Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
نقد رواية روح وسط الثورة:
تتعالى أصوات الثائرين مع كل هتاف ينصت إليه.. يرسل دماغه الإشارات إلى جسده، ينبض قلبه، ينكسر حزنه إلى سعادة مؤلمة، روحه المهشمة تحلق بين الثوار، روحه المتألمة الشاهدة ويبقى هو... روحًا وسط الثورة.
ما إن يحل السبب المستفز يستنفر الشعب، يقفون يدًا بيد، صوتًا بصوت لتحقيق أهدافهم. وما إن تحل فكرة الرواية على الكاتب تستنفر أفكاره وتتماهى الأحداث بالصراعات والعناصر الأخرى، لتحقق «الرواية» بأبهى حلّتها.
كانت نقطة البداية لرواية روح وسط ثورة هي فكرتها؛ عن حال البلدان العربية وتكيّف النفس البشرية، عن التضحية والعديد من المواضيع الشائكة التي نعايشها، هنا تفرّق الثوار وخلقوا ثغرةً في صفوفهم فكانت الفكرة الرئيسة موجودةً بوضوحٍ دائمًا برغم اختلاف المغزى الموضعي فرأينا حال من هجر بلده مجبرًا ومعاناة كل من هو في هذا الظرف ومع ذلك، فقدت الفكرة الرئيسة غطاءها، رموزها التي تحملها بخفاء، الحاجة إلى صراعٍ يقف واضحًا أمام المدفع، تختفي الثانويات خلفه وتتماهى معه إلى أن تصل الفكرة إلى القارئ دون أن يشعر.
ليس وكأن صراعات الرواية ليست بجيدة، بل على العكس. كانت الصراعات الداخلية بارزةً جدًا، صراعات تمثلت تارةً في التضحية والمخاطرة وتارةً أخرى في سلبية الإنسان وظهرت بالتأقلم رغم فقدان الأهل والحبيب والوطن، رغم الموت المحدق في كل مكان وما أنقص من قدر عنصر الصراع سوى صراعاته الخارجية، فقد كان حاضرًا بصورة متواضعة مثل صراع زين والمسلحين، لكن ما نتحدث عنه هنا هو الصراع الأعظم، العقدة التي تدور حولها الرواية وتنتهي بحلها، كان هذا الصراع هو اللمسة الأخيرة لهذه التحفة الأدبية، فما كان ينقص عرض الفكرة بطريقة رائعة هو هذا الصراع الخارجي الذي تدور حوله الأحداث، كأن يكون زين في رحلة ممتدة على طول الرواية بحثًا عن شيء ما كرسائل من سمر، كعودةٍ إلى الوطن فتشكل عقدة ربطت مغزى الأحداث والحبكة ببعضها.
فاقد الشيء لا يعطيه، فقد الصراع جزءًا منه، تلك العقدة التصاعدية، التي ستحول بين ثبات وتيرة الأحداث الهادئة وبين تدرجها، أي بين كمال عنصر التشويق وعدمه وكما تتمركز الشمس في منتصف المجموعة الشمسية، تمركز كل التشويق في الرواية عند نقطة ما، هي رجوع زين إلى لبنان من أجل ريحان وحبيبها وسام وعندما تعرض للملاحقة من قبل المسلحين، كان الأمر كمن يسير في سيارة على طريق ممهد، وقبل أن يدرك ذلك أصبح الطريق وعرًا للغاية، فنرى أنه من الأفضل لو تتوزع العملات على طول طريق القارئ -المشوّقة-، لتكون دافعًا لإكماله القراءة، ومن ثم يحصل على القدر الذهبية والتي هي بذاتها مركز التشويق الذي تحدثنا عنه، الذي يسبق اضمحال قوس القزح مجددًا بشكل تمهيدي.
