جانبًا معهم تاركين هالفيتي تنظر لاثرهم دون اهتمام، ومعها جولي وروما .

_________________________

" تبًا لك مارتن تحدث، قل ما عندك، قبل أن اقتلك أنت"

كانت تلك صرخة فبريانو التي أطلقها في وجه مارتن والذي منذ نأى بهم جانبًا لم ينطق كلمة، مما زاد حالة الجميع سوءً .

نظر مارتن ليد فبريانو التي يجذب بها ثيابه حتى كاد يخنقه :

" حسنًا فقط إن تركت ثيابي، سوف أخبرك كل ما تريد، لكن دعني اتنفس قبلًا يا حقير "

لم يحرك فبريانو يده بعيدًا بل زاد جذب ثياب أخيه أكثر وأكثر حتى شعر مارتن أنه على وشك الموت وهو يصيح باختناق :

" اللعنة عليك وعلى جميع أفراد عائلتك يا وغد، تبًا لك، لقد تعرضت ليزا وأصدقائها واصفين إياها بالخادمة بعدما سخروا من لون بشرتها "

ومع انتهاء كلماته التي قالها بصعوبة، تركه فبريانو وشأنه ليتنفس مارتن بقوة وكأنه خرج للتو من أسفل المياه بعد ساعات طويلة من الغوص، رفع عينه للجميع ليرى نظراتهم أصبحت مخيفة أكثر وأكثر من ذي قبل، أكثر من قبل معرفة السبب .

لم يكد أحدهم يتحدث بكلمة، حتى ارتفع سؤال ادهم يشق السكون بشكل مريب :

" ليزا هذه هي صاحبة عيد الميلاد نفسها ؟!"

بصق ماركوس كلماته باشمئزاز :

" نعم هي تلك الحقيرة ا...."

وقبل أن يكمل كلماته كان جسد ادهم يندفع يشكل جنوني بحثًا عن تلك الـ ليزا التي تخطت كامل حدودها ..

رمق الجميع أندفاع أدهم بعيون جاحظة جعلت جاكيري يصيح بفزع :

" أمسكوا به قبل أن يقتل الفتاة وحده "

ركض فبريانو بسرعة كبيرة خلف ادهم وهو يهمس بشر :

" هذه المرة سأقتلها بيدي هاتين، اقسم أنني سأفعل"

رمق ادهم الذي كان يركض أمامه :

" أنت توقف لن يقتلها غيري "

في هذه اللحظة كانت ليزا تحتل منصة رفقة أصدقائها تتقافز معهم وترقص بكل حماس مشعلة الليلة، تتنقل من يد هذا لذاك، تهز خصرها هنا وهناك، لا تعبء بشيء ولِمَ تفعل واليوم يوم مولدها ؟!

فجأة لمحت بطرف عينها ذلك الوسيم المصري يقترب عليها اتسعت بسمتها ملوحة له بيدها :

" هنا يا وسيم "

اقترب رفيق ليزا منها غامزًا بخبث :

" هل هذه لعبتك الجديدة ؟؟"

ضحكت ليزا بصخب ترد له غمزته :

" هذه المرة تختلف يا عزيزي "

انتهت من حديثها ترى أن ادهم بالفعل جاء صوبها، لتتسع بسمتها تركض صوبه تقابله في منتصف المنصة وهي تقول ببسمة واسعة :

" شاركني الرقــ ..."

وقبل أن تكمل كلمتها كان صوت الصفعة التي أعطاها لها أدهم يرنّ صداه في المكان كله...

ولم يعطها الفرصة لتستوعب ما حدث حتى عاجلها بالثانية، وقد بدأ الجميع يشهق برعب لما حدث، نظر له الكل بصدمة كبيرة لا يدري ما حدث أو سبب ضربه لليزا..

تحرك جد ليزا بعدما أبصر ما حدث يصرخ بذهول :

" أنت أيها الحقير كيف تتجرأ و..."

وقبل أن يكمل جملته كان سلاح مارسيلو يوجه له وهو يهتف بنبرة مخيفة :

" للخلف يا عجوز، قبل أن تفترش الأرض بجثتك"

انتشر الذهول بين الجميع وتعالت الهمسات ما بين معترض ومتعجب، وقد بدأ بعض الرجال يتحدثون متسائلين عما يحدث، بدأ الهرج يعم المكان حتى أخرج انطونيو سلاحه يضرب رصاصة في الفراغ صارخًا بصوت جهوري مُفزع:

" اطفئوا تلك الموسيقى، فنحن على وشك عزف موسيقانا الخاصة "

وبالفعل توقفت الموسيقى وحل في المكان صمت مخيف جعل الجميع يترقبون القادم .

بينما جاكيري لوى فمه بانزعاج :

" دائمًا ما يفسد انطونيو متعتي "

نظر انطونيو للجميع بأعين ملتهبة ثم صرخ :

" من منكم تجرأ واقترب من شقيقتنا ؟!"

ولم يبدو أن أحدهم قد فهم لما يشير له، لتتسع بسمة انطونيو أكثر هامسًا :

" أنتم تصعبون الأمر على انفسكم، يمكننا قضاء الليلة بأكملها هنا لا نفعل شيء سوى معرفة من فعل، وصدقوني لن تعجبكم الطريقة التي سنعرف بها "

في الوقت نفسه سمع انطونيو صوت صرخات رجولية تصدر من أحد الاتجاهات، التفت بسرعة ليرى مارتن قد انقض على شابٍ ما بالضرب المبرح ..

بينما مايك أمسك ذراع فتاة أخرى غير ليزا جاذبًا إياها إليه بشر هامسًا :

" لننظر للجانب الإيجابي، ستكونين أول امرأة اضربها يا جميلة، لا ليس جميلة حتى هذا اللقب لا يليق ببشاعة وجهك "

نظر جد ليزا لما يحدث وقد بدأ يرتاب مما يفعل احفاد اليخاندرو، دار بعينه بين الحضور بحثًا عن اليخاندرو نفسه، ليبصره يقف في أحد الأركان يشاهد ما يحدث دون ردة فعل فقط يكتف ذراعيه لصدره، اتجه له وهو يقول بجدية :

" اليخاندرو، أخبر احفادك أن يتوقفوا عن إفساد عيد ميلاد حفيدتي "

نظر له اليخاندرو لفترة قصيرة قبل أن يمنحه بسمة صغيرة، ثم عاد بنظره لما يفعل احفاده :

" دع الاولاد يمرحون ولا تتدخل، فهم لا يحبون أن يقاطع أحدهم متعتهم هذا يغضبهم "

فتح الرجل قمه بصدمة مما سمع :

" هل جننت ؟! أي لعبة تلك ؟! ذلك الرجل الحقير صفع حفيدتي للتو أمام الجميع، وأحفادك يفسدون يوم مولدها"

" امممم هذا سيء حقًا، لا بأس سأخبرهم ألا يتمادوا فيما يفعلون فقط لأجلك، ثم لا تقلق أي أضرار في المزرعة سأتكفل باصلاحها، عدا حفيدتك لن استطيع أن اصلح بها شيئًا "

عند هالفيتي كانت تقف جوار روما وجولي بجمود ترفض الحديث بكلمة عما حدث، تتجاهل كل ما حولها في انتظار أن يعود ادهم وترحل معه، لكن فجأة سمعت صرخة عالية تخرج من فم جولي وهي تقول :

" اوووه يا ويلي، كانت تلك الصفعة رائـ.....صفعها مجددًا، لقد صفع زوجك تلك الفتاة انظري "

رفعت هالفيتي عينها لها بتعجب قبل أن تحركها حيث تشير جولي لتفتح عينها بصدمة تراقب الصفعة الثالثة التي حطت على وجنة ليزا .

تحدثت روما بتخمين وهي ترى ما يحدث :

" هالي هل تلك الفتاة هي من تسببت في بكائك ؟؟"

لم تجب هالفيتي وهي تراقب ما يحدث بأعين مفتوحة بصدمة، قبل أن تتحرك بأقدام بطيئة تراقب ما يفعله الجميع أعلى المنصة .

أمسك جاكيري مكبر الصوت وهو يطرق عليه يختبره، ثم قال بصوت مرح مبتهج وكأنه على وشك اعلان فائز في مسابقة ما :

" مرحبًا سيداتي وسادتي، جاكيري فوستاريكي يتمنى لكم مشاهدة ممتعة، لا يُنصح بالمشاهدة لأصحاب القلوب الضعيفة ومن هم دون السن القانوني"

كانت ليزا تنظر بصدمة لما فعل ادهم بها وأمام الجميع بهذا الشكل دون حتى أن تقترب منه أو تتسبب له بشيء صرخت بجنون ضاربة باقدامها الأرض أسفلها :

" أنت أيها الحقير، من تظن نفسك ؟! هل تعلم ما فعلت للتو، اقسم أنني سأ..."

قاطعتها صفعة رابعة من ادهم، ثم قال بملامح مشمئزة :

" نعم أعلم ما فعلت، لوثت يدي بلمسك أيتها القذرة"

بصق الكلمات في وجهها ثم نظر لها من أعلى لاسفل وبعدها بصق ارضًا هاتفًا بإهانة واضحة وقد كان ذلك أقصى ما تمكن من فعله بعدما عاش حياته يحترم أي امرأة :

" حقيرة "

أنهى حديثه يتحرك صوب الاسفل، يتحرك صوب هالفيتي التي كانت مصدومة من تصرف زوجها، بينما الجميع يتابع ..

تحدث آدم بتعجب :

" هذا فقط ؟! ألن يقتلها ؟!"

همس له فبريانو بحنق :

" اششش لا تلفت انتباهه للأمر، اريد أن أفعل أنا ذلك"

لكن أدهم لم يكن قد انتهى بعد مما يفعل، حيث وصل لهالفيتي وسحبها من يدها صوب المسرح تحت نظرات الجميع المترقبة....

وحينما توقف معها أمام ليزا التي نظرت لها بصدمة، تبتلع ريقها وقد بدأ عقلها يعمل سريعًا يربط بين غضب ذلك الرجل ووجوده مع هالفيتي.

تحدث ادهم بجدية وشر :

" اضربيها "

راقب جميع الاحفاد بترقب ردة فعل هالفيتي، متمنيين أن ترفع يدها وتهبط بها على وجنة تلك الحقيرة ليزا، لكن كل ما فعلته هالفيتي هي أنها دفنت وجهها في كتف زوجها بانكسار تبكي مقهورة ترفض فعل شيء، ويبدو أن تلك الفتاة اجادت تحطيمها، حطمتها حتى أصبحت هالفيتي تستحي أن تلملم شتاتها أمام الجميع .

كانت ليزا تراقب ما يحدث بشر قبل أن تتحدث بصوت مرتفع رنّ صداه في المكان بأكمله:

" من تلك التي ستضربني ؟! هل جننت؟؟ من تظنون أنفسكم، أين جدي ايـ "

وقبل أن تكمل كلمتها وجدت قبضة تُحكم حول رقبتها بعنف شديد، جعلها تفتح عينها بصدمة تحدق بوجه اسوء كوابيسها وقد بدأ جسدها ينتفض رعبًا، وفبريانو أمامها يردد بشر مشددًا يده حول رقبتها :

" صدقيني أن تضربك هي، سيكون نعيمًا مقارنة بما افكر به الآن لأجلك"

ارتعشت ليزا تحاول ابعاد يده عن عنقها :

" أنا ... أنا لا افهم شيئًا، ما علاقتك بها، دعني وشأني"

ولم تكد تنتهي من كلمتها حتى وجدت نفسها محاطة بالتسعة احفاد والجميع يرمقها بشكل مرعب جعلها تبكي صارخة :

" جدي ..."

تأتأ مارتن بشفقة مصطنعة :

" ليس هكذا يا رجال لا تتجمعوا فجأة حولها بهذا الشكل، الفتاة خائفة"

أضاف ماركوس ينظر لحالة ليزا :

" نعم أنا اوافق مارتن، هي في النهاية رفيقتنا القديمة، لذلك لا يجوز لنا ارهابها بهذا الشكل "

حك آدم ذقنه بتفكير :

" وماذا نفعل في هذا ؟؟"

أجابه جاكيري بكل بساطة :

" يمكننا قتلها ونريحها كل ذلك الترقب والخوف "

لكن جاء الرفض من جهة انطونيو الذي ابتسم بسمة صغيرة يشعر بالاستمتاع بسبب لعبة الأعصاب التي ينتهجها إخوته، فالاسوء من لحظة قتل الفريسة هو ذلك الخوف أثناء انتظار الموت :

" لا لا، لا يعجبني هذا الأمر، ما رأيكم أن نتركها لفبريانو ؟!"

سقطت دموع ليزا ترتجف خوفًا تشعر بقلبها يكاد يتوقف من قوة خفقانه، تحدق في بسمة فبريانو الجانبية التي اتسعت بشكل مخيف وكأنهم للتو أعلنوا عن فوزه في إحدى المسابقات وقد كان في تلك اللحظة يبدو مختلًا بحق، وهذا لم يكن ابدًا شيئًا جيدًا.

لكن اعترض جايك على ذلك الأمر :

" هكذا ستموت أيضًا انطونيو "

" لا، لا تقلق سوف نتأكد ألا يفعل فبريانو، ثم فبريانو لن يقتل فتاة صحيح فبريانو ؟؟"

اتسعت بسمة فبريانو أكثر بشكل مختل، يستمتع بكل ذلك الخوف الظاهر على وجه ليزا، مد يديه يخرج سلاحيه يحركهما بين يديه بتلاعب :

" لا لا تقلق، فقط سنستمتع أنا وليزا و..."

توقف عن الحديث يدعي التفكير :

" صحيح أين الوغدين الآخرين اللذين سخرا من ابنة عمتي معكِ، ام أنكِ تريدين المتعة كلها لكِ وحدكِ "

شهقت ليزا متراجعة للخلف صارخة برعب كبير من حديثه وتلك الصدمة التي ضربت رأسها جعلتها ترتجف أكثر كورقة في الخريف :

" أنا لم أعلم اقسم أنني لم اعلم، لو كنت أعلم ما اقتربت منها، أنتم تعرفونني، أنا... "

قاطعها فبريانو بملل:

" نعم نعم، والآن أي وغدين هما ؟!"

هزت ليزا عينها تبكي بقوة صارخة :

" اقسم لكما أنني لم أكن اعلم، اقسم أنني ظننتها خادمــ.."

أشار لها انطونيو أن تصمت ونظرته قد أضحت مظلمة أكثر :

" اشششش أنتِ بهذا الحديث تزيدين الوضع سوءًا ليزا "

بكت ليزا تنظر حولها بخوف، ثم ركضت برعب صوب هالفيتي تمسك يدها باكية مترجية :

" اقسم أنني لم أكن أعلم، أنا آسفة اقسم ظننتك لصة، أنا لم أكن اعلم هويتك صدقيني"

بكت تترجاها، بينما هالفيتي تبعد يدها عنها ترفض النظر، بينما دموعها تهبط بقوة، تفكر بسخرية أن ليزا تعتذر فقط لأنها حفيدة اليخاندرو، ليس لأنها إنسانة مثلها، تعتذر لأنها خافت اولاد خالها، خافت مما قد يحدث لها، ليس لأنها شعرت بالندم، بكت خوفًا وليس ندمًا وهذا اسوء مما حدث، أن تحكم على الأشخاص حسب مكانتهم.

شعرت ليزا بالرعب بعدما وقعت عينيها بالخطأ على وجه أدهم، لتتراجع بعيدًا عنه تبتلع ريقها محاولة أن تتحدث وتحسن من صورتها أمام الجميع ..

" أنا آسفة اقسم لم أكن أعلم، هي ...هي لم تخبرني هي فقط استمرت بالصمت، كان بإمكانها أن تصرخ في وجههي وتخبرني أنها ليست خادمة أو لصة، لكنها لم تفعل "

ازداد ضغط يد هالفيتي على ظهر أدهم ينتفض جسدها مما سمعت، هي محقة كان من الممكن أن تصرخ بوجهها مخبرة إياها أنها ليست خادمة كانت تستطيع صفعها ببساطة لوصفها بذلك هي ومن معها .

لكن ماذا فعلت ؟! بكت دافنة وجهها أسفل قدمها كالنعام، سقطت دموعها أكثر تستشعر ضعفها.

في تلك اللحظة كانت تشعر أنها في عالم آخر بعيد عنهم، شعرت نفسها مكبلة وأحدهم يجلدها، لم تستطع أن تنطق كلمة، كَتّفها العجز، خافت أن تتحدث كلمة فتزيد الفتاة وأصدقائها من لذاعة كلماتهم، خافت أن تستمع للمزيد، خشيت أن ترى نفسها من خلالهم فتكتشف قبحها كما يزعمون .

ومن بين كل تلك الأفكار لم تشعر هالفيتي بأن صوت بكائها ارتفع بقوة حتى كاد يصم الأذان لتساهم بهذا الشكل في أشعال الاحفاد أكثر .

ارتفع صوت انطونيو بحدّة :

" حسنًا يكفينا لعبًا، أحضروا الثلاثة لحظيرة المزرعة والحقو بي "

أنهى حديثه يتحرك خارج المزرعة بخطوات غاضبة، بينما هالفيتي ما تزال تبكي بين احضان زوجها الذي شعر لأول مرة في حياتي بمثل هذا الغضب، شعر بشر مخيف يندفع بين اوردته، ورغبة في القتل تحوم حول رأسه ...

قبل أن يمسك مارسيلو يد ليزا ساحبًا إياها وجد جولي تندفع لها مسقطة إياها ارضًا، ثم انكبت عليها تضربها بكل حقد وكره صارخة فيها ودموعها تهبط بقوة ..

" تبًا لكِ ولامثالك، أنتِ بشعة، بشعة "

كانت تضرب ليزا بقوة وجنون، تحرك صوبها مارسيلو ليمنعها، لكن روما منعته وهي تشاهد ما يحدث بملامح قاسية :

" انتظر يا مارسيلو دع جولي تنتهي، ثم يأتي دوركم"

أثناء ذلك كان آدم قد احضر الفتاة والشاب الآخر بعدما انتهى منهم مارتن ومايك، كانت الفتاة مخمورة بشكل مثير للاشمئزاز لا تشعر بشيء، والشاب يحاول المقاومة .

دقائق مرت قبل أن تنهض جولي تاركة الفتاة تتسطح ارضًا تصرخ وجعًا وقد ملئت جولي جسدها جروحًا، رمقها مارتن باشمئزاز ط، يشير لجولي صوب الفتاة الأخرى :

" وهذه أيضًا جولي"

استدارت جولي بعنف صوب الفتاة، وما كادت تتحرك حتى وجدت روما تسبقها مرددة :

" هذا دوري أنا "

ابتسم مارتن يراقب ما يحدث براحة هم على أية حال لم يكونوا سيفعلون الكثير بالفتيات، لذلك لا بأس أن يدع الفتيات يتولين الأمر، هم نساء في النهاية .

في ذلك الوقت سحب ادهم زوجته صوب المزرعة ومازال صامتًا بشكل مخيف، دخل بها من الباب الخلفي لتجنب مقابلة أحدهم، تحرك مع زوجته لغرفتهم واضعًا إياها على الفراش .

وما كاد يتحدث بكلمة حتى ابتعدت هالفيتي عنه لأقصى ركن في الفراش تضم جسدها أسفل الغطاء بضعف وقهر.
راقبها بحسرة ووجع على وجعها، يفكر بحيرة هل يذهب ويقتلهم بيديه ليفرغ بهم غضبه؟! أم يبقى جوار زوجته؟!

نظر للباب بعجز ليقرر أخيرًا أن البقاء جوارها وترميم جروحها الآن اهم من أي شيء، هو لن يتركها تلعق جروحها وحدها لأجل أن يخفف غضبه هو....

خلع حذاءه، ثم تحرك صوب الجهة التي احتلتها هالفيتي، ساعدها في خلع حذائها، ثم اقترب منها يفك لها حجابها بلطف بينما هي تدفن وجهها في الوسادة أسفلها رافضة أن ترفع رأسها له .

انتهى ادهم من مساعدتها لتتحرر بعض الشيء، ثم قفز على الفراش جوارها يجذب جسدها له بكل بساطة، يتنفس بهدوء ويده تمر على ظهرها، ليشعر بها تدفن وجهها في كتفه ..

شرد ادهم في السقف لدقائق طويلة، لم يسمع بهن سوى انفاس زوجته السريعة التي تدل على بكائها، ليقول فجأة بجدية :

" حكتلك قبل كده عن الست اللي كانت جاية تطعم ابنها تطعيم الشلل ايام التكليف بتاعي؟؟"

لم تتحدث هالفيتي بكلمة وهي مازالت شاردة في عالمها بعيدًا عنه، ليبتسم أدهم بسمة صغيرًا :

" جاتلي في يوم نبطشية بليل وحيل الله تطعم ابنها، وانا اقولها يا حاجة التطعيم كان من يومين، تقولي ما أنا سرحت ونسيت يابني اعمل ايه، المهم كلمة مني على كلمة منها قولتلها تمام يا حاجة هاتي الطفل وانا هطعمه ليكِ ولا يهمك، بس بعد كده متتأخريش على معاد التطعيم "

صمت يلاحظ عين هالفيتي تنظر له بذبول ليكمل في جدية كبيرة :

" المهم يا ستي خرجت الحاجة عشان تجيب الطفل اللي هطعمه، وقتها لما شوفته عرفت أن الحاجة مش سرحت ونسيت التطعيم اللي كان من يومين لا دي دخلت في دوامة تقريبا"

رمقته هالفيتي بترقب ليهتف ادهم بجدية :

" الطفل كان عنده ٢١ سنة، وأمه فجأة افتكرت أنه ما اخدتش تطعيم الشلل وهو صغير "

انفلتت ضحكة صغيرة من فم هالفيتي ليشاركها ادهم الضحك بصخب يتجنب التطرق لذلك الأمر في هذه اللحظة :

" لا وايه حيل الله ياخده د، اقولها يا حاجة خلاص تطعيم شلل ايه اللي ياخده شاب عنده ٢١ سنة ؟! تقولي والله ابني لو اتشل ليكون بسببك أنت، روح حسبي الله فيك وفي امثالك، عايز توفر تطعيمات عشان تبيعها لحسابكم، ده أنتم كلاب فلوس "

ضحكت هالفيتي ضحكة أعلى من تلك التي سبقتها لتتسع بسمة ادهم وهو يضمها له أكثر قائلًا :

" طب والله انا اللي عشته في المستشفيات الحكومي يتألف منه كتاب كبير ونسميه عجائب وغرائب في الطب، اصبري هحكيلك عن الراجل اللي كان جاي عشان ...."

وهكذا اندمج أدهم في حكاياته القديمة والتي هربت بها هالفيتي من ألامها تنغمس بين طيات كلماته وكأنها تعيش معه تلك الفترة، تبتسم تارة وتعبس أخرى، وادهم لم يتوقف عن الحديث، ولم تتوقف يده عن التحرك بحنان أعلى ظهرها .

_______________________

كان الجميع يراقب ما يحدث بهدوء بعدما انتهوا من الشاب والآن تركوا فبريانو يلعب لعبته المفضلة ويخيف ليزا التي تكاد تتبول خوفًا كلما سمعت سعاله فقط، فما بالكم برؤيته يوجه كل تلك النظرات لها خصيصًا ؟!

تحدث جايك بتفكير :

" هل نتدخل و ننقذ الفتاة من يده ؟!"

نفخ آدم باستهزاء :

" لا دعه يستمتع قليلًا، الرجل يعاني منذ فترة طويلة، انظر إليه وإلى سعادته "

نظر الجميع إلى فبريانو الذي كان يجلس على مقعد أمام ليزا يتلاعب بالسلاح فقط وكان هذا أكثر من كافيًا ليرعبها .

صرخت ليزا وعينها تتحرك على وجه فبريانو الذي كان لها الآن اكبر كوابيسها :

" أنا آسفة اقسم أنني آسفة، لن افعلها مجددًا، فبريانو ارجوك دعني أرحل، أنا آسفة اقسم "

" ليس لأنني تركتك تحيين حتى الآن، تظنيني طيب القلب، لا عزيزتي أنا حقير"

بكت ليزا ترتعش وفي رأسها تتمنى مجئ جدها بسرعة :

" لم أكن أعلم، اقسم لو أنني علمت أنها قريبتك لما نظرت حتى لوجهها، أنا آسفة، دعني ارحل ولن تراني مرة أخرى"

هز الكل رؤوسهم باقتناع وهم يرون ما يحدث، ليتحرك جايك من مقعده يردد بجدية :

" حسنًا بما أن الأمر أصبح الآن بين يدي فبريانو فسوف اذهب لأتفقد الصغير والجميع في المنزل وأنتم انتهوا من هذا واتبعوني لنرى هالفيتي"

نهض انطونيو من مكانه يشمر عن كم ثيابه :

" حسنًا هذا دوري جاكيري ابتعد عن الفتى "

تحرك جايك صوب المنزل يدخل من الباب الخلفي الذي يطل على الأراضي الزراعية، يخمن وجود زوجته هناك، وقد صدق تخمينه فبمجرد دخوله لمحها تقف أمام طاولة تقوم بالعجن وعلى الطاولة يجلس قاسم يغرز يده في العجين بسعادة معها وقد استطاعت روز أن تُنسي الصغير ما رأى بكل مهارة .

تنفس جايك بحب، يراقب تلك الملاك التي تزوجها، يتأمل خصلاتها النارية التي تسقط أعلى عينيها لتنفخها بعجز بسبب امتلاء يديها بالعجين، بينما الصغير يتضاحك لها وهي تصنع له اشكالًا بالعجين..

" اوه زهرتي الحبيبة، سوف تكونين امًا رائعة أنا أكاد أجزم بهذا "

همس جايك في نفسه يراقب حركات روز التي تصنعها بوجهها لتلاعب الصغير، بينما الاخير يقلدها وهو يضحك بصخب .

تحدثت روز بعجز وهي ترفع يدها عن العجين :

" يبدو أننا فشلنا فشلًا ذريعًا يا صغير، انظر لذلك الشيء الذي صنعناه، لا يشبه الحصان بأي شكل من الأشكال، هذا اقرب لمسخ "

ضحك جايك بخفة عليها قبل أن يتحرك صوبها على أطراف أصابعه، يلتف حولها بهدوء مستغلًا انشغالها مع الصغير، ودون أي مقدمات كانت يده تلتف حول خصرها وذقنه تستند على كتفها من الخلف .

" يمكنني مساعدتكما لصنع الحصان وفي المقابل احصل على قبلة، ما رأيك زهرتي ؟!"

شهقت روز بفزع تستدير برأسها صوب جايك هاتفة بتوبيخ :

" جايك ألن تتوقف عن ذلك ؟! كدت تُوقف قلبي يا رجل "

انحنى جايك يطبع قبلة لطيفة على كتفها هامسًا :

" آسف فقط أردت مفاجئتك أنتِ والصغير "

ابتسمت روز وهي تحرك عينها صوب قاسم الذي كان يعيش اجمل لحظات حياته يلعب بالعجين أثناء ارتداؤه قفزات الطبخ .

" ذلك الصغير كالملاك، جايك لقد سرق قلبي ببساطة"

ابتسم جايك يرمق الصغير بحب :

"نعم هو لطيف للغاية، ورائع أيضًا "

صمت ثواني قبل أن يهمس في اذنها بحب :

" ما رأيك أن نحضر طفلًا لطيفًا مثله ؟! "

" حقًا هل تظن أن طفلنا سيكون لطيفًا مثله !!"

" وكيف لا يكون وأنتِ والدته روز ؟!"

ضحكت روز بخفة ترفع يديها تحاول بها ابعاد خصلات شعرها عن وجهها مرددة بمزاح :

" ربما لأنك والده جايك "

أبعد جايك تلك الخصلة عن عينه متحدثًا بحنق :

" وماذا في ذلك، روز عزيزتي أنتِ الوحيدة التي لا يحق لها التذمر أو القلق بشأن مستقبل طفلها، فوالد طفلك هو أكثر رجال العائلة مثالية، فإن ورثني طفلنا سيكون محظوظًا "

رفعت روز حاجبها مبتسمة :

" حقًا، ما هذا الغرور جايك ؟!"

بادلها جايك البسمة بأخرى عاشقة، ينحني بعض الشيء ليصل لطولها هامسًا :

" ليس غرورًا حبيبتي، بل ثقة أن طفلنا سيكون الاروع وأكثر لطافة وجمالًا بين الجميع، وكلي أمل أن يرث خصلاتك النارية وجمالك الفاتن هذا "

ابتسمت روز بخجل، ثم استدارت تعطيه ظهرها طالبة منه بهدوء :

" ساعدني جايك لالملم خصلات شعري، حتى نكمل صنع الحصان "

ابتسم جايك يمد يده لسحب خصلات روز للخلف، ثم لفهم معًا باحترافية اكتسبها لكثرة تعامله مع خصلاتها طوال الوقت، ثم شمر عن اكمامه، يتحرك ليقف جوار روز يراقب تلك العجين المسكينة التي حولتها روز لكائن بلا ملامح :

" حسنًا سأريكِ كيفية صناعة الحصان بالعجين "

ابتسمت روز تراقب شغف جايك الكبير بما يفعل، لينغمس جايك فيما يفعل مستخدمًا أنامله الدقيقة والمحترفة، لكن الصغير لم يدعه يفعل شيء فكلما انتهى جايك من جزء أفسده قاسم ظنًا منه أنها لعبة، واستمر الأمر حتى صرخ جايك بحنق :

" حسنًا طفح الكيل يا صغير، تعال هنا "

لمح قاسم ركض جايك صوبه ليدرك أنه أغضبه؛ لذلك حاول أن ينزل من أعلى الطاولة للهرب، ليجد يد روز تساعده وتنزله للاسفل صارخة :

" اركض قاسم "

رغم أنه لم يفهم حديثها إلا أن الصغير انطلق يعدو في المنزل بجسده الصغير الذي كان أشبه بالكرة، يتعثر في الخطوات وهو ينظر خلفه يراقب جايك الذي انطلق خلفه ببطء نسبي ليدع لقاسم فرصة للهرب ..

تعالت في المكان أصوات ضحكات قاسم الصاخبة الذي كان ينظر خلفه لجايك الذي يضحك مفتعلًا وجهًا غاضبًا :

" سأمسكك يا صغير، تعال هنا "

انطلقت ضحكات قاسم وهو يزيد من سرعة اقدامه الصغيرة، بينما روز خرجت من المطبخ تراقب ما يحدث ببسمة واسعة وقلبها يقفز تأثرًا بذلك المشهد الرائع؛ لذلك أخرجت هاتفها تسجل تلك اللحظات لزوجها بكل حب .

وأثناء تلك المطاردة كان جايك يقتطف قبلات متفرقة من وجنتها كلما مر بها، ثم يعود لمطاردة الصغير، بعدها يلتقط قبله ويكمل المطاردة...

________________________

انتهى الجميع من الثلاثة وعادوا مجددًا للمنزل تحت تذمرات فبريانو الذي كان يرفض أن يدعوهم يرحلوا هكذا بكل بساطة :

" أنتم كيف تفكرون ؟؟ لقد تركتوهم هكذا بكل بساطة ؟!"

نظر انطونيو له بحنق :

" أي بساطة تلك التي تتحدث عنها ؟! لقد تناوبنا عليهم باستمرار لساعتين تقريبًا، ذلك الغبي مايك كسر للشاب اضلعه ومارتن كسر ذراعه بينما تسببت أنت في إصابة الفتاتين بجميع الأمراض النفسية التي عرفها العالم، وتتحدث عن البساطة ؟! لا أظن أنهم سيرفعون أعينهم مجددًا في وجه أحدهم، وهذا المطلوب "

توقف الجميع في منتصف بهو المنزل ليروا جميع النساء مجتمعات، وقبل أن يتحدث أحدهم بكلمة سارع انطونيو بالتساءل:

" أين هالي والصغير ؟!"

تحدثت روز بهدوء وهي تنظر لغرفتها مشيرة لها :

" الصغير نائم الأن، بينما لا نعرف أين هي هالفيتي ألم تكن معكم ؟!"

ضيق انطونيو ما بين حاجبيه وقد بدأ القلق يتسرب لقلبه :

" لقد سبقتنا مع زوجها للمنزل، كيف لم تصل ؟؟"

بدأ الجميع ينظر حولهم بخوف، لتتحدث رفقة بتساؤل:

" ألا يملك أحدكم رقم زوجها ؟!"

وقبل أن ينطق أحدهم بكلمة كان اليخاندرو يخرج من مكتبه متحدثًا بكل جدية وهدوء :

" هالي الآن مع زوجها في غرفتها، لا اعتقد أنها في حالة تسمح لها بالحديث مع أحد و..."

لكن لم يستمع أحد له فقد سارع انطونيو يركض للأعلى خلفه الثمانية الباقيين يرابطون أمام غرفتها، يريدون الاطمئنان عليها وقد ملء الحزن قلوب الجميع عليها، مازال صوت شهقاتها يرنّ بأذانهم .

توقف انطونيو رفقة الباقيين أمام الباب ينظرون لبعضهم البعض لا يعلمون ما يجب فعله، لكن تطوع مايك ليتقدم يطرق الباب وهو يردد بحنان :

" هالفيتي، حبيبتي هل أنتِ بالداخل ؟!"

نفخ ماركوس بغيظ شديد يزيح مايك جانبًا :

" أنت أيها الاحمق ما هذه حبيبتي، هل تريد أن يغار زوجها ويصرخ بنا جميعًا، هو به ما يكفيه الآن "

اقترب ماركوس من الباب يطرق بلطف :

" هالفيتي جميلتي هذا أنا ماركوس "

رمقه مايك بسخرية يضرب كتف اخيه بعنف مزيحًا إياه بعيدًا عن الباب :

" وهل عندما تناديها جميلتي سيخرج زوجها ويقبلك ؟! "

" وما المشكلة بجميلتي ؟! هذه صفة لطيفة "

أزاح جاكيري الاثنين جانبًا بغيظ :

" ابتعدا أيها الاحمقان "

طرق الباب للمرة الثالثة بقوة أكبر من المرتين السابقتين وهو يتحدث بشكل ظنه لطيفًا :

" هيييه هالفيتي لقد صورت لكِ تلك الحمقاء حينما كان فبريانو يخيفها، هيا ستحبين ذلك لقد كسرنا لأجلك اضلع ذلك الاحمق "

مسح انطونيو وجهه بتهكم مما يسمع :

" أنتم أيها الحمقى بحق الله ألا تعلمون كيف تسعدون فتاة؟! تبًا لكم حفنة من الاوغاد، ابتعدوا عن ذلك الباب اللعين "

كان يتحدث وهو يزيح جاكيري جانبًا بقوة ليسقط في احضان فبريانو الذي تلقفه قبل أن يسقط، استند جاكيري برأسه على كتف فبريانو مرددًا بمزاح :

" انظر فبريانو القدر يصر على أن تكون نهايتي بين أحضانك طوال الوقت "

رفع فبريانو حاجبه قبل أن يرفع يده متسببًا في سقوط جاكيري بعنف ليصرخ بغضب :

" تبًا لك يا حقير، اقسم لولا أنك بكيت عليّ ذلك اليوم لكنت قتلتك، لكنني سأحترم مشاعرك المرهفة واسامحك "

ضربه فبريانو في معدته بقدمه لتنطلق ضحكات جاكيري أكثر عليه غامزًا إياه :

" مهما فعلت سأسامحك لأجل بكائك ذلك اليوم "

غضب فبريانو أكثر ليلقي جسده أعلى جاكيري بقوة صارخًا :

" اقسم أنني سأقتلك أيها الحقير "

تعالت ضحكات جاكيري بقوة في الممر وقد التفت له الجميع، البعض يشجع وانطونيو يصرخ عليهما بحنق :

" أنتما ايها الغبيين، هل نحن هنا لنتشاجر أم لنطمئن على شقيقتنا ؟؟ أنتما الاثنان سبب تعكير صفو حياتي "

دفع جاكيري فبريانو من فوقه بقوة متسببًا في سقوطه ارضًا، ثم تمسك بقدم مارسيلو الذي كان يستند جواره على الحائط لينهض، ليسمع صراخ مارسيلو :

" أنت ايها الغبي، سوف تتسبب في خلع بنطالي"

جذب انطونيو خصلاته بغيظ :

" سوف تكون نهايتي على ايديكم، حفنة من الحمقى "

زفر بقوة يحاول أن يهدأ، ثم التفت للجميع يحذرهم بعينه أن يصمتوا، وبعدها وجّه جسده لباب غرفة هالي، رفع يده ليطرق الباب، لكن ما كادت تصل للباب حتى وجد ادهم يفتح الباب وهو يخرج لهم مغلقًا الباب خلفه ببطء متحدثًا بحنق :

" ما كل هذه الضوضاء ؟!"

لم يهتم به أحدهم وهم ينظرون للباب بلهفة يحاولون معرفة حالة هالفيتي والقلق يستوطن وجوههم، فتحدث مايك بخوف :

" هل هي بخير ؟؟ هل بكت مجددًا ؟؟"

نظر الجميع لادهم بلهفة ينتظرون إجابته، ليتنفس الأخير بتعب يهز رأسه بإيجاب :

" لقد سقطت في النوم بصعوبة بعد بكاء طويل، حاولت أن أخفف الأمر عليها، ورغم أنها ابتسمت وضحكت، لكنني أدرك جيدًا أنها تتألم، كما أنها ..."

صمت قليلًا ليحثه جايك على التحدث :

" ماذا ؟! هل اذاها هؤلاء الاوغاد شيئًا ؟!"

هز ادهم رأسه بلا :

" هي تريد مغادرة البلاد والعودة للوطن "

تعالت شهقات الجميع بقوة وقد بدأت الصدمة تحتل وجوههم، وانطونيو لا يصدق أن هؤلاء الحمقى تسببوا لها في جرح جعلها حتى لا تطيق البقاء هنا :

" لكن ..لكن نحن لم ...نحن لم نجلس معها ولم نتحدث سويًا، ولم نقضي وقت سويًا كما خططنا "

نظر لهم ادهم بشفقة كبيرة :

" لا أدري الحقيقة هي حزينة ولا اعلم ماذا افعل "

نظر الجميع له وفكرة واحدة تدور في رؤوسهم، كيف يمحون حزن ابنة عمتهم، ويجعلونها تبتسم مجددًا .

أشار انطونيو للجميع بالرحيل وهو يقول لادهم برجاء :

" اعتني بها رجاءً، نحن سوف نحاول إقناعها بالبقاء "

وما كادوا يرحلون حتى سارع ادهم في السؤال :

" طفلي ؟! أين هو ؟!"

استدار له جايك متحدثًا ببسمة باهتة قليلًا :

" لقد جعلته زوجتي ينام في غرفتنا، لا تقلق هي تعتني به جيدًا، فقط اهتم بهالي الآن "

هز ادهم رأسه يشكره، ثم عاد للغرفة مجددًا بينما رمقه الجميع وقد امتلئت قلوبهم بالحزن لأجل زهرة العائلة التي عانوا الويل لأجل حمايتها من أي أذى وحزن، والآن عانت الكثير والأدهى أن كل ذلك حدث لها وهي بينهم وفي يومها الأول معهم ....

هبط الجميع للاسفل لتسارع الفتيات لهم تتحدث روما بلهفة :

" هل هي بخير ؟! هل توقفت عن البكاء ؟!"

هز انطونيو رأسه بشرود بلا، ليسمع الجميع صوت جولي الحزين :

" هل مازالت حزينة ؟؟ تلك المسكينة لا تستحق كل هذا، هي لطيفة للغاية، هؤلاء الاوغاد اقسم أنني اود العودة وإخراج احشائهم بين أصابعي "

اقترحت راسيل بحزن :

" نستطيع الجلوس معها ومحاولة التخفيف عنها ؟!"

هز مارسيلو رأسه بلا وهو يضمها بحنان :

" لقد سقطت في النوم بعد بكاء عنيف "

بكت روبين بحزن تخفي وجهها في صدر فبريانو :

" يارتني كنت معاها وانا كنت قلعت اللي في رجلي ونزلت بيه على دماغهم "

ضحك فبريانو بخفوت يزيد من ضمها لصدره :

" مظنش، كنتِ هتقعدي تعيطي جنبهم "

بكت روبين أكثر :

" صعبانة عليا اوي، عياطها كسر قلبي "

تحدث آدم وهو ينظر الجميع بيأس :

" والاسوء أنها تريد الرحيل ومغادرة البلاد بأكملها"

شهقت جميع الفتيات لتهتف هايز بلهفة :

" أنتم لن تسمحوا لها صحيح ؟!"

هز آدم كتفه بعجز :

" وماذا نفعل حيال الأمر ؟؟"

تحدث جايك بعد صمت طويل نسبيًا يستمع للجميع، يدرس جميع الأمور في رأسه:

" ربما لا نستطيع أن نمحو حزنها، لكننا بالطبع نستطيع رسم سعادتها "

نظر له الجميع بانتباه، ليضم جايك روز له غامزًا بمشاكسة :

" لدي فكرة جيدة لاسعادها، بمساعدة روز والجميع كذلك، الكل سيكون له دور في الأمر "

انتبه له الجميع لترتسم بسمة غامضة على فم جايك قبل أن يشرع في سرد ما يفكر به لأجل إسعاد هالفيتي ...

_______________________________

اغلق باب الغرفة خلفه بعدما دلف لها رفقة زوجته، يتنهد بتعب كبير بعد هذا اليوم المشحون، لم يكن من المخطط أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب بهذا الشكل.

انتبه لزوجته التي كانت تقف شاردة، تحركت صوب النافذة تجلس جوارها تشرد بعيدًا عنه في عالم آخر، تعجب آدم ما يبدو على وجه هايز من التفكير ليردد بريية :

" هايز، هل أنتِ بخير ؟!"

ابتسمت له بسمة صغيرة، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن مكنونات صدرها، لا تصف ما تشعر به في هذه اللحظة وقد جددت حادثة هالفيتي ما عاشته سابقًا، لكن هي لم تتعرض للعنصرية بسبب شيء في مظهرها، بل تعرضت للظلم بسبب ضعفها فقط وجُبنها، سقطت دمعة صغيرة اخفتها سريعًا عن أعين آدم الذي اقترب منها يتحدث بحزن :

" هايز، لِمَ البكاء حبيبتي ؟؟"

نظرت له هايز تجاهد لرسم بسمة :

" لا لستُ حزينة، أنا فقط أشعر بالوجع لأجل هالي، تلك الفتاة لا تستحق ما تعرضت له اليوم "

جلس آدم جوارها يرفع يده ليربت على رأسها، لكن ما كادت يده تحط أعلاها، حتى وجدها تندفع له بقوة باكية أعلى صدره، تفاجئ بها آدم يضمها بحنان له :

" هيييه حبيبتي ما بكِ ؟!"

" أنا اكرههم هايز، اكره هؤلاء الذين يعطون لأنفسهم حق أذية غيرهم سواء بكلمة أو فعل، اكره كل من يقتات على وجع الاخرين، امقتهم لا أريد أن اقابلهم أو أن أتحدث لأحدهم "

أدرك آدم جيدًا أنها تذكرت ما حدث لها، انحنى برأسه يقبل خاصتها بلطف :

" لا أحد يحب هؤلاء الأشخاص هايز، لكن كرهنا لهم لا ينفي وجودهم، تجاهلنا لهم لا يمحي أفعالهم، التصرف الوحيد الصحيح هو أن نقف أمامهم وننتزع حقوقنا من بين مخالبهم، هذه الحياة بها الجيد والسيء، أمر طبيعي، لكن الغير طبيعي هو أن يخشى الجيد مواجهة السيء، أن ينسحب الخير من ساحة الحرب مشهرًا رايته البيضاء معلنًا استسلامه أمام الشر "

نظرت له هايز باكية :

" الأمر ليس سهلًا كما تصفه آدم، المواجهة تستلزم قوة لا يمتلكها الجميع، الأمر صعب "

" بل هي قوة لم يكتشفها الجميع هايز، هذا هو التعبير الصحيح "

صمتت هايز تفكر في حديثه لتشعر فجأة بجسدها يرتفع في الهواء، نظرت بفزع لادم الذي حملها بحنان كبير مقبلًا عينيها بحب :

" هيا للنوم وكفي عن التفكير في كل تلك الأمور المحزنة، نحن نريد طاقة إيجابية لإسعاد هالفيتي، لذلك ابتسمي واستدعي بعضًا من طاقتك الإيجابية لأجلها ولاجلي "

نظرت له هايز تراه يضعها على الفراش يردد بجدية كبيرة أثناء تحركه صوب الخزانة يخرج حقيبته التي لم ينتهي بعد من افراغها، يخرج منها حقيبة بلاستيكية، ثم تحرك صوبها غامزًا :

" ولأجل استعادة طاقتك الإيجابية، إليكِ اسهل الطرق لذلك "

انتهى من حديثه مخرجًا فستان قصير لامع به العديد من الثقوب والفتحات التي جعلت أعين هايز تتسع بصدمة :

" هذا...هذا ...ما هذا الشيء ؟؟ كيف احضرته ومن أين فعلت ؟!"

أشار آدم لما بيده مبتسمًا بسمة واسعة يغمز أنا أثناء عض شفتيه متحدثًا بتنهيدة عالية :

" هذا ...هذا كان آخر تذكار حصلت عليه من تلك راقصة مثيرة أثناء مراهقتي، كانت رائعة وكريمة كثيرًا"

انتفضت هايز من الفراش تحت أنظار آدم الذي كان يكتم بسمته بصعوبة يحاول رسم الجدية على وجهه فهذا هو الموضوع الوحيد الذي يستخرج هايز الشرسة من داخل تلك الضعيفة البائسة، لكن هايز لم تصمت هذه المرة تنقض عليه بالضربات أعلى كتفه صارخة :

" وتتباهى بذلك امامي ؟! أيها المنحرف أين كان والديك أثناء تربيتك ؟!"

لوى آدم فمه بحزن مصطنع :

" أنا يتيم هايز تتذكرين؟! لم أجد من يعلمني أساسيات الحياة سوى نرجس "

" نرجس ؟! من هذه نرجس "

ابتسم آدم وهو يقول بسعادة :

" كانت صاحبة الملهى الذي قضيت به ليالي المراهقة، تلك النرجس كانت رائعة بحق "

كان آدم يتحدث بحنين أطاح بعقل هايز التي ضربت الأرض بقدمها صارخة بجنون :

" اقسم أنني سأخبر جدي، ولن أجلس معك في تلك الغرفة أيها الحقير المنحرف، تبًا لك ولتلك النرجس "

اعترض آدم على حديثها :

" لا هايز، نرجس لا علاقة لها بمشاكلنا "

صرخت هايز في وجهه، تبكي بقوة راكضة خارج الغرفة لتزداد ضحكات آدم بقوة على غباء تلك الفتاة، لكن فجأة سمع صوت صرخاتها في الخارج وهي تقول بصوت يقسم أنه اسمع الاموات في قبورهم :

" جدي لقد احضر لي آدم ثياب راقصة ..."

صاح آدم بصدمة وهو يلقي ما بيده راكضًا للخارج :

" تبًا "

ركض آدم لخارج الغرفة وهو يصرخ بجنون :

" هايز تعالي هنا، سوف تتسببين لي في فضيحة، لقد كنت احاول المزاح لاخرجك من حالتك المزاجية السيئة "

لكن هايز لم تستمع له وهي تبكي راكضة صوب مكتب اليخاندرو تنادي باسمه، وقبل أن تصل له شعرت بمن يحملها على كتفه راكضًا بها :

" اششش اصمتي أيتها الحمقاء كنت امزح معك، اقسم أنني لن اخبرك شيئًا آخر هايز "

نظرت له هايز بحنق وهي تصرخ به :

" تمزح ؟! هل هذا مزاح أيها الغبي، انزلني آدم"

دخل آدم بها الغرفة وهو يهتف بحنق :

" أقسم إن سمعت كلمة أخرى منك، سوف ألقي بكِ من النافذة هايز، أنتِ يا فتاة صاحبة عقل صغير، لندعي الرب ألا يرث صغاري عقلك الصغير ....."

____________

صباح اليوم التالي كانت المزرعة مقلوبة رأسًا على عقب، لمحاولة تنفيذ ما اتفقوا عليه مساء الأمس بأسرع وقت وقد كان أكثر من عانى لأجل هذا الأمر هو جايك الذي كان يبدو كقنبلة موقوتة، لا يرغب أن يقترب منه أحد وإن فعل تلقى منه ما لا يسره .

بينما جاكيري انشغل مع مارتن في تجهيز أمور أخرى، ومايك غادر المزرعة مع آدم لإحضار بعض الاشياء، وانطونيو تولى التنظيم رفقة ماركوس، بينما مارسيلو لاول مرة لا يكون نائمًا، بل أوقعه حظه العصر ليعمل تحت يد فبريانو الذي كان لا يفعل شيئًا سوى إصدار الأوامر .

تأفف فبريانو بحنق كبير :

" أنت أيها الكسول ما الذي فعلته؟؟ انظر إلى تلك الفوضى، هل تسمي هذا عملًا بحق الله حتى أنا يمكنني فعل ما هو افضل "

هبط مارسيلو عن السلم الخشبي يتمتم بغيظ وضيق صارخًا يدفع كتف فبريانو صوب الدرج :

" حسنًا هيا اصعد وانتهي أنت منها بشكل جيد، دعك من هذا الكسول وانتهي منها بنفسك سيد فبريانو "

نظر فبريانو لكتفه الذي كان كان مارسيلو يدفعه بغيظ وقد اعماه غضبه لدرجة أنه نسي أمام من هو، وقبل أن يستوعب مارسيلو ما يفعل صرخ بغضب يضرب السلم بقدمه :
" تبًا لك، لا تنظر لي هكذا أنا لا اخافك "

وما كاد ينتهي من حديثه حتى وجد الدرج يهوي بقوة ساقطًا على كتف انطونيو، فتح مارسيلو عينه بصدمة شاهقًا :

" يا ويلي "

استدار انطونيو ببطء بث الرعب في قلب مارسيلو الذي تراجع للخلف مبتلعًا ريقه :

" لم اقصد، اقسم لك لم اقصد لـ"

لكن توقف عن الحديث وهو يستشعر ذلك الجسد الذس اصطدم به، استدار بريبة ليجد وجه فبريانو مقابله، فزع من ملامح الشر التي سكنته، والآن هو بين نارين، ويله فبريانو وويله انطونيو الذي كان يمسك كتفه متأوهًا وملامح وجهه لا تنذر بالخير .

رمقهم مارسيلو ثواني قبل أن يختفي من بينهم راكضًا وهو يصرخ يكاد يبكي :

" النجــــدة، جــــــدي "

لكن لم يجد أحد ينقذه في المكان أو يحميه من هؤلاء الوحوش غير شخص واحد فقط، ركض مارسيلو بأقدام متلهفة صوب قاسم الذي كان يتلاعب بالألوان التي أعطاها له جايك، وفي ثواني كان يلتقط جسده عن الأرض يرفعه أمام الاثنين صارخًا :

" أنتما لن تحبا أن يرى الصغير مقدار اجرامكما، جدي سيقتلكما إن حدث ذلك "

كان يتحدث متخذًا من قاسم درعًا، بينما ابتسم قاسم لانطونيو وفبريانو بلطف جاعلًا الاثنين يتراجعان بهدوء، اتسعت بسمة مارسيلو يضم الصغير له أكثر وكأنه رهينة تضمن خروجه حيًا من تحت أيديهم، لكن فجأة انتفض بسبب الصفعة التي سقطت على وجهه، فتح مارسيلو عينه بصدمة رامقًا الصغير بعدم تصديق :

" أنت يا قاسم ؟! لقد اعطيتك ثقتي "

ضحك قاسم بقوة وهو يصفع مارسيلو مجددًا متتبعًا إشارات فبريانو، تعالت ضحكات الجميع على ما حدث ...

وفي الداخل كانت الفتيات منقسمات لمجموعتين، مجموعة تتولى تحضيرات المفاجأة مع روز والباقيات ذهبن إلى غرفة هالفيتي لضمان بقائها هناك، دون أن ترى ما يحدث في الخارج ....

في الغرفة حيث هالفيتي كان أدهم يقفز أمامها يحرك كتفه يمينًا ويسارًا يحاول تقليد تلك الرقصة التي احبتها في أحد الأفلام التي تُدمن مشاهدتها، أعاد خصلاته للخلف بشكل مثير، ثم منحها بسمة واسعة، يتخذ وضعًا معينًا غامزًا :

" ودلوقتي مش شبهه ؟!"

" أنت احسن منه بكتير "

فتح أدهم فمه بصدمة مرددًا بانبهار و مزاح :

" ده من قلبك بجد ؟؟ اول مرة تقولي إني اجمل من حد، ايه نفسك موعت من الحلويات و جابتك على الجبنة القديمة ؟!"

ابتسمت هالفيتي بسمة باهتة بعض الشيء هامسة تتلاعب باصابعها أثناء جلوسها على طرف الفراش :

" بس دي الحقيقة يا ادهم أنت جميل اوي، جميل جدًا لدرجة أني احيانًا بحسك كتير اوي عليا "

" مين قالك كده ؟؟"

رفعت هالفيتي رأسها بجهل ليكرر أدهم جملته مرة أخرى مقتربًا منها :

" مين قالك إني كتير عليكِ، قِستي الحوار ده فين ؟! ضربتي طولي في وزني وطلعت اكتر منك ولا ايه ؟!"

ضكت هالي ضحكة خافتة تخفي خلفها تلال من المرارة، تحاول أن تدّعي انشغالها في اصابعها التي تتلاعب بها، تبعد خصلات شعرها للخلف هامسة بصوت به غصة بكاء مكتومة :

" هو أنت مش بتشوف نفسك في المرايا يا ادهم ؟؟"

انحنى أدهم على ركبتيه أمامها، يبعد يديها عن بعضهما البعض يتحدث بجدية تكاد تصل للحدة:

" لا أنا شايف نفسي، أنتِ اللي مش شايفة نفسك "

هبطت دمعة من عين هالفيتي لتستقر على يد أدهم التي كانت تضم يدها بحنان، تحاول ألا تنهار باكية أمامه يكفي ضعفًا، يكفي حتى الآن ما رآه منها، يكفيها أن تظهر له بشكل مزري .

لكن أدهم لم يسمح لها بالغوص في بحار يأسها، يجبرها على النهوض معه، رغم رفضها في البداية، إلا أنه لم يستمع لها جاذبًا إياها صوب المرآة التي تتوسط الجدار جوار باب الغرفة، يجبرها أن ترى نفسها فيها، بينما هالفيتي كانت تبكي مغمضة عينيها، تخشى أن تواجه حقيقة ما سمعت البارحة منهم، أصبحت تكره النظر لوجهها..

لكن ودون سابق إنذار شعرت باصابع باردة لطيفة تتحرك على وجهها وصوت أدهم يهمس لها بصوت خافت عاشق :

" طالما مش حابة تفتحي عينك هكون أنا عيونك، شوفي نفسك بعيوني هتعرفي أنك اجمل انسانة في الكون ده كله، اجمل شخص شوفته "

صمت يتحسس ملامحها برقة :

" كل حاجة فيكِ جميلة عيونك بشرتك وكل شيء فيكِ جميل يا هالي، مش هقولك كلنا حلوين والمفروض تحبي نفسك والكلام ده، لا هو مش كلنا حلوين فعلًا، أنتِ بس اللي حلوة "

فلتت ضحكة من بين شفتي هالفيتي التي استدارت له تضم رقبته بين ذراعيها، رافعة نفسها لتصل إلى كتفه هامسة :

" أنت احلى راجل في العالم سواء من جوا أو من برا"

" وأنتِ جميلة يا هالي، يكفي أننا خلق الله سبحانه وتعالى عشان نكون حلوين، حاشاه إنه يخلق إنسان أو شيء وحش، ربك احسن الخالقين ياقلبي، خليكِ واثقة أنك جميلة واجمل من أي حد ممكن يبص ليكِ بصة وحشة "

صمت يرى نظرتها الضبابية بعدما عادت عينيها لتمتلأ دموعًا :

" ربنا سبحانه خلقنا مختلفين، مش عشان نتفاخر أن فيه حد اجمل من حد، لا خالص، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "

نظر بعينيها يمحي كل الدموع العالقة بين رموشها :

" ثم على أي أساس بنقول الشخص ده حلو ولا وحش ؟! يعني هل فيه مقياس لتصنيف الناس على حسب الأشكال؟! مين اللي قال إن الابيض حلو وصاحب البشرة السمراء وحش؟؟ مش يمكن العكس واحنا اللي كلنا متخلفين ؟! ولا بناخدها بالأغلبية ؟؟ أنا مش فاهمة وجهة النظر الحقيقة، لأن لو هتسأليني على رأيي هقولك إني بحب السمر والقمحاويين وكل الناس القمر دي "

أنهى حديثه بغمزة لها جعلت هالفيتي تبتسم بسمة واسعة، وهي تحاول أن تزن كلامه برأسها، لكن فجأة سمعت صوت طرق على باب الغرفة، استدارت للباب لتسمع صوت رفقة يتحدث بهدوء :

" هالي ممكن ندخل ؟؟"

نظرت هالفيتي لادهم بتردد شديد، تأبى أن تقابل أحد الآن، تمسكت في يده ترمقه برجاء :

" مش عايزة اشوف حد، مش هقدر ارجوك يا ادهم "

ربت أدهم على رأسها بلطف يتفهم شعورها ورغبتها تلك، هي الآن ترفض مقابلتهم لا لأنها لا تود رؤيتهم، بل لأنها تخجل من رؤيتهم وهي مازالت بتلك الحالة المتخبطة، لذلك ابتسم وهو يردد :

" هخرج اعتذر منهم وهروح اشوف قاسم لأني مشوفتوش من امبارح وأنتِ ارتاحي شوية ونامي، شوية وهرجعلك "

وبهذه الكلمات تحرك ادهم صوب الباب تاركًا زوجته تنظر له بامتنان، فرغم أنها لم ترتح بشكل كامل، إلا أن حديث ادهم أزاح جبال يأس وحزن عن قلبها، تنفست براحة تحاول استعادة توانها، الأمر ليس بالهين أن تفقد الثقة بنفسك، أن تخشى حتى رؤية انعاكس وجهك، فتبصر ذلك القبح الذي تحدث عنه الجميع، كل ذلك ليس بالهين، لكن وجود ادهم جوارها ساهم كثيرًا في تحسين نفسيتها، جلست أعلى الفراش تدفن وجهها بين كفيها، تستغفر ربها، نهضت مجددًا بعد ثواني تتجه للمرحاض عازمة الصلاة فلا راحة لها سوى جوار ربها، ولا سلام يوازي السلام الذي تستشعره بعد نطقها ( الله أكبر)، تلك الكلمة التي تخبرها أن ربها اقوى وأكبر من كل شيء وهو القادر على تخفيف جميع أحزانها ...

في الخارج وبعدما أخبر أدهم الجميع أنها نائمة هبط الدرج بحثًا عن قاسم، لكنه فجأة أبصر فبريانو يخرج كالقذيمة من المنزل وبين أصابعه يحتضن سلاحه وملامحه تبدو مرعبة صارخًا بجنون :

" حسنًا طفح الكيل، سوف اقتلها"

ركض مارتن خلفه يتبعه جاكيري الذي صرخ :

" فبريانو توقف هنا، خذني معك لن أسمح لك بقتلها وحدك"

تحدث ادهم مبتلعًا ريقه لما يراه :

" ما الذي يحدث هنا ؟!"

تحدث انطونيو الذي كان جالسًا على الأريكة واضعًا قدمًا أعلى الأخرى يردف بكل برود ودون اهتمام أثناء تفحصه لهاتفه :

" فبريانو ذهب ليقتل ليزا بعدما علم أنها عاملت صغيرنا قاسم بشكل سييء، وهو الآن غاضب جدًا، اعتقد أنه سيقتلها هذه المرة، وهذا أمر جيد إن سألتني عن رأيي "

كانت طريقة حديثة الباردة تشعر أدهم بالصدمة منهم، هل القتل أمر هين عندهم، أهو قديم الطراز أم أن القتل لديهم كالموضة العصرية، لكن مهلًا هل قال قاسم ؟!

" قاسم ؟؟ طفلي ؟! هل أساءت تلك الفتاة القذرة لصغيري أيضًا ؟؟"

رفع انطونيو عينه له مجيبًا بروتينية:

" هذا ما أخبرنا إياه مارتن دون أن يشعر، فقد حاول إخفاء الأمر حتى لا نقتل الفتاة "

اشتد غضب أدهم ليشعر أنه الوقت المناسب لإكمال ثأره من الفتاة، لذلك اسرع راكضًا للخارج صارخ :

" بنت الـ...والله لاوريها الزبالة "

وما كاد يخرج حتى اصطدم بقوة في أحد الأجساد الذي صاح بحنق :

" جرا ايه يا اعمى أنت مش شايفني "

تراجع ادهم للخلف بسرعة كبيرة يردد معتذرًا :

" أنا آسف بجد، كنت طالع ومشوفتكش "

رفع توفيق حاجبه يحاول تذكر ذلك الوجه :

" هو أنت جوز البنت اللي اسمها طويل دي ؟؟"

حدق به أدهم ثواني يحاول معرفة مقصده، قبل أن يسمع صوت ذلك العجوز يتحدث بجدية كبيرة وهو يمسك بعض الحبال الملونة :

" أمسك الحبل ده ساعدني خليني اخلص، ما هو أنا لو معملتش الحاجة بنفسي مش هتخلص"

أمسك ادهم الحبل دون فهم يحاول التحدث للرحيل خلف فبريانو :

" أنا بس مستعجل و..."

" اششش خليني اركز، قولتلي اسمك احمد ؟!"

" ادهم "

" أحمد احسن على فكرة "

زفر أدهم بملل :

" معلش ابويا وقتها كان بخيل واسترخص فطلب أدهم"

همهم توفيق بانشغال فيما يفعل فقد كان يقطع الحبال الملونة قطع صغيرة لصنع اشكال بها ويعطيها لجايك:

" امممم وأمك ؟!"

تشنج ادهم هاتفًا بغيظ :

" نعم ؟؟"

تحدث توفيق بجدية :

" أمك كان رأيها إيه في الحوار ده ؟؟"

تظاهر ادهم بالاندماج معه في الحديث متناسيًا كل شيء :

" لا أنا أمي كانت عايزة تسميني أمير اساسا، لكن جدي اللي هو أبو امي رفض اتسمى امير على اسمه، اصل كان هو والوالدة عندهم خلاف بسيط كده "

رفع توفيق عينه بفضول :

" خلاف ايه ده ؟!"

" لا مفيش امي لسعت لجدي القميص وهي بتكويه، فحلف عليها ما هي داخلة البيت تاني "

كوّر توفيق فمه مصدرًا صوتًا مبهورًا بتلك القصة :

" يا ستار يارب وامك عملت ايه ؟! اشترت ليه قميص جديد ؟!"

" لا يا عم قميص جديد ايه اللي تشتريه هي مكانش معاها فلوس تكمل، هي يا دوبك بالكام قرش اللي معاها جابت تذكرة لمصر وسافرت وسابتله البلد باللي فيها "

هز توفيق رأسه بتفهم :

" وجدك عمل ايه لما عرف كده ؟!"

اجابه ادهم ببساطة يحاول الوصول مع ذلك العجوز للنهاية :

" بقى يبعت القمصان بتاعته للمكوجي"

ابتسم أدهم بسخرية على ذلك الرجل وما كاد يتركه ويرحل، حتى أبصر سيدة عجوز اخرى تقترب منهم رافعة رأسها لأعلى وكأنها سيدة القصر أتت لتشرف على الخدم والحاشية الخاصة بها :

" هل انتهيت أيها العجوز؟؟ لا أراك أنجزت شيئًا "

رفع توفيق إحدى الرابطات الملونة التي صنعها مبتسمًا بسعادة وفخر :

" لا ازاي، بصي عملت ليكِ فيونكة زي القمر عشان احطها على كفنك "

رفعت سيلين حاجبها بعدم فهم :

" ماذا قلت يا هذا ؟! تحدث بلغة افهمها "

فتح توفيق فمه ليجيبها بحنق وسخرية اججت نيران سيلين، لتبدأ معركة أخرى لهما، وكانت هذه فرصة ادهم ليركض بعيدًا عنهما بسرعة خارج المنزل، وبمجرد أن خطى الحديقة وقبل أن يتحرك خطوة إضافية أبصر عودة فبريانو والذي كان يبتسم بسعادة ويبدو أنه بالفعل تخلص من الفتاة، فتح ادهم فمه للتساؤل، لكن توقفت الكلمات في حلقة وهو يبتلع ريقه بصدمة مما رأى، تدور عينه في الحديقة لا يصدق ما يرى...

" ما هذا الذي يحدث هنا ؟؟؟؟؟"

____________________________

رأيكم في الفصل ...

اطول فصل منذ بداية النوفيلا ❤️

دمتم سالمين
رحمة نبيل

Continue Reading

You'll Also Like

3.5K 394 10
_لا نرىٰ "أعين مغلقة بغشاء البؤس فغفلت عن ما يحاوطها" _بؤس "كلمة جمعت أصدقائها" _عائلة "سعادة، شقاء" وكلما أغمضتُ عيني تتقاذف الأسئلة لـ عقلي ومن...
207K 3.3K 37
حب شقاوه
3K 605 30
في عالمٍ آخر مناقضٍ لعالمنا ، حيث القتل مشروعٌ بل و اعتيادي ، حيث يتوغل بين ثناياه الخراب و السحر و الموت دون رادع ، هل يمكن لتلك الفتاة معايشة ذلك ا...
5.8K 256 12
المقدمه "علي ضفاف النيل رأيتك فرعوناً شامخاً ،كنت تنظر الي النيل شارداً وانا كنت شاردةً بك ،انجذب قلبي اليك دون سابق انذار ،ذهبت اليك لطلب المساعدة ،...