مَا بَينَ الحُبِّ وَ الحَرب...

By Lisa-Adia03

56.4K 2.3K 4.3K

- وَ هَل ليُونِيل دِي مَاريَا يَعرِفُ مَعنى الحُب؟ - ليُونيِل لاَ يَعرِفُ الحُب وَ اِنَما غَارَقٌ فيِ العِشقِ... More

intro
part 1
part 2
part 3
part 4
part 5
part 6
part 7
part 8
مرحبااااا اعزائي
رمضان كريم ❤
part 10
part 11
part 12
part 13
part 14

part 9

2.7K 110 572
By Lisa-Adia03

عيد سعيد و عمر مديد ينعاد عليكم بالصحة و العافية 
اشتقتلكم و اشتقت لتعليقاتكم
اليوم و اخيرا و ليس اخرا جيتكم ببارت جديد
مع شخصيات جديدة
اقرؤوا بتأني  لتعيشو الاحداث بتفاصيلها
التعليق بين الفقرات سيعدني
اتركو بصمتكم
لأترك ابداعي
لا تنسو الضغط على زر التصويت لن ينقص منكم شيئا و انما سيحفزني على الاستمرار

ليبدأ الاكشن
~~~~~~~~~~~~
I took an arrow to the heart
I never kissed a mouth that tastes like yours
Strawberries and somethin' more
wanna be that guy, I wanna kiss your eyes
I wanna drink that smile, I wanna feel like I'm
Like my soul's on fire, I wanna stay up all day and all night
Yeah, you got me singin' like

~~~~~~~~~~~~~~
"كَيف تَجرُئين على صَفعِ زَوجِك المُستَقبلي بِيلا, هاه؟"

قَالها بِنَبرةٍ مُختَلة مُحاوِلاً تَقبِيل عُنقِها البَارِز امَامَهُ , حَاولَت دَفعَهُ نَحوَ الخَلف مِرَارًا وَ تِكرارًا , لكن قِوَاها لَم تُضاهي خَاصتَه , أَغمَضَت عَينَاهَا بِألم و أردَفت بلَهجةٍ سَاخِطة

"أبعِد وَجهكَ القَذِر عَني  و اللّعنة , أنا أَمقُتُكَ جَايكوب "

جَعلها تَرتطِم بالجِدار خَلفَها بِعنف , مما أَدى الى خُروج انِينٍ طَفيفٍ مِن ثِغرِها , قَرَب وَجهَه نَحو خَاصتها ليَهمِس امَام شَفتيها مُتجاهلا دُموعها وَ صُراخها المُتُواصل طلبا للنجدة

" ششت... فالتُغلِقي فَمك اللّعين بيلا ....سَتُصبِحين زَوجتي قَريبًا و لي كُل الحَق بالاقتِراب مِنك , سَواء شِئتِ ام ابَيتِ"

"قَامَت بِدَفعِه بِعُنف نَحوَ الوَراء فَورَ شُعورِها بِمَلمَس شَفتَيه على خَاصتِها , نَظرَت حَولها لِوَهلة لتُلاحِظ مِقصًا على الطَاولةِ امَامها , قَامت بإلتِقَاطِه بِحركةٍ سرِيعة و رَفعته نَحو الوَاقف قُبالتها قائلةً ببكاءٍ هِستِيري

" اياكَ و الاقتِراب مِني مُجددا , لن أقبَل بالزّواج من حُثالة مِثلك حَتى لو كَلفني ذَلك حَياتي "

حَدق بالمِقص الذي كَانت تَحمله بينَ يَديها المُرتَجفَتين , شَعر بِمدى خَوفها و إرتِباكِها ليَضحك بسُخرية قائلا

" اوه !..هل تُحاوِل قِطتي الوَديعَة لَعِب دَور القَوية الآن؟ "

عَقَد حَاجِبيهِ لتَحتَد عَينَيه في جُزءٍ من الثّانيَة تَحوَلت سِماتِه الى أُخرى مُخيفَة زَرعَت الرُعب فِي اوصَالِها , بلعت ما  بجوفها بصعوبة و شّدت قَبضَتها على المِقص مُحاوِلةً كَبت اِرتِجَافِها, جَمَعَت رُباطة جَأشها و صَرخت بِوجهه قَائلة

-" أُخرج مِن هُنا حالاً "

-" خُروجي مِن الغُرفة لا يَعني خُروجي مِن حَياتِك بِيلا , فَصفقَتنا ..... أقصِد زَواجَنا , امرٌ حَتمي لا عَودةَ فِيه"

-" فالتَذهَب صَفقتُكم اللّعينة الى الجَحيم الأحمَر , أنَا من سَتقرر الإستِمرار بِهذا الزواج او انهائه ,و إِحزِر مَاذا جَايكوب؟ , لن يَحدُث ذلك... الا على جُثتي"

-" او ... جُثّةِ والِدك !"

قَالها بنبرة مُستفزة مليئة بالغموض مما جعل الأخرى تعقد حاجبيها بعدم فهم و هي تحدق به بريبة , مالذي يقصده بكلامه , هل هددها بقتل والدها للتو؟ , هذا ما فكرت به قبل ان تردف بلهجة تدل على مدى عصبيتها

" مالذي يعنيه هذا؟ , هل وصل بك الانحطاط الى هذه الدرجة؟"

ثَبَت جَايكُوب.مَكانَه لِيَضع يَده بِجيبِ بِنطَاله و هُو يُنَاظِرُها بِعسَليَتيه. , رَسَم شِبه اِبتسامة شيطانية على ثِغره لِيقول بنبرة عابثة

" ارَى انَك تَجهَلين مَضمُون الصّفقة بالفِعل !"

أَخرَج تَنهيدَة طَويلة المَدى و بَدأ بالتَقدمِ نَحوَها شيئا فَشيئًا ليُكمِل

" لستُ غبِيًا لألَطِخ يَداي بِدماءِ دِميتري القَذِرَة , فإذَا اكتَشَف نِيكولاَي خِيانَته سَيمُوت عَلى يَديهِ لا محالَ "

أرخَت بِيلا دِفاعهَا بشكل تدريجي , و بقيت تحدق به بصدمة دون ان تنبس ببنت شفة , هل والدها من حاول زج عمها بالسجن حقا! , هي لا تكاد تصديق ما تفوه به للتو أحست برجفة قوية هزت أوصالها , لتمتلئ الدموع بعينها في جزء من الثانية و تشق طريقها نحو خديها بمرارة, نظرت له بهدوء عندما شعرت بهيكله الضخم امامها مباشرة ,أمسك فكها بقسوة شديدة و قربها نحوه قائلا بصوت يشبه فحيح الافعى
" لا تقلقي حبي لن يجرأ أبي على فضح ديمتري , فهو والد زوجتي في النهاية , هاه؟"

قبل خدها بنهم و ابتسم بإصطناع ليكمل

" زَوجةٌ مُطيعة "

كَانت كلِماتهِ المَسمومَة كسهمٍ اختَرق جَوارحَها حد الثّمالة , كل ما تَمنَته في تلك اللحظة , أن تَختَفي مِن هَذا العَالم البَائس .. لم يعد بالمستطاع لها تَحمُل كل هذا الالم و الَصدمات التي تَكادُ تَفتِك بِها , ارادت ان تَنتزع نَفسها إنتزاعاً من ذَلك المَكان, مِن تِلك الحَقيقة التّي سَمعَتها لتَوها , ان تَنتَصب مِثل السحابة و تَنجَرف مع التيار , لكنها بَقيت مُتجمدةً بِمكانها ,بَاردة الحِس و بَاهتة المَشاعر و كأنها وَصلت الى اقصى دَرجات التَبُلد

ابتَعد عنهَا فَور سماعه صَوتَ دلوف شَخصٍ ما الى الغُرفة , وَجَه نَظره نَحو مَصدره , ليَجد فَتاة طَويلة القَامة تَرتدي مَأزرا طِبي تَبدو مِن هيئتها كَأحد المُتدربَات بالمَشفى , ألقى نَظرة أخِيرة نَحو بِيلا , ليُغادر المَكان دُون ان يَمحي تِلك الابتِسامة الشيطَانِية مِن ثِغره , رَمت بيلا نَفسها عَلى تِلك الأرضية البَاردة بِضعف شديد و هي تُحدق بِنفس البُقعة بشُرود مُتجاهلةً نِداء تِلك الفَتاة التي كانت تتقدم نحوها

" بِيلا ما الخَطب هَل انتِ بِخير؟"

تَسائَلت الفَتاة لتُجيب الاُخرى بِشُرود قَائلة

" ماَ هذا التَغيير المُفاجئ لِلأحداث!"

~~~~~~~~~~~~~~

-" حَكمت المَحكمة بِخضوع السٌيد نِيكُولاي سُوكلوف الى الرّقابة القَضائية , و السجن غير نَافذة , الى اَن تَتأكد الجيهات المختصة من صحة الوثائق والادعائات , غير مسموح لك بمغادرة أرض الوطن حتى موعد الجَلسة القَادمة .... رُفِعت الجَلسة "

قَالها القَاضي بِنَبرة عَاليَة و واثِقَة لِيَطرق بِمِطرقَتِه الخَشبية وَ يَقف مُغادِرًا المَكان , قَامَت أنجِلِيكا مِن مَكانها بِشَكل مُفاجئ وَ فَوري لتُوجه كَلامَها نَحو القَاضي بِلهجةِ سَاخِطة تُعَبر عن مَدى شُعُورها بالخَيبة و الصّدمة في آن وَاحد

" أنا أُعارض حُكمك المُستبد هَذا!, إن مُوكلي بَريئ لَا يُمكنك اضطِهاده بِهذه الطَريقة .... عَليك مُراجعه قَرارك ايها القاضي!"

قَام نِيكولاي سوكلوف مِن مَكانه بِكل هُدوء و هَيبَة ليَربت على كتفِ إبنتِه مُحاولاً جَعلها تَهدأ بِطرِيقَته المُعتادَة قائلا
-" إهدئي صَغيرتي , لا داعي لِكُل هَذا الانفِعال , لن تُغير النَتيجَة شَيئا مِن مَدى فَخري وَ إعتِزازي بِك"

-" أنا آسفة ابي , لقد خَطَطت لِكُل شَئ و بِشكلٍ مِثالي لم افهَم السبَب الذّي جَعله يَرفُض الأدِلة"

تَحاشت النَظر اليه و وَجَهت رَمادِيَتيها نَحو دِيمِيتري لتِجدهُ جَالسًا على مَقَاعِد الحُضور بِكل هُدوء و وِقار, كَأنه الطَرف الفَائز بِالقضِية , لَم يُبدي وَ لا حَتى ذرة وَاحدة مِن القَلق او الخذلان , إنما إكتَفى بِالتحديق بها بِبرود دُون ان يُزيح تِلك الابتِسامَة الصَغيرة عن ثغره , كانَت ابتسَامته مُستفزة غاَمضة , تَحمِل رِسالةً مُشفرة مِن العِيار الثَقيل , إستطاعَت أنجَل تَفسيرها دون بَذل اي مَجهودٍ فِكري , لتَشُد عَلى قَبضتِها لدَرجة ابيِضاضِها و تَردف بِغضب مَكبوت

" السّيئة بالسّيئة و لن أندَم عَلى ذَلك "

لَمِحت هَيكَله وَ هو يَتقدم نَحوَهما بِثقة عَارمة , إرتَدى قناع النفاق مرة أخرى ليقف بجانب ابن عمه و
يقول بنبرة حاقدة و مستفزة

-" أخبرتك انها ستفشل هذه المرة , اخشى ان تكون ثقتك العمياء بها , مقبرة لك ... في يوم من الايام"

-" اياك و التَقليل من احتِرام ابنَتي امَامي , دِيمتري"

صَرخ نِيكولاي بأعلى صوته لتضع أنجليكا يدها على ضهره قصد تهدئته, فهي لم ترغب أن يزادد وضعهم الكارثي سوءا بسببها

" هِي ليسَت مِن دَمك حَتى ... اتَسائل اِن كَان اِهتِمامك .. حُبًا ام مجرد شفقة "

صَرح دِيمِيتري بِنبرة مُتعالية مَائلة الى الاستِهزاء لتَنظر لهُ الاخرى بِتَحديقَات شَرزاء حَاقدة , ابتَسمَت بِجانِبية مُتجاهِلة تِلك السِهام التّي اختَرقت جَوارجها , ماسَببُ كل هذا البُغض والكُرهِ الذي يَكنُه لها ؟ ما ذَنبُها ان كَانت فَتاةً يتيمة,  فَقدت اهلَها فِي ظُروف يَبكي الحَجر مِن قَسوتها , جَمعت شُتات نَفسِها بِصعوبة و أجَابت بِنبرة لا تَخلو مِن الهَيبة و الثّقة
" عَمي العَزيز دِميتري .... ا لم تَمل مِن كُرهك الغَيرِ المُبرر لي ؟"

تَغيرت سِماتُها الى أخرى تُوحي بالجِدية و الجَبروت لتُكمِل

"اسمع جَيدا ما سَأقوله و آمل ان تَحتفِض بِكلامي هَذا , داخل أعمَق نُقطة بِعقلك ..... كونُك فَرد مِن العائلة , لَن يَمنعني بِبطحِك ارضًا اذا تَعامَلت مَعي بطَريقَة خَاطئة او قَللت مِن شَأني مَرةً أُخرى "

اقتَرَبَت مِنهُ لتَختَزل المَسافَة التّي كانَت بَينَهمَا وَضعت يَديها على رَبطة عُنقه الزَرقَاء لتُثبِت نَظرَها عَلى خَاصَته وَ تُكمِل

" لا احتَاج الى مُجاملات مِنك لأومن بِنَفسي و أُنجز عَملي عَلى أكمل وجه , فتاة مثلي تعرف جيداً
قيمة نفسها تَأكد ان حَديث المَارة لا يُساوي حَتى صوت بعُوضة ضَالة بالنسبة لي "

إلتَقطت حَقيبة يدِها الفاخَرة و هَمت بالخُروج من المَحكمة بِخُطواتٍ سَريعة دُون الالتِفات نَحو الوَراء
تَوقفت عِند وُصولِها الى السّاحة الرَئيسية و رفعت رأسها نحو الاعلى لتُحدق بتِلك السَماء المُلبدة بالغُيوم لم تَعلم ان كَان الضَباب المُنتشر بِالمَكان مَن حَجب الرؤية عَنها ام تِلك الدُموع التّي بَدأت بالتَجمُعِ في عَينيها دُون سَابق انذَار , مَسحَت لؤلؤة صَغيرة شَقت طَريقها نَحو خَدها بِسلاسَة و قَالت بِنبَرة تعبر عن مدى الدَمار الذي خَيم بِداخلها
ِ
" هل كُنت سَأعيش حَياة مُختلفة ان كَانا والدي على قَيد الحَياة....... لقد ضِقت ذَرعا مِن لقَب ابنة نِيكولاي بالتبني "

اَطرقت بِنضراتها للأسفل لتُغلق عَينيهاَ بِمرَارة وتُكمِل بإنكسار

"بات هذا ينهشني من الداخل....امنحني بعض القوة يا اللهي أرجوك"

مَرت ثَواني مَعدودة و هي بِنفس الوَضعَية حتى سمعت رنين هاتفها فجأة , أخرجته من جيب معطفها لتتأمل الشاشة لوهلة , عقدت حاجبيها بإستغراب لتمسح دموعها و تتصنع القوة مرة أخرى , تنفست بعمق ثم اجابت بنبرة تدل على ثقة صاحبتها

" من معي؟"

-" لا تُوجَد مُهمة بَشرية شَاقة كمُحاوَلة التَحَكم بالصَوت والمَلامِح لإخفَاء مَشاعر الحُزن والألم الذي يَكاد يَطغى على قَلبِك أنجَل "

تَحدثَ بِنَبرةً عميقة وَ صوتٍ اجَش و هو يُناضِرها مِن بَعيد , كانَت تَبدو تَائهة و لا تَعلم اين سيأخذها ضياعها , باهتَة مُنكسرة عَكس نبرتها الواثقة الرنّانة التي سَلبت مِنه انفَاسه تَدريجيًا , لَطالمَا عَلِم ان داخلها إمرأتَين على الاقل الأولى يَائسة، حَائرة، تَشعُر بأنَها تَغرق دائمًا
والثَانية بإمڪَانها أن تَقفز إلى أي مَشهد تُريدهُ
ڪأنها على خشبة مسرحٍ , تُخفي نِقاط ضُعفها وعَجزها،
وتقدم للعَالم ابتسامةً تُنَافس الشّمس فِي اشرَاقِها مع الڪثِير مِن الحِرص و الكِبرياء و الثَبات

- لم يَكن مِن الصّعب التَعرف على تِلك النّبرة الفَريدة التّي تُنادي اسمَها بِبطئ و تَأني, لَكنته الانجلِيزِية المَمزُوجة بِنكهة ايطَالية تَجعل قَلبها يَنبض لَها رَغبة و اعجَابا , وَ من غَيره , ذلك المُتعجرف النّرجسي الوَسيم الذي لم يكُن يومًا غريبًا على رُوحها و كيَانها , كرسالة قديمة مَطوية بَين صَفحات الكُتب , لا تَقرأها في كُل لحظة ... لكن بِمُجرد لَمسها يَأخذها الحَنين لذكريات كاد النسيان ان يعبرها .... لِما و كَيف خَالجها ذَلك الشعور بقربه ..لا تَعلم.
حَاولت خَلق نَوع مِن الثبات بِنَبرتها لتَرفع خُصلات شَعرها نَحو الوَراء و تقُول
ِ
" ا هذا انت!؟"

- "اجعلي ضَهرك مُستقيما , و إرفعي رَأسك حَالاً ...فأعدائك يُراقبون ضُعفكِ مِن بَعيد"

القَت نَظرةً نَحو الباب الرئيسي للمَحكمة لتَجِد دِيمرتي يتَأملها من بَعيد بإبتسامةٍ مُنتَصرة تُزينُ مَحيَاه , عَدلت مِن وَضعيَة وقُوفِها و رَفَعت رَأسَها عَاليا بِفَخر و جَبروت لتَردف مُتَسائلةً

" هَل انتَ تُراقبُني الآن؟"

- "جَيد.. أمَا الآن فَإبتَسمي "

- "و لِما قَد أفعل ذَلك ؟ "

-"لأنها تُربِك أعدَائك انجَل , فَالابتِسَام أسهَل مِن شَرح مَا يَقتُلك في الدَاخل "

ابتسَمت بإتِساع وَهي تُحدق بِدمِيتري بِكبرياء يَجعل من حَولها يَتسائَل ان كانت النّاجية الوَحيدة بِهذه الحَرب الضَروس , مَع انَه لو تَعَمقو بِها قَلِيلاً.... لوَجَدو كمًا لا بَأس بِه مِن النُدوب و الجِراح المُثخَنة

- "هَذه فَتاتي الشّرسة التي أعرِفها ..... الإنهِيار لا يَليق بِك بتَاتًا"

عَلق ليُونِيل هَازلًا لتَبتَسِم انجَل بإستِحيَاء قَائلةً بِنَبرةٍ مُتذَمرة

-" مَن تَقصِد بِفَتَاتِك ؟, التَزِم حُدودُك سَيد ليُون "

- "‏لي حُدودٌ لَا أَستَطِيع تَجاوُزهَا بالفِعل.. .. أن أرَى عَينَيك وَلا أتوَقفَ لأتأمَلها"

أعَادت خُصلات شَعرِها المُتَمردَة خَلف أذُنِها ببُطئ , فَهي حَركةٌ اعتَادت القيام بِها عِند تَوتُرها او شُعورها بالخجل , تَفقدت المَكان حَولها لوَهلة لتَردف متسائلة

-" اين انتَ الآن؟"

-" خَلفَكِ تَمَامًا "

أجَابها لتَلتفَت اليه مُباشرة و تَجده يَقف قُبالتَها بِكل ثِقة و بُرود , يَرتدي مِعطفا اسودا طويلا مِن الكَاشمِير مَع قمِيص حِريري مِن نَفس اللّون و بَذلة باهِضة بلون الباج , مَهلا هَل هُو مَهووس بالبَذلات الى هَذه الدرجة ؟ هَذا ما فَكرت بِه دَاخل عقلِها قَبل ان تَفصل الخَط بَينَهما و تَبتسم لهُ بتَرحِيب

" مُنذ مَتى و انتَ هُنا؟"

تَقدم مِنها قَليلاً ليضَع يُسراه بِجيبه مُتأملا اياَها من رَأسها الى أخمَص قَدميها , بَقي صَامتا لوهلة ثم أجَاب بصوتٍ اجَش

" مُنذ بِداية المُحاكمة ... كانت مُرافعةً لاَ بأس بها بالمُناسبة .... طَريقتك في خَلق الأدلة مُميزة حقا "

رَفعت حاَحبيها بإستِنكار لِما قَاله لتَردف بلهجة مُتكبرة

" لا بأس بها؟ ... دَعني اُقدم لك تَعرِيفًا صَغيرًا عن المِثَالية "

رَسمت ابتسامةً جَانِبية على ثَغرها و َاكمَلت بِثقة

" مُرافعات المُحامية أنجِليكا سُوكلوف"

قَهقه ليُونيل بِخفة عن مَدى تَكبرها و غُرورها ليُبلل شَفتيه بِلسانه وُ يَقول بِنبرة لَعوبة

- " لكنكِ الطَرفَ الخَاسر بالقضّية "

-" هل انتَ هنا لتَعكِير مِزاجي؟"

تَحدثَت  بِتسائل, ليَنفي الاخر كلامَها برَأسه و يَرفَع كتِفيه بمَلل مُتمتما بهدوء

" لِما قد أفعَل ...هُو مُعَكر مُنذ البداية"

- " انصَحُكَ ان تَهتم بشُؤنك الخَاصة"

لم تَكن في مَزاج يَسمحُ لها بِتَقبلِ نرجسيته او أسلوبه الاستِفزازي , لذا قرَرت الحِفاظ على هُدوئها و مُغادرة المَكان متجاهلةً كلامَهُ الذي زاد مِن الطِين بَلة , لم تُكمل خُطوتها الاولى الا انها شَعرت بيدٍ خَشنةٍ تُمسك ذِراعها بِحركة سَريعة

"انا لم اُنهي كَلامِي بَعد "

قَالها لتَلتفِت نَحوه مُحدقة بِملامِحه التي يَكسُوها الجُمود و تَردف بتسَائل

" الا تَعتبر تَصَرفك هَذا مُتسلطًا نَوعا مَا؟"

جَذبها نَحوه بحركة مُفاجئة لِتضع كِلا كَفيها بِصَدره العَضلي كفِعل لا ارادي , جَال بِعينه الفَحميتين حَول مَلامِحها الفَاتنة ليَقُول بِنبرة يَطغى عَليها الغُموض

" اَنتِ من أخبَرني ان اهتَم بشُؤوني الخَاصة ... و ها أنا أفعل! "

أحَست بِدقات قَلبه الهاَئجة ليتَقلص كُل جزء داخل جَسدها دُون ارادة مِنها ,حَاولت الحِفاظ عَلى ثَباتها لتُبعد يَديها بِتدارُك , إبتَلعت ما بِجوفِها و قَالت بإرتباك

"مالذي تُريده؟"

ابتَسم بجَانبية لرَدة فِعلها الخَجولة , فَقربه يُؤثر عَليها حتى لَو حَاولت إخفَاء ذَلك عَنه , بالرغم مِن جُموحها وَ قُوة شَخصيتها التي تَقودُه للجُنون الا انها خَجولة و تَمتلك نَوعا من الصّفاء و البَرائة بذاتها , هل  يَزال جُزءً من ايلِينا,  عالقًا بقَلبها؟

أمسَك بِيدها بإحكَام ليَجُرها خَلفه قائلا

" لنَذهب في جَولة "

~~~~~~~~~~~

ميلانو ايطاليا

"واحِد, حَركةٌ الى اليَمين .... إثنَان,  ثَلاثة.. حَركتَينِ دَائريتَينِ الى الشِمَال
....اخفِضي ذِراعيكِ قَليلاً , سَمارا "

فِي تِلك الغُرفة الوَاسعة ذَات الجُدران الزُجاجية التي اذا اقتَربتَ القليل مِنها سَتسمَعُ أنغَام  أروَع السَمفونيَات و أشهَرِها في العَالم.....  بُحيرة البَجع للمُوسيقَار النَابغة تشايكوفِسكي   , كانَت لُورا تَتحَركُ ذهابا و ايابا بخطوات متوازنة  و رشيقة , تقوم بِعَملها كقائدةِ فرقة  لرَاقَصات البَالي  ....تُلقي مُلاحَظتها  لتَصحِيحِ وضعِية الراقِصَات تَارةً  و  تَدورُ حول نفسِها بِطريقَة  إحتِرافية تَارةً اخرى , لتَجعَل مِن رقصِهم لوحَة فَنية تَصرخُ مِثالية يَسرحُ النَاظرِين مِن جَمالها , تَوقفت لِوهلة  بَعد الالتِفاتَةِ الاخِيرة لتُحدِقَ بإحدَى المُتدَربات  قَائلة بِنبرةٍ لطِيفَةٍ تَعكِس جَمَال شَخصِيتِهَا

  " اذا ارَدتِ ان تَكُون الرّقصة مِثَالية , عَليكِ بِرفعِ رَأسِكِ قَليلاً... اتَفقنَا؟"

لم تُكمل كلَامهَا حَتى سَمِعت صَوت البَاب الذي ارتَطَم بشَكل قَوي مَع الجِدار , وجَهت نَظرِها كبَاقي المُتَدربَات نَحو  مَصدَرهِ  لتَلمَحَ  رِجَالاً ذوي بَذلاتٍ سَوداء  و أسلِحة,  يَقتَحِمُون غُرفَة تَدريبَاتِهم وَاحداً تِلوى الأَخر و عَلى رَأسِهم الابنَ الثَاني لآل كَابُوني  المُسَمى بِكَارلُوس  , اخَذت  وَضعِيه الدِفَاع لتَقِفَ بِشُموخ بِوجهِهم و تَردِفَ بإبتسَامَةٍ واسِعة اربَكَت بِها سِمَات الحَاضرِين

-" مالذي يَفعَله كِلابُ ال كَابُوني هُنا ؟"

-"انصَحُكِ بتَحسِين الفَاضِك لُورَا .... لا يُمكِن لبَجعَةٍ ضَعيفَة ان تفرِد جَناحيها امَام أسَدً جَائِع"

قَالَها فِيجو  ليَتقَدم وَسَط قَاعةِ التَدرِيب و يُلقي نَفسَهُ على اِحدى الكَراسِي بإهمَال مُتَفَحِصا المُتَدرِبَات واحدةً تِلوى الأُخرى , لمَح الرُعبَ و الارتِبَاك بوُجوهِن  ليَبتَسم برضى و يُوجِه نَظره الى لُورا قَائلاً

" لا دَاعي للخَوف .... انَا هُنا من أجلِ سَبب وَاحِد فَقط "
أَخرَج  سِيجارة مِن جَيب سُترَته  ليَضَعها بَين شَفَتيه دُون ان يُزيح نَظره عَنها  ليُكمل

-" دَعينا نُساعد بَعضنَا لُورا ... اخبِرينِي عن مَكان بِيبي قرِيلو  و سُأغادر المَكان بِهدوء"

-"هل وَصلت بِك الوَقاحَة الى اقتِحامِ مَكان عملي؟...... أخرِج رِجالك اللُّعناء مِن هنا فِيجو, هُم يُسَببون الذُعر للمُتَدربَات "

قَالَتها بِلهجةٍ قَوية  آمِرة ليَتقَدم كَارلُوس نَحوها بِخُطوَات  سَريعة  مُمسِكًا ذِرَاعها بِعُنف

" نَعلم جَيدًا ان ليُونِيل من قَام بِأخذِه.... لم يَكُن الحَريق بِمنزِله حَادثًا و إنَما كَان مُفتَعلا مِن طَرف اخِيك المُختل "

صَوتُ صَفعَة قَويَة  تَردَدَ بالارجَاء , تَوقَفَت لَها الأعيُن و الابدَان لثَواني مَعدُودَة, تَفَقد كَارلُوس مَكَان الصَفعة  بِضهر يَده ليُقهقِه بشَكل هِيستِري مِن فَرط الصّدمة, خَلخَل أنَامله الطَويلة بخُصلاَت شَعرِها السَوداء الفَحمِية  ليُثَبِت عَينَيه ,  بِعَينَيها التي اقتَبَست لونَها من حَجَر الاوباَل الشِيكُولاتِي و يَردِف بِغضَبٍ مَكبُوت

" هل قُمتِ بصَفعي أمَام رِجالي للتّو؟"

" هذا لتَتعلم  اِبدَاء القَليل مِن الاحتِرام اثنَاء التَحدُث عَن اسيَادِك , كَارلُوس"

شدّ على شَعرِها بِعُنف شَديد  لتَنكَمِشَ مَلامِحُها الجَذابة مِن شِدَةِ الالَم الذّي ألحَقَه بِها  ثُّم قَال بِنَبرَة تَدُل عن مَدى سُخطِه

" اركَعي عَلى رُكبَتيكِ و اعتَذِري الان"

كَاد ان يَقُول شَئ آخر الا انَه تَوقَفَ فَور سَماعِه لصَوت الرصّاصة التّي اختَرقت السَقف  بِشَكلٍ مُفاجئ, نَظر نَحو اخِيه الجَالِسَ بإهمَال   ليَجِدَه حَامِلا مُسَدسَه بَين يَديهِ و هُو يُحَدِق بِه بِنَظراتٍ شَرزاء غَير مَفهُومة

" ابعِد يَدَك اللّعينة عَنها كَارلُوس "

قَالها فِيجو بِنبرة آمِرة مُبطنةً بالتَهديد  ليَبتعِد عَنها الاخر  بِغيرِ رِضى دُون ان يُزيح عَينَيه عَليها , إنتَصَب فِيجو مِن مَكانه مُتَوجِها نَحوَها بِخُطواتٍ ثَابة  , تَوَقفَ امَامَها لِيَضهر فَارِق الطُول الشّاسِع بَينَهُما  , رفع يَدَه الحُرة ليُعَدل خُصلات شَعرها  المُبعثَرة بِهُدوء , ثُم أمسَك عُنقها الصافي مُقَربًا ايَاها نَحوَه بعُنف ليَصبح وَجهه مُقابلا لوَجهها ,  بَقي يُحدِق بِعينَيها التي تُشبه شَمس الصَباحِ بنُورِها المُشع مُتجَاهلا صَوت المُوسيقى مَع كم الانظار المُثبتة عَليهما ,  وَضع فَوهة مُسدسِه بِمُقدمة رَأسهَا ليَقولَ بِنبرةٍ هَادئة لا تَخلو مِنَ التَهدِيد

" فالتَشكري الرّب ان تَعنيفَ النِساء ليسَ مِن طِباعنا , اخبري اخَاكِ اللّعين ان يطلق سراح بيبي قريلو ... قبل ان ألجئ الى استعمال طريقة قد تجعله يخسر الكثير و الكثير "

شَعر فِيجو بإرتجَاف جَسَدها و انتفَاضِه
ليُبعِد مُسدسه  بِتأني ,عاد بِخُطوَة نَحو الوَراء ,و القى  نَظرةً أخِيرةً عَليها  قَبل ان يأمُر رِجالَه بإتِباعِه و يُغادِر المَكان نِهائيا  , سَقطت لورا  أرضًا في جُزءٍ من الثّانية لِعَجز قَدمَيها عَلى حَمل ثِقلها مِن شِدة التّوتر و الخَوف الذٌي غَزى دواخلها, هَرول اليها بَعض  المتدربات قَصد تَفقُدِ حَالتِها الشبه المُزرِية , امسَكت عُنقها بِشكل سَطحي مُحَاوِلةً التَحكُم بِوَتيرَة تَنُفسها و استِنشَاق اكبَر قَدرٍ مِن الهَواء , لتَستَجمِع رابط جَأشها بِصعُوبَة و تَردف بِنبرةٍ مُتعَبة

" انا بِخير  , خُذو قِسطا مِن الرَاحة و لِنعُد الى التَدريب "

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

العودة لموسكو / روسيا

كَانا كلاهُما  يُحدِقان بالمَنظر اللّيلي لنَهر مُوسكُفا الجَذاب  الذي يُحاذي طَريقَان مُتوازيَان مِن النّهر و الجِسر ,  عَابرا مَناظر خَلابة يَسرحُ الزَائر  بِتفَاصيلِها  حَيثُ  يَمنَحُ  فُرصةَ الإِطلال على أجمَل  مَرافِق  التّاريخ و الحَداثة فِي العَاصِمَة الرُوسية ,  أخرَجَت أنجِليكا تَنهيدةً تڪادُ من عُمقها تَڪسرُ أضلاعها... و كأن العالم اجمَعه وَاقف بِحلقِها ...مِما جَعل مِن الواقِف جَانبها يُغيِرُ نَظره نَحوها ,   بَدَت باَهتة المَلامِح  تُحدِق في الفَراغ , لم يَكُن صَمتُها خَاويًا ..بَل مَليئا بأسئِلةٍ يَتيمَةٍ لا إجَابات لها
عَلِم مِن الوَهلة الاولى مَا يشغَل تَفكِيرها .. هي لَم تَتقبل الخَسارة التي الحَقت بِها , كانَت النَتيجَة بِمَثابة صَدمةٍ انهَكَت خَلايا عَقلِها .... و عَلِم ايضًا قَدر المَجهودَات التي قَامت بِها فَقط لتَبرئة وَالدها .. لَكِن العَدالة وَاهية فِي بَعض الأحيَان لا يُمكن  للحَياة ان تَمنَحنا دَائما مَا نَسعى الَيهِ, فَليسَت سِوى أُلعوبَةٍ يُبدِع الخُذلان بالتَحكُم فِي خُيوطِها

اطرَق رَأسه للأسفَل قَليلاً , مُفكرا بِحلٍ لإخراجِها مِن ذلَك الجّو الكَئِيب , نَظر اليها بِطُرفة عَين ليُحَمحِم بِخفة  مُحاولا لَفت انتِباهِها

"أَنجَل.."

نَادى اسمها بِنبرَتِه المُميزة التي تَجعَل مِن قَلبِها يَخفِق بِجنُون , لتُعيرَه انتِبهها قَائلةً دُون ان تَنظُر نَحوَه

" امم , مَاذا هُنا؟"

" اِسمَعي هَذه النَصَيحة مِني "

اقتَربَ مِنها ليُديرَها نَحوَه , امسَك بِكتِفَيهَا و اِنحَنى بِجذعِها نَحوَه مُحدِقًا بِعينَيهَا بِعُمق

تَعلمي ان لا تأخذي جُرعة كَبيرة مِن الثِقة..... اتركي مَكاناً  للخَيبة دَائما .... و مَكاَنًا لإستِعابِها ايضًا , حَتى لا تَصطَدمِي بالوَاقع "

رَمشت غَير مُصدَقة لِما قَاله  لتَردف هَازلةً

" او ....و مَتى اصبَح مُكعب الثّلج حَكيمًا هَكذا؟"

ضرَبت كتِفهُ بخِفة لتُكمِل بِنَفسِ النَبرة

" لَستُ بذلِك الغُرُور  لأخذِ جُرعة كَبيرة مِن الثِقة...رَغم إمتِلاكي لِكل مَا يُؤهِلني لذَلِك"

اهي مُتأكدة انها ليسَت بِذلك الغُرور؟ , بَل تَخطت بِما يُسمى الغُرور بِأشواط ,و كَيف لا وَ قَد خُلق الغُرُور لأمثَالها .... سَتضَلُ أجمَل فَتَاةٍ قَابَلهاَ بِنضَرِه ,تمَامًا كمُعجزةٍ ‏أو ظَاهرةٍ كَونيّة ... جَمَال مَلامِحَها
‏لا يَحدث مرّتين  , هُو مُعجبٌ بِـالطريقَةِ الّتي تَتَحول فِيها بِسُهولةٍ من إمراةٍ ذَات كبرياءٍ طَاغي إلى طِفلةٍ تَتخِذ العَفويَة كعُنوان لشَخصيتها  ، الأمرُ كَـقوسٍ لامَس أوتَار قَلبه، ليخلقَ لحناً سَماوياً  ليسَ لهُ مَثيل.

زَينت ابتسامةٌ فاتنةٌ محياه و هَمس تَحتَ انفَاسِه قَائلِا

" اهلاً بعَودتِك"

   ابتَسمَت بِشكلٍ عَفوي لكلامه لتلتفت  بحركة سريعة نَحو جِهة النّهر ..... مَرت باخِرة سياحِية مَليئَة بالرُكاب  لتَلمَح فَتَاة صَغيرَة  تُحاوِل القَاء نَظرة اِلى المِياه مِن الشُرفة الرَئِيسية للبَاخِرة, لَوحَت لَها مِن بَعيد لتُبَادلها الاُخرى بِسَعادة وَ سُرُور ,أرسَلت لَها قُبلةً طَائرة مَليئة بِأطهر و أسمَى انواع الحُب ....  لتُغير انتِباهَها نَحو الوَاقف امَامها و تَقول بِنبرة مُتسَائلة

"  هل سَبق لَك ان جَربتَ الرُكوب  بِبَاخرة سِيَاحية ؟"

حَدق بِها بِتَمعُن ليَجُول بِبَصره عَلى رُمُوشِها السَوداء الكَثيفة ثم انفِها الرَقيق المُحمر  مِن شدة برُودة الجَو نَزل بِعدسَتيه نَحو كَرَزيتَيها البَارِزتين بإغرَاء  ليُشِيح بنَظره  نَافضًا الافكَار التي لا تَمُت البَراءة بِصلة مِن عَقله  , أخرَج سِجارة  مِن جَيبِ  بنِطاَله  ليَضَعها بَين شَفتيه خُوفا مِن أن يُدخن شَفتيها بَدل ذَلك و أردَف بِصوتٍ اجَش 

" لقد كَان ذَلك قَبل سَنتَين "

- "احقا , دَعني اخَمن لقد كَان مَوعِدا غَرامِيا مَع فَتاة ما "

اردفَت هَازلة مُحاولة تَخيُل مُكعب الثّلج  يُغازِل فَتاته بِموعِد رُومنسِي ....مَهلا هِي لَم تَتمَكن حَتى مِن تَخيُل ذَلك كَونه نَرجسي لا يُغازل سوى انعِكاسِه بالمِرآة

ابتَسم ليُون بِجانِبية لتَفكِيرها الساَذج  ثم نَفث دُخَان  سِجارتِه قائِلاً

"  لَم يَكُن مَوعداً مَع فَتاة... بل  مَع رَئيسِ شَركة البَواخِر السِياحيِة شَخصيا "

فَتحت فَاهها  لتَرمُقَه بدَهشة و قالت

"  مُستَحيل ... انت لا تَبدُو كَذلك ابدا"

لم تُكمِل كَلامها حَتى قَاطَعها الاخَر دُون ان يُغير مِن وَضعِيتِه 

" ا لا أملِك هَيئة رَجل أعمَال أَم مَاذا؟

هَزت انجلَيكا رَأسها نَافِية لاعتَقادهِ لتُقَهقِه بِلُطف و تُكمل
" لا ...أقصِد انَك لا تَبدو مِثليًا على الإطلاَق"

استدار نَحوها  بِحركةٍ آلية  و بَقي يُحدقُ بِها بِصدمَة عَارمة تَكاد تَنهشُ خَلايا عَقلهِ الذي لَم يستَنبِط حَرفاً واحدًا من كَلامها

عَقدَت حَاجبها بإستِغراب عَن رَدة فعلهِ التي بَدَت غَريبة نَوعًا مَا,  حَاولت سُؤاله عَن حَاله الا انَها  أحَست بإرتِطام جَسدِها على ذَلك الجِدار الحَجري الخاص بالجِسر , أحَست بإرتباكٍ مُفرط جَعلها تَتجَمد بِمكَانها  , حَاولت  استِجماَع طَاقتِها لتَسألهُ بِنَبرة مُهتَزة

" مالذي تَفعله؟"

سلّل كَفه وَراء عُنقها  , ليَنحَني بِجِذعِه نَحوها مُقربا وَجهَهُ بوَجهِها  ثُم هَمَس قُرب شَفتَيها بِنَهم

" اعتَبريه دَرسا تَطبِيقيًا عَن مُيولي الجِنسي"

مرّر اصَابعه عَلى طُول عَمُودها الفِقري , ليُحاوِط خَصرها بِتَملك  رَمشت الأخرى بِتوَتر كَبير غَزى كيَانها, فَقدت السّيطرة عَلى وَتِيرة تَنفُسها لِيبدَأ صَدرها بالصُعود و الاِنخفاض بِطريقة جُنونِية, ناَهيك عن عَضلاتها التي بَدأت تَتقلص  دُون رَغبَة مِنها

" لقد كنت امز ..."

حَاولت التَفوُه بِشئ ما لكِنَه قَاطع ذَلك بِقُبلة لاذِعة على شَفتيها  ,  ,لتَفتح الاخرَى عَينيها عَلى مَصرَعَيهما بِصدمة  كبيرة ,أسندت قَبضَتيها على صَدره العَضلي قَصد دَفعه للوَراء لَكِنه كَان اقوَى مِن ان تَنجَح بِذلك , كَبل كِلا يَديهَا  بإِحكَام  خَلف ضَهرِها  , وَضَع كَف يِدِه الحُرة عَلى وَجنَتِها  ليُبحِر بِأعمَاق ثغرِها  جَاعِلاً إيَاهَا   تُبادُله بإستِسلاَم و طَواعِية  مُرتَويا مِن عُذوبة نَبيذ شَفتيها
  كُل شئ أصبَح غَامضا للحظَة  هي الان تُقبِل  رَجُلا غَريباً  لا تَعرِفُ عَنه سِوى اسِمِه   وَ بَلدِه الاَصلي ... ضَعُف جَسَدُها لتَأثِيره وَ رّق قَلبها لِلمَسَاتِه  ... شَعرت بنَوع مِن الامَان بَين ثَنَايا صَدرِه وَ كأَنَها مُغتَربٌ عَاد لِوَطنه بَعد سَنواتٍ مِن الغُربَة و الضَياع
انِين طَفيف هَرب مِن ثِغرها بِفعل قَضمِهِ لشَفتِها  السُفليَة, ابتَسَم بِرضى وَسَط القُبلة ليُبعِد رَأسهُ فَاصِلاً ايَاها , نَظر اليهَا بِعينَين ذَابلَتين  ثُّم أردَف بِثِقل وَ هُو يُحاول السّيطَرة عَلى وَتِيرة تَنَفُسِهِ

" بِرّبِك مِن اَي جَنّةٍ  سَقَطتِي؟"

انتَفضَت بشَكل مُفاجِئ لتَدفَعَهُ نَحوَ الوَراء بِتَدَارُك مُشِيحةً بنَظرِهَا بَعيدًا عَن عَينَيه التّي تُذيبُها و تَجعَلُها خَاضِعَةً امَامَه , تَقدَمَت نَحوَ سَيَارةِ المَازِيرَاتي المركونة بالجوار لتردف بنبرة تعبر عن مدى الندم الذي كسى دَواخلها

" ارِيد المُغادَرة"

تَجاهَلت نَظراته الثَاقِبة التّي تَكادُ تختَرقُ مُنحَيات جَسدِها المَمشُوق لتَفتَح البَاب و تَأخذ الكُرسِي الامَامي مَقعدًا لها , اسنَدت رَأسها على النّافِذة الزُجَاجِية  مُحدِقَةً بِخُطوَاتِه الوَاثِقة و هُو يَمشي بإتِجَاهها , لا تَكادُ تُصدِق انَها اثبَتت تَأثِيرهُ عَليها  بَدل ان تَمنعه مِن التَمادي مَعها ..... مالذي يَحدُثُ لها بِحَق الجَحِيم هل باَتت تَتصَرفُ كَمُراهِقة طَائشَةٍ الان؟ , خَرجَت مِن شُرودِها   فَور  شُعورها بِه و هُو يَجلِس على المَقعَد امَامَها , وضَع حِزام الامَام بِهُدُوء بَالِغ دُون ان يُزيح نَظره عَنها  , شَغَل مُحَرِك السّيارة  ليَردِف  بنَبرة باَردة و صَوت اجش

" تفكيرك الساذج.. من أرغمي على فعلها"

أسنَدت نَفسها نَحو الوَراء مُتَصَنعَة البُرود  و أجابت  بنبرة تدُل على الاستهزاء

-" عذرٌ اقبَح مِن ذَنب "

-" لِما تَتصَرفينَ و كَأن القُبلة لَم تَرق لَكِ؟"

بإبتسامة لعُوبة تساَئل  , لتَرمش الاُخرى بإرتباك و تجيب بغضبٍ مُحتَقن , كَيف لا و هو يُحاول الان اللّعب بأوتَارِ اعصَابِها

" و هَل ابدو لك كَشخصٍ قد رَاق لَهُ الامر؟"

غَيّرَ مَسار السِيارة نَحو اليَمين ليَردف و هُو يُبدي كُل تَركيزه بالقِيادة

"لجَسَدِك و طَرِيقَة تَنفُسِكِ رَأي آخَر  ..أنجَل "

احمَرت وِجنَتيهَا خَجلاً و أطرَقَت  بِرَأسِها للأسفَل لتَلتَقِط عينَاها مُشغِل المُوسيقى  ,ضَغطَت على زِرِ التشغِيل بِحَركةٍ سَريعَة , قَصد الهُروب مِن المُحادثة  ليَنتَشِر صَوت امِير الجَاز " باول أنكا " العذب في الارجَاء مُضيفًا جوا رُومنسِياً  و كلاسِيكِيًا يَجعَلُك تُسافِر بالزّمن الى  سَنوَات السِتيناَت

Put your lips next to mine ,dear
Won't you kiss me once , baby ?
Just  a kiss good night, maybe
You and i will fall in love..

بقي يُدندِنُ كَلمَاتها و يُحدِق بالطريق تَارة وَ بِها تاَرة أُخرى ,تِلك التّي لو مَر الاعمَى قُرب عينَاها لا صَار بَصيرًا, و لَو لامَس الشَوكُ كفَها لا صَار حَريرا , بِها تفَاصيل لم يَنتَبه لَها احد الا قَلبِه الذّي يَرقُص في حُضُورها بِجنُون و مُجون

"الى متى سَتظلُ تُحدِق بي هَكذا ؟"

تسَائلت بإقتِضاب ليتَوقف عن القِيادة و يَلتفِت نَحوها, حَدق بِعينها و أجَاب بنَبرة عَميقةٍ مُبَطنة بالهُدوء 

" أنت جَميلة ...... أجمَلُ مِن أن يَتَشوَّه مزاجك لحديثٍ عابرٍ يتسبَّب به كائن مُغفل لا يدرك كم أنتِ جَميلة

حل هدوءٌ شَديدٌ بَينهُما و هُما يُحدِقان بِبَعضِهما البَعض دُون انقِطاع , كَان كَلامُه كَمرهَمٍ سِحرِي علَى الجِراح المُتراكمةِ بِداخلهاَ, اختَار الزّمان بإحتِرافية وَ كأنه عَلى عِلمٍ بِما يَجول بِخَاطرها ,  فالبِرّغمِ مِن صُمودِها اِلا اَن كَلامَ ديمِيتري  قَد غُرِس كالسُّمِ في قَلبِها , هي تُقاوِم قُوةً أثقَل مِنها بِكثِير .... إِعتاَدت التَجرُد من شُعورها و تَصنُع شُعور آخر بإِستمرَار... و في نِهَاية اليَوم يتحول دفعة واحدة على شكل صداع لا يحتمل ... و لأوَل مَرة و مُنذ سِنين عَديدَة اختَفى الصُداع فَقط بجُملةٍ واحِدة مِنهُ .... مَن يَكُون؟ , و لِما ظَهر بحَياتها فَجأة؟... هَل ما يُسَمى بِتوأم الرُوح مَوجود بالفِعل؟

- من تَكون.. ليُون؟"

تَسائلت بِشُرود  دُون ان تُشِيح بِنَضرها عَنه الا انَها تَداركَت في آخِر لحظَة لتُغيِر سُؤالها بإرتِبَاك

" أقصِد ... مالذي تُريده مِني؟"

زّم شَفتيه بتَفكِير ثم ابتَسم بِخفة قَائلا

" مَن أكون؟"

أَومأ بِتفَهُم ثُم اكمَل بِهُدوء

-" أنا العَقارِب التّي تَدُور في سَاعةٍ بلا أرقَام ..... لا يُمكن تَوقعي ولا فَهمي ...أما عن ما اريده افضِل ان اُفصِح عنه في وَقتٍ لاحِق"

-" لا ارِيد الغَوص فِي دَوامَة مِن الغُمُوض اذًا ... ارجو ان لا نَلتقي مُجدَدًا ...."

صرحَت بِلهجةٍ مُنفعِلة هي شَخصِيًا لم تَفهَم سَببها , التفَتت نَحو البَاب قَصدَ فَتحِها و الخُروجِ  الا انَها تَوقَفت عِند شُعورِها بِمَلمسِ اصَابِعه الخَشنة عَلى رُغسِها

" مَاذا هُناك ...؟"

تسائلت , دُون  ان تُغير وضعِيتَها

طَرق مَرتين بأصَابعِه عَلى مِقود السّيارة مُحاوِلا استِجمَاع افكَاره , ثُم اردَف مُشيحًا بِوجهِه للجِهَة الاُخرى

" سَأعود ...لإيطاليا "

التفتَت انجِليكا نَحوه بِحركَةٍ آلية  مُحدِقَة بِه لِوَهلة,  هُو سَيختَفي مِن حَياتِها اخِيرا اليسَ هَذا مَا كَانت تُرِيده؟ , لما شَعرت بِغُصةٍ و ثِقلٍ بِصدرِها فِي تِلك اللحظة؟, تَصنَعت الثَباتَ كعَادتِها و ابتسَمَت بتَكلُف قَائلة

" احَقًا؟ ... انهُ اجمَل خَبر سَمِعتُهُ اليَوم... فالتُرافِقكَ السَلامة"

فتَحَت البَاب بحَركة سَريعة لتَترَجل مِن السّيارة بِهدوء , انحنت بشَكل طَفيف نَحوَه و اضَافت

" شكرا على..."

لم تُكمِل كَلامَها حتى قَاطَعها الاخَر قائلا

انا من يَتوَجبُ عَليه شُكرك ... لقَد كان شُعُورا لا يُقاوَم

فهِمت مَقصدهُ لتَتوَرد وجنَتَاها خَجلاً , أغلَقَت البَاب  بعُنف و قَالت  بلَهجةٍ عَالية وَ هي تُحدِقُ به بإقتِضَاب

"فالتَحتَرِق في الجَحِيم"

رسَم ابتسامةً لعُوبة بثِغرِه مُعلِقا

" ان كَان بجَحِيم عَينَيكِ  ... فَلا مِانِع لَدي"

شَغل مُحركَ السّيارة  قَصدَ مُغَادرَةِ المَكان ليُكمِل آمرا

" أجِيبي عَلى اتِصَالاتي "

قَاد السّيارة الى وِجهَته تاَركاً تِلك الفَاتنَة امَام قَصر ال سُوكولُوف , اخرَج قَهقه خَفيفَة من ثِغرهِ  و هو يُراقِب نَوبة غَضبِها مِن تِلك الِمرآة الصّغيرة التّي تُظهر هَيكَلها بِوضُوح  , أخفَض صَوت مُشَغل الاغَاني قَصد اختِيار اغنِية  تُناسِب ذَوقه الفَني , الى ان وُقَع اختِيَاره عَلى مَقطوعَة النّاي السِحري لنَابغة المُوسيقى بِيتهُوفن
اخذ يَقُود و يُحرك يَده الحُرة بشَكل مُتناسِق مَع المُوسيقى بشَكلٍ يُعبِر عَن حَماسِه
ابتسَم بإنتِصَار  و عَلَق تَحتَ انفَاسِه
ِِ
"‏كل اللّيالي قَابله للنِسيَان إلا هَذه اللّيلة"

~~~~~~~~~~~~~~~~

كَانت السّاعة تُشير الى الثَامِنة مَساءً ,  دَلفت أنجِليكَا ذَلك  القَصر المَلكي لتُهروِل اليها احدَى الخَادِمَات قَصد مُساعَدَتها بالتَخلُص مِن مِعطَف الكَاشمِير خَاصَتِها بَعد ان القَت عَليها التّحية بإحتِرام.... تَراجَعت خُطوةً للخَلف لتَنحَني لَها و تَردف بِنَبرة رَسمِية

" سَيدتي الصّغيرة.. الجَميع بإنتِضارك فِي غُرفة الطَعام"

أومَئَت لَها أنجِليكَا بِتَفهم لتَبتَسِم لَها بِلُطف  ,وَ تَجُر بِخُطوَاتِها  نَحو وِجهَتهَا , فتَحت ذَلِك البَاب الخَشَبي بِهُدوء لتَجِد  الجَميع جَالسِين  عَلى تِلك الطّاوِلة الخَشبِية ,يَتبَادلُون اطرَاف الحَدِيث , تَقَدمَت نَحوَهُم بِخُطُوات ثَابة و أخَذَت الكُرسِي الذّي بِجوَار بِيلا مَقعَدا لَها لتَقُول بِهُدو

" آسفة لجعلكم تنتظرون كثيرا "

" لا بَأس بِذلِك , لقَد  أتَيتِ في الوَقت المُنَاسِب "

أجَاب والدُها بنَبرةِ عطوفة لتَبتَسِم لهُ بإمتِنَان , ثُم اعَادت عَدسَتيها نَحو فيليب لتَجِدُه هَادِئًا عَلى غَير عاَدتِه , استَغربَت مِن ذَلك كَونهُ داَئمًا ما يُبَادِر بالحَدِيث مَعهَا و يَسألَها عَن سَبب تَأخُرِها  , لكِنهُ بَقي صَامِتا يَعبَثُ بشَاشَة هَاتِفه غَير مُهتَمٍ بِمَا يَجُول حَولَهُ
او انَه يَتَظَاهَر بِذَلك

"لا تُفرِطي في العَمل كَثيرًا أنجِليكَا ...... جِدي لنَفسِك رَجُلاً غنِيًا و تَزوَجي ... أذكُر انَني كُنتُ  بِنَفس عمرك تَقريبًا.... عِندَما تَزوجتُ بَعمِك دِيمترِي"

تَحدثَت  إمرَأة صَهبَاء فِي الأربَعِينات  مِن عُمرِها بِلهجَة مُتعاليَة ليُجِيبها دِيميتري قَائلا بإستِهزاء

" وَفري نَصائِحك للشّخصِ المُنَاسب عَزيزَتي ..... فأمثَالها غَير قَادرِين عَلى تَكوين أسرةٍ سَوية ....فَاقدُ الشئ لا يُعطِيه "

قَهقَهت المَدعُوةُ بَاترِيشكاَ بِصُخب  لتَردفَ مُتصنِعةً اللٌطف

" لا تَكن قَاسيًا مَعها هَكذا عَزيزِي ...."

بَلعت أنجِليكَا ما بِجَوفِها مُتجاهِلة ًالكَلام الجَارِح  الذي وَجهَه دِيمترِي اليهَا , اسنَدت كَوعَها عَلى الطاوِلة امَامها و بَقيت تُحدِق بِباترِيشكا بِثَبات
رَسمَت ابتسَامة صَفراء عَلى ثغرِها و قَالت بِنبرة جِدية مُبطنَةٍ بالاستِهزَاء

"أنا مُبهرةٌ بإنجازاتِك و قُدراتِك سَيدة بَاتريشكَا ... لكن للاسَف لا  أملِك القُدرة الكَافية التي تُخوِلُني أن أكُون عشِيقة رجُلٍ مُتزوِج لسَنوَات ...طَمعًا فِي أموَال عائلتِه"  "

وجَهت نَظرهَا نَحو دِيمترِي و أكمَلَت

"أما انتَ فأنصحُك ان لا تَكون وقحًا مَعي، لاني سأكُون أوقَح مِنك ، وسَينتهي بِك الأمرُ تُحرِج نَفسَك امَام الجَمِيع"

شّد دِيمتري عَلى قَبضَتِه بِقُوة مُحاوِلا كَبت غَيضِه ثُم وَجَه كَلامَه الى نِيكُولاَي

-" نِيكُولاَي.. ا لم تُعلِم ابنَتَكَ  ان تَحتَرِم مَن هُم اكبَر منها؟"

-"إحتِرامِي للمُحترم ولَيسَ للأَكبر سِناً فمَثلاً لنَفتَرِض أنَك كبير وتُحب أن تُعرض نَفسك للإهَانة هَل سَأمنعُك أنا مثلاً ؟!."

أجابت أنجليكا بنبرة باردة, ليضرب نيكولاي كفه على الطاولة قائلة بلهجة تعبر عن سخطه

" دعونا نتناول العشاء كعائلة ..... فقط لمرة واحدة!"

صَمت الجَميع  دُفعَةً وَاحدَة , لتَلتَفِت أنجِليكا نَحو بِيلا قَصد سُؤالها عَن يَومِها لكِنها تَوقَفَت لِوهلة فَور رُؤيَة شُرودِها و كَأنها فِي عَالم بعيد عن عَالمِنا  ... قَطبَت حَاجبَيها بإستِغرَاب  وَ هَمسَت بِنبرة مُتسَائِلة

" بِيلا.... هَل انتِ بِخَير؟"

اِنتَفضَت بِيلا مِن مَكانها  لتُجِيب بِتَدارُك

" اه..؟ أجَل و لِما قَد لا اكُون كَذلِك"

ابتَسمَت لها بِلُطفٍ و اكمَلت , مُحاوِلةً التَهرُب مِن كّم الاسئِلة التّي سَتنهَالُ عَليهَا

" لما تأخرتي؟ ... لقد حَاول فِيليب الاتِصَال بِك ... لكنَ هاتفك مُغلق!"

باتَت الان تَفهم سَبب تَجاهُلهِ لها ... القَت نَظرةً خَاطفَة عَليه لتَجِدهُ يُشِيح بِوَجهِه بَعِيداً عَنها .... كَان يَستَغِل تَركِزَيها مَع بِيلا ليُحَدِق بِتَفَاصِيل وَجهِها التي تُذيبه عشقا و غَرامًا... ففكرة انَها كاَنَت بِرفقَة رَجلٍ غَيره تَجعله يشتَعل غَيرةً وَ يمُوت قَهرا مِن تَصُرفاتِها ... طَريقَة اقترَابِه مِنها  و اِمسَاكه بِيدِها عِند أخذِها نَحو السيّارة,  تَقُودُه للجُنُون
حَاولت أنجِليكا المُبادرة بالكَلام الا انَها تَراجعَت عَن ذَلك عندَما اَمر نيِكُولاي الخَادمَة بإحضَار الطَعام
لم تمُر ثَواني عدِيدة ,حَتى دَخل الخَدم بأطبَاق مُتنوِعة مِن جَميع اصنَاف المَؤكُولَات

شَرع الجَميع بتَناَوُل عَشائِهم بِهُدوء  الى اَن تَحَدث نِيكُولاي  كاسِرا حِاجِز الصّمت الذي كَان يَسُود المَكَان قائِلا
" بِما أننا مُجتَمعُون اليَوم ... يُسرُني  ان أُعلِن خَبرا ... سَارًا للجَميع "

-هَل تفُكر بِالزوَاج... مَرةً أُخرَى؟"

عَلق دِيمِيترِي و هُو يَقطَع شَريحَة الستَاك بِطريقَة مَلكِيَة , وضَع قِطعةً صغِيرَةً بفَمِه ليبدَأ بمَضغِها و نَظر نَحو نِيكُولاَي مُترَقِبا اجَابَتَهُ

التَقَط نِيكُولاَي كَأس النّبيذَ , ليرتَشِف مِنهُ القَليل   , جَال بعَينيه عَلى الجميع و صّرح بِنبرةٍ تُوحي بِالجِدية

" لقد طَلب فِيلِيب يَد أنجِليكَا... للزَواج  "

~~~~~~~~

يتبع...

فيجو ال كابوني

  لورا دي ماريا

كارلوس ال كابوني

Continue Reading

You'll Also Like

21K 660 52
"بعض الخسّاير الله يامكبر ارباحها " مُعرفتي الثانية : البطله نجود - البطل مجاهد نجود بعد ماتخرجت من الثانوي اختفى ابوها اختفاء غريب لدرجة حتى اخوه ما...
29.9K 420 3
في عالم الإنحطاط والإفراط هذا، حيث ينطمس الخط الفاصل بين الخطيئة والمتعة. حيث تتقاطع القوة والخطر في رقصة رقيقة. ينخرط الإثنين في رقصة خطيرة من الإغر...
44.1K 530 81
مجموعه من افضل الروايات اللي ممكن تقرأوها
680 71 15
يستطيع سماع صوت تحطم جوهرته النادرة، التي لا وجود لصمغ يستطيع اعادتها واصلاحها... ولكن هناك مايستطيع اصلاح قلبه المحطم حتى وان كان على حساب ان يُشوه...