الفصل 20

79 14 4
                                    

أخذ بيورن هانو إلى كوخٍ و بدأ بمداواة جرحه، كان الدم غزيرًا إلا أن الإصابة ليست بذلك السوء فعلًا، فلم يُصب بارتجاج في الدماغ على الأقل و إنما خرج بِعدة جروح لا أكثر. كان الجرح الأكبر يكشط حاجبه الأيسر نزولًا إلى خده، و الجرح الآخر يعبر جسر أنفه من نفس الجهة. أخذ بيورن قطعة قماش و بدأ يوقف النزيف.

"يا للأسف، سيترك ذلك ندبة واضحة على وجهٍ لطيف كهذا"

"لا أمانع، الأهم الآن هو أنني أشعر و كأنني فقدتُ السمع في اذني اليسرى. هناك صوتُ صفير و طنين مزعج يتردد فيها"

"هذا طبيعي، ما دمتَ تسمع ذلك فسيعود سمعك مع الوقت. و قد تعاني من بعض الصداع ريثما يحدث ذلك. ألم تفكر في ارتداء خوذة؟"

"لا، الخوذة ليست أسلوبي...فأنا أجيد الرماية أكثر من المبارزة في الواقع. إنك تبدو خبيرًا في هذا المجال، هل تُصاب كثيرًا"

"كنتُ أصاب كثيرًا، و لكنني اعتدتُ الأمر و تعلمتُ كيف اتفادى ذلك. بالمناسبة، أسلوب قتالكَ ذاك.... من أين تعلمته؟" تغيرت نبرة بيون إلى الجدية هنا.

".... أنا... تعلمته من صديق" قال هانو بارتباك وقد أشاح بنظره عن بيورن.

"مثيرٌ للاهتمام، كنتُ أقاتل هكذا عندما كنتُ في سنك و أصغر. و أين هو صديقك الآن؟"

"في الواقع أنا في رحلة بحثٍ عنه، إنني أفتقده كثيرًا"

"أنت ممن يتبعون قلوبهم إذًا؟"

"لا أعلم يا بيورن، قلبي قد تحطم إلى مليون قطعه، فأي قطعة أتبع يا ترى؟" قال ساخرًا من حاله الذي وصل إليه، فالشباب في هذا العمر يسعون لتحقيق ذواتهم و غالبًا ما يظِلّون الدرب كثيرًا.

ضحك بيورن و ربط رأس الفتى بعدما دهن معجون أعشابٍ ما على جراحه. لم يتأفف هانو و يتذمر بل ظلّ يسأل عن مكونات الخليط بفضول و يحفظ كل ما يخبره به بيورن. و أشار لأنه يريد أن يتعلم ليصبح معالج العصابة، "يمكن لنا الاستفادة من خبرات بعضنا البعض" كما يقول.

عند مغادرتهم القرية كانت الفتيات يلحقن هانو للاطمئنان عليه و توديعه، و كان يلوح لهم و يعدهم بجلب أحلى الحُلي و التذكارات. و كان بعض الرجال يلوحون للفتيات في محاولة لجذب انتباههن أيضًا و لكنهم قوبلوا باستهجان منهن و عدم اهتمام فقد سرق هانو الأضواء بالفعل و راحت عليهم الفرصة.

انقسموا على السفينتين و ركب هانو على متن السفينة التي يقودها بيورن، بدأ الرجال بالتجديف مبتعدين عن اليابسة شيئًا فشيئًا حتى بات بإمكانهم نشر الأشرعة و ترك الرياح تقوم بعملها. و باتت السفينة تشق طريقها بسرعة عالية فكما هو معروف عن سفن الفايكينغ أنها من أسرع السفن و ذلك يعود لتصميمها الطويل و عرضها النحيف. أوقد ذلك شعلة الحماس في الفتى فانطلق نحو مقدمة السفينة و اعتلى منحوتة رأس التنين و صرخ بأعلى صوته "I'm the king of the world!" بمعنى أنا ملك العالم.

الأمير و الوحش - فينلاند ساغاWhere stories live. Discover now