الفصل السادس عشر

292 17 6
                                    

لم تتوقف عن الهلوسة والذهاب من مكان لأخر، برود غريب سيطر عليها، وذكرى رحيل سامر تراودها، فلم تتمالك نفسها وجلست تبكى أرضا، تبكى حالها ومصيرها المجهول، لقد دخلوا به للعمليات منذ أربع ساعات، وتوقف قلبه مرتين.

جلست أرضا، قدماها لاتتحملان كمية الضغط الهائل، وشيئا فشيئا أخذها التعب والإرهاق، فلم تعى على نفسها حين وضعت رأسها على الحائط وأغمضت عينيها، ولم تعلم أن تلك اللحظة التى غابت فيها، خسرت فرصة توديع حبيبها للأبد.

مضى على إحتراقه حوالى أربعة أشهر، لم تتوقف فيهما عن البحث عنه، تصلها رسائل من مجهول تارة عبر هاتفها وتارة تجد ورقة في عتبة الباب تخبرها أن تبتعد عن المنطقة، أو تتوقف عن فعل كذا وكذا، مبدئيا صارت حياتها فارغة، عينت محققا سريا ليبحث لها في أمر إختفاء أديب، فهي تتذكر جيدا حينما فتحت عينيها وجدت نفسها فوق فراش في سيارة إسعاف، والمشفى الذى فيه زوجها كان مجرد رماد.

تنهدت ماسحة قطرات العرق من وجهها، ستنسى هذه الذكرى، عليها أن تتغير، وابتسمت بسخرية هي فعلا تغيرت كثيرا، بطريقة لايستوعبها عقلها، إنعزلت عن الجميع، وقطعت علاقتها بالجميع، كرهت كرة السلة، صارت فتاة نكدية، الأسود والرمادى ألوانها المفضلة، تخشي الليل والظلمة لأنها تحس بالوحدة، هذا الشعور هو نقطة ضعفها الذي يعيدها للصفر.

إرتدت سترة ثقيلة بعض الشيء، فشهر فيفرى هو أبرد أشهر موسم الشتاء، لفت وشاحها البنفسجي، ووضعت قبعتها ذات نفس اللون، البنفسجى يبقى الإستثناء الوحيد بين الألوان، رشت عطرها الفاخر، وخرجت، بعد ربع ساعة تحديدا لديها موعد سيحدد مصيرها، إما أن يبدد شكوكها، وإما أن تتقبل مايحصل.

وبعد دقائق من المشي، جاءتها رسالة كالعادة من مجهول" غادرى المدينة، لديك مهلة ليومان، لك الخيار، لأنك ستتحملين العواقب فيما بعد"

مسحت الرسالة، فالمجهول قدم لها مهلة شهر، وبعد يومان نهاية هذه المهلة، يال التفاهة، ماذا يعتقد نفسه بتهديدها هكذا؟؟ ليست هى من ينصاع للغرباء، هذه كذبة بيضاء لأنها أطاعت أديب مغمضة العينان.

وصلت للمكان المنشود، طلبت لنفسها كأس عصير الفراوله،وتكلمت
_ماهي الاخبار!؟ هل فحصت عينة من الجثة؟
حرك مكعب السكر بالملعقة، وأضاف مكعبا ثانيا بصمت، صوت إصطدام الملعقة بحافة الكأس تثير إستفزاز أعصابها، لكنها تحملت، فهاهو توقف ليتحدث
_أنت تعرفين ان ماأملكه من معلومات ليس صحيح مئة في المئة، لكنى سأخبرك.
فأومأت محثة إياه على التحدث
_عليك إخبارى، لأن هذا هو عملك..
_أنت محقة سيدتى، لم أقدر على تحليل الجثة، ذالك أنها مقبرة جماعية، لم نعرف من هو زوجك منهم، لاتنسي أن جميعها محروق.
_ذالك الشخص المشنوق من يكون؟
حك لحيته ليلقي بقنبلته عليها
_إنه مجرد مجرم ذو سوابق،  إنه قاتل مأجور.
_إذن هل بحثت فى من بعثه؟!
_ماذا لو أخبرتك أنه نضال!؟

الحب تضحية ( مكتملة)Where stories live. Discover now