مُعَانَاة كَالسُكَر ✓

By EekaUa

72.1K 6.3K 2.2K

رُبما خانني الشعور بقول أنني كافية.. لم أكُن يومًا كافية قبل وجودكَ؛ بل كُنتُ كـتائه في بحر الخِذلان، كُنتَ... More

«اقتبـاس»
1_ الفصل الأول "قَـرار!"
2_الفصل الثاني "مشاعر"
3_الفصل الثالث "إدراك"
4_الفصل الرابع "شِفاء!"
5_الفصل الخامس "مَصيـر"
6_ الفصل السادس "مُعالجة"
7_ الفصل السابع "موافقة"
8_الفصل الثامن "فُرصة!"
9_ الفصل التاسع "رِحلة!"
10_ الفصل العاشر "إستعداد"
11_ الفصل الحادي عشر "تشابُه!"
12_الفصل الثاني عشر " مراسم"
14- الفصل الرابع عشر "وقتٌ مُمتع"
15- الفصل الخامس عشر "وقعت بالخطأ!"
16- الفصل السادس عشر "محاولة"
17- الفصل السابع عشر "كارثة"
18- الفصل الثامن عشر "لم يتخطىٰ بعد!"
19- الفصل التاسع عشر " احتواء"
20- الفصل العشرون "بلا سكر!"
21- الفصل الواحد والعشرون "ندوب الماضي"
22- الفصل الثاني والعشرون "يوم الميلاد"
23- الفصل الثالث والعشرون "انفجار!"
24- الفصل الرابع والعشرون "تغييرات مرئية"
25- الفصل الخامس والعشرون "أهلًا رمضان"
26- الفصل السادس والعشرون "العاشر من رمضان"
27- الفصل السابع والعشرون "عيدٌ مُبارك!"
28- الفصل الثامن والعشرون، الأخير " زفاف!"
- ما ناقشته الرواية. ✓
إضافي¹ " عائلة"

13- الفصل الثالث عشر "سؤال وأجابة"

1.9K 216 55
By EekaUa

الفصل الثالث عشر.
«مُعَانَاة كَالسُكَر.»

_____________________

تنهمر على رؤسنا خيباتُ أختياراتنا ونتحجج بتسميتها دروسًا!
ألا عِظةً مما قد فات ووَلّ؟
ألا خوفًا مِمَا قد مضىٰ وهدم أيامً كان البعضُ يعيش علىٰ ذكراها!
وها أنتَ ذا أيها الإنسان تعزم علىٰ شَق طريقٍ كل يافطاتُه تأمُرك بالرجوع!
_______________________

كانت "نهال" تجلس مُحمرة العينين أثر بُكائها المستمر مُنذُ تشاجرها مع زوجها "أحمد" ، تُفكر فيما قِيل بضيقٍ مُتزايد حجمه داخل رئتيها، وفي الوقت ذاته خرج "أحمد" من الغرفة لينتبه لوجودها، فطالعها بأسىٰ، يعلم أنه تمادى قليلًا أو رُبما كثيرًا، ولرُبما أيضًا ليس له دخل فيما هي به، يعلم أنه ذلك الوميض الذي يُدعى بالضمير، على أي حال تقدم يجلس إلى جانبها قائلًا بأسف:

- " حقك عليا يانهال."

أردفت بتحشرجٍ:
- " بعد إيه يا خالد، بقى أنا؟، أنا السبب فمشاكلك مع أخواتك زمان!، هو أنا اللي قلتلك سيء الظن فيهم وقاطعهم!"

تنهد حين تذكر ما حدث بالماضي مُجيبًا بأسى:
- " أنا ظلمت خالد كتير يانهال، يوسف لما ساب الأرض ومبقاش مهتم وقال طلعوني منها شلت أنا وخالد الأرض على كتافي، كنت حاسس أني المسؤول تجاه أي حاجة بتحصل، وغصب عني اللي حصل مني واللهِ"

أجابت بتبريرٍ:
- " أنا برضو إيه دخلني؟"

تحدث بتوضيح:
- " ملكيش دخل يا نهال، بس عمرك مـا حاولتي تهديني بكلامك ناحية خالد، لما المحصول كله اتحرق يومها وشكيت في يوسف وإن خالد اللي كان السبب، غصب عني كنت بتصرف زي التور، كان دورك تقوليلي أنهم مهما حصل دول أخواتي، كان دورك تبردي ناري وتقفي جمبي، كنتِ دايمًا بتقويني بالغلط، كنتِ بتخليني افتري عليهم وأدوس أكتر، مراعتيش أنه شيطان متملكني، مراعتيش كمان أن يوسف صاحب مرض، وإن خالد ياما كان بيعمل معايا الكويس، البيوت بتخرب بكلمة وبتعمر بكلمة يا نهال، وأنا سنيني اللي فاتت كلها كانت خربانة، حولنا للقاهرة معاهم وعلى إيدك بعد معرفت سبب حرق المحصول رحت واتأسفت، بس لحد دلوقتي عيني مكسورة قدامهم، حاسس أن في حاجز اتبنى أو الأيام بنته، أو يمكن أنا السبب فأنه يتبني بيني وبين أخواتي، أنا مش هعيش قد اللي عشته يا نهال، عايز أعيش اللي باقي من غير مشاكل عشان قضيت عمري كله قصاد المشاكل."

إبتلعت غاصتها بقهرٍ وهي تشعر أن الكلام يثقب قلبها كالسهام، فوقف يربت على كتفها مُختتمًا:
- " خفي على العيال يا نهال شوية، مش عايزهم يعيشوا اللي عشته، هما كويسين مع عيال عمهم وبشوفهم فأي مكان متفرقيش بينهم وبين بعض من كتر مـا هما متمسكين ببعض زي الأخوات ويمكن أكتر، أنسي يانهال بالله عليكِ، أنسي وحاولي تتقبلي اللي بيحصل حتى لو مش على كيفك."

_____________________

أمام موقف السيارات الخاص بأسوان وقفوا الفتية يتألمون من ظهرهم، وحينها خرج "يونس" من السيارة قائلًا بحنقٍ:
- " يا عصام يا حبيبي لو عايز تجيبلنا الغضروف قول سكة ودوغري ومش هنتكلم واللهِ!"

ابتسم "عصام" بإستفزازٍ مُجيبًا:
- " وأنا مالي ياغالي!، مهو على إيدك ملقناش تذاكر!"

تحدث "إسلام" مُختصرًا للحديث:
- " تمام ماشي هنروح فين دلوقتي؟"

تفوه "عصام" وهو يتحرك خارج الموقف:
- " يلا بسم الله."

نظروا إلى بعضهم بعضًا بقلة حيلة ثم تحركوا خلفه بينما أخفض هو خطواته لتتناسب مع خطوات "حور" التي كانت تُطالع الأرض بإستحياء، فتحدث خالقًا الحديث بمرحٍ:
- " شوفت كتير بنات بتلبس خِمار بس بصراحة مفيش حد شكله مُميز فيه غيركِ!"

ابتسم بثُغرها ثم طالعته ناكرة لحديثه ولكنه أضاف مؤكدًا:
- " بكلمك بجد واللهِ، بتلفيه حلو بطريقة جميلة ومختلفة كل مرة بشوفك فيها، وفنفس الوقت بيكون طوله موحد."

تمايلت بالمشي بابتسامة خجولة قائلة بهدوء:
- " دا من زوقك والله شكرًا."

- " قليلي"

أصدرت همهمه من حنجرتها ليُكمل:
- " اشمعنى أنتِ عصام بصلك تقنعي بباكِ؟"

ضحكت بخفةٍ سائلة:
- " أنتَ لاحظت؟"

أومأ ببشاشة لتُفسر بخفوتٍ:
- " أصل أنا نقطة ضِعف بابا، بعرف أقنعه بأبسط الطرق."

أمأم بإعجاب قائلًا:
- " حلو، بيستخدموكِ واسطة يعني"

أردفت بحنقٍ:
- " إيه واسطة دي يا سيف الملافظ سعد."

قهقه بعلو قائلًا بتراجع:
- " معلش يا ستي حقك عليا، أنا برضو لاحظت إن عمي بيميل للكلام معاكِ."

ابتسمت بحبٍ أثر كلامه ولكنها شهقت فجأة جعلته ينتفض برعرٍ لتقول:
- " مرنتش عليه!"

ترجلت تخرج الهاتف وهو يطالعها بضيقٍ، أكملت سيرها وهو إلى جوارها حتى انتهت من المكالمة، فوجدته يطالعها بوجه ثابت أدى ذلك إلى سؤالها:
- " فيه إيه ياسيف أنت هتاكلني ولا إيه؟"

أردف بحنقٍ وهو يلوى شفتيه:
- " لا يا ستي مبحبش الحلويات."

ابتسمت بخجلٍ ثم عادت تسأل بإهتمامٍ:
- " أمال بتبصلي كدا ليه؟"

أردف يحرك كفيه بقلة حيلة عقب أبعاد نظره على الطريق:
- " عليكِ شهقة ماشاء الله غلبت شهقة أمي."

ضحكت بعلوٍ وهذه المرة كانت ضحكة مختلفة عن ضحكتها المعتادة وكأن لديها المزيد من الوجوه الجميلة والتي لم تُسقط العفويةِ من لطافتها شيء، فقط كانت كـالفراشة بكل ما تحمله الكلمة من معنى..

تحدث داخله بهُيامٍ:
" شايفِك بتضحكي بتكبر ومش واخده بالك من اللي غرق جمبِك"

في حين تحدثه بلا مُبالاة:
- " طب كفاية ضحك بقى ليقولوا عليكِ سكرانة ولا حاجة!"

ابتسمت بإحراج وهي تُطالع أخيها وباقي الفتية برفقة الفتيات سائلة:
- " ممكن أسأل سؤال؟"

- " وألف سؤال لو حابة!، اتفضلي"

تنهدت تُكمل:
- " احكيلي شوية عن مامتك وباباك، أخواتك، وتالية أكتر ياريت."

ابتسم لإهتمامها مجيبًا ببساطة:
- " عبير وحسين زيهم زي مامتك وباباكِ كدا عادي يعني مش مختلفين ولا حاجة، بس أنا بعاملهم زي صحابي يعني، مش عارف هحيكلك عنهم إزاي بس اللي أعرفه أن تعاملك معاهم مع الأيام هيعرفك عليهم أكتر، أما طارق بقى دا دماغه نسخة من دماغ إسلام، يعني عرفت من طارق أن أسلام بيحب حوار الكافيهات دا ونفسه يعمل حاجة مشابهه وكدا يعني، وطارق قبل سنتين زي دلوقتي كان ماكل دماغي عشان أقنع بابا بمشروعه؛ ورفض بابا راجع أن طارق دماغه والهوا، بس أقدر أقول إنه بدأ ولعياذ بالله يعقل."

ضحكت على أخر ما تفوه به ليكمل:
- " وتالية غاوية تصاميم و fashion زيك كدا، وبجانب حبها للسفر والرحلات اختارت تكمل تعليمها بره، ودا عشان الفرص بره كتيرة عن هنا، بالصدفة جاتها منحة متترفضش هناك وكملت، كانت بترجع كل فين وفين مصر بس دلوقتي هي خلصت دراسة ورجعت تبدأ مشروع ليها."

أومأت بإعجابٍ شديدٍ حيث راق لها أن لِـ "تالية" الإهتمام ذاتُه، أما هو فـ أكمل ما بدأه مُختتمًا:
- " آه صحيح أنا قعدت كلمتها أنه عندك نفس الإهتمام بخصوص الـ designs  وكدا، فقالت إنها مستنيه تتعرف عليكِ أكتر عشان تعرفوا تتكلموا فالموضوع."

أردف بسعادةٍ:
- " أكيد، أول منرجع البيت خليهم يجوا ونقعد سوا."
ثم أكمل بخبثٍ:
- " بس أنتَ متجيش معاهم."

- " والله؟، طيب أوامر ياست حور"

راقبت تعابير وجهه الغريبة بشماتةٍ ثم اتاهم صوت "عصام" وهو يتحدث مع سائقي أُجرة:
- " من هنا لحديقة النباتات كام ياعمي؟"

أردف "إسلام" من الخلف بتشنجٍ:
- " حـ..حديقة إيه يابـا؟!"

تحدث السائق يقول المبلغ لقول "عصام" وهو يدلف للسيارة:
- " على خيرة الله، أركب ياغالي منك لُه"

جلس "عصام" بجانب السائق بالأمام، بينما جلست "حور" و"سما" و"سمر" و"رَوان" بالخلف، تحدث "عصام" لـ"يونس" والبقية وهو يضرب باب السيارة قائلًا بنبرة عالية:
- " فالتاكسي اللي ورا يلا مفيش وقت للإندهاش."

ضحك "سيف" بينما تحركت السيارة الخاصة به متجهه إلى الوجهة المطلوبة، صعد "سيف" بالأمام بينما جلس "كرم" و"إسلام" و"يونس" بجوار بعضهم بعضًا تاركين مكان صغير لـ"سلمى" تجلس بجوار أخيها، وما إن صعدوا تحركت السيارة خلفهم.

__________________

كانت "تالية" تجلس بالشرفة برفقة "طارق" الذي يحاول تعليمها لعبة الـ "الكوتشينه" للمرة التي لا تُعد، حيث وضعت بطاقة على الأرض برقم "10"، فتمعنت بالنظر ثم أمسكت بورقتين واحدة برقم "8" والثانية برقم "2"، قائلة بلكنة عربية مُحطمة:
- " تمانية واتنين، يبقوا عشرة."

إتسعت حدقتي "طارق" بدهشةٍ ثم قام بلعب أخر ورقة بيده والتي كانت برقم "1" لتضحك هي بشماتة قائلة:
- " I won"

وضعت الورقة الخاصة بالولد والتي جعلتها تأخذ ما بالأرض مُقهقة بإصتناعٍ:
- " مبروك خسارتك يا طروق"

اندهش من رد فعلها حيث أردف دون تفكيرٍ:
- " بسم الله ماشاء الله يا تالية ناقصلك توكتوك وتبقي تمام التمام."

ضربته بخفةٍ على كتفه ليعود للخلف محاولًا التسطح على الأرض بشرودٍ، ترجلت تجمع البطاقات بدندنة وحين ملاحظتها لشروده الغريب سألت:
- " سرحان فـ إيه؟"

إعتدل وجلس متربعًا وقال بتنهيدةٍ:
- " بحب بنت."

أردفت بحماسٍ:
- " الله، أحكيلي بسرعة I can't wait"

مال بفمه بقلة حيلة ساردًا:
- " الموضوع غريب بالنسبالي؛ لأني أول مرة أحب أصلًا، كنت عايش عشان الشغل ومازلت، بس من وقت ماشفتها وأنا حياتي وتفكيري متلغبط، مش عارف أوقف شعوري بأني عايز أشوفها طول الوقت يا تالية."

أقتربت منه زاحفة تربت على كتفه بابتسامة حنونة قائلة:
- " مش هتعرف توقف قلبك يا طارق مهما كنت فاكر إنك مش فاضي للحب وأنك تقدر تتحكم  فـ تأخيره تبقى مش بتفهم."

نظر إليها بلومٍ على آخر ما قالته لتكمل بضحكٍ:
- " أقصد، مش هتقدر تقول لقلبك مش دلوقتي، لأنه شيء مش بإيدك."

ابتسم وهو يطالعها بجانب عينيه قائلًا بإعجابٍ:
- " جملتين من غير انجليزي، عاش واللهِ"

ضحكت هي سائلة:
- " والبنوتة دي شفتها فين؟"

رد هو بحيرةٍ:
- " ليها شهر بتيجي الكافية تقعد على كرسي على جمب كدا وتشتغل على الابتوب لمدة ساعتين بروقان، وبعدين تمشي."

أمأمت "تالية" وهي تحرك رأسها بفهم قائلة بخبثٍ:
- "عارف كمان الوقت اللي بتقعده، Good"

ضحك الآخر محركًا رأسه بيأسٍ لتكمل:
- " طب متحاول تكلمها!"

وقف وأتجه ناحية سور الشرفة مجيبًا:
- "فكرت، بس قلت لا، خوفت بصراحة من رد فعلها."

تحركت "تالية" عقب ابتسامتها إلى جواره، شردت بضع ثوانٍ حتى تحدثت:
- " عمتًا قلبك اللي هيحركك فالوقت المناسب، بس أوعى تضيع حبك من بين إيديك بسهولة لو متأكد أنه فعلًا حب، I mean، متظلمش نفسك ولا تظلم اللي معاك معاك، do you understand؟"

- " understand والله يختي، بس إيه الفصاحة دي يعني؟"

رفعت شعرها بغرورٍ مجيبة:
- " تربيتك"

ضحك بعلوٍ ثم ضمها إليه قائلًا بفخرٍ:
- " ونعم التربية يابنتي واللهِ."

___________________________

بأسوان تحديدًا بحديقة النباتات كانوا يقفون أمام يافطة كبيرة يقرأون ما عليها بهدوءٍ ولكن عَكَر صَفو الهدوء "إسلام" وهو يقول بعلوٍ:

-" أخي الزائر.. أختي الزائرة.. مرحبًا بكم في حديقتكم!، ما تيجي تكتب كتاب سيف وحور بالمرة!"

ضرب "كرم" رأسه بقهقه ليقول "إسلام" بغيظٍ:
- " أوعى ياعم، قلولك أننا لجنة أبو القردان لأكل حشرات الأرض الزراعية ولا إيه ياعصام!"

انفجروا جميعًا بالضحك حتى لوح هو يده بعدم إهتمام ليقول "يونس" عقب إنهاء ضحكاته مستفسرًا:
- " هو دا اللي هنخربها يا غالي؟"

تحدث "عصام" وهو يشير إلى النباتات المختلفة الأشكال قائلًا بمرحٍ:
- " بالله عليكم بصو الجمال، بص ياسيف البحيرة اللي هناك دي، طب أنا راضي ذمتكم، مش المكان حلو؟"

تدخلت "حور" تقول بنبرة ساكنة:
- " أوي ياعصام بجد، دا حتى مريح للأعصاب."

أشار "عصام" لحديث أخته ليتدخل "سيف" قائلًا لـ"إسلام":
- " متزعلش يا إسلام ، كدا كدا إحنا جايين لمدة يوم، وأسوان من جمالها مش هيقضيها يوم واحد، وبعدين إحنا لسه جسمنا تعبان من السفر وعكة الخطوبة والرقص، وفوق كل دا منمناش كويس أمبارح يعني مش قد فرهدة واللهِ."

تدخل "كرم" مُتفقًا مع حديث "سيف":
- " سيف عنده حق، وعد يـالا يا إسلام اجيبك أسوان تاني ونقعد فيها شهر لو حابب."

إرتخت مقاسم وجه "إسلام" ثم تقدم ناحية ممر طويل يملئه من الجانبين أزهار ونباتاتٍ عدة ،فقال يإرتياحٍ:
- " أنا برضو كنت محتاج اصفي ذهني شوية."

أتاه صوت "سلمى" تقول بخبثٍ:
- " ودا من إيه دا أن شاء الله."

أردف فاردًا ذراعيه قائلًا بنبرة درامية منكسرة:
- " من قسوة الأيام."

ضحكت الفتيات ليقول "عصام" بمرحٍ:
- " تعالي يا سما أنت وسمر امشيكم، سيبوا العطلانين دول."

تقدمت "سما" و"سمر" يتعلقان بذراع "عصام"، بينما جلس "يونس" بهدوء على مقعد شاركه به "كرم"، فتحركت "رَوان" بضع خطوات قائلة:
- " هصور كام صورة بقى."

بينما تقدمت "سلمى" ناحية "إسلام" وجلست إلى جواره سائلة:
- " مش عايز تحكي؟"

أومأ بابتسامة قائلًا بهدوء:
- "عارفة ياسلمى إيه أحلى حاجة فالدنيا ممكن يقدمها إنسان لإنسان؟"

سألت بفضول:
- " إيه هي؟"

تفوه بعفويةٍ:
- " الخصوصية"

إلتوت شفتيها بضيقٍ ثم وقفت تتحرك ولكنه أوقفها بسرعة قائلًا بتراجع يصتحبه بعض الضحك المكبوت:
- " تعالي تعالي، حقك عليا أنا آسف."

تنهدت تجلس بعدم إرتياحيةٍ ثم أخذت تفرك أصابعها ببعضها البعض، لاحظ هو تغيرات ملامحها ثم تفوه بنبرةٍ هادئةٍ:
- " أنت عارفة يا سلمى إيه بجد أحلى حاجة فالدنيا ممكن يقدمها إنسان لإنسان؟"

قالت بتعجرف:
- " لا مش عارفة."

تحدث بثبات:
- " أنه يحسسه أنه مش لوحده."

اهتمت بحديثه حيث أدارت رأسها تجاهه تستمع إليه ليكمل:
- " دايمًا محسساني أن همي من همك، ولا عمرك فيوم زهقتي من كلامي المستمر واللي مش بيتغير عن كل حاجة أنا بحبها وعاوز أعملها، دايمًا يا سلمى محسساني إني مش لوحدي، من وأحنا صغيرين بتهوني عليا كل اللي بمر بيه."

ابتسمت بتوتر أثر ما سمعته فوجدته يقول بخفةٍ:
- " أنت عارفة أن وجودك جمبي معملهوش أقرب ما ليا، أنت بمية راجل فعلًا ياسلمى واللهِ، والغريب أني عمري ماحسيت إني مينفعش أحكي، كنت بحكي من غير حواجز فكل مرة؛ من ضمنهم المرة دي كمان."

تنهدت بحرارة ودقات قلبٍ مضطربةٍ، ثم تحدثت بحنانٍ:
- " أنت تستاهل كل خير يا إسلام، متنساش إنك اللي دخلتني فسكة الفضفضة بعد ما كنت هموت من الكتمان، علمتني بالتدريج إزاي أخرج اللي جوايا بسلاسة ومن غير تفكير، مش مهم الكلام هيطلع ملعبك، مفهوم أو مش مفهوم المهم أطلعه، والأهم يطلع مع الشخص الصح، وأنت كنت دايمًا الشخص الصح يا إسلام."

أدار عينيه إليها لتكمل بتلبكٍ:
- " يارب أبقى أنا كمان الشخص الصح اللي تفضفضله وترميله همومك وأنت مطمن، أنا مش عارفة اللي حصل معاك ومش عايزة أعرف، بس عيزاك أنت تعرف إني موجودة فأي وقت، لو عايز حد يسمعك أنا أحسن وحدة تسمع متتكلمش، ولو عايز حد ينصح أنا كمان أعرف أنصح، ولو عايز بير يحفظ اللي بتقوله اعتبرني بحر ترمي فيه همومك يا إسلام، وصدقني أيًا كان اللي هسمعه هرميه فيه."

رُغمًا عنه تسابقت دقاته، فوق تَزَيُن ثُغره بابتسامة جانبيه بينما هي مالت بعنيها أرضًا فوجدته يقول:
- " شكرً إنك موجودة يا سلمى."

أومأت تقول بخفةٍ وهي تتحرك ناحية "رَوان":
- " العفو يا أستاذ إسلام، وقلتلك أنا موجودة فأي وقت."

على بعد متران كانت "حور" تلتقط بعض الصور للنباتات وبعض الزهور جميلة الشكل، بينما كان هو يطالعها بدهشة مختلطة بإعجاب، فتدخل يسألها بفضولٍ:
- " كل دي صور يا حور؟، مزهقتيش؟"

تحدث هي بإنشغالٍ:
- " استنى بس باقية 15 صورة تاني."

قطب حاجبيه بإستغراب فوجدها تتحرك ناحيته بقهقه قائلة:
- " بهزر يا سيف، تعالى أقعد هوريك الصور."

جلست على المقعد وهو إلى جوارها تاركًا مسافة شخص بمنتصفهم، مالت بالهاتف حتى يستطيع الرؤية قائلة بتركيزٍ:
- " شوية تظبيطات، وكله هيبقى تمام."

أمسك منها الهاتف يتقلب وسط الصور ثم أعاده إليها قائلًا بإنبهارٍ:
- " ماشاء الله تصويرك حلو"

قاطع حديثهم رنين هاتفه، فمد أنامله يلتقطه من جيب السُترة يتفحص المتصل، قوس حاجبيه ثم أغلق شاشة الهاتف وأعاده إلى ملابسه لتسأل هي بإهتمامٍ:
- " مرديتش ليه؟"

أبتلع غاصته بضيقٍ ثم نطق وهو شارد ببقعةٍ غير مرئيةٍ:
- "دي ريم، كانت بتتصل كتير وآخر مرة رديت قلتلها مترنيش تاني والموضوع خلص، بس شكلها مبتحرمش."

لوت شفتيها بإستنكارٍ قائلة عقب إبعاد عينيها إلى أمامها بهدوء:
- " ليه بجد كل حاجة بنحبها وبنتعلق بيها مبتدومش وبتروح بسرعة؟"

تنهد هو مُضيفًا:
- " والسؤال الأهم؛ ليه بنعرف قيمة الحاجة بعد مبتروح من إيدينا؟"

دارت بعنقها ناحيته وفي الوقت ذاته كان هو يطالعها لتسأل ببلاهةٍ:
- " أنت هتجاوب على أي سؤال؟"

ابتسم محركًا رأسه بقلة حيلة مقترحًا:
- " جاوبي على سؤالي طبعًا، ladies First"

ضحكت بخفوتٍ قائلة:
- " ليه بنعرف قيمة الحاجة بعد مبروح من إيدينا؟"

أومأ هو عاقدًا ذراعيه بينما هي تأهبت للإجابة مُردفة:
- " أنا عمري ما عرفت قيمة حاجة بعد مـا راحت من إيدي يا سيف؛ عشان دايمًا بعرف أقدرها واقيمها من وهي فإيدي، بحب أدي فيها بكل طاقتي، ولو عرفت أنها متستاهلش الطاقة دي ببعد بهدوء؛ بس دا طبعًا درس اتعلمته من بعد اللي حصل، بس دلوقتي هدي للحاجة اللي تستاهل من غير مـا ادوق مرارة فقدانها."

أبتسم بجانبه مضيفًا:
- " أنا كمان، بس في حالة أننا معرفناش قيمتها غير بعد ممشيت، نعمل إيه؟"

أمأمت بإلتواء إحدى شفتيها مجيبة:
- " أظن نستاهل عواقب فقدانها؛ يعني دا لو إحنا اللي اتسببنا فضياعها مننا."

أومأ قائلًا بإتفاقٍ:
- " رأيي من رأيك، وهنا بتيجي جملة 'فاقد الشيء يُعطيه ببذخ؛ لأنه أدرى الناس بمرارة فقدانُه'، أنا كـ سيف، لو فقدت مجرد إحساس معين مش شخص، وحسيت إن اللي قدامي محتاجه بديهوله من غير ما يطلب، لأني بفتكر ألم فقدان شعور معين."

قطبت حاجبيها قائلة:
- " هي مش كانت فاقد الشيء لا يعطيه؟"

تحدث بتصحيحٍ:
- " اللي قال كدا مريض نفسي، عمتًا ياحور أقرب مثال إحنا، عارفين كل واحد فينا فاقد إيه، الأمان اللي اتبدل بخِذلان، وغيره من المشاعر الكتيرة المشابهة، وكل واحد فينا بيحاول يصلح دا بطريقته جوا التاني من غير تفكير، ودا يبينلك أن المقوله الأولى الأصح."

أومأت رأسها بتفهمٍ فوجدته يقول بمرحٍ:
- "ندخل على السؤال التاني."

ضحكت بخفةٍ قائلة:
- " سؤالي وهو؛ ليه كل حاجة بنحبها وبنتعلق بيها مبتدومش وبتروح بسرعة؟"

أمأم بتفكيرٍ وقال بعقلانيةٍ:
- " دا سؤال عابر من ضمن الأسئلة اللى بنسألها لنفسنا لما الدنيا بينا تضيق والشيطان يتملكنا ياحور، يعني ربنا عمره ما هيحطنا فسكة غير لحكمة، مش هيخلينا نتوجع بفقدان حد فحياتنا غير لحكمة، زعلك على الشخص برضو ليه حكمة، وإن الشخص دا مشي من حياتك بسرعة كمان وراه حكمة، ودا كله بيرجع لأول حاجة قلتها وهي أن ربنا عمره ما هيحطنا فسكة غير لما يكون عارف كويس أنها خير لينا، سواء فقدانا لشخص، فقدانا لشعور معين، ولو ضاعت الحاجة رغم تمسكنا بيها، فـربنا عارف كويس أن في درس مستفاد ليكِ وأنك اتعلمتي من التجربة حجات كتير تنفعك."

أومأت مضيفة:
- " أقرب مثال، تجربتي السابقة مع عُمر."

فـ أضاف بسلاسةٍ:
- " تجربتنا، فاشلة آه؛ بس اتعلمنا منها كتير."

ابتسمت بحبٍ وهي تُطالع عيناه التي تفيض منها السكينة كـطيفٍ خفيّ يتراقص من حوله دون تدخل منه، وحين بادلها الإبتسامة طاطأت رأسها خجلًا ثم دارت بعنيها بكل الإتجاهات محاولة عدم الإهتمام ولكنه أضاف بهدوء:
- " تفكيرك مميز وجميل يا حور، سابق سنك."

ابتمست بحبٍ على ما قاله ثم أضافت هي الأخرى بمرحٍ:
- " تعالى اخدلك صورة!"

قهقه متحركًا ثم وقف أمام الزهور وقامت بإلتقاط بعض الصور السريعة له، أتاه إتصال مفاجئ جعله أشار بإصبعه مستأذنًا حيث تقدم بضع خطواتٍ بعيدًا عنها، أما هي فشردت في إحدى الصور القريبة لوجهه بابتسامة صغيرة ارتسمت على محياها، حركت رأسها نفيًا لشيء لا تعلمه ثم قالت حين وجدته يقترب منها:
- " لو هي وعايزني اطفشها قلي."

ضحك عليها وسأل بإهتمامٍ:
- " هتعملي إيه يعني؟"

حركت كتفيها بلا مُبالاة وهي تتفحص الهاتف:
- " هقلها إنك متجوز ومعاك عيلين ومش بتصرف عليهم."

اندهش مما قالته مُردفًا بقلقٍ:
- " حور أنت اخدتي برد ولا إيه."

ضحكت مجيبة:
- " بهزر طبعًا، هقلها إنك سايكو أو تاجر مخدرات."

ثَبُت نظره عليها بغير تصديق حيث قهقهت هي مشيرة إلى تعابير وجهه قائلة وسط الضحكات:
- " سيف أنت وشك اتخطف ليه أنا بهزر."

ضحك هو بقلة حيلة وأردف:
- " دا أنتِ طلعتي مصيبة، عمتًا دي ماما بتطمن، قالت أنها عايزة تكلمك، خلصتي فقرة الوظايف المتعددة بتاعتك أرن عليها؟"

أومأت بإهتمام قائلة:
- " أيوة طبعًا رن."

_______________

____يُتبع____
♡«مُعَانَاة كَالسُكَر»♡
مـــنار نجـــدي

_________________________

هلا رفاق!
رأيكم؟
بارت تحت تأثير إجهاد نفسي ضخم فاللهم السكينة لقلبي وما به. 🤎
إن مَررتَ من هُنا..
فـ إدعي لأبن عمي "عبد الرؤوف" بالرحمة والمغفرة. ❤️‍🩹

Continue Reading

You'll Also Like

1M 65.8K 104
" فرحات عبد الرحمن" شاب يعمل وكيل نيابة ويعاني من مرض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مع ارتباط وثيق باضطراب النرجسية مما يجعله ينقاد نحو كل شيء معاك...
26.3K 1.5K 19
"_ احاول تناسي الأمر لكن لا شيء يُجدي نفعاً ، حتى المُهدئات لم تعد تُعطي مفعولاً ." " _ تُشعرك بالراحة مُنذ الوهلة الأولى كأنها خُلقت لتُطمئنني انا...
2.3M 54.5K 36
انتقلت وثيقة زواجها إلى أخيه بهذه السهولة و كأنها أحد من العبيد..فتلك كانت التقاليد و لكنه أقسم أن يذيقها العذاب على يديه فهل ستسلم هي ؟ أم ستعشق...
439K 15.4K 31
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...