تدور الأيام بين فرح وحزن

160 5 0
                                    

#للوهم_أسرى

(٤)

بعد عدة أيام كانت جنة لازالت مريضة ، فصمم زياد على اصطحابها للطبيب
الطبيب : " المدام كانت حامل لكن الجنين توفى داخل الرحم ... ربنا يعوض عليكم "
شهقت جنة للمفاجأة المزعجة :  " إيه السبب يا دكتور ؟"
الطبيب :  ما تقلقوش ، مرض بسيط جداً اسمه توكسوبلازموسيس  toxoplasmosis عادة بييجي للستات اللي عندها قطط أو بتاكل لانشون ولحوم مش مستوية وحاجات زي دي كتير لكن المشكلة إننا هننصحكم بمنع الحمل فترة لحد ما المدام تاخد العلاج ، العلاج بسيط جداً وما بيطولش "
صمتت جنة في محاولة لاستيعاب الصدمة
ورد زياد محاولاً التظاهر برباطة الجأش : " بسيطة إن شاء الله إحنا لسه مكملناش سنة وقدامنا الوقت طويل ربنا يرزقنا ويعوض علينا "
الطبيب : " تيجوا بكرة الصبح الساعة ٩ على المستشفى هنعمل عملية اسمها المعروف كحت يعني تنظيف للرحم "

حزنت جنة لفقدها الجنين الذي لم تكن تعلم بوجوده واستسلمت للبكاء

حين خرجا من عند الطبيب ، أمسك زياد بيديها : " ماتزعليش إحنا مكناش لسه بدأنا نقلق على الحمل ، نعتبر ده ماحصلش "
تساءلت جنة بقلق : " طب والتأخير اللي الدكتور قال عليه؟ "
رد زياد بهدوء وصبر : " أنتِ هتاخدي الأدوية وتمشي على العلاج لحد ما ربنا يقول " كن فيكون "وأمره ليه ميعاد ...ماتقلقيش "
أردفت جنة بتوتر : " يعني أنت مش قلقان ؟ "
زياد متظاهراً بعدم القلق ليهدئها : " الحمد لله مش قلقان وبعدين امسحي وشك بقى الناس زمانها بتقول الست القمر دي جوزها الرخم معيطها ليه "

ابتسمت له جنة وفكرت في نفسها "يااه على طيبتك يا زياد ، واحد يوم الحريقة كان حملني الذنب واتخانق معايا لأنه فعلاً ذنبي وكان ممكن النهاردة مايهونش عليه بما إنه المشاكل عندي أنا وكمان بسبب قطتي اللي على طول في حضني... يا ترى مراد لو كان في الموقف دي كان هيعمل إيه مع شمس ... أكيد هيكون أحن عليها طبعاً ... مراد حاجة تانية ... يا رب عجل لي بالحمل والأمومة" .

أنجبت شمس ابنها الأول سليم و استقبلت العائلة أول حفيد  بحفاوة بالغة  وصار هو فاكهة الاجتماعات العائلية وتنافس الجميع على شراء الهدايا له وحمله وتقبيله حتى جنة هامت به حباً و كانت تتلهف على تقبيل خدوده الكبيرة وتتلذذ برائحته الجميلة .

تم شفاء جنة بعد عدة شهور اضطرت فيها وهب قطتها لخارج نطاق العائلة ولأخذ العديد من الحقن والأدوية وحملت بعد شهور قليلة من الشفاء
قال لها زياد "شفتي بقى كله بأمر الله "
فنظرت له بسعادة بالغة قائلة " الحمد لله ربنا يكمله على خير "
قد كانت خائفة جداً من تكرر ما سبق لكنها خشت حتى أن تبوح بمخاوفها ... ربما لو احتفظت بها في نفسها لمر كل شيء على ما يرام .

عاد زياد وجنة من بيت حماها وحماتها يوماً فبادرها زياد " ملاحظ إنك بتبقي مش على طبيعتك وأنتِ في بيت اهلي ...يا ترى فيه حاجة زعلتك منهم ؟ "
تعجبت جنة لسؤاله وأجابت "لا أنا لسه بتكسف منهم ومبعرفش أفتح معاهم مواضيع "
نظر لها زياد بحنان : " أنتِ عارفة ماما ماعندهاش غيري أنا وأخويا فهد وكانت طول عمرها بتحلم باليوم اللي واحد فينا يتجوز فيه عشان يبقى عندها بنت تحكي معاها ...فياريت عشان خاطري تحاولي تقربي منها "
وككثير من الزوجات عصف بها الظن السيء "هي طنط اشتكت لك مني ؟ "
أجابها مؤكداً " لا خالص أنا اللي لاحظت سكوتك الزايد عن حده "
سألته جنة بلهجة دفاعية : "قصدك أنا بتعمد السكوت وبتجاهلههم ؟ "
وتصاعد الخلاف ، زياد محاولاً إثبات وجهه نظره وذكر ما لاحظه بالأدلة والأحداث وقد مر قرابة العام والنصف على الزواج لا يعقل أن يستمر الخجل كل هذه المدة ، وهي مدافعة عن نفسها بغضب لما اعتبرته إتهام لها بالخبث والتصنع... كان هذا أول شجار حقيقي بين الزوجين وانتهى بقول زياد "لأ انا هسيبك تهدي لأن اللي بتتكلم دي مش ممكن تكون جنة أبداً  وخدي بالك زي ما أنتِ بتحبي مودتي لعيلتك وإني معاهم على طول أكيد انا كمان احب لأهلي كده وإلا أكون ابن جاحد"

استمرت جنة غاضبة حوالي ساعة ، فكرت خلالها بالطبع في مراد : " ترى هل ممكن أن يعاتب شمس بقوة كما فعل زياد ...بالتأكيد سيجد طريقة لطيفة ليلفت نظرها لمعاملتها لأهله ... كلا بالطبع لن تنشأ مشكلة كهذه بينهما أصلاً فعائلتهما واحدة واختلاطها بأهله ليس بجديد "
إلا انها عندما هدأت فورة غضبها واسترجعت الحوار اكتشفت إنها من صعدت كلامه العادي لمشكلة خاصة بإتهامها لوالدته بلفت نظره لصمتها فذهبت لتصالحه ...تقبل زياد صلحها بسهولة فقد اكتفى بتوضيحه لوجهه نظره

في إحدى أيام اللقاء العائلي المعتاد ، كانت جنة خارجة من المرحاض في منزل والدها حين سمعت مراد وشمس  يبدوا إنهما يبدلان ملابس ابنهما في الغرفة المجاور ة

مراد بحدة بالغة وصوت قاسي جعلها تشك إنه  شخصاً  آخر  لولا تأكدها " شايفة الولد التهاباته جامدة إزاي ...حرام عليكِ "
جاءها صوت شمس منكسراً : " ما أنا مغيراله  قدامك قبل ما نخرج والله ما مقصرة معاه"
أجابها مراد بغلظة  : " آه قدامي بتغيري له كل ساعتين لكن الصبح أكيد بتنامي وتطنشيه "
قالت شمس بضعف وحزن :  "ساعات ببقى نايمة طبعاً من الإرهاق "
استطرد مراد بغلظة : "بس بس  إرهاق إيه ؟!  أنتِ اللي ست كسلانة ، مصممة تفضلي عايشة دور الدلوعة "
وخرج من الغرفة غاضباً وسمعت صوت شمس وهي تجهش بالبكاء

تعجبت شمس جداً  أهذا مراد الذي تعرفه منذ الطفولة ؟ ربما حبه الشديد لابنه أخرجه عن  طبعه ... نعم مؤكد هذا بسبب  خوفه وهلعه على طفله فحب الأبناء بالتأكيد لا يعدله حب والخوف عليهم غريزة قوية ربما هي ما سببت تلك الغلظة .

تحسست جنة بطنها داعية لجنينها بالصحة والسلامة

#فيلسوفة_زمانها

للوهم أسرىWhere stories live. Discover now