سَفّير

1.5K 161 17
                                    

هو يعلم بأن بين طيات هذا العالم هنالك منافسٌ قويّ لهُ، يعلم بأن الأصبع الخامس معه
ويعلم بأنّه إذا إلتقاه فأنَّه بخطرٍ محدق، وبأن أصابعهُ الأربع أضحوكةٌ أمام خامسهُ،
مذعورٌ لفكرةِ ملاقاتهِ
بل مضطرب الفكر نحو هذا الأمر، ما من دفاعٍ يحصّنه ضده.

مساءُ يومٍ خاملٍ لصاحبهِ
كان يعد الدقائق حتى وميض السَفّير
السابعة وخمسونَ دقيقة
السابعة وثلاثُ وخمسون دقيقة
خمسٌ وخمسون
سبعٌ وخمسون
تسعٌ وخمسون
وها هو يومِض
نهض خارجًا حيث ضحيّة اليوم
كلّ ضحيةٍ تُكنى بلقبٍ يعودُ للخاتم الّذي سينهيها

هطلَ المطر، تَّهْتَان أضعف رؤية الخَلق،
عداهُ
عدا تلك الياقوتة الزرقاء
الشخص المطلوب إقترب نتيجةً لوميض السَفّير المتوهّج
أسند بظهرهِ على سورِ النهر، خطواتٌ لكعبٍ على مقربةٍ منهُ
توجه بناظريهِ نحوها ليضغط بقوةٍ على السَفّير ليُصب المطر فوقها مغرقًا إياها
أيُّ قوةٍ قادرة على أنْ تفتك بالروح البشرية هكذا.. دون قيمة!
ما أن إزرقّتْ بشرة الجثة حتى تقدم ممسكًا بأصابعها
فتاةٌ بريعانِ شبابها ونهايةٌ مأساوية دون سبب.
ومجددًا، النحسُ يلاحق حظه
توبازٌ شرقيّ محيطٌ ببنصرها ويبدو بأنه خاتم خطوبةٍ بشذرةٍ صفراء وسطهُ.

خلعهُ بهمجيةٍ من بنصرها، ضغط بطرف الياقوتةِ الزرقاءِ على قلبها ليأخذها سيلُ المطرِ بعيدًا
حيثُ لا بقعةٍ ستذكر تلك التي قُتِلتْ سدىً.

وهاهو ضميرهُ يقتلهُ، صبّت أدمعهُ بوجعٍ كارهٌ لهُ على وجنتيهِ
إرتدى قلنسوة رداءهُ وركض بعيدًا عن موقعه،
سئِم من القتل، سئِم من هذه اللعبة الملعونة، سئِم من سخرية الحياة اللانهائية بهِ
على حدِ شفرةٍ وتسيلُ دماؤه ..
يتوقع حياةً هانئة بعد إنهاء دوره هنا
سيقتُل دومًا.. وإلا سيُقتَل.

كاد أن يجرفهُ المطر بقوتهِ تلك الى ذاك السيل الذي عمَّ الطرق
لكن شعر بنفسهِ يُحتَضَن بين كفيّ غيمةٍ سوداء كأنها تُنذِرُ بالمطر.. لكنها لم تفعل.
حاول التملص من بين يدا ذاك الشاب الّذي يطوّقهُ

"كُن هادئًا كي يكون الطقسُ مثلك"
كلَّمهُ صوتٌ خافت قرب مسمعهِ
ليتجاوب عند إحساسهُ بأن ذلك ضروريًا.. السَفّير يؤثر بالطقس
أحس بجسدهِ يحطُ فوق تلٍ متوسط العلو، وأقدامهُ لامست عشبٌ مبتل

رفع بحدقتاهِ يوجهها حيث وجه الآخر، أحس بأن وراءهُ أمرٌ مهم
حفظَ ملمحهُ يخزِّنه بذاكرته، هو لن ينسى تلك الملامح
على الأقل لهذهِ المدة.

السّفِير: الياقوت الأزرق الداكن.
التوباز الشرقيّ: تسمية قديمة للياقوت الأصفر.

بادبارادِشاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن