الفصل الثالث عشر

715 14 0
                                    


-"ماذا أفعل أمي ؟..إذا إنتشر خبر طلاقي سأكون حديث الجميع إفعلي شيئا ..تلك الساقطة أمالت عقله و سرقته مني"
هتفت غدير لوالدتها وهي تدور حول نفسها بعصبية بينما والدتها ترتشف قهوتها بهدوء قبل أن تنظر لها وتقول بتفكير:
-"ما إسم تلك الفتاة ؟.. وهل أنت متأكدة أنها على علاقة بعاصم؟"
قالت غدير بصوت مهزوز من شدة عصبيتها:
-"إسمها ديما .. وأجل متأكدة فالجميع رأوهم أكثر من مرة لدرجة أنها كانت تنتظره على باب الشركة بعد ذهاب الموظفين أمي .. وقبل كل هذا لقد هتف بإسمها في نومه هل هناك دليل أكبر من هذا..ماذا أفعل ؟"
وضعت والدتها الكوب الفارغ مقلوبا في طبقه ثم قالت لها بغموض:
-"سأخبرك بما عليك فعله وإياكي و الخطأ ..ولكن قبل أي شئ أحضري لي كل معلومة عن تلك الفتاة ولا تغفلي عن واحدة منهم"
قالت غدير بتعجب:
-"ماذا ستفعلي أمي؟"
ضحكت والدتها بخبث ثم قالت:
-"سأخبرك عندما تأتي بتلك المعلومات ..أما الآن إستدعي لي أنعام لتقرأ لي طالعي"
-"أووف أمي .. هل هذا وقت أنعام "
قالتها وهي تخرج من الغرفة تكاد تحترق من الفضول لمعرفة ما تفكر فيه والدتها ..
           ...............................................
أثناء العمل كان الجميع ينظر لديما بنظرات إزدراء .. وسمعت همهمات الموظفين عنها يصفونها بأبشع الكلمات ما بين سارقة و ساقطة ..حيث يظن الجميع أن مسامحة عاصم لديما ليس لها سوى معنى واحد أنهما يجمعهما علاقة تجعله يتغاضى عن سرقتها لأنه لا يتهاون في حقه أبدا .. عندما سمعت كلماتهم كانت ستنقض على كل من يتفوه منهم بكلمة ولكن منعها عمار و شهد.. ظلت ديما تعمل حتى تلهي نفسها عن التفكير فهي تكاد تجن كيف سرقت منها تلك التصاميم هي لم تتخذ أي إحتياطات لم تتضع في بالها تلك الفكرة أبدا..أثناء إنشغالها بالتفكير في مصابها رن هاتفها .. نظرت لرقم المتصل وجدته باسل لم تكد تبتسم حتى جال بفكرها مصيبة أكبر لم تضعها في الحسبان ردت بتوتر و هي خائفة من رد فعل باسل ..
-"مرحبا باسل ..كيف حالك؟"
-"لقد أصبحت بأفضل حال بعد سماع صوتك "
إحمرت خجلا قيلا و نظرت أرضا خشية أن يراها عمار وشهد ثم همست بهدوء..
-"باسل ..أريد التحدث معك في أمر مهم و أرجو أن تتفهم موقفي "
هتف بذعر مصطنع..
-"لا تخبريني أنك ستتركيني أعاني ويلات حبك بمفردي ..لا تفعليها ديما لا لا "
أبعدت الهاتف عن أذنها لتنظر له ثم أعادته مرة أخرى لتقول :
-"باسل هل يمكنك الصمت قليلا..يا إلهي أنت كشقيقتك تمام أعطني فرصة للكلام "
صمت باسل ..لتتنهد هي و تخبره بكل ما حدث في يومها ظل صامتا بعد كلامها فقالت:
-"باسل هل مازلت معي؟"
قال بنبرة جادة:
-"أجل ديما..إسمعيني جيدا لن تذهبي مع عمار اليوم أنا سأمر عليكي و سأوصلك بنفسي لنتحدث في الطريق"
لم تطمئن لنبرته ولكنها وافقت فهي تحتاج للتحدث معه حول عدة أمور..لذا أخبرت عمار أنها ستذهب مع باسل .
                     .........................................
جلست ديما مع باسل في أحد المطاعم وبعدما قصت عليه مجددا كل ما حدث أخبرته بما يقال عنها من الموظفين وأيضا ما وصلها من كلام من قبل عن علاقتها بعاصم ..نظرت له بتوجس بعد إنتهائها من الكلام لم تتبين رد فعله لجمود ملامحه ولكنها إستشفت كم الغضب المنبثق من عينيه لذا إلتزمت الصمت و إنتظرت حكمه عليها فهو مهما كان متفهما يظل رجل شرقي ..وبعد القليل من الصمت قال بهدوء:
-"ستنهي المطلوب منك ديما ولكن بعدما تسليمهم تلك التصاميم ستتركي الشركة .. و يمكنني التحدث مع السيد نبيل كي تعودي للعمل معه مرة أخرى "
لم تتوقع ديما أن تكون تلك نهاية حلمها فقالت له:
-"ولكن بتركي للشركة سأثبت للجميع أنني السارقة .. وأنا لم أفعل"
-"أصبح وجودك في الشركة خطأ ديما .. هؤلاء الناس يطلقون الشائعات و يصدقوها .. و أنت لن تتحملي ما يقال و أعذريني ديما أنا أيضا لن أرضى بسماع كلمات كتلك على زوجتي ..لذا تجنبا لكل الأقاويل ستتركي تلك الشركة"
لم تقتنع ديما أن تركها للعمل هو الحل ولكنها تفهمت موقف باسل لذا وافقته الرأي ولكنها قالت:
-"و ماذا عن المهلة المحددة ..و أيضا كيف سنتزوج خلال هذا الوقت "
إبتسم باسل و مال على الطاولة قائلا:
-"لن نغير موعد الزفاف ديما حتى لو قمنا بعمل الحفل في شركة رضوان أنا لن أبالي "
إبتسمت بخجل ولكنها قالت بيأس:
-"كيف سأنتهي من تحضيرات الزفاف و ألحق بالعمل في نفس الوقت "
-"لتساعدك ملك .. هي الآن متفرغة تماما و لكن لا تغير ديما .. أنا يمكنني تأجيل سفرنا لقضاء أجازة شهر العسل ويمكنني السماح لك بالذهاب للعمل صبيحة يوم الزفاف ولكن أبدا لن أقبل بالتأجيل كحل"
-"إذا ..سأحاول قدر إستطاعتي الإنتهاء قريبا"
قالت كلماتها وهي تنهض معه ليذهبا حتى لا تواجه تحقيقا في المنزل من والديها .
                ..................................................
وصلت منزلها وجدت والديها يتحدثان ووالدتها ممسكة بورقة وقلم إنفرجت أسارير والدتها عندما رأتها تدخل من باب المنزل فنادت عليها لتجلس معهما .. و رغم تعجب ديما من تصرف والدتها إلا أنها دلفت الغرفة وألقت التحية بهدوء ثم جلست معهم .. نظر والديها لبعضهما البعض ثم قالت والدتها لها ..
-"ديما أنت تعلمي أننا كنا نجهز لزواج حلا و قد أتت زيجتك أنت أيضا لتنقلب الموازين و بصراحة وضعنا لن يتحمل هذا الضغط"
نظرت ديما لهما بتعجب و قالت:
-"ولكن أنت أمي من أصرت على إتمام عقد القران ..ووالدي هو من حدد موعد الزفاف..عموما إن كان الأمر صعب لتلك الدرجة لا مانع لدي من تأجيل الزفاف"
هتفت والدتها بحنق:
-"تأجيل ماذا؟..أنا حتى الآن مازلت غير مصدقة أن أحدهم خطبك لتقولي تأجيل"
إبتلعت غصة في حلقها ثم قالت بفتور:
-"ما المطلوب مني بالضبط أمي"
نظرت والدتها لوالدها الذي لم يتحدث فأكملت هي:
-"في الواقع زواجك لن يكلفنا الكثير ..فقط بضع ملابس ومشتروات بسيطة و باسل أكرمه الله سيتكفل بالباقي .. أما حلا وضعها مختلف فعلى الرغم من أن حسام قد جهز شقته إلا أن حلا يجب أن تحصل على جهاز لائق بها .. لأنها يتيمة"
قالت كلمتها الأخيرة بحزن .. ولكن ديما لم تتأثر بكلماتها فقالت :
-"مازلت لا أعرف ما المطلوب مني أمي"
-"المبلغ الذي وفرتيه من عملك طوال الفترة الماضية سنكمل عليه بما هو معنا لنجهزكما سويا "
وقفت ديما كمن لدغها عقرب وهتفت بجزع:
-"ماذا؟..هل تريدين أخذ ما تعبت فيه كل تلك السنوات من أجل حلا..هي لديها مبلغ في المصرف لقد تضاعف على مدى سنوات لما لا تستخدموه"
هتفت أمها بضيق:
-"مجددا نعود لنفس الكلام ..هل تريدين للناس أن تتحدث عنا ليقولوا أننا أكلنا مال اليتيمة"
-"تبا للناس أمي..لقد حرمت نفسي من كل شئ لأجمع هذا المال..لا تعلمي كم مر علي من وقت في العمل أشتهي شطيرة ولا أبتاعها حتى أوفر ثمنها..لا تعلمي كم مرة تعرضت للتحرش و المضايقات في الحافلات كي أوفر ثمن سيارة الأجرة..تحملت كلام الناس عن ملابسي الباهتة التي لا تتغير..كل هذا لتخبريني بأن حلا تستحق جهازا يليق بها و هي ستتزوج إبن عمتها ..بينما أنا لا أحتاج لشئ ..لا أمي هذا المال هو كل ما أملك لتحقيق حلمي ..و لا أريد منكم شئ فلتهتموا بحلا كما كنتم و أنا لا تشغلوا أنفسكم بي ..سأجهز نفسي بنفسي"
قالت كلماتها الغاضبة وذهبت وقبل أن ترد عليها والدتها بغضب أوقفها زوجها ..فهو من البداية غير موافق على هذا الرأي .
جلست ريهام في غرفتها وهي تبكي بشدة ثم أمسكت هاتفها و طلبت رقم أسر ليجيبها بمرحه المعتاد..
-"إشتقت إليك يا معذبتي.. كيف حالك حبيبتي؟"
إزداد بكاءها عندما سمعت صوته فقال بقلق:
-"حبيبتي لما تبكين .. هل أنت بخير"
-"لا لست بخير..إشتقت إليك أسر"
ضحك أسر وقال لها مازحا:
-"أتنتشين بنار الهوى"
لم تشاركه المزاح ولكنها قالت بترجي:
-"يجب أن تعود أسر ..يجب أن تعود قريبا"
زفر أسر بضيق وقال لها:
-"هل سنتحدث مجددا في هذ الأمر .. لم أستقر في العمل بعد ..فلتتحملي قليلا ريهام "
إزدادت شهقاتها و هي تتوسله مجددا..شعر أسر أن هناك خطب ما فقال بحزم:
-"ريهام ماذا يحدث معك ؟ ما الأمر؟"
همست بخفوت:
-"أنا حامل "
شهقت ريهام بحدة و أغلقت الهاتف عندما وجدت حلا تقف عند الباب تنظر لها بصدمة ..ظل هاتفها يرن بإسم أسر ولكنها لم ترد.
                             ......................................

اليتيمةWhere stories live. Discover now