آه ، لقد كان هذا إختباراً .
إن هذا كـالإختبار لتعرف مدى تصميمي .
"...."
"إتضحَ أنهُ عندما نذهب إلى خارج البوابات يُمكننا رؤية الزهور تتفتح احياناً في هذا الطقس .. و لكن من الخطر للغاية الخروج إلى خارج البوابة ليلاً وحدكِ."
وضعت كلوي السيجارة في فمها مرة أخرى .
و تحدثت مرة أخرى بعدما نفثت الدخان .
"يُـمكن للحيوانات البرية التجول ، و يُمكن للوحوش ايضاً التجول ليلاً ."
كان صوتها منخفضاً ، كما لو كانت تُحاول إخافتها .
"بالطبع ، يجبُ أن تتجولي في الطريق المظلم وحدكِ ، البارد و الوعر للعثور على الزهور ."
غطى الدخان تعبير كلوي مرة أخرى كما كان من قبل .
لم أتمكن من رؤية التعبير الذي كانت تقومُ به ، لكنني أظن أنني أعرف ماذا كان يجري .
لا أعرف لماذا غيرت رأيها بشكل مفاجئ ، لدن كلوي كانت تحاول منحي فرصة .
"إن خرجتِ للبحث عن الزهور فقد تستمرين في الصراخ و الصراخ ، هل سـتحضرين زهرة من أجلي ؟"
"إن كنتِ لا تمانعين بأي نوع من الأزهار ، فـسوف أجلبها لكِ."
لم يكن هناكَ سببٌ لرفض عرضها .
بإجابتي الحازمة ، لمحتُ شفتيها بين الضباب الأبيض العائم .
لقد كانت هناكَ إبتسامة راضية للغاية ترتسم على فمها .
كما لو أنني قد قُلـتُ الإجابة الصحيحة ، بدت كلوي راضية جداً و لكن على عكس الفتى الموجود بجانبها .
"أمي ! ما الذي تتحدثين عنه ؟؟ أين ستـقضي هذه الليلة ؟"
كان من الغريب بعض الشئ رؤية هذا الفتى شاحب الوجه وهو يتكلم بجدية .
ربما كانت هذه المرة الأولى التى أرى فيها شخصاً لا يحتقرني و يهتم بي بصدق .
حدقتُ به من دون أن أدركَ ذلكَ .
عندما لاحظ نظراتي ، شعر بالإحراج فجأة و بدأ بالسعال و تحدث مرة أخرى مع كلوي .
"رجاءاً اطلبِ منها شيئاً آخر . حالة هذه الطفلة سيئة للغاية ... إن قامت بشئ خاطئ فـسوف تتأذى بشدة ، إن الغابة خطيرة هذه الفترة ."
"إن هذا إختيار دافني ، لماذا تتجادل ؟"
كلمات كلوي أغلقت فجأة فمِ الصبي .
ثم قام بتغيير تعبيره كما لو أن هذا غير عادل و نظرَ إلىّ .
اومأتُ برأسي لأنني إعتقدتُ أنه يسألني إن كنتُ سـأفعل هذا حقاً .
ثم رفعَ صوته بذهول .
"يبدو و أنكِ في الخامسة أو السادسة من عمركِ فقط !"
"عمري سبعُ سنوات ، و لقد أتيتُ طوال الطريق و وصلتُ إلى هنا لأنني اجري بشكل جيد."
نظرَ إلى إجابتي الصارمة .
قالت له كما لو أنه لم يوجد هناكَ خطأ «ما المشكلة في ذلكَ؟»
"منذ أن دافني أضرمت النار في الميتم لن يكون هناكَ مشكلة بالهرب من البواية ، ولا توجد مشكلة في عزيمتها كذلكَ."
قامت كلوي بشد شعر الصبي قليلاً ثمَ نظرت إلىّ .
"لكنني لا أحبُ الإنتظار ، من الأفضل لكِ الرجوع بسرعة . احضريها عند الفجر ."
بعد التأكد من توفر الظروف المناسبة ، إختفت كلوي من المكان بين الدخان .
كان تلكَ هي المرة الأولى التي اراها فيها ، لكن لم يحن الوقت بعد .
حاولتُ الذهاب إلى البوابة على الفور بعد أن تذكرتُ انه لا يوجد وقتٌ كافٍ .
عِـندما تُتاح لي الفرصة ، يجبُ أن اتصرفَ بسرعة!
"...."
كان من الجيد أن أكون مستعدة للخروج بسرعة ، لكن سرعان ما أدركتُ الموقف و نظرتُ إلى الصبي ببطئ .
"أنا لا أعرف أين البوابة ."
"...."
"ألا يُـمكنكَ فقط إرشادي إلى هناك ؟"
"....."
سكتَ الصبي لفترة ثم تنهدَ و قال .
"في البداية ، أعتقدُ انهُ يجبُ ان أقوم بإرتداء حذائي ، لذا إنتظري دقيقة سوف آخذكِ إلى بوابة المدينة."
***
كان لينوكس ، الصبي ذو الشعر الأخضر لطيفاً معي .. على عكس أي شخص قابلتهُ في حياتي .
"لقد قلتِ دافني صحيح ؟ ، إسمي هو لينوكس بينديكتو ."
جعلني لينوكس أنتظر حتى يأتي ، ثم جاء بحذاء صغير.
على الرغم من أنه ربما كان أصغر حذاء لديه ، إلا أنه كان كبيراً و فضفاضاً بالنسبة لي .
نظرَ إليه ، و لقد بدى لينوكس حزيناً .
كانت العيونة اللامعة الخضراء التي كانت لديها نظرة خوف لي و ليس إزدراء غريبة للغاية بالنسبة لي .
'...يالهُ من فتاً غريب.'
لا أعرف إن كان شخصاً مُـتعاطفاً في الأصل ، و لكنها المرة الأولى التي اتلقى فيها اللطف من طفل ، و ليس كـإبنة المرأة الشريرة . كانت أطراف أصابعي تستحكني .
نظرَ إلىَّ لينوكس بعد أن إرتديتُ حذائي بعيون مُعقدة و تكلمَ مرة أخرى .
"الجو بارد للغاية ، أنا متأكد انكِ سـتصابين بنزلة برد في هذه الحالة."
قام بإعطائي ردائاً صغيراً ، و لكن يبدو أنه لم يعجبه .
"أنهُ لأمرٌ مؤسف أن يكون هذا كل ما لدىّ ، سأتحلة بالصبر هذه المرة ."
اومأ برأسه بدون أن ينطق بأي كلمة و تابعت الكلام .
"..إن هذا المكان بعيد قليلاً عن البوابة ، لذا من الأفضل أن نسير يداً بيد صحيح ؟"
لقد كانت يدي ترتجف ، لكنه لم يرغب في الرفض .
أمسكَ لينوكس يدي بعناية و سار معي ببطء إلى البوابة وفقاً لخطواتي .
"سيكون الأمر خطير جداً خارج البوابة . لذا إن كنتِ خائفة و تريدين الإستسلام ، فلا بأس ان تستسلمي و تعودي."
"بهذه الطريقة لن أستطيع الحصول على الازهار ."
"لكن الأمر خطير جداً في الخارج . أكثر مما تتخيلين ."
كان هناكَ إجابة واحدة يُمكن أن أقدما له."
"لم يكن هناكَ مكان لم يكن يشكل خطورة بالنسبة لي في حياتي حتى الآن . المسار الذي أسيرُ فيه هو طريق شائك ، لذلكَ لن يكون مختلفاً لمجرد ان الطريق الذي سأمشي فيه خطير قليلاً."
كان من الرائع أنه كان دافئاً جداً معي .
"لذلكَ ليسَ عليكَ التظاهر بالقلق الشديد."
قد يكون هذا تمثيلاً أو لا .
بالتفكير في أورلين ، صنعتُ حاجزاً .
تعمدتُ خفض رأسي و الإبتعاد عن لينوكس .
منذ ذلكَ الحين لم يحدث بيننا أي كلام .
***
مثل الصوت الذي كان يُـسمع من الجو ، لم يكن هناكَ حُراس امام البوابة .
لم يكونو هنا في نفس الوقت . ماذا سيفعلون إن كان هناك مشكلة في العاصمة بعد ذلك ؟
"يبدو و كـأن الحُراس لا يقومون بعملهم بشكل جيد."
كما لو أن لينوكس كان يُفكر في نفس الشئ مثلي ، ثم بدأ بالحديث .
شعرت و كأنه كان هناكَ إجماع لذا حركتُ يدي مرة واحدة .
"يجبُ عليكِ العودة بأمان."
كانت الغابة مظلمة للغاية بإستثناء المصابيح التي تضئ البوابة .
إن أكلت النار الميتم ، فالظلام كان يأكل الغابة .
بينما كنتُ انظرُ إلى الظلام و ارتجف ، شعرتُ ان لينوكس ينظر إلىّ بتعبير قلق .
"...يجبُ ان تتوقفني هنا..."
"لا ، أنا لا أريد هذا ."
سواء كان قلقاً فعلاً أو أنه فقط يتظاهر بالقلق ، لم أستطع الإستسلام عند تلكَ النقطة .
إن إستسلمت لن يكون هناكَ مكان لأذهب اليه .
كان وجه لينوكس عبوساً ، لكنه لم يمنعني بعد الآن .
"إن سرتِ على طول الطريق يُـمكنكِ ان تجديها .. إذهبي."
اومأت للكلام التي بدت و كأنها تشير إلى طريق مخفي في الظلام .
ذهبتُ لوحدي إلى الغابة مُبتعدة عن مرمى بصر لينوكس .
بدا الظلام الذي لم يُـمكني من رؤية أي شئ امامي و كأنه سيفتح فمه و يأكلني و قد بدأت خطواتي تتباطأ .
'مظلم ...'
ربما بسبب البرد ، لم أستطع حتى سماع حركة حتى لحشرة واحدة .
على الرغم من أنني تمكنت من رؤية ضوء القمر بشكل ضعيف ...
في صمت هذه الغابة ، لم أكن أسمع سوى خطواتي .
صمت تام ، و كأنني تُركتُ وحدي في هذا العالم .. أُصبتُ بالقشعريرة .
'قد يكون الأمر مخيفاً بعض الشئ...'
في مثل هذا الوقت ، يجبُ ان اكون متيقظة و أجد الزهرة بسرعة .
لحسن الحظ ، لقد كان الطريق منظماً جداً و لقد كان ضوء القمر يضئ عليه ، لذلكَ لم تكن هناكَ صعوبة في ايجاد الطريق .
على أمل رؤية ضوء خافت في الظلام ، حركتُ رأسي و قد كانت انفاسي ينبعث منها البخار من البرد .
بعيداً عن الزهور ...
لحسن الحظ ، لقد كان العشب ينمو .
قمت بلف نفسي بـرداء على أمل أن أنسى البرد ،و بينما كنت أسير على الطريق المصقول بشكل نظيف جاء صوت غريب من الجانب .
"....."
كانت غابة هادئة جداً بـحيث بإمكاني سماع صوتي فقط و أنا أتحرك .
لذلكَ سمعت صوت هادئ بجانب أذني كما لو أنه قريب جداً مني ، و لم أفقد الصوت .
لقد كان صوت حيوان يتحرك و يدوس على العشب و يشتم .
يتحرك و يتحرك و يدير رأسه ببطء نحوي .
حيثُ وجهتُ نظري ، بدأ الصوت يقترب أكثر فأكثر .
في اللحظة التي يظهر فيها حيوان كبير بين تلكَ الاغصان الجافة ، سأموت بالتأكيد .
بـمجرد ان أدركتُ ذلكَ ، بدأت بالركد بشكل عشوائي بين الأدغال و ليس فقط عبر الطريق .
بدا لي و كأنني بإمكاني سماع نباح الوحش من الخلف ، لكن كان علىّ ان أفعل شئ ما دون حتى التفكير في النظر إلى الوراء .
لا أعلم إلى أي مدى يُـمكنني فيها أن أبتعد عن البوابة .
لم أستطع التوقف ، جريتُ لانجو بحياتي .
هل ركضتُ لفترة طويلة؟؟
وصلَ تنفسي إلى أقصاه ، ووضعت يدي على فمي و صرختُ لقد وصلت قدماي لأقصى حد .
في اللحظة التي أدركتُ فيها هذا ، لم تستطع قدمي المصابة ان تتحمل و سقطت ملتوية .
عندما نظرتُ إلى الوراء و سقطت على الأرض بقوة ، لحسن الحظ لم أستطع رؤية الوحش يطاردني .
عندما نظرتُ حولي و جدتُ أن المكان كان مظلماً جداً لدرجة أنني لم أكن أعرف حتى أين كنتُ .
حاولتُ أن أجبر قدمي على التحرك و النهوض لكنني لم أكن قادرو على ذلك .
حتى ضوء القمر الذي كان يضئ الطريق إختفى .
عند رؤية المكان ، الذي كان في الحقيقة مظلماً للغاية .. فهمتُ الوضع الذي كنتُ فيه .
كان فقط الظلام .
لم يتسرب ضوء القمر إلى الغابة المغطاة بالشجيرات و الشجر الكثيف .
لقد شعرتُ حقاً انه قد تم التخلي عني في هذا العالم .
الاهم من ذلكَ كله أنني قد كرهتُ الظلام الذي لا يوجد به ضوء واحد حتى .
أنا أكره هذا اللون الداكن .
لأنه اللون الذي يمتلكه الناس اللذين يكرهونني .
لهذا السبب أنا أكره هذا اللون .
أطلق الظلام الذي من حولي هالة باردة ، و كانت تبدو و كأنه ستمزقني في الحال .
صرختُ بـكل قوتي و كنتُ أريد أن أحرك ساقي بسرعة و أن أتحركَ من هنا .
و مع ذلكَ ، لم تكن قدماي تتحرك و كأنها لا تريد إتباع أوامري .
"تحركِ ، تحركِ !!"
تحركِ لتعيشي .
لقد فات الاوان بالفعل لإستعادة كل شئ .
اوه ، لا أعتقد أنني أستطيع التحمل بعد الآن .
تجمعت الدموع بالفعل بسرعة حول عيني ، و بدت و كأنها سـتسقط في أي وقت .
لقد كان فقط الرياح الباردة التي إخترقت جسدي ، و الفضاء الهادئ و وضعي الضائع .
في هذا الظلام ، لقد لمستُ بشرتي .
"أنا خائفة..."
يبدو و كأن هذا الظلام سـيبتلعني في النهاية ، لذلكَ أعتقد انه سيكمل موتي و يكمل القصة بنهاية سعيدة .
في النهاية ، لقد كنت خائفة جداً لدرجة أنني سوف أحرم من وجودي لـنهاية سعيدة .
بدون خفقان قدمي من شدة الألم ، لكنت بالفعل إعقتدت أنني ميتة .
سقط رأسي من تلقاء نفسه و في نفس الوقت سقط الأمل .
الشعور بالسقوط في الظلام الدامس من دون وجود مكان للجلوس .
عندما كان الأمل على وشكِ الذهاب .
من خلال رؤيتي المشوشة ، قد كان بإمكاني رؤية شئ ناعم .
يتبع....
متنسوش ال Vote للدعم ❤️❤️🙆