(يا نور.. نــــور..
تعالي اخذي السمك لا بارك الله فيش)انتفضت لطيفة بعنف..وقشعريرة حادة تجتاح جسدها كالزلزال
وعظامها تكاد تتحطم لفرط ارتعاشها
هل جنّت؟؟
هل تتخيل صوته؟؟(نور.. نـــور.. السمك باخليه عند الباب)
وقفت لطيفة بشكل حاد وهي تلتفت للباب بحدة
كان هو
هـــو
هـــــــو
يقف عند الباب وينزل كيسا ضخما عند البابحينها رآها
نظر لها ببرود.. وسلّم ببرود وهو يتجه للسلم ليصعد
كانت تنظر له بدهشة عميقة وفرحة أعمق.. تكاد تشهق من فرحتها وهي تملأ عينيها من رؤيته
عاجزة عن التصديق.. بعد كل هذا الرعب والألم
أن تنتقل من النقيض للنقيض في لحظة واحدةكان يرتدي (برمودا) أسود و(تيشرت) أبيض قذر بدون أكمام ملتصق بعضلات صدره ومتسخ تماما
ويعقد غترته فوق رأسه على شكل عمامة (حمدانية)
ومازال يرتدي نظارته الشمسية التي خلعها ليمنحها نظرة البرود إياها
قد يكون في شكله خالٍ تماما من الأناقة.. ولكنها رأته بعينيها المخلوق الأكثر وسامة والأكثر رجولة كما كانت تراه طوال حياته..
حتى وإن كان الأبشع.. يكفيها أنه عاد لها
عـــاد لـــها!!لطيفة جرت قدميها جرا وقطعت الطريق عليه وهي تقف أمامه مباشرة
مشعل همس لها ببرود: لطيفة وخري خليني أروح أسبح.. حالتي حالة
ريحتي سمك وثيابي وسخةلطيفة مدت يديها وهي تتحسس خصره وذراعيه بوجع.. ثم تتحسس وجهه بكل الحنان والألم الممتدين بلا حدود كامتداد الكون
حــيـنـهـا
انخرطت في بكاء حاد ومفاجئ وهي ترتمي في أحضانه
لم يستطع مشعل إلا أن يحتضنها ويحتوي بكاءها
وهو يهمس لها بقلق: لطيفة وش فيش؟؟ حد فيه شيء؟؟همست لطيفة بين شهقاتها ووجهها مختفٍ بين عضلات صدره وفي (تيشرته) القذر:
كنت خايفة عليك بس..مشعل تنهد وذراعاه القويان يحيطانها باحتواء: البارحة رحت لرفيق لي عنده مركب في الخور..
وطلعنا للصيد.. أنا فصل شحني.. وهو نسى تلفونهلطيفة احتضنت خصره أكثر وهي تهمس بوجع صارخ: تكفى مشعل سامحني
أنا آسفة حبيبيتصلب جسد مشعل.. لأول مرة منذ خصامهما تناديه باسمه بهذه النبرة الموجعة.. بل وتقول (حبيبي)
تمنى أن يحتضنها بشكل أقوى..يخفيها بين أضلاعه.. ويغمر وجهها بقبلاته الوالهة المشتاقة
ولــكــنــه
أزاحها بخفة وهو يقول ببرود مستحكم: شوفي السمك
ووزعي منه على بيوت أهلنا.. واللي تبين عطيه.. السمك واجدلطيفة أمسكت معصمه وهي تقول بصوت مختنق: تكفى مشعل سامحني
مشعل خلص معصمه من يدها بخفة باردة
وصعد للأعلى
YOU ARE READING
اسى الهجران
Romanceرواية قطرية بقلم أنفاس قطر يومٌ خريفي بارد.. برودته الخافتة المرتعشة تسربت بحدة موحشة للروح قبل الجسد إنها واشنطن دي سي.. أواخر شهر سبتمبر..شهر الخريف المرير تقلبات الأجواء.. واصفرار الأشجار.. ووجع الغربة وآه يا وجع الغربة.. ما أقساها على روحه الحر...