الحديث الرابع

23 0 0
                                    


 

الاربعون حديثاً83
الحديث الرابع
الكِبَر

الاربعون حديثاً84
 بالسند المتصل الى محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبان ، عن حكيم ، قال : «سالت ابا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن ادنى الإلحاد ، فقال : الكبر ادناه» (1) . 

(1) «اصول الكافي» المجلد الثاني ـ كتاب الايمان والكفر ـ باب الكبر ـ ح 1 .الاربعون حديثاً85
الشرح :

 الكبر عبارة عن حالة نفسية تجعل الانسان يترفع ويتعالى على الآخرين . ومن اماراته تلك الاعمال التي تصدر عن الانسان ، والآثار التي تبدو منه بحيث يقال عنه انه متكبر . وهذه الصفة هي غير العجب ، بل هي ، كما سبق قوله ، صفة رذيلة وخبيثة ، وتنجم عن العجب ، لان العجب هو الاعجاب بالذات ، والكبر هو التعالي والتعاظم على الناس . فعندما يتوهم الانسان ان فيه صفة من صفات الكمال ، تنتابه حالة ، هي مزيج من السرور والتدلل والتغنج وغيرها . هذه هي صفة «العجب» ولكونه يرى الآخرين لا يملكون تلك الصفة التي يتوهمها في نفسه ، ينتابه شعور آخر هو تصور التفوق والتقدم ، وهذا يؤدي به الى التعاظم والترفع ، وهذه هي صفة «الكبر» . 
 ان كل هذه الحالات تكون في القلب وفي الباطن ، وتظهر آثارها على الظاهر ، في الملامح وفي الافعال وفي الاقوال . وبهذا يصبح الانسان مغرورا واذا ازداد غروره اصبح معجبا بنفسه ، وعندما يطفح اعجابه بنفسه يتعاظم ويترفع ويتكبر . 
 اعلم ان الصفات النفسانية ، سواء اكانت من صفات النقص والرذيلة ام من صفات الكمال والفضيلة ، فانها دقيقة ومبهمة جدا . ولهذا فان التمييز بينها والتعرف عليها يكون في غاية الصعوبة ، ولربما يقع الكثير من الاختلاف بين العلماء الاعلام عند تحديدها ، او انه يصعب وضع تعريف لهذه الصفة الوجدانية من دون ان تصيبها منقصة . لذلك فمن الخير ترك هذه الامور للوجدان نفسه ، وتحرير النفس من اصطناع المفاهيم حتى لا تتخلف عن الهدف المقصود باصطناع المفاهيم والمقاصد . 
 فلا بد ان ان نعرف ان للكبر درجات كالتي ذكرناها للعجب ، وتضاف اليها درجات اخرى كانت في العجب ايضا ، ولكنها لم تكن هناك مهمة فلم نذكرها ويكون ذكرها هنا مهما فنقول : 

الاربعون حديثاً86
اما الدرجات التي ورد شبيهها في العجب فهي ايضا ست :
 1 ـ الكبر بسبب الايمان والعقائد الحقة . ويقابله الكبر بسبب الكفر والعقائد الباطلة . 
 2 ـ الكبر بسبب الملكات الفاضلة والصفات الحميدة . ويقابله الكبر بسبب الاخلاق الرذيلة والملكات القبيحة . 
 3 ـ الكبر بسبب العبادات والصالحات من الاعمال . ويقابله الكبر بسبب المعاصي والسيئات من الاعمال . 
 كل درجة من هذه يمكن ان تكون وليدة مثيلتها من درجات العجب ، وقد تكون وليدة سبب آخر سوف تاتي الاشارة اليه فيما بعد . اما الذي نحن بصدده هنا على وجه الخصوص فهو الكبر بسبب امور خارجية ، مثل الحسب والنسب والمال والجاه والرئاسة وغيرها . ولسوف نشير ان شاء الله خلال الفصول اللاحقة الى بعض مفاسد هذه الرذيلة وعلاجها قدر الامكان ، سائلين الله تعالى التوفيق لحصول تاثير ذلك فينا وفي الآخرين . 

الاربعون حديثاًWhere stories live. Discover now