Aşk Adası

By Mrmr18970

17.6K 1.1K 778

المحبون هم أكثر الناس حماقةً في العالم و لكنهم فقط لا يرون الحماقة التي يقترفونها فهم يخطئون في حق أنفسهم حين... More

مريضاً نفسياً..؟
سر التفاحة السابعة
عطلة بين النجوم
حُطَمَةِ البِيانُ
فُؤَاد عَلَى عَرشَ السَعِير
قلبين بين براثن العشق
أرواح تائهة
قلب ورقي
داء الحب
لا مجال للهرب
العُشَ الآمِنَ
بتوقيت القلب
لوحة بألوان العشق
قلب على جناح طروادة
ديچافو
دخان الوهم
فجر أم غسق ؟
إخترتك طرفاً
ملائكياً المنبت
أيسرك مسكني
روحك التي بداخلي
ٱلالام لا تُشفى
للرمق الأخير معك
مبعوث الماضي
رصاصة الأستركنين
جسارة المتحابين
صاحبة الدم الهجين
لكل عاشق...وطن!
أسطورة اللا نهاية
قبس من الأحلام

تميمة الموت

192 24 43
By Mrmr18970


فيي دمعة مزروعة فيي ضحكة وممنوعة علي
فيي حبك عم يوعى فيه صرخة موجوعة
صرخت وسميت انت

فيي دمعة مزروعة فيي ضحكة وممنوعة علي
فيي حبك عم يوعى فيه صرخة موجوعة
صرخت وسميت انت

فيي حبك عم يوعى فيه صرخة موجوعة
صرخت وسميت انت

انت لو مهما اقوى بتبقى نقطة ضعفي انت

و نطرتك بعتمات الليل وناطر طلة صبح انطرتك
انطرتك لشوفك انت

يشد إيمرة أجزاء سلاحه في ذات الوقت التي تستأذن كاراجول فيه إحدى الفتيات لتبديل أماكن وقوفن بحيث تصبح وراء العروس..يثبت السلاح تجاه أدا للحظات قبل أن يغير وجهته تماماً.. ذلك الذي إن كان يجب لشخص أن يموت فهو..ذلك الذي عمى حبيبته و سرق قلبه..ذلك الذي بسببه لم يذق في حبه لإستيرا إلا المرارة..إن كانت إستيرا أحرقت قلبه برفضها فلما لا يحرق قلبها و يقتل حبيبها..دينيز
يتحسس الزناد للمرة الثانية و يريح إبهامه فوقه..في نفس اللحظة  وصلت فيها إلى ظهر العروس و قد إنفض معظم الجمع  من حولها في مجموعات صغيرة في تحدي الدبكة بين صديقات العروس و أصدقاء العريس و يبقى العروس جهة فريقها تحكم و كذلك العريس حتى يقرران الأفضل الذي سينافسونه
تتحسس اللفافة الحاوية على حقنة الأستركنين السامة و تخرجها على مهل..يتحسس خزانة الرصاص مطمئناً لوجود الرصاصات..يصوب هو و تخرج الحقنة هي..
تطلق الرصاصة دوي يثير الهرج بين الحضور..هرج طال حتى تلك القاتلة ذات النهرين كاراجول التي لم تجد أمامها خياراً أمام هذا الهرج إلا دس الإبرة السامة في رقبة العروس حتى مع رؤيتها لعينين ألب تلتقطها بل ليست عينان ألب فقط هي من كشفتها فها هو ذا دينيز ٱركان قد إنتبه لسقوط عروسته و طارت قدماه و صرخته نحوها فوراً هذا طبعاً لو لم يكن للقدر البائس المشؤوم رأياً مخالفاً كلياً سرعان ما أفصح بكل كٱبة عنه
حيث أنه في الوقت ذاته التي كانت هي قد نفذت فيه جريمتها و ترأى لأعين الرجل بداية الهدف في الهرب أطلق إيمرة رصاصة قد عرفت طريقها فورياً خير المعرفة و لم يخذله عدم معرفته بفن النشان أو تسرعه في إطلاقاً لأنها و بكل أسف لم تخطئ مسيرتها و على الفور تعالت أصوات الهرج و الصراخ أكثر مع صراخ دينيز المتألم و سقوطه أرضاً يرجف غارق في دماؤه كالطير القتيل و قد سكنت الرصاصة رئتيه من خلف
و معه ترن في أذان القاتلان أصوات الصراخ و صيحات الفزع و أصوات المطالبة بالإسعاف التي تنادي بها السيدات...يرى الشاب أفواج المعازيم متوالية تفر هرباً من القاعة...يسمع صيحات أم دينيز تستجديه بالصراخ و العويل كي ينهض...يسمع زملائه يتهاتفون فيما بينهم معلنين أنه بحاجة إلى مشفى بشكل عاجل...و ٱخرين يركضون في المكان بحثاً عن طبيب...بينما لاحظ أن ألب و رجلان  يكبلان امرأة في الأرض دون أن يفهم لهذا علة
و لكن لمٓ لم تغمره السعادة التي ظن أنها ستغمره لو نفذ خطته..؟ لمٓ لم يعتريه نشوة الإنتصار الذي تخيلها رغم أن منافسه بات في تعداد الوفيات كما رغب ؟ لم رغم إنه نفذ مخططه كيفما تمنى بلا عراقيل أمامه إلا أنه يشم كفيه برائحة الموت ؟ لمٓ يشعر الٱن أنه بات في حالة قد تدفعه إلى جنون ٱخر ؟ لمٓ لا يرى ما فعله بطولياً كما كان يراه منذ دقائق ؟ لقد تخيل أنه سيركض إلى إستيرا حاملاً معه مواساة كاذبة لموت إبن العم و الحبيب برصاصة طائشة من حبيب أدا السابق.. تنحب فيضمها ممثلاً...تهيج أعصابها فيقبلها مهدئاً و معها يحكم سيطرته على قلب مات ساكنه فأمسى خالي مدمل بالجروح و لكنه الٱن لا يسمع في أذنيه لشيء غير صراخات إستيرا ٱركان المعترفة بعشقها لرجل ٱخر غيره...يد شديدة الغلظة تعتصر قلبه...الذكريات تصب الحمم البركانية على أعصابه صباً...كبرياؤه المكسور على يدها يقوده للهاوية..بقدر حبه لإستيرا بقدر كراهيته لها و لدينيز و حتى لذاته الٱن...مقرف بكل ما للكلمة من مرادفات أنه يعيش كل تلك الكراهية داخله و مع ذلك يعرف أن قلبه الغبي لن يملك أمام ألاعيبها الثعبانية الإستمرار في الغضب... كراهيته أمامها طفل بالكاد يستطيع الحبو...غصبه بالألاعيبها يمسي جندي أعزل..بحجم رغبته في سماع نفس الدوى لرصاصة تسكن صدرها بحجم معرفته أنه لن يقدر على هذا...أطلق النار دينيز و سقط من مثلث الغضب ضلعاً  و لا يزال موج الغضب يقوده و يتضاربه بلا تردد إطلاقاً على ألا يقف تسونامي الدم عند هذا الحد..جريح كأسد يحتضر..متعطش للدماء كمصاص دماء حديث العهد..معتقل يُعذب بالكي بجذوة من النار مصدرها كلامها..عقله بريشة من السكاكين يدبحه أثناء رسمه للكثير من التخيلات الحميمة التي لربما جمعتها بدينيز و غيرته كرجل لا يهمها كثيراً إن كانت تلك الأمور حدثت فعلاً أم بقت خيالات عذراء تموج في رأسها و لم تتخطى حدود ذلك الرأس خاصتها.. يكفي أنها تمنت.. تمنت لو عانقها.. تمنت لو كان عشقها أو قبلها..يكفي أنها تمنت رجلاً غيره في الوقت نفسه الذي كان هو يغزل من النجوم قلادة يتقرب لها بها ؟..تمنت رجلاً غيره في الوقت الذي كان هو يركض ركض وراء مهام التقصي  الرعناء الغبية التي كانت تكلفه بها..!
اللعنة عليه و على سذاجته الحمقاء يوم خُدع و صدقها اللعنة على ذلك الألم الذي ينهش لحمه و ينخر عظامه
اللعنة على دينيز و سحره الذي لم يخمد حريقه على قلبه حتى بعد رميه بالرصاص
يتابع و الشماتة الغير مبرره تتزايد داخله تلك الفتاة المجهولة بالتسبة إليه بشعرها الفحمي و بشرتها الشاحبة و عيونها الزرقاء و قد كبلها أحد الرجال بمفرش الطاولة واضعاً يدها وراء ظهرها
و لأنه لم يكن يعرف بوجود مخططات ٱخرى تساويه في السواودية مقامة على شرف هذا العرس فقد ظن أن تهمته قد أُتهم فيها غيره بالفعل
حينئذ لمعت عيناه ببريق المنقذ و قد قرر إيقاع الضلع الثاني من المثلث... قرر أن يسترق من النسر الذهبي صفة شائعة فيه لأول و لٱخر مرة... تلمع عيناه في نشوة مريبة و قد نصب محكمة هو الخصم فيها و الحاكم و الحكم و....المحكوم عليه
يعود ليتحسس خزانة مسدسه ليطمئن لوجود المزيد من الرصاص...في الواقع رصاصة واحدة تكفيه... رصاصة واحدة ستنهي لعنتها عليه
يرفع عيناه مفتشاً عن سيارة مصطفة على جانب بعيد نسبياً..يفتحها خلسة و يدلف داخلها متحسساً المسدس مرة ثانية...يخرجه رويداً رويداً و قد إتخذ قراره النهائي..هذا المسدس لن يهشم صدر القبطان الأسمر فقط الليل..لازال لأحدى رصاصته حق في زيارة جسد أحدهم اليوم غير دينيز...يغمغم بكلمات سريعة مرعبة و هو يقلب المسدس بين كفيه...يرفع المسدس و يسكنه أسفل ذقنه...يلمس الزناد..و يضرب رصاصة الرحمة..منتحراً!
...........................................................................

أما عما يدور داخل الحفلة فكان ٱخر ما رأه دينيز ٱركان هو فتاة غريبة الشكل و الهوية تقف خلف حبيبته التي كانت تناغم حركة كتفيها مع ضرب إيليف على الطبل.. و ها هي حبيبته في لمح البصر تسقط أرضاً و يسقط معها قلبه...لا يعرف كيف و بأي سرعة حملته قدماه تجاهها و لكنه لم يستطع أن يصل رغم ذلك... سرعان ما ضربه ألم بشع من ظهره..ألم يدمج لك الكثير من أنواع الألم دفعة واحدة فهو يدمج بشاعة الإحساس الشديد بالاحتراق مضافاً إليه ألم مبرح و كأنه الناتج عن تلقي ضربة قوية على الرأس بمضرب بيسبول، بينما يتصارخ عضو الجسد المصاب ألماً يفوق ألم الطعن بسكين حاد مرات كثيرة تفدي في النهاية إلى صرخة مدوية خرجت ترج حنجرته و إصفرار حاد في وجهه و كأنه لم يزوره الدم يوماً..و رغم ذلك لم تخذله ذراعيه في ضم تلك الصهباء ذات العيون الجاحظة و الفك المتصلب
و لأن سم الأستركنين لا يؤثر على الوعي فكانت الحمراء حتى مع تصلب جسده و تشنجه البشع و شعورها المميت بالألم الذي منعها حتى من الصراخ إلا أنها كانت تعي ضرب حبيبها بالنار..تشعر بدمائه و قد غطتها مع أخذه لها بين ذراعيه..تشعر به تحتها يرجف و عيناه تتوسلها بفزع و مع ذلك لا تقوى حتى على الصراخ بأسمه.. على الأغلب من حقنها بتلك اللعنة كان يريد تعذيبها و إذاقتها العجز قبل الموت

يرفع دينيز عيناه التي بدأت رؤيتها تخبو و تفقد بصرها فيره وجهها الموجوع و شفتيها المصفرتان و الدماء قد بدأت تسيل من فتحات أنفها.. يراها تموت و نفس العجز يعيشه مجدداً..حبيبة آخرى و عجز ٱخر......تلك الحالة المرتعبة عاشها من قبل...كل العلامات البارزة فوق صفحة وجهها و وجهه تهدده بأنه سيعيش تجربة بائسة حارب كي ينساهاد. هذه اللحظات الأخيرة يعرفها كما يعرف إسمه.. أموراً ليس له يد فيها  قد تؤدي إلى فقدانه حبيبة أخرى و لكن تلك المرة هو على الأقل سيلحق بها...هذه المرة هو ليس فاقداً للوعي ولا جسده ملبد بالكسور..و يالا كرم القدر الذي رأف به و منحه حق عناق أخير و كأن القدر يثبت له عجزه عن حماية من يحب أيا كانت حالته و مهما كان..لازال للقدر وجه بشع سيذيقه منه مهما حاول الإرتباط و مهما طال الزمان و كيفما حاول الهرب..يغمض جفنيه و يرتجف صدره بقوة و قد زاد ألمه..يشعر بالهرج حوله ولا قوه له على تسريح صوته..يشعر بأدا تتشنج أكثر و تقطر دمائها على وجنته..بإبتسامة تموت بين ٱهات جسده تمتم و كفه يريح رأسها على كتفه..ذات الكتف الذي أسند عليه هوليا قبيل وفاتها..نفس الجسد الذي ظنه تحمم من أحزانه و يتحمم قبل مجيئه اليوم.. نفس الذكرى البشعة...نفس الألم...لا مفر من النهايات المأساوية في قصص حبه على الأغلب
يشعر بيداها المتحجرة تحاول الوصول إلى جرحه قبل تسمعه يهمس بحسرة الجندي المهزوم في الحرب
- ظننت إنني لن أعيش..هک..هكذا شيء.. مجدداً
في داخلها صرخة قهر ترغب في إطلاقها لدرجة لا توصف..في داخلها ألم لا يحتمل..حريق هائل نشب في حميع عظامها..وعيها الذي لايزال كاملاً يستصرخها أن تفعل شيئاً و جسدها يوقن أنها النهاية...روحها المتسممة شرعت في الإستسلام و المرأة العاشقة و الطبيبة الواثقة بقدارتها وحبها تستجديها أن تجد حلاً يشفيه
في عناء يوازي ألم مخاض الولادة المتعسرة حررت أخفض طبقات صوتها منادية و كأنها توصيه قبل موتها
- أنقذني يا دينيز...رئتي
لا تقوى على الكلام أكثر فترتمي فوق صدره و قد بدأت دموعها تنهمر في صمت بعدما بدأت البرودة تغالبها و وعيها شيء فشيء يقل حتى كان ٱخر ما سمعته يخرج من فمه هو توديعه الحنون لها
- الوداع يا روحي..يا مرسى قلبي الأخير
ريما لو كانت في حالة صحية أخرى كانت غضبت و تشاجرت معه على ذلك الإستسلام التان منه للموت و لكن مع ألم يتأكل معه جهازها التنفسي بسرعة مفزعة لم تقوى على القيام بأي شيء أو حتى الإبقاء على مكانها في حضنه بعدما سبب الأستركنين أورام الدماغ و المرئ لينتهي بها المطاف في النهاية فاقدة للوعي بعد مشهد أخير جمعها بحبييها الأبدي كما دعته لم تتجاوز مدته العشرون ثانية فقط تقريباً سقطت بعدها محاطة بين ذراعي إيليف الباكية بهلع و هي تتفحص وجهها المصفر و فمها وأنفها الداميتان و عيناه المغيبتان عن العالم و جسدها النحيل المتحجر و لأن إيليف في المقام الأول طبيية قبل أن تكون صديقة أدا المقربة فكانت تدرك و بكل أسى أن أعراض كتلك التي تراها هي أعراض متأخرة لحالة التسمم   خاصةً حينما تابعت ألب و قد راح يقيد تلك الفتاة الغريبة و يخرج من كفها حقنة فارغة على أطرافها سائل أبيض اللون..عرفته إيليف فوراً و رغم ذلك لم تتراجع عن محاولة إنقاذها و هي تصرخ في إحدى الفتيات بطلب الإسعاف صارخة بجزع العارف بخطورة ما حدث

- ليطلب أحدكم الإسعاف...إن هذا السم يقتل في خلال دقائق..
وعلى الجهة الأخرى كان صدى صراخ إيليف المرير يحدث شرخ حارق في حنجرة جولاي التي كانت تضم أبنها داخل صدرها وهي تتفقده بعيون جاحظة لا تستوعب مرارة مذاق الواقع الذي تعيشه..ألم يكن ما رأته في منامها مجرد أضغاث أحلام لا أكثر..أسوف تفقده حقاً و فعلاً..؟ أهذا الغارق في دماؤه المرتجف ألماً والمحتضر هو إبنها..ألم تنتهي حقبتها السوداوية حتى بعد مجئ أدا لحياته ؟ ألم يشبع القدر من تقلباته الشنيعة و من إبكائها حد إنفطار قلبها..؟ ألم يحين عليهما أن يعيشا كما البشر..؟ إلى متى عليها أن تتحمل قبل أن تختفي تلك اللعنة العجبية عن حياتها ؟ من يحيك لهما المصائب بهذا التعاقب المستمر..؟ ولماذا ؟
بخفة مطلقة تفتح أزرار قميصه.. تقطع جزء من الكم و تحاول لفه حول الجرح فلا تستطيع من شدة رجفة كفيها في البداية و لأن أطراف أصابعه المغطاة بالدم إرتفعت على مهل حتى لامس خدها متمتماً من بين أنينه الباكي المتقطع
- لا تبكي..ضميني..يا..أمي..لٱخر مرة...ليكن موتي هنا
تعتصره داخل صدرها ويداها يلفان جرحه بالقماش بطريقة شديدة البدائية والبساطة و صوتها المرعوب يستصرخه و يستحلفه ألا يفعل هذا..لا يمكن أن يسقط نسرها الجارح الذي كان يتراقص في السماء أرضاً قتيلاً بتلك البساطة..لا تسمح مهما كلفها الأمر
- لا يا دينيز..الأمر ليس بتلك البساطة.. لن أسامحك يا أبن أركان لو ذهبت إليه وتركتني
لا تسمعه يرد..بل حتى أن رأسه ثقلت على صدرها..بفزع تتفقده فتراه مغمض العينين وقد تصلب جسده..وبهتت بشرته إصفرار... وبات جسده بارد كالثلج..و بالكاد فقد كل إشاراته الحيوية....حينئذ تصل الإسعاف!
............................................................................

داخل سيارات الإسعاف الراكضة على الطرقات و مع إختلاف المصابين مثلما إختلف المرافقين إلا أن القاعدة الأساسية القائمة عليها مشاعرهم كانت واحدة... تلك الأم التي تتابع بعيون بائسة جهاز الصدمات الكهربائية يرج جسد وحيدها محاولين أنعاشه ثم.. يحركون رأسهم بالنفي معلنين الفشل..يزيدون مستوى الكهرباء فينتفض جسده أكثر و يرتعش معه قلبها..تعرف كم يؤلم تعرض الجسد للكهرباء حتى و إن كان لا يعي ذلك...تكاد تشعر يه يشكو إليها حاله و هي ليست على مقدرة على إنجاده..يتزايد إرتعاش جسده فتعتصر يداها طرف تنورتها محاولة كتم غيظها و الإقتناع بأن هذا الجهاز الغبي الذي يصعقونه به يستلزم إستخدامه حالياً..و لكن مع الصعقة الثالثة و سماعها لصوت الكهرباء يزئر داخل أوردته لم تعد تذكر شيئا غير أنها بكت.. بكت كثيراً!
- أرجوكِ هذا لا يصح..طالما أنه على قيد الحياة فهناك إحتمال أنه يشعر بك..لا تفزعيه
في الواقع لم تكن الممرضة علمية في حديثها بنسبة كاملة و لكنها عزفت و بنجاح باهر على وتر الأمومة شديد التأثير بشكل تلك الأم الباكية تتوقف فوراً مستغنية عن البكاء بإحتضان كفه شديد البرودة بين أصابعها و تشرع في متابعة وجوه الأطباء المفزوعة و حركات عيونهم التي تبشر بالشر معترفين بأن محاولاتهم بما تُحدث من تقدم طفيف جداً لا يكاد يلاحظ لا يمكننها أن تنقذ الأمر ولا يمكنهم المماطلة أكثر
برعب تضم أصابعه بين يديها و تغيب عن الواقع داخل دوامة أفكارها و بالتحديد قبل بضعة ساعات

FLASHBACK

ٱنذاك كان يقف داخل غرفته في منزلهما ببدلته السوداء المرصعة بٱزرار كحلية داكنة يتابع صورته داخل المرٱة بغرور مصطنع ترجمه في لحن غجري المقامات بلا قاعدة أساسية في التلحين مع كلمات من تأليفه كذلك..لو لم تقاطعه بوصولها إلى الغرفة أولاً و بنبرتها شديدة التأثر و حروفها الباكية ثانياً
- إنه اليوم...اليوم يا إبن روحي المدلل
نظرة خاطفة و أخيرة رماها على نفسه في المرٱة ثم من بعدها دار لكي يواجهها  بإبتسامته الصافية و عينان الحانيتان..يمسح صفحة وجهها المشرق بفرحة عارمة ذات مذاق مختلف للحظات طويلة بعض الشيء قبل أن يقترب أكثر محتضناً كفيها بين يديه رافعاً كلتاهما ناحية فمه في قُبلة صغيرة بدأت و إنتهت سريعاً ناقلاً ذاته بعدئذ إلى المحطة التالية في تدليله حينما أحاط خديها ييديه متمتماً بمرح
- تلحين عليّ بالزواج..و حينما أذهب إلى الخطبة تبكين..!؟
تشعر بالسخرية من حالها بالفعل بعد التفكير في كلامه لثواني فترسم إبتسامة خاطفة للقلب على ثغرها توسعت ضعفين حينما فجأها عندما أدارها حول نفسها مطلقاً صفيراً عالياً مغازلاً و كأنها إمرأة في العشرين و قد إختص بغزله تلك العينان المزينة بكحل أسود يزيد من صراخة كونها عينان سارقتان للعقل بألوان بنُية قريبة إلى الأسود التي ورثها عنها
- لون عيونك غرامي..
نفس الخجل..نفس اللكمة الممازحة..نفس الإبتسامة التلقائية..فقط إستطاعت إمه - لأنها أمه - التفوق على ألاعيبه أسرع منها و بدلاً من الهرب بدأت تمسح على وجنتيه بأناملها الحانية و هي تأرجح الحروف المدللة على شفتيها
- أعرف كم هي ساحرة يا صغيري.. لهذا أورثتك إياها أساساً
رغم كونه ماهراً في كتابة عبارات الغزل و المديح حتى أنه جريء كفاية للنطق بها إلا أنه على النقيض تماماً يعتريه شعور طفولي بالإضطراب إذا ما سمعها في لحظة ما غير متوقعة..أضطراب دفعه للإبتسام حد ظهور صفي اللؤلؤ المتشابك المسماة بأسنان و قبل أن يسعى إلى إختلاق ما يخرجه من هذا الموقف أنقذته جولاي حينما تابعت حديثها بعدما سحبت من فوق الطاولة صندوق صغير مخملي كانت قد دخلت به إلى الغرفة بل إنه هو بالتحديد الهدف من هذا القدوم
- أظن أنه حان الوقت لهذا..
بفضول لم يسعى في أخفائه على الإطلاق مستخدماً كلتا إبهاميه للضغط على قفل العلبة و يفتحها على مهل حتى يلمع أمام عينيه نفحة جديدة من ذكرى أباه المشتكلة في مشبك ربطة العنق الفضي ومنديل..
تلمع مقلتيه بفخر و هو يقلبها بين كفيه مغمغماً بفخر كاد أن يستخلف في عينيه فتات من الدمع و أطراف أصابعه تتلمس الدبوس تارة و المنديل الكحلي الداكن تارة أخرى غافلاً عن يد أمه الممسكة بربطة عنق كحلية تربطها من أجله بتركيز تام لم يقاطعه إلا إنتشال أصابع أمه للدبوس كي تشبكه في ربطة عنقه
- إنه الخاص بأبي..؟
لا تستطيع الرد عليه في البداية حتى تنتهي من غلق الدبوس حول قماش ربطة العنق ثم تمسح عليها بكفيها مرتان بخفة متفاخرة قبل أن تسرح صوتها الحنون مؤكدة على صحة ظنونه من ناحية و من ناحية أخرى كاشفة عن الجزء الٱخر مما يحمله ذاك الصندوق من هدايا بسيطة في حجمها و تكوينها شديدة الأهمية في مكانتها عنده

- نعم إنه كذلك..إما المنديل فأنه مني أنا..صنعته لأجل هذا اليوم..منذ ليلة تقاربكما
يقبل يدها طوبلاً متمنياً لها عمراً طويل مديد الأجل ثم يطوي منديله عدة طبقات و يحشره في جيب السترة كي تكتمل بعد حركته هذه جميع أركان إطلالاته..يبتسم بزهو العارق بقدر وسامته..يفتح كفه فترسى يدها داخله و ظنونها ترمي أنها خارجان من الغرفة..ولكن و بمنتهى الخفة رفع كفه للأعلى و يدور بها قبل يعيد كفه لسابق موضعه و يشد جسدها بكفة فتردد داخل صدره..يعود لبيتعد خطوة واحدة للخلف و يبعدها عنه.. يسحبها مجدداً فتدور حتى تلامس بظهرها صدره مقهقة بخجل خاصةً عندما سمعته يثنى على براعتها الواضحة
- ما هذه الرشاقة يا أميرتي...؟ أي حظ كان يمتلكه أبي ؟
دون أن يفلتها ينحني لاثماً وجنتها الدافئة قبل أن يفلتها و يخرج من الغرفة لإستلام الورد من الطارق قبل رحيلهما

END FLASHBACK

تفيق من ذكرياتها على رجرجة السيارة بعد تخطيها لإحدى المطبات و لكن لم يكن هذا هو ما أعادها إلى واقعها المرير البتة بل و للاسف كان صوت الطبيب الذي صرخ في السائق مترجياً إياه أن يسرع أكثر إثارة للإنتباه خاصةً بعدما تضيف على رجائه ذلك الصوت الصارخ الذي يخبره أن نسبة الأوكسجين في الدم تنخفض بشكل جنوني محدثة تليف رئوي على أغلب الظن
" تليف رئوي "
إين سمعت هذه الكلمة من قبل ؟ نعم ، إنه كان تشخيص الأطباء لسبب وفاة أباها بعد مجاهدة مع السرطان لسنوات..أكتب على هذا التليف سرقة جميع أحبتها منها ؟ أتعهد على إحزانها أبد الدهر ؟ أهي لعنة أبدية وُلدت بها ؟ ألن تنتصر مرة ؟ أستكون النهاية نفسها نصبيها في كل مرة ؟
تمتلأ رقعة البياض المحمر في عينيها الجميلتين بالدموع و ترجف شفتيها بصاعق الصدمة المفجعة..تتنابها حالة من البرودة الشديدة و الرجفة و الإصفرار... الهواء الطلق بات حبيس من حولها فجأة و إضاءة المكان تخبو مختبئة
أما عن عينيها فهما عالقالتان بذلك الديوس الساكن على كفها وسؤال واحد طرحته عليه باكية
- أكان دبوس لأنه لأباك تميمة...الموت ؟
.

...........................................................................

و لكي لا تُحتسب كذبة فلا يمكن إدعاء أن الموضوع كان مختلف في سيارة الإسعاف التي كانت تقنط فيها جولديم إيليف و أدا الباهتة كالأشباح الهامدة ككجثة و قد ملأوا فتحات أنفها و فمها و يدها بالخراطيم الدقيقة و الإبر الطبية التي تحاول بأقصى طاقاتها سحب السموم من جسدها النحيل سريعاً قبل أن ينهي حياة المسكينة و لحسن الحظ فقط تعرفت عليها المسعفة فوراً بعدما أخبرت أدا أنها سمعت بتكريمها و فرحت به كثيراً
و لكن مع من تتكلم هي...إيليف كانت في منطقة من اللاوعي بعيدة تماماً على أن يجذبها منها أي حديث مهما كان نوعه أو فحواه
كانت و بشكل غير معتاد أبداً جالسة القرفصاء بدلاً من الجلوس على الكرسي و على عكس المعتاد أيضاً لم تكن تبكي أو تنحب إطلاقاً..كانت جامدة تماماً..جامدة كالثلج.. صامتة كصنم..باهتة الروح مثل أم ثكلى..و رغم كل ذلك تدندن!
Her şeye rağmen bugün de son buldu
على أي حال ، انتهى اليوم.
Sustu tüm sesler, güneşle kayboldu
سكتت كل الأصوات واختفت مع الشمس
Anlat şarkı, anlat son kez
أخبري إيتها الأغنية ، أخبري للمرة الأخيرة
Bu masalda mutsuzlar var

هناك أناس تعساء في هذه القصة
Yalnız kaldı prens ve prenses
بقى الأمير والأميرة وحيدين
و ها هنا تحديداً يتهدم ثباتها المصطنع و تموت قدرتها على الإستمرار في الحديث فتتعطل الصورة عند جملتها الأخيرة و تبقى تكرر على مسامع صديقتها المقربة حقيقة أنهم بقوا وحيدين...لم ينقذهما الحب...بم يدثرهم بالأمان لم يخفيها عن المتربصين هيامها..لم تحميها فرحتها من الغدر...في النهاية إنتهى كل شيء و لم يمنحهما الحب إلا عناق أخير
- دينيز لم يكن يستحقك..كان خطئي يا صغيرتي أنني لم أعلمه حده و أبعده عنك بكل هذا السواد المحيط به...هذا لم يكن عالمك
تصمت الشابة عن الكلام للحظات عندما لاحظت أن الأطباء باتوا يزيدون من جرعة المصل المضاد للسموم و يحركون رأسهم بالنفي معلنين أنهم قد فشلوا بعدها حتى طرحوا عليها متعجبين بنبرات متشككة
- كيف تسممت بالأستركنين و هو محرم دولياً ؟ عساها محاولة قتل ؟
- و هي بالفعل كذلك
قالتها بثبات تام و كأنه أمراً منطقياً يحدث كل صباح أو أن المتحدث عنه لا يخصها في شيء ولا يمت لها بصلة.. أو أن تكون الصدمة قد دمرت عقلها كلياً
و في الواقع هي لم تحاول التبرير في أي شيء يخص حالتها المريبة تلك و إستبدلت ذلك بالتحديق في وجه إبنة ألتوناي الوحيدة التي لايزال جسدها حجري الهيئة شاحب اللون باهت الملامح مفتقد للحياة بجميع أنواعها و أشكالها و صورها
بعد ذلك تهبط عينيها رويداً رويداً حتى تلك القلادة الفضية ذات ندفة الثلج التي أعطاها إياها دينيز ٱركان ليلة رأس السنة الميلادية و قد تلوثت بدماءه لدرجة تحول لونها إلى الأحمر القاتم و تلويث رقبتها من بعدها
تتلمس القلادة برفق لثواني قليلة ثم تلمس دماؤه الراسية على جلد خليلتها القطني..تغمض جفنيها المتثاقلان و بتردد تحرك أطراف أناملها لقياس النبض..و لكنها لا تشعر بشيء...لا تشعر بأي شيء أبداً..صمت تام لا يكسره شيء صمت يدفعها للصراخ في للممرضات بجزع و هي تضع أصابع الممرضة قرب أصبعها
- لا يوجد نبض...لا يوجد أي نبض
جملة بسيطة التكوين قليلة الأحرف زلزلت كيان جميع الموجودين و بدأت حركة السيارة الضخمة تتسارع و كأنها تخلت فجأة عن ضخامة حجمها و ثقلها و تحولت إلى سيارة سباق تنافس على لقب الفائز و عيون الجميع عالقة على هذا المحلول داعين الله قياماً و قعوداً كي لا يتوقف سيريانه.. كي لا ينقطع طريقهم الوحيد في معرفة إن كانت على قيد الحياة أم لا
أما إيليف فلم تكن عينيها بهذا الثبات الكافي حتى تبقى مصرة على مكان واحد في حالة كالتي تعيشها و كرعب كالذي يأكل فؤادها و يشرب من دماؤها
ٱلالاف الذكريات تدفقت إلى عقلها في هذا الوقت..الجميلة منها و البشعة..باغتت عقلها الدموع كما الضحكات..الشجارات و التضحيات...كل موقف ساندت إحداهما الٱخرى فيه..كل شيء خافا منه يوماً و أمنياتهن الطفولية كذلك
تغالبها الدموع فتملأ عينيها بلا إنذار.. دموع جعلت من الرؤية شيء ليس باليسير...لا شيء حولها يسير من الأساس..التنفس ليس يسير..التفكير مصاب بالشلل..ٱمالها مُعلقة قتيلة على مشانق الواقعية..!
و لكن من وسط كل علامات العتمة الكاحلة ٱتى رنين هاتفها مُعلنة وصول رسالة جديدة من ألب الذي تخلف عن القدوم معهم للمشفى مقرراً أن يكون متواجداً في المخفر مع الفتاة غريبة الأطوار الأشبه ببلاء الرأس المسماة كاراجول و التي إكتشف لتوه أنها ليست المذنبة الوحيدة في الحكاية
- وجدوا جثة شاب منتحراً قرب منزلك..و لكن الغريب ليس هذا..الغريب هو أن مسدسه كان فاقد لطلقتان و ليست واحدة ، هذا يعني على أغلب الظن أن الأخرى هي التي ضُرب بها دينيز..
يصمت الرجل لحظات بسيطة إستخدمها في صياغة الشق الثاني من معلوماته التي سمعها تتفاوت من شفاه ذات العيون الزرقاء في لحظة من جنون الغضب إنتباتها أثناء القبض عليها
- و تلك المرأة المريبة التي سممت أدا أيضاً...تدعي أنها ليست وحيدة في الأمر ، هل تراهما متفقان سوياً ؟
بالنسبة لزوجها فلم تجد ما تجاوبه به أكثر من إعترافها صدقاً بعدم التيقن من شيء و لكن بالنسبة لأدا لم تبخل عليها بتوقعاتها أبداً و قد عادت للركوع أرضاً بجوار الفراش المثجى فوقه صديقتها و عينيها الباكيتان عالقالتان بالأخص فوق القلادة الملطخة بالدماء بعدما أضحت في نظرها أقرب لسيف مسنون  ملطخ بدماء الأبرياء الذين طعنوا في ظهورهم غدراً
صحيح إنه هدية منه..و مؤكد أنه ليس مسؤولاً عما حل بهما فقد ذاق من نفس الكأس..و لكنها ليست عمياء البصيرة كي لا ترى..هي ليست ساذجة كي لا تفهم..هي ليست التافهة كي لا تدرك ألاعيب الظلام القذر..لأي شخص مطلع على حكايتهما مشتبه به واحد و هي تعرفه وتثق أنه الفاعل..تثق و إن لم تحسم أمراً بعد.. تثق و إن لم تمسك أناملها أدلة حتى الوقت الراهن..تثق أنها قربيته
- هل لديك ذرة شك يا حبيبتي يا حمرائي يا روحي أنها هي
كانت تبكي أكثر بين كل صفة تصف بها الطبيبة الحمراء و أخرى..تبكي بحرقة الأم الثكلة و الصديقة العاجزة و الشريكة المكبلة بالحائط ولكن ما لبثت أن أنهت إسهابها بملامسة القلادة الفضية و إعتصارها بغضب حتى تساوى برودتها المعدنية مع برودة جسد هربت منه الحياة رعباً من خبايا القدر هامسة بحروف تتسرب من بين شفتيها مثل تسرب السم من بين أنياب أفعى عملاقة تتربص بفريستها متكلمة بإنتقام لبؤة غُدر بصغارها من وراء ظهرها
- هديته باتت تميمة الموت. القلادة الدامية التي على صدرك..تلك الدماء..دلالة فشله على إيقافها..
............................................................................

أما في رقعة جغرافية ٱخرى فقد كانت كاراجول بشكل مبهر و بثبات البريء تطرق بخفة على طاولة التحقيق منتظرة مجيء محاميها التي إلتزمت دونه الصمت المطبق رافضة الإعتراف رغم الإمساك يها بالجرم المشهود و ها هي الٱن جالسة في غرفة خافتة الإضاءة ضيقة المساحة تتنظر بصبر دخول ذلك العجوز المخضرم ذو الشوارب الرمادية الغليظة و البذلة الصوفية التي يبدو أنها مسروقة من متحف ما أو متوارثة من عشرات الأجيال مثلاً
و لكنه كان من الجهة العملية ثقل قانوني و جنائي لا عاقل يمكنه أن يستهان به و بالطبع لا تعرف الطرق المستوية سبيلاً إلى حلوله الجهنمية مهما تعقدت أحوال القضية
- هل تحدثتِ مع أحد منذ مجيئكِ ، هل إعترفتي بشيء
بنفس ثباتها السابق تنفي فيشعل غلوانه و يسحب منه نفس وحيد يطلقه مثل لحقات من الدخان في الهواء ثم يعيرها الغلوان لتدخن هي بينما يعود هو حديثه الواثق نبرته الهادئة و كلماته الٱمرة
- طبعاً تعرفين جريمة مثل جريمة القتل العمد كم تكون مكلفة...و كم من حقائق سيتم تغييرها و تحريفها لذا..
لم تكن إلى حاجة إلى هذا التهديد والوعيد منه أساساً و لذلك لم يبدو عليها التأثر و هي لازالت تراقص أصابعها على الطاولة متكلمة ببرود تام
- سأدفع ما تريده في جميع الأحوال فلا داعي للقلق
تصمت للحظات قليلة بعد ذلك ثم تبدأ الأفكار الشيطانية في رأسها تتكاثر..و على ما يبدو أن تلك قد إستحوذت على رأسها بشكل كامل
إنه الثأر..ذاك المسمى الذي إذا ما إستطاعت تبرير نواياها تحت جلبابه سيكون واحد من كثير أشياء تجعل الإنتقام فضيلة و ليس مجرد فعل إندفاعي للغضب ..في نظرها حينما باتت على حين غفلة من الدنيا لقيطة بلا ذنب و إبنة حرام دون جناية إرتكبتها حينئذ تغفو قوانين العدالة و تسقط في أرض الظلام .. يستيقظ العدل الجريح .. تلملم الأرواح شظاياها المتناثرة تحت سياط الظلم لتطبق قوانينها الخاصة بطريقة يراها المجتمع خطئا .. لكنه الطريق الوحيد لسيادة العدل عندها...ليعم الحجيم على نسل ألتوناي..ليموت إمتداد جذره الشيطاني...ذاك هو أسرع نوع من العدالة البشرية في العقاب
لا نية عندها للتراجع عن ثأرها و لا يهمها ما ستخسره أو تعداد الأبرياء التي ستقع تحت براثن الإحتراق .. يكفي أن تكون حرة كي تصبح لإبنة عدوها في جميع الحالات و الأحيان بالمرصاد
رغم الألم و الغيط إلا أنها لا تسعى إطلاقاً لإخماد غضبها من أدا..ذلك الغضب هو سلاحها الذي يدفعها دفعاً للمزيد من الغضب و المزيد من الرغبة في الإنتقام .. دائرة متصلة تغذي بعضها بعضا و ليذهب في هذا الطريق من يذهب من الضحايا .. أبرياء كانوا أو ملاعين .
- لقد تعاونت مع عائلتي كثيراً و كان الأمر يقتصر على تخفيف الحكم أو التهريب بشكل غير قانوني..و لكنني أريد إخلاء سبيل هذه المرة...فلدي حساب مفتوح يجب تصفيته بشكل فورياً
عند هذا الحد يغلبه القلق فيبتعد عن إسترخاؤه الكاذب و يعتدل في مقعده و هو يحرك غلوانه أمامها في تحذير غاضب بل حتى يمكننا إعتباره و بكل أريحية شكلاً من أشكال الوعيد
- إياك أن تقرري شيء دون إعلامي... أساساً لا يمكن إقحام نفسك في كارثة كتلك
و لكنها لا تسمع و لا تعي شيء من تعليماته على الإطلاق لازالت لا ترى إلا حقها في الإنتقام ممن دمر حياتها فقط لا غير...و ليحدث ما يحدث!
و قبل أن تحاول تصليب فكرها تفاجئت به يميل على حافة الطاولة و يسألها بمكر و قد أخرج دفتر صغير من جيبه و قلم حبر جاف ثم شرع يطالبها بأن تعيد عليه سرد ما فعلته...تحكي الحقيقة و ببراعة شديدة للغاية يزورها..يغير محتوى الحنقة و يتلاعب بحقيقة إختراقها لهاتف أدا ثم يتوقف فجأة عن التغيير عندما تبدأ في إخباره بأن إستيرا هي من تلقتها بعد صدمة الميراث و وعدتها بأنها ستمنحها حقها في الإنتقام لنفسها
حينئذ يقاطعها بإمساكه للسجائر بدلاً من القلم و يعاود الإسترخاء بشكل أكبر من ذي قبل و هو يسأل بإستمتاع حيالها هي و مخططاتها.. بالتفصيل الممل!
- نعم ، إستيرا ، هي مفتاحنا..أخبريني عنها أكثر يا كاراجول...كل ما تعرفينه عنها يهمنا
تصمت الشابة لفترة ليست بالقليلة و هي تسترجع كل ما حدث بينهم في لقائتهم القليلة قبل أن تخرج حافظة متنقلة قد خبأتها في باطن فستانها و تعطيها للرجل و هي تطلب منه ربطها بالهاتف و تشغيلها على العلن ليسمع..يطاوعها و يفتحه ليسمع فيجده تسجيلاً صوتياً على حين غرة من إستيرا يشمل إتفاقهم الكامل بالتفصيل

كان صوتها يتوعد بحماقة الغافل عن ما ينصب له من أفخاخ ز هي تسهب في حديثها قائلة إن االعدالة عمياء .. هكذا تعلمت من الحياه .. رسمها القدر دوماً معصوبة العينين .. و ستبقي العدالة عمياء حتي تأتي بالذي أعماها .. حينها يبدأ وقت الحساب .. ليست كل الديون مال .. بعض الديون عمرٌ .. بعض الديون روحٌ .. بعض الديون قلبٌ مهشمٌ جريحٌ .. و قد حين يأتي وقت السداد لا يمكن التراجع .. لابد من الدفع مع الفوائد .. فلتذوق طعم سمها
أليس هم من  أنكروا عليها الحياة و منعوا عنها النفس ..؟ اليوم عادت لتلذذ حد التغيب عن العالم بأحتضار  روحها.. و خروج روحها من صدرها.. و أنتهاك راحته .. و تحطم قدرتها علي العيش .. حرفياً!
تخبر إستيرا كاراجول أن تلك فرصتهما الأخيرة الآن أما أن يفوزا أو ستكون الخسارة مدمرة لكل ما يعني له من قيمة .. لا يوجد وقت فرصة أخرى أو وقت قابل ليبات ضائع .. لا يوجد وقت مستعار .. فقط عليهم أن يدفعوا ثمن الزمن .. لا يوجد طريق آخر .. صُنع الأستركنين ليدفعوا الظالمين ثمن الدم الناري الساري بعروقهم .. ستفعل فعلتها تلك ليدفع ألتوناي بعد سنين من موته فاتورته و تنزاح أدا  من طريق إستيرا نحو قلب دينيز و من ثم تفترق طرقاتهم بعدها
ينتهي التسجيل الصوتي عند هذا الحد فيغلق بهادير المحامي الهاتف و يطالع وجه كاراجول كي يتأكد من جاهزيتها و في الحقيقة كان فرط سعادتها و جاهزيتها أمراً مثيراً للريبة لدرجة جعلته يسارع برسم الخطوط الحمراء التي سوف يسيرون فوقها في الساعات المقبله كي تكون حرة طليقة خارج أسوار السجن بعد إنتصاف الليل بساعة واحدة فقط
- إستيرا ، هي تذكرتنا للخروج من هنا...ستعترفين بما سأكتبه لك و ليس بالحقيقة..هل واضح ؟
تؤمي موافقة بلا تردد فيعتدل في جلسته و يسحب ورقة بيضاء و يملأها بسطور من الحبر بجمل منمقة قابلة بشكل مبهر للتمطيط ثم بعد ثلاث دقائق من الكتابة يدير الورقة نحوها كي تقرأها بل بالأحرى تحفظها عن ظهر قلب و تمثلها حتى إن لزم الأمر أملاً في أن تؤدي بها براعتها في الإدعاء و التمثيل إلى إخلاء سبيلها و إن لم ينجحا فالتهريب الغير شرعي حلاً آخر قيد الإنتظار
- إنتهت إستيرا الٱن ، لنرى كيف سننتقم ؟
............................................................................

ليس بهذه الحياة ألم أشقي علي النفس كما مشاهدة تألم الحبيب .. توجعه .. تخبطه في بحار مرض لا تملك معه الا ان تجلس امامه تراقبه بصمت ولا تفعل شيئا سوي الدعاء .. عيونه تخبرك ان ما تفعله يعني كل شئ بالنسبة له في حين انك تشعر بالعجز حين لا تملك ان تفعل شيئا من اجله .. تتمني ان تكون جزءا من العلاج  بل جزءا من الشفاء .. تتمني لو يصفوك اطباؤه له كدواء .. ان يخبروه انه مجبور ان يراك ليشفي اذا ما طلب منك في لحظات ألمه الذهاب او الابتعاد .. يبتلعك القلق حين تشعر انك بلا فائدة امام عظيم ارقده في الفراش .. تتآكل بداخلك تحت وطأة الضغط والاجهاد .. تشعر بوخز قلبك يقصم ظهرك .. تتمني له الشفاء سريعا لتنجو من هذا الشقاء .. لا تسأم من تكرارها لنفسك سيشفي سريعا .. سيعود اليك .. سيشرق كما الشمس و يمحو ظلمات نفسك .. سيعود ليضئ حياتك بالضحكات .. وسرعان ما تعاودك نوبات البكاء .. تمسح دموعك وتبتسم بانكسار .. اخبروك ان تظل قويا لاجله .. تشعر بالدنيا تدور و تتوقف مع انفاسك وكأنها ارجوحة الحياة .. تنصت لصوت انفاسه حين ينام .. تراقب خفقان صدره .. تتأمل وجه الطفل فيه وقد استسلم لتأثير الدواء .. تتحايل علي الخلق كي تبقي دقائق اخري .. فهل يسمحون لعينيك الباكية بالبقاء .. تتمني لو كنت انت المريض .. بل تشعر حقا انك المريض .. فالالم لديك يشتد ويشتد وتحتاج صدره للاحتماء .. ترجو اطباؤه مرات .. ومرات تهدد لو حدث شيئا له سيواجهون اعصار من السماء .. وترجع بسرعة تتحايل وتبكي كي ينقذوا روحك التي سكنت جسده و يرحموها من هذا العناء .. تتأمله وتتعجب أهذا شكل مريض و قد اشرقت عليه شمس الجمال .. احاطته بهالة من جاذبية .. وانت المعافي الي جواره تشعر بانك مرضت وهرمت سنينا طوال .. تشعر ان جميع اعراض مرضه سكنت جسدك .. و لما لا .. فقد كان قلبك يدق علي أنغام نبضات قلبه .. و لما لا .. وقد كانت روحك اينما يحل تكون .. و لما لا وانت تردد ايات ليشفي .. وانت تحدق فيه بعد الدعاء .. و بين انسدال اهدابه حين يغفو .. وبين انكسارة عينيه حين يفيق .. تقف كما الغصن وسط عواصف من ظنون تتقاذفك هنا وهناك .. ألا يعلم بانكسارة قلبك وانت تحاول لملمت شظاياه كي لا يشقي بتعبك ظاهرا لعينيه .. ألا يدرك انك تواجه ألمك ليواجه ألمه .. الا يعرف انك اوقفت صباحاتك عن الاشراق حتي يعود وتشرق معه .. ألم يجسد غرقك وسط ظلمات حياة انعدمت منها الفرحة حين رقد فوق فراش حبس الالوان في بياضه .. لكنك لاتزال تنتظر عودته باشتياق .. تمده بأملك والرجاء .. تسانده ليقاوم اكثر .. تضاحكه بعيون تحبس فيها امطار الشتاء .. ستقوي من اجله .. سيحيا من اجلك .. سيعود لصدرك و تعود لصدره .. وستعلو الضحكات وسيرددها الكون و الفضاء .. لن تقبل سوي بهذا الحل من قدرك حتي لو كان في قدرك مكتوب هناك شقاء .. سترضي ان تشقي وحدك ويعود ليشرق بصحته ولو كان الثمن مصاحبتك زمن البكاء .. ولو كان الثمن ان تعيش احد فصول الشتاء .. ستعود لتؤمن ان الاشياء الجميلة تنتظر بعد بعض الألم و قدر من البلاء .. و تعرف ان يأسك مر تسقيه لهذا الراقد ينتظر الأمل بعينيك .. يأس لن يبعد تعب الغد عنك ولكن يزيد اوجاع اليوم .. لا تبحث عمن تلومه .. لا تكثر من شكواك مهما ألمت بك الهموم .. وأعرف ان الغد بيد رب كريم عفو قدير .. رب خلقك ليغرقك بالهبات حتي مع التعب والوجع و الشقاء .. فقابل بايمانك ذاك البلاء مقابلة الاقوياء
كان لصوت توقف حركة الموتور صوت الطبل في ٱذان إيليف و جولاي رغم كل هذا الترفق الشديد التي كانت تعامل به جولاي عميلة نقل صغيرها من داخل السيارة إلى السرير النقال..تركض وراء و بجوارها إيليف تركض جنباً إلى جنب مع سرير أدا
لم يجدا حاجة إلى الصراخ في الطاقم الطبي طلباً للمساعدة فعلى الأغلب قد وصلهما خبر مسبق بمدى تدهور الأوضاع الصحية للضحايا لأنه سرعان ما تجمهر حولهما الأطباء حد لم يجدوا معه قدرة مع مجاراتهم على السير فيلزما الوقوف..يروا دينيز يعبر غائباً عن الوعي بوابة غرفة العمليات الجراحية و من خلفه يصيح الطبيب في مساعديه بتوتر جمد الدماء في عروق والدة الضحية
- لا مجال لإضاعة الوقت...لا مجال الخطأ..تنبهوا جيداً..الحالة حرجة للغاية
حالة الطوارئ القصوى المفروضة على الأجواء تلك لم تكن مبشرة بالخير أبداً... حملوا أدا للرعاية المركزة فوراً بعدما خلعوا قلادتها و أعطوها لإيليف الباكية الجالسة داخل صدر والدتها تتحب و تتأوه كلما إشتد عليها القهر بينما جولاي لازالت مستمرة في الحملقة في كفوفها المدثرة بدماء إبنها
" غرقت يداها بالدماء هكذا مرتين الأولى كانت يوم ميلاده و تلك الثانية أفسيكون اليوم يوم ممات‍.. "
و عند هذا الحد يغلبها البكاء الهستيري و لا تقوى على إكمالها.. لن يتركها..هي تؤمن... تحاول أن تؤمن أن القدر لن يكون بهذه البشاعة التي يبدو عليها حالياً
يمر أمام عينيها صورة لجرحه الغائر لدرجة تقشعر الأبدان و تشمئز لها الجلود فتغمض جفنيها و تترك عقارب الساعة تضرب جمجمتها بالخناجر و المطارق و هي لا تقوى على شيء إلا على البكاء الساعة و الشرود ساعة و الدعاء أخرى
كيف مر الوقت ست ساعات كاملين ؟ لا أحد يعلم و لكن بشكل ما فتح الأمل بابه عابراً منه الطبيب المعالج لحالة دينيز ٱركان و مع أنه إختص إيليف بالحديث المكتظ بالمصطلحات الطبية المعقدة إلا أنها كانت بشرى لم تستطع جولاي الصبر خاصةً و هي ترى ضحكة الفتاة تؤكد لها أن البشرى سارة حتماً فتنهض متجهة نحو جولديم و بحروف باهتة تسألها عن فحوى الحديث المبطن بالكثير من المصطلحات الطبية المعقدة فلا تجيب الأخيرة إلا بجمل قصيرة
- سيحتاج البقاء في الرعاية المشددة لفترة طويلة و لا يمكننها الإعتراف بأننا تخطينا الخطر و لكن..الرصاصة لم تهشم القفص الصدري
و لكنها لم تفهم ، ما المبهج في هذا ؟ لازالت حالة إبنها حرجة و لازال بحاجة إلى البقاء داخل الرعاية المشددة..لازالت ممنوعة من زيارته..لازال لم يتخطى الخطر
و بكل هذا اليأس عادت لتجلس على مقعدها مهمومة على وشك البكاء لو لم تتفاجأ بخروج طبيب رعاية أدا و هو يمسح عن رأسه العرق و على وجه يبرق النصر المغرور و هو يعلن لإيليف بشرته بنفس الصيغة الغير مفهومة لجولاي
- صحيح دخلت في غيبوبة تسمم الدم قصيرة المدى و ستحتاج إلى البقاء في الرعاية المشددة لأسبوعان على أقل تقدير..كما أنه من المتوقع إصابتها بالحمى و الهذيان و صعوبة الحركة عند إفاقتها..و لكن لحسن الحظ لم تتلف الأعضاء
تلاحظ جولاي حالة من البهجة والسرور المبالغ فيهم يقتحمان جسد الفتاة ذات العيون البندقية و هي تشكر الطبيب جزيل الشكر فتتابعها و قد بدأت تشك جدياً في أن الصدمة قد أفقدت المسكينة قواتها العقلية خاصة عندما تفاجئت بها تركض إلى ألب أرسلان القادم لتوه حتى أنها تتعلق في جسده طائرة قدميها من فوق الأرض
حينئذ لم تستطع الصبر على حالتها الغريبة تلك أكثر و ساؤت ناحية إيليف سائلة يعصبية
- ماذا يجري لكما ؟ إن صغارنا لازالا في خطر على حد علمي ..فما المبهج هنا إذاً ؟
تدور إيليف بجسدها نحو جولاي لتضمها بين ذراعيها بعمق محاولة طمأنتها متجاهلة ذلك الجمود و الرتابة التي قابلتها بهما الأم
- طالما لم تصل الرصاصة إلى الرئة و لم تتلف الأنسجة فنحن تخطينا خطر الموت..
و لكن و يالا الاسف لم تستطع جولاي أن تلحق بالوقت و تبتسم حتى لأن مجيء ألب جاء معه الإنذار بكارثة أخرى على حياة هذان العاشقان
- لا أظننا تخطينا أي شيء..صحيح أنه تم القبض على إستيرا و لكن..كاراجول..هربت!
............................................................................

Continue Reading

You'll Also Like

73K 1.7K 13
الملخص كان مستلقيا على العشب يفكر في شؤونه الخاصة وإذا بشيء كبير رطب يقفز فوق صدره سرعان ما تبعه شيء أنثوي دافئ وفجأة رأى انجلو ماربدو نفسه يحدق في أ...
129K 2.5K 11
الملخص: لتسعد روزيل جدتها التي تحبها كثيرا وافقت مكرهه على الزواج الذي دبرته لها من حفيدها ليون شوفيني لكن لكل واحد فيهم ارتباطات مسبقه في اماكن اخرى...
19.9K 421 15
لا تزال لورنا تحت تأثير الصدمة ، بالأمس فقط أعلن خطيبها انفصاله عنها وهو اليوم يعرض عليها عملا في اسكتلندا لتكون الممرضة الخاصة لسيده عجوز واسعة الثر...
307K 12.2K 22
* هل في ليلة واحدة يفقد الإنسان كل مايملكه حقا أم أنه مجرد تعبير مجازي لا أساس له من الصحة * لكنه حقا حدث وفي ليلة واحدة إنقلبت حياة تلك المراهقة ذا...