وتر معقود |عنصر الحبكة|

الأحداث وتأثيرها ببعض

الحدث هو ركن أساسيٌ من أركان القصة، ولا يمكن تأليف أي نصٍ كتابي بدون إيجاد حدث مفتاحي يحمل روابط تقود لعدة أحداث متتالية وفقًا لنظام محكمٍ مدروس يخلقه المؤلف.

وحتى نفهم ذلك، لدينا قصة افتراضية تبدأ بحدث رئيسي مهم ويمكن جعله شيئًا قدريًا، كأسرة من أب وأم وابن، عائلة سعيدة ميسورة الحال، في يوم يخططون لرحلة جبلية، وخلال سيرهم في الطريق الجبلي يقع حادث مروع؛ يموت الأب والأم في هذا الحادث وتكتب النجاة للطفل.

هذا ما يسمى بالحدث الرئيسي؛ كونها النقطة الأساسية التي ستعمل على تقليب وتبديل حياة الطفل بشكل جذريّ.

نأتي للأحداث التي تتفرع من هذا الحدث المأساوي الذي سلب حياة الأبوين

يجتمع الأقارب ويبدؤون في إجراء قرعة، من يتبنى ذلك الطفل؟ تقع القرعة على العم، فيضطر إلى اصطحابه معه للبيت، ومن هنا ستنتقل الأحداث لتحكي عن المعاملة التي سيتلقاها الطفل؛ لأنها فيما بعد ستكون هي العامل المؤثر على شخصيته، وستعمل على استقطاب المزيد من المشاهد المتسلسلة بشكل مدروس والتي ستخدم سير القصة.

كمؤلف يمكن أن أجعل الحياة التي يعيشها هذا الطفل جافة خالية من العاطفة، وذلك بتوظيف شخصية العم القاسي وأبناء العمومة اللئيمين، في ظروف تسبب نمو مشاعر الخوف من العالم الخارج، الخوف من المستقبل، الحزن والوحدة، ستمتد تأثير هذه العيشة الكريهة التي يعيشها الطفل إلى أن يكبر، لذا فإن الأحداث التي تتعلق بنشأته في منزل العم ستعمل على توطيد فكرة الاستقلال الذاتي في مرحلة من مراحل نموه، وذلك للهرب من واقع مؤلم يستمر في ملاحقته كونه عالة على هذه الأسرة، وعند حدوث ذلك فعليًا سوف تقودنا الأحداث مجددًا إلى حدثٍ فرعيٍّ آخر نتج من خلال تأثير الحياة التي عاشها، بحيث يجبر نفسه على العمل في عدة وظائف كتوزيع الجرائد، محاسب في مقهى، أو حتى عامل في تنظيف السيارات، وكل ذلك حتى يتمكن من تأمين حياته، إيجار مسكنه، ودراسته.

لذا فإن كل حدث صغير حتى المشاعر والقرارات التي تتشكل في أجواء الرواية التي يصنعها المؤلف ويجبر الشخصية على العيش في مرارتها، يمكنها أن تعمل كمحرك يؤثر في سير الأحداث، فمن مرحلة فقدان الأبوين، إلى العيش في منزل لا يقدم شيئًا من العطف، ثم إلى تكوين قرار الاستقلال الذاتي، كل حدث أثر في الذي بعده.

وما يأتي بعد الاستقلال يمثل الرابط الذي يتصل بنهاية القصة، بيئة العمل في مقهى يمكنها أن تنشئ له عدة علاقات مع زملائه في العمل، تتطور لتصبح علاقة تحت مسمى الصداقة، وهكذا يمكننا أن نخرج بطل الشخصية من حلقة الانطوائية والتفكير السلبي الذي يتمثل في ترسيخ مبدأ العيش وحيدًا، ويمكن توظيف تلك العلاقات لجعلها تكون المزيد من الأحداث المؤثرة في بعضها، وكل ذلك يعتمد على خصوبة خيال المؤلف وقدرته على الابتكار.

والحدث يعتمد على عدة أمور ليتم إنشاؤه، الزمان والمكان، إضافة إلى البيئة المحيطة بالشخصيات، لأن البيئة التي نشأ فيها البطل أثرت على مجريات القصة، فربما قرار واحد تتخذه شخصية يخلق المزيد من الأحداث المتسلسلة والتي تؤثر على بقية الشخصيات الأخرى، لكن البعض قد يواجه مشكلة في المتابعة، وتتوقف أفكاره في المنتصف، وهي في الحقيقة مشكلة تواجه أغلب الكتاب، وطريقة الخروج من تلك الدائرة المغلقة المزعجة تعتمد على قدرة الكاتب في التخيل وإيجاد الطريقة الأنسب لمتابعة تسلسل الأحداث في قصته، وجعلها تؤثر في بعضها بشكل منطقي ومدروس إلى أن تصل لخاتمتها.

°°°°°

الخلاصة:

-الأحداث المفتاحية تكون أساس الأعمال الأدبية، فتلك الأحداث هي ما تنشئ الأسباب للمزيد من الأحداث المتسلسلة المتتابعة، بشكل منتظم ومدروس.

-كل حدث مهما كان صغيرًا، له دور مهم في تحريك الرواية وسيرها.

-الزمكان وبيئة الشخصيات من الممكن أن تكون عوامل لها تأثيرها على الحدث.

- أيار مكايرن. ✨