"ذكريات" الجزء الرابع عشر

Start from the beginning
                                    

تعلق بها كثيرا في تلك الأيام حتى خيل له أنها لن تتركه من شدة تعلقه بها ، لكنها الآن رحلت وتركته بجرح ، هو يعلم انها سيئة في التعامل ، اول جرح منه تركته ورحلت ، ألم تأته يوماً محملة بالجروح التي لم يكن له يد فيها ولا دخل بها فكان لها نعم الدواء، كنس حشائش الحزن من قلبها الواحد تلو الآخر ، وأدمت يديه تلك الورود الشوكية التي كانت متحذرة في ذاكرتها ، بكى معها حينا وجفف دمعها حينا آخر فعل ما لم يمكن لأي رجل أن يفعله ، وحين جاء دورها لتقوم بما قام ، أن ترد له جزءا مما فعل..

تركته وكأنه أول الأعداء ، هو لم يثق بها والندم يكاد يقتله على الشك الذي راوده ناحيتها ولو للحظة...
كأن أمله أحيل على التقاعد ، بحبها نال قسطا من النسيان لتعلقه بذات ذاك التعلق الذي كان يسميه تعلقا ..

بعد رحيلها صار الآخرون بما فيهم إخوته مجرد دهاليز طويل من النصائح والكلمات والعتاب أحيانا ، كان يحس نفسه أحيانا أنه شخص عجوز مقعد بشكل رباعي لا يقدر على فعل شيء وحتى لسانه لا يملك كلمات ليجيبهم أو يرد عليهم ، ليعاتبهم مثلا لماذا لم توقفوها ، لما أخذتموها بعيدا عني برغبتها ، ماذا لو وقفتم في طريقها ، اعترضتم وجهتها ، ماذا لو عاتبتموني ، ضربتموني ، كسرتم أضلعي أمامها كي تحس أن الحق عاد لأصحابه ؟ حتى لا ترحل بعيدا عني وعنكم ، كان بداخله كم هائل من العذاب لنفسه ولجميع من حوله ولها هي أيضا ، عتاب كشوكة في حلقة يقف لا يعرف هل سيخرجه يوما أما أنه سيبقى عالقا هناك إلى الأبد يذكره دائما بما حدث..

في ليلة مظلمة جلس وحيدا في غرفته ، أما بيته أصبحت امه لا تخرج منه أبدا ، تجالسه تضاحكه ، ولكن بالرغم ذلك أحيانا كانت تواسيه في حجم خسارته ، لم ترى ابنها القوي ضعيفا كهاته المرة ، ربما حبه الأول لم يكن حقيقيا لكن التي تقطن قلبه حاليا دمرته برحيلها المفاجئ من غلطة واحدة إثر شك لعين داهمه للحظة ، اصبح قليل الأكل ضعيف الجسم هزيل البنية ، قليل الكلام ، هكذا صار منطويا على نفسه يعتكف منذ عودته من العمل في غرفته في سريره ، ينام للوقت القليل ...
حينما رأته أمه على ذلك الحال ، علمت أنه كان على صواب ، الحب يقتل ، هذا بالضبط ما حدث مع الاخرى ، وهي لم تكن تصدقه ، الآن البرهان أمامها ، أصابها في اصغر فلذات أكبادها وصار الحب له منهج ولا استطاع النسيان أو الهروب..

بعد صراع مع نفسه قرر أخير في مواجهة من كان وراء هذا هو يعلم أن لجيسو يد في ذلك لكنه لا يملك دليل ..دخلت أمه بعد ان طرقت الباب لمرات عديدة ، جلست بجانب السرير حيث وضعت الحقيبة جلست تحملق فيه لتارة وفي ملابسه تارة أخرى ، بحثت ووقعت يدها على مسدسه فارتعش قلبها وطلبت ربها أن يساعده ولا يتركه لنفسه..

السيدة بارك : " ما حاجتك به "
* قال بعدما فهم قصدها *

جيمين : " لن أؤذيها يا أمي ، هي كنفسي أو أكثر.. "

فأجابته

السيدة بارك : " ولما تصطحبه معك ؟

جيمين : " للحاجة يا أمي.. لا تقلقي "

ربتت على كتفه وقالت بهدوء..

السيدة بارك : " رافقتك السلامة يا بني "

أقفل حقيبته وقبل رأسها ويديها ، في طريقه للخروج سمعها تتمتم " اللهم حقق مبتغاه "
هو لا يبغ شيئا في الحياة الآن بمقدار لقيا تلك العينين وقبول اعتذار جريح..

ركب سيارته ورحل.... كانت الطريق خاوية إلا من خيالها وقف ليزود السيارة بالوقود وكانت الشمس تنشر أشعتها على الأرض وقف وتأمل جيدا إسم المقهى الذي يوجد بالمحطة " أندو " بالقرب من منطقة إيتوان " يونغ سان غو " بحيث يتميز المقهى بطراز رفيع ذو أثاث عتيقة وسط تصميم داخلي حديث يواكب التغيرات العصرية ... حطت عيناه على طاولة مليئة بالكتب فابتسم بدون شعور تقدم نحوها وحمل كتابا عنوانه " خيوط الأمل " كانت رفيقته تحب روايات الحب وكانت كلما وطئت أقدامها هذه المقهى تأخذ رواية وتغوص في أحداثها حتى أنها تبكي لبكاء البطلة وتفرح حين تجد نهاية سعيدة...حمل الكتاب معه وطلب من النادل قهوة سوداء بدون سكر لينعش مزاجه ولو قليلا، أنامله حطت على كلمة حب توقف الزمن بالنبسة إليه حين رأى تلك الكلمات " الحياة بدون حب كزهرة بدون ماء كشمس تطل كل صباح بدون شعاع كقمر وسط غيوم مظلمة فالحب ألونه كألوان الطيف كضحكات الرضيع في حضن أمه " ....

شرب قهوته واندفع نحو الخارج رمب سيارته وانطلق.....

في الجهة الأخرى كانت يونا كحال زوجها غير أنها أسوء منه بل أضعافا... فبعد مجيئه لم تخبر صديقتها ما حل بها ، اكتفت بقولها أنه أخطأ بحقها...لم ترد كيم إزعاجها حول الموضوع فحالتها كانت كفيلة بفهم كل شيئ ...
كان اليوم يمر مثل السنة كلما نامت تذكرت الألم الذي سببه حبيب قلبها فتنتفض مفزوعة كاتمة صوتها لكيلا تسبب القلق لصديقتها ...قصدت الشرفة فتحتها بهدوء ليطل عليها ضوء القمر جلست وضمت ذراعها وأطلقت العنان لدموعها شهقات تهرب بدون قصد كلما تذكرت يده التي صفعتها بدون رحمة... تتذكر ذلك اليوم بحذافيره وكأنه اليوم... تسأولات عدة تدور في رأسها لكن بدون جواب ، نامت على وضعيتها ... بألم... وحزن... وشفقة.... على حالها المزري...

____________________

أولا آسفة على التأخير لأنني لم أكن قادرة على كتابة شيء أشعر بالفشل حقا... ومع ذلك كتبت هذا الجزء الذي كان يحتاج لبعض التعديلات فقط وأنهيتها بفضل الله..

لكن لازال هنالك جزء آخر يفصلنا عن نهاية هذه الرواية أعطوها كل الحب وشكرا

🌸

ملحمة العشاق Where stories live. Discover now