الحديث الخامس

22 0 0
                                    

الحديث الخامس
الحسد

الاربعون حديثاً106
 بالسند المتصل الى محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن داود الرقي ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قال الله عز وجل لموسى بن عمران : «يا ابن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدن عينيك الى ذلك ولا تتبعه نفسك فان الحاسد ساخط لنعمي صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي ومن يك ذلك فلست منه وليس مني»(1) . 

(1) اصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الايمان والكفر ، باب الحسد ، ح 6 .الاربعون حديثاً107
الشرح :

 ان الحسد ، حالة نفسية يتمنى صاحبها سلب الكمال والنعمة التي يتصورهما عند الآخرين ، سواء اكان يملكها ام لا ، وسواء ارادها لنفسه ام لم يردها . وهذا يختلف عن الغبطة ، لان صاحب الغبطة يريد النعمة التي توجد لدى الغير ، ان تكون لنفسه ، من دون ان يتمنى زوالها عن الغير . واما قولنا : «النعمة التي يتصورها عند الآخرين» فنعني به ان تلك النعمة قد لا تكون بذاتها نعمة حقيقية . فطالما تبين ان الامور التي تكون بحد ذاتها من النقائص والرذائل ، يتصورها الحسود من النعم والكمالات ، فيتمنى زوالها عن الآخرين . او ان خصلة تعد من النقائص للانسان ومن الكمال للحيوان ويكون الحاسد في مرتبة الحيوانية فيراها كمالا ، ويتمنى زوالها . فهناك بين الناس ، مثلا اشخاص يحسبون الفتك بالغير وسفك الدماء موهبة عظيمة . فاذا شاهدوا من هو كذلك حسدوه .او قد يحسبون سلاطة اللسان وبذاءته من الكمالات ، فيحسدون صاحبها . اذا ، فالمعيار في معرفة هذه الحالة النفسية هو توهم الكمال وتصور وجود النعمة ، لا النعمة نفسها ، فالذي يرى في الآخرين نعمة حقيقية كانت ، او موهومة ويتمنى زوالها ، يعد حسودا . 
 اعلم ان للحسد انواعا ودرجات حسب حال المحسود ، وحسب حال الحاسد ، وحسب حال الحسد ذاته . 
 اما من حيث حال المحسود ، فمثل ان يحسد شخصا لما له من كمالات عقلية ، او خصال حميدة ، او لما يتمتع به من الاعمال الصالحة والعبادية ، او لامور خارجية اخرى ، مثل امتلاكه المال والجاه والعظمة والاحتشام وما الى ذلك ، او ان يحسد على ما يقابل هذه الحالات من حيث كونها من الكمال الموهوم الموجود في المحسود . 
 واما من حيث حال الحاسد ، فقد ينشأ الحسد احيانا من العداوة ، او التكبر ، او الخوف ، 

الاربعون حديثاً108
وغير ذلك من الاسباب والعوامل التي سيرد ذكرها فيما بعد . 
 واما من حيث حال الحسد نفسه ، الذي نستطيع ان نقوله انها الدرجات والتقسيمات الحقيقية ، للحسد دون ما سبق ذكره ، فلشدته وخفته مراتب كثيرة ، تختلف باختلاف الاسباب ، كما تختلف باختلاف الآثار . وسوف نشير ، ان شاء الله ، في عدة فصول الى مفاسد الحسد وعلاجه . قدر استطاعتنا ، ومن الله التوفيق . 

الاربعون حديثاًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن