الواحد والعشرين

6.9K 212 12
                                    

الفصل الواحد والعشرون
هديه من السماء 2


في اليوم التالي لم يظهر أي من سارة وعبد الرحمن رغم أنها الجمعة والجميع يتناول الفطور سويا، وتجاهلوا طرق الباب والهاتف وتوسلات حسام ومحمد واعتذاراتهم كي يعود عبد الرحمن وسارة الي مساعدة الصغار!، ولم ينزل عبد الرحمن من منزله سوي وقت الصلاة مباشرة وذهب وحده الي المسجد أيضا!!.
_ بعد مده وقفت السيدة نور بشرفة منزلها والي جوارها السيدة وفاء كانت تحب مشاهده هذا المشهد كثيرا ولا تمل من رؤيته أبدا.
عبد الرحمن يسير الي جوار فارس من ناحية ومن الناحية الأخرى أحمد والي جوار أحمد يسير حسام وعلي كتفة صغيرة يضحك بشقاوة ومحمد يضم إيهاب بيده وجميعهم بلا استثناء يرتدون جلباب أبيض والصغار طواقي بيضاء، تمتمت السيدة وفاء دامعة "بسم الله مشاء الله" ودمعت عيون السيدة نور بشدة فرجال المنزل جميعا عادوا يرتدون الابيض وجوههم مضيئة ويشعرها هذا بسعادة عارمة لأنهم جميعا بخير والي جوار بعضهم البعض ولا شيء لديها في العالم أغلي من هذا... .
***
سحبت نادين نفس عميق وهي تحمل صغيرتها واتجهت حيث الثلاث فتيات يقفون الي طاولة صغيرة ويتناولون البذور والمقرمشات ونظرت بأسي الي زوجها الذي يربط قفازات الملاكمة الي يديه، لا تحتمل أبدا علية أي شيء سيء حتي لو كانت لعبة ولكنه كل جمعة يعود أزرق العينين اليها!!.
لذلك استجمعت شجاعتها وقررت العمل بنصيحة زوجها العيش في هذا المنزل ليس سهل أبدا وعليها بأن تكون شجاعة ولا تخشي شيء!.
نظرت سارة الي عبد الرحمن الذي يلكم كيس الملاكمة خاصته يستعد للمباراة الاسبوعية ثم التفتت الي أخوتها مرة أخري، بينما نادين ذهبت منها كل الشجاعة حالما وصلت الي الفتيات وتمتمت بشيء أخر محاولة فتح حديث معهم "عيد جوازنا أنا وأحمد بعد اسبوعين" ابتسمت الفتيات لها وهنئوها علي مرور عام "عاوزة أعمل مفاجأة لأحمد بس مش عاوزة ابقي متكررة قولو لي انتو بتعملوا إيه؟" تجهمت الثلاث فتيات علي الفور وارتبكت نادين وتولت أمل المهمة
"حاجات الكفار دي مبنعملهاش هنا"
سألت ببلاهة" يعني إيه؟!" ردت أية
"يعني محدش هنا بيحتفل بعيد جوازة" سألت بهلع
"ليه؟!"
ونظرت لسارة فردت الثلاث فتيات سويا بهدوء أعصاب
"كان يوم أسود"
شحبت نادين وضمت صغيرتها لها وتمتمت بصوتها شديد الرفع
"حرام تقولوا كده ده أسعد يوم في حياة كل واحده!"
رد الثلاثة عليها بنفس الوقت وبنفس البرود
"ظروف بقي!"،
نظرت لسارة هي لا تعلم كل شيء عن زواجها ولكنها تعلم أنها تعشقه حاليا ونادرا ما يتشاجرون بخلاف حسام ومحمد! "بس.. بس أنتِ بتحبي عبد الرحمن؟!!" رددت سارة ببرود وهي تتذكر هذه الأيام
"بس وقتها مكنتش طيقاة وكان نفسي عربية تشيله من قدامي!" شحبت نادين ونظر لأية رغم جنونها هي ومحمد إلا أنها تعشقه هي أكيدة "أنا كان نفسي أطلق يوم فرحي عشان كده بكرة اليوم ده جدااا"
اتسعت حدقتيها ولم تعد تفهم أي شيء والتفتت لأمل التي تنهدت بشجن
"الله يسامحك بتقلبي عليا المواجع ليه؟!!"
كانت فكرة سيئة للغاية لنادين التي قررت التخلي عن المراوغة والدخول مباشرة
"طيب .. أنا في حاجة مبقاش ينفع أسكت عليها" وسحبت نفس عميق ونظرت لأية وأمل وأخرجت الكلام دفعة واحده "كل جمعه جوزها ينزل ضرب في أجوزنا وهي تفرح فينا ده مش عدل أبدا.. إحنا نصوت علي لعبة تانية" رفضت الثلاث بشدة "لاء" حاولت اتباع اسلوب فرق تسود "سارة الوحيدة اللي جوزها مش بيخسر أبدا أزاي تقبلوا علي أجوازكوا انهم يضربوا كل جمعة!!".
لفت أية واتجهت الي نادين وهي تحاوطها بذراعيها وتهسهس بأذنها "نادين. نادين. نادين.. بوصي يا حببتي صحيح أنتِ أكبر وحده هنا سنا.. لكنك أصغر وحده هنا خبرة في الجواز أنا هديكي كام شهر كمان بس وهنشوفك وانتِ بتدعي علي الجواز واللي بيتجوزوا!" بحلقت نادين بذعر وهزت رأسها بلا رافضة "أحمد طيب ومش بيزعلني" ضحكت الثلاث فتيات مقهقهين بشدة حتي عادت رؤوسهم الي الخلف ونظر نحوهم الرجال والوالدات أيضا.
دمعت عيون أمل بشدة وهي تضرب الطاولة
"بتقولك .. أحمد .. طيب .. ومش هيزعلني عااااههههههههههههه"
حاولت تجميع شتات نفسها ونظرت لنادين "أحمد الكيوته اللي بيساعدك وبيقولك معلش يا بيبي بعد النونو التاني وكرشة ما يدلدل قدامة وينعر في البيت ليل و يا نهار علي الفاضي والمليان، هاتيجي هنا" وطرقت علي الطاولة بحزم "وتجمعينا وتقترحي أننا نجيب طور هايج كل جمعة ينطح في الاربعة وعلمي علي كلامي" كانت أمل حازمة للغاية وذعر نادين يشتد!.
"الله دي فكرة حلوة جدا ممكن نعمل كده؟!" سألت سارة بانبهار وتسألت أية بجدية
"بس هنجيب طور منين!" ردت أمل بتلقائية "إيه الذكاء ده هنجيب طور عادي المشكلة هنحطة فين الريحة وكدا" زمت أية وسارة شفتيهم بقرف
"أووووف".
طارت أي قناعة لدي نادين وسألت سارة بهلع "أنتِ جوزك مش بيزعلك خالص عاوزة الطور يجري وراه ليه؟!" زمجرت سارة "زوجي الكيوت الطويل اللي قدامك ده من يوم ما اتجوزت مش عارفة اتهني علي ليلة كاملة أنامها كأني مخلفه عشر عيال مع بعض!! لازم يصحيني من أحلي نومه "هاتي لي أشرب . أهرشي لي ضهري . دلكي رقبتي. أنا جعان. أنا مش عارف أنام. أحكي لي حدوته. تعالي لي المكتب عشان مش لاقي الملف الفلاني!" ورفعت كتفيها بحنق "رغم أني مش بشتغل معاه أصلا لكنه قرر الساعة اتنين ونص أنو يصحيني عشان يسألني علي الملف اللي أنا معرفوش!!!"
"تؤ تؤ تؤ"
تمتمت كل من أختيها بأسي يهزوا رؤوسهم برفض "كل اللي فات حماده ..وطلبات الاكل العجيبة الي بيطلبها حمادة تاني خالص، في بني أدم طبيعي يصحي مراته عشان عاوز كباب حله الساعة 3 بالليل!!!"
تمتمت أختيها بدرامية "يا حراااام"
ادعت سارة البراءة "شوفتوا مستحمله أزاي ومش بتكلم"
رفعت أمل يدها رافضة بشدة "انا لو منك أطلق مستحيل أعيش ثانية واحده معاه"  هزت سارة رأسها بحزن ولم تصدق نادين أمل التي تريد دمار بيت أختها!!!.
تنهدت سارة "أنا بعشق يوم الجمعة لأنه بيفضل يتمرن وعلي ما بيضرب التلاتة بيكون تعب ونطلع بينام بقي للصبح وأنا بعيش أسعد لحظات حياتي أقرأ بقي وأكتب واتفرج علي أفلام وأنام للصبح من غير ما يصحيني، ورفعت يدها للسماء وابتهلت بهيام "يا رب خلي الاسبوع كله يوم الجمعة" ولحقت بها أختيها مرددين نفس الدعاء واتساع عيون نادين يشتد أكثر من ذي قبل وتمتمت أمل بفخر
"أنا ببقي سعيدة جدا وحسام بيضرب ده اللي بيخليني أكمل باقي الاسبوع .. بحس إن ربنا بيجيب ليا حقي!".
لم تيأس نادين وطلبت أخر طلب من سارة رغم هذا الاجتماع الفاشل "طيب ممكن بس أحمد ميخسرش أنهاردة نفسي أصورة وهو بيكسب عشان لجين لما تكبر تشوفة وتفتخر بيه!!" كان توسلها كبير ورق قلب سارة ولكنها من المستحيل أن تخبر عبد الرحمن بأن يخسر، لن يحدث أبدا فكرت قليلا
"خلاص .. خلاص صعبتي عليا أنهارده ماتشين بس أحمد يلعب مع حسام ومحمد مع عبد الرحمن من غير تصفيات لكن مستحيل أشوف عبد الرحمن بيخسر!"
تحمست نادين بسرعة "موافقة"
ربتت أمل علي يدها "متقلقيش حسام موكوس أحمد هو الي هيكسب"
"!!!"
ذهبت سارة تخبر عبد الرحمن بالترتيب الجديد وأندهش تماما منها "أنتِ في وعيك؟!" نفخت بكبر "صعبت عليا عاوزة فديو تفرجوا لبنتها لما تكبر وتقولها إن باباها كان بيلعب ملاكمه وكدا، هضحي عشان الطفولة!".
ذهب محمد يتوسل عبد الرحمن في لحظات الكرم الخارقة التي أغدقتها سارة عليهم اليوم وقبل عضله ذراع عبد الرحمن وتوسل له بدرامية مضحكة "وحياة الغالين عندك يا شيخ" نفض عبد الرحمن عضلة صدرة وراقبها محمد بذعر وقبل عضله ذراعة وضمه بشدة يتوسل له
"بلاش تضربني في وشي يا عبد الرحمن عشان منظري قدام بنتي بس"
نفخ عبد الرحمن بملل وهو يرقص عضلات صدرة واحده تلو الأخرى ومحمد يتابعها بعينه
"ربنا يسهل"
"أنت الكبير بقي وأبو الكرم كله هاه، سبني أضربك مره واحده قدام حور هتمنظر بس قدمها شويا وأية هتخرجها بره القاعة بعد كده وأطحني بعدها زي ما انت عاوز ماشي"
نظر عبد الرحمن لسارة التي تسكب له العصير لمَ لا يفهم أخوته بأنه يفوز كل جمعه رغبه منه في النجاة فسارة سوف تقيم قيامته إن خسر!، تنهد
"اول دقيقة في الماتش بس متحلمش بأكتر من كده" قبل محمد عضلتي صدر أخيه الذي يرقصهم بسرعة وركض لأية يخبرها بأن تخرج حور من القاعة بعد الدقيقة الاولي!.
تذمرت السيدة وفاء للمرة المليون "أنا مش فاهمة أزاي يا نور يجي لك قلب تشوفي ولادك بيضربوا كده، ما يلعبوا كوتشينة ولا طاوله حتي ليه العنف ده؟!!" لم تستطع السيدة وفاء والده الفتيات الرقيقات "سابقا بالطبع!" استيعاب تلك اللعبة العنيفة أبدا، وهزت رأسها تتذكر بحب
"الله يرحمك يا شاكر كان كل جمعه نعد نتفرج علي التلفزيون وهو ميشلش عينه من علي البنات وهما قاعدين علي الأرض ولابسين الفساتين والعرايس واللعب بتاعتهم حواليهم، ويوم الجمعه ده يصلح لهم لعبهم ويعملهم مرة بوتجاز من الكرتونه ومرة مش عارف إيه كانت أعده جميلة وهادية" وتحولت نبرتها للتذمر "لحد ما جه فارس وملي الدنيا بالكور وعربياته والصداع اللي عمله في البيت!".
ضحكت السيدة نور بشدة من رفيقتها أم البنات فهي لا تعلم شيء عن الصراعات والحروب الضارية التي عانت منها السيدة نور "هما الصبيان كده يا وفاء كل لعبهم ضرب وصريخ وجري، كانوا بيجننوني ومهما صرخت ولا عاقبت مكنش فيه حاجة بتتغير لحد ما شهاب الله يرحمه جات له الفكرة دي كل جمعه بعد الصلاة يعمل بينهم حكم ويفضي الصالة كلها عشان يلعبوا براحتهم وقالي هو ده الحل الوحيد عشان يطلعوا طاقتهم من غير ما يجننوني كل الاسبوع وفعلا بقوا أهدي لما نسبهم يلعبوا كده ساعتين تلاته كل جمعه أهون من ضرب الاسبوع كله!، ولما كبروا بقوا يلعبوا في النادي وبطلوا ضرب في البيت وعبد الرحمن رجعها تاني من كام سنه" وتنهدت بحب وهي تتذكر شريط الذكريات الخاص بزوجها الحبيب وأولادها.
_لف أحمد رباط قفاز الملاكمة بحزم اليوم فرصته ففي كل مرة كان يتغلب علي كل من محمد وحسام ولكن عبد الرحمن يهزمه شر هزيمه ومهما تدرب أحمد طوال الاسبوع كان الفوز من نصيب عبد الرحمن في المواجهة الحتمية بينهم، اما اليوم سوف يهزم حسام ويعود الي المنزل دون عيون زرقاء وسوف يتجنب بكاء نادين طوال الليل التي لم تقتنع الي الآن بأن هذه مجرد لعبة وتنهد بسخرية لنفسة
"أمال لو كانت شافتنا في شبابنا بنعمل إيه في بعض!!"
أشار الي حسام الذي يجلس خارج حلبه الملاكمة ولا يريد المشاركة فأشار له حسام بلا، زم أحمد شفتيه وأزاح الحبال من الحلبة وخرج وهو مزمجر فركض حسام حول القاعة وهو يصرخ
"يا جدعان أنا مش عاوز العب.. هو بالعافية؟! .. أنا راجل صاحب مرض وعندي السكر ومفيش فيا نفس للضرب!!" ولكن أحمد أمسك به أخيرا من ملابسة وأدخله الي الحلبة رغما عنه وحسام يصرخ مستنجدا بأمل
"الحقيني يا أمل!"
استندت أمل الي إحدى الزوايا للحلبة الصغيرة خاصتهم ورفعت سبابتها بحسرة
"نفسي قبل ما أموت أشوفك فالح في حاجة واحده يا حسام!" كف حسام عن التذمر وعدل ملابسة وزم شفتيه وذهب لها
"أنا الحق عليا أني راجل حساس ورقيق هتشوفي الوحش لما يخرج من جوايا.. أربطي" وناولها يده والقفاز ربطت أمل القفازين وهي تمرجح زاويه شفتيها
"كلاااام كل اللي بخده منك كلااام.. وبس"
ذهب حسام وهو متأهب بوجه حازم ولمعت عيون أحمد فهو يريد أن يخرج كل طاقته ويتمني حقا أن يصمد حسام طويلا أمامه.
بدا الاثنان بالقفز استعدادا للملاكمة واشار عبد الرحمن لإيهاب بعينه فضرب علي الجرس ولكم حسام أحمد في وجنته بحماسه شديدة حتي ترنح أحمد من المفاجأة لمعت عيون أمل غير مصدقة وشهقت نادين بذعر بينما أحمد الذي تراجع مترنح كان مصعوق تماما من حسام، حاول التأهب ولكن حسام أعطاه لكمتين قبل ان ينتبه وصرخت أمل غير مصدقة وهي تقفز
"كمل يا حسام كمل"
لكمه مره أخري بمعدته وصوت صراخ أمل الحماسي أصاب الجميع بالصمم!،
"فظيــــــــع وحش يا حسام وحــــش"
نظر حسام لها بفخر وهو رافع حاجبة بعلياء وأرسلت له أمل قبلاتها وتحياتها في الهواء بسرعة شديدة وفجأة أفاق أحمد ولكمه بكل قوته في منتصف وجهه زاغت عيني حسام لوهلة ثم سقط علي ارض الحلبة فاردا ذراعيه وقدمه!، لم تفهم أمل ابدا ما يحدث ورفعت يدها للسماء "ملحقتش أفرح يا رب ... ملحقتش أفرح والله" ظل حسام بلا حراك وتم ضرب الجرس من قبل إيهاب وأحمد غير مصدق وأخذ يركله "أنت يا زفت قوم ما لحقتش العب!، أنا بدرب بقالي أسبوع عشان أضربك بوكس واحد!!" كان سخط أحمد كبير ولكن حسام كان فاقد للوعي، جرة عبد الرحمن من ذراعيه خارج الحلبة ورش محمد عليه المياه وبعد عده دقائق استيقظ وهو يتحدث ببلاهة
"شوفتيني.. وأنا وحش .. يا أمل!"
تجاهلوه جميعا ودلف عبد الرحمن ومحمد الي الحلبة وذكر محمد أخيه باتفاقهم المزعوم نظر عبد الرحمن بحذر نحو سارة سوف تقيم قيامته، ارخي نفسه ولم يتخذ الوضع الدفاعي خاصته وترك ذراعيه جواره بل وعمد الي إغلاق عيونه أيضا لأنه يعرف أنه لو رأي قبضة محمد سوف يتفاداها بحركة لا إرادية ضرب الجرس وسارة صاحت باسم عبد الرحمن الذي لا يتخذ وقفته الدفاعية تحذره كي يتأهب، كان محمد يقف متحفز ويحمي وجهه بكلا قفازيه وعندما علم أن عبد الرحمن سوف يتركه يضربه، ضرب بكل قوته عبد الرحمن في معدته فانحني عبد الرحمن يمسك ببطنه وهو غير مصدق قوة الضربة التي خرجت من محمد "لم يكن هذا اتفاقهم!" أحمر وجهه عبد الرحمن بشدة وهو منحني علي بطنه وأزداد صراخ سارة التي تتشبث بحبال الحلبة وتجذبها بكل قوتها بينما محمد أنتهز الفرصة ولكم عبد الرحمن بوجهه بقوة شهق عبد الرحمن وقرر وقف تلك المهزلة سريعا وأنتصب ولكن محمد كان من الحماسة الزائدة فركل عبد الرحمن بين فخديه وصرخت سارة بحنق غير مصدقة "ده بيضرب تحت الحـــزام!!"
أنحني عبد الرحمن وهو يتأوه وقرر محمد القضاء عليه تماما فلكمه علي وجهه وسقط عبد الرحمن أرضا لأول مرة!!، صاح محمد علي أيهاب
"أضرب الجرس يا بيبو"
ضرب الصبي الجرس وهو مدهوش لأول مرة يسقط عبد الرحمن أرضا!، خلع محمد قفازيه وركض بسرعة يحمل أية من الفرح ويدور بها "صورتي الفيديو " "أيوة يا محمد أنا مش مصدقة!" بحث عن أبنته هي الأخرى وحملها
"شوفتي بابا يا قلبي انا كسبت أنهارده عشانك"
تنفست بحده "أنزلني أنا لا أطيق افعال الهمج هذه حقا أنها نرمونات الغباء!"
تمتم الابوان باستغراب "نرمونات!!"
أنزلها محمد وصاح علي إيهاب وأخذ أسرته وركض الي شقته، عليه بأن يختفي من وجه سارة وعبد الرحمن اليوم!.
كانت سارة بصدمه يا اللهي أهذا هو طعم الخسارة؟ لأول مرة منذ سنوات عديدة تتذوق حتي أنها كانت تشجع عبد الرحمن من قبل أن يصبح زوجها ولم يخسر مرة واحده من قبل!!، أوقفته علي قدمه بعنف وصرخت بحنق "قـــوم قدااامي" وسحبته من ملابسة الي المصعد حاول شرح أي شيء وهو متألم ولكنها كانت عصبية للغاية أوقفت المصعد أمام منزل محمد وخرجت مسرعة وهي تضرب باب محمد بعصبيه شديدة ،
مَن هذا الذي يضرب زوجها وهي علي قيد الحياة لقد حفر قبرة بيده اليوم!،وبصراخ همجي صاحت "أفتح البـــــاب يا محمد أنت أنتهيــــت أقسم بالله أنت أنتهيـــــت"
لم تجد أي رد فضربت الباب بقوة أكبر وعبد الرحمن يحاول إزاحتها ولكنها رفضت وصرخت بحنق "لو راجل أفتح البــــاب"
تمتم محمد الذي يختبئ خلف قطعة الاثاث التي وضعها وراء الباب بهمس لزوجته
"لو راجل بقي!"
أرتج الباب وأرتعش محمد وأية هذه كف عبد الرحمن لا شك وتمتم الصوت الرجولي الغاضب
"أنا تضربني من تحت الحزام؟!، حسابك معايا بكرا يا زفت"
وضرب الباب بحنق مرة أخيرة وصعدت سارة التي تنفس اللهب معه كي تضمد جروحه ومن ثم زمجرت به في المصعد "هشوف وشك اللي بيجيب دم ده وبعدين حسابك معايا عشان تقف مايص أوي له!"
أغلق عبد الرحمن عيونه بتعب سوف تقيم قيامته!!.
***
_ التفت سارة هاربة من تهكمات شيماء التي لا تنتهي وقررت الذهاب الي مطبخ الدار من الباب الخلفي حامله سلة الغسيل العملاقة بحيث لم تري ما أمامها، اصطدمت بصندوق وسمعت صوت بكاء لرضيع فشهقت وأسقطت ما بيدها ورجعت للخلف مذعورة بشدة ظنت أنها دهست الصغير وعندما أفاقت من صدمتها اقتربت بحذر شديد لتجد بالصندوق رضيع وردي يبدو أنه لم يتجاوز اليومان يبكي، اشاحت غطائه عنه بحذر شديد وحالما وقعت عيناها عليه لم تستطع إشاحتها عنه أبدا ولو لوهله واحده.
_دلفت بهيام الي المطبخ بعد أن أطمأنت الي أنه بخير، لتجد شيماء بمواجهتها تصيح عليها
"أنتِ فاكره أنك هتهربي مني؟، هتعزميني علي الغدا ولا لاء؟!!"،
لم تجيبها سارة التي تهدهد الرضيع بأي شيء وظلت تبحلق له بهيام متناسية العالم كله معه، صغير رائع ذو جلد وردي وعيون خضراء رائعة وأهداب جميلة وفم منمنم وأنف صغير مدبب، كان رضيع رائع الجمال سرق لبها علي الفور.
اقتربت شيماء تزمجر بها
"أنتِ أزاي تخرجي طفل من أوضة الرضاعة هي كوسا عشان جوزك اللي بيصرف علي الدار؟!"
ردت بهدوء وهي تتأمله "أنا لقيته برا قدام باب المطبخ"
"إيــــه؟!!"
شهقت شيماء بهلع وبظرف خمسه دقائق فقط كانت فتيات الدار كلهن يقفن الي جوار سارة يتأملوه ويتسألون كيف وصل الي هنا؟ ومن تركه أمام باب المطبخ الخارجي؟!.
_وصلت سالي وأمطرت الفتيات بتساؤلاتها الغاضبة وصرخت علي الآمن لتعلم من أتي بذلك الصغير وكيف دلف الي أرض الدار دون علمهم؟!، قلبت المكان رأسا علي عقب متوعده كل من له علاقة بهذا الأمر بعقاب وحسم رهيب بينما سارة تضمه لها وتتأمل تنفسه الهادئ البريء غير مبالية بصياح وغضب سالي أو أي من دهشة الفتيات... .
***
في الرابعة والنصف دلف عبد الرحمن منهك الي منزله، القي بمفاتيحه وصاح
"ســــــارة طابخة إيه أنا واقع من الجوع"
خرجت من المطبخ مسرعة تركض نحوه تضمه وتقبله برحابة شديدة علي غير العادة
"الحمد لله علي سلامتك يا قلبي"
رفع حاجبه مستنكرا "شكلك مخلصتيش الأكل عشان الاستقبال الجامد ده!"
"لا أبدا الأكل جاهز ودقايق والسفرة تبقي جاهزة هي كمان"
لم يرتاح مطلقا لهذا الاستقبال الحافل ربع ذراعيه الضخمين "هاتي اللي عندك؟"
تركته وقلبت في يديها بخجل "أصل.. يعني.."
وتوقفت عن الكلام وكذلك هو بعد أن سمع صوت بكاء غريب
"إيه الصوت ده، في حد هنا؟"
هزت رأسها بخجل شديد وصعدت راكضة الي الأعلى ونزلت وهي تحمل الصغير علي يدها بحب شديد وسط استغراب عبد الرحمن وقبل أن يفتح فمه
"شوف جميل أزاي"
تأمله عبد الرحمن قليلا "مين ده؟"
سأل باستغراب، عضت شفتها السفلي "أمم ..أنا لقيته أنهاردة...".
قصت عليه ما حدث وكان رد فعله غاضب للغاية مثل سالي تماما الجميع كان غاضب لطريقة دخول الصغير الي الدار، كان الأمر كارثة حقيقية لعبد الرحمن فكما دخل الصغير من الممكن أن يخرج آخر!.
ولكن سارة الوحيدة التي لم تكن تبالي بهذا الأمر وتجاهلت غضب عبد الرحمن وهي ترضع الصغير وتتأمله ولا تشيح بعينها عنه "إيه البرود اللي أنتِ فيه ده؟، وجبتيه هنا ليه؟!"
"أصل ..أصل ..صغير أوي يا بودي، عنده يومين بس"
"عرفتي منين؟" الحبل السري بتاعه لسه فاتح وكمان الدكتورة شافته وطمنتني عليه"
تأملت الصغير قليلا ورجت عبد الرحمن "إيه رأيك يفضل معانا"
تمتم بهلع "ميـــن؟!"
ارتبكت كثيرا "يعني .. بس شهر أو أتنين يكون كبر شويا"
أتسعت حدقتيها بأمل كبير ترجوه ووقف هو حائر فتردد "بس ..يا سارة دي مسؤولية كبيرة!"
أقرت بلهفة أقرب الي التوسل "وأنا قدها والله خليه معانا شويا يا بودي بليــــز"
إحتار عبد الرحمن في امره كثيرا ثم راقب الصغير وسارة تربت علي ظهرة والصغير في غاية الضعف لا حوله له ولا قوة لا يدري بأي مما حوله من عالم الكبار وما هو مصيره في هذا العالم البائس.
"وليه ما تسيبهوش في الدار هناك في مراقبة عليه 24 ساعة!"
نفت بسرعة "لا لا ..أصل.. أصغر طفل وصل للدار كان عنده تسع شهور ناريمان مش هتعرف تاخد بالها منه خليه معايا كام شهر بس"
أتسعت حدقتيه بعجب "مش كانو شهرين من شويا!!" قبلته بمرح شديد وكأنه أمر واقع
"حبيبي يا بودي".
_ "لا حول ولا قوة إلا بالله في حد يرمي ابنه كدا!" كانت هذه السيدة وفاء التي تحمله ودموعها منسابة غير مصدقة بأن هناك من يرمي رضيع رائع الجمال بهذا الشكل
  سألت سارة بفرح "حلو يا ماما مش كده"
"زي القمر مشاء الله عليه"
"هاتي بقي يا وفاء!"
تذمرت السيدة نور من صديقتها التي تحتكر الصغير منذ أن صعدوا جميعا لعلمهم بوجود رضيع لدي سارة حملته السيدة نور التي تعشق الصغار الرضع وتمتمت من بين إعجابها وحزنها
"سبحان الله والله حرام معندهاش قلب"
"وأنا يا طنط عاوزاة شويا" رجتها أية ولكن سارة رفضت وأخذته من حماتها
"لا كفاية بقي أنتو بتلعبوا!" تأملته كل من أمل وأية معجبين بجماله واراد كل من حور وإيهاب حمله ولكن سارة رفضت رفض قاطع، ذهب محمد وأخذ يتأمله
"مشاء الله فعلا جميل أوي" تمتمت سارة بفرح "مش كده يا محمد"
حك حسام رأسه "مين بقي اللي حطته هناك أنا عاوز أفهم، أكيد واحده من البنات اللي في الدار" نهرته السيدة وفاء "بس يا حسام حرام كده!"
"يا طنط الدار محدش بيدخلها غير البنات اللي في الجمعية أكيد واحده منهم هي اللي سابته هناك مش محتاجه فكر يعني!، ولو سارة ركزت أكيد هتعرف مين هي وترجعه"
رفعت سارة رأسها بجمود وضمت الرضيع لها "هي سابته يعني مش عاوزاه أنا ههتم بيه ومش هخليه محتاج حاجه" أحس محمد بشرارة سوف تشتعل بين الأثنان "مقولتيش يا سارة هتسميه إيه؟" ابتسمت سارة ثم نظرت لعبد الرحمن وتمتمت بحب
"عبد الرحمن"
تلون وجه الجميع تقريبا وأرتبك عبد الرحمن ثم نظر لها وابتسم بهدوء، سأل حسام بهجوميه
"وأنتِ ناوية تسبيه هنا قد إيه؟!"
نظرت نحوه بجمود لبرهة فنطق بإهمال وهو يلوح بيده "يعني دي مسؤولية كبيرة وأنتِ معندكيش وقت ولا خبرة" رن هاتف المنزل الداخلي وأجابت سارة التي تشتعل من الغيظ من حسام
"أيوة يا عم حسين طلعهم من فضلك".
فتحت الباب واستلمت أغراض طلبتها صباحا للصغير بفرح كبير، وعندما رأي حسام حجم الأغراض أثناء ما كان يحملها العم حسين تكهن بشدة "يا حبيبي ده مطول هنا!" ارتبكت السيدة وفاء كثيرا وسألت سارة بهدوء قدر استطاعتها فهي تعلم أبنتها جيدا وبقدر لوعتها عليها إلا أنها تخشي عليها من خسارة عبد الرحمن.
"يا حببتي أنتِ لسه قايمه من عملية وعندك شغل كتير في الدار والافتتاح بعد خمس شهور وهو مش هيخليكي تنامي خليه في الدار أحسن هما هيقدروا ياخدوا بالهم منه"
رغم رقة السيدة وفاء المتناهية بحديثها مع سارة، إلا أنها فور سماع كلماتها هذه من والدتها خبت فرحتها بأغراض الصغير وتركتها ونظرت لها غير مصدقة وقال حسام بانتصار مؤكد
"والله يا طنط وفاء كلامك عين العقل".
حملت سارة الرضيع وصعدت بهدوء الي غرفتها دون أن تجيب أي منهم، دمعت عيون السيدة وفاء بشدة ولم تحتمل وذهبت الي شقتها تبكي بشدة، أما عن موقف السيدة نور لم يستطع أحد تفسير وجهها، ونظرت نادين الي أحمد ببؤس فربت علي كتفها وضم صغيرته أكثر له، نظر محمد شزرا لحسام فزمجر به
"بتبوص لي كده ليه منعرفش جاي من أي داهية ونأعده في بتنا وياخد أسمنا كمان والله عال!" غضب أحمد منه كثيرا
"أنت مالك؟ خليك في حالك ومتدخلش في شؤن حد فاهم ولا لاء؟!"
"يعني إيه مدخلش في شؤون حد؟! عاوزه طفل، البيت مليان.. تاخد حد وتربيه مش تجيب واحد من الشارع لينا!" أشتعل محمد وأية وأخذوا صغارهم وذهبوا للسيدة وفاء دون التحدث بأي كلمه، وترك عبد الرحمن الصامت المجلس وصعد الي الأعلى التقط بأذنه بكاء سارة ودلف الي الغرفة بهدوء شديد وعندما شعرت سارة به رفعت رأسها ومسحت دموعها سريعا بظهر يدها وبدأت بلملمه ملابس الرضيع من علي السرير الخاص بعبد الرحمن "مكنش .. المفروض .. أجيبه من غير ما أقولك .. أنا آسفة، بكرا هرجعه الدار" كانت تعتصر من الألم وهي تخرج تلك الكلمات المتقطعة بصعوبة شديدة
"سارة ده لمصلحتك أنا خايف عليكي تتعودي عليه وبعدين .. لو.. والدته رجعت ليه عشان تاخده قلبك هيتكسر".
حملت الصغير ووضعت رأسها علي صدره قليلا ثم حملت أغراضه بالذراع الأخرى وتمتمت بصعوبة شديدة " أنا هنام في الاوضة التانية عشان تعرف تنام، وبكره.. هرجعه الدار" عضت شفتيها واختفت من أمامه وظلت صامته طوال هذه الليلة وراقب عبد الرحمن القلق ضوء غرفتها الذي لم ينطفئ ولم يستطع منع نفسه أيضا من الانصات الي حديثها مع الصغير أو بكائها لأنه لن يظل معها.
في اليوم التالي صباحا نزل عبد الرحمن الذي لم ينم سوي ساعة أو اثنين الي الأسفل ليجد الفطور محضر وسارة جاهزة هي والصغير وأغراضه التي طلبتها له البارحة ويبدو أنها لم تكف عن البكاء ولو للحظة بالأمس، قبل رأسها وحاول تناول أي شيء ولكنه لم يستطع يعلمها أكثر من أي أحد آخر ويعلم لوعتها وكم يعني لها أن يكون لها صغير ويبدوا أن هناك شيء مميز بهذا الصغير جعلها ترغب بالاحتفاظ به دون غيرة.
"جاهزة؟" هزت رأسها بهدوء ونظرت للصغير مرة أخري وانسابت دموعها رغم عنها وضمته بشدة لها "أستغفر الله العظيم! يا سارة كفاية وبعدين أنا ما صدقت صحتك تحسنت مش هتقدري تسهري وتاخدي بالك منه صدقيني كده أحسن ليكي وله وكل يوم هتشوفيه في الدار وكل خميس وجمعه يا حببتي هنخليه يبات معانا هناك كفاية عياط"
نظرت لعبد الرحمن الذي يحاول التخفيف من بؤسها قدر استطاعته وحاولت رسم أي بسمة مجامله له "طيب يا لا يا حببتي أغسلي وشك" امتثلت لأمرة ولكنها لم تتحسن البته وعرض عليها إيصالها للدار كي لا يتركها وحدها طوال الطريق هي وبكائها، راقبها وهي تجلس بالخلف تضم الصغير لها بكل قوتها ولم تشيح بنظرها عنه وعندما اقتربوا من الدار ضمته لها بشغف واشتمته بقوة تعبئ رئتيها برائحته، لم يحتمل عبد الرحمن لوعتها فضغط فرامل سيارته... .
***
"يعني إيه هيفضل في البيت؟!"
كان هذا حسام المعترض وبشدة علي حديث عبد الرحمن لهم أثناء تناولهم الغداء، نظر له عبد الرحمن بغيظ "يعني أنا حر في شؤون بيتي يا حسام"
ترك حسام الطاولة بغيظ وهو يتمتم "فتحنها سبيل ..جمعية .. ودار وعيال في البيت كمان ..كل ده عشان إيه يعني!" وصعد منزله بغضب تاركا كل من علي الطاولة صامتين، لم يكن عبد الرحمن يبالي حقا نظر لوالدته وكأنه يخبرها بأنها لا يهتم سوي لها و لا شيء آخر فهزت رأسها بهدوء شديد بعد برهة وترك هو الطاولة وصعد الي سارة القلقة حالما دلف الي باب المنزل ركضت نحوه
"وافقوا؟!"
ربت علي رأسها "متقلقيش وبعدين أنا مش باخد أذن من حد" تنهدت بارتياح شديد وضمت عبد الرحمن بقوة لها تشكره بشدة
"بجد مش عارفة أقولك إيه دي أحسن حاجة حصلتي لي في حياتي بس .. بس أنا خايفة تكون بتعمل كدا عشاني بس ومش عاوزة" ربت علي وجنتها ليهدئ قلقها الذي لا ينتهي
"أي حد أنتِ بتحيبه أنا كمان هحبه" تلقي ضمه قوية منها تشكره بكل ذرة من جسدها علي أحلي هدية حصلت عليها هي في يوم من الأيام،
"بكره هنبدأ الاجراءات؟" سألت بفرح كبير فهز رأسه موافقا لها ولكن بدلا من أن تهدية قبلة ركضت نحو الصغير تضمه وتقبله فنفخ بتكهن "بدأنا!".
أنفضت طاولة السيدة نور دون أن يأكل أي من الموجودين شيئا يذكر حقا خاصة السيدة نور التي استأذنت وغادرتهم وصعدت الي غرفتها، لم ترق لها الفكرة كثيرا حقا كم كانت تتمني لو أن الصغير من صلب عبد الرحمن أبنها الاكبر الذي تتمني رؤية أطفال له اليوم قبل الغد، لم تتعنت بهذا الشأن حقا من قبل فهي تعلم بحب عبد الرحمن لسارة وأنه لن يحب حقا أي امرأة أخري حتي لو كانت أم طفله سوف تخسر سارة هي الأخرى وكل من أمل وأية بناتها اللاتي لم تتمكن من إنجابهن لذلك أثرت الصمت ولكن وجود ذلك الصغير جعل أفكارها تشرد بأمنيتها بحصول أبنها الأكبر علي وريث وحصولها هي الأخرى علي حفيد.
كانت سارة سعيدة للغاية بحصولها علي هذا الصغير وكأن عبد الرحمن ينقصه شيء كي تعشقه ها هي تذوب في عشقة من جديد، أنتهي من تركيب السرير الصغير الذي صعد به محمد وأية مرحبين بالصغير كان لحور وهي رضيعة وضعت سارة المرتبة الخاصة به ووضعت الصغير الذي فتح عينيه وأخذ يبحلق في عبد الرحمن ويرمش بعينية ويفتح فمه بطريقة غاية في البراءة عضت سارة شفتيها غير مصدقة مدي روعته وضمت عبد الرحمن بقوة لها، لم يستطع عبد الرحمن إشاحة عينه عن الصغير وكأن هناك تواصل سحري خفي بتلك العيون الخضراء، ركل الصغير بقدمة وبدأ يتذمر ببكاء غاية في الضعف والغرابة علي أذن عبد الرحمن، تركت سارة خصره وانحنت علي الصغير وحملته وهي تضمه بحب شديد ومن ثم فرشت غطاء له ووضعته علي السرير الخاص بهم وتفحصت حفاضة
"أممم بودي عاوز يغير"
ونظرت بمرح لزوجها الذي يطل عليها من أعلي وهي راكعة أمام الصغير جلبت الأغراض وفتحت الحفاضة خاصته ورغما عن عبد الرحمن نظر للصغير الذي يركل بقدمه ويبكي وبعد أن أزاحت سارة ملابسة عنه جعد وجهه ورفع حاجبة بغرابة "هو عامل كده ليه؟!" نظرت لعبد الرحمن ببراءة
"ده الحبل السري" ثم التفتت الي الصغير وعضت أصبعها وهي تشهق سألها عبد الرحمن بقلق
"في إيه؟!"
"نسيت ارش الحبل السري عشان ينشف يا ربي!، خلي بالك عليه لحظة" وركضت من أمامه كي تأتي بالكحول أنها أكيده من أنها سوف تجده بأغراضه، بينما عبد الرحمن أرتبك ما الذي عساه يفعله لهذا الصغير؟!!.
أنحني علي السرير وركع علي ركبتيه أمامه والصغير علي حاله يركل بقدمه بالغة النحافة والصغر أمسك عبد الرحمن بقدم الصغير وهو غير مصدق مدي هشاشتها لقد راقب صغار أخوته من قبل ولكن من بعيد وعند مرحله الحفاض كان يفضل ترك الغرفة لسارة كي تتولي هي ذمام الأمور!، ولكن عيون هذا الصغير يبدو انها القت بسحر عليه مثلما فعلت مع سارة تماما، أنتقل عبد الرحمن يتلمس ساقة كانت غاية في الرقة والنعومة وعندما تلمس كف الصغير قبض الصغير علي اصبع عبد الرحمن الكبير وكأنه قبض علي قلبه لا علي إصبعه ظل عبد الرحمن يراقبه وهو مسحور سعيد بتمسك الصغير بأصبعه وتسأل عن شعوره عندما يكبر هذا الصغير ويمسك بيده كلها لابد وأنه شعور رائع، رفع يده الأخرى وداعب وجنه الصغير كانت غاية في الرقة والهشاشة تمني لو يحمله ولكنه يخشي وبشدة لم يحمل صغار بهذا العمر من قبل كان يشعر وكأن عضلاته الكبيرة سوف تسحق هشاشة الصغار لذلك كان يكتفي بمراقبتهم ومداعبتهم وهم علي ذراع سارة التي تجيد حملهم وبشدة تمتم عبد الرحمن له وهو يبتسم "هتكبر امتي؟"
وردا علي سؤال عبد الرحمن الذي بدأ يبتسم ويداعب الصغير، تبول الصغير ولكنها رشقت بوجه عبد الرحمن مباشرة الذي صدم واتسعت حدقتيه بشدة دلفت سارة راكضة وهي تمتم
"لقيته في حاجه الصيدلية..." واتسعت حدقتها وهي تراقب نافورة المياه التي ضربت بوجه عبد الرحمن، هم عبد الرحمن بالصراخ ولكنها رفعت أصبعها علي فمها تحذره فأغلق فمه مره أخري الي أن انتهي الصغير، بحلق عبد الرحمن لها وسأل بغضب
"في إيه؟!" اللعنة لما منعته عن الصراخ ألا يحق له؟!!
رددت ببراءة "لو كنت أتكلمت كان هيتخض ويقطعها!" ضم قبضة يده اليمني حتي ابيضت مفاصله وعض عليها يكتم غيظ بالغ وتعالت أنفاس صدرة حتي ظنت سارة أن قميصه سوف يتمزع من عليه ووقف بغضب بالغ وأتجه الي الحمام ركعت سارة أما الصغير وسألته بعبث
"معرفتش تمسك نفسك شويا!" ركل الصغير بقدمه وأخرج لسانه الصغير وتاهت سارة هائمة به تنظفه وتبدل حفاضة، وأغمضت عينها منكمشة علي نفسها عندما صرخ زوجها من الحمام بغضب كي تأتي له بملابس أخري كي يتحمم، قبلت الصغير بحب وتمتمت "بابا نرفوز".
نظفت سارة الفوضى الذي اشاعها وحضرت رضعته ووضعته بسريرة وخرج عبد الرحمن ينفس اللهب وهو ينظر شزرا لكل منهم، وترك لهم الغرفة وذهب بعد أن أغرق نفسه بالعطر!.
***
صوت غاضب علي الطرف الآخر من الهاتف جعل سارة تغمض عين وتعض علي شفتيها كي تتجنب خرم طلبه اذنها الوسطي "أنتِ أتأخرتي ليــــــه؟!!" جلبت سارة كل اللطافة التي تعرفها الي صوتها "يا ساسو يا حببتي انا مش هقدر أجي انهاردة!" وبعدها أبعدت الهاتف تماما عن أذنها واستطاعت سماع كل أنواع الشتائم والصراخ الذي قامت به سالي تعدد مدي تأخر عمليه البناء في المبني الذي يفترض به استقبال الأطفال خلال خمسه أشهر، جازفت سارة ووضعت الهاتف علي أذنها
"بوصي صدقيني كل حاجه هتمشي كأني عندك بالظبط وأحسن كمان بس خليني الاسبوعين دول عشان بودي .. الجو حر أوي يا سالي حرام مش هيقدر يتحمل!" "بودي مين؟!!" قصت لها سارة ما حدث منذ يومين وفغر فاه سالي ثم صرخت بها
"أنتِ أتجننتــــــــي؟!"
أغمضت سارة عيونها بتعب وتوسلت صديقتها "سالي أرجوكي أنا مبسوطة .. مبسوطة أوي .. مش قادرة حتي أفتكر أنا أخر مرة كنت مبسوطة كده أمتي أجلي أي حاجه لحد ما أجي لك وأوعدك إن كل حاجه هتمشي زي الساعة كأني عندك بالظبط، سلام يا حبي"
وأغلقت الهاتف مانعه سالي من الاعتراض، ثم التفتت الي صغيرها الذي ينام بعربه ورديه كانت لحور أيضا!، تنهدت سارة "أنا عاوزة عربيه لبني أنت أصلا زي القمر وقلبت علي بنوته في العربية دي!" ثم أردفت وهي تحشو الحمام الموجود أمامها والذي جمعته من والدتها ومن حماتها وكذلك أخذت بطتين كي تعده لعبد الرحمن كمصالحه فبعد أن صالحت بينه وبين الصغير  البارحة فعلها الصغير بوجهه مرة أخري ليلا ومن وقتها وعبد الرحمن يرشقهم بشر!، لذلك سوف تعد له وليمه كي تصالحه والكثير من البطاطا بالسكر كي يكون بمزاج رائق تماما.
"مقولتلكش بقي أنا وبابا أتقلبنا أزاي كنت لسه عيله بضفاير...".
انتهت من حشو الحمامات وكذلك من قصتها التي تقصها علي الصغير منذ الصباح الباكر ومن ثم أجرت عده اتصالات كي تنهي أعمال خاصة بالدار ووعدت شيماء بعزومه غذاء محترمة إذا ما تحملت نصيبها من الاعمال كي لا تتثاقل اعباء الدار علي سالي وحدها، وفي موعده مثل كل يوم دلف عبد الرحمن ليجد وليمه أعدتها سارة من أجله تنهد ونظر الي سارة بعيون زائغة لائمة فاقتربت منه بسعادة واحتضنت خصره بحب وتمتمت
"بودي قالي لازم اصالح بابا وخلاني أعمل الاكل اللي بتحبه كله" رفع حاجبة بمكر
"بودي بردو!"
دافعت عن الصغير بشدة "طبعا أنت فاكر إيه ده ضميره بأنبه جدا مش عارف هو عمل كدا أزاي؟!" ضحك عبد الرحمن كثيرا علي صغيرته المشاغبة وجلس ليتناول الطعام بحبور واضح وهو ينظر الي كميه الحمام المتراصة أمامه وذهبت سارة الي المطبخ كي تأتي بالأرز البخاري ونثرت عليه المكسرات والزبيب كما يحب زوجها تماما، بينما عبد الرحمن الذي بدأ بتناول الحمام أنزل الطعام من علي فمه وسأل سارة بصوت عالي
"هو قلب علي بنوته كده ليه؟!!" صاحت هي الأخرى من المطبخ
"العربية والكوفرته بتوع حور" رفع عبد الرحمن حاجبا بغيظ وتمتم للصغير
"أنا مبحبش الحال المايل أسترجل كدا!" أتت سارة ووضعت الارز وبدأت بسكب الطعام لزوجها المستنكر من وضع الصغير بشدة فزمجر بها معترض "ما تحطي له توك في شعرة أحسن! بقولك إيه أنا مبحبش الدلع لو فضلتي تعامليه كده هيطلع مايص أنا مبحبش الحال المايل!" كان عبد الرحمن حازم بشدة، بينما سارة تأملت الصغير وتنهدت "والله شكله هيبقي تحفه" ترك الطعام من يده بغضب
"بقولك إيه لازم يطلع راجل وأنتِ عماله تغني له وتتميصي هيبقي فاشل كدا" زمت سارة شفتيها
"لما يدخل الحضانة أبقي استلمه انت.. من هنا للحضانة هدلعه براحتي" أشار بيده ملوح مستنكر
"يكون الواد باظ بقي" قرصت وجنته بمرح "طيب ما أنا بدلع فيك بقالي سنين وأنت مبوظتش!" وضحكت بشدة عليه كتم ضحكته وعاد لتناول طعامه مرة أخري ثم التفت الي الصغير الموجود بالعربة والتي وضعتها سارة بين كرسيها وكرسي عبد الرحمن كان الصغير يحدق فيه بشدة فترك الحمامة البائسة بالطبق مرة أخري
"الواد ده بيبوص لي في الاكل!"
"!!!"
***
بتمام الخامسة والنصف رن جرس الباب وقام محمد لفتحه فوجد سارة تضع سلة من يدها وترفع ذراعيها مرحبة به بشدة
"باشــــــا مصر"
"!!"
أشار الي نفسه غير مصدق والتفت خلفه ثم نظر لها مره أخري وسأل ببلاهة
"أنا!"
أكدت سارة بشدة "طبعا هو في باشا هنا غيرك!، باشا مصر كلها والله "وهمست شفتيها دون صوت "سامحني يا رب".
بينما محمد عدل ياقة قميصه القطني الذي يرتديه وأشار بيده لها
"طول عمري أقول أنك أنتِ أكتر واحده بتفهمي في البيت ده".
ضمت سارة قبضتيها الي قلبها "مرسي يا محمد بجد أنت عارف أنك أنت الحته الشمال"
واشارت الي قلبها، مرجح قدمه اليمني بدلال "بس بقي عشان بتكسف"
رفعت سارة يدها بفخر "عارف ليه لأنك شاب قيادي .. قدوه وخدوم و..و.. ربنا يبارك لك في بنتك يا رب!"
لم يعد لديها أي مديح لا تستطيع الكذب أكثر من هذا!، بينما رفع محمد يده الي السماء
"اه يا رب بارك لي في بنتي وأبعد عنها الاشكال الضالة واولاد الحرام وطول في عمري عشان أخد بالي منها .. ملهاش غيري يا رب .. ملهاش غيري".
"أكيد يا محمد ربنا هيستجيب .. هو أنت لا سمح الله بتعمل حاجه غلط!، ونعم الاستقامة والادب والله " وهمست بدون صوت مرة أخري "سامحني يا رب".
ربت محمد علي صدرة وكأنه يشكرها وقد انتفخ صدرة ورفع رأسه بفخر وكبر بالغ ثم تغيرت نبرته
وأشار بنفاذ صبر
"لخصي عاوزة إيه؟"
ضمت شفتيها بقرف وتمتمت "بان علي أصلك بان"
عاتبه بغضب طفولي "أخص عليك يا محمد! ده أنا حتي عامله لك مفاجأة وأنت تظن فيا السوء كده .. مكنش العشم والله .. لا لا حقيقي مكنش العشم!"
والتفت عنه ورسمت الحزن علي وجهها ،سأل بلهفة "مفاجأة إيه هاه.. مفاجأة إيه؟!!"
انحنت وأمسكت بالسلة "عارف السلة دي فيها إيه؟" سألته بمرح
"لا بس أنا شامم ريحه يااااا رب تكون اللي في بالي"
ضمت سارة قبضتيها وهي تحدثه وكأنها تتحدث مع طفل بالخامسة "عملت أنهارده حمام" أمسك محمد بقلبه غير مصدق والتفت برأسه يبحث عن أية بمكان قريب ولم يجدها وأقترب يهمس لسارة "طبعا أية طبخها جميل .. بس أنا من المنصورة وهي مش قادرة تحس بيا خالص بالاكل اللي بتعمله ده أنا عاوز بط وحمام ووز عاوز أدلع مش عاوز أكل فرنسي وطلياني أنا!" ثم نظر الي السلة بشوق ولعق شفتيه ورفع بنظرة الي الأعلى
"يا رب يكون اللي في بالي ..قولي لي أنك عامله بط" هزت سارة رأسها بثقة وابتسامه فخورة علي وجهها، رسم الخيبة علي وجهه فهو يعلم أخيه جيدا!! "أكيد عبد الرحمن أكلها كلها .. طيب يعني في أمل يكون ساب الزور أو الجناح؟!" رفعت أصابعها علي رقم أتنين "أنا كنت عامله أتنين" ضم قبضتيه وسأل بحماسه شديدة "طيب ساب صدر ولا ورك .. أنا راضي يا رب والله أي حاجه!" ابتسمت بثقة مرة أخري "عبد الرحمن أكل بطه ونص وأنا جبت لك النص الباقي كله صدر وورك" صفق محمد بشدة وهو يقول بفخر
"والله .. والله أستاذة" عاده ما تعطي محمد حمامه أو اثنين في لحظات الكرم الفائض منها فلا أمل ولا أية يجدن طهو البط والحمام لأنهن يشعرن بالاشمئزاز منه ولا يتناولونه فأشارت سارة علي رقم 4
"وأربع حمامات" أمسك محمد بقلبه وتراجع خطوتين الي الوراء
"لا لا كده كتير قلبي الصغير لا يحتمل .. والله لا يحتمل".
وسألت بمكر أنثوي "مش عاوز تعرف الحلو إيه؟!"
"كمان في حلو ؟!! والله أعيط.. أنا كده هعيط!!"
"أيس كريم فراولة ومزوده الكريمة فيه زي ما بتحب وسرقت طبقين رز باللبن من بتاع ماما"
توجس محمد خيفة من هذا الكرم والدلال الزائد وتراجع للخلف عده خطوات وسأل بحذر شديد
بدرامية يجيدها بشدة "أنتِ عاوزة مني إيه؟ مش أنا اللي أبيع نفسي يا هانم .. مش أنا!"
ضمت أصبعيها دلاله علي صغر طلباتها "عاوزة أجازه أسبوعين من الدار والعمال مغلبين سالي لو بس تسيطر عليهم شويا عشان يخلصوا المبني في معاده وكمان" وأخرجت ورقة وأعطتها له
"أنا عملت أوردر بطلبات الدار بس مش لاقية الحاجات دي" ضيق محمد عيونه وهم بخطف السلة ولكن سارة كانت يقظه له فتشبثت بها بكل قوتها
"هاتي السلة"
"بعينك لما تنفذ اللي عاوزاه الاول" من بين أسنانها
توعدها وهو يجذب السلة ناحيته "أنتِ فاكرة دخول الحمام ذي خروجه هاتي السلة بقولك"
زمجرت من بين اسنانها وهي تسحبها ناحيتها
"أبقي وريني هتاخدها أزاي!!"
جاء صوت أية حذر من خلفهم "بتتخنقوا ليه؟!!!"
توقف الاثنان عن الشجار وابتسموا لأية سريعا ونفت سارة  بسرعة
"ولا بنتخانق ولا حاجه ده محمد ده ملاك معقول أتخانق معاه!!"
تنحنح محمد "مستحيل طبعا دي سارة دي أختي حببتي ربنا اللي يعلم والله!!"  وأشار بيده ملوح وكأنها مروحة مقلدا حركه شهيرة للفنان محمد هنيدي "سارة دي روح روحي روحي" ونظر لها شزرا فرفعت شفتها باشمئزاز له ثم التفتت لأية التي لم تفهم شيء
أشار محمد بحبور لأية "حبيبي هاتي لسارة إسكالوب بانية كان تحفه أنهارده" ابتسمت أية وتوجهت الي المطبخ كي تحضر طبق لأختها، فزمجرت سارة في التو واللحظة
"هتنفذ اللي أنا عاوزاه ولا لاء؟!"
"هاتي السلة دي أحسن لك!"
عاندته سارة وهي تجرها ناحيتها "الظاهر أنك نسيت نفسك أنا قولت أعمل بأصلي وأجيب حمامة سلام بنا" وكشرت عن أسنانها تظهر وجهها الآخر "أنت هتنفذ اللي أنا عاوزاه وإلا هخطف بنتك بتاعه النرمونات دي وأبقي قابلني لو لقيتها قبل شهر"
صرخ محمد بهلع جامد ورفعت سارة حاجبها باستمتاع شرير... .
***
صعدت علي السلم بإرهاق بالغ ودلفت بخطي حسيسه فالصغير كان نائم حين نزلت كي تعقد اتفاقها الودي!!، دلفت مباشرة الي المطبخ وهي تتحرر من ملابسها وحجابها وسكبت الكثير من المرطب علي يدها منذ الصباح الباكر وهي تعمل بالمطبخ وقد اهترأت يدها وأصابها الجفاف، كانت تفركها بإرهاق شديد والتمسها لحظة حزن لقد انهكها المرض حقا قديما كانت تستطيع تنظيف وترتيب وقلب كيان طابق كامل بيوم واحد أما الآن فهي تلهث لأبسط مجهود بمنزلها وتمنت لو أنها وجدت هذا الصغير قبل ذلك .. قبل ذلك بكثير.
غاصت بشقتها قليلا لتجد صوت هامس ساخر لم تنتبه له من قبل اقتربت من الاريكة لتجد عبد الرحمن ممدد عليها ويستند علي ذراع واحده ويتحدث الي الصغير الموجود جواره "محسبوك كان شحط ولسه له سنتين  ويتخرج من الجامعة وميعرفش إن في صنف شكولاتة أسمه شوكولاتة بيضا!، نفخت بقي يادي النيلة دي عيله هابله وهتقرفني معاها وأنا مش ناقص!،لقيت عم كمال البقال بيقولي أنا عارف طلب الست سارة أنا بجيب الشكولاتة البيضا عشانها مخصوص جبتها لها بقي ذي بعضة وإدتها عديه خمسه جنيه بحـــالهم" وأشار بفخر بيده "أيام ما كان الجنيه جنيه ..هاه أيــــام".
عضت سارة شفتيها بحنق ما قصته وهذه الخمسة جنيهات اللعينة!!، ضربت كتفة وهو يحاول كتم ضحكاته فما إن دلفت هي الي المنزل تتسلل حتي تعمد هو مشاكستها
"مش هتسامح في الخمسة جنيه دي بقي عشان ربنا يبارك!!، ثم إيه عيله هابلة دي؟!" وتخصرت بغيظ له تكهن عبد الرحمن عليها وهو يحاول تقليدها
"وقفت ساعها أسألك عاوزة إيه عاوزة إيه؟ وأنت حاطة صباعك في بوقك وبتبوصي لي كأني مارد عملاق هيكلك وفي النهاية حنيتي عليا وقولتي ثوكلاته بيضا!" ضحكت سارة بشدة من زوجها المتذمر وجلست تستريح الي جواره وهي تتأمل الصغير لا تتذكر الموقف أبدا ولكنها تتذكر رعبها منذ أن كانت صغيرة من أي رجل طويل وإذا بها أصبحت زوجه أطول رجل قابلته في حياتها كلها!!.
التقطت الصغير وأرجعت رأسها للخلف وضمته لها وأخذت تشتم عنقه بنهم ولم يفهم عبد الرحمن سر عشقها لتلك الحركة أبدا ولكنه بدا مستمتع وهو يراقبها وسأل بهدوء "وافق"
"أكيد" رفع حاجبة مستنكر "بسهولة كدا؟!" ثم جمع المعلومات برأسه "تحت التهديد؟!"
"أكيد"
لوح بيده بإهمال بعد أن أعتدل علي الاريكة "قولت لك أعملي كدا من الاول كان زماني أتعشيت بالحمام والبط !" أتسعت حدقتيها غير مصدقة لقد تناول أثني عشرة حمامه! وبطة ونصف!! وطبق محتركم من الارز الذي يحب!!! ولازال يفكر بالعشاء!!!!.
"في حله بطاطا بالسكر جوا أبقي أتعشي بيها"
ضمت الصغير لها أكثر مستمتعة بنعومة جلده علي جلدها ورفعته الي أن وصلت وجنته الرقيقة الي وجنتها وهنا بدت وكأنها تعيش الحلم هائمة وتناست كل شيء من حولها حتي عبد الرحمن وبطاته وحماماته!.
وأخرجها الصوت المزمجر "بتعملي إيه؟!!" تنهدت سارة عبد الرحمن لا يزال يخشي حمل الصغير يشعر بأنه سوف يسحقه متذمر بخوف شديد لها
"بلاش يا سارة أصلة طري أوي!"
أجبرته علي حمل الصغير وهو خائف بشدة لقد باغتته ولم يستطع الهرب مثل كل مرة
"لا.. لا . هيوقع .. هيتعور يا سارة!!" 
ظلت ممسكه بالصغير وتحسست بيدها الحرة ذقن عبد الرحمن وتأكدت من نعومتها وتذكرت أنها حلقتها له صباحا، رفعت الصغير الي أعلي منطقة بصدر عبد الرحمن وتمتمت بهدوء
"حط خدك علي خده"
كان الصغير يتململ وعبد الرحمن مسحور لم يقربه كل هذا القرب من قبل!، أمتثل لأمرها الهادئ وذاب لرقة ونعومه وجنه الصغير التي شعر بها .. لم يشعر أبدا بشيء كهذا من قبل قط!، إحساس أثير بالذوبان وبالامتلاك جديد عليه لم يشعر به من قبل سوي نحوها هي ولكن هذه المرة كان شعورة أثير بحق وسحري وبالتأكيد أكثر براءة.
"شم هنا"
أنزل انفه الي عنق الصغير النائم بهدوء وأخذ نفس هادئ وعلم حينها عشق سارة لهذا الحركة يبدو أن رائحة الصغير تتركز كلها هنا رائحته الخاصة رائحة طفولته ,رائحة طهرة وبراءته، عبير ذكي مخدر أنطلق بحواس عبد الرحمن كلها فضم الصغير أكثر له وبدأ يشعر بتنهده الصغير الضعيفة للغاية وضربات قلبه شديدة الضعف، بينما كف عبد الرحمن الضخمة تقربه من قلبة أكثر وأكثر... .











نهاية الفصل.
Please vote if you like it 😍 😊

مذكرات حائر الجزء الثاني "الحلم الضائع" بقلم هالة الشاعر Where stories live. Discover now