البارت 5

32 4 2
                                    

أحسست به يضغط أكثر فأكثر على رقبتي حتى أصبح وجهي مخنوقا وعروقه الصغيرة قد برزت .. لم تكن عيوني تحتاج الى وقت أطول وأنا على هذا الحال لتخرج من مكانها لو لم يفلتني أخيرا .. بدأت أسعل بوثيرة سريعة وأحاول استنشاق الأوكسجين لتمتلأ به رئتاي و كأنني شخص أغلق عليه في زنزانة لم يعرف الهواء إليها طريقا .. رفعت عيني إلى ذاك الأحمق والتحدي في عيني واضح كما كان واضحا في عينيه أيضا .. رفع الي سبابته كتنبيه لي  ... لم أكن أعرف من سينبه الآخر هل أنا أم هو الذي كاد يقتلني .. لم أكن بالشخص الهين إخافته  .. كنت شخصا عنيدا جدا ويحب المواجهة ويا ليتني لم أكن كذلك .. لم أجد نفسي غير أنني أرفع سبابتي أيضا لأزيح سبابته وأنا أصرخ به قائلة :

_ من أنت يا هذا !! وكيف تجرأ على أن تضع يدك علي ربما لا تعرفني جيدا .. لست فتاة يمكن أن تخيفها قبضتك على رقبتها ولا  نظرتك الغامضة إليها .. أنا لست كغيري .. أنا لن أسكت لك على فعلتك أسمعت .. وهاتفي الذي كسرته ستحضر غيره ربما كلامي مفهوم لا يحتاج الى أي شرح أو تفسير.

وللمرة الأولى منذ شجارنا يفتح فمه ليتكلم ..

_ اسمعيني جيدا يا فتاة ... لست شخصا يصلح لك أن تعلقي معه .. و أنا أنصحك بهذا لأن صبري بدأ ينفذ ..

لم يتوانى كبريائي من جعلي أبصق على وجهه وأشتمه في رجولته .. ولولا صفعته التي زلزلت كياني حتى كاد يغمى علي لما سكتت له أبدا .. سقطت على الأرض ويدي على خدي أتحسس مكان الصفعة .. بقيت لثوانى على حالتي .. ومع محاولتي للنهوض رأيته يفتح نافذة سيارته ليقول لي أن التحدي بدأ بيننا للتو وأنه سيدفعني ثمن جرأتي الزائدة في البصق عليه بعد ذلك رحل ولم أعد أرى غير الغبار ورائه ..

_ أنت عار على الرجال يا هذا.. وستدفع ثمن هاتفي أنت الآخر أيضا ..

بدأت أصرخ خلف السيارة ولكن دون جدوى لم يكن يسمع صوتي غير زينب .

نظرت إلى الأفق.. الشمس بدأت في الغروب .. يا إلهي ستقتلني أمي إن تأخرت أكثر بدأت أنا وزينب في الركض نحو المحطة .. استقلنا سيارة الأجرة .. كانت قرية زينب أقرب من قريتي الى المدينة ... نزلت بعد الربع ساعة من ركوبنا بعدما بلغت سلامي الحار معها لأسرتها الصغيرة ..أما أنا فقد أكملت طريقي .. كان يلزمني ربع ساعة إضافية لكي أصل إلى قريتي لأكون  بهذا استغرقت النصف ساعة منذ أن استقليت السيارة ... وها أنا أصل أخيرا الى شجرة الطريق نفسها التي ركبت منها في الصباح بعد أن رفض السائق ايصالي الى باب منزلنا إن لم أعطيه زيادة على الستة دراهم .. من أين سأحضرها لهذا الأبله وأنا حتى سنتيم واحد ليس لدي.. نزلت من السيارة وأكملتها ركضا الى المنزل فقد أسدل الظلام ستاره.. وجدت أمي أمام باب المنزل وهي في ذهاب وإياب .. عرفت أن هذا ناتج عن قلقها من تأخري .. مسحت على وجهي واصطنعت الابتسامة بعد ما غابت عنه منذ اصطدامي بذاك الأحمق الغبي .

_أمي ..

قبلت جبهتها وتبسمت في وجهها رغم أنها بدأت تصرخ بوجهي ..

_ أين كنت وأين تأخرت كل هذا الوقت ؟؟

_لا تقلقي يا أمي فقط الأستاذ أخرنا قليلا في المحاضرة وتعلمين أن المحطة بعيدة عن الجامعة .

_ ولما لم تستقلي باص المدرسة ..

_لم آخذ نقوذه عند أبي بعد معرفتي بأنني تأخرت عن اللحاق به .. وقلت أن في المساء سأتمشى حتى أصل الى المحطة .. لما سأكلف أبي ما لا طاقة له به ... هيا بنا يا أمي الجو بارد هذا المساء.

_صباح  .. انتظري !!

_ماذا هناك ؟؟

_ أنظري إلي... ماهذا على وجهك ؟؟ .

_ أين ؟؟

_على خذك ..

اصفر لوني .. وقلت .

_لا شيء .. فقط عندي خروجي من القاعة ارتطمت بالباب... تعلمين أن أبواب قاعات الجامعة مختلفة عن الابواب الثابتة .

_وهل للباب هذا أصابع !!!

توترت إثر كلامها ولم أجد ما أقوله غير ..

_ أمي ماذا حضرتم .. أنا جائعة للغاية .. لم أكل شيئا من الصباح ..

كان باديا على ملامح أمي وبكل وضوح عدم اقتناعها بكلامي لكن رغم ذلك فإنها لم تحكر كثيرا على الوضع ..

دخلنا الى المنزل وتوجهت الى غرفتنا .. غيرت ملابسي بسرعة وأزلت وشاحي وفردت شعري .. بعد ذلك دلفت الى المطبخ .. وضعت على الطاولة براد شاي بجانب نصيبي من طاجين السمك الذي حضرته أمي .. تعلم أنني أحبه من صنع يديها .. أكلت حتى أحسست ببطني شبع ... بعد ذلك صليت صلاة المغرب .. وجلست في ركن الغرفة أنتظر صلاة العشاء لكي أصليها لكي أنام بعد ذلك .. فالطريق قد أتعبني وأنهك قواي .. صليتها ووضعت رأسي على الوسادة بعدما أخبرت أمي أنني لا أملك الشهية لوجبة العشاء .. أغلقت عيني فلم أجد غير أنني أقفز مفزوعة من مكاني ..لا يعقل إنها  صورة ذلك المعتوه تتخلل مخيلتي .. متعجرف غبي .. ييع كم أكرهه .. تذكرته حين قال :

_ أنت لا تتحدثين مع أي كان .. أنت تتحدثين مع فهد العمراني .

لكني أيضا لم أسكت له وقلت :

_ لا يهمني من أنت وإن كنت فهد العمراني فأنا صباح  الطاهر .

_ ومن تكونين أأنت شخصية هامة بهذا البلد وليس لي علم  !! .

_ لا يهمك هذا بشيء فقط اغرب عن وجهي .

ضغط على فكي بغيظ حينها وقال أتعلمين شيئا .. أنا من محبي الفتيات العنيدات  .. أستمتع كثيرا وأنا ألعب بهم وأحركهم بأصابعي كدمى تافهة وهذا ما سأفعل بك ..

يييع أكرهه وأكرهه كثيرا ... أود لو تتاح لي الفرصة لأخنقه بيدي كما  فعل وأكثر .

وضعت رأسي على الوسادة مجددا وحولت نفضه من  مخيلتي وذهبت في سبات عميق.

صباح وسفاح المدينة بأناملي سلوى أريب Hikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin