الجزء الثامن

672 23 0
                                    

راودني الغثيان مرة أخرى في اليوم التالي لكنني تجاهلته، لكنه رد عليّ الصاع صاعين و جاءني أشد من الأمس.
وبينما كنت أرافق سامي للباب ليذهب للعمل ، التفت وقال بقلق.
-"وجهك يبدو شاحبا، هل أنت بخير؟"
ابتسمت لاهتمامه ، وملاحظاته الدقيقة. ورددت.
-"لا تقلق، أنا بخير"
ابتسم سامي أخيرا ثم ذهب.
فور أغلاقه للباب هرعت للحمام، ولم يحدث شئ مرة أخرى. خاطبت نفسي.
-(ما هذا ، لماذا..)
فكرت أن أجبر نفسي للتقيؤ بسبب الألم من الغثيان ، لكنني ثنيت نفسي عن هذه الفكرة ، وقررت أن أفعل شيئا يشغلني عن هذا الشعور. فقررت أن أغير ترتيب أثاث الصالة.
فور وصولي هناك ، تغير مزاجي ولم أعد أريد فعل ذلك ، زيادة على ذلك أحسست بآلام في الظهر فلغيت الفكرة بالمرة.
مرت الأيام، وكانت تراودني هذه الأعراض يوميا تقريبا.
بمرور أسبوع، بتُّ أعرف ما هذه الحالة التي أمرُّ بها ، كل امرأة قد مرت بهذه الحالة في حياتها من قبل ستعرف، ولست مستثناة من ذلك.
لكن في تلك اللحظة ما ورد في خاطري كان كلمتان فحسب.
-(..أنا خائفة...).
خائفة مما سيؤول اليه هذا الأمر،وحسبت في عقلي كل الاحتمالات.
-(ماذا لو كانت هذه الأعراض توهمات؟، ماذا لو كان الأمر كله كذبا؟ أنا خائفة! خائفة!، خائفة من أن يكون الأمر كذبا كالمرة السابقة، خائفة من أن أسمع تلك العبارة من الطبيبة مرة أخرى)
استمررت على تلك الحالة منذ الصباح حتى المساء، كنت جالسة على الأرض واضعة رأسي بين يدي.
فجأة شعرت بيد تربت على كتفي بهدوء ، رفعت رأسي في دهشة، ووجدت سامي يحدق فيني بنظرات حادة .
ابتسمت وفي قلبي خوف من نظرته. وسألته.
-"م...متى وصلت؟ ولم تحدق فيّ هكذا؟"
أجابني سامي وتلك النظرة ما تزال في عينيه.
-"وصلت قبل قليل وناديت عليك لكنك لم تردي علي"
ضحكت ضخكة خافتة .
-"ه..هكذا اذا، أنا آسفة ،كنت أفكر بشئ ما فحسب ، سأعد العشاء حالا"
وعنما نهضت وأردت الذهاب للمطبخ ، استوقفني سامي، كانت نبرة صوته حادة وهادئة في نفس الوقت.
"هند، عودي الى هنا واجلسي"
عرفت أنني لا أستطيع الرد على ذلك، ففعلت ما طُلب مني وجلست.
كنت حينها أترقب تأنيبا منه ، أيا كان سبب ذلك. لكن ما حدث لم يكن تأنيبا.
جلس سامي بقربي ، وبدا على وجهه القلق، ثم سألني.
-"لقد قلت أنك بخير صباحا مثل كل مرة أسالك، لكنك لا تبدين كذلك الآن، هل كنت تكذبين عليّ؟"
-"لا ، أنا فقط..."
-" اذا كنت قلقة بشأن شئ ما فشاركيني همّك وقلقك ، ألست زوجكِ؟"
انتابني شعور بالحزن حينها، بالرغم من أني لم أرد اقلاقه لكن الأمر انتهى كذلك.
أحكمت قبضتي، وعزمت على اخباره ، لكنني تجنبت النظر في عينيه.
-"سامي، لقد ..عاودتني أعراض الحمل "
ترقبت الرد على ذلك ، كيف سيتفاعل سامي مع قولي؟، وخاطبت نفسي.
-(هل سيصدقني من الأساس؟)
تفاجأت بسامي بعدها ينفضُّ من الأريكة، ويصرخ مبتهجا.
-"هل حقا ذلك؟!! ، ما الذي تنتظرينه ؟ علينا الذهاب للمشفى حالا!"
-"مم..ماذا؟، ماذا تقول؟!!، في هذا الوقت؟"
-"لا تقلقي ، فالمشفى يستقبل الحالات حتى الصباح!"
حدث الأمر كله بسرعة، ولم أستوعب شيئا، أدركت حينها أنني جالسة في الكرسي المجاور للسائق في سيارة سامي، أربط حزام الأمان ، وفي طريقنا للمشفى.


أريد طفلا!Where stories live. Discover now