الثالث والعشرون

7.2K 208 8
                                    

الفصل الثالث والعشرون
"براعم صغيرة"

وقفت سالي متوترة للغاية علي باب المُجمع الجديد خاصتها تمسك بكف سارة أو علي وجه التحديد تفتك بكف سارة! التي تموت من الألم الي جوارها "يا سالي حرام عليكي إيدي هتتشل.. أهدي شويا!!" قضمت أظافر قبضة يدها الأخرى وهي تتمتم بتوتر بالغ
"أتأخروا.. أتأخروا أوي يا سارة.. أستر يا رب ..أستر يا رب!" نزعت سارة كفها من كف سالي بعنف وهي تقسم لها بغضب "وربنا ما أتأخروا!"،
تركتها وعادت عده خطوات الي الوراء حيث زوجها عبد الرحمن ينهي مكالمه هاتفية مع كريم بن عمه "ها يا بودي؟" سألته وهي تمسد قميصه الأبيض "ساعتين بالكتير ويبقوا هنا" هزت رأسها بفرح له ونظرت الي قميصه بالغ البياض وسروالة الأنيق الأسود بدي جذاب للغاية "الأبيض والأسود يجننوا عليك" قالتها بمرح طفولي ونظر لها هو الآخر بعين الرضي لقميصها الأبيض الطويل المحاط بحزام أسود وأسفله سروال أسود بدت رائعة وجذابة كثيرا به، كانت فكرة أية أن يرتدي الجميع الأبيض والأسود بأناقة في استقبال الصغار فهو مريح للأعصاب ويطفئ عليهم مهنيه مطمئنة قليلا للصغار.
ظلت سالي علي قلقها تتابع الطريق بلهفة حلم عمرها يتحقق، الدار الجديدة سوف تستقبل أطفال الشوارع بدء من اليوم ولكن الأمر لم يكن بهذه السهولة فهؤلاء الصغار ذاقوا ويلات كثيرة ولا يثقون بأي من كان ولم يكن اجتذابهم سهل أبدا يظنوا أنها وعود كاذبة لاستغلالهم بشكل أو بأخر، لذلك اقترحت سارة بأن يستعينوا بجهة مختصة كانت جمعية بسيطة يعمل بها الشباب لمساعدة المشردين بالشوارع وهذه الجمعية سوف ترسل لهم اليوم ثلاثون طفل أما عن كريم أبن عم عبد الرحمن سوف يصل من المنصورة ومعه خمسون طفل من محافظة الدقهلية بعد أن عهد هو الآخر لعده جمعيات وجمعوا هؤلاء الصغار من الشوارع وهذه كبداية جيدة ولكن عددهم صغير للغاية فالدار مجهزة لاستقبال ثلاثة ألاف طفل، صحيح أن المباني لم تنتهي كلها الي الآن ولكن في تلك اللحظة كان هناك سعة لاستقبال سبعمائة وخمسون طفل ورأت سالي أنها بداية جيدة ولا يجب عليهم الانتظار فكل دقيقة بتلك الغابة الموحشة بالخارج فيها الكثير من الخطر وهي تريد أن تنقذ أكبر عدد ممكن.
رأت سارة اقتراب الحافلة الأولي الآتية من القاهرة وتحدثت في اللاسلكي خاصتها بسرعة وحماسة "شيماء بسرعة هاتي البنات وتعالي وخلي أية تجهز الحمام وغرفة الملابس بسرعة"
استقبلوا الصغار المتوجسين بابتسامة بشوشة علي وجوههم وتحية برؤوسهم لكل الصغار مرحبين بهم بجمل مطمئنة فلا زالت الرهبة والغرابة علي وجوة الصغار أجلستهم سارة وسالي علي أرائك بالحديقة مقدمين لهم علب من العصير وشطائر شهية واستمعوا الي الهمهمات الخاصة بالصغار يتساءلون عن نية هؤلاء الذين يقدمون لهم الطعام هل سوف يجعلوهم يعملون بالدعارة أم سوف يتاجرون بأعضائهم! ولم تصدق سارة تفكير الصغار الذين تتراوح أعمارهم من ثلاثة سنوات الي أربعة عشر سنه ما بين صبية وفتيات وكانت هناك فتاتين بعمر الأربعة عشرة سنه والثالثة عشرة يحملن رضع علي أذرعهن وللأسف أكد المشرف الذي أحضرهم أن الصغار الرضع أطفالهم، كانت الصدمة علي وجه سارة كبيرة ولكن سالي كانت مقدرة تماما لحجم المآسي التي سوف تراها، علي عكس سارة الوردية التي خصصت الدار الأولي "دار النور" خاصتها للأطفال الأيتام، أطفال الشوارع من الصعب تماما التعامل معهم وليسوا بالسهولة التي مارستها سارة من قبل، لذلك كل خطوة كانت تقترحها سالي لم تنفذها علي أرض الواقع إلا باستشارة الطبيبة النفسية المختصة والتي سوف تلازم الصغار فالأمر أشبه بالتعامل مع قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر بهم في أي وقت!.
بعد أن أنهي الصغار الشطائر اصطحبت سالي وسارة الفتيات الي الحمام ومحمد وعبد الرحمن أشرفوا مع المشرف الخاص بالصبية علي الصبية واستحمامهم.
كان الحمام بالطابق الأول ضخم يحوي أربعين غرفة صغيرة للاستحمام وبه عشرون مغسلة والمرايا تملئة بكل مكان واللون الأبيض هو المهيمن بطريقة مريحة للأعصاب بشكل لا يوصف جعل الفتيات تشهقن من المفاجأة.
كان باستقبالهم بالحمام طبيبة جلدية مبتسمة تفحصت رؤوسهم وللأسف كانت مليئة بالحشرات وفتاة أخري تعمل كمصفقه شعر من جمعية الآنسات تطوعت ليومين بالعمل مع الصغار كان هناك حوضان للغسيل الخاص بالشعر بالحمام وعلي وجه السرعة بدأت بغسل شعور الفتيات بغسول خاص بالحشرات ومن ثم وضع دواء قاتل لتلك الحشرات ووضع كيس بلاستيكي خاص علي رؤوسهم.
وقفت فتاة ذات شعر أحمر أجعد ونمشات منتشرة علي وجهها الذي لوحته الشمس تمرجح شفتيها بحسرة وتحرك يدها بالهواء كذلك "كل ده صابون ونضافة؟ قلبي مش مطمن للناس دي أبدا والفار بدأ يلعب!" ابتسمت سارة وانحنت تحدثها
"القمر عنده كام سنه" لوحت في وجهها وقالت بحسرة "مبعدش يا ختشي أهي كلها أيام سودا!"، ابتسمت سارة بحنان مرة أخري وأشارت للصندوق علي لوف للاستحمام ومناشف وملابس داخلية "مش هتختاري حاجتك؟" نظرت لسارة من أعلي للأسفل وقالت وهي تتنهد بلهجتها الغريبة "شكلك بنت ناس بس النضافة دي كلها مش مريحاني!، كله إلا الشرف! اللي هايجي جنبي هقطعة.. أه أنا محدش يقدر يضحك عليا يا ختشي!" ابتسمت سارة مرة أخري "طبعا اللي هايجي جنبك أنا اللي هقطعة كمان" وانحنت وهمست لها أكثر
"مع أن كل اللي هنا طيبين وبيحبوكي ومستنين عشان تيجي لكن لو حد في يوم ضايقك لازم تيجي تقولي لي علي طول عشان ياخد عقابه" نظرت الفتاة لها بشك وذهبت بغطائها البلاستيكي الي الحمام بعد أن أخذت تعليمات من نرمين حول النظافة الشخصية وكيف تستعمل الصابون المطهر الموجود بالحمام والطريقة الصحيحة لتنظيف اسنانهم وألا يقربوا الكيس البلاستيكي فوق رؤوسهم وتأكدت من نظافتهم تماما ومن ثم خرجت الصغيرات لغسل شعرهم مرة أخري.
كان الجميع متعاون عدي فتاة واحده حالما رأتها شيماء أطلقت عليها أسم
"سوكا العبيطة!" ولم تكن شيماء تبالغ مطلقا فالفتاة قلبا وقالبا تشبهها بداية من شعرها الاشعث حتي أسنانها المفقودة الي وقاحتها وجرأتها ورفضها التام للاستحمام وباءت رقة سارة ومحاولات سالي المقنعة معها بالفشل التام صارخة بهم
"وربنا اللي هيقرب مني لشرحة!" لم تتمالك شيماء نفسها وشمرت كميها عن أخرهم وصاحت بكل وقاحة "جري إيه يا بت محدش قادر عليكي ولا إيه؟!" لترد الأخرى وهي تلوح بوقاحة "أه وأخرك هاتية!" كشرت شيماء عن اسنانها بغل واضح وجرت نحوها وحملتها ومهما حاولت الفتاة الصراخ والركض لم تفلت من قبضة شيماء أبدا، دلفت شيماء وأغلقت الباب خلفها.
حاولت كل من سارة وسالي طرق الباب كي تفتح لكنها لم تستمع لهم أبدا كانت سارة متوترة بشدة فشيماء تخيف الصغيرات بفعلتها هذه التفتت سارة للصغيرات
"يا بنات متقلقوش أبدا هي بس بتحميها" لوحت الفتاة ذات النمشات بيدها الحرة بينما الأخرى كانت تتحسس المنشفة فوق رأسها بعد أن غسلت شعرها للمرة الثانية
"يا ختشي هنخاف من إيه؟! دي سميحة القبيحة طول عمرها نتنة ولسانها طويل وتكره الماية والنظافة يالا أهي جلها يوم ربك ما بيسبش حق حد.. وهي افترت كتير".
وبعد مده من الضرب والصراخ وعض الصغيرة لشيماء خرجت نظيفة وتفاجئ الجميع من لون بشرتها التي ظهر خلف الأوساخ حتي أن الفتاة لم تصدق عينها عندما رأت نفسها بالمرآه!، فذهبت في النهاية كارهه لغسل شعرها بالغسول الخاص بالحشرات وسمحت للطبيبة الخاصة بالجلدية بتفحصها والتي أقرت لها علاج خاص لبعض التقرحات الخاصة بجسمها وحرصت سارة علي جمع البينات كلها بالحاسوب لمتابعة الصغار الذين يحتاجون الي المراجعة، وأخذت مَن أنتهي من ارتداء ملابسهم والتي كانت عباره عن بيجامة رياضية أنيقة من تصميم أية بالطبع بيضاء اللون وبها خطوط وردية ومكونه من ثلاثة قطع أما الخاصة بالصبية فكانت بيضاء ولكن الخطوط لبنية وكانت رائعة علي كل منهم.
أهتمت سالي بالرضيعين وتفحصتهم طبيبة الجلدية وللأسف منطقة الحفاض لديهم كانت شديدة الالتهاب اهتموا بهم وبنظافتهم وجلبت نرمين ملابس لهم من الدار الأخرى لسارة وحفاضات ولوازم الرضاعة.
اصطحبت سارة الصغار الذين انتهوا من الحمام الي غرفة الملابس حيث أية تقف باستقبالهم لتساعدهم علي اختيار ملابس لهم والتي هي عبارة عن اربعة أطقم داخلية وبيجامتين منزليتين وسروالين من الجينز وفستانين أنيقين وعده أقمصة وكانت تتأكد من اختيار كل فتاة لما يناسبها من حجمها ولمعت عيون أية بالدموع عندما رأت الفرحة والبهجة في عيون الصغار الذين لم يسبق لهم ارتداء ملابس جديدة تماما من قبل حيث حرصت أية كل الحرص علي أن تبدو الملابس وكأنها بالمحالات الخارجية ودمعت عيونها بألم عندما نكزت صغيرة أخري وهمست لها بفرح "الهدوم بورقتها يا بت!" وقد شد هذا الأمر من عزيمة أية بشكل لا يوصف بل وجعل كل مخاوفها ورعبها من الفشل يختبئ بعيدا بداخلها حيث بات لديها الآن هدف قوي.. وواضح.
ومن ناحية الصبية قام محمد بالأشراف علي المشرفين وفعلوا نفس الأشياء التي فعلتها سارة للفتيات باختلاف أن مصفف الشعر قام بحلق شعر الصغار وعندما انتهت طبيبة الجلدية من الفتيات ذهبت لتفحص جروح والتهابات الصبية ومعالجتها بعد أن انتهوا منهم اصحبوهم الي غرفة الجلوس وأدارت سارة فيلم كرتون الجميلة والوحش بنسخته العربية وتركت معهم مشرفتين ومن ثم ذهبت لاستقبال الصغار الآتين مع كريم وفعلوا لهم المثل وبعد انتهائهم من الجميع. كان وقت العشاء قد حان وقد أصرت سارة علي وجود طباخ محترف للثلاثة أشهر الأولي بالدار وقد أعد ما لذ وطاب للصغار الذين لم يصدقوا مدي حجم كبر القاعة ولا اصناف الطعام الموجودة!، ناولت سارة كل صغير طبق للطعام وكان يختار ما يريد وقد قرر عبد الرحمن تركهم اختيار ما يريدون بأول أسبوع وبعد ذلك سوف يتم تقسيم طبق الطعام الي خضراوات ,أرز ,وسلطة, ولحم وعليهم تعليمهم كيفية تناول وجبة متوازنة ولكن لا بأس بتدليلهم بأول اسبوع بعد الشقاء الذين عايشوه منذ نعومة أظافرهم.
اقتربت سارة من فتاة صغيرة لا تكبر عن السادسة لها شعر اسود كثيف أصبح لامع بشدة بعد أن تم غسله وتمشيطة بالمرطب لا تختار أي طعام وأخذت طبقها برقة "إيه رأيك أختار لك أنا؟" واختارت لها عده أصناف شهية، ثم أجلستها ولكن الصغيرة لم تكن مقبله علي الطعام أبدا وتقريبا وضعت بفمها ما يسد رمقها ليس إلا وحاولت سارة اجتذابها لأي حديث لمعرفة أسمها حتي ولكن الصغيرة كانت ساهمة ولا تحيد بنظرها عن الطاولة، ومن الصغار من كان يأكل بنهم ومنهم من كان يأكل بطريقة عادية بمرح وسعادة ومنهم المتفاخر مثل فتاة النمشات
"وربنا العز لايق عليا أصل أنا بنت ناس من يومي!".
غص عبد الرحمن من الضحك بالطعام وهي يستمع الي تلك الفتاة الثرثارة التي لم تكف عن الكلام بطريقتها العجيبة ويدها التي تلوح بالإشارات في كل مكان وهي تتحدث بشقاوة شديدة منتحله دور أحدي النساء العتيدات اللاتي تجاوزن علي الاغلب الخمسين ولكنها كانت تتقن طريقة كلامهم بمهارة شديدة رغم أن عمرها لم يتعدى السابعة!، حالما رأت وجهه الذي احمر من الضحك تركت ملعقتها وسألت سارة التي تربت علي ظهر عبد الرحمن "إلا يا ختشي قولي لي.. أنتو جايبن جاردات هنا ليه؟، هو أنتو هتحبسونا ولا خايفين علينا للدرجة؟!!" قالتها وهي تلوح باستهزاء غير مصدقة مدي اهتمامهم، عجبت سارة "جاردات؟! هما فين؟ مفيش هنا غير الأمن العادي ودول علي البوابة اللي برا" ضربت الفتاة  ظهر يدها اليسرى بكفها الايمن ومرجحت كل من شفتيها بطريقة عجيبة وغاية في السرعة
"سلامة الشوف!! أمال جدار الحيطة اللي أعد جنبك ده إيه؟" رفعت سارة كف خماسي بوجهها اللعنة لم يعتبر الجميع عبد الرحمن حارس شخصي؟ الم يروا رجل ضخم الجسم من قبل!،
"ده جوزي.. عبد الرحمن صاحب الدار" تلاعبت الصغيرة بشفتيها مصدره صوت مستنكر وقالت باستنكار
"ومالك يا ختشي خايفة عليه كده ليه؟ اتقلي كده أحسن الرجالة متحبش النسوان المدلوقة ثم مالك بتأكدي علي جوزي كده؟!، حد قالك أني خطافة رجاله؟!" وأصدرت صوت عجيب من شفتيها "حكم!!" .
أنفجر عبد الرحمن ضحكا بينما سارة كانت مدهوشة تماما ارسل محمد الذي يجلس قباله سارة علي طاولة الغداء قبله ساخرة لها في الهواء "ده أحنا هنشوف أيام فله ...فلــــــه" رقّصت الصغيرة حاجبيها الاحمرين بمهارة شديدة وبتتابع غريب "والحلو يبقي مين؟" وضع محمد يده علي صدرة وهو يهز رأسه بطاعة لها
"محسوبك محمد والقمر أسمه إيه؟" أحمر وجه الفتاة بنمشها الجميل
"يا خويا أنشاله تسلم.. ويسلمي لي لسانك العسل ده.. محسوبتك هادية"
"عاشت الاسامي يا ست هادية" أخذت الصغيرة طبقها ثم أزاحت ثلاثة فتيات كان يجلسن بينها وبين محمد وجلست الي جواره وهي تبتسم بشدة "وربنا حبيتك ودخلت قلبي من ساعة ما دخلت البتاع ده بوشك السمح يا قمر أنت، ألا جدار الحيطة اللي هناك ده وشه يقطع الخميرة من البيت!" كانت تلوح بيدها مع كل كلمه وهي تتحدث مع محمد الذي يناورها بشقاوة "القلوب عند بعضها يا ست هادية" قفزت أية من خلف محمد بعد شرارة الاعجاب التي اشتعلت بينهم هذه وعرفت بنفسها "أية ..ومراته!" مرجحت الصغيرة شفتيها مرة أخري ولوحت بيدها باستنكار بالغ
"جري إيه يا ختشي أنتِ وهي كل واحده تقولي جوزي .. جوزي ، طالما خايفين عليهم أوي كده مكنتوش تخرجوهم من البيت!".
غطي عبد الرحمن وجهه يخبئ دموعه التي تسربت من كثرة الضحك تلك الفتاة بتعابير وجهها وحركات يدها لا تصدق أبدا، وتولي محمد السيطرة وسط موجه الضحك التي غمرت القاعة والتي أزاحت الكثير من التوتر فالصغار لازالوا متوجسين من عطايا هذه الدار فلا أحد يعطي دون مقابل أبدا خاصة هذه الأيام!.
"هي بتعرفك بنفسها بس، ثم أية هي اللي عملت اللي هدوم اللي في الدار كلها حتي الطقم اللي عليكي هي اللي عاملاه" تمتمت الصغيرة باستخفاف "ترزيه يعني!" أحمر وجه أية وزمجرت لها
"مصممه أزياء" "يا ختشي كلنا ولاد تسعة بلاش الفشخرة الكدابة دي!" كتم محمد ضحكه وانحني لها يحدثها بود "كلامك حكم يا ست هادية" أمالت علي محمد تحدثه بالخفاء ولكن كل الطاولة سمعت وشوشتاها! "أبقي يا خويا قول لمراتك توسع ياقة القميص حبتين.. أه اللي يعمل خير يكمله للأخر عشان ربنا يبارك له.. ألا مش عارفة أخد نفسي من الكتمة!" وقالت جملتها الاخيرة وهي تمسك رقبتها علي وشك الاختناق!، نظرت أية لملابسها بسرعة لا يعقل أن ترتكب هذا الخطأ وتنهدت بغيظ للصغيرة "أنتِ لابسة البادي بالمقلوب!" نظر محمد ووجد أن كلام أية صحيح فوقف بعفوية ليساعد الفتاة علي قلب ملابسها بالطريقة الصحيحة فضربت صدرها بيدها وصرخت بعلو صوتها "يا خرابي ويا فضحتي .. هو أنت منهم؟!!، كله إلا الشرف .. كله إلا شرفي يا ولاد...." وقف عبد الرحمن يزمجر بها كي ينهي وصله الردح خاصتها "بـــس.. بـــــــــــــــس ..يا بكابورت واتفتح علينا!!، أفصلي شويا!!! " قال محمد وهو غير مصدق
"وربنا ما قصدي حاجة وحشة أنا عندي بنت قدك!"
اشارت الي رأسها بسوقيه "كلهم بيقولوا كده يا عنيا!!" جرتها أية بغيظ وعدلت ملابسها ومن ثم عادوا مرة أخري ومحمد أحمر الوجه ومصدوم ضحكت سارة بشدة "مبروك بقيت متحرش رسمي هههههه"، وضع محمد كفه بحسرة علي وجهه
"والله يا زمن!، طب كانت تيجي في حد عدل مش متر إلا ربع!!".
أخذ محمد طبقة وذهب بعيدا وتعمد ألا ينظر ناحيتها أبدا وهي الأخرى أخذت طبقها وعادت لمكانها الأصلي وهي تغمغم بكلمات أفقدتهم صوابهم جميعا من كثرة الضحك!.
***
وبالسابعة مساء ولكن بدار سارة القديمة "دار النور" كانت تجلس كل من السيدة نور والسيدة وفاء وأمامهم عده صغيرات يردن تضفير شعورهن والاستمتاع بحنان السيدة وفاء لقد كانت تأتي لزيارتهم عده مرات منذ أن افتتحت سارة هذه الدار ولكن بعد وفاة السيد شاكر أصبح ذهابها أكثر خاصة أنها لا تحب مفارقة سارة كما وأن هؤلاء الصغار يمزقون قلبها الحنون وقد أوصت أية أن تأتي لها بعده بكرات من الستان كي تصنع شرائط للصغيرات من أجل ضفائرهن، أما من جهة أخري فكانت السيدة نور تعاني فهي لم تنجب سوي اربعة صبية! ولم تضفر أي شعر من قبل!! ولكنها شعرت بالغيرة من هجوم الفتيات علي السيدة وفاء كي تصنع لهم الضفائر ولكن ضفائرها كانت خرقاء للغاية، بينما السيدة وفاء تستمتع معهم وهي تقص عليهم حكايات عن بناتها والفتيات كانوا متلهفين لسماع المزيد من القصص عن "ماما سارة" وأثناء حديثهم هذا دلف أحمد منهك من العمل رحبت به السيدة نور كثيرا "حمد الله علي السلامة يا حبيبي"  قبل والدته والسيدة وفاء وأنحني يداعب وجنه ابنته النائمة بالعربة خاصتها "نادين فين؟" "رضعت لوجين وراحت الدار تساعد البنات" والتفتت خلفه تنظر بقلق وسألته بخجل "هو حسام مجاش معاك؟!" هز رأسه بلا فسألت السيدة وفاء هي الأخرى بنفس الخجل "ولا أمل يا أحمد؟" رد بحرج "أنا جيت من الشركة علي هنا علي طول يا طنط" هزت الاثنتان رؤوسهم بخيبة أمل وأتت كل من حور وايهاب وسلموا علي عمهم أحمد ومن ثم أستأذن هو وذهب الي المجمع الجديد "مجمع الشهاب"  قابلته نادين بوجه بشوش وخلعت عنه سترته السوداء وتمت بمرح "كدا تبقي لابس زينا" أبتسم لها وبحث عن عبد الرحمن وحالما وصل إليه هنأه علي الافتتاح وأخبره بأن هناك سيارة للمواد الغذائية سوف تصل بعد نصف ساعة شكرة عبد الرحمن بامتنان علي هديته ونظر خلفه بخيبة أمل ولكنه أبدا لم يري حسام.
وبالتاسعة مساءا اصطحبت سالي وسارة وشيماء التي تجر "سوكا العبيطة!" من ذراعها الي النوم وقد انبهرت الصغيرات تماما من روعة الغرفة خاصتهم وأسفل كل سرير لكل منهم كان هناك جارور عملاق فتحته سارة لهم وساعدتهم علي وضع الملابسة والأحذية التي اختاروها والأطواق الخاصة بالشعر حتي أن كل فتاة اختارت حلق اذن صغير كانت اشياء بسيطة وغير مكلفة بالمرة ولكنها ادخلت سرور وبهجه غير عادية علي قلب الصغيرات تمنت لهم ليلة سعيدة وشاكستها فتاة النمش الجميل "ألا اصحي الصبح ملاقيش هدومي وربنا أروح فيكو في حديد!" ضحكت سارة "متقلقيش يا لمضة كل حاجة هتلاقيها مكانها تصبحي علي خير" ذهبت سالي الي والدتها بأحدي الغرف الموجودة بالطابق الثاني تطمئن عليها لقد تعبت معهم كثيرا اليوم كما وأنها وافقت علي المكوس هنا لأول شهر وهذا قد أسعد سالي كثيرا فالمسافة ليست هينه بين المنزل ومجمع الشهاب الذي يقع خارج القاهرة بأكملها!.
ضمت والدتها بفرح "مبسوطة أوي يا ماما مش مصدقة إن حلمي اتحقق!" ربتت عليها برضي "أنا فخورة بيكي أو يا سالي" لمعت عيون سالي "ولسه أنا مش هرتاح ولا يهدي لي بال إلا لما الولاد دي تتغير وتبقي أحسن ولاد في الدنيا كلها أنا متأكده أنهم أول ما يطمنوا لينا ويبدأوا العلاج هيتغيروا ويمسكوا الفرصة دي بأديهم أدعيلي يا ماما بالله أدعيلي".
ووضعت رأسها علي صدرها وربتت والدتها علي رأسها "ربنا يطمني عليكي يا سالي ويهديكي يا بنتي وأشوف ابن الحلال جنبك!" ابتعدت سالي بسرعة "تاني يا ماما تاني!" هبت بها بهجوم "أنتِ مش حققتي حلمك اللي أنتِ قرفاني بيه، عاوزه اشيل عيالك قبل ما اموت!" أمسكت سالي رأسها بألم وتركت لها الغرفة وأما عن والدتها علمت ان النوم سوف يجافيها الليلة رغم ارهاق اليوم الطويل هذا لذلك هاتفت السيدة وفاء "أنتِ نمتي يا وفاء؟" "لأ مالك؟" "طيب أنا جاية أعد معاكي" "تمام أنا ونور مستنينك".
أما عن السيدة وفاء اتصلت بأمل تعاتبها بقوة "كده يا أمل أخص عليكي ما تجيش تقفي مع أختك في أول يوم؟!" "والله يا ماما كنت لابسة ومجهزة الولاد أحمد وكريم سخنو جدا وخدتهم علي الدكتور بدل ما اطلع علي الدار" زمجرت والدتها
"في تليفون تعرفينا بيه وتكلمي أختك، أعملي حساب لبابا حتي! عيب عليكي يا أمل" ثم هدأت عصابيتها وحن قلبها وسألتها عن حال الصغار وكيف أصبحوا، أما عن السيدة نور فهاتفت حسام بالليل أيضا.. أرادت أن تعطيه فرصة وأخذت تحدث نفسها بأنه سوف يأتي لا محاله ولكنه لم يظهر ولم يهاتفها "أخص عليك وعلي تربيتك يا خسارة تعبي وشقايا فيك يا حسام ، طب أعمل خاطر لروح أبوك حتي، لساني مش هيخاطب لسانك تاني!" واغلقت الهاتف بوجهه ورماه حسام بغضب هو الآخر من يده بعد أن تلقي هذا التوبيخ يخبرها بماذا بأنه لا يهتم بأي مما يفعله أخوته؟!، وأنه يري أن ذلك المجمع "مجمع الشهاب" مبالغة غير ضرورية أبدا أنهم ليسوا بذلك الثراء الفاحش الذي يكفيهم لتحمل مثل تلك الأشياء أبدا وأنه غير مقتنع أن عبد الرحمن أنشئه خصيصا من أجل والده بل هو ارضاء لزوجته المصون تحت شعار أخر!.
أما عن غضب السيدة وفاء فكان مزدوج فالمجمع الجديد ليس مجرد مخرج لحرمان ابنتها فهي لديها الدار بالأساس ولكنه يحمل قيمه معنوية كبيرة لها فهي خصصت إيراد محل كامل من متاجرها الثلاث لتمويل المجمع بنيه الصدقة الجارية علي روح زوجها وأخرجت جزء من مالها لابأس به أيضا فما حاجتها للمال بالأساس وهذه هي الطريقة الوحيدة المتاحة لديها للتعبير عن وفائها وحبها للسيد شاكر رحمه الله، والمثل كان للسيدة نور أيضا التي خصصت خراج شهري ضخم للمجمع ولم تسعها دموعها ابدا عندما أتت البارحة ورأت الاسم المكتوب علي المجمع "مجمع الشهاب" وبكت بشدة وغمرت رأسها بحضن عبد الرحمن غير مصدقة صحيح أنها تعلم بأن عبد الرحمن قد نوي المجمع كله لروح والده ولكن رؤيتها للاسم بخط كبير هكذا أحي اشتياق قلبها بدرجة كبيرة وتخاذل حسام هذا كان يعني لها تخاذله عن ذكري ابيه.
***
حل الصباح لليوم الثاني علي استقبال الصغار واستيقظت سارة بصعوبة وزادت من التصاقها بعبد الرحمن مقاومه لسعه البرد الصباحية ثم وأخيرا فتحت عيونها لتجده استيقظ، كانت غرفتهم بسيطة للغاية دولاب يحوي بضعة اطقم لكل منهم وسرير متوسط الحجم وطاولة زينة صغيرة والي جوارها تلفاز صغير معلق علي الحائط وملحق بها حمام صغير، مثلها مثل غرف المشرفين الموجودة بالدور الثاني كله.
"صباح الخير" رد بصوت رخيم "صباح النور" "قلقان؟" زم شفتيه قليلا
"متفائل خير بإذن الله" قبلت وجنته بحب بالغ سرها كثيرا أن عبد الرحمن سوف يمكث معها بالدار هذا الأسبوع كله ومحمد هو الأخر وأحمد سوف يتولى زمام الأمور بغياب عبد الرحمن ولكنه حضر البارحة وارسل شاحنه مليئة بالأغذية وشيك بنكي محترم كهدية للدار، أما عن حسام حسنا لم تتوقع منه شيء وهو لم يخيب ظنها!.
ذهبت سارة لتحضير نفسها للخروج بينما أتكأ هو علي ذراعة، حسام أخية الصغير لا يعلم لمَ لا يتعلم من أخطائه؟!، ولمَ الآفق خاصته دائما ضيق ... لمَ لا ينظر الي أبعد من أنفة؟!!، عبد الرحمن يعلم أن مجمع مثل ذلك سوف يكلفه الكثير من المال ..مال ربما لن يستطيع تحمله حتي من وجه نظر أخيه فهو ليس بفاحش الثراء لن ينكر فضل الله عليه ونعمته ولكن فعلا قد يبدوا المجمع كبير جدا علي مقدرته واستطاعته، ولكن عبد الرحمن لا يستطيع الرجوع بكلمته لا يستطيع الرجوع بوعد عهده علي نفسه بينه وبين ربه عندما قام بشراء الأرض هذه لأول مرة وقد عقد النية علي تبني مشروع سالي إذا ما عادت له سارة، عادت ولكن الظروف باعدت بينهم مرة أخري وغرق بمشاكل الحياة ولكن بداخله الوعد الذي عقده بينه وبين نفسه يخنقه ويقسم بألا يتخاذل أبدا فقط حين تتاح له الفرصة، توالت الأحداث وكاد أن يفقد زوجته وبلمح البصر أعاد الله له حقه وغيبته ورد عليه كل من زوجته وأخية ومنزله وعائلته كلها الي جواره بأفضل صحة وخير حال، ألا يشكر الله الذي أغرقه من فضله وأنجاه ولم يفرق شمل عائلته؟!!.
خرجت سارة من الحمام وأدت صلاتها ومن ثم بدأت بارتداء الحجاب وقد أصابها الوجوم بشدة لا تصدق ما كانت مقدمه علي فعله لا تسامح نفسها الي الآن وكالعادة شعرت بكفه الضخم علي ظهرها يربت عليها التفتت له تتمسك به وقد شعر بالضياع في عيونها "تفتكر.. أنا كنت ممكن أخده .. غصب عنها؟!" سألته بتردد رغم أنها تحاول أن تتنسي عشقها لهذا الصغير الذي سرق قلبها إلا أنها تجلد نفسها كل يوم هل حقا كانت سوف تسرق صغير من والدته؟!، هز رأسه بلا "أنتِ كنتِ مصدومة بس مش أكتر ومش مصدقة اللي بيحصل لكن عمرك ما كانت هتسرقيه يوم أو أتنين بالكتير وكنتِ هتفوقي وترجعيه ليها بنفسك" ارتعشت شفتيها بشدة
"متأكد من كده يا عبد الرحمن؟!" هز رأسه بصدق.
سحبت نفس عميق ورسمت بسمه متعبه "أنا مش ندمانة أبدا ..ولما فكرت فيها كويس . بقول الحمد لله صحيح الوجع كبير لكن مش هنكر أني عشت معاه اربع شهور .. أحلي اربع شهور"  قاطعها عبد الرحمن باتسامه متعبة "أربع شهور وخمس أيام" هزت رأسها بفرح "مش ندمانة أبدا علي كل حاجه عشتها معاه والسعادة اللي كنت فيها ويمكن ..ربنا بعتنا ليه عشان .. عشان يبقي له اسم وميعش خايف أو موطي راسه من حد.. يمكن الوقتي الألم صعب علي فراقة بس لو كان كبر وعرف الحقيقة وسابنا الوجع كان هيبقي أكبر بكتير مش كده؟!" كانت تحاول إقناع نفسها وعقلها المسكين لم يتوقف للحظة عن إعطاء المبررات لقلبها كي يهدئ من ناره ولوعته. هز عبد الرحمن رأسه برضي "الحمد لله"، ثم داعب وجنتها بشقاوة "كويس أنو مشي لو كان كبر معانا أكتر من كده وخدوده الوردية دي كبرت عن كده مكنتش هضمن نفسي" فركت سارة عينها بقبضتها وضحكت من بين دموعها "كنت هاكلها" ضحك الاثنان بتعب وأفاقوا علي طرق الباب ليجدوا حور ابنه محمد تطرق الباب القوا تحيه الصباح عليها بمرح ضمت قبضتيها بقوة
"هيا بسرعة أريد أن أراهم" كانت الصغيرة متحمسة للغاية لرؤية الوافدين الجدد فمحمد لم يجازف وتركها مع جدتيها بالدار القديمة وسمح لها بالمكوث هنا أثناء الفطور فقط كي تكف عن التوسل له!.
تقابل كل من أية ومحمد مع عبد الرحمن وإيهاب أيضا وخرجت سالي نكديه المزاج وصفقت الباب خلفها بغضب ولم تلقي تحيه الصباح علي أي منهم، سألتها سارة باستغراب "طنط شادية فين؟!" "نامت عند طنط وفاء" صعدت نادين ومعها أحمد الذي يحمل صغيرته والقوا تحيه الصباح علي بعضهم ونادين تشير له "ده بقي كله ممر المشرفين في الغرف بتاعتهم والأوضة اللي هناك دي اوضة المراقبة واللي جنبها مكتب الدكتورة النفسية" سأل عبد الرحمن أخيه الذي يبدو أن نادين تصحبه في جوله لأنه أمضي ليلته بالدار القديمة مع والدته "هتفضل معانا انهارده؟" "لا أنا هفطر معاكوا وهنزل الضهر القاهرة عندي أجتماع مهم الساعة 2" نظرت سارة للفتيات "طيب يا لا يا بنات أحنا نشوف أخبار الفطار إيه ونصحي الولاد" وقبل أن يتحرك أي منهم "الله الله" التفت الجميع الي الصوت الطفولي الساخر خلفهم
"بقي أنتو سايبنا تحت في الكاتمة وواخدين الدور التاني اللي مليان شمس ليكوا!" نظرت لها سارة غير مصدقة أنها فتاة النمش ذات الشعر الأحمر الأجعد المتوهج! "أنتِ بتعملي إيه هنا؟!" تخصرت بكلتا يديها "بشوف أخره الاكل والنضافة دي إيه خليني ماشية مع الكداب لحد باب الدار..." وهمت بالصياح عليهم لأنهم يحتلون الطابق العلوي ولكنها فجأة ضربت صدرها بيدها وتوجهت منومه نحو أحمد وهي تتمتم ببلاهة "يا لهوي هو القمر بيطلع بالنهار!!، اسمك إيه يا جميل؟" ضحك أحمد بشده وانحني يحدثها "أحمد" "عاشت الاسامي يا سي أحمد أنت يا أخويا مصري زينا ولا لبناني ولا سوري الحلاوة دي مش من هنا؟!" ضحك أحمد بشدة
"لا مصري أن شاء الله" ورفع يده يربت علي وجنتها فصرخ محمد بسرعة به
"أوعي تلمسها!" ولكن أحمد كانت يده وصلت الي وجنتها وحينما التفت الي صراخ محمد تلقي صفعة مدوية من الصغيرة بحلق لها غير مصدق وانفتحت هي بصراخ عالي "يــــــا خرابي.. و يا فضحتي إلا شرفي يا ولاد..." ولم تكمل وصلتها المعتادة لأن عبد الرحمن كتم فمها بشدة وأحمد المسكين مصعوق تماما ما الذي فعله بها؟! كي تصرخ هكذا؟!!، تكلم عبد الرحمن من بين اسنانه مزمجر بها
"محدش جه جنبك يا متر إلا ربع أنتِ ولا جنب شرفك، ثم تعرفي أنتِ إيه عن الشرف أصلا! أخرسي خالص مش عاوز أسمع شتيمه تاني هنا نهائي فاهمه ولا لاء؟!" هزت رأسها بطاعة لها وقد هالها طوله وضخم جسده تركها بتوجس وعاد الي الخلف خطوتين ثم أشار الي الأسفل وأمرها بحزم "علي أوضتك تحت!" تنهدت الصغيرة بارتياح لأنه تركها ووضعت يدها علي قلبها "يا لهوي حمش أوي!" واستمعت الي كلامه ونزلت الي الأسفل دون أن تسب كعادتها بينما الجميع حتي عبد الرحمن نفسه كانت عيناه متسعة علي أخرها!!.
_ بدأت رحلتهم باصطحاب الصغار الي الحمام لغسل وجوههم وأسنانهم وقد أبدي بعضهم وخاصه "سميحه القبيحة" اعتراض بالغ لقد استحموا بالأمس ما لزوم كل هذه التعقيدات؟!، وبعد انتهائهم توجهوا لغرفة الطعام لتناول فطورهم، وتناولت العائلة الفطور معهم أيضا أما عن محمد الذي يجلس بجوار زوجته فقبل وجنتها مرتين وأحاط كتفها بذراعة وهو يرقص حاجبيه للصغيرة التي ادعيت عليه بالتحرش!.
بعد مرور خمسه أيام كان وصل العدد الي مئتين وخمسون طفل وطفله بالدار ولكن توجسهم أصبح زائد عن الحد لا يصدقوا أبدا أن كل تلك العطايا والهبات بلا مقابل وللأسف حدث أمر طارق للطبيبة المختصة التي من المفترض بها معالجة الصغار نفسيا ولم تستطع الحضور بالأسبوع الأول وما زاد الطين بله!، سحب عينات دم من الصغار من أجل إجراء التحاليل لهم فبدأ الصغار بالهياج معترضين يظنون بهم السوء وبأنهم سوف يقومون بالمتاجرة بأعضائهم!.
_ تجمع الجميع بغرفة الطعام وجهزت سارة شاشة العرض متجاهلة الهمهمات المتوجسة حولهم تدعو الله أن يطمئن قلوب الصغار فقد بدأ بعضهم بالفعل في التفكير بالهرب!، ربت عبد الرحمن علي كريم بن عمه يدعمه "أبدأ يا كريم" سلمت سارة له الجهاز اللوحي بعدما أعدت الشاشة العملاقة ومن ثم عادت الي الخلف الي جوار زوجها وفي باقي القاعة أنتشر محمد وسالي وشيماء ونرمين وألاء ونجلاء أملين أن يقتنع الصغار بأن لا أحد هنا يضمر لهم الشر، وكل ما يأمل به الجميع هو حصولهم علي حياة نظيفة وكريمة.
وقف كريم أمام شاشة العرض وقد كان شاب مرح يشبه في كثير من طباعة لمحمد بن عمه
"السلام عليكم أنا كريم حسني مسؤول عن الصوب اللي بتوصل الاكل ليكوا هنا في المجمع وانهارده هعرفكوا علي الشغل اللي هنبدأوا من الاسبوع الجاي" انتشرت الهمهمات في القاعة وعيون عبد الرحمن الثاقبة تحلل كل شيء وتراقب كل ردود الافعال من الصغار.
ظهرت صور لأشجار علي الشاشة بعضها صغير والأخر كبير ولوح كريم نحوها بعصي "دي أشجار التوت يمكن كتير منكوا عارف دودة أسمها دوده القز.. الاسبوع الجاي هتوصل اليرقات بتاعتها وأنتو هتكونوا المسؤولين عنها بعد ما تتعلموا طبعا أزاي تقطفوا الورق من غير ما تأذوا الشجر وأزاي تهتموا بالدود وكمان" وغير الصور وظهرت صوره ل ماكينة خشبية لغزل الحرير "هتشتغلوا علي الماكنة اليدوي دي لحد ما المكن الكهربي يوصل بس للأسف مش هيوصل قبل شهرين" لوح أحد الصبية بإهمال كان وصل منذ يومين وساخر من كل شيء حوله
"يعني إحنا جاين هنا عشان نفحت في الأرض لمؤاخذه!" كان حانق بشدة رد كريم بصبر "أولا ده شغل من بعض شغل لسه في مشاريع تانيه هنكون مسؤولين عنها.. في زراعة لكن مش مرهقة زي ما أنت متخيل إحنا الزراعة المستخدمة في الدار زراعة مائية" وشرح كريم إمكانية زراعة الطعام بدون تربه وصور وفيديوهات حيه للصغار الذين ينتجون طعامهم الخاص بالدار المجاورة، سأل طفل أخر "الحاجات في مصر يا كابتن؟!" ابتسم كريم "دي صور زمايلكوا في دار النور الدار اللي جنبكوا وبكرا هنروح هناك عشان تشوفوا إن الشغل سهل وبسيط" وأردفت سارة تطمئنهم "ثم أنتوا ليكوا اربع ساعات في اليوم بس شغل" التفت الصغار غير مصدقين أبدا وسألت "لمضة" أي فتاة النمش ولكن هذا هو لقبها الآن بالدار
"أربع ساعات بس!، وباقي اليوم هنعمل إيه أبوس أديكوا متشتغلوناش!" تدخل عبد الرحمن ووقف أمامهم بعد أن كان بالخلف يراقب الجميع "كلكم بلا استثناء ولاد وبنات هيكون ليكوا مدربين للرياضة سله، كرة قدم، تنس، بعد أسبوعين بالظبط الملعب بتاعكوا هيكون جاهز عشان تبدأوا تدريبات ساعتين لمده 3 أيام في الأسبوع وهتتعلموا كل الألعاب واللي هيبدع في لعبه هنشجعه ونقف وراه لحد ما يدخل بطولات فيها كمان"
أردف كريم "وزي ما هتتعلموا الرياضة في مدربين للرسم والموسيقي هيدربكوا بداية من الأسبوع الجاي وغير كده وكده أنتو مش هتتعلموا الزراعة بس في دروس ميكانيكا ونجارة وتفصيل كل واحد وواحده فيكوا هيتعلم أكتر من مهنه وأكتر من حرفة لحد ما يلاقي الحاجة اللي بيحبها ويستمر فيها" رفع صغير بالثانية عشرة من عمرة يبدوا عليه الشقاء البالغ ورغم ذلك روحه كانت عالية جدا
"محسوبك بعون الله يقدر يلف أي موتور مفيش عربية وقعت تحت إيدي إلا لما صلحتها" فرك عبد الرحمن رأسه بمرح "معانا أسطي جامد، أسمك إيه؟"
"جمال يا باشا" قال الصغير بفخر ربت عبد الرحمن علي ظهرة يدعمه واستمر كريم بعرض الشاشات مخبرا إياهم بأنهم بدء من الغد سوف يقومون بزراعة الشتلات لأشجار التوت كل صبي وفتاة سوف يقومون بزراعة عشرة شتلات كل يوم كي يعمروا الصحراء القاحلة التي تحيط بهم.
تنفست سارة الصعداء وقد بدأت نظرة الصغار تتغير لهم والشك يزاح من قلوبهم رويدا رويدا بعد أن علموا بأنهم هنا من أجل العمل، وتمنت لو أنهم عرفوا الصغار منذ اليوم الأول بدلا من الشك والأسئلة المريبة التي كانت تدور برؤوسهم!، وقف عبد الرحمن منهي الحديث، "الشغل اللي هتشتغلوه ده عليه أجر وفي لوحه هتتعلق بتوضح أجر كل وظيفة وكل واحد فيكوا هيختار شغله لكن مع ذلك هتتنقلوا فيه عشان كل واحد وواحده يبقي معاه أكتر من حرفة ربع الراتب بس اللي هيكون ليكوا حرية التصرف فيه" قاطعة فاروق الشاب الساخر "ليه لمؤاخذه بقي؟!" "باقي الراتب هيتحط في حساب خاص بكل واحد وواحده فيكوا عشان لما تبلغوا 18 سنه يكون معاكوا مبلغ تبدأوا بيه حياتكوا وطبعا هنوفر لكوا شغل وسكن في قدر المستطاع" تمني الصغار بشدة ومن كل قلوبهم أن يكون هذا الرجل ضخم الجسد صادق معهم وألا يعودوا لحياة الشقاء والبقاء في العراء التي عرفوها طوال حياتهم من قبل تقريبا.
***
"أسمك إيه؟!" سألت الطبيبة بمرح "هادية محجوب" ردت لمضة التي لم ترتح مطلقا لهذه المرأة رغم الغرفة الظريفة المليئة بالألعاب التي تجلس بها معها ولكن الكاميرا الموجهة ناحيتهم لم تريحها أبدا.
"كلميني عنك يا هادية قبل ما تيجي هنا كنتِ عايشه أزاي ومع مين؟!" "كنت عايشه مع ستي الله يرحمها" قالتها بحزن "وجدتك توفت من أمتي؟"
"من زمان" قالتها بشجن ويبدوا أن الصغيرة التي لا تعلم عمرها لا تستطيع حساب الزمن ولكن بما أنها تذكر جدتها بهذا الحزن قدرت الطبيبة بأن جدتها لم تفارقها بأكثر من عامين ربما عام ونصف العام ليس إلا، تحدثت "لمضة" بهدوء وحزن غريب عليها ..تجاوب اسئلة الطبيبة بحزن بالغ وراقبت سارة من الغرفة المجاورة هي وسالي الشاشة قبالتهم بأسف كبير تلك الصغيرة تخلي عنها والدها منذ أن كانت جنين برحم والدتها وبعد ولادتها بعامين توفيت والدتها وربتها جدتها التي غرست فيها الدفاع عن الشرف وألا تجعل أحد يقربها بعالم لا يفرق بين صغير وكبير فهؤلاء الصغار فتيات وصبيه تعرضوا للتحرش وكثير منهم للاغتصاب لقد رأوا ما لا يجب عليهم رؤيته وسمعوا ما لم يكن ينبغي أن يسمعوا لقد كبروا قبل أوانهم من كثرة الهموم والشقاء والمتاجرة بهم دون أن يقترف أي منهم ذنب سوي أنهم وجدوا انفسهم بالعراء منذ أول يوم لهم.
"كملي يا هاديه لما جدتك أتوفت عملتي إيه من اللي أخدك؟" "أنا مليش حد وأمي وستي مقطوعين من شجرة وأبويا من لما مشي ومحدش عارف هو عايش ولا ميت.. والعشة اللي كنت عايشه فيها أنا وستي أتهدت، ستي كانت بتعد بمناديل علي الرصيف خدت علبتها ورحت أعدت مكانها بس المعلم ما سابنيش في حالي، وأنا مليش حد سمعت الكلام وبقيت اسرح اشحت مع العيال بتوعه وأخر اليوم أسلم اليومية بتاعتي له وهو يرمي لينا زباله علي انها أكل، أهي عيشة وخلاص!".
***
_ "تعرف أسمك جمال إيه؟"
"لا"
"طيب كلمني عنك يا جمال قبل ما تيجي الدار كنت عايش فين وأزاي؟!" قال الصغير بانكسار
"أنا معرفش مين أبويا ولا مين أمي، طلعت شطاني كده زي ما بيقولوا  لمؤاخذه.. وأنا صغير خدني الحاج رجب الله يرحمه.. كان رجل طيب علمني أصول الشغل في الورشة بتاعته وبقيت أسطي وكنت البريمو والله" ودمعت عيونه بشدة
"لحد ما ربنا أفتكره والورشة بتاعتة اتباعت" حك أنفه بظهر يده بعنف لا يريد البكاء أبدا هو رجل لا ينبغي عليه البكاء "المعلم رجب كان بيسبني أنام في الورشة والناس كلها كانت تعرفني وكان بيديني ماهية وسعات يبعت لي أكل سخن من بيته كان موليني.. لكن الراجل اللي اشتري الورشة بهدلني ضرب وشتيمة.. وعلي طول يعايرني أني بن حرام وياكل عليا حقي .. ومكنش يخليني أنام في الورشة سبته ورحت أشوف اسطي تاني لكنه كان يخليهم يرموني ومحدش رضي يشغلني في المنطقة خالص، جبت فوطة وقولت القط رزقي في الإشارة المع العربيات.. طلعوا عليا ضربوني بالليل وقالو لي يا تشتغل مع المعلم يا منشوفش وشك هنا.. معرفتش أعمل إيه أهي عيشة والسلام، أنا عمري ما مديت إيدي وربنا ..أنا كان نفسي أشتغل وأحوش واعمل ورشة ليا أنا أوسطي قد الدنيا مش شحات والله يا أبلة" ابتسمت له ببشاشة "أنا الدكتورة فتون، وإن شاء الله تبقي اوسطي قد الدنيا مين عارف يمكن تبقي احسن مهندس ميكانيكا" "يــــاه مهندس حتي وحده!، لمؤاخذه أنا مبعرفش أفك الخط!" "أنت عارف أن في اربع ساعات كل يوم هتقضيهم في الدراسة ليه متستغلش العزيمة والإرادة اللي جواك دي وتحقق حلمك، الفرصة مبتتكررش كتير يا جمال امسك فيها بأيدك واسنانك أنت راجل وقدها وقدود" كانت ابتسامتها بشوشة للغاية وساعدته بكلماتها المطمئنة
"يالا يا بطل أشوفك الاسبوع الجاي" هز رأسه وهو مبتسم وخرج الي القاعة الرئيسية حيث المعلمة خاصتهم كانت ترسم بالصلصال الحروف علي طاولة الطعام جلس يطوع تلك المادة المرنة بيده بعزيمة مشكلا أول حرف تعلمه منذ يومين .. حرف الالف.
_ "أسمك جميل أوي يا سميحة" قالت الصغيرة بغضب "مبحبوش" كانت الفتاة باستمرار عابسة وبشدة ودائما ما تضرب الاخرين غير مفرقة بين فتيات وصبية "ليه؟" سألتها الطبيبة برقة رمت الكلمات من فمها "عشان العيال بيقولولي سميحة القبيحة" "طيب مدام سارة جابت قائمه بالأسماء عشان تختاروا اساميكوا ليه مغيرتهوش طالما مش عجبك؟" نظرت الفتاة الي الأسفل ولم تتحدث كان الحديث معها صعب ومرهق فهي لا تنطق بسهولة ولكن الطبيبة أخيرا علمت، الفتاة لا تعرف أهل لها وبسبب شكلها المنفر كما تعتقد هي كان يسبها الصغار وبدأت هي بالدفاع عن نفسها بأن تبرحهم ضربا وأصبحت اليد اليمني للمعلم خاصتها تخبره بكل ما تري وكل ما تسمع من الصغار كي تنال رضاه ولكنها أصبحت مكروهة وبشدة بين زملائها وبعد أن وجدوا المعلم خاصتهم مقتول بسكين في ظهرة تفرق شمل جماعتها بين نصابين أخرين ولكنها لم تستعيد مكانتها فالمعلم الجديد لديه "ناضورجي" أي عين خاصة به ولذلك أصبحت أشرس واعنف من زي قبل.
***
_ "أسمك إيه؟!" ....
"ليه رافضة الكلام يا ورد؟"....
"قولي لي يا حببتي أنتِ فاكره أي حاجة عن عيلتك؟!"....
وبوقت لاحق سألت الطبيبة "رويترز" أي "لمضة" كما يلقبها الجميع ولكن الطبيبة لقبتها برويترز وذلك لأن لديها معظم الأخبار والمعلومات.
"قولي لي يا رويترز تعرفي حاجة عن ورد؟" ضحكت باستهزاء بالغ من الطبيبة "إلا أعرف يا أوختشي ده أنا اللي مسمياها ورد!" نفخت الطبيبة بملل
"مش قولنا بلاش الالفاظ دي وأن اسمي الدكتورة فتون!" تكهنت الصغيرة عليها بشدة "نسيب بقي مشكلة البت ونمسك في أوختشي ولا دكتورة؟! هي مصر رجعت ورا من شويا.. ما هو من تفاهتكوا دي؟!" ورفعت يدها للسماء "صبرني يا رب!" قضمت الطبيبة شفتيها وتكهنت علي الصغيرة
"أتفضلي يا دكتورة رويترز أحكي لي اللي تعرفيه عن ورد"
"بوصي يا ست الدكتورة.. ورد دي كانت بنت ناس نضيفه أوي أوي أول يوم جيت فيه عند المعلم كانت عماله تعيط ولبسها كان حلو أوي وريحتها كانت ورد عشان كده سمتها ورد.. فضلت تعيط وتصرخ عايزة أمها وأبوها قام المعلم ضربها حته قلم.. كومها علي الأرض قدامنا كلنا وبعدين خدها معاه أصله لمؤاخذة كان دني أوي.. ومن يومها يا عيني البت من الخضة منطقتش" بات واضح للطبيبة الآن سبب صمت الصغيرة وعدم اشتراكها بأي من النشاطات يبدوا أنه مختطفة وما تعرضت له من وحشية لم يتحمله عقلها المسكين أبدا، علي الأقل علمت من أين تبدأ معها الآن.
***
_ "أسمك إيه؟!"
"شكري"
"عارف أسمك بالكامل؟!"
هز الصغير رأسه بلا ولكنها علمت بانه يكذب، وتفحصت التقرير بيدها الخاص بطبيبة الجلدية الصبي بكامل جسده حروق ولا يتفاعل مثل الأطفال الأخرين، علمت بعد عده جلسات أن اسمه شكري السيد وهذا هو ما يتذكره فقط من اسمه كان لديه والده رائعة يتذكر تفاصيل حنانها وطعامها وحضنها الدافئ بدقة بالغة ثم يتذكر خلافات والده العنيفة ووفاة والدته وزوجة أب عديمة الرحمة أحالت حياته الي جحيم الي أن هجر المنزل والمدينة بأكملها ويقر للطبيبة بأنه أبدا أبدا ليس نادم فلا أحد بالشارع عذبه مثل ما عذبته هي ومثلما عذبه تجاهل والده لألمه وحروقه!.
***
_ "أزيك يا طارق؟"
رد الصغير ببأس "الحمد لله" كان لديه أثني عشرة سنه ولكن كل الدار تحترمه ولم يلقبه عبد الرحمن بلقب سوي "أنت راجل يا طارق" الصغير اتي من المنصورة فقد والده ثم والدته وتم نقله هو وأختيه الي دار أيتام ولم يسمح لأحد بفصله عن أختيه أبدا تعرضت أخته الصغرى للضرب المبرح في الدار علي يد مشرفة لا تعرف الرحمة وحرقت قدمها، فأخذ أختيه وفر الي الشارع يقوم ببيع المناديل وتلميع السيارات ويعود لأختيه بالطعام وظل يفعل ذلك لعامين كاملين ومنذ أن دلف الي الدار وهو لا يسمح لهم بالابتعاد عن ناظريه ورغم قله حيلته وشقاء الدنيا الذي نحت علي وجهه إلا أن أختيه تحت ذراعة دائما يحببنه بل يعشقوه وتشعر كل منهن بأنها أميرة متوجه لاهتمام أخيها البالغ بكل منهم فهو لا يأكل حتي تنتهي كل منهن من طعامها ومهما أكدت له سارة بأن هناك طعام يكفي للجميع لم يرتح مطلقا فغريزته لحماية أختيه كانت كبيرة للغاية.. كبيرة الي حد مؤلم!.
***
_ "حوكشة ركز معايا" فرقعت الطبيبة بيدها أمام وجهه للمرة الثانية
قال بصوت أخرق تائهة حائر مثل عقله وعينيه "معاكي يا أبله"
نفخت بملل "دكتورة فتون ..أسمي دكتورة فتــــون!" هز الصبي رأسه ببلاهة بنعم
"أخترت أسمك ولا لسه؟" نظر لها ببلاهة "ها.." وضعت يدها علي وجهها الصبي ضائع تماما بكل معني للكلمة!، كانت تظن أنه يشتم "الكلا" مثله مثل أقرانه ولكن بعد عده جلسات اكتشفت أن هذا الصغير شرب الحشيش والبانجو وتعاطي حبوب الترامادول وأشتم الكوكايين وحقن جسده بأشياء لم تعد تستطع تذكر أسمها حتي! كل ذلك وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة بعد!!، فالعمل خاصته كان يتضمن ترويج المخدرات بإشارات مرورية معينة تحت غطاء أنه مسكين ويحتاج للمعونة ولكنه كان مجرد "ديلر" تاجر مخدرات صغير يتحرك بسرعة وخفة بين السيارات يدعي تلميعها وأخذ يخبر الطبيبة كيف كان يعلم من هم زبائنه، وأن المعلم خاصته كان يكافئه بجرعات من هذا السم ولم تندهش مطلقا فما يهم التاجر الحقير هو استعباد الصغير عده أشهر أو عام علي الأكثر فالشارع مليء بألاف المشردين وسوف يجد غيرة بسهولة تامة!، وأنه أتي هنا هربا من المعلم لأنه أغشي عليه وعندما استيقظ لم يجد البضاعة معه ظل متخفي عده أيام وقرر الهرب مع المشرف الذي يساعد المشردين بالشارع كي لا يجده المعلم خاصته ويمحوه عن وجه الأرض!، والأسوأ أن الصغير كان يعاني من السكري هو وخمسه أخرين من الذين أتو معه وأثنين من المجموعة كانوا يعانون فشل كلوي وتكرر لهم عمل غسيل كلوي ثلاثة أيام بالأسبوع وعدد لا بأس به كان مصاب بفيروس بالكبد وكل ذلك تم معرفته بفضل التحاليل التي خضعوا لها بمجرد دخولهم الدار، ولكن هذا الصبي هو وخمسه عشرة أخرين كانوا مدمرين تماما بسبب البلاء الذين كانوا يتعاطوه وتقرر عزلهم بغرفة كبيرة وحدهم مع مراقبة المشرفين المختصين ومتابعة دورية من طبيب مختص بالإدمان كي يتابع تطور حالتهم.
***
تنهد عبد الرحمن بأسي بالغ غير مصدق البشاعة التي راها وسمعها بتلك التسجيلات الخاصة بالطبيبة لقد كشف هؤلاء الصغار دون أن يدروا عصابات إجراميه خاصة بالتسول والسرقة والتي كانت أبسط الأشياء!، الي الاتجار بالمخدرات والاسلحة والبشر وبيع الأطفال وتجارة الأعضاء البشعة، تقريبا كلهم تعرض للتحرش اللفظي ولأسوء!، وكثير منهم تم الاعتداء عليهم ولم يكن هناك فرق بين صبي وفتاة في ذلك الأمر فالمختلين الذين ظنوا أنهم ملكوهم استعبدوهم صباحا من أجل جلب المال ومساءا من أجل شهواتهم، وقد أقرت عده صغيرات بأنه تم بيعهن لرجال كبار في السن عده اسابيع ومن ثم عادوا للمعلم خاصتهم مرة أخرى.
الوضع أسوأ وابشع مليون مرة مما تخيلوه وقد كانت أقسي مخاوفهم شعور الصغار بالبرد والخوف ،الجوع وعدم الأمان لكن أتضح أن العالم بالخارج غابة قذرة فرمت هؤلاء الصغار دون أي ذرة من الرحمة وبدي عدد ثلاثة ألاف رقم صغير.. بآس.. هزيل لا فائدة منه مطلقا وعلي الرغم من ان المركز القومي للبحوث قد أعلن بأن هناك سته عشر الف طفل مما يطلق عليهم أسم أطفال الشوارع إلا أن هذه النتائج ظلت علي حالها من عام 2014 وها هو عبد الرحمن في عام 2022 ولازال الرقم واحد!، حبا بالله فهؤلاء الصغار يتكاثرون فيما بينهم!!، فما كان لديه سوي تصديق الرقم الصادر من الأمم المتحدة والذي يشير الي وجود عدد مليوني طفل من أطفال الشوارع يتركز 88% منهم بالحضر.
_ سحبت أية نفس عميق تتحضر الي الاجتماع الطارئ الذي عقده عبد الرحمن بالدار بعد مرور شهر ونصف علي دخول أول فوج من الاطفال وقد أصبح عدد الاطفال ثلاث مائة وأثنان وثلاثون طفل وطفله، الكل كان يأس محطم لمجرد سماع ما عناه هؤلاء الصغار ما بالك بمواجهته؟!!.
"طبعا كلكم سمعتوا التسجيلات واتكلمتوا مع الولاد وعرفتوا حجم المأساة الحقيقة اللي بيوجهوها برا .. الوضع أسوء مليون مرة من اللي كان في مخيلتنا وحتي لما الدار تكمل العدد الرسمي بتاعها 3000 طفل .. ده عدد سخيف جدا، مقارنه بالأعداد الموجودة برا.. عشان كده جمعتكوا أنهارده عشان ندور مع بعض علي حلول ومشاريع نقدر نعملها هنا علي أرض الدار يقدر الولاد يتشغلوا فيها وفي نفس الوقت تمول الدار عشان نقدر نزود العدد".
همت سالي بمقاطعته ولكنه أستوقفها بحركة من يده وقال مؤكد علي كلماته
"حلول ومشاريع ..ميكونش بند التبرعات قائم فيها لأن ده أمر منتهي بالنسبة لي يا آنسة سالي"، ظهرت الخيبة علي وجهها وغاصت بكرسيها وهي تتململ لوحت أية بكفها بمرح في وجه عبد الرحمن "أتفضلي يا أية" وقفت أية واتجهت الي شاشة العرض لقد أقسمت علي المساعدة وأنها لن تتخلي عن هؤلاء الصغار خصوصا بعدما رأت الفرحة بعيونهم وهم يرتدون ملابسهم الجديدة لأول مرة لقد أمدها هذا بطاقة كبيرة جعلتها تتخطي جزء كبير من حاجز الخوف بداخلها، عرضت عده صور للأزياء التي صممتها للدار ولحسن الحظ أن جمعية سالي للآنسات رغم أن كثيرات منهن لا تستطيع الحضور بشكل منتظم إلا ان عددها علي الموقع الرسمي وصل الي ثلاثمائة الف فتاة وقد ساعدوا سارة كثيرا بالكثير من الحلول والاقتراحات وكل مشاكل الدار تعرض بالمجموعة خاصتهم، حتي وإن كانوا لا يستطيعوا الحضور فأنهم يساعدون بأفكارهم وحلولهم الخلاقة وكثيرا ما تفعل بها كل من سالي وسارة الذين ينشرون كل ما يخص الدار عليها كي يبقوا باقي الفتيات علي اطلاع وقد نشروا صور الصغار قبل وبعد وأعجبوا كثيرا بالتحول الذي طرأ علي الصغار وكذلك بالملابس خاصتهم!، وهنا تشجعت أية كي تباشر بخط الانتاج الخاص بها وبدأت بشرح خطتها علي الحضور وهي تشير بفخر الي زوجها
"محمد قرر أنه هيفتح محل في القاهرة وبإذن الله هنبدأ أول ما يلاقي المكان المناسب، المشكلة الوقتي في إن المشغل بتاع سارة اللي عملنا فيه ملابس الولاد كان في الصعيد وبصرف النظر إن السفر كان مرهق عشان أتابع وأظبط أمور الشغل، فتكلفة السفر والعربيات هتكون عالية جدا وهتأثر علي نسبه الربح عشان كده بقترح إن يكون في مشغل في القاهرة مش هنا.. عشان أقدر الاقي عاملات بسهولة وكمان عشان المحل في القاهرة ومحتاجه عشر مكانات خياطة" ونظرت تتأمل بوجه أحمد وعبد الرحمن وحسام وكريم تنتظر أي عرض منهم وظل الرجال علي حالهم يفكرون وفي تلك الاثناء دلفت أمل متذمرة من أنهم بدأوا الاجتماع من غيرها بل وأزاحت أحمد رغما عنه كي تجلس الي جوار حسام ومن ثم فهمت سريعا ما يدور وأجرت حسبة دماغية برأسها تحسب ما لديها من ورث من والدها ورفعت يدها بحماسة
"أنا أقدر أجيب 3 مكانات خياطة" رفعت أية زاوية فمها بسخرية "كتر خيرك" ونظرت شزرا الي حسام الذي لم يشارك بأي شيء الي الآن ولكنها تجاهلها واستمر بلعب "كاندي كراش" علي هاتفة!، رفع أحمد يده "أنا هشيل السبعة الباقين" تحمست أية "جميل ومحتاجة كمان أربع مكانات هنا عشان نعلم البنات التفصيل" قضم أحمد شفته السفلي بغيظ  وتمتم بنفاذ صبر "حاضر!" وأشارت الي زوجها كي يكمل وجلست بكرسيها مرة أخري وقف محمد وأشار الي أخوته الي عده تصميمات وأخبرهم بأنه أرسلها الي صديقة خالد العزبي المقيم حاليا بإمارة أبو ظبي وبأنه يمتلك سلسلة من محلات الملابس هناك وطلب من محمد أرسال له عشرة موديلات بأعداد معينه لمتاجره الخاصة تمتم عبد الرحمن بفخر وهو ينظر لأية
"هايل يعني هتصدروا؟!" أبتسم محمد "مش بس كده أنا وهو هنفتح محل سوا باسم الماركة بتاعة أية وهو هيتابعوا من هناك" رفع حسام يده سريعا بحماسة "أنا عاوز أبقي شريك في محل أبو ظبي" ضرب محمد الطاولة بطفولية ونسي أن هناك غرباء بينهم "أقسم بالله بعينك قولت لك كام مرة تشاركني في محل القاهرة ومرضتش.. أحـــــلم" قال كلمته الأخيرة بشماتة كبيرة ثم أعتدل بوقفته وأشار الي زوجته بفخر "أنا ويويو حببتي قررنا إن نص الأرباح هتكون للدار والنص التاني عشان نطور الشغل" هز عبد الرحمن رأسه مستحسن الفكرة وباركت الفتيات لأية السعيدة بمشروعها الجديد وأردف محمد "وأخيرا بقي هيبقي في متجر اليكتروني باسم المحل عشان التوصيل في أي مكان وعندي أمل بإذن الله أن يبقي عندنا منتجات تانية من الدار ..نقدر نوزعها علي المتجر الإلكتروني غير الملابس"  صفق الحضور لمحمد وأكثرهم عبد الرحمن وذلك لأن هذا الحل لن يتضمن أي مبالغ منه فالميزانية خاصته تمر بظروف صعبه فتكلفة البناء ليست هينه أبدا خصوصا مع ارتفاع الأسعار الجنوني!.
_ أطرق كريم بمرح بخشبتين صغيرتين وأصدر بهم صوت مرح وأعطي واحده لعبد الرحمن
"ده بقي يا سيدي اللي هيضاعف العدد من 3000 ل 6000" هز عبد الرحمن رأسه بعدم فهم
"مش فاهم قصدك" بدأ كريم بالشرح.. الخشب الموجود بيد عبد الرحمن هو خشب معالج يحتوي علي عشرون بالمائة من الياف نباتية وثمانون بالمائة من الرمال وكلفته زهيدة جدا مقارنه بأسعار الخشب العادي، اختطفت سالي قطعة من الاخشاب وطرقت عليها ثم سألت كريم بهجوم "كان فين ده وإحنا بنعمل غرف النوم أنت عارف كان ممكن يوفر علينا قد إيه؟!!" سألتها سارة باستغراب
"ممكن تعملي منه الاثاث؟!"
"طبعا ممكن" فرك كريم وجهه بتعب
"للأسف رغم أني سمعت عن الموضوع ده من فترة إلا أني مفكرتش فيه غير من شهر كنت بعمل أمدادات في المزرعة عندي وقولت مش هخسر حاجة لو روحت شوفته لأنه تكلفته أقل من الخشب العادي، وهناك شوفت مدي صلابته حتي أني قرأت أنو عدي اختبار مقاومة الماية والنار بيقدر يصمد في النار لحد85 دقيقة تقريبا" هز عبد الرحمن رأسه باستحسان
"هايل، بس هنضاعف العدد ازاي مقولتليش؟!"
"هانجر .. بدل من المباني اللي بنعملها هنبني من الخشب ده هانجر.. هانجر للنوم.. هانجر للأكل.. هانجر للدراسة، مساحات متجاورة نقسمها جنب بعض بدل من نظام الغرف اللي في المباني بتاعتنا .. وهنسيب المباني للبنات، وهنخصص لكل عمر من الولاد هانجر من الخشب ده ونفس النظام ونفس المراقبة إلا أننا هنبنيها من دور واحد وجنب بعض" بدأ الجميع يفكر بعمق بالفكرة التي أقترحها كريم إذا ما كانت صحيحة ليس فقط أنها سوف توفر مبالغ ضخمه لبناء المباني بل وأيضا السرعة وهذا يعني احتوائهم لعدد أكبر من الاطفال في اسرع وقت، أمسك أحمد بقطع الاخشاب
"الفكرة هايلة لكن هنحتاج حد بيفهم في البنا بالأخشاب ده غير ان التصميمات بتاعتنا مش هيبق لها أي قيمه مع النوع ده من البنا، أنا رأي نشوف مختص ونبدأ نعمل دراسة جدوي" هز الجميع رؤوسهم موافقين رأي أحمد وأردفت سارة
"مش بس مكان المعيشة والنوم، لو الخشب ده ينفع نبني منه الحظيرة وإمدادات صوب الاكوابونيك هيبقي توفير هايل" ونظرت الي كريم تستفسر منه
"أنا هجربة عندي في المزرعة الأول ولو أن أنا متأكد أنه هيستحمل".
ثم بدأ يشير الي الأوراق أمامه بأن المزرعة سوف تبدأ بإنتاج المحاصيل الزراعية بوفرة بعد اسبوعين، الأمر الذي سوف يحقق أرباح للدار وذلك لأن المحاصيل تفيض عن استخدام العدد الموجود حاليا بالدار.
"أعذرني يا بش مهندس عبد الرحمن" تنحنحت ألاء الفتاة قمحية اللون ذات العيون العسلية الكحيلة والتي تبغض فكرة الارتباط بسبب عنف والدها مع والدتها سمح لها عبد الرحمن "أتفضلي" ونظر كريم شزرا الي الناحية الأخرى فالعلاقة بينه وبين ألاء ليست علي وفاق أبدا وذلك لأن ألاء خريجة كلية الزراعة، أما كريم فهو مجرد هاو كما أن دراسته كانت بكلية التجارة ولكنه أحب الزراعة المائية وتعلمها ومارسها بمهارة فالأمر لا يحتاج أن تكون مختص بدراسة كلية الزراعة!، ودائما ما يتناطح الاثنان حول اساليب الزراعة وذلك لاختلاف الاسلوب المتبع لدي كل منهم.
"طبعا فكرة هايلة أن الزراعة تكون مصدر من مصادر الدخل للدار، لكن الاسلوب اللي عاوزين تتبعوه هيكلف الدار وقت ومجهود كبير والعائد قليل بالنسبة لأن الزراعة عضوية"، نفخ كريم
"متنسيش إن عندنا حصاد للمزروعات كل 45 يوم في حين إن الزراعة العادية لمعظم المحاصيل اللي بننتجها مش أقل من90 يوم ..عندنا فرق دورة زياده" حاولت كبح جماح غضبها منه بينما سارة كانت متكأه علي كف يدها تراقب كل من كريم وألاء بعيون ماكرة وابتسامة خبيثة ترتسم علي شفتيها ومن ثم نظرت الي محمد وغمزته بشقاوة فغمزها هو الأخر بأنه يعي ما يحدث هنا.
"تمام كلامك يا أستاذ كريم، لكن الاكوابونيك مش عاوزة كده عاوزة الاستخدام بذكاء، إحنا بنا وبين القاهرة حوالي نص ساعة بالعربية ده غير محتاجين نص ساعة كمان بداخل البلد عشان نوصل المحاصيل للتجار الجملة اللي بياخدوا المحاصيل بسعر قليل جدا..." قاطعها عبد الرحمن
"بش مهندسة ألاء سبق وعرضتي الفكرة.. فكرتك حلوة لكن حاليا معنديش لا الوقت ولا الفلوس اللي تمكني من أنشاء شركة توزيع، صحيح نسبه الربح بطريقة كريم قليلة إلا أن الفكرة الاساسية هنا هي إن الولاد يتعلموا الزراعة نفسها.. دي في حد ذاتها مكسب بالنسبة لي"،
"تمام يا بش مهندس عشان كده أنا كمان عدلت في الفكرة واتمني تعجب حضرتك"
"أتفضلي "
"هناخد مثال علي حبه الخس الكابوتشي الواحدة في الجملة كنا بنبيعها ب 3 جنيه في حين إن سعرها بيوصل للمستهلك ب7 جنيه وكل الفرق ده بيروح للتاجر ولتكلفة النقل، الكمبوند اللي موجود علي بعد عشر دقايق من هنا هيبقي بداية هايلة للتوزيع المباشر" زمجر كريم
"إحنا معندناش مقدرة لإنشاء شركة توزيع الوقتي وكده هنخسر التجار اللي بنتعامل معاهم!" كبتت غيظها منه بصعوبة حتي أحمر وجهها بشدة وتجاهلته تماما ونظرت لعبد الرحمن
"إحنا مش هنحتاج شركة توزيع مجرد عربية ومندوبين اتنين متمرسين هنحتاجهم يومين اتنين في الاسبوع هنفترض يوم الاتنين والخميس للتوزيع المباشر للمنازل مع شرح بسيط لفكرة الاكوابونيك وإن الاكل ده عضوي تماما بدون أي كيماويات أو مبيدات وهنقدر نبيع الخس وقتها ب8 جنيه بمنتهي الاريحية ووفرنا وقت ومجهود وتكلفه الوقود المرتفعة" أطرق عبد الرحمن بقلمه قليلا علي الطاولة يقلب الأمر برأسه ربح أعلي ومجهود أقل فكرة ذكية تمتم "بس وقتها هيكون في فائض كبير الكمبوند لسه جديد ولو افترضنا أننا سيطرنا علي نصه العدد هيبقي قليل باقي الانتاج هنوزعه أزاي؟!" "فراولة" بحلق الجميع لها فأردفت "محصول زي محصول الفراولة.. فاكهة بيتاكل طول السنه مفيش مشكلة لو باقي الصوب أنتجت فراولة عضوية وهنقوم بتعليبها ونتفق مع أي شركة للتصدير عشان نفس الفكرة ..أقل مجهود وأعلي عائد للربح".
نظر عبد الرحمن الي كريم نظرة مطولة فرمش بعينه أي أنها محقة هذا الأمر سوف يوفر الكثير من كلفه النقل ناهيك عن علو السعر، تناول عبد الرحمن كوب عصير من سارة وشربه مرة واحده ثم تمتم "جميل عاوز دراسة جدوي يا بش مهندسة ألاء" فأردفت سارة بسرعة "منك أنتِ وكريم" نظر الاثنان بشر لسارة
"أنتو الاتنين اللي شغالين علي الصوب لازم تشتغلوا سوا!" قالتها وهي ترفع أكتافها متصنعة البراءة!.
عض كريم شفته السفلي بغيظ ونفخ يقلب أوراقه بينما تمتمت ألاء بخجل مرة أخري
"الحقيقية لسه في مشروعين كمان يا بش مهندس إلا إن العائد علي المدي الطويل" هز رأسه بإشارة منه كي تبدأ الكلام
"الصبار" أشار عبد الرحمن بيده علي النافذة "الصبار اللي برا ده؟!" "بالظبط.. وده اللي شجعني علي المشروع إن التكلفة بسيطة لأني ناوية أخد الشتلات من الصبار الي منتشر برا، المنطقة دي غنيه جدا بالأمطار في الشتا وعاوزة أبدأ أجمع الشتلات وأعيد زرعها تاني عشان تلحق موسم المطر"
"والصبار ده هنعمل بيه إيه؟!" "أولا أحنا مش هنجمعه قبل سنتين ثانيا ممكن ببساطة نجمعه ونغلفه ونصدره علي طول، أو لو في إمكانية وقتها نعمل مصنع صغير لإنتاج جل الصبار وده منتج غالي وقيم وفي أقبال عليه جوا مصر وبرا مصر" تحمست سارة كثيرا "أنا موافقة جدا المشروع ده هايل" وضمت قبضتيها بطفولية "أنا بحب جل الصبار قوي" ضربت سالي رأسها بالطاولة تتمني الموت كي تبتعد عن هذا الاجتماع الفاشل بكل المقاييس من وجهه نظرها، ولم يبالي بها أحد!.
تناول عبد الرحمن كوب قهوة من سارة وتمتم بعد أن تناول رشفة "مفيش مشكلة أعملي لي دراسة جدوي وأول ما أمور الولاد تستقر وتدربيهم هنبدأ في جمع شتلات الصبار وإعادة زراعتها" ضمت شفتيها "والمشروع التاني هو زهرة القولاب أو الورد الدمشقي" نظر لها عبد الرحمن وزم شفتيه باستياء هل سوف يقومون بذراعة الورد.. حقا؟!!.
ضرب كريم الطاولة بانتصار "والله كنت مستني.. أتأخرتي ليه المدة دي كلها؟!" سألته بهجوم
"قصدك إيه؟!" لقد أخبرته سارة بأن لديها محل ورود كبير بالعاصمة وهي من تنتج معظم الورود التي تبيعها به، أشار كريم بيده برفض قاطع واستمتاع سارة ومحمد يزداد كل دقيقة!،
"قصدي إن دي شخصنه في الشغل وأنا مش هقبل بكده مصلحه الولاد عندي قبل كل شيء" رفعت يدها تلوح بوجهه غير مصدقة "أنت حتي مسمعتش باقي الكلام؟!، هو أنا قولت هنزرع ورد ونخلي الولاد يلفوا بيه في الإشارات؟!!"
كان صراخ كل منهم عالي بشدة فضرب عبد الرحمن الطاولة بقبضة يده ولوحت سالي بيدها باستنكار وهمست بغضب "يا لا قوم أقلب الطرابيزة علي دماغنا عشان يبقي اليوم كمل!" تكلم عبد الرحمن بحزم "هدوء شويا من فضلكوا ده مش أسلوب للحوار أبدا!" عاد كل من الاثنان الي كراسيهم والغضب لم يزاح من أنفاسهم، لكن ألاء تجاهلت كريم تماما ونظرت الي عبد الرحمن
"حضرتك خصصت مساحة 5 فدادين لزراعة النخل علي أنه استثمار طويل المدي" هز عبد الرحمن رأسه باقتناع " تمام" "أنا مش عاوزة حاليا أكتر من المساحة دي المساحة اللي بين النخل هزرع فيها شتلات الزهرة وبكده مش هكلف ميزانية الدار حتي خراطيم التنقيط الخاصة بالري هي نفسها المستخدمة للنخيل"
"جميل جدا وبعدين هنسوق الزهرة دي أزاي؟!" تنحنحت "هو .. أنا مش عاوزة أسوق الزهرة أنا عاوزة أستخرج الزيت منها لأنه بيستخدم في العطور وبتستعمله شركات العطور الكبيرة زي شانيل الكيلو الواحد من الزيت ده ممكن يوصل ل16 الف يورو" أطلق حسام صفير عالي وترك الهاتف من يده والتفت لها بكليته، وضرب عبد الرحمن الرقم بهاتفة مقارنه بسعر اليورو وأعجبه الرقم كثيرا هز رأسه مستحسن الفكرة "عجبتني جدااا"  نفض كريم رأسه وهو يتمتم بسخرية وقد حمد الله سرا بأنه رأي إحدى التقارير عن هذه الزهرة فلا علاقة له بالأزهار لم يزرع واحده من قبل قط!
"أنتِ عارفة إن كيلو الزيت الواحد بيحتاج أربعة طن!.. يعني حوالي أتنين مليون زهرة، عندك خلفية عن نسبة الملوحة في التربة اللي برا؟!"
"أنا زرعت الوردة دي أكتر من مرة وحققت ناتيج كويسه جدا فيها!.." وشجعتها سارة "ألاء عندها صوب الف متر وبتزرع الزهرة دي من زمان" ضحك كريم بشدة
"يا حبيبي!.. زرعتها في الصوب يعني مناخ ممتاز وري ممتاز وأكيد التربة كمبوست!" وعلت نبرته في كلمته الاخيرة وهو يشير الي الخارج "مش في الصحــــرا!!" أحمر وجهها كثيرا من الغضب وسب كريم عده أشياء في نفسه.. اللعنة عليها الف مرة وعلي وجنتيها التي تتورد بلون المشمش! ولهيب العسل الذي يشتعل بعينيها كلما غضبت كلما أحمر وجهها بدت شهية للغاية شهية بدرجة مغيظة!!، أستغفر ربه سرا وحاول نزعها من رأسه وظل سارحا لعده دقائق ينظر للطاولة ربما عليه بالاستماع الي توسلات والدته والاستقرار أخيرا لقد أصبح في الثانية والثلاثون من عمره!.
بينما استجمعت ألاء المغتاظة قوتها وتجاهلته تماما ونظرت الي عبد الرحمن
"كلام الاستاذ كريم مظبوط لكن أنا زرعت الزهرة من سنه في حديقة دار النور اللي نسبة الملوحة فيها أكيد مش هتختلف كتير عن نسبة الملوحة في الأرض اللي هنا!.. والزهرة نجحت صحيح مش بنفس معدل الصوب إلا أن النتائج مرضية جدا ومن فترة زرعت في صوبه الشتلات هناك من البذور وفي 750 شتله حاليا جاهزين للزراعة هديه مني للمُجمع، وإذا المشروع عجب حضرتك لازم نبدأ نزرع من الوقتي لأني ناوية أزرعها من البذور عشان نوفر تكلفة الشتلات وطبعا عشان الحق موسم المطر" التفت عبد الرحمن الي كريم أبن عمه فهو لا يفقه شيء في الزراعة ويلقي بالمسؤولية كامله علي عاتق كريم ولكن أبن عمه كان سارح في تخيلاته! يحاول إزاحة وجنتيها بلون المشمش من عقله!!،
"كريم ..كريــم! .. كريـــــــــــم!!" أفاق علي صفعه من كف عبد الرحمن فانتفض صارخا "إيه.. إيــه.. إيــــــــــــه؟!!" زمجر عبد الرحمن به "بكلمك رد عليا!" فزمجر كريم بوقاحه "سرحـــان.. بفكر شويا.. في إيه يا عيله غجــــر؟!!" رفع عبد الرحمن حاجبه بمكر "إيه رأيك في اللي قالته البش مهندسة ألاء؟"
نظر لها قليلا ولم يتحدث ولملمت ألاء أغراضها بعد أن وصلتها سالة علي الهاتف "بعتذر بس لازم أرجع القاهرة حالا" وخرجت وعيون كريم تتبعها وسارة رسمت بيدها علامه الكمان وأخذت تعزف بهيام مصطنع "تيرارارا..را..را..را"
نظر لها كريم مزمجر "بطلي استفزاز!" ذهب له أحمد وأخذ يفرك شعره بشقاوة  "الصغنن كبر يا ناس كيمو بيحب!" وأخذ يضحك عليه بشدة وسارة ومحمد أخذوا يطرقون الطاولة ويغنون بمرح "يا دبله الخطوبة!" وتلاقي صفعة من كف عبد الرحمن الضخم يفترض بها مزاح! "كبرت يا كيمو وهنخطب لك قريب. يا عريس يا عريس!" زمجر بهم وأزاحهم عنه "بطل سخافة أنت وهو" وخرج تاركا إياهم مزمجرا بعده كلمات عن مدي استفزازهم!،
وهنا لم تستطع سالي تمالك أعصابها أبدا وزمجرت بالجميع "في إيـــه؟، أنتو بتسموا المسخرة اللي حصلت الوقتي اجتماع شغل؟!.. ده مصير أطفال صغيرين ملهمش حد" وصرخت بصوت أعلي
"أنتو بتلعبــــــــوا؟!!!!".
كان صراخها موجه للجميع بلا استثناء حتي عبد الرحمن ثم التفتت وعصرت ذراع سارة التي تجلس الي جوارها بغل بالغ "كل شويا تقومي .. شاي, قهوة, عصير, إسبريسو, كابيتشينو, وفي الأخر عاوزة تنزلي المطبخ وتسيبي الاجتماع عشان بسلامته عاوز سحلب!... سحلـــــب!!، أنتِ صاحبة مُجمع محترم ولا صبي قهــــــــوه؟!!!" تأوهت سارة بألم بالغ "أاااه أي أي دراعي!!" لم تعرف سارة ما العمل حقا؟ وما الذي يؤلمها أكثر هل ذراعها التي تعصرها سالي أم اذنها التي توشك علي الإصابة بالصمم؟!!، نزعها عبد الرحمن من يدها وفركت سارة ذراعها بتأوه وزمجر لسالي "محدش غيــــري مسموح له يمد إيده علي مراتي.. فاهمه ولا لاء؟!" كانت سالي في قمه غيظها فضربت سارة لكمه قوية علي ذراعها متحديه إياه فما كان من عبد الرحمن إلا أن جذب سارة بحده من ذراعها الأخر وتورم كل من ذراعيها وكسرت سارة شرارات الغيظ بينهم بأن صرخت في المنتصف
"أنتو بتلعبــــوا؟!" ونزعت ذراعيها تفركهم بألم!، فالتفتت سالي توبخ حسام الجالس بمواجهتها "أنت جاي ليــــه؟!!، سايب بيتكو وضارب المشوار ده لهنا عشان تلعب كاندي كراش؟!!، ما كنت لعبت في بتكوا!، ثم أنك فاشل فاشـــــــــل أنت ومراتك مجبتوش غير جيم أوفر!!" نظر لها حسام ببلاهة "مش فاهم؟ يعني أنتِ بتزعقي لي عشان بلعب؟ ولا عشاب بجيب جيم أوفر؟!" ونظر بحيرة الي إخوته فتمتم محمد بسخرية "عشان بتجيب جيم أوفر" فالتفتت سالي له مزمجره بشر وهي تصرخ بوجهه هي وزوجته " وأنتِ يا ست أية .. ما تعملي له الفستان الأحمر اللي نفسه فيه.. عمال يزن عليكي طول الاجتماع لما قرفني!!" سألها محمد بهجوم
"أنتِ بتجسسي علي أنا مراتي؟!" "بتجسس!!" وأشارت بذراعها علي الخارج
"عم حسين البواب سمع وهيطلع يترجي أية تعمل فستان أحمر لمراته ما هي بقت كوســــا!!" والتفتت الي أحمد بشر فرفع حاجبه متحدي إياها وتمتم
"ها ملاحظات سيادتك إيه؟!" صرخت بحده "أنا مش طايقك عشان خربشت عربيـــتي!" فتحدث أحمد باستفزاز "أنتِ لقتينا أسرة سعيدة.. وناجحين ومبسوطين.. فأعدتي تغلي بقي مع نفسك.. وعاوزة تنكدي علينا.." وفرقع بأصبعه في وجهها "بس إحنا مش هنديلك الفرصة .. خليكي بقي مع كأبتك" ولملم أغراضه ووقف إخوته وقرروا ترك المكان ونظر محمد لها بأسف وتنهد
"أممممم الأيام دي من الشهر.. أبقي أشربي يانسون هتهدي شويا" بحلقت سالي غير مصدقة أبدا وصرخت بأية "جوزك مجنــــون؟!!!" أنفضت الغرفة من حولها وهي تستشيط غضبا واقتربت سارة منها ببطيء وكأنها تقترب من قنبلة علي وشك الانفجار، تركت سالي الطاولة وارتمت علي إحدى الأرائك وفكت حجابها وهي تلوح بعده أوراق أمام وجهها وتحاول أخذ أنفاسها إلا أن دموعها فشلت وهربت وباءت محاولات سالي بالفشل كي تكتم بكائها، تمتمت سارة بحذر بعد أن أصبحوا وحدهم "امم الايام دي من الشهر؟ .. ولا عريس وطنط ضاغطة عليكي؟!" نظرت لسارة بنظرة متجمدة لوهله ثم انفجرت بالبكاء وهي تنوح "الاتنين.. الاتنيــــن.. الاتنيــــــــــن ..عااااا" كان بكائها شنيع!، ولكن سارة أخذت تربت علي ظهرها محاوله تجاهل مدي شناعة صوت بكائها من الجيد أنها من الشخصيات الصلبة والتي لا تبكي بسهولة أبدا .. خير لها وللجميع!!.
تمالكت نفسها بسرعة ومسحت وجهها وحمدت سارة ربها سرا بأنها كفت عن البكاء سريعا!، فمعدل البكاء عند سارة مختلف تماما!!،
"يا سالي حولي تقدري أنها أم ونفسها تطمن عليكي!"
"أنتِ مش متخيله الموضوع ده بيضغط علي أعصابي قد إيه وهي عارفة كده كويس" تمتمت سارة بحذر بالغ" طيب بس أعدي معاه.. قابليه يمكن يطلع حد كويس!" نظرت بشر لسارة وزمجرت بغضب
"بقولك بتعب! ونفسيتي بتتعب !!، كل واحد جاي يحط شروطه.. كأنه سباق ولازم يطلع كسبان أو مناقصة ولازم ترسي عليه؟!!" وحنت نبرتها "محدش بيتقدم عشاني أنا.. عشان سالي مفيش مرة حد قابلته وحاول يطمني بأي شكل .. كلهم عاوزين النسب.. اسم العيلة.. أي حاجه غير سالي!" تألمت سارة لألم صديقتها يصعب علي سالي بعد أن أحب قلبها وأخلصت بكل ذرة من كيانها أن تقبل بالمتعجرفين الذين يتقدمون لها، ويصعب عليها حتي أن تثق بالحب نفسه بعد طعنه الظهر التي تعرضت لها، والمقابلات التي لا تنفك والدتها عن تدبيرها تستنفذها بشكل مؤلم ومجهد للغاية، ووالدتها هي الأخرى معذورة تتمني أن تفرح بها!.
تنهدت سارة بتعب وهي لازالت علي حالها تربت علي ظهر سالي "قومي نصلي العصر ونشوف المطبخ معاد الغدا قرب" هزت سالي رأسها موافقة ومسحت وجهها ولفت حجابها مرة أخري ونزلت الاثنتان الي الأسفل وسارة تحاول إخبارها بأي شيء مضحك كي تخرج من حالتها النفسية السيئة تلك.
دلفت الاثنتان الي الحمام بالطابق السفلي الخاص بالصغيرات وصعقت كل منهن لصوت غاية في القوة والاحترافية يغني بالإنجليزية بلكنه أمريكية سليمة لا يشوبها شائبة! أغنيه
“Girl on fire”
ناهيك عن روعة وقوة الصوت! تمتمت سارة باستغراب بالغ
"نيكي ميناج في الحمام بتاعنا؟!!" فهزت سالي رأسها بلا بتوتر بالغ "لا دي اليشيا كيز!" تسللت الاثنتان الي أن وصلتا الي مصدر الصوت في الحمام العملاق هذا وظلا الاثنان مرابطين أمام الحمام المغلق والذي ينبعث منه الصوت بقوة بالغة وعندما أنفتح الباب صاحت كل منهن بدهشة بالغة "شِيمـــــــاء!!!" خرجت شيماء مبلله وتضع منشفة علي رأسها وبدت متوترة للغاية ولم تنظر في عين أي منهن "في إيه منك ليها الشوربة وقعت عليا وأنا بحضر الغدا" وأزاحتهم من امامها وركضت سالي وسارة في الجهة الأخرى من الحمام لا يمكن أن تكون شيماء من غني بتلك الانجليزية الرائعة مستحيل؟!! ولكن لم يكن هناك أحد أخر بالحمام سوي ثلاثتهم فعادوا ركضا الي جهة شيماء مرة أخري ولكنها كانت تركت الحمام فبحلقت كل منهن الي الأخرى بدهشة كبيرة، وفي وقت لاحق بعد أن دخل الشك بقلب سالي من ناحية شيماء تسللت وراقبتها الي أن تتبعتها الي بيتها ففوجئت بشيماء ترتدي ثياب مختلفة تماما وتقود سيارة رائعة ومن ثم توقفت بحي راقي وصعدت الي شقتها، نزلت سالي لتسأل حارس العقار عن الآنسة التي صعدت منذ لحظات فأكد لها أنها الآنسة أنورين وأن لا أحد بالعقار كله يدعي شيماء فاتسعت حدقتي سالي وسارة بشدة تري من كانت الفتاة التي عاشروها لأكثر من ثلاث سنوات ولما تخفي كل شيء عن حياتها بهذا الشكل؟!!.
تري من هي؟ وما قصتها؟!!.






نهاية الفصل.
Please vote if you like it 😍 😊

مذكرات حائر الجزء الثاني "الحلم الضائع" بقلم هالة الشاعر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن