part 20

8.4K 796 37
                                    

خسارة الإبن شبيهة بخسارة الروح حتى  لو لم تتمتع امه بملمسه و لم تستنشق رائحته و لم تحمله بين يداها و تقبل وجنتاه الرطبة و حتى لو لم ترضعه و لم تطعمه و تحممه و تتأمله و هو نائم ...ألم فقدانه يبقى قويا جدا مؤلما كأن سكاكين العالم جمعا تغرز بصدرها كأن الهواء انقطع برغم يقينها من وجوده كأن لها رغبة بالصراخ التحطيم البكاء لكنها مرهقة لا تستطيع كأنها حاملة اثقال الأرض على كتفاها أنها أم دون ابن ...جسد بلا روح ...روح بلا حياة ...ملكة دون ولي عهدها ...امرأة دون سندها ...بكاء بلا صوت ...دموع حارة منسكبة بلا توقف
كان هذا حال الملكة و هي تتأمل بطنها الخاوي لم تعد تستطيع الاحساس بحركته داخلها لم تعد تتكلم مع ابنها لم تعد حاملا ...
برغم نجاح الملكة بالحرب و اضافة بلد ٱخر لحوزتها الا ان الجميع كانوا حزينين فمن منهم سينسى ذلك المشهد
صباح ذلك اليوم حيث تجمع  عدد كبير من الشعب لإستقبال ملكتهم المنتصرة و جنودها الأقوياء ليفاجئوا بمنظر الملكة فاقدة للوعي و احد قادة الجنود حاملا اياها بين ذراعيه علت أصواتهم قلقا عليها ليتلقوا الإجابة التي جعلت بعض منهم يذرف الدموع و خاصة الأمهات
"ملكتنا كسبت الحرب و لكنها خسرت ابنها ...رازونيا خسرت أميرها للأسف ...ادعوا للإلاه ان يلهمها الصبر و السلوان هي و القائد جونقكوك على خسارته "
كان خبر جد محزن بحق لهم و لكن ألمهم لا يقارن بجونقكوك فالأخير قد إستعاد صحته قليلا لذلك أراد استقبال زوجته في بوابة جناحهم و لكن عند رؤيتها بذلك الشكل كاد ان يهوي على الأرض بسبب ضعفه و صدمته لولا كريس و ستيفان اللذان امسكاه حاول استرجاع انفاسه قليلا ليمسك نفسه و من ثم يدخل رفقة الاثنان المصدومان من خلفه
أمضى ليلتان و هو رفقة زوجته ممسكا بيدها منتظرا لإستيقاظها و برغم طمأنة الطبيب له انها فاقدة للوعي بسبب الارهاق و الاجهاض و انها مرت من مرحلة الخطر الا انه ابى الا ان يبقى الى جانبها
استرد الجميع انفاسهم عند استفاقة ملكتهم و اولهم جونقكوك الذي اطمئن انها بخير و بصحة جيدة و من ثم اعتذر لها عما حصل بأعين باكية و لكنها منعته من ذلك بقولها انه ليس خطئه
بل هي ارادة القدر
استعادت صحتها بسرعة لتعود على رأس الدولة لم تتطرق لحادثة ابنها بل ارادت تجاهلها تماما و استغرقت نفسها في العمل في حين ان جونقكوك اول ما أصبح متمكنا من حمل السيف ثانية بعد شفاء جروحه أصبح يرهق نفسه بالتدريب ليلا و نهارا فلا يقابل الملكة ابدا كما رجع كلا منهما لغرفته المنفردة مع العلم ان الملكة بقيت لأيام كثيرة تنام بغرفته و تنتظره لساعة متأخرة بالليل لكنه لا يأتي أبدا و حين يأتي بعد نومها يطبع على جبينها قبلة و يسوي غطائها ثم يذهب للنوم ببيت الزجاج بالحديقة حيث اصبحت الزهور و الحشائش الفواحة رفيقته الجديدة
شعور الذنب لدى جونقكوك تفاقم جدا و اجهاده بالتدريب لم يعد يبدي اي منفعة لذلك أصبحت لديه عادة جديدة و هي الذهاب للخمارة فيمضي ساعات ليله بين زجاجة خمر و أخرى الا ان يأتي الصباح فيساعده احد حراسه للعودة للقصر حالته تسوء و شعوره انه سبب خسارة ابنه يزداد فلو لم يقم بذلك الهجوم لما وقع اسيرا و لما اتت ملكته للحرب و لما هُجمت و لما خسرت ابنهما هاته الكلمات لم تفارق ذهنه ابدا بل ازدادت علوا حتى اصبحت تخنقه و ليخرسها يشرب اكثر و اكثر الى ان يغيب عنه المنطق عندها فقط ينسى ابنه و المملكة و ينسى نفسه في فوهة الزجاجة و ربما في مرة او اثنان نسى زواجه فأقام علاقة مع احدى بائعات الهوى الموجودات بالخمارة
وصلت هاته الأخبار للملكة و التي ألمها ما يمر به و لكن برغم ذلك لم تستطع كبح احساسها بالغيرة و الغضب الشديدان حين علمها  بالجزء المتعلق ببائعات الهوى لذلك قررت انه مامن سبيل الا مواجهته و مناقشة الموضوع الذي لطالما تهربت منه
لفت يديها حول ثوب نومها الحريري لتدفئة نفسها بينما متوجهة نحو البيت الزجاجي كانت الليلة هادئة ماعدى صوت العشب الندي حين تمر من فوقه  او ضوء القمر المسقط على شعرها ترددت قليلا قبل فتح الباب بينما تتأمله جالس قرب احدى احواض الزهور يمرر يده على بتلاتها بقميصه المفتوح و شعره الغير المرتب ادارت مقبض الباب بلطف شديد يكاد لا يستشعر لتتقدم بخطوات ناعمة باتجاه ذلك الجالس بقيت وراءه تتأمل يداه المنسلة بين بتلات الزهور لتجلس وراءه بينما ذراعاها احكما عليه في عناق ضيق انتفض القائد قليلا من ملامستها و لكن سرعان ما عرف انها زوجته ليرخي نفسه بقيا لفترة هكذا الملكة تحضنه من الخلف بينما هو واضع وجه في عنقها مستمتعا بقربها و بوجودها لجانبه و لكن خسارة ابنه و ماحدث مر امام عينيه لينسل ببطئ من عناقها بينما عاود الانحناء على الزهور دون اي كلمة
"جونقكوك ...انه ليس خطئك انه قدرنا انا متيقنه ان القدر لن يظلمنا ربما كان سيولد و يكون لديه مرض او اعاقة و حينها يتعذب كامل حياته و نتعذب نحن لعجزنا عن مساعدة ابننا ربما يولد و يكون عاقا لنا و يسبب لنا الكثير من المتاعب ...جونقكوك انه ليس خطئك و لا خطئي انه عدالة القدر أتعلم كم من جندي مات بهذه الحرب ! الكثير منهم لقد اصبحت العديد من الأمهات ثكلاء و انا واحدة منهم الٱن ابننا مات بالحرب يجب ان نكون فخورين به ماحدث كان قدرنا  و لو يعود بي الزمن ثانية لفعلت نفس الشئ من دون ادنى تفكير  لكنت ذهبت الى هناك و فعلت نفس الشئ ...انني زوجتك جونقكوك...لما لا تفهم انك تهمني جدا ماحدث كان يجب ان يحدث برغم تألمي ووجعي لخسارة ابني الذي لم استطع حتى لمحه او حمله بين يداي و لكن ان خسرتك انت كنت سأتألم اكثر و لن اكون قادرة على تحمل فراقك ...انك رفيق طفولتي و زوجي و اكثر شخص اثق به ربما تكون معاملتي لك في طفولتنا باردة لكنك كنت هاما بالنسبة لي اكثر مما تتخيل حتى انني طردت خادمة حينها لأنها تغزلت بك بطريقة شهوانية "
اكملت الملكة كلامها بينما لازال القائد على نفس وضعيته منحني على الزهور لم يتحرك انشا واحدا
"لما لا تجبني ! جونقكوك لا تفعل هذا ...حينما تجاهلتك انا من قبل انت انزعجت جدا حتى انك اتيت لغرفتي و قبلتني امام كريس اذا لما انت تتجاهلني الٱن ؟ارجوك توقف عن هذا و توقف عن الذهاب للخمارة و مقابلة بائعات الهوى لا تذهب لهناك ثانية ...حسنا لقد غرت عليك كما انت غرت علي من كريس ...هل تعلم ان كانت اميرة او ملكة اخرى و علمت ان زوجها امضى ليلتان مع امرأتان غيرها كان ستطلقه او حتى تقتله لكنني لن افعل اتعلم لما ؟ جونقكوك ارجوك توقف عن تجاهلي ...اللعنة عليك جيون جونقكوك لا تفعل هذا انه يؤلم قلبي لا تتجاهلني ...قلبي ينفطر "
برغم كل ما قالته الملكة و لكن الأخير لم يحرك ساكنا حينها احست انها لم تخسر فقط ابنا بل خسرت زوجا كذلك تساقطت دموعها على خديها ساخنة لتولي ضهرها له و تهم راجعة لجناحها و لكن قبل انت تصل يدها للباب احست بيد من ورائها تمتد و تمسكها بينما اليد الاخرى  احاطت خصرها لتجد نفسها  بعناق قوي بين اذرع جونقكوك فتحت عينيها اندهاشا من فعلته و لكن ما همس به بأذنها جعلها تكاد تخرج من محجريها
"لا تتركيني ارجوك ...انا احبك"

jonnar//جُنّار  J.kWhere stories live. Discover now