كُنتَ يوماً ما لي

54 9 8
                                    

كان جالساً يُطالع الناس برماديتيه الحادتين بصمت مُهيمن عليه ، وصل أيهم بعد بضع من الوقت ليجلس قابلته بهدوء ، نظر له إلياس بهدوء و قال : مرحباً .
رد عليه أيهم بهدوء قائلاً : مرحباً ، ما سر مُكالمتك إليّ في الصباح الباكر يا إلياس ، ماذا هُنَاك ؟
رست مُقلتيّ إلياس علي أيهم و رد عليه ببرود : كيف حال وتين ؟
رد أيهم بتعجب من سؤاله : بخير ، لماذا تسأل ؟
أجابه إلياس بعدما تنهد قائلاً : لا شئ ، فقد أردت معرفة كيف حالها ، لقد أُغشي عليها فجأة دون سبب .
رد عليه أيهم بإقتضاب : إنها بخير .
طالعه إلياس بحذر و قال له : أأنت علي عِلم أنها كانت ستتزوج من رجلاً أخر غيرك ؟
طالعه أيهم و الصدمة أحتلت ملامح وجهه قائلاً : مِن أين عرفت هذا ؟
نظر له إلياس بإستخفاف و قال : إن ذلك الرجل هو أنا .
نهض أيهم من مكان مجلسه بغضب شديد ، و قال هادراً به : ماذا تقول أنت ؟ لماذا لم تخبرني ؟
تحولت أنظار الجالسين لهم بتعجب من صياحه ، فنظر له إلياس قائلاً : إجلس يا أيهم ، و إهدئ .
جلس أيهم و الغضب مُسيطر عليه .
قال إلياس ببرود و كأنه مُستمتع بغضبه و أردف : ألم تخبرك أنه كان أنا ؟ ، عيب عليكِ يا وتين ، أنا لم أكن أعلم أنها هي ، لقد صُدمت عندما قابلتها و أُغشي عليها بين يديّ .
رمقه أيهم بحدة قائلاً : لا تتحدث عنها هكذا ، و هي لم تكن تعلم أنك صديقي .
نظر له إلياس بطرف عينه و قال له : أتعلم لماذا لم نُكمل سوياً .
رد عليه أيهم و الفضول تسلل إليه : لماذا ؟
تنهد إلياس قائلاً : لقد حاولت قتلي .
                ******************
دخلت وتين بخطي حثيثة إلي المصحة النفسية التي كانت تقطن بِها منذ عِدة أشهر ، بدأت في مُطالعة الردهات ببرود و إتجهت إلي موظفة الإستعمال .
وتين بهدوء : أين هي غُرفة المريضة آسيا ڤيكتور؟
طالعتها الموظفة ببرود و نقرت علي حاسوبها ثم ردت عليها بآليه : في الغرفة 207 .
إتجهت وتين نحو الغرفة دون أن تشكرها ، ثم طرقت عِدة مرات علي الباب ثم دلفت بعد أن سمعت رد آسيا عليها .
دخلت وتين بهدوء بإبتسامة علي مُحياها ، و وجهت آسيا جالسة علي الكُرسي الموضوع في الشرفة تُطالع السماء المُلبدة بالغيوم بوجوم .
قالت وتين بهدوء : مرحباً آسيا .
إلتفتت آسيا لها و أردفت قائلة : مرحباً وتين ، كيف حالكِ ؟
ردت وتين بنفس النبرة الهادئة : بخير ، أظن ذلك ، متي ستخرجين مِن هُنَا ؟
طالعتها آسيا بغرابة قائلة : عندما تذهب ليليان يا وتين .
عقبت وتين قائلة و هي تحاول إضافة المرح إلي نبرتها : لا تحاولي الهروب مجدداً ، لقد سمعت أنكِ هربتي من المصحة التي كنتِ بِها في نيويورك .
نظرت لها آسيا بملامح مُكهفرة : لست أنا من هرب يا وتين ، أنا لا أهرب .
إزدرت وتين لعابها و قالت : حسناً ، عليّ الذهاب الأن .
قالت آسيا بهدوء : حسناً ، وداعاً .
خرجت وتين من الغرفة و هي تحث الخُطي علي الخروج من ذلك المكان المقيت ، دخلت إلي السيارة و بدأت وتيرة تنفسها في العلو ، صدي صوت هاتفها الذي أعلن عن إتصال أيهم المُفاجئ بِيها ، الذي قلماً يتصل في هذا الوقت .
وصلت وتين إلي منزلها مُسرعة عندما علمت بوجود أيهم هناك ، دخلت مُسرعة إلي غرفة المعيشة لتجده جالساً ببرود علي غير عادته المرحة .
قالت وتين بتعجب : ماذا هُنَاك يا أيهم ؟
رمقها أيهم بحدة أربكتها : من هو الرجل الذي كُنتِ ستتزوجينه قبلي ؟
طالعته وتين بتوتر قائلة : لماذا تسأل ؟
رد عليها بحدة شديدة قائلة : أجيبي .
عقبت وتين بصوت مُتحشرج و خافتً متلعثم : إنه إلياس .
أجابها بصوت أقرب للصياح : لماذا لم تخبريني ؟
صُدمت وتين من رد فعله الغير متوقع و نظرت له دون أن تُعقب ، إقترب مِنها أيهم بغضب شديد و أمسكها بشدة من مرفقها و قال بصوت هادر : أحاولتي قتل إلياس يا وتين ؟
بدأت عبرات وتين في الهطول من عسليتيها ، هدأ أيهم قليلاً من ثورته و قال لها بهدوء و صوت حاني : لا تبكي يا وتين ، فقط أخبريني عزيزتي ، أهذا صحيح ؟
أومأت وتين باكية و طالعته بعيون مُغرورقة بالدموع و قالت : لم أكن أقصد ، و لم يكن لدي عِلم أنه صديقك أقسم .
نظر لها أيهم بهدوء و قال : أخبريني ما حدث يا وتين أرجوكِ .
نظرت ده وتين و قصت عليه ما حدث بصوت مُتحشرج ، إعتلت الصدمة ملامح أيهم و أجابها بعدما أنهت مِن قص ما حدث : لماذا لم تسأليه يا وتين ؟ إلياس ليس بقاتل .
ردت وتين بصوت باكي : أعماني الغضب يا أيهم ، لقد قُتل نصفي الأخر في ظروف مجهولة ، و لم أكن أعلم ما يجب عليّ فِعله .
إحتضنها أيهم و ربت علي رأسها قائلاً : كيف علمتي أن إلياس ليس القاتل ؟
عقبت وتين بصوت هادئ : قص أبي ما حدث لصديقه والد ليلي ، فأخبره والدها أن إلياس قد إشتري السيارة بعدما وصلت إلي فرنسا مِن نيويورك ، أي بعد وفاة ليث بِعدة أشهر ، و أن الذي باع السيارة له إختفي في ظروف غامضة ولا أحد يعلم عنه شئ .
تنهد أيهم قائلاً : حسناً ، توقفي عن البُكاء أرجوكِ ، لم أكن أقصد الصياح هكذا .
دلفت ليلي مع والد وتين و والدتها بعد بُرهة من الزمن ، فوجدت وتين واقفة و إمارات البكاء علي وجهها ، فهرعت لها هي و بلقيس .
ليلي بصوت سيطر عليه القلق : وتين ما بكِ ؟
أمسكت بلقيس وجهه وتين بين كفيها قائلة : حبيبتي ماذا حدث ؟ _ ثم وجهت كلامها لأيهم قائلة _ ماذا حدث يا أيهم ؟
ردت وتين بخفوت : لقد عَلِم أيهم ما حدث يا أمي ، لقد أخبرته .
طالعت بلقيس أيهم بهدوء و قالت مُتسألة : كيف علمت بأمر إلياس ؟
رد أيهم ببرود قائلاً : إنه صديقي يا عمة بلقيس .
شهقت بلقيس بخفة و إتجهت بعينيها نحو زيدان الواقف يُطالعهم دون كلام .
زيدان بهدوء : وتين إبنتي ليست قاتلة يا أيهم ، لم تكن تقصد فِعل ذلك ، كانت تحت تأثير الصدمة .
أجابه أيهم بهدوء قائلاً : أعلم هذا يا سيد زيدان ، ولا تقلق لن أتركها ، و سنعلم من قاتل ليث إن شاء الله .
نظرت له وتين بإمتنان ليبادلها النظر بإبتسامة خافتة.
                *****************
دخل قيس علي إلياس الغرفة بإندفاع كعادته ليرمقه إلياس بحدة ، ليقول له قيس مُقاطعاً إياه : أجل أجل لم أسمع عن إختراع يدعي الطرق .
رمقه إلياس بغضب قائلاً : ماذا تريد يا لعين ؟
جلس قيس علي الأريكة بأريحية و قال قاصداً إستفزازه : إلياس ، إنهض و حضر طعام العشاء هيا يا عزيزي .
طالعه إلياس بحِدة و قال بغضب: أنا لا أطبخ أيها الأحمق، هيا إلي الخارج .
شهق قيس بصدمة مُصطنعة : أتطردني مِن الغرفة ، لقد كسرت قلبي يا إلياس .
زفر إلياس قائلاً ببرود : ماذا تريد ؟ و اللعنه عليك .
نظر له قيس بهدوء و قال : ماذا ستفعل مع أيهم ؟ لماذا أخبرته .
نظر له إلياس ببرود و قال : ليعلم حقيقتها ، بالطبع سيتركها و لن يكمل معاها ، و ستكون بمفردها هكذا ، و عندها سأنتقم مِنها .
طالعه قيس قائلاً : و اذا لم يتركها ؟ ماذا ستفعل ؟
أجابه إلياس بغموض : سيتركها ، لن يُكمل معها شاء ذلك أم أبي .
رمقه قيس بنظره خبيثة : و لماذا تريده أن يتركها ، إنه واضح و بشدة أنه يحبها .
نظر له إلياس بحدة و قال مُحذراً إياه : قيس
قال قيس بهدوء : ما بك ؟ أنت تكرهها أليس كذلك ؟ إذا لا يهم إذا هُنَاك من يكن لها مشاعر كنت تكنها لها يوماً ما .
زفر إلياس بحدة تحت أنظار قيس الخبيثة ، نهض قيس من علي الأريكة و إتجه إلي الخارج بصمت بعدما حقق مُراده .
                 *****************
كانت تلعب بأصابعها علي البيانو بهدوء و هي تُدندن ، شعرت بوجود شخص معاها في المسرح لتنظر أنها لتجد زوج من العيون الرمادية يُطالعها بحدة و غضب ، توقفت أصابعها عن اللعب و طالعته  بصدمة دون أن تنطق بكلمة ، إتجه إلياس ناحيتها في هدوء و جلس بجانبها و بدأ في اللعب علي أنمال البيانو بهدوء ، إرتفعت وتيرة تنفس وتين بشِدة و صاحبها في الإرتفاع وجيف قلبها الذي شكت بأنه وصل لمسامعه .
إنتهي إلياس من العزف و أخرج بطاقة دعوة راقية المنظر و أعطاها لها و هو يرمقها ببرود ، إلتقتطها وتين بتعجب و طالعته بصمت ، ليقول إلياس بعدها بصوت رخيم هادئ : أرجو يا أنسه وتين أن تأتي إلي خِطبتي علي مايا إبنة صديق والدي .
نهض إلياس بعدها و إتجه إلي الخارج ببرود ، وقفت وتين تُطالع الدعوة بوجوم ، لتسقط علي الأرض باكية بعدما رأت إسمه بجانب إسمها ، لتقول بعدها بصوت باكي : كُنتَ يوماً ما لي .
               *********************
مرحباً أيها الأولاد التائهين 🙈💃🖤
رأيكم يهمني 🖤🙈
5/2/2019🖤🤟🏻

الندم | Regret |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن