مُعَانَاة كَالسُكَر ✓

By EekaUa

72.1K 6.3K 2.2K

رُبما خانني الشعور بقول أنني كافية.. لم أكُن يومًا كافية قبل وجودكَ؛ بل كُنتُ كـتائه في بحر الخِذلان، كُنتَ... More

«اقتبـاس»
1_ الفصل الأول "قَـرار!"
2_الفصل الثاني "مشاعر"
3_الفصل الثالث "إدراك"
4_الفصل الرابع "شِفاء!"
5_الفصل الخامس "مَصيـر"
6_ الفصل السادس "مُعالجة"
7_ الفصل السابع "موافقة"
8_الفصل الثامن "فُرصة!"
9_ الفصل التاسع "رِحلة!"
10_ الفصل العاشر "إستعداد"
11_ الفصل الحادي عشر "تشابُه!"
12_الفصل الثاني عشر " مراسم"
13- الفصل الثالث عشر "سؤال وأجابة"
14- الفصل الرابع عشر "وقتٌ مُمتع"
15- الفصل الخامس عشر "وقعت بالخطأ!"
16- الفصل السادس عشر "محاولة"
17- الفصل السابع عشر "كارثة"
18- الفصل الثامن عشر "لم يتخطىٰ بعد!"
19- الفصل التاسع عشر " احتواء"
20- الفصل العشرون "بلا سكر!"
21- الفصل الواحد والعشرون "ندوب الماضي"
22- الفصل الثاني والعشرون "يوم الميلاد"
23- الفصل الثالث والعشرون "انفجار!"
25- الفصل الخامس والعشرون "أهلًا رمضان"
26- الفصل السادس والعشرون "العاشر من رمضان"
27- الفصل السابع والعشرون "عيدٌ مُبارك!"
28- الفصل الثامن والعشرون، الأخير " زفاف!"
- ما ناقشته الرواية. ✓
إضافي¹ " عائلة"

24- الفصل الرابع والعشرون "تغييرات مرئية"

1.5K 167 31
By EekaUa

الفصل الرابع والعشرون.
«مُعَانَاة كَالسُكَر»

__________________

كان يتملكني خوف الوحدة؛
فٓذهب الجميع وبقت هي!

__________________

وقف أمام أبويه، ولم يجرؤ حتى على رفع عينيه فيمها، يبدو أنه أدرك أنه لمن الخطأ أن يعترف بما أعترف به حتى وإن كان صحيحًا..

-" أنا آسف على كل اللي قلتوا، أنتوا ملكوش ذنب فاللي حصل"

بل هي ذنب التربية الخاطئة التي يرثوها يا أخي!، ولكن من يدري ومن يهتم، فلا أحد يختار حياته، ولا حتى عائلته..

تفوه والده "أحمد" بحزنٍ:
-" لا الذنب ذنبنا يا يونس، مكانش ينفع نتصرف كده، بس كل الناس بتغلط مش كده؟"

أومأ "يونس" ومقلتيه تحاول تحمُّل حِمّل سحابتيه، ثم أمسك كف والدته يقول بهدوءٍ مُثقل:
-" أنا عارف أن كله بيغلط، وزي م أنا غلطت وأنتوا غلطتوا يبقى إحنا كده خالصين، صح؟"

أومأت "نهال" ببمسة صارعت في إظهارها ثم قالت:
-" أنا آسفه يا يونس، صدقني مكانش بإيدي كل اللي بيحصل"

أومأ عدة مرات وهو يعض على كلتا شفتيه وكأنه يحاول فهم ما تقوله، ليقول "أحمد" بعد أن نظر لأولاد أخيه وزوجاتهم:
-"وبنتأسفلكم كمان، يمكن مع الوقت غلطنا فحق كل واحد فيكم، لو مش بتصرف ف أكيد ضايقناكم بحاجات كتيرة تاني، وأنا هنا أقصد مشاكل الأرض زمان، فَـ.."

توقف عن الحديث ثم نثر كفيه فالهواء بقلة حيلة وأكمل:
-"فَـسامحوني، وياريت تقولوا لـ خالد ويوسف إننا مكناش نقصد أي حاجة وحشة حصلت، يمكن الدنيا بتقسي وبتغير، بس الدم عمره ميبقى مية مش كده؟"

تساءل بحيرةٍ وكأنه يُريد تأكيدًا ممن حوله، فسرعان ما تفوه "عصام" :
-"عيب عليك والله يا عمي، أنت فاكر أبويا وعمي مضايقين منك وإحنا جايين نتعشى عندكم أصلًا!"

وقد كان حين تفاجأ "أحمد" بدلوف أخيه"خالد" وبيديه الأخرى كف أخيه "يوسف" وهو يتعكز بيده اليمنى على عكازه، ولم يكن الوقت كافيًا لاستيعاب "نهال" لما يحدث، فقد مر وقتٌ طويل على دولوفهم بيت "أحمد"؛ خصيصًا عقب كل ما حدث سابقًا من خلافات، إبتلعت "نهال" غاصتها بصمتٍ، فعسى أن يكُف الزمن على إثبات أنها كانت مخطئة!..

تنحنح "أحمد" وهو يقول بترحاب:
-" اتفضلوا، نورتوا"

ابتسم "يوسف" بحبٍ وهو يجلس على الأريكة وقال:
-"نورك يا سي أحمد، ها أخبارك إيه يانهال، أن شاء الله تكوني بخير دلوقتي؟"

أخلت حنجرتها بحمحمة وقالت:
-"الحمدلله أحسن يا أبو كرم شوية دوخة من الضغط كده"

تفوه "خالد":
-" خلي بالك واتغذي كويس، وخصوصًا أن الصيف خلاص برضو مع الحر الهبوط بيزيد"

صفق "يونس" وقال بمرحه المُعتاد:
-" الغدا يبنات بقى"

التفت الفتيات برفقة أمهاتهم ناحية المطبخ، أما"كرم" فطالع أبن عمه ببسمةٍ طفيفة ممتزجة ببعض الاستغراب، فهو بارعٌ كثيرًا في أن يقلب حاله رأسًا على عقب في أقل من ثوانٍ، أما"يونس" فأتته طبطبة على كتفه من قِبل "إسلام"، فطالعه بإمتنان وطالع"كرم" و "عصام" بحبٍ، حقًا عجز عن وصف حبه لهم شيء، لا كلام ولا صفات ولا حتىٰ صِلة!، فقط شيءٌ ثمين يخرج من قلوبهم، وهذا أفضل ما فالأمر..

_____________________

بعد أن مرت الليلة بمُرها الذي قام بمحيهُ إعتذارٌ صادق، أتت الظهيرة بمنزل "حسين عمران"، تحديدًا عقب انتهاءهم قضاء صلاة الظهر، جلسوا سويًا على طاولة الطعام وشرعوا في التناول وبعد حوالى دقيقتان من إستمرار الأحاديث الجانبية، تفوه "حسين":

-"هنصلي المغرب ونروحلهم"

أومأ "طارق" ثم تفوه:
-" وطبعًا هنروحلهم أنا وأنت وسيف"

أومأ "سيف"وأضاف:
-" بالظبط، خلي بيرو وتالية المرة الجاية لو فيه نصيب."

لاحظ "سيف" عقب إلقاء جملته شرود "تالية" بالطعام، فقام بوكزها بقدمها أسفل الطاولة جعلها تستفيق بإستفسار، حرك هو رأسه وكأنه يتساءل عن سبب حالتها فمالت عليه قائلة:
-"مفيش حاجة متقلقش"

أومأ وهو يمط شفتيه السفلى وقال عقب وقوفه:
-"نتكلم فالبلكونة يا تالية"

تنهدت وهي تبتسم بقلة حيلة ثم تحركت بصعوبة من نظراتهم الغامضة إلى الشرفة الواسعة، وبعد أن دلف إليها"سيف" تساءل وهو يجلس:
-"ها إيه بقى اللي شاغل بال القمر"

ابتمست بخجلٍ على اعترافه اللطيف ثم قامت بالعبث فالهاتف عقب صدح صوت رسالة منه، ثم ابتسمت بهدوءٍ وهي تُطالع نظرات أخيها وقالت:
-" عصام، أخو حور"

مال برأسه سائلًا:
-"ماله؟"

- "مالوش بس حاسه أنه بيحبني"

تفوهت بينما سأل:
-" وعرفتي إزاي؟"

أمأمت مجيبة:
-"أكيد أنا مش هبلة يعني، واضح من تصرفاته لما بيشوفني، دا غير الـ.."

-" الـ إيــه؟"

ابتمست بخجلٍ وقالت:
-" هو بعتلي على الفيس وفتح معايا كلام و بصراحة هو شخص مرح كده، أنا بحكيلك عشان تقلي أوقف إحساسي دا إزاي.. I mean، مش صح أحس كده فالفترة القصيرة دي مش كده؟"

أومأ بهدوء وهو يرفع ساقه على الأخرى:
-"بالظبط، مش موقف واحد أو نظرة وحده تخلينا نحكم على حد بأنه بيحبنا، لأن في نظرات بنترجمها غلط، وفي كلام من أشخاص معينة قلبنا بينسبه ليه مع أن الكلام دا لو من ناس تانية هنشوفه عادي جدًا"

قال آخر كلماته وهو يرى تفاصيلها الطفولية أمام عنيه وكأنه يقصدها، أما" تالية" فتفوهت:
-"تقصد إني..!"

تقدم بنصف جسده ووضع مرفقاه على فخذيه مكملًا:
-"أقصد إنك كمان معجبة بيه يا تالية، عشان كده قلبك بينسب أي حاجة بيعملها عصام ليه حتى لو كانت عادية"

طأطأت رأسها في خجلٍ بينما أكمل هو:
-"قال يعني مكسوفة!، اللي عايز أقوله يا توتا أن أنتِ مش ضامنة عصام بجد بيحبك ومعجب بيكِ ولا لا، ف أنا بقترح إنك تاخدي فرصة أكبر وأطول تحكمي فيها عن مشاعره تجاهك"

أومأت بهدوء وحينها أتاه إتصال هاتفي منها، فوقف عقب قرص جبينها بلطف مع ابتسامة صادقة تنبع داخلها الأمان، تنحنح بخطواته الواسعة ناحية غرفته وقام بغلق الباب وكأنه سيطفو فالهواء من خفة سعادته البالغة، فهذا أول إتصال منها منذ يوم اعترافها، فلم تُتيح لهم الفرصة لتحادث يوم أمس، وهذا بسبب المُعضلات التي حدثت في منزلهم مؤخرًا، قام بالنقر على زر الإجابة وقال بصوتٍ رسمي:

"أن الرقم الذي طلبته غير مُتاح حاليًا يُمكنك إعادة المحاولة في وقتٍ لاحق"

"احم طب وينفع أعمل مكالمة مسجلة؟"

ضحك على سؤالها وقال:
-" ينفع يفندم"

"آسفه عشان مقدرتش أكلمك امبارح، أنت عارف بقى، بيوت العيلة"

ضحك بحبٍ وقال:
"ولا يهمك، وبعدين بيوت العيلة مليانة مشاكل آه، بس اللمة حلوة برضو"

"واللمة حلوة فإيه بقى؟"

أتاه سؤالها وفالوقت ذاته دق الباب فجأة ودلفت "عبير" وبيدها كوب قهوة، ابتمست بحب حين غمز لها كدلالة على أنها هي ثم أومأت بهدوءٍ وخرجت، أما هو فوضع سمعات الأذن وارتشف رشفة وقام بالرد:
"حلوة فروحها، في جوها، في دفاها، صِلة القرابة لمجرد أنها صِلة قرابة حتى لو قرابة كدابة فحد ذاتها شيء مطمئن، عندك إحنا مثلًا.. وسط ناس منعرفهاش وبيئة غريبة عننا، ومفتقدين الشعور دا، طب أنتِ عارفة؟"

على الجانب الآخر بغرفتها مالت هي بخدها وهي تُأمأم فأتاها رده:

"أنا بحس بالأمان فبيتكم، وسط الشباب والقعدة سوا، وسط اللعب والهزار والضحك اللي بنتشاركه سوا، يعني الفكرة فأني حسيت أنكم مني وإني منكم ودي مش من عادتي إني اتعود على حد بسرعة، بس أنتوا اللي طيبين وقلبكم صافي ونقي كده، لدرجة أنكم حسستوني إني مش غريب"

ضحكت بحبٍ على ما قاله وعلى ما يبدو أنه هو من انتشلها من الغُربة وقام بتقريبها إلى نبع الأمان والسكن الذي يسكُن صوته، شردت هي فأتاها سؤاله:

"سرحتي؟، يارب يكون سرحتي فيا"

فَردت:
"أنا دايمًا بسرح فيك يا سيف!"

"أيوه كده دلعنـي"

للتو اتسوعبت ما قالته فتفوهت بتلعبك:

"ءءء، طيب هقفل دلوقتي"

صدحت صوت قهقهته من الهاتف وقال:

"طب بالنسبة لأعتراف أول أمبارح، كنت حابب يعني أعيد تجديده من تاني عشان محتاجه ضروري"

قرصت على عينيها بقوة، ما هي به الآن واقع تعيشه وهي تعلم ذلك جيدًا، ولكن المُريب فالأمر بالنسبة لها أنها لأول مرة تعيش واقع جميل وساكن كما كانت تتمنى دائمًا، فتفوهت عقب صراعها مع دقاتها:

"أنا بحبك يا سيف"

"ياختـي، ياختــي، يـاختـــــي، حد يلحقني بمية سكر يناس"

كانت هذه ردت فعله بغرفته عقب سماعه لذلك الإعتراف ، ثم وقف ينتقل بخطواته أمام الشُرفة الخاصة بغرفته، وقام بغلق الهاتف، وهكذا اكتملت الصورة، شُرفة، وضوء شمس الربيع الرقيقة، وكوب قهوة مُزين بِبال العاشقين!..

__________________

بعد يومان..

°°°°°

-"ماما، فين الدريس الجديد بتاعي، كنت حطاه على المكتب عشان أكويه"

قالتها "رَوان" بعلوٍ لوالدتها التي كانت بالمطبخ تصنع الشاي لتجيب:
-"مش عارفة يا روان، شوفي يمكن شلته مع الهدوم الوسخة كده"

تشنج وجه "رَوان" لثوانِ وكانت ضحكة "إسلام" كافية لجعلها تستفيق، نظرت إليه وهو يجلس مع "كرم" ووالدها فالصالون بحقدٍ ثم تحركت تدب الأرض إلى الملابس المتسخة تبحث عن ما تريده، بينما كان "يوسف" ينهي الحديث متفوهًا:
-"خلاص يبقى نروح على 7"

تفوه "كرم":
-" أنا شايف أن 7 بدري أوي!"

أقترح"إسلام":
-" خلاص نروح 9"

-"حاسس أنها متأخر شوية"

قالها "كرم" ليتفوه أبيه:
-"الاه؟، خلاص يا سيدي نروح على 8"

كاد أن يعترض أيضًا لولا أن أوقفه صوت "إسلام" الحانق:
-"جرا إيه يا كرم أنت رجعت فكلامك ولا إيه؟، لا فوق دا النهاردة الخطوبة!"

تنهد "كرم" ثم وقف يقول بهدوء:
-"طب هدخل أريح شوية"

راقبوه جيدًا إلى حين أن اختفى تمامًا من أمامهم ليضحك "إسلام"  وهو يشير عليه بسخرية:
-" الواد شكله عايز يفكس للجوازه!"

ضحك "يوسف" بخفة وقال:
-"عقبال م أفرح بيك كمان يا إسلام"

رفع هو عينيه على أبيه وقال بإستنكارٍ:
-"أنا مش بتاع جواز ومسئولية يا بابا أنا أصلًا شايل مسئولية نفسي بالعافية.. وبعدين أنت زهقت مني يا چو ولا إيه؟"

قال آخر حديثه بعبثٍ ليرد عليه أبيه بكل خبثٍ:
-" لا يا حبيبي والله ولا زهقت ولا حاجة، أنا كنت هتكلملك على بنت عمك أحمد، البنت سلمى دَاهي، بنت عسل كده ومسكرة بس شكلك أنت اللي غاوي لعب وسرمحة، يلا أقوم أصلي العصر أنا"

تفوه وهو يحاول أن يقول ليمسكه "إسلام" من كفه التي يمسك بها عكازه قائلًا بلهفة:
-" أنت بتتكلم بجد يا بَــا؟"

-"آه بتكلم بجد يا سيدي إيه اتقدملك لغيرها؟"

تفوه "يوسف" بخبثٍ، ليرد عليه "إسلام" سريعًا:
-"ءء، لأ لأ هي سلمى دي هتنفع معايا، أنا برضو كنت دايمًا بقول البنت دي يابابا دايمًا بتعاني من مامتها اتجوزها بقى أكسب فيها ثواب وخلاص"

قهقه "يوسف" بعلوٍ ثم ضربه على رأسه قائلًا بلوم:
-"يواد يا بارد عاملي فيها مش فارق وأنت واقع، عمومًا كرم حكالي إنك يعني عايزها وكده وأنا هتكلم مع عمك أحمد بعد ما تخف الدوشة بتاعت خطوبة كرم دي"

أمسك كفه بلهفة وقام بتقبيله مرددًا:
-"ربنا يديمك لينا يا سيد الناس يا جو يا عسل أنت"

استعجب "يوسف" من فعلته وقال:
-" بتبوس أيدي يا إسلام؟، دا أنت عمرك معملتها يابن كريمة!"

-"مالها بقى كريمة؟"

تفوهت "كريمة" عقب دلوفها بصينية الشاي إلى الصالون ليتفوه "إسلام" بسخرية:
-" دا أنت لو بتعملي الشاي على الأشعة الشمسية كان زمانك خلصتيه بدري!"

ضربته بلومٍ على كتفه بينما هو أشاح لها بيده وهو يمسك بكوبان وتحرك بهم ..واحدًا له، والآخر لـ"كرم" بالغرفة، وبعد ثوانٍ دلفت "رَوان" وهي تمسك بفستانها قائلة بضيقٍ:
-"بقى يماما أكون جايبة الدريس جديد، تقومي حطاه فالغسيل يا ماما بقى حرام عليكِ!"

تفوهت "كريمة" وهي تحتسي الشاي:
-" شوف البت؟، أنت مش لقيته يا سوسة الدقيق أنتِ، بتلوكي كتير ليه؟"

جلست جوار أبيها قائلة بحزنٍ مصتنع:
-" أنا سوسة يا بابا؟"

- "ياروح قلب بابا لا طبعًا كلنا عارفين إنك سكر البيت"

قالها وهو يقبل وخدها، بينما "رَوان" أخرجت لولدتها لسانها وكأنها تضايقها بنَصف أبيها لها، أما "كريمة" فلوت شفتها بإستنكارٍ ونبست:
-" مِسِم، يا كوهنه يا سوسة"

تساءلت "رَوان":
-" طب إيه رأيك البس عليه شوية طرحة إيه؟"

قالت "كريمة":
-"السودة  أم ترتر دي ياخرابـي هتبقى عسل"

لوت "روان" شفتها بتقززٍ مجيبة:
-"السودة أم ترتر، ويا خرابي؟"

ثم دارت ناحية أبيها تسأله:
-"هنعمل سكيب يا بابا للي سمعناه دلوقتي، ها تفاكر أي لون يليق على الدريس؟"

نظر "يوسف" إلى الفستان الذي بين كفيها ثم قال بتوترٍ:
-" والله يا بنتي ما أنا عارف، ولا حتى بفهم فالألوان بتاعتكم دي، أنت شايفة أي لون هيليق؟"

أمأمت مجيبة:
-" ممكن البيج"

أتفق معها بكل سهولة:
-"يبقى البيج"

قبلت جبينه بحبٍ قبل وقوفها وقامت بإخراج لسانها لوالدتها مرةً أخرى، فتتبعتها "كريمة" بنظرها بتقززٍ وحينها نظرت إلى"يوسف" الذي كان يطالعها ببسمة شماتة، وكادت أن تتحدث لتتفاجأ بقبلة زُرِعت على جبينها من قِبل "رَوان" التي ما أن ت
أتممت مهمتها ركضت إلى غرفتها بسرعة قسوى، أما "كريمة" فَتحسست خدها ببسمة حبٍ ثم قالت له بإنفعالٍ لطيف:
-"هتجنني"

_______________

عند منزل "أحمد المهدي" بالغرفة الخاصة بالفتيات كانت "سمر" تدور بفستانها الرقيق وهي تُطالع نفسها بالمرآة للمرة التي لا تعد، راقبتها "سلمى" بضجرٍ ثم قطعت الخيط الموصول بالأبرة وقالت بحنقٍ:

-"يا بنتي بقى اتهدي روشتيني ، إيه أول مرة تلبسي فستان؟"

-"لا أول مرة البس سوارية وبجد شكله عسل أوي"

نبست "سمر" لترد "سلمى":
-" طيب ياختي، سبيني عشان ضاق خلقي وأنا بحاول اخيط القطع دا"

جلست "سمر" على الفراش جوارها وهي تقول:
-"مهو برضو مكانش ينفع تشريه على طول كده يا سلمى، قلتلك أدخلي قيسيه فالبروڤة ومتستعجليش"

نظرت بغضبٍ:
-" يا عم مبحبش البروڤات، لقيته مقاسي قمت مشترياه، أهو اللي حصل بقى"

دَق الباب من قِبل والدتهم "نهال" التي فتحته هي ببسمة لطيفة ارتسمت على فاها وهي تقول:
-"عملتلنا عصير برتقال فريش"

-"أوعى على حركات ماما أوعى، هاتي لسلمى بسرعة عشان هتجيلها جلطة من الخياطة والفستان"

نبست "سمر" وهي تأخذ كوب من على الصينية التي بيد والدتها، بينما تقدمت "نهال" لتضع ما بيدها على الطاولة، ثم تقدمت بالكوب الخاص بـ "سلمى" وهي تُغمغم:
-"خير ماله الفستان؟"

أخدت "سلمى" الكوب وهي تقول بضيقٍ:
-" اشتريته من غير ما أبص فيه، المشكلة أنه عيب يتصلح يعني بس أنا مش عارفة اخيطه"

تساءلت الأم وهي تأخذه من بين يديها:
-" ومجبتيهوش ليه طيب اخيطهولك؟"

أمأمت مجيبة:
-"مكنتش عايزة ادوشك، يعني كان معاكِ شغل البيت النهاردة وكده"

ابتسمت "نهال" بهدوءٍ وهي تُخيط القطع بكل سلاسلة، وبعد ثوانٍ معدودة، تمكنت أخيرًا من غرس العقدة الأخيرة  ثم قامت بقطع الخيط وقدمته إليها قائلة بنبرة هادئة:
-" أهو يا ستي اتخيط"

كانت تُطالعها بحبٍ كاد أن يقفز خارج مقلتيها من كثرته، أثار هذا فضول والدتها فتساءلت:
-"بتبصي كده ليه؟"

ارتشفت رشفة من الكوب الخاص بها ونبست:
-" أبدًا حبيت أبص فيكِ واشبع منك، إيه مبصش؟"

ضحكت "نهال" بعلوٍ وردت:
-" لا بصي ياختي"

ارتشفت من كوبها عقب ردها ليأتيها صوتها:
-"أنا ملاحظة اللي أنتِ وصلتيله يا ماما، وبجدأنا مبسوطة بيكِ أوي، ومقدره اللي بتعمليه عشانا، ومحاولاتك الدايمة فأنك تكوني أحسن، بس صدقيني.. سواء كنتِ اتغيرتي أو لا، هتفضلي بالنسبالنا أحسن أم فالدنيا دي والله"

ابتمست"نهال" بهدوءٍ وقالت:
-"أنا اللي خلاني اجاهد فأني أبقى كده بس إحساسي بأني ممكن اضيعكم واضيع مستقبلكم، ولما كمان حسيت إن مش هي دي الحياة اللي المفروض تعيشوها يا سلمى، ميهمنيش أنتوا ملاحظين دا أو لا على قد مـا المهم يكون فارق فحياتكم للأحسن"

أتتها هجمة عناق "سمر" من الخلف وهي تقول بمرحٍ:
-" فارق يانهولة فارق طبعًا، بس قولولي كده الحلاوة والهدوء دول مستورداهم من فين عشان عايزة حبة منهم"

ضربتها بلومٍ على كفها لتعتدل "سمر" وتجلس بجوار أختها وقالت بترددٍ:
-"ءء، طب عايزة أقولك حاجة بما أن مزاجك كده رايق وهادي"

-"هــــا؟"

تساءلت بمللٍ لتنبس "سمر":
-" كنت بستأذنك يعني نجيب القطة اللي نفسنا فيها"

تفوهت آخر كلماتها وهي تخبئ خلف أختها بخوفٍ من ردة فعلها، أما عندها.. فلملمت الأكواب بهدوءٍ تام وتحركت تقول بلا مبالاة:
-"فالمشمش يا حبيبتي"

تنهدت "سلمىٰ" بضيقٍ لتقول "سمر" بغيظٍ:
-" مهو هتوافق يعني هتوافق، لا مفر ومش هستسلم وهجيبها"

-" طب يختي أبقي جبيها وباتي أنتِ وهي فبير السلم."

__________________

-"مليش فيه، هعلق العقد دا فأوضتي السنة دي يعني هعلقه فأوضتي"

تفوه "عصام" وهو يرفع عقد الإنارة الخاص بالتزيين من "حور" التي نثرت بضيقٍ:
-" يــوه، بطل يا عصام غلاسة بقى وهاته، دا بيتحط ع النيش كل سنة هو والرايات الحمرة، هبقى اجبلك واحد"

رفع شفته بإستنكارٍ وقال بحنقٍ:
-"تجيبيلي واحد؟، أنتِ حيلتك إيه يا بت أنتِ؟"

-" بطلوا دوشة بقى!!"

أطلقت"سما" ذلك وهي تجلس على الأريكة برفقة والدتها "أمل" التي قالت:
-"أنتوا عايزين تشلوني؟، روحوا جهزوا نفسكم للخطوبة وبعدين نشوف موضوع الزينة دا"

رد "عصام" :
-"متقلقيش يماما البدلة مكوية والدنيا مية مية"

أتاه صوت رسالة من الهاتف الذي امسكه للتو لتتسع ابتسامته فجأة، ولم يشعر حتى بقدماه التي نقلته إلى الشُرفة، ليأتيه صوت "حور" الساخر:
-" لا دي الدنيا مية مية فعلًا"

ضحكوا جميعًا عليه، ووسط الضحكات تساءلت والدتهم بلهفةٍ:
-"يعني يا حور مش عايزة تقوليلي مين البنت اللي بتكلمه دي؟"

حركت "حور" شفتيها يمينًا ويسارًا بسرعة وهي تنبس:
-" هتعرفي ياماما هتعرفــي متستعجليش"

أتاها هي الأخرى إتصال من "سيف" جعلها تتحرك إلى غرفتها بسرعة، أما والدتها فقلدت نبرتها وهي تقول:
-"هتعرفي هتعرفي!!، جاتكم وكسة أنتِ وهو قد ما أنتوا موكوسين"

تحدثت "سمر" بملامح بريئة قامت بصُنعها للتو:
-" كلهم بيضايقوكِ وبيعصبوكِ يا ماما إلا أنا صح؟"

شهقت "أمل" بإستنكارٍ وهي تقول:
-" ودا من إيه دا كمان أن شاء الله؟، قومي يابت من قدامي القيلك شغلانة، قومي!!"

وقفت " سما" وتحركت تقول بضجرٍ:
-"يـــووه"

انتفضت "أمل" على صوتها النحيل وتمتمت بإندهاشٍ:
-"البنت عليها نبرة ولا نبرة العِرسة!"

____يُتبع____
♡«مُعَانَاة كَالسُكَر»♡
مـــنار نجـــدي

Continue Reading

You'll Also Like

1.3K 88 6
تَابَعها في البداية ثم بَدأ في الحَديث، وضَح لَها الأمَر كَامل لَم يهتم بتَلوين الكَلام ليَصِل لهَا إنه يُريدها مُجرد صَفقة زواج! للكاتبة/ ميرنا علي ...
17.3K 1.9K 45
أحبت مارثا ذلك الفتى الغامض، أحبت كيف يتمحور حوله كل شيء، ثم يختفي الفتى المدعو بـإدريان في ظروف غامضة. فتبحث مارثا في الأمر وتكتشف أشياء لم تكن تتو...
11.8M 926K 70
صرت اهرول واباوع وراي شفت السيارة بدأت تستدير ناحيتي بمجرد ما يجي الضوء عليه انكشف أمامهم نجريت من ايدي وگعت على شخص ردت اصرخ سد حلگي حيل بعدها أجان...
1M 65.7K 104
" فرحات عبد الرحمن" شاب يعمل وكيل نيابة ويعاني من مرض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مع ارتباط وثيق باضطراب النرجسية مما يجعله ينقاد نحو كل شيء معاك...