تمرد أسيرة القصر (كاملـــــــ...

By yasmen1838458

230K 5.5K 262

رواية رومانسية إجتماعية تحمل التشويق و الإثارة More

الفصل الأول
المقدمة
الفصل الثالث
الفصل الثاني
الفصل السابع
الفصل التاسع
الفصل الحادى عشر
الفصل الرابع
الفصل الثالث عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل السادس
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الثامن
الفصل الواحد و العشرون
الفصل الثاني و العشرون
الفصل الثالث و العشرون
الفصل العاشر
الفصل الرابع و العشرون
الفصل الخامس و العشرون
الفصل السادس و العشرون
الفصل الثاني عشر
الفصل السابع و العشرون
الفصل الثامن و العشرون
الفصل الأخير
الفصل الثامن
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل التاسع

الفصل الخامس

7K 189 5
By yasmen1838458

طوال طريقها الطويل ظلت تتابعه بشغف و فجأة إختفت تلك المبانى العالية و الفخمة و حلت مكانها مبانى صغيرة أو قديمة بعض الشئ و إختلف مظهر البشر من الثراء و الراحة للفقر و العناء ....
توقف سائق السيارة و أشار لها بيده قائلا :
_ شايفة الطريق ده يا آنسة ...... هتمشى فيه شوية هتبقى جوة الحارة .
عقدت حاجبيها و سألته بتعجب :
_ ممكن حضرتك تدخل بالعربية و توصلنى .
هز رأسه نافيا و قال بإعتذار :
_ آسف بس التاكسى مش بيدخل جوة الطرق المكسرة والضيقة دى .
أومأت برأسها و شكرته و أعطته مبلغا ماليا و ترجلت من السيارة .. فوقعت عيناها على قصر كبير فى الضفة الثانية من الطريق .. وقفت تتأمله و قد شعرت بإنقباض فى قلبها فور رؤيته و كأنها رأته من قبل .. تلاحمت صور مبهمة أمام عيناها لم تستطع تفسيرها و قد دب بداخلها رعبا إمتلكها .. رغم فخامة القصر و جماله لكن شعورها بالضيق جعلها تبتعد بعينيها عنه تطالع تلك المبانى القديمة و الطرق الجانبية الضيقة و كأن ذلك القصر قد هبط من السماء على هذه المنطقة الشعبية ....
أولته ظهرها و عبرت الطريق ... ولجت للطريق المؤدى للحارة بقلق و لكن شغفها غلبها و هى تتطلع حولها كسائح ..... عاد إليها القلق مع نظرات الجميع و التى تتبعها فى صمت ... تجاهلتهم و هى تحاول عصر عقلها لتتذكر أى شئ حتى رأت رجلا كبيرا يجلس أمام أحد المحلات فإقتربت منه و قالت بأدب :
_ السلام عليكم .
أجابها الرجل بإبتسامة هادئة :
_ و عليكم السلام .
إبتسمت غزل على إبتسامته و سألته بتوجس :
_ لو سمحت كنت عاوزة أسأل على بيت واحدة ست كبيرة ساكنة هنا و إسمها الحاجة رأفة .
أومأ الرجل برأسه مؤكدا و قال :
_ طبعا عارف الحاجة رأفة .. هخلى حد من الولاد يوصلك .
و صاح بأحد الأطفال و الذين كانوا يلعبون كرة القدم بجدية لا تتناسب مع أنهم يلعبونها بالطريق ...
أوقف الطفل الجميع بيديه و إقترب منهم مشدوها بجمال غزل .. فطلب منه الرجل آمرا :
_ وصل الآنسة دى لبيت الحاجة رأفة بسرعة .
تطلع إليها الطفل بإعجاب إرتسم على وجهه فى شكل إبتسامة بلهاء .. وقال بغمزة من عيناه :
_ إتفضلى معايا يا موزة .
رفعت غزل حاجبيها متعجبة من طريقته .. ثم حركت كتفيها بحيرة و سارت بجواره ... و بعد قليل رأت منزل جدتها من بعيد و التى تذكرته على الفور ... إبتسمت بشوق و هو يتضح أكثر كلما إقتربت منه ....
وقف الطفل أمامها و قال بمداعبة :
_ هستناكى هنا علشان لو حبيتى ترجعى من مكان ما جيتى يا قمر .
أجابته بشرود و هى هائمة بذلك المنزل القديم :
_ مافيش داعى .
_ لأ إزاى .. ده أنا موقف الماتش علشان عيونك الزرقا دى .
إبتسمت غزل و مالت عليه قائلة و هى تقرص و جنته :
_ شكرا يا عسل .
تنهد مطولا و قال بهيام :
_ و لما أنا عسل إنتى إيه ...... إنتى حلوة قوى .
زادت ضحكات غزل على كلماته و بعثرت شعراته بكفها و تركته و دلفت للبناية ... صعدت الدرج و دقات قلبها ترتفع كلما إرتفعت درجة حتى وقفت أمام باب الشقة .....
تنفست مطولا و زفرته مرة واحدة و طرقته .... بعد قليل أتاها صوت فتاة رقيق من خلفه قائلا :
_ مين ؟!
أجابتها غزل بقلق :
_ مش ده بيت الحاجة رأفة .
فتحت ليال الباب و تطلعت لهيئة غزل و سألتها بفضول :
_ أيوة هو البيت ... إنتى مين ؟!
إبتسمت غزل و هى تطالع تلك العيون العسلية و الصافية و التى لم تغيرها السنين سوى أنها زادتها جمالا و بهاءً .... فتنهدت براحة و قالت :
_ مش مصدقة إنى شوفتك تانى يا ليال .
قطبت ليال حاجبيها و قد زادت دهشتها و قلقها ... فسألتها بتوجس :
_ إنتى تعرفينى منين .... أنا أول مرة أشوفك .
أومأت غزل برأسها متفهمة و قالت و قد بهتت إبتسامتها :
_ فعلا ... بقالنا عشرين سنة ما شوفناش بعض ليكى حق ما تعرفنيش .
عشرين سنة .... قطبت ليال جبينها ثم إتسعت عيناها و إرتفع حاجبيها و رفعت كفها على فمها بصدمة و قد تجمعت بعض العبرات بعينيها و قالت بصوت متحشرج متعمقة فى بحر عينى غزل :
_ غزل !!!!
هزت غزل رأسها و قالت برقة :
_ وحشتينى جدا يا ليال .
إجتذبتها ليال لحضنها و ضمتها بقوة قائلة بدموعها :
_ إنتى اللى وحشتينى يا غزل ..... دى تيتة كانت هتتجنن عليكى .
ربما تعجبت فى البداية من مشاعر ليال القوية و لكن دفء ضمتها جعلها تشعر بإطمئنان غريب إفتقدته لسنوات طويلة ... ملست على ظهرها برقة و قالت :
_ خلاص يا بنتى بطلى تعيطى .
أجابتها ليال بصوت مكتوم من إثر ضمتها القوية :
_ إنتى وحشانى قوى .
هزت غزل رأسها بيأس و قالت :
_ و الله و إنتوا كمان و حشتونى .
إبتعدت ليال عنها قليلا و قالت و هى تكفف عبراتها :
_ إتفضلى إدخلى .. تعالى يا غزل .
أتاهم صوتا حنونا يسأل بتعجب :
_ مين اللى جه يا ليال ؟!
إلتفت غزل برأسها ناحية ذلك الصوت الدافئ متطلعة بغرفة جدتها و قد سرى بجسدها تيار بارد جعل قلبها يرتجف بشوق ... إبتسمت ليال و قالت بصوت عالى :
_ دى ضيفة يا تيتة و جاية تشوفك .
أجابتها رأفة بترحاب :
_ خليها تتفضل يا بنتى .
إقتربت ليال من غزل و قالت هامسة :
_ ما تقوليش إنتى مين و شوفيها هتعرفك و لا لأ .
أومأت غزل برأسها فجذبتها ليال من يدها و ولجت بها لغرفة رأفة ...... توقفت أنفاس غزل و هى تتطلع إليها تشبع عيناها برؤيتها .... لقد هرمت كثيرا و أصبحت جليسة الفراش و لكن كل ذلك لم يؤثر بجمالها و الحنان المطل من عينيها ....
إبتلعت ريقها بتوتر و هى تطالعها بقوة ... بينما إكتفت رأفة بالصمت سابحة بعينيها على تلك الملامح التى طالما ما رأتها بمرآتها قديما ... شبه غريب بينها فى شبابها و بين تلك الفتاة الواقفة أمامها و لتزداد دهشة ... نفس لون العينين النادر ....
إبتسمت ليال و هى تتابع حوارهم الصامت و قالت قاطعة لتلك الحالة و التى ربما تمتد لفترة أطول :
_ مش هتسلمى على الضيفة يا تيتة .
أشارت رأفة بيدها على الفراش بجوارها تربت عليه بكفها المجعد قائلة بصعوبة :
_ تعالى جنبى يا حبيبتى .
إقتربت غزل منها بخطوات خفيفة كأنها طائرة لا تلامس الأرضية بقدميها و جلست بجوارها مستنشقة تلك الرائحة العذبة لها .. فسألتها رأفة بتوتر :
_ إنتى مين ؟!!!
لم تستطع الرد و كأن شفتيها قد إلتصقتا و جف حلقها .... طالت بينهما النظرات فحركت رأفة مقلتيها بجوارها و حملت صورة لحفيدتها صاحبة العيون الفيروزية و حملتها .. لقد عادت صغيرتها و التى عمرها بتلك الصورة خمس سنوات فقط .... سقطت دموعها على الصورة و هى تقول بوهن :
_ ما فاتش يوم عليا نسيتك فيه يا غزل .... كنت بتخيلك دايما و برسملك صورة جوايا .... بس ما كنتش عارفة إنك هتبقى حلوة قوى كده .
مسحت غزل دمعة فرت من عينها و قالت :
_ و أنا كمان كنت بفكر فيكى دايما .
رفعت رأفة عيناها عن الصورة تطالع الأصل ... فأردفت غزل قائلة بقوة :
_ وحشتينى قوى .
مررت رأفة كفها المرتعش على وجه غزل و هى تتأملها بشوق .... فعقدت ليال ذراعيها و قالت بصوت مختنق :
_ هتخلونى أعيط ... إيه هو إنتوا مش هتحضنوا بعض .

رغم حالة السعادة التى ملأتها إلا أنها مازالت خائفة من أن يكون ما تمر به الآن مجرد حلم .. و لكن ملمس أنامل جدتها على بشرة وجهها أخبرتها أنها تحيا واقعا جديدا .. دافئا ...... لم تشعر غزل بنفسها و هى ترتمى فى حضن جدتها كما كانت تفعل سابقا .. للحظة عادت تلك الطفلة الصغيرة و البريئة و التى لم تلوثها الأيام و الظروف و تنهدت مطولا و قالت من أعماق روحها :
_ ياااه يا تيتة .. ماحستش بالراحة دى من زمان قوى .. وحشتينى .. وحشتينى جدا .
ربتت رأفة على ظهرها بحنان و قالت من بين دموعها :
_ إنتى وحشتينى أكتر يا حبيبتى .
و أبعدتها عنها قليلا و سألتها بتوجس :
_ إنتى خلاص رجعتى مصر على طول و رجعتى لحضنى و لا هترجعى تسافرى تانى .
إنحنت غزل و قبلت كفها و أجابتها بإبتسامة مرحة :
_ لأ رجعت على طول و هزهقك منى .
زفرت رأفة براحة إرتسمت على ملامحهاو التى تبدو لمن يراها أنه إنتقص من عمرها العشرون عاما التى إبتعدتهم غزل و أمها عنها ... إبتسمت بهدوء و سألتها بتلهف :
_ الحمد لله .. علاء فين هو مش رجع معاكى نفسى أشوفه .
قطبت غزل جبينها و علت ملامحها بداية حزن و قالت بفتور :
_ لأ .... أنا جيت لواحدى .
صفعت الجدة صدرها و شهقت بقوة قائلة بتعجب :
_ ياااالهوى .... جيتى لواحدك من بلاد بره ... و أبوكى و أخوكى ما خافوش عليكى .
تنهدت غزل بألم و طأطأت رأسها متطلعة بالأرضية و قالت بإنكسار :
_ أنا هربت منهم أصلا .. و مش هرجع ليهم تانى مهما حصل .
جلست ليال بجوارها و سألتها بدهشة :
_ هربتى !!!! ليه يا غزل إحكيلنا كل حاجة .
إعتدلت فى جلستها و قصت عليهم كل شئ من تعامل الجميع معها بعنصرية لمجرد أنها محجبة .. و خطة علاء لإنقاذ مستقبلهم المادى ببيعها لأحد رجال الأعمال رغما عنها .... و هربها ليلة زواجها و أخيرا بعد وصولها طمع عمها بحقها و الذى إستاء من عودتها و طلبها المُلح لإسترداد شقتها و محلها ... كل هذا و قد سقط منها الحديث عن والدتها ... أو بالمعنى الأدق هى تعمدت إسقاطه حتى لا تقتل جدتها بيدها و التى تمسكت بها كآخر ذكرى من إبنتها .. حور .....
إحتضنتها رأفة مجددا و قالت بإشفاق على ما مرت به حفيدتها :
_ يا حبيبة قلبى ... ما تخافيش من حاجة .. دلوقتى إنتى معايا و أنا مش هسمح لحد يأذيكى إنتى روحى شقة عمك هاتى حاجتك و تعالى عيشى معايا هنا .... مفهوم .
أومأت غزل برأسها و تمسكت بها أكثر و قالت بإرتياح :
_ حاضر يا تيتة .... فوق ما تتخيلى أنا مرتاحة دلوقتى إزاى .. ربنا بيحبنى إنى لقتكم .
وقفت ليال و صفقت بفرحة و نزعت حجابها و نثرت شعراتها الذهبية و قالت بحماس :
_ أخيرا لقيت حد أقعد و أتكلم معاه .. أنا مبسوطة قوى إنك هاتيجى تعيشى معانا .
إبتعدت غزل عن جدتها و سألتها بتعجب :
_ ليه هى أختك اااا ... إسمها إيه دى فين ؟!
أجابتها ليال بضيق :
_ قصدك ميناس ..... لا دى إتجوزت و عايشة مع جوزها .
وقفت غزل بحدة و هزت رأسها تستوعب ما سمعته و سألتها بدهشة :
_ إتجوزت إزاى .... هى عندها كام سنة دى أصغر واحدة فينا .
تنهدت ليال بأسى و أجابتها بعبوس :
_ متجوزة من سنة و هى يا حبيبتى دلوقتى عندها عشرين سنة و لما هتشوفيها هتلاقيها ملاك فى شكل بنت .
حملت غزل حقيبة يدها و قالت بعصبية :
_ لا ... ده أنا أروح أجيب الباج بتاعتى من عند عمى و أرجع على طول .. ده إنتوا وراكوا حكايات و رويات ... مش هتأخر عليكى يا تيتة .
جذبتها رأفة من كفها و قالت بخوف :
_ لأ .. ما تمشيش .
إنحنت غزل ناحيتها و قبلت وجنتها مطولا و قالت بمداعبة :
_ صدقينى مش هتأخر عليكى .
أجابتها رأفة و هى متمسكة بكفها بقلق :
_ هستناكى يا حبيبة قلبى ..... خدى رقم ليال علشان أكلمك كل شوية أطمن عليكى لغاية ما ترجعى .
إبتسمت غزل إبتسامة متسعة و قالت بهدوء :
_ حاضر .... هحاول ما أتأخرش ... هتوحشونى الشوية دول ... سلام .
و خرجت من الغرفة تبعتها ليال التى سجلت رقم هاتفها و قبلتها و تركتها و خرجت تشع سعادة و فرحة و إبتسامتها زادتها جمالا ......

ما أن خرجت حتى وجدت ذلك الطفل الذى أوصلها ينتظرها جالسا على أحد الأرصفة .... حرك رأسه قليلا فرأى غزل تتقدم نحوه فوقف مسرعا و قال بفرحة :
_ إيه يا قمر محتاجة مساعدة .
ضحكت ضحكة عالية و قالت بمداعبة :
_ بصراحة أيوة .... ممكن تخلينى أوصل للطريق الرئيسى اللى جيت منه ... عاوزة أركب تاكسى .
أشار إليها بيده قائلا :
_ إتفضلى قدامى و أنا هوصلك ....... بس بشرط .
نثرت شعراته الطويلة و قالت بتوجس :
_ شرط إيه بقا .
_ ترجعى تانى .... بصراحة أنا حبيتك قوى .
سارت بجواره و قالت بحب :
_ و أنا كمان حبيتك جدا .... و هرجعلك تانى مش هتأخر عليك .... تمام .
تنهد مطولا و هو يسير بظهره مقابلا لها يطالعها بوله ثم قال بخفوت :
_ تمام يا موزتى .
خرجت غزل على الطريق تبحث عن سيارة أجرة .. فإستوقفها ذالك القصر مجددا ... و لكن هذه المرة إتضحت لها الخيالات المرتبطة به و رأت نفسها طفلة تركض ناحيته ... ثم تجهمت الرؤية مجددا و لكنها إستمعت لصوت صراخها و تذكرته ... فمسدت جبهتها المتألمة ...
لاحظ الصغير عبوسها و ضيقها فسألها بقلق :
_ إنتى كويسة ؟!!!
نفضت تلك الأفكار و الأصوات من رأسها و أجابته بإبتسامة مرتجفة :
_ أيوة كويسة .. شكرا .
و أشارت بيدها لسيارة توقفت على الفور ... فأشارت للصغير بيدها مودعة و إستقلتها و إنطلقت بها .

وقفت ميناس فى مطبخ القصر الواسع تتابع تحضيرات زيارة مهاب إليهم بسعادة .. فذلك الصغير يمثل شئ كبير بحياتها ... لأن حمزة يتبدل فور رؤيته و يتحول لصغير مثله و يتخلى عن الوحش الذى بداخله و يترك كل أسلحته على جانب ... فهتفت قائلة بقلق :
_ بودينج الشوكولا جاهز .
أجابتها نشوى بإيجاب قائلة :
_ أيوة يا هانم جهز .. و السوفليه كمان جهز و سخن .
تنفست ميناس براحة و إبتسمت بشدة فظهرت غمازتيها و هى تلتفت برأسا مستمعة لصوت جرس الباب ... فأشارت لنشوى التى تحركت لفتح الباب و أوقفتها قائلة :
_ خليكى أنا هفتح .
و خرجت مسرعة و فتحت الباب الذى إندفع منه مهاب و إرتمى بحضنها الذى إستقبله بسعادة وترحاب قائلا بفرحة :
_ وحشتينى يا مينو ...... وحشتينى قوى .
قبلته ميناس فى وجنته مطولا و قالت بإبتسامتها الهادئة :
_ إنت كمان وحشتنى يا حبيبى .
إقترب منهم حمزة محركا كرسيه و زم شفتيه بضيق قائلا بلوم :
_ و أنا ماوحشتكش .
إبتعد مهاب عن ميناس و ركض ناحية عمه الذى حمله و أجلسه على ساقيه .. فإحتضنه مهاب قائلا بمشاغبة :
_ وحشتنى قوى يا صاحبى ... بس ميناس وحشتنى أكتر .
صفعه حمزة على رأسه برقة وقال بسخط :
_ إنت هتعاكس مراتى قدامى ياض .
شهقت ميناس بخفوت .. فسماعها لكلمة زوجتى منه جعل قلبها ينتفض بقوة ... هل يراها حقا زوجته ... هل تحتل ولو جزء بسيط من حياته كونها زوجته ... إنتبه رامى لشرودها فإقترب منها قائلا بتعجب :
_ أخبارك إيه يا ميناس .
إنتفضت فى مكانها مذعورة لأنها لم تنتبه لدلوف رامى فهذا الجالس على مقعده يسلبها رشدها فتبدو للجميع بلهاء .. إبتسمت بخفوت و أجابته :
_ الحمد لله كويسة .
مرر عينيه على وجهها و قال بجدية :
_ شكلك النهاردة أحسن هو نسى يضربك و لا إيه .
تطلعت ميناس بحمزة و الذى يداعب مهاب و يدغدغه و تنهدت مطولا و قالت :
_ بس طيب و الله .
رفع رامى طرف شفتيه بإمتعاض و مطهما قائلا بتبرم :
_ طيب !!! طيب يا أختى و ماله .. براحتك .
إقترب رامى من حمزة و ضرب كفيه ببعضهما متعجبا و قال ساخرا :
_ هو أنا كل مرة أشوفك يا حمزة ألاقيك عامل فورمة شعر جديدة .... مرة ديل حصان و مرة بندانة .... صحيح الفاضى يعمل شعره .
رفع حمزة حاجبه بضيق و قال بغضب :
_ هو إنت مش جبت مهاب ورينا جمال قفاك و إختفى .
ضحك مهاب ضحكة عالية ... فعض رامى على شفته السفلى و قال بقوة :
_ بتضحك يا إبن العوو ماشى يا مهاب تمامك عندى قل .
قفز مهاب من على ساقى حمزة و ركض ناحيته قائلا لإضحاكه :
_ ما تزعلش يا عم الناس .... أنا ماكنتش بضحك أنا كنت بريح بوقى بس .
دخل الجميع فى نوبة ضحك على مزحته .. فتطلع حمزة ناحية ميناس المبتسمة بتلقائية .. كانت أجمل من أن توصف بعدما ظهرت غمازتيها الرقيقة .... ثم أشاح ببصره عنها كى لا تلحظ تأمله لها ... حمل رامى مهاب و قبله فى وجنته و قال برجاء :
_ أبوس إيدك يا هوبا يا حبيبى إوعى تتكلم كده قدام أبوك ... لهيعلقنى أنا و عمك حمزة على باب الحارة .
أطرق مهاب بأنامله على وجنته متصنعا التفكير و قال بقوة :
_ هدورها فى دماغى و أحاول أسيطر على لسانى.
صفع حمزة كفيه ببعضهما و قا بتعجب:
_ ياض ده إنت عندك خمس سنين بس و محسسنى إنك راجل زينا .
أجابه مهاب بضيق و هو عابسا :
_ أنا راجل من ضهر راجل من ضهر راجل ... و مخاصمكم .
ثم تململ بجسده حتى أنزله رامى على قدميه فسار ناحية ميناس و جذبها ورائه قائلا :
_ تعالى يا مينو عندى ليكى سيكرت من لولو و مش عاوزهم يسمعوه .
صاح به حمزة بغضب :
إنت ساحبها وراك و أخدها فين .... هو أنا كيس جوافة قدامك .
إلتفت إليه مهاب و قال ببرائة غاضبة :
_ لو سمحت خليك فى حالك .
ثم رفع سبابته ناحية رامى وقال له بنبرة آمرة :
_ رامى تحفظ عليه لغاية ما أرجع .
ضحك الجميع عليه بينما قال له رامى من بين ضحكاته :
_ تمام بس بسرعة ماتتأخرش .
مرر حمزة أنامله فى شعراته الطويلة وقال بإبتسامة باهتة :
_ الواد ده ضحكة العيلة كلها .... بس لو كبر و عرف إنى كنت السبب فى موت أمه هيسامحنى .
قطع رامى حالته الحزينة و قال مسرعا :
_ بقولك إيه الحادثة دى كانت قدر .... فا متحملش نفسك الذنب ده عمرها و كويس إن مهاب طلع من الحادثة دى كويس .
أجابه حمزة بأسى و هو مطأطأ رأسه بخزى :
_ لأ ... أنا السبب لولا الزفت اللى كنت شاربه ... ما كنش حصل حاجة .... ربنا يسامحنى .

جلس مهاب بجوار ميناس على فراشها و قال هامسا :
_ هاتى بوسة بسرعة يا مينو .
ضحكت ميناس وقالت بمداعبة :
_ هات بوسة إنت الأول و باعدين هات بوسة ليال .
أعطاها قبلتين على وجنتيها و قال :
_ هاتى بوستى بقا .
إقتربت منه و أعطته قبلة فى وجنته و قالت بتلهف :
_ قولى بقا أخبار تيتة رأفة و ليال إيه ... هما كويسين .
_ كويسين الحمد لله و إنتى وحشاهم جدا .
رغم حالة الحزن التى إمتلكتها من شوقها لرؤية جدتها و أختها إلا أنها إبتسمت برقة و أعطت حقيبة بلاستيكية مليئة بالحلويات لمهاب الذى لمعت عيناه و قفز بسعادة قائلا :
_ حبيبتى يا مينو ... إنتى أصلى .
قرصت وجنتيه بأناملها و قالت بمعاتبة :
_ مش هتبطل طريقتك دى فى الكلام ... ده إنت دراستك إنجلش .
_ أهه كده شوية و كده شوية ...... لما أروح أقعد مع حمزة شوية عاوز أرقص معاه زى كل مرة .
حمل حقيبة حلوياته و ركض ناحية حمزة و قال له برجاء :
_ حمزة شغل أغنية شعبى نرقص عليها سوا .
أدى حمزة التحية العسكرية و قال بمرح :
_ إنت تؤمر يا مريسة و كلنا تحت أمرك .
أخرج حمزة هاتفه و عبث به قليلا فإنطلقت النغمات الصاخبة منه .... فرقص مهاب على أنغامها شاركه حمزة محركا كرسيه يمينا و يسارا وصوت ضحكاتهم ملأ هذا القصر الكئيب .....
عقدت ميناس ذراعيها و وقفت بجوارها رامى يتطلعان بسعادة حمزة و التى ترافق وجود مهاب بجواره دائما كأنه الشمس التى تشرق معها إبتسامته ........

إجتمعت أسرتهم جميعا لإيجاد حل مع تلك الغازية المتطفلة و التى عادت لغلق صنبور الأموال المتدفقة نحوهم من إيجار شقتها و المحل و الذين حولوه لمرآب لصف السيارات به ....
إقتربت هناء من جمعهم حاملة طبق يحوى ثمار الموز و وضعته على الطاولة أمامهم و قالت مؤكدة :
_ صدقونى هى قالتلى إنها حولت كل فلوسها من بره لبنك هنا فى مصر .... صدقتونى لما قولتلكم البت دى مش سهلة .
قضمت بسمة أظافرها بغضب و قالت بإمتعاض :
_ لأ و كانت بتشتغل هناك دكتورة و جراحة كمان .
لمعت عينى عونى بطمع منفر و قال منتشيا بسعادة :
_ يعنى معاها فلوس كتير .... ده هناك أى عملية بمبلغ و قدره و كله بالدولار ... يعنى أكيد نايمة على خميرة كبيرة .
وقف إسلام منتصبا و قال بنبرة لئيمة :
_ قشطة جدا .... أتجوزها بقا و أهه نصيبها و فلوسها يبقوا تحت إيدينا و تبطل تتكلم فى شقتها و المحل .
حك عونى ذقنه و هو يفكر بكلمات إسلام ... نعم معه حق فتلك الدجاجة التى تبيض ذهباً يجب ألا تخرج من محيطهم فلو عملت بإحدى المستشفيات الخاصة سيكون راتبها مبلغا كبيرا .... فدكتورة مثلها تعلمت بأميريكا و عملت هناك ستجد عملا مهما فى فترة قياسية .....
وخزته هناء بذراعه و قالت لتنبيهه :
_ إنت سرحت فى إيه ... خليك معانا إيه رأيك فى اللى قاله إسلام .
إنتبهوا جميعا على طرق بباب شقتهم ... فإعتدل عونى بجلسته و قال هامسا :
_ دى أكيد غزل .... عاوزكم تعاملوها كويس لغاية ما نلاقى حل معاها ... تمام .
وقفت بسمة متثاقلة و فتحت باب شقتهم لتتفاجأ بحسام أمامها ... ربما تتسائلون و لم التعجب هذا لأنه يعمل بمحافظة أخرى و يأتى يوما واحدا بالإسبوع لرؤية أسرته و طبعا بسمة ... خرجت من تعجبها قائلة :
_ حسام !!!!
أجابها مسرعا لقطع حالة التعجب التى إرتسمت على وجهها بوضوح قائلا بإبتسامة هادئة :
_ أخدت أجازة من الشغل كام يوم فاقولت أجى أزوركم .
أتاها صوت والدها قائلا بتساؤل من تأخرها :
_ مين اللى جه يا بسمة ؟!
إلتفتت برأسها و قالت بجمود :
_ ده حسام يا بابا .
وقف عونى مسرعا لإستقباله و قال بإبتسامة ودودة مرحبا به :
_ خليه يتفضل يا بنتى .... يا أهلا يا حسام نورت .
و كعادة حسام يأتى دائما محمل بالهدايا و الحلويات التى يرضى بهم طمعهم به ... و وضعهم على الطاولة و صافح الجميع و عينيه تمسح المكان من حولهم بحثا عن مقصد زيارته و التى أرهقه شوقه لرؤيتها رغما عنه ..... صاحبته عيناها فى عمله و إستراحته و غفوته .... لم تتركه لحظة واحدة و كأنها سحرته .....
كانت بسمة تشتعل بحقد و هى ترى نظراته و حزنه العميق فور علمه بأن غزل ليست بالمنزل ... إستمرت جلستهم لساعة تقريبا حتى عادت غزل ....
فتحت لها بسمة الباب و عينيها لا تفارق وجه حسام لإلتقاط ردة فعله و بالفعل فور رؤيته لها إبتسمت شفتيه و إرتاحت ملامحه .... تنهدت بغضب بعدما تأكد حدسها فتلك المشعوذة أسرت حبيبها ....
إقتربت غزل من الجميع و قالت بإبتسامة مرحة :
_ السلام عليكم .
أجابها الجميع بهدوء :
_ وعليكم السلام .
و لكن لهفة إسلام و حسام كانت واضحة للعيان .... إنتبهت غزل لوجود حسام و نظراته المشتاقة إليها و الطائفة عليها بجرأة .... فقررت إضافة آخر لمساتها قبل الرحيل لتقصف آخر ما تبقى بينه و بين بسمة و التى تجرأت و تحدتها ...
وقفت غزل أمام حسام و تطلعت به قليلا قبل أن تمد يدها نحوه قائلة ببحتها و التى لا تظهر إلا إذا أرادت هى إرضاخ أحدهم :
_ إزيك يا حسام ..... أخبارك إيه .
إبتلع ريقه يجلى به حلقه الجاف و مد يده ببطء ناحية كفها و التى ما أن لمسها حتى سارت بجسده شحناتها الكهربائية و التى وصلت لقلبه مباشرة فجعلته يقصف بعنف لم يعدهه مع سواها ...
إبتسم بشغف و أجابها قائلا :
_ أنا كويس الحمد لله ... إنتى أخبارك إيه ؟!
سحبت كفها من بين راحته و قالت برقة :
_ I am fine thanks .
كانت بسمة تقف بينهما و كأنها شجرة تظللهما .. و تتابع نظراتهما و حوارهم البغيض .. شعرت فجأة بتدفق الدماء لرأسها و صوت صفير عالى يدوى بأذنيها التى تقدح شرارا من غيظها فوخزت حسام بذراعه بالقوة و قالت بإبتسامة صفراء :
_ تشرب إيه يا حبيبى .
إمتعض وجه حسام و هو يخرج من تلك الهالة التى جمعته مع غزل فى لحظات هى أسعد لحظات حياته بلا مبالغة .... و قال ساخرا :
_ قهوة سادة .
أخفت غزل ضحكتها و إبتعدت عنهما بعدما إنتهت من بسمة نهائيا ... و وقفت أمام عمها و زوجته و قالت بفرحة :
_ أنا لقيت تيتة ..... فوق ما تتخيلوا أنا مبسوطة إزاى .... و بعد إذنك يا عمى أنا هروح أعيش معاها .
إتسعت عينى إسلام بذعر و وقف منتصبا و قال بغضب :
_ لأطبعا بابا مش هيوافق ... مش هينفع تسبينا .
وقف حسام مشدوها بعدما سقط قلبه تحت قدميه و تحطم لآلاف القطع .... ستتركهم ... و لكن إلا أين ؟!!!
وضعت غزل حقيبة يدها على الطاولة و واجهت إسلام قائلة بتحدى :
_ أنا همشى و أنا بعرفكم بس ... مش باخد رأيكم .
صك إسلام أسنانه بغضب و قال محذرا :
_ مش هتمشى من هنا إنتى فاهمة .
أجابته بصرامة و ثقة و هى تحدجه بقوة :
_ أنا عندى 25 سنة و حرة فى قراراتى و مش هستنى حد يوجهنى و لا يؤمرنى أعمل حاجة مش عيزاها .
إقترب منها حسام و قال بحزن :
_ إسلام عنده حق يا غزل مش هينفع تبعدى عننا ... قصدى عنهم .
حدجته بسمة بغضب شيطانى و نهرته قائلة بحدة :
_ هى حرة يا حسام .... و تعيش فى المكان اللى هى عوزاه .
وقف عونى و قال بصرامة قاطعا تلك الحالة من الجدل :
_ مش عاوز أسمع صوت .
إنتبه إليه الجميع فأردف قائلا و هو يواجه غزل بقوة لا تقبل الجدال :
_ غزل مش هتمشى من هنا و ده كلام نهائى .... مفهوم .
ضحكت غزل بإستخفاف و إقتربت منه خطوتين متعمقة فى عينيه و قالت بتحدى ساخر :
_ همشى يا عمى ... و النهاردة ..... و عاوزة اللى يفضل بينا كل ود ..... و مش عاوزة مشاكل بينا .
ضيق عينيه و حدجها بتعجب قائلا بصوت رخيم :
_ إنتى بتتحدينى و لا بتهددينى يا بنت أخويا .
لم تتأثر بنظراته و لا بنبرته و قالت مسرعة بحزم :
_ أنا متربية كويس و عارفة حقوقى و واجباتى كويس جدا .... و عمرى ما هضايقك يا عمى ... بس برضه ما فيش حد يقدر يفرض عليا حاجة مش عوزاها مهما كان مين .
و تركتهم و توجهت لغرفة بسمة و لملمت أشيائها بسرعة و خرجت تجذب حقيبتها خلفها ... وقفت أمام عونى و قالت بنبرة قوية لفتاة لاقت الكثير و تعاملت مع من هم أقوى و أبشع منه و تمكنت منهم :
_ أنا عند تيتة يا عمى و حضرتك تقدر تزورنى هناك ... و على فكرة ..... دادى إتنازلى عن نصيبه فى البيت ده .
إتسعت عينى عونى و هو يتلقف كلماتها القوية بعينيه .. هل قالت أنها المالكة المشاركة له فى المنزل .... لم تمهله الكثير فتابعت قائلة بنفس النبرة القوية :
_ و يا ريت بقا تفضيلى الشقة و المحل قريب جدا .... لأنى هبيعهم ...... سلام .
وقف الجميع مصدوما بعدما فجرت قنبلتها و إنصرفت ... فما قالته أربك كل حساباتهم .... مع كل خطوة كانت تخطوها مغادرة يشعر حسام بقبضة قوية تعتصر قلبه بشدة ... حمل مفاتيحه و هاتفه و قال مسرعا :
_ أنا هنزل أنا بعد إذنكم .
أوقفت بسمة تقدمه و هى تقبض بكفها على يده قائلة بشراسة :
_ عاوز تنزل وراها صح .
إبتلع ريقه بتوتر و أجابها قائلا بصوت محتقن :
_ إيه اللى إنتى بتقوليه ده يا بسمة إنتى إتجننتى .
إلتقط إسلام مفاتيح سيارته و ركض ورائها .... هبط الدرج راكضا و خرج للطريق بحث عنها بعينيه فلم يجدها و كأن الأرض إبتلعتها .... توجه ناحية سيارته و أدارها مسرعا ليبحث عنها ...
سارت غزل بخطوات سريعة مبتعدة عن منزلها و هى تجذب حقيبتها خلفها ... وقفت تتطلع للطريق لإيجاد سيارة أجرة تقلها لمنزل جدتها .... حتى إجتذبها إسلام من ذراعها و قال بصرامة :
_ إرجعى معايا يا غزل .... مش هسيبك تمشى .
جذبت يدها منه و قالت بغضب :
_ Let me go .... هو بالعافية و لا إيه يا إسلام .
إشتعلت عيناه بغضب و قال هادرا بقوة :
_ أيوة بالعافية .... أنا بحبك و عمرى ما هسمحلك تبعدى عنى .
شعرت بالصدمة من كلماته ... أغمضت عيناها كاظمة غضبها و فتحتهما قائلة بسخرية :
_ بتحبنى .... و ده إمتى إن شاء الله ... بطل هزار و سبنى أمشى بقا .
إلتفت و أولته ظهرها ... فجذبها من ذراعها مرة أخرى و لكن هذه المرة أقوى غارزا أظافره بذراعها فصرخت متألمة ...
رفع فارس كفه ليضم رأسه متألما من تلك الصرخة المستنجدة و التى أصبحت كابوس حياته ... صف سيارته و إحتضن رأسه بكفيه و لكن هذه المرة وصلته الصرخة مجددا لأذنيه من جواره ... إلتفت برأسه فوجد فتاة تحاول تخليص نفسها من قبضة شخص ما .....

إستطاعت أخيرا من تخليص نفسها من قبضته و مسدت ذراعها بألم و رفعت سبابتها فى وجهه و قالت بتهديد قوى :
_ إوعى تلمسنى تانى و إلا هتندم و الله .
تجهم وجه إسلام و إقترب منها قائلا بنبرة عازمة :
_ مش هسمحلك تبعدى عنى إنتى لسه ما تعرفنيش كويس ... فاقدامى على البيت أحسنلك .
و جذب حقيبتها و جذبها خلفه بالقوة ... و فجأة توقف تقدمه و هو يشعر بقبضة صلبة تعيقه ... فإلتفت برأسه ورائه فرأى شخصا يحدجه شرزا ... فقال له بحدة :
_ سيب إيدى يا عم إنت .
إبتسم فارس بسخرية و قال بهدوء بنبرة صوته الرجولية الحادة :
_ مالك يا دكر بتستقوى على البنت ليه .
و فك أنامل إسلام واحدا تلو الآخر بهدوء عن ذراع غزل و إجتذبها و أوقفها خلفه ... فإحتمت به و هى تطالعه بتعجب و إعجاب من قوته ... بينما أجابه إسلام وهو يتطلع إليه بتوتر من هيأته الصارمة و جسده الضخم و عضلاته التى إتضحت بقوة من أسفل قميصه الضيق قائلا بتقزز :
_ وإنت مال أهلك بنت عمى و أنا حر معاها .
إستشاطت نظرات فارس حتى إصطبغت عيناه بحمرة خفيفة .. و جذبه من ياقة قميصه و قربه منه قدر المستطاع ... و ذلك لأن إسلام يصل طوله لمنتصف صدر هذا العملاق الذى يتطاير من عينيه شرارات تكاد تحرق ما حولهما و أخيرا قال له بصوته الأجش :
_ كلمة زيادة و هخلى جسمك يكره إسمك .... قدامك دقيقة واحدة و تكون إختفيت من قدامى ...
دفعه بقوة فتعثر إسلام قليلا و منع نفسه من السقوط بينما تابع فارس حديثه و هو يفرد جسده ليرهبه قائلا بشراسة :
_ و إلا .... هعمل معاك الغلط .
إزدرد إسلام ريقه بصعوبة و عدل من ملابسه و تطلع ناحية غزل و قال لها بحدة :
_ مش هسيبك ... و هخليكى تندمى ندم عمرك .
أشاحت غزل بذراعها و قالت بإستخفاف من تهديده و هى تحتمى بذلك العملاق الواقف أمامها :
_ يا عم إجرى ... أنا ندمانة إنى شوفتكم أصلا .
عض إسلام على شفته و قال بصوت محتقن :
_ مش هسيبك صدقينى و هرجعك ليا .
إمتعض وجهها و قالت بحدة :
_ لو راجل بجد إبقى قربلى تانى .
إبتعد إسلام بضيق و هو يتوعدها و عينى فارس تتابعه حتى إختفى ... ثم وضع يديه بجيبى بنطاله و إلتفت إليها ببطء شديد متفرسا لملامحها ... فها هى صاحبة الصوت و الذى طالما لازمه بصراخه المستنجد ...
لم ينجذب من قبل ناحية إمرأة مهما كانت على قدر من الجمال و الجاذبية . و لكنه الآن يطالع حورية ...
حورية من حوريات الجنة و التى وُعد بها المؤمنون ... جمالها فريد و قاتل و محطم لقوة أى رجل مهما كانت صلابته ... و من الواضح أنها تعلم جيدا قيمة السلاح التى تمتلكه ...
لأول مرة ترتبك من نظرات شخص ناحيتها ... لقد إعتادت على نظرات الإعجاب و لكن نظراته هو لامست شيئا ثمين تخبئه بداخلها ....
تصنعت الصلابة و القوة كعادتها و تنفست بهدوء و خرج صوتها ناعما و هى تقول بإمتنان :
_ متشكرة جدا ..... بعد إذنك .
وصل لأذنيه همس الحوريات الناعم .. فإرتبكت فرائصه مخلفة ورائها ضيق و عبوس من تلك الأمور الدخيلة و التى يشعر بها لأول مرة بحياته ...
جذبت غزل حقيبتها و إبتعدت عنه و هو يتابعها بعينيه ... حتى إختفت داخل سيارة أجرة أقلتها و إنطلقت .... وقف مكانه و أغلق عينيه مستنشقا تلك النسائم الساحرة التى خلفتها ورائها ......
فتح عينيه و هو يعتصر عقله أين رأى تلك الملامح من قبل ... و العجيب أنه رأى تلك العيون من قبل أيضا ... حاول جاهدا فلم يتوصل لشئ ... نفض تلك الأفكار من رأسه و عاد لسيارته مرة أخرى ....

Continue Reading

You'll Also Like

257K 6.1K 28
للعشق نشوة، فهو جميل لذيذ في بعض الأحيان مؤذي مؤلم في أحيانا اخرى، فعالمه خفي لا يدركه سوى من عاشه وتذوقه بكل الأحيان عشقي لك أصبح ادمان، لن أستطع ا...
2.8M 143K 39
[ ADULT CONTENT ] أُجْبِرَت عليكي مِنْ قِبَلِ أَهْلِي وَلَكِنَّكِ كنتِ الْخِيَار الْوَحِيد لِقَلْبِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ يراكِ فِيهَا - jeon Jungkook ...
4.3M 138K 100
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
905K 57.9K 103
" فرحات عبد الرحمن" شاب يعمل وكيل نيابة ويعاني من مرض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مع ارتباط وثيق باضطراب النرجسية مما يجعله ينقاد نحو كل شيء معاك...