الجزء الاول (ارض تحترق) / ٧x٧

Comincia dall'inizio
                                    

ركن الرجل الاسمر سيارته قائلا :
- الحمدلله على سلامتكم يا سادة .. نحن الان في كراج العلاوي  ارجو منكم دفع أجور التوصيل قبل الترجل من سيارة. 
اخرج الجميع المال من محافظهم معطيها ليدفعو الاجور  وبعدها ترجلوا من السيارة وقف بكر متلفتآ يمنآ ويسارآ فقد كانت هذه المرة الاولى له على زيارة العاصمة بغداد ..كانت السيدة المسنة تترجل من السيارة ببطئ وعندما انتصبت على الارض هم بكر بسؤالها: 
- سيدتي اريد الذهاب الى المنصور من اين استقل سيارة اجرئ لتأخذني الى هناك. 
اجابت السيدة العجوز بتنهد: 
- لقد كنت اود ان اسألك نفس السؤال ياولدي ظنا مني انك تعلم. 

قاطعتا حديثها بالتنهد لتعود للحديث كعادة المسنين فهم يتحدثون عن تفاصيل حياتهم بدون ان تسألهم لانهم بلغوا اليأس وهم يحاولون التخلص من مشقة هذه الحياة :
- انا يا ولدي وحفيدتاي نريد الذهاب ايضا للمنصور لنكمل معاملة بطاقة الاحوال المدنية  وبعدها معاملة الراتب لولدي الشهيد لكي استطيع ان اربي فتاتاه الصغيرات ، استشهد وترك لي بناته التوأم ومن يومها وانا احاول ان اجاري هذا الحمل الثقيل يا ولدي .
انتفضت مشاعر بكر وهمت به غيرته ليقول بحزم: 
- رحمه الله وصبرك على فراقه ، لا تقلقي يا سيدتي سوف نذهب سويا الى هناك ، لن اتركك حتى تبلغي مبتاغك. 
شكرته السيدة وصارت تتبعه وهوة يمضي ويتلفت ليجد شاب يبدو وكأنه بعمره ليمضي مسرعآ بسؤاله
كعادة العراقيين عندما يبدأوا الحديث مع شخص غريب بعمر الشباب ينادونه:  
- ابو الشباب! 
التفت الشاب له ليجيب : 
- تفضل يا اخي
- نحن ندخل بغداد للمرة الاولى ونريد سؤالك عن الطريق الى المنصور هل لك ان تساعدنا ؟
- نعم وبكل ود ، انا ايضا ذاهب الى هناك
- هل لنا ان نذهب سويا ؟
- فكرة سديدة فنحن نوفر بعض المال ونساعد بعضنا .
مضى الشاب وبكر والسيدة العجوز يتبعونه حتى اشار لسيارة الاجرئ ركب الجميع السيارة وكان الشاب يجلس بالمقعد الامامي وبكر والسيدة والطفلتان بالخلف مضت السيارة ليقول الشاب للسائق: 
- الى المنصور سيدي. 
هز  سائق السيارة رأسه موافقا وراح يراقب الطريق  مد بكر يده من الخلف للشاب ليصافحه قائلا  بنبرة ثقة ودودة : 
- بكر كمال الملقب بكر جافي من الانبار  .
ابتسم الشاب ليرد بكل هدوء:  
- حيدر او حيدر كيتارا من ميسان. 
ليبدء الحديث بينهم كأي شباب محملين بالطاقة موهبين وحالمين دار الحديث عن كرة القدم والموسيقى وسبب قدومهم لبغداد بينما اكتفت السيدة العجوز كغير عادتها بالصمت والاستماع
سرعان ما وصلو الى المنصور،  نزل الجميع من السيارة ليتوجه كلا منهم الى مبتغاه
شكرت العجوز الجميع لتدخل الى الدائرة الحكومية المجاورة لمكان نزولهم ، بينما تبادل بكر وحيدر الامنيات بالتوفيق لهم سار بكر بجهة الشمال بينما عاكسه حيدر ليتوجه جنوبآ ..  مضت عشر دقائق على مسيرتهم لتمر سيارة بها ثلاثة مسلحين ملثمين موقفين بكر طالبين منه بطاقة احواله المدنية اخرجها لهم بكر مرتعبا  اخذها احدهم من نافذة السيارة وهوة يقرأها سرعان ما توسعت عينه ناظرا  الى بكر ليتلفض ببعض العبارات الطائفية القذرة مخرجا  مسدسه من جنبه ليشهره نحو بكر الذي بدوره تجمد خوفآ كأنه علم بأنها اخر لحظات له بالحياة ، اطلق المسلح النار من سلاحه ليصيب جسد بكر بخمس رصاصات بأماكن متفرقة من جسده ليهرب ومن معه بالسيارة تاركين بكر وهوة مستلقي على الارض والدم يسيل من كل نواحي جسده ليصبح قميصه الابيض أحمرا  .. يستجدي انفاسه الاخيره ويخرج الدم من فمه ميتا  مودعآ لكل احلامه على الارض لتصعد روحه الى السماء طاهرة 
سمع حيدر صوت الاطلاقات النارية التي لم يكن يعلم مصدرها او انها استقرت في جسد اخر من قابله .. تسارعت خطوات حيدر لا اراديآ ليمضي بأحد الازقة هاربا خائفا مما يجري بالشارع الرئيسي ، وهوة يمشي ويقرأ بداخله بعض الايات القرأنية التي لطالما كانت والدته تقرأها في طفولته عندما يشعر بالخوف من شيء ما ، مضى حيدر مسرعآ حتى اضاع دربه بين الازقة ليوقف رجلآ بسؤاله : 
- ابوشباب كيف يمكنني ان اصل الى هذا العنوان لو سمحت.
مشيرا  بيده الى الورقة التي يمسكها بيده،  قرأ الرجل الورقة واجابه بنبرة توتر واضحة: 
- من أين انت ؟ 
- من ميسان. 
لينظر الرجل مرة اخره بالورقة وكأنه يفكر بشيء ما  اعاد النظر نحو حيدر قائلا : - أتبعني
- امضي انا معك يا سيدي
- ما اسمك ؟
- حيدر سيدي 
- ماذا تفعل هنا ؟
- اشارك في مهرجان بغداد للموسيقى 
- أمم جيد
سارا جنبآ الى جنب الى ان وصلها الى شارع شبه خاوي من الناس فاجئ الرجل حيدر بمسكه من خلفه خانقآ حيدر بيده على رقبته ليخرج شخص اخر ومعه سلاح متلفضين ببعض العبارات الطائفية ليشهر الشخص السلاح بوجه حيدر مطلقآ عليه النار مصيبآ اياه برصاصة في رأسه ليتناثر مخه في ارجاء الشارع! هرب الشخصان تاركين حيدر جثة تسبح في دمها على قارعة الطريق قاتلين كل لحن موسيقي عزف للحياة بهيجها وكل أمل ولد في جوف حيدر ، هذه هي روح حيدر تودع الارض لتبتعد وهي لم تتسخ بعد بقذارة هذه الارض كما الحال مع روح بكر التي سارت بجوار حيدر وهي ترتفع الئ السماء.

فشل وطنيDove le storie prendono vita. Scoprilo ora