٣١

13.4K 193 16
                                    

شقة مشعل بن عبدالله في واشنطن

كان مشعل يدخل إلى المطبخ
ليرى أمامه صدمة بكل المقاييس
هيا كانت تقف أمام المغسلة وتغسل وظهرها للباب
ليست هذه الصدمة بالتأكيد..

الصدمة كانت في الليل الأخاذ السرمدي الذي يصل طوله إلى ركبتيها

قبل حوالي ساعتين..بعد أن دخل مشعل لغرفته
رتبت هيا بعض أشياءها الضرورية واستخرجت بعض ملابسها
ثم قررت أن تطبخ 
ظنت أن هذا قد يكون تصرفا لائقا تجاه مشعل
وحتى تتلهى عن الحزن العميق الذي يخنق روحها
والأفكار المرة التي تأخذها في دوامات الذكريات
بعد أن أنهت الغدا..ء تركته ينضج 
واستحمت.. جففت شعرها سريعا ثم تركته مسدلا ليستكمل جفافه
وعادت للمطبخ لتنهي غسل الأواني
وهاهو مشعل يقف خلفها..
مشعل كان مبهورا.. 
بل كلمة الانبهار وصف أقل بكثير عن الاحساس الذي اكتسحه
كان يعتقد أن طول الشعر المفرط هذا قد انقرض
ولم يكن شعرها طويلا فقط بل كان مبهرا في طوله وسواده ونعومته وكثافته
كان تماما كما كانت جدته تصف شعرها في شبابها
بل إن شعر جدته مازال طويلا نوعا ما.. وهي تجدله في جديلتين طويلتين
لطالما عشق مشعل في طفولته الالتفاف بهما
وكان يقول لها: ماني بمتزوج إلا وحدة شعرها مثل شعرش طويل
وجدته تضحك وتقول: فاتّنّك.. ماعاد فيه يأمك.. خلصوا..

وربما حاول مشعل متعمدا تناسي الشرطين الآخرين
كان دائما يقول لها: يمه أنا أبي وحدة اسمها هيا وتشبهش.. وشعرها طويل نفس شعرش أيام الشباب على قولتش..

وجدته تضحك طويلا وترد عليه: هذي بيصنعونها على حسابك!!!

فهل كانت الأقدار تلعب لعبة ما!!
هاهو على أعتاب الثلاثين وكان لم يتزوج بعد
رغم أن أمه كانت تلح في كل مرة يعود فيها للدوحة
أن يتزوج ليجد من يؤنس وحدته في الغربة
ولكنه كان يرفض دائما دون سبب مقنع
فأي الأسباب كنت تنتظر يا مشعل؟!!

تنحنح مشعل.. التفتت له هيا وهي تشعر بالخجل
مشعل ابتسم: ماشاء الله هذا كله شعر..

هيا بخجل: ابي كان يحب الشعر الطويل يقول يذكره بجدتي
كان يقول إني طالعة عليها
عشان كذا ماكنت أقصه ولا قصيته ..عشانه
ثم أكملت بحزن صميم: وأمي كانت تهتم فيه واجد

كان بود مشعل أن يعبر عن إعجابه به
أو حتى يكتب قصيدة في هذا الشعر الأسطورة
ولكنه صمت.. فليس في موقع يسمح له بالغزل
وليست في وضع يسمح لها بتقبله

هيا بهدوء: تبي غدا؟؟

مشعل بذات الهدوء: وش طبختي؟؟

هيا رسمت ما يشبه ابتسامة باهتة: كبسة.. تمشي الحال؟؟

مشعل ابتسم : أكيد تمشي الحال.. أنا أصلا كانت أقصى أمنياتي سندويشة وكأس شاي
بيت حمد بن جابر

الساعة 2 إلا ربع قبل الفجر

كان مشعل الذي قاد سيارته بسرعة جنونية
يقف أمام باب بيت حمد ويجد جميع الأبواب مشرعة
ويدخل هو ولطيفة وقلقهم يصل للحد الأقصى

اسى الهجران حيث تعيش القصص. اكتشف الآن