الفصل 1

307 20 1
                                    

كنت تشاهدين الحي من الأعلى، مستندة على السور الحديدي لردهة المبنى السكني و نسيم الليل يداعب خصلات شعرك. من يرى نظراتك من الوهلة الأولى سيظن انها فارغة خالية من التعابير لكنها تخفي مشاعر متقلبة و كأن هذه هي آخر مرة ترين فيها ذلك المنظر الذي اعتدتِ عليه لسنوات، المدينة التي لا تزال مفعمة بالحياة حتى عند اقتراب منتصف الليل. تقطع خيط أفكارك أصوات صفارات الإنذار، هناك بعض سيارات الشرطة والمزيد من الشرطة في الطريق، يبدو أنهم ما زالوا يبحثون عن الدب الطليق الذي يُعتقد انه ظل طريقة و دخل المنطقة الحضرية كما اخبرك ضابط ما قبل دقائق ليست بطويلة.

طرقت لسانك معبرة عن انزعاجك "لا أحد سيلاحظ حتى. سيمضي كلٌ في طريقة و ستستمر الحياة".

استدرتِ لتفتحي باب شقتك و عندها ظهر ظل شخص، او ظل دب كما يخيل إليكِ خلف صناديق القمامة، كان يختبئ، حاولتِ فتح الباب بأسرع ما يمكن لحماية نفسك، كان الرجل هائلًا و يبدو غاضبًا لأنه بدأ بالصراخ و الركض نحوك، و قد كان يتكلم بلغة غريبة، بدا ذلك اشبه بالسحر، انه يرتدي ثيابًا شتوية، و مظهره يوحي انه مشرد بسبب شعره الطويل ولحيته. ادركتِ انه يعاني من إصابة ما لأن ثيابه كانت ناقعة في الدم، لكن الوقت ينفذ منك.

تمكنت من فتح الباب و حاولت الدخول بسرعة و إغلاقة خلفك، لكنه وضع يده بين الإطار و الباب و بدأ يسحبه باتجاهه، كانت معركة تُحسم في ثواني لصالح الأقوى و ادركتِ ان لا شيء بيدك لتحمي به نفسك، و من المستحيل ان تصل الى المطبخ لتحضري سكينًا في الوقت المناسب. فقررت بعد عدة مشادّات ان تفلتِ الباب في لحظة غير متوقعة لتفقديه توازنه و تكسبي بعض الثواني ليتسنى لك الركض نحو غرفة المعيشة حيث تركتِ شفرات المشرط هناك. لكن لحظة افلاتك الباب ارتطم برأسه و سقط الرجل ذو الوزن الثقيل على الأرض ساكنًا مغشيًا عليه.

شهقتِ عندما ادركت أن هنالك سهاما وقطعةً من رمحٍ خشبي سميك مغروسة في ظهره. نظرت إلى محيطك ولسبب غبي قررتِ أخذه، كيف يمكنك ذلك انه يزن كثيرًا. ادخلته بعد عناء الى منزلك لمداواة جروحه؛ أوليست هذه هي مهنة أحلامك؟ ألم تبذلِ جهدكِ خلال السنتين الماضيتين في تحصيل أعالي الدرجات حتى تتمكنِ من اجتياز امتحان القبول في كلية الطب؟ و إلا لمَ تحملتِ كل المعاناة و العقبات التي واجهتها في طريقك حتى الآن؟

حسنًا، كانت عملية مداواته يسيرة حتى استيقظ. لكنك كنت مستبصرة و قمتِ بتقييده حتى لا يهاجمك عندما يستيقظ. حاولتِ تهدئته قليلًا، و حاولت أن تشرح له أنك عالجتِ جروحه. لكنه لا يفهم أي شيء، كانت اللغة حاجز لا يمكن التغلب عليه. أخيرًا، تحدثتِ معه عن طريق الإيماءات و اللغة الإنجليزية، يبدو انه يألفها لكنه لا يتقنها او يفهمها تمامًا.

اشرت الى نفسك وقلت: "(اسمك)".

في وقت لاحق، أشرت إليه وانتظرت. كان ينظر إليك بفضول، وتألقت عيناه البنيتان قليلاً حين نظر إلى نفسه. لقد خلعت معطفه وقميصه، كان صدره مكسوًا بضمادات و مغطًا ببطانية. إنه كبير جدًا لدرجة أن الأريكة لا تتسع لقدميه الطويلتين. يمكنك الجزم ان هنالك المزيد من الندوب في جسده، على الأقل مما رأيتِ من صدره وذراعيه وظهره.

"بيورن".

فاجأكِ صوته. أجش، هادئ، و هو صوت مختلف عن أي صوت سمعته قط. أنت لا تعرفين ما إذا كان بسبب لهجته أو الطريقة التي ينطق بها باسمه، ولكن شيء دافئ ولد في صدرك. لا يسعك تجنب الابتسام، ليرد لك الابتسامة بدوره.

الأمير و الوحش - فينلاند ساغاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن