زهرة آل فوستاريكي

Autorstwa AnaZilzail

1.4M 119K 44.8K

كانت الزهرة بين تسعة من النخيل الشاهق، ذلك النخيل الذي وقف في وجه العواصف مانعًا إياها من الوصول للزهرة، لكن... Więcej

المقدمة ( ابنة اليخاندرو الوحيدة وزهرتها)
الشخصيات ..
الاول ( لصوص الواي فاي والراقصة الذهبية )
الثاني ( حرب بلمسة الاحفاد)
الثالث ( رحلة غير متوقعة)
الرابع (هل تستطيع التحليق بالسيارة؟)
السادس ( المتـشــــــــــرد)
السابع ( حِــلـف نســــائــــي )
الثامن ( ابنـــة العـمــة)
التاسع ( نحتـــاج طبيــــب )
العاشر ( المزرعة السعيدة )
الحادي عشر ( كــرم ضيـــافـة)
ما قبل الأخير ( الاسطـــا مــرزوق )
الأخير ( لأجـــــل الزهـــرة )
حفلة توقيع رحرح في وسط البلد ( واعتذار )
الخاتمة ( حلقة خاصة )
مفاجأة صغيرة لطيفة
مشهد اضافي ( الساكن الاول في قلبي )_ فبريانو وروبين _
عيدية ( هدية عيد الفطر )
هدية العيد نزل
تنويه هام
اقتباس من مشهد هدية
فصل ( لقاء العمالقة )
الرواية الجديدة نزلت

الخامس ( اللقــــــــــــاء )

66.6K 6.2K 2.9K
Autorstwa AnaZilzail

الفصل اهداء لكل اخواتنا في سوريا، كان الله في عونكم، رحم الله شهدائكم، وشفى الله مرضاكم، ونجى الله فقداكم ...

ربنا يلطف بيكم جميعًا وينجيكم من كل سوء ❤️

دعواتكم لهم بالخير وإن المحنة تعدي بخير ....

صلوا على رسول الله

_____________________

ارتفعت صرخات روما لتصم آذان الجميع، قاذفة في قلوبهم رعب كبير عليها، تناقل الكل نظرات قلقة مما يحدث، ولم يستفق ايًا منهم إلا على صوت اليخاندرو الذي صعد للحافلة بسرعة وخوف بعدما سمع الصرخات .

" ما الذي يحدث هنا ؟؟ روما بنيتي ما بكِ ؟!"

بكت روما وارتفعت أصوات شهقاتها في السيارة كلها وهي تصرخ :

" أنا ألد الآن، أحضروا انطونيو أريده الآن"

نظر جميع الرجال لبعضهم البعض بفزع ولأول مرة يقفون بهذا العجز أمام أمرٍ ما، لطالما تولوا أمورهم بكل يسر وسهولة، وما لم يستطعيوا توليه كانوا ينتهون منه بكل بساطة، لكن الآن ماذا ؟!

صرخ اليخاندرو في أحفاده والجميع المترقب :

" ليتحرك أحدكم ويقود تلك الحافلة اللعينة صوب أي مشفى، وأنتِ هايز بحق اللهم اولستِ طبيبة ؟!"

نظر الجميع لهايز لتشعر الأخيرة بأنها تحت المجهر وتهمس بتوتر :

" نعم ...نعم جدي، لكن ...لكن أنا لستُ طبيبة نساء، أعني أنا بالطبع اعلم كل الامور الطارئة التي تخص هذه الحالات لكنني لستُ متخصصة بها، هذا تخصص آدم "

تحركت جميع الأنظار مجددًا صوب آدم الذي قال بصراخ ينافس صراخ روما :

" لا تنظروا لي هكذا، من سيضمن لي أن احتفظ برأسي إن علم انطونيو ؟!"

صرخ اليخاندرو بصوت مزلزل لأول مرة يسمعه الجميع، فلطالما كان هذا الرجل كالجبل لا يهتز، ولا يوجد ما يمكنه أن يثير غضبه أو يصل به لهذه الدرجة من الغضب :

" تبًا لك ولذلك البدائي انطونيو، تحرك وانظر ما بها زوجة أخيك، وأنت أيها الكوالا الاحمق، أفق وقُد السيارة صوب اول مشفى تراها عينك الكسولة تلك "

تحرك مارسيلو سريعًا صوب مقود السيارة يتوسط المقعد وهو يقول بصوت عالي :

" حسنًا اربطوا جميعًا الأحزمة "

ورغم أنه لم يكن كجاكيري ولم يصل لنصف ما وصل له جاكيري في قيادته لأي شيء بعجلات، إلا أن مارسيلو هو الامهر في القيادة خاصة إن كانت الطرق مليئة بالعوائق والازدحام، بعد جاكيري بالطبع ..

تحركت الحافلة بسرعة حذرة تحت تعليمات اليخاندرو الذي كان يربت على خصلات روما وهو يحدثها بحنان، بينما آدم بدأ يفحص روما بعدما ابتعد جميع الرجال وبقيت فقط الفتيات هن من يحطن بهم، وآدم يركز جيدًا وهو يسأل بجدية وعملية :

" في أي شهر أنتِ روما "

أطلقت روما صرخات عالية وهي تحاول تذكر ما يريده، لكنها كانت ابعد ما تكون عن الإجابة أو التفكير الآن؛ لذلك سارعت رفقة وقالت باهتمام :

" لقد بدأت في شهرها السادس منذ أيام قليلة "

اعتدل آدم ونظر لها بتعجب :

" السادس ؟! لا عجب أنني لا أرى أي بوادر لبدء الولادة "

صرخت به روما بغضب ووجع :

" ماذا تقصد ؟! أنا أموت هنا وأنت تخبرني أنني لا ألد ؟! هل هذا تدريب على الولادة أم ماذا ؟!"

لم يجبها آدم وهو يأمرها أن تتنفس ببطء وتتبع تعليماته، لكن كل ما حصل عليه هو سباب وصرخات من روما تخبره أن يجعلها تلد الآن، لكن آدم لم يفقد هدوءه أو صبر أو يهتم بكل تلك الصرخات وتعامل مع الأمر من منظور عملي بحت :

" هذا ليس موعد ولادتك روما، تقبلي الأمر، لا يمكنني أن اجبرك على أن تلدي الآن، هذه فقط انقباضات رحم عنيفة وللحق خطرة على الجنين؛ لذلك نحتاج أن نسرع للمشفى حتى يتم عمل بعض الأشعة، ونرى كل الأسباب المؤدية لذلك "

فتحت روما عينها بصدمة وهي تنظر له، ثم حركت عينها لاليخاندرو :

" جدي أخبر ذلك الاحمق أن يخرج طفلي الآن، أنا ألد اقسم أنني أشعر بذلك، ذلك الابله لا يفقه شيئًا، من أين حصل على شهادة الطب خاصته، هذا طبيب من وقف التنفيذ "

اعتدل آدم في جلسته وهو يقول بحنق وصراخ :

" حقًا ؟! من منا الطبيب هنا يا سيدة ؟! أخبرك أنكِ لا تلدين وكل هذه انقباضات عنيفة في الرحم، تقبلي الأمر ولا تشككي في قدراتي، فأنا حصلت على شهادة معتمدة من جامعة ألمانية و...."

قاطعته روما وهي تصرخ بجنون :

" هل تتباهى امامي بشهاداتك الآن ؟!  أتراني في موقف يسمح لي باستيعاب ما تقوله ؟؟ لا يهمني كل ذلك، كل ما يهمني أنك احمق آدم "

" أحمق لأنني أخبرك أنكِ لا تلدين؟! بحق الله أي امرأة تلك من تنجب في شهرها السادس من الحمل ؟!"

نظرت له روما ثواني وهي تتنفس بعنف قبل أن تنفجر فجأة في البكاء صارخة :

" اريد انطونيو الآن"

نظرت راسيل بحنق لادم وهي تصيح معنفة :

" انظر ماذا فعلت آدم ؟؟ اجعلها تلد ولا تكن لئيمًا ؟؟"

رمته جولي بنظرة استنكار :

" أنت يا فتى من اعطاك شهادة الطب ؟؟ أنت جزار تستمع بعذاب الفتاة، هي تريد أن تلد الآن، اجعلها تلد ولا تغضبها "

نظرت له روبين ثواني وهي تريد البكاء بسبب كل ما تراه لتتحدث من بين دموعها لرفقة :

" هما بيقولوا ايه انا مش لابسة السماعة ولا فاهمة حاجة، روما بتموت ولا ايه ؟!"

نظرت رفقة للجميع بغباء :

" لا بس روما عايزة تولد دلوقتي وادم مش موافق "

انكمشت ملامح روبين بحدة :

" وهو ميوافقش ليه ؟! هو ماله اساسا "

رفعت رفقة حاجبها بصدمة من غباء الجميع :

" يمكن عشان لسه مش وقت ولادتها مثلا ؟؟"

وقف آدم على قدميه وهو يصرخ بجنون في الجميع حوله :

" هل انتن حمقاوات ؟! بحق الله هي مازالت في بداية الشهر السادس أعضاء الطفل لم يكتمل نموها بعد، هل سمعتن بامرأة تلد في شهرها السادس ؟! هل تم استدال عقولكن باحذية عفنة ؟!"

نظرت جميع الفتيات لبعضهن البعض قبل أن يفقيوا جميعًا على صوت صرخات روما التي علت مجددًا بوجع :

" أين انطونيو ؟؟ لِمَ تأخر ؟! أخبروه أن يحضر الآن وإلا سانهض الآن وأخذ معي طفلي ولن يرى وجهي مجددًا "

رمقتها رفقة بسخرية وهي تدفعها برفق لتتمدد على المقعد مجددًا :

" يا ستي بس اسندي طولك واقفي الاول وبعدين اهربي "

استدارت لها روما بعنف وهي تصرخ :

" ماذا قلتِ ؟! لقد سمعتك، لقد قمتِ بسبي للتو صحيح ؟؟ لأن زوجي ليس هنا تكالبتم جميعكم عليّ، بداية بـ آدم وحتى مارتن، جميعكم تتكالبون عليّ "

سمع مارتن اسمه والذي كان يقبع في مقدمة السيارة مع باقي الرجال يعطون ظهورهم لما يحدث :

" وما شأن مارتن الأن فيما يحدث ؟! هل أنا من امنعك من احضار طفلك ؟! أنه آدم، رجاءً لا تضعيني في مشاكل مع زوجك، أنا أيضًا اريد أن أرى طفلي "

مسح اليخاندرو وجهه وهو يحاول أن يتماسك قبل أن ينهض ويقتل الجميع، ارتفعت صرخته بغيظ :

" مارسيلو أين نحن الآن ؟؟"

فجأة توقفت السيارة بعنف بشكل جعل جايك ينقلب على وجهه، ليسقط على مارسيلو حيث كان يقبع جايك خلف الاخير مباشرة ..

صرخ مارسيلو وهو يبعد جسد جايك بعيدًا عنه بصعوبة مرددًا من اسفله وهو يرفع إبهامه :

" وصلنا ...."

_________________

ضغط على أكتاف أخيه بعنف وهو يردد بقوة :

" أريد أن أصل للبلاد في ساعة واحدة فقط، هل سمعت ما اقول ؟! "

أجابه جاكيري بكل هدوء وبساطة مبعدًا يده على كتفه :

" نعم نعم سمعت، فقط اتركني لإحضار عصاي السحرية من السيارة وسوف اجعلك تصل البلاد في دقائق إن أردت "

ضرب انطونيو السيارة بقدمه مُحدثًا صوتًا قوي جعل الجميع ينتفض برعب للخلف من بينهم هالفيتي التي اختبئت في ادهم، وصوت انطونيو كالرعد بينهم :

" هل تمازحني ؟! اتراني في حالة تسمح لي بالمزاح ؟؟"

أجابه جاكيري صارخًا بالمثل في وجهه :

" إن كان هناك من يمزح هنا فهو أنت انطونيو ؟! تطلب مني اختصار رحلة مدتها ثلاث ساعات تقريبًا في ساعة واحدة، لو أنني سأعبر من خلال ثقب زمني لن أصل بهذه السرعة "

ازداد غضب انطونيو حتى بلغ ذروته لترتفع يده هابطة على وجه أخيه بلكمة عنيفة أدت لتراجع جسد جاكيري للخلف، وضع الأخير يده على وجهه وهو يحاول تمالك غضبه مرددًا ببسمة :

" حسنًا اخي أنت الكبير ولك احترامك و..."

وقبل أن يكمل كلمته كانت قبضته تهبط فوق وجه انطونيو بعنف يوازي عنف الاخير وصوت يصدح في المكان :

" تبًا لك "

وهنا واشتعل القتال بين الإثنين، انطونيو يقاتل ليفرغ كل ما به من غضب حتى يستطيع السيطرة على نفسه، وجاكيري يقاتل ليدافع عن نفسه، بينما فبريانو لم يستطع أن يقف مكتف الأيدي وهو يرى اخوته يتشاجرون بهذا الشكل؛ لذلك اندفع بينهم يلكم انطونيو وجاكيري بحدة ثم صرخ :

" توقفا عن القتال "

نظر له انطونيو ثواني وهو يتنفس بعنف يحاول أن يعود لطبيعته، نظر حوله ليجد أن الجميع يتابع ذلك القتال ببلاهة كبيرة وافواه مفتوحة ولا أحد يفهم، كيف في ثواني قليلة فقط اشتبكا بالأيدي، هؤلاء الأشخاص لا شيء اسهل عندهم من القتال، أو ربما هذه إحدى طرق التعامل عندهم ...

مسح جاكيري وجهه وهو يتحسس فكه بحنق وغضبه يتصاعد :

" أتعلم شيئًا، سوف آخذكم هناك في عشر دقائق، أما هذا أو نذهب جميعًا لخالقنا، اصعدوا للسيارة "

وبهذا الشكل أوضح جاكيري ما ستكون عليه الأمور، صعد انطونيو سريعًا للسيارة وهو يشير لادهم وهالفيتي بالصعود، وكذلك فعل فبريانو ..

استقر جاكيري في مقعد السائق يجاوره انطونيو وفي الخلف فبريانو وهالفيتي وادهم الذي يضم الصغير بين أحضانه، يسمع همسات زوجته بالشهادة ولا يفهم شيئًا:

" مالك يا ام فتحي بتترعشي كده ليه ؟!"

أشارت هالفيتي بعينها على جاكيري وهي تردد :

" اسمه ايه ده هو اللي هيسوق "

رفع ادهم حاجبه بعدم فهم لما تقول وما كاد يتحدث بكلمة حتى ارتفعت كلمات فبريانو الذي ربط حزام الامان بقوة :

" من الأفضل أن تغلق حزام الامان عليك وتتمسك بالصغير فلا نريد أن يقتلنا جدي إن حدث له شيء "

رمقه ادهم بعدم فهم، لكن وقبل أن يجيبه وجد الصغير يطير بقوة مندفعًا للامام لولا يد انطونيو التي أمسكت به، لكاد يخترق الزجاج الأمامي للسيارة، بينما ادهم التصق وجهه بمقعد انطونيو وهو لا يعي ما حدث، ففي ثواني شعر بقوة تدفعه للامام ...

ضم انطونيو قاسم بين أحضانه وهو يقبل رأسه متحدثًا بلطف له متجاهلًا أن الصغير لا يفهم كلمة مما يتحدث :

" حسنًا حبيبي لنتجنب أي أضرار لي ولك، تمسك بالخال انطونيو "

لكن قاسم في تلك اللحظة كان يعيش أحد أحلامه الطفولية بالطيران وهو يشعر بالهواء يصطدم بوجهه في قوة كبيرة وضحكاته تعلو بصخب واستمتاع رافعًا يديه للأعلى وهو يستقبل كل ذلك الهواء على جسده بحماس .

وفي الخلف كان ادهم يرفع يده كذلك الأمر، لكن ليس استمتاعًا، لكن استغاثة، كان يحاول أن ينهض، لكن كلما تحرك خطوة وجد السيارة تقفز بقوة معيدة إياه حيث كان، بينما هالفيتي على مقعدها تلطم وتصرخ وتولول كما لو فقدت عزيزًا :

" هنموت كلنا ...هنموت كلنا "

تأتأ فبريانو بهدوء شديد :

" لا هالي احنا قولنا ايه ؟؟ قولنا محدش بيموت من سواقة جاكيري ....على الأقل حتى الآن محصلتش يعني "

والأخيرة لم تستوعب شيء وهي تلطم وجنتيها أكثر:

" اديه هيعملها اهو، الراجل اتشفط تحت الكرسي ومطلعش من وقت ما ركبنا"

تحدث فبريانو بهدوء مع تلك الغبية التي لا تستوعب ما يحدث وأنه يحدثها الآن بالعربية  :

" هيكون كويس متقلقيش "

لوحت هالفيتي بيدها حانقة :

" كويس ايه بقولك اتشفط، وده نجبله فرقة إنقاذ ولا سمكري سيارات عشان يطلعه ؟!"

كانت تتحدث وهي تبكي وتندب ما يحدث لزوجها الذي كان جسده يتحرك في أرجاء السيارة بقوة وكلما فكر في التمسك بشيء للنهوض ازدادت سرعة السيارة أكثر .

لكن توقف السيارة بشكل مفاجئ للجميع جعل ادهم يطلق زفرة راحة طويلة وهو يخرج يده بصعوبة ليتمسك بأي مقعد،  يسمع صوت يتحدث بالايطالية في الامام ...

وقد كان ذلك صوت جاكيري الذي توقف بالسيارة وهو يهز رأسه بعدم رضا :

" لا لا أشعر أن الأمر ليس ممتعًا، أنا لا أستطيع أن أقدم افضل ما عندي، هذا الأداء ضعيف للغاية، هناك ما ينقصني "

نظر له انطونيو بحنق وشر وعلى يده يجلس قاسم الذي كان يرمق جاكيري بنفس النظرة الحانقة بسبب توقف الهواء القوي الذي كان يضرب وجهه، ولم يهتم جاكيري بكل هذا وهو يفكر ما الذي تسبب في ضعف أداءه بهذا الشكل، ثواني معدودة فقط قبل أن تقع عينه على المذياع ليبتسم وهو يردد بحماس :

" نعم الموسيقى الحماسية، كيف فاتني الأمر بحق الله ؟!"

وبمجرد أن صدحت الموسيقى في السيارات حتى بدأ جاكيري يهز رأسه باستمتاع ويضرب كفيه ببعضهما البعض، قبل أن ينطلق مجددًا بسرعة أكبر جعلت أدهم يطلق صرخات عالية من الأسفل :

" وقف عشان يشغل اغاني، عايز يموتنا بمــــــزاج"

أمسكت هالفيتي يده بقوة حتى لا يُسحب أسفل الأريكة الخلفية مجددًا ويفقدون أثره:

" قاسم يا ادهم ابني فين ؟!"

" فتحي قدام مع ابن خالك الطويل الاهبل "

كان ادهم يتحدث بغضب وهو يحاول الاعتدال بينما فبريانو يجيبه ببرود :

" انطونيو لن يحب ذلك اللقب "

أجابه ادهم بغضب :

" إن شاء الله عنه ما حبه، يعني احنا اللي حابين الوضع ده ؟؟ لا صحيح ومضطرين نستحمله عشان ابن عمك المختل "

ارتفعت صوت ضحكات قاسم من الامام وهو يصفق بسعادة بينما والديه في الخلف يصرخان بالمقابل ....

لتكون مقولة ( أن الجهل بما يحدث احيانًا، أفضل من إدراك كل شيء حولك ) هي اصدق مقولة في تلك الحالة

دقائق أخرى وتوقفت السيارة ليتنفس الجميع الصعداء ويبدأون في الهبوط، وكان أول شيء فعله ادهم حينما هبط، هو أن سجد لله شكر وأخذ يشكر ربه أن نجاه ...

بينما هالفيتي كان جسدها يتحرك بشكل عشوائي وكأنها على وشك السقوط وهي تكرر بعدم تصديق :

" أرض صلبة ....أرض صلبة "

هبط انطونيو من السيارة وهو يضع نظارته على عينه بكل هيبة ثم انزل قاسم وأمسك يده يشير صوب الطائرة التي تتوقف بالقرب منهم مرددًا بالإنجليزية  :

" حسنًا لنتحرك جميعًا، اذهب جاكيري واعد الطائرة للاقلاع "

راقب الجميع جاكيري وهو يغلق سحاب سترته متحركًا صوب الطائرة ببسمة سعيدة مختلة جعلت ادهم ينظر لهم وهو يفتح عينه برعب مرددًا ببسمة قلقة :

" خير ابن عمك قال للاستاذ اللي مشي يروح يجهز الطيارة عشان الاقلاع، ايه هي الطيارة مركونة من فترة وهو رايح يسيقها وينفضها ولا ايه ؟!"

ابتسم فبريانو بسمة جانبية يستمتع بما يحدث وبشدة قبل أن يهمس بخبث :

" لا تقل أنني لم أخبركم ؟!"

نظرت هالفيتي له بخوف وهي تردد :

" ادهم هو بيبتسم زي الاشرار اللي في الافلام كده ليه ؟!"

ابتلع ادهم ريقه وهو يستمع لجملة فبريانو التي خرجت كالرصاصة في صدره :

" جاكيري يعمل طيار، وهو سيكون قائد رحلتنا حتى نصل بأمان لأرض الوطن ..."

انتهى من حديثه وهو يلقي بغمزة لهما قائلًا قبل أن يرحل واضعًا النظارة أعلى عينيه :

" أو هذا ما نتمناه جميعًا ......"

___________________

كان حارس المشفى يقف أمام البوابة كعادته دون أي جديد يذكر، حتى وجد حافلة ضخمة تتوقف بشكل عنيف امام المبنى، حدق بها بضيق وهو يترك مكانه مقتربًا منها وما كاد يطرق النافذة حتى يطلب منهم الابتعاد عن البوابة الأمامية المشفى، إلا ووجد الباب الخاص بالحافلة يُفتح بقوة ويندفع منه رجال ضخام البنية أحدهم يحمل سيدة تصرخ، وقد كان اندفاعهم قوي لدرجة أن الحارس سقط ارضًا وهو يصرخ ظنًا أنهم يتعرضون لهجوم...

" النجـــــــــدة "

لكن لم يهتم به أحد وهم يركضون جميعًا خلف مارتن الذي كان يحمل روما وهو يهرول بها والأخيرة تصرخ وتهدد فيهم جميعًا، أنها ستخبر انطونيو كل شيء .

اعتدل حارس الأمن وهو يشكر ربه أنه نجى من ذلك الاندفاع وما كاد ينهض ليعدل من وضعية ثيابه، حتى وجد اندفاع اخر لكن هذه المرة كانوا جميعًا نساء ...

ركض جميع أفراد العائلة في ممرات المشفى مسببين بذلك مشهد مخيف، كما لو أنهم جاءوا لاحتلال المكان ..

صرخات روما تعلو أكثر وأكثر وهي تجذب خصلات شعر مارتن :

" أنا ألد ايها الاحمق، أنا ألد"

حاول مارتن أن يتفادى يدها صارخًا :

" وما شأني أنا، اخبري آدم بذلك هو من يرفض الأمر"

بكت روما بتعب وقد بدأت تفقد وعيها من شدة الإرهاق، والجميع يركض بها :

" اقسم أنني سأخبر انطونيو، سأخبره عنكم جميعًا "

تجاهل آدم ما يحدث وهو يسبق الجميع بالركض صوب العيادة الخاصة بالنساء مقتحمًا إياها بشكل همجي :

" نريد طبيبة حالًا "

فزع جميع الموجودين داخل الغرفة مما يحدث وما كادت احداهن تتحدث حتى وجدت آدم يجذبها من يدها بقوة :

" لا وقت للتفسير زوجة أخي تحتاج مساعدة "

نظرت الطبيبة ليدها التي يجرها آدم وهي تصرخ بغضب :

" أنت توقف أيها الهمجي، كيف تتجرأ وتفعل هذا ؟!"

" لا وقت للتفسير، زوجة أخي تعاني من انقباضات عنيفة بالرحم وهذا قد يؤثر على الجنين "

أخذ آدم يشرح لها الحالة كما علم بشكل مبدئي، والأخيرة تحاول التحدث لكن آدم لا يمنحها فرصة لذلك وهو يردد :

" بسرعة قبل أن يعود زوجها وينهي حياتنا جميعًا "

وصل آدم أمام الغرفة التي يقف أمامها جميع رجال العائلة عدا اليخاندرو الذي كان مع روما في الداخل يحاول تهدئتها، دفع آدم الطبيبة للغرفة وهو يقول :

" تحتاج لأشعة على الرحم و..."

قاطعته الطبيبة وهي تصرخ :

" اعطني فرصة للتحدث، أنا لستُ طبيبة نساء، أنا طبيبة نفسية  "

رمقها آدم ببلاهة وما كاد يتحدث حتى وجد طبيبة تندفع وهي ترتدي القفازات الطبية:

" أين المريضة ؟!"

نظر لها آدم ثواني قبل أن تخبره الأخيرة :

" أين هي المريضة، أنا طبيبة نساء "

فتح آدم الباب وهو يشير لها بالدخول في نفس وقت خروج اليخاندرو والجميع عدا جولي التي بقيت لتساعدهم، مرت دقائق والجميع في الخارج ينظر لبعضهم البعض ولا أحد يعلم ما يجب فعله، ابتلع الجميع ريقه والكل يفكر في ردة فعل انطونيو إذا ما حدث لزوجته شيئًا ..

وعلى بُعد صغير كانت بعض الطبيبات والممرضات يراقبن تجمع هذا الكم من الرجال الوسيمين في مكان واحد، همست احداهن بضحكة :

" الأمر أشبه بالسقوط داخل أحد الأفلام التي تحتوي أكثر من ممثل وسيم، لتحتاري ايهم تحبين "

كان الجميع يتحدث واعينهم تحوم حول العائلة التي أقامت معسكرها أمام الغرفة، بينما إحدى الطبيبات كانت ترمق أحد الرجال دون غيره وهي تحاول التذكر أين رأته سابقًا، لكن ذاكرتها لم تسعفها في تلك اللحظة، تقسم أنها رأته لكن أين لا تعلم .

اتسعت بسمة تلك الطبيبة وهي ترى ابتعاد ذلك الرجل الذي تراقبه عن الجميع وهو يرفع هاتفه للتحدث، انسلت من بين الجميع دون أن يلحظها أحدهم تتسحب نحو الركن الذي وقف فيه ذلك الرجل تنظر لظهره بافتتان رفعت يدها بتردد ثم طرقت على ظهره بهدوء :

" عفواً يا سيد هل تقابلنا من قبل ؟!"

استدار ذلك الرجل متعجبًا يزيح الهاتف من على أذنه ونظر خلفه لتلك الفتاة التي اتسعت ابتسامتها وهي تصرخ :

" تذكرتك ...مايكي "

______________________

تسير حاملة حقيبة التسوق الخاصة بها، تشعر بالتعب يكاد يتمكن منها، نفخت بضيق وهي تنظر لساعة يدها، اتسعت عينها برعب، أوشك الظلام أن يحل وهي لم تعد للمنزل حتى الآن وكل ذلك بسبب تلك ما حدث معها عند السيدة التي كانت تخيط ثيابها  ...

اقتربت اشرقت ( زوجة سليم ) من المنزل تشعر بالرعب، فهي خرجت من ظهيرة اليوم والآن فقط عادت للمنزل حينما كاد الظلام يملء كل ما حولها، وكل ذلك وهي لم تخبر سوى شادية بعدما فشلت في الوصول لزوجها .

دخلت اشرقت البناية وهي تدعو الله في قلبها أن يكون سليم قد تأخر في عمله، صعدت الدرج تحاول أن تنظم تنفسها، واثناء عبورها أمام منزل شادية سمعت صراخ هزها بعنف وصوت سليم يكاد يسقطها ارضًا من الرعب...

" اهــــدى ؟؟ انتم بتهـــزروا ؟! مراتي خارجة من الضهر ولحد دلوقتي مجاتش وموبايلها في البيت، وتقولي أهدى ؟! أنت عبيط يا شادي ؟!"

سمعت اشرقت صوت شاكر يتحدث بجدية :

" خلاص يا سليم شوية وانا بنفسي هاجي معاك القسم وهكثف البحث عنها "

هنا وأدركت أشرقت أنها هالكة لا محالة، لقد اجتمع جميع أفراد المنزل لأجلها، وهي تقف هنا تستمع لكل الاقتراحات حتى يجدوها ..

فكرت سريعًا أن تركض لشقتها وتتظاهر أنها عادت منذ وقت طويل ونامت من التعب وهو لم ينتبه لها، نالت تلك الفكرة استحسانها، وما كادت تتحرك خطوة من أمام منزل شادية حتى سمعت صوت سليم الجهوري يصرخ :

" تبحث متبحثش برضو مش هستنى ثانية ومراتي برة يا شاكر، افرض حصلها حاجة وانا قاعد هنا اضرب أخماس في اسداس ؟!"

انتهى من حديثه وهو يهرول صوب الباب يفتحه بعنف وقوة وبمجرد أن فتحه صُدم من وجود اشرقت التي فتحت فمها برعب ترى مظهره ووجه الاحمر من الغضب، هنا وهنا فقط أدركت أشرقت أنها هالكة لا محالة ...

" كنتِ فين ؟!"

كان ذلك هو السؤال الوحيد الذي استطاع سليم إخراجه بعد صمت طويل وعينه تمر عليها يتأكد أن لا سوء قد مسها، شعرت اشرقت بالأرض تدور حولها وما كادت تفتح فمها للتحدث، حتى وجدت يد سليم تقبض على ذراعها بقوة بشكل جعلها تطلق تأوهًا تراه يسحبها خلفه وهو يتحدث بشكل مخيف :

" شادية خلي يُسر عندك "

نظرت شادية لاثره برعب وهي تركض خلفه :

" طب اصبر بس يا سليم نطمن عليها، يمكن حصل حاجة"

لكن لم يجب سليم أو ينظر لها حتى، بينما اشرقت تسير خلفه وهي تحاول ألا تنهار.

رمقت شادية الجميع بحنق صارخة :

" أنتم واقفين تتفرجوا ؟! ما حد يروح يشوف الطور ده لاحسن يعمل حاجة في البنت "

تحدث كريم وهو يعدل من وضعية نظراته جاذبًا مريم بلطف له :

" ملناش نتدخل بينهم يا شادية دي مراته وهو قلقان عليها، ومتقلقيش سليم عمره ما هيأذيها ولا يعملها حاجة، آخره هيكسر البيت وخلصنا وبعدين هيصالحها"

انتهى كريم من حديثه، ثم انحنى وحمل يوسف يقبله من شعره يرى ملامح النعاس بدأت تحتل وجهه، ثم سحب مريم وهو يردد بهدوء :

" عن اذنكم يا جماعة عشان يوسف بينام على نفسه "

نظر شادي حيث ذهب سليم، ثم أمسك بيد طفلته وكذلك يُسر ابنة سليم وقال لمنة بعينه :

" يلا يا منة خدي البنات وروحي أكليهم جاتوه واديهم الالعاب "

كادت منة تتحدث لولا نظرات شادي المتوجه صوب يسر المنكمشة على نفسها، لذلك انحنت منة ولاعبت الصغيرة وهي تقول :

" تاكلي جاتوه يا يُسر ؟! "

هزت الصغيرة رأسها بخجل، لتبتسم لها منة وتمسك بيدها رفقة صغيرتها الشقية وتتحرك بهم صوب شقتها بعدما ابتسم لها شادي مطمئنًا :

" هشوف الدنيا هنا واحصلكم وهنسهر كلنا نتفرج على ربانزل "

ابتسمت الفتيات وتحركن رفقة منة، بينما بقي شادي مع شادية وشاكر وعوض وهاجر والكل متحفز لأي صوت قد يأتي من الاعلى أو لحدوث شيء يستحق التدخل ...

دقائق وفُتح الباب ودخل منه كريم بعدما ترك زوجته وابنه في الاعلى واخبرهم أنه سيحضر حلوى لاجلهما وذلك حتى يبعدهم عن أي مشاكل ..

جلس كريم جوار شادي وهو يضم ذراعيه لصدره :

" وادي قعدة لما نشوف اخرتها."

نهضت شادية وهي تقول باقتراح :

" هروح اعملكم عصير عشان شكلها مطولة، ودانكم مع الباب أي صرخة كده ولا كده هنقتحم ..."

_____________________

نظر مايك للفتاة ثواني يحاول تذكر إن كان رآها سابقًا أم لا، ويبدو أن الفتاة أدركت أنه لا يتذكرها لتسارع في إنعاش ذاكرته وهي تغمز له بإثارة :

" صاحبة الفستان الذهبي ذو الفتحة الخلفية "

فتح مايك عينه بصدمة وهو يتذكر تلك الفتاة التي قابلها سابقًا في إحدى الحانات، وكانت ترتدي فستانًا ذهبيًا به فتحة كبيرة من الظهر ليسارع بعرض مساعدة عليها، ثم انغمس في حديث ودي رفقتها، ومن بعدها لم يرها مجددًا، نظر لوجهها مجددًا وهو يقول ببسمة صغيرة :

" نعم تذكرت، كيف حالك ؟!"

ابتسمت له الفتاة بخبث وهي تعض شفتيها محركة يديها على كتفه بشكل جعل جسد مايك ينكمش للخلف وهو ينظر لها بحذر رافعًا حاجبه وصوت الفتاة يخرج باغراء من تلك الشفاة المطلية بأحمر شفاة كان سابقًا ليجعله يفعل المستحيل ليتعرف عليها، لكن الان كل ما يشعر به هو الاشمئزاز والريبة من حركاتها الغريبة .

" أنا بخير عزيزي، لم اصدق نفسي حينما لمحتك تقف وسط كل هؤلاء الرجال، لا عجب أنك كتلة وسامة، فجميع أفراد عائلتك كالفتنة "

فتح مايك عينه يحاول رسم بسمة دبلوماسية على فمه متراجعًا للخلف :

" شكرًا لكِ آنسة..."

" رونوس، هل نسيت اسمي ؟! "

صمتت الفتاة ثم أضافت ببسمة :

" ذلك اليوم نسيت سترتك معي و....."

" مـــــــــــــــــايـــــك "

ارتجت جدران المشفى بتلك الصرخة الصادرة من فم لورا التي شعرت بغياب زوجها، وعندما همت بالبحث عنه وجدت فتاة تكاد تقفز في أحضانه وهي تتحدث معه عن سترته التي تركها معها، انتفض مايك للخلف وكأن ثعبان لدغه وهو يدفع الفتاة بعيدًا عنه بعنف :

" لورا هذه ..."

" أي سترة تلك التي تتحدث عنها تلك الشمطاء ؟!"

فتحت الفتاة فمها شاهقة :

" أي شمطاء تلك ايتها الـ .."

وقبل أن تتحدث التفتت لها لورا صارخة في وجهها بجنون وقد بدأت الغيرة تعميها والشياطين بدأت حفلتها أمام اعينها مسببة جنونًا مضعافًا لها :

" اصمتي، لم يأتي دورك بعد "

فتحت الفتاة عينها بصدمة مما تقول لورا، ولم تستطع الصمت وهي تردد :

" كيف تجرأين على التحدث لي بهذا الشكل ؟؟ ومن أنتِ ؟!"

" تبًا لكِ أنا زوجة ذلك اللعوب الذي اعطاكِ سترته، اقسم أنني إن سمعت كلمة أخرى منكِ قبل أن آذن لكِ سوف اقتلع خصلات شعرك واحدة تلو الأخرى بيدي تلك ولن يهمني شيء "

انتهت من حديثها وهي تتنفس بعنف، ثم استدارت لمايك تدفعه للخلف بقوة لا تعلم من أين لها بها :

" والان ايها الشهم ما علاقتك بتلك الشمطاء وما سبب احتفاظها بتسرتك ها ؟!"

فتح مايك عينه بصدمة من حديثها يحاول فتح فمه لاخبارها حقيقة الأمر، لكن تلك الشمطاء _ والتي تستحق لقب لورا لها _ قررت أن تُحيل حياته جحيمًا وهي تتحدث بنبرة مستفزة له قبل زوجته :

" لقد نساها معي بعدما سهرنا سويًا طوال الليل، أليس كذلك مايكي ؟؟"

شهقت لورا بعنف وهي تردد مشمئزة :

" مايكي ؟؟ أي مايكي ؟! ما هذا اللقب البشع ؟؟"

تحدث مايك باستنكار :

" أنتِ تدلليني مايكي أيضًا "

استدارت له لورا بعنف صارخة بقوة مخيفة :

" أنا فقط من يحق له قول ذلك سمعت مايك ؟"

عادت بوجهها مجددًا للفتاة :

" والان وبعد خرقتِ تحذيري وتحدثتي دون أذني، سأريكِ الجحيم بعينيك "

وما كادت تنهي كلمتها حتى كان وجه الفتاة يستقبل لكمة عنيفة من لورا التي جذبت شعرها وهي تنقض عليها ضربًا، بينما مايك يشاهد ما يحدث بصدمة ولا يستطيع التحرك أو الإتيان بأي شيء أو التحدث بكلمة واحدة .....

___________________

كان الجميع يركض في المهبط الخاص بالطائرات، حتى يصلوا للسيارة التي ستأخذهم إلى المشفى حيث زوجة انطونيو .

وبمجرد أن وصلوا للسيارة ورأت هالفيتي أن جاكيري يتجه صوب مقعد السائق، صرخت بفزع وهي تفرد ذراعيها أمام الباب الخاص بالسائق :

" لا بالله عليك يا اخي ما تعمل كده، أنا ابني لسه صغير حرام عليك تيتمه بدري، أنت مفيش في قلبك رحمة، اميل على ايدك أبوسها طيب ولا اعمل ايه ؟!"

كانت تتحدث وهي تكاد تبكي وجاكيري يرمقها بعدم فهم، ينظر لفبريانو ليترجم له ما يحدث، ليبتسم له الاخير وهو يقول بجدية :

" تخبرك ألا تقود السيارة فهي مازالت صغيرة لتموت بهذه الطريقة "

ظهرت معالم الشفقة على وجه جاكيري وهو يقول بحنان :

" اه لا تقلقي هالي، لن يحدث لكِ شيء، ربما بعض الرضوض فقط، لكن صدقيني إن لم افعل أنا ذلك فسوف نموت جميعًا على يد انطونيو "

أنها حديثه وهو يتحدث بلطف :

" هيا تعالي لاحضاني لا تقلقي "

وقبل أن يجذب جسدها لاحضانه كان ادهم يقف في المنتصف وهو يقول بصراخ :

" أنت هتعمل ايه ؟! هي تكية كل من هب ودب يحضن فيها  ؟؟ "

نظر له جاكيري بغباء وهو يردد :

" أنا فقط سأعناقها حتى لا تقلق "

ضم ادهم هالفيتي لاحضانه بتملك شديد وهو ينظر لجاكيري بحنق :

" شكرًا لك أنا من سيطمأنها"

اقتربت منه هالي وهي تقول بتعجب :

" هو بيقول ايه ؟!"

اجابها ادهم بسخرية :

" الاستاذ قال ايه عايز يحضنك عشان يطمنك، فيه الخير الـ ..."

" طب ما تسيبه يحضن يا ادهم، مش يمكن احسن بالسكينة لما يحضني ؟!"

نظر لها أدهم بشر وهو يهمس من بين أسنانه :

" السكينة دي اللي هبجها ( سأضعها ) في بطنك لو سمعت همسة تانية منك، قال يحضنك قال، حضنك قطر "

نظر أدهم لجاكيري وهو يردد بحمائية وغيظ موجهًا كلماته له وللجميع :

" اسمع يا هذا أنت وأفراد عائلتك، زوجتي تلك لا يحق لايًا منكم أن يقترب منها ويلمسها لمسة واحدة فقط وليس عناقها، وإلا..."

صمت ادهم ليتحدث فبريانو الذي كان يستند على مقدمة السيارة ببرود وهناك بسمة مخيفة ترتسم على فمه وبين يديه يحرك مسدسه يتلاعب به :

" وإلا ماذا ؟!"

نظر له ادهم بلاهة :

" ها ؟؟"

" أخبرتك وإلا ماذا ؟!"

" لا معرفش هي بتتقال كده والمفروض أنك بتخاف ومش بتسأل الأسئلة دي؛ لأن ملهاش اجابات "

اعتدل فبريانو في وقفته وهو يتحرك صوبهم ببطء وفي عينه التصميم على عناق هالفيتي ليس لشيء إلا ليعاند زوجها، لكن وقبل أن يصل لهم وجد انطونيو قد عاد بعدما أنهى جميع الأوراق الخاص بالهبوط وسلم كل شيء يتحرك صوب السيارة قائلًا بجدية :

" اصعدوا قبل أن اترككم هنا "

نظر فبريانو لادهم نظرة تخبره أنه نجى من معركة كبيرة وأن انطونيو أنقذه مما كان سيفعل، لكن أدهم لم يهتم وهو يمنحه بسمة واثقة يسحب زوجته خلفه ومعه طفله، استقر الجميع في السيارة ليتحرك بها انطونيو بسرعة كبيرة لا تساوي سرعة جاكيري لكنها تظل كبيرة ....

دقائق مرت أو ساعة تقريبًا حتى توقفت السيارة أمام المشفى بقوة كبيرة ولم يمنح انطونيو أحد الفرصة لقول كلمة حتى كان يهبط من السيارة راكضًا في ممرات المشفى بعدما تخلى عن سترته ورابطة عنقه في السيارة، يركض بقميصه الاسود وهو يبحث بعينه عن أحد أفراد عائلته ليستدل به على زوجته، وقد كان له ما أراد فقد لمح بطرف عينه ماركوس يقف جوار أحد الابواب ...

ركض بسرعة كبيرة صوب ذلك الباب وهو لا يرى أمامه، فتحه بعنف مقتحمًا إياه، ليجد نفسه في حمام النساء وقد تعالت صرخات البعض في الداخل، بينما ماركوس يقف ببلاهة أمام الباب لا يستوعب ما حدث منذ ثواني .

خرج انطونيو من جديد وهو يلكم ماركوس بقوة هامسًا :

" تبًا لك "

صرخ ماركوس وهو يضع يده على فمه بوجع :

" ماذا فعلتُ الآن ؟! أنا أنتظر زوجتي في الخارج ما بك؟!"

لكن انطونيو لم يهتم به وهو يكمل ركض في الممر تاركًا ماركوس ينظر له بحنق، لكن فجأة لمح فبريانو وجاكيري يركضان في الممر ومعهما الضيفان وطفل صغير، ابتسم بسمة حنونة ولم يكد يتحدث حتى سمع صوت هالي تتحدث بنبرة عالية مشيرة له :

" الاه؟! مش ده الواد موكوس؟! "

صمتت تتأكد أنه هو لتصيح بفرحة :

" واد يا مـــوكـــوس ...."

وعند انطونيو كان يركض في الممرات حتى لمح جده يقف مع طبيبة يتحدث معها بجدية أمام أحد الابواب، لم يهتم بكل ذلك، فقط انطلقت قدمه لذلك الباب، لكن قبلًا تأكد أنه ليس مرحاضًا آخر، ثم ودون مقدمات اقتحم الغرفة بعنف ليجد أن جميع الفتيات في الداخل عند زوجته، صاح بكلمة واحدة :

" رومــــــــــــا "

استدارت جميع الفتيات صوب صاحب الصوت والذي كان يبدو كالمجنون، تحرك انطونيو ناحية الفراش والذي كانت جولي تجلس على حافته وهي تربت على يد روما :

" لا تقلق هي ..."

وقبل أن تكمل كلمتها شعرت بيد انطونيو تطيح بها ارضًا، لتطلق جولي تأوهًا مغتاظًا هامسة من بين أسنانها :

" أيها النكرة الحقير، تبًا لك "

لم يهتم بها انطونيو وهو يمسك يد روما بحب شديد يميل عليها مقبلًا إياها بلطف شديد وهو يهمس بحنين متجاهلًا وجود الجميع في الغرفة :

" كيف حالك جميلة الجميلات ؟؟"

نظرت رفقة للجميع وهي تشير لهم بعينها أن يتحركوا للخارج تاركين إياهم بحرية، وكذلك فعلوا حتى جولي التي كانت ما تزال ترمق انطونيو بشر متمتمة بحنق :

" عسى أن تحترق بالجحيم، قبيح وقح ونكرة، لا أدري حقًا سبب تحمل تلك المسكينة لك سوى أنك تهددها للبقاء جوارك "

انهت حديثها وهي تغلق الباب خلفها حيث كانت آخر الخارجين، بينما انطونيو لم يهتم وهو يقترب برأسه من روما يثبتها جوار رأسها، متحدثًا بعشق :

" ما بال عاصمتي مظلمة اليوم ؟!"

تحركت أصابعه برشاقة تتحسس وجنتيها بحب قبل أن يطبع قبلات خفيفة عليها :

" روما "

كان نداءً خافتًا، لكن صداه تردد في صدر روما التي كانت ما بين اليقظة والنوم منذ اقتحم انطونيو الغرفة، تسمع صوته لكنه اختلط بغفوتها لتشعر أنها تحلم، لكن تلك القبلات الندية والرقيقة التي تتساقط أعلى وجهها، كانت تخبرها أنها لا تحلم، فتحت عينها ببطء وهي تنظر حولها تحاول أن تستوعب ما حدث، فآخر ما تتذكره أنها سقطت في النوم بسبب التعب .

" طوني ؟!"

" أنا هنا روما "

" لقد تأخرت"

اقترب منها انطونيو مقبلًا جبينها بحنان :

" آسف"

صمتت روما تقول بدموع :

" لقد كانت معدتي تؤلمني بشدة، شعرت أنني لا أستطيع التنفس من الوجع انطونيو، خفت أن ألد وأنت لست جواري "

تحركت يد انطونيو حتى استقرت أعلى بطنها، يمسدها بحب شديد :

" لا بأس أنا هنا، يبدو أن الصغير سيكون شقيًا حتى يرهقنا قبل أن يصل للحياة حتى، لكن لا يسعني سوى أن أعشقه، يكفيني أنه منكِ وهذا يجعلني اعفو عنه لما فعله بكِ جميلتي "

ابتسمت له روما وهي تقول بتعب تتحرك في الفراش جانبًا:

" هيا تعال اريد النوم بين أحضانك "

ابتسم لها وهو يخلع حذائه قبل أن يتوسط الفراش جاذبًا جسدها بحنان شديد وحذر خوفًا أن يتسبب لها بأي الآلام، ثم ضمها بلطف يقبل أعلى رأسها هامسًا :

" كنت أشعر كما لو أن قلبي على وشك الخروج من صدري، خفت حد الموت روما، أن تشعر أن عاصمتك على وشك الانهيار لهو أمرٌ مؤلم وبشدة "

لم تتحدث روما بكلمة، بل اكتفت بوجوده هنا جوارها لتنعم بدفئه، تلاعبت اصابع انطونيو في خصلات شعرها بحنان :

" ارتاحي روما، وعندما تستيقظين ستجديني هنا...بين احضان اراضيكِ جميلتي "
_______________________________

كان يسير في ممرات المشفى مع جاكيري الذي سبقه للبحث عن زوجته مشتاقًا متلهفًا، بينما هو قرر اختصار كل ذلك البحث وهو يخرج هاتفه يتصل بها .

مرت ثواني دون أن تجيب رنينه، مما جعل فبريانو يتوقف عن السير وهو ينظر في الهاتف بتعجب قبل أن يعيد الاتصال مرة أخرى ينتظر الرد منها، ظنًا أنها غاضبة منذ آخر مرة حدثها بها، لكن فجأة سمع صوتها يجيبه بهمس وبنبرة ابحة غريبة كما لو كانت ..... كما لو كانت تبكي ؟!

" فبريانو .."

اهتز قلب فبريانو لنبرتها وهو يحاول السيطرة على ضربات قلبه المضطربة :

" روبين حبيبتي ما بكِ؟! أين أنتِ ؟!"

كان يتحدث وهو يركض في الممرات يبحث عنها بعينه، علّه يصطدم بها هنا او هناك، لكن لا شيء كل ما وصل له هو لاشيء.

وعدا شهقاتها المتقطعة لم يصدر من طرف روبين شيء يطمأن ذلك المجنون الذي ابحر عقله في محيط المصائب يحاول تخيل اسوء ما حدث، أنها وللمرة التي لا يعلم عددها قد خُطفت من بين الجميع.

هنا وطفح الكيل ليصرخ بعنف :

" تبًا لكِ روبين قلبي سيتوقف، تحدثي ما الذي حدث ؟؟!"

وصل له صوت روبين الخافت وهي تقول  بهمس وكأنها تخشى أن يستمع لها أحدهم، وهذا عزز الفكرة التي ضربت عقل فبريانو منذ قليل، جذب خصلات شعره بجنون يقسم أن يفرغ جميع رصاصاته في صدور هؤلاء الحمقى الذين سمحوا بخطف زوجته وهي بينهم، لا بل سيعذبهم قبل أن يقــ

" أنا في الحمام "

وكانت تلك الجملة هي الفيصل الذي أوقف سيل افكار فبريانو المجنونة :

" عفواً ؟؟"

رددت روبين ببكاء وخجل :

" أنا في الحمام ومش عارفة أخرج، فستاني اتقطع قطعة كبيرة اوي من الضهر و..."

صمتت بخجل وهي لا تستطيع الاكمال، ليضرب فبريانو الجدار بقدمه صارخًا دون أن يستطيع كبت غضبه :

" تبـــــًا "

تحرك مجددًا وهو يتحدث بجدية وغضب :

" في أي مرحاض لعين أنتِ ؟!"

" أنا في المستشفى اللي فيها روما في ايطاليا يا فبريانو "

تحدثت وهي تكفكف دموعها ظنًا أنه مازال في مصر، ولم تنتبه أنه يحادثها من رقمه الايطالي حتى، لتسمع لعنات وسبات فبريانو من الجانب الآخر :

" أي مرحاض لعين روبين ؟!!"

تحدث روبين بخوف من صراخه :

" المرحاض داخل المشفى في الطابق الثاني في الممر الاول "

" حسنًا ابقي عندك "

انتهى من كلماته وهو يغلق الهاتف، ثم تحرك بأقدام سريعة صوب ذلك المرحاض الذي وصفته زوجته،  يحاول تهدئة ضربات قلبه يردد لنفسه :

" لا بأس لا بأس هي بخير، فقط مجرد قطع في الفستان الخاص بها و...."

توقفت أقدامه فجأة يستوعب الأمر، حيث أن رعبه من أن تكون خُطفت جعله لا يدرك ما حدث لها، ردد فبريانو تلك الكلمات مجددًا ببطء وكأنه يجبر عقله على استيعابها:

" قطع في ظهر فستانها، قطع في ظهر فستانها سيظهر جسدها و..."

توقف وهو يزداد غضبًا صارخًا :

" تبــــًا، ليتها خُطفت على الأقل كنت سأعيدها وننتهي"

كان يسير في الطرقات بجنون يود أن يلمح رجل واحد فقط ليمسكه ويوسعه ضربًا واضعًا احتمال أنه لربما لمح ظهر زوجته العاري بسبب القطع .

لكن ولسوء حظه لم يجد، وقف أمام المرحاض ثواني قبل أن يقتحمه بقوة مسببًا التفات جميع الرجال بالداخل، ليدرك فبريانو أنه من المفترض أن يحضر زوجته من مرحاض النساء وليس الرجال، نفخ بضيق فهو لم يشعر بنفسه وهو يدخل مرحاض الرجال باعتيادية ..

خرج ضاربًا الباب خلفه بغضب، يقتحم المرحاض المجاور مسببًا انتفاضة جميع النساء برعب وقد تعالت صرخات البعض منهن، لكن فبريانو لم يهتم وهو يبحث عن روبين بعينه، ثم نظر لهن يقول بجدية :

" ألم تشاهدن فتاة صغيرة تشبه الارنب الوردي ولطيفة بفستان ذو قطع في الظهر ؟!"

كانت نظرات النساء تتراوح ما بين الرعب والصدمة، والجميع يفتح فاهه بعدم تصديق لما يحدث، لكن فبريانو لم ينتظر وهو يتأفف:

" هيا ساعدوني حتى لا اضطر لاقتحام جميع المراحيض "

أصدرت إحدى النساء شهقة مصدومة من جملته :

" أنت وقح يا سيد، سوف أطلب لك أمن المشفى "

لم يهتم فبريانو وهو يردد محركًا كتفيه لأعلى وأسفل :

" حسنًا سأجدها بنفسي "

وما كاد يتحرك حتى وجد امرأة تشير على المرحاض الثالث وهي تقول بلهفة :

" هي هنا لقد رأيتها "

هز فبريانو رأسه دون قول كلمة يتحرك صوب ذلك المرحاض، هو جديًا لم يكن سيقتحم المراحيض، كان فقط تهديد صغير وقد نجح .

توقف فبريانو أمام باب المرحاض وهو يطرقه بلطف :

" روبين، روبين افتحي الباب "

وفي الداخل انتفضت روبين وهي تستمع لذلك الصوت الذي ظنته في البداية خيالًا منها، لكن مع تكرار النداء تأكدت أنها لا تتخيل، تحدثت بريبة وهي تقترب من الباب :

" فبريانو ؟!"

" نعم حبيبتي هذا أنا، هيا افتحي الباب "

فتحت روبين الباب بسرعة وبعدم تصديق، لتشعر بيد فبريانو تدفعها للداخل، ثم اقتحم المرحاض معها وهو يغلق الباب وقبل أن تدرك روبين شيء كان فبريانو يجذبها لاحضانه بقوة :

" اشتقت لك ارنبي الوردي "

كانت روبين ما تزال تفتح عينها بصدمة بين أحضان فبريانو تردد اسمه ببلاهة وعدم تصديق :

" أنت هنا ازاي ؟!"

ابتعد عنها فبريانو، ثم انحنى يقبل وجنتيها بحب وحنان :

" سمعت نداء قلبك ؟!"

"ده بجد ؟!"

" لا انطونيو هو اللي خلانا نرجع بدري عشان روما "

ابتسمت روبين ولم تهتم بشيء وهي تقول بسعادة تضم خصره :

" أنا مش مصدقة أنك هنا "

ابتسم لها فبريانو وهو يبادلها العناق، لكن فجأة شعر ببشرة ظهرها أسفل يدها ليتذكر ما حدث معها ويبعدها عنه قليلًا وقد تبدلت نبرته كليًا :

" هل قابلتي أحد أثناء مجيئك هنا ؟؟"

" مش فاهمة ؟!"

" فيه حد شافك كده، تحديدًا راجل ؟! أو ست برضو مش هتفرق "

ابتسمت روبين وهي تتفهم مقصده لتهز رأسه بلا :

" لا محدش شافني متخافش "

تنهد فبريانو براحة وهو يبعدها عنه قليلًا، وكان هذا اقصى ما يستطيع فعله في ذلك المرحاض الضيق بعض الشيء، بعدها أخذ يخلع سترته السوداء وهو يردد :

"  هيا ارتدي هذا "

نظرت روبين لسترته السوداء التي تعشقه بها، لترتسم بسمة واسعة على فمها وهي تتحدث بانبهار :

" بجد هلبس الجاكت بتاعك ؟!"

حملق بها في تعجب كبير وهو يقول :

" هل يعجبك الأمر ؟!"

" يعجبني ؟! لقد كانت هذه أمينة لي، أن ارتدي تلك السترة السوداء الرائعة "

ارتسمت بسمة حنونة على وجه فبريانو وهو يداعب خصلات شعرها :

" حقًا ؟! يمكنك أخذ جميع ما امتلك من السترات السوداء لا مانع لدي"

رفعت روبين عينها له وهي ترمقه بأعين لامعة بتأثر :

" أنت لطيف اوي وانا بحبك اوي "

انحنى فبريانو قليلًا، يضم جسدها له بحب :

" سأتظاهر أنني لم اسمع نصف جملتك الأولى"

صمت يقبل شعرها ثم استند بذقنه على رأسها هامسًا :

"  وأنا أيضًا اذوب بكِ عشقًا، كقطعة سكر مسكينة لا تستطيع مقاومة امواج القهوة الحارة، لتستلم لها في النهاية وبكامل إرادتها"

ارتسمت بسمة عاشقة على فم روبين، تستمع له ولما يطرب به أذنها، استنشقت عطره بحب شديد وهي تردد :

" ريحتك حلوة "

نظر لها فبريانو بتعجب قبل أن يطلق ضحكة عاليًا مبتعدًا عنها وهو يساعدها في ارتداء سترته السوداء وبعدها اغلق السحاب عليها، ثم جعلها تستدير ليتأكد أن لا شيء ظاهر منها، انحنى طابعًا قبلة على رقبتها من الجانب :

" حسنًا تبدين فاتنة، لنرحل من هنا قبل أن اتناسى مكان وجودنا "

كانت روبين في تلك اللحظة هائمة لا تستوعب أي كلمة منه، ولم تفق من خدرها ذلك إلا عندما شعرت بقطرات مياه باردة تضرب وجهها، لتنظر حولها بتعجب وجدت جميع أعين النساء تتوجه لها، وفبريانو لا يهتم وهو يرتب خصلات شعرها بلطف ويخرج محرمه من جيبة يجفف بها وجهها، ثم قبلها بلطف :

" حسنًا ها أنتِ قد عدتي لبشاعتك كما عهدتك "

نظرت له روبين بحنق :

" وأنت قد عدت وقحًا كما عهدتك "

أطلق فبريانو قهقهة عالية وهو يضمها بحنان خارجًا من المكان مكتفيًا بثيابه السوداء التي كان يرتديها أسفل سترته، تحرك مع روبين صوب المطعم الخاص بالمشفى وهو يجلسها ثم تحدث بجدية :

" ابقي هنا سوف اذهب لجدي دقائق واعود، لا تتحركي سوف احضر لكِ طعام معي لاتناوله فأنا جائع "

هزت روبين رأسها بطاعة وهي تخرج هاتفها تشغل به نفسها، بينما فبريانو رمقها بحب وهو يتحرك صوب جده لينبأه بقدومه ويخبره بكل ما حدث .....

___________________

كانت هالي تنظر لماركوس وتلك الصغير التي تسير جواره بفضول، حسنًا هي لا تبدو صغيرة الوجه، بل قصيرة القامة ليس إلا، أشارت هالي لفيور وهي تردد بفضول :

" مين دي يا موكوس قريبتك ؟؟"

رمقها ماركوس دون فهم، لكن انتبه لاشارتها على فيور التي تتوسط أحضانه، ردف بحنان وحب وهو يداعب خصلات شعرها :

" هذه فيور زوجتي الحبيبة "

ولم تفهم هالي كلمة واحدة حتى، ليتطوع ادهم بالترجمة وهو يبتسم بشدة وسعادة أن هناك أحدهم تزوج وانتهى منه ومن خطره الذي يحوم حول زوجته الحبيبة :

" بيقولك أنها مراته "

وشهقة واحدة هي ما صدرت من هالي واوقفت الجميع عن السير بتعجب، وماركوس لا يعلم سر تلك الصدمة التي تظهر على وجهها واصبعها الذي يشير له :

" أنت اتجوزت ؟! هو مش الطونيو وأخوه التاني  وكرستيانو بس اللي اتجوزوا ؟! ده اللي اعرفه "

لم يفهم ماركوس اي شيء منها لكنه حاول أن يتحدث حديث محايد :

" فيور لطيفة سوف تحبينها "

هزت فيور رأسها بنعم وهي تمنح هالفيتي بسمة حنونة مرددة :

" نعم لا تقلقي سنصبح اصدقاء "

نظرت هالفيتي فجأة لادهم وهي تقول بشر :

" ترجم بيقولوا ايه !!"

" بيقولك أن مراته عسل وهتحبيها "

فجأة أطلق أدهم تأوهًا عاليًا وهو يشعر بضربة زوجته على كتفه وصوتها يرعد في المكان :

" عسل في عينك، أنت بتعاكسها قدامي ؟!"

نظر لها أدهم بشر ودون مقدمات كانت كفه تنزل على رقبتها من الخلف مرددًا بحدة:

" هو اللي بيقول مش انا يا ام مخ تخين !!"

نظر ماركوس لما يحدث بصدمة يحاول فهم الأمر، بينما فيور تنظر لهما بإعجاب شديد :

" يبدو أن تلك الطريقة الخشنة تعبير عن حبهما "

فركت هالي رقبتها من الخلف وهي تتذمر :

" برضو مترددش أنت الكلام ده "

" وهو يعني حلال ليكِ وحرام عليا ؟! ما أنتِ ماشية تعاكسي في أي شيء مذكر قدامك"

نظرت له هالي بعيون لامعة من الدموع :

" بس انا بهزر وأنت عارف يا ادهم "

قلب ادهم عينه بضيق وهو يقترب منها يربت على ظهرها بحنان شديد ولولا وجودهما في مكان عام لكان ضمها واخبرها ألا تقلق فعينه تلك أضحت لا ترى في النساء سواها .

" حتى الهزار بيزعلني "

همست هالفيتي بخجل :

" ما أنا بطلت اهزر كده وأنت عارف "

لم يكد ادهم يقول كلمة حتى سمع صرخة زوجته العالية الصاخبة وهي تتركه راكضة بجنون صوب أحد الاتجاهات:

" جــــــــدو "

كان اليخاندرو في نفس الوقت يتحدث مع الممرضة يحاول منها معرفة ما تسبب بكل ذلك الألم لروما، لكن فجأة التقطت أذنه صوت بعيد لكنه قريب لقلبه، ورغم استبعاده لتلك الفكرة إلا أنه استدار بوجل يحدق في بداية الممر حيث ذلك الجسد الذي يندفع له بقوة شديدة ..

دون شعور وجد اليخاندرو نفسه يتجاهل الطبيبة وما تقوله وهو يتحرك بأقدام متلهفة صوب حفيدته الوحيدة، يزيد من سرعة أقدامه حتى وصلت للهرولة في الممر يلتقط جسدها بين أحضانه كمن يستقبل أول قطرة من الغيث بعد سنوات عجاف ..

ضمها بقوة بين أحضانه وهو يقبل رأسها ووجهها دون شعور يهمس لها بكل حنون :

" حبيبة جدك أنتِ، اشتقت لكِ هالفيتي، اشتقت لكِ يا صغيرتي "

بكت هالفيتي في احضان جدها، جدها الذي انقطعت أخباره منذ عامين تقريبًا، كان فقط يهتم بإرسال الأموال لها بشكل دوري دون أي أخبار عنه، حتى عندما كان يحادثها كان يتكلم بشكل مقتضب ويغلق المكالمة سريعًا ..

سقطت دمعة من عين اليخاندرو وهو يضم حفيدته لقلبه، لاعنًا تلك الظروف التي منعته عنها كل ذلك الوقت، لم يستطع أن يقترب منها وقد كانت معاركة في أوجها، لم يستطع حتى أن يطيل معها الحديث أكثر من كلمتين، خوفًا أن يتخذها أعداؤه ذريعة، ووقتها لن يتحمل، إلا هي ...

شبيهة جدتها، جدتها التي لم تورّث جمالها سوى لابنتها ومن بعدها حفيدتها، وكأنها أبت إلا أن تترك ذكراها في الأرض، ليتذكرها المسكين العاشق كلما رمق حفيدته ..

سقطت دمعة أخرى من أعين اليخاندرو وهو يتذكر زوجته، تلك الحبيبة التي دفنها عميقًا في أبعد نقطة داخل عقله بعيدًا عن كل ذلك السواد في عالمه .

مسح دموعه وهو يبعد هالفيتي ببطء ولطف، مع الاحتفاظ بها بين أحضانه :

" كيف حالك صغيريتي؟!"

نظرت له هالفيتي بعجز ودموعها ما تزال تسقط، نظرت خلفها لادهم الذي كان يراقب كل ذلك متأثرًا، حتى لمح نظرة الاستجداء في أعين زوجته وهي تناديه تمد يدها له :

" ادهم..."

لبّى النداء بلهفة وهو يقترب منها ممسكًا يدها التي تمدها له مقبلًا إياها وهو يردد مرحبًا باليخاندرو:

" مرحبًا سيد اليخاندرو، سعيد لرؤيتك "

ابتسم اليخاندرو بسمة صغيرة، يترك هالفيتي معانقًا ذلك الشاب والذي منذ تعهد أمامه بحماية حفيدته بروحه، وقد أخذ مكانة الحفيد في قلب اليخاندرو :

" ناديني جدي يا فتى "

ابتسم ادهم وهو يبادل اليخاندرو العناق بحب :

" حسنًا "

ابتعد ادهم عن أحضان اليخاندرو وهو ينظر لهالي التي كانت ما تزال تذرف الدموع بتأثر، وهذا ما لم يتحمله ادهم الذي ضمها لصدره بحنان :

" بتعيطي ليه دلوقتي ؟؟ مش شوفتي جدك ؟! كده هتخليه يفتكرني بعذبك يابنتي استريني عايز ارجع بلدي سليم"

ضحكت هالفيتي من بين أحضانها ولم تتمكن من تحمل مزاح ادهم دون أن تبتسم كعادته، تحت أنظار اليخاندرو الذي رأى مقدار التفاهم والحب بين حفيدته وزوجها ليتنهد براحة شديدة.

فجأة انتفضت هالفيتي من احضان زوجها وهي تصرخ برعب :

" قاسم .."

" فتحي ؟! "

ابتعدت هالفيتي عن أحضان ادهم وهي تصرخ :

" كنت مسكاه في أيدي قبل ما اشوف جدو، هو راح فين ؟!"

شعر ادهم لثواني بالهواء يُسحب من المكان ووجهه يشحب بقوة، ينظر حوله كالمجنون يجلد نفسه بقوة، كيف تجاهل طفله في تلك اللحظة، كيف غفل عنه؟ بينما اليخاندرو يقف ولا يستوعب أو يفهم ما يحدث ..

ثواني ووجد الجميع فبريانو يقترب وهو يتحدث بجدية لجده  :

" طلبت رؤيتي بمجرد عودتي جدي؟! "

تجاهل اليخاندرو ما قاله وهو يشير لحالة حفيدته وزوجها :

" فبريانو ما بها هالفيتي وزوجها ؟!"

في تلك اللحظة بدأ الجميع بالتجمع برعب بسبب صراخ وبكاء وجنون هالفيتي وهي تردد كلمات غير مفهومة للبعض منهم، كانت تتحرك في المكان كالمجنونة وهي تبكي وتصرخ بأحد الاسماء ..

جُنّ جنون اليخاندرو وهو يصرخ في فبريانو :

" بحق الله فبريانو ما بها حفيدتي ؟!"

ردد فبريانو بقلق وهو ينظر لجميع أبناء عمومته وزوجاتهم اللواتي خرجن من غرفة روما بعدما طردهم انطونيو شر طردة :

" ابن هالفيتي مفقود ....."

_____________________

لا تنسوا اهالينا في سوريا من الدعاء في كل وقت، هم في أمس الحاجة لذلك ❤️

رحم الله شهدائهم واسكنهم فسيح جناته ....

فصل طويل عريض مليان احداث اهو عشان اللي طلبوا المرة اللي فاتت فصل طويل ❤️

دمتم سالمين
رحمة نبيل

Czytaj Dalej

To Też Polubisz

5.9K 197 32
يبـدو إنـي لـن أتـجاوز مـعك لهـفة البدايات يبـدو إنـي سأحـبك بهـذا الاندفـاع الى الأبـد..♥️
15.9K 1K 16
"شيروفوبيا" "رهاب السعاده.." _ وانا صغيره كنت بسمع اغنيه بتقول "ده القلب يحب مره ميحبش مرتين" كنت بحبها وبحب ادندنها كتير، لكن بما كبرت اتغيرت نظرتي...
1.1K 133 7
السلام عليكم »» #ثانوية_خاصة««😄 دي قصة بسيطة كدا مع شاب 18سنة اسمه سامر هيشاركنا قصة كفاحه، وإزاي أثبت للجميع انه النجاح لا يتعلق بتاتا بالثانوية ال...