بعد فترة شعر بتحديقي به فنظر إليّ ثم رسم ابتسامة صغيرة، جعل قلبي يخفق بجنون وكأنه عاد ينبض بعد سنوات طويلة من توقفه.

وضع الكأس على الطاولة الصغيرة أمامه، ثم نهض قادمًا نحوي ليستلقي بجانبي على السرير ناظرًا إلى السقف.

همست لنفسي وأنا أراقب وجهه: هل هذا حلم؟

التفت لينظر إلي، وشعرت أنه حاول إخفاء ابتسامته قبل أن يجيب: لا، لستِ في حلم.

غيّرت وضعيّتي لأستلقي على ظهري قائلة بسخرية: هذا حتمًا ما ستقوله لو كنت أحلم.

سأل رافعا حاجبه بنظرة عابثة: ما الذي سيثبت لكِ أنكِ لا تحلمين؟

هل هذا ويليام حقًا؟ قلت متنهدة بعبوس: لو لم أكن أحلم ما كنت لأجدك هنا، ولا كنت لتبتسم أيضًا.

لم يتحدث، شعرت بكفه يحتضن كفّي، ورغم برودته إلا أنني شعرت بالدفء ينتشر داخلي، نظرت إليه فتقابلت أعيننا في حديث صامت رغم نبضات قلبي العالية.

أتمنى أن يتوقف الزمن عند هذه اللحظة...

~٠~*~٠~

مضى اليوم كسابقه دون تدريب، ذهبت كارمن لزيارة عائلتها، أما ويليام فقد توجه إلى المكتبة منذ الصباح بعد تركه السرير ولم أره حتى الآن. أرسل آيزاك للقيام ببعض الأعمال من أجله ورافقه ألفين، وأما لوك فقد بقي في الحديقة.

فضّلت الانضمام إلى لوك وتحمل تصرفاته الفظَّة؛ لأنني إذا بقيت وحدي أكثر من هذا سأُجَن حتمًا.

راقبت ملامح لوك وأنا أجلس على المقعد المقابل له، حيث تفصل بيننا طاولة خشبية ذات سطح مصقول، لم يبدُ عليه الضيق أو الغضب فاسترخيت باطمئنان.

بدا مختلفًا بعض الشيء، لوكاس في العادة يتصرف معي بفظاظة، ويتصيّد الفرص حتى يُلقي عليّ كلامه المسموم الذي لا ألقي له بالًا؛ فأنا لم أفعل شيئًا يؤذيه، ولستُ مسؤولة عن أفكاره وتصرفاته ولا شأن لي بها.

ترددت كثيرًا قبل أن أسأل: هل أنت بخير؟

لم يرد كما توقعت فتجاهلته، جلست باسترخاء أراقب أجواء المكان وأستمتع بنسمات الهواء المنعشة، الشمس على وشك الغروب، مما جعل السماء تتلون لتصنع أجمل لوحة فنية.

تسرب السؤال من بين شفتي، رغم عدم رغبتي في الحديث معه، وعلمي أنه لن يُتعب نفسه ويُجيب: ما الذي فعلته والدتي لويليام؟

مضى بعض الوقت حتى ظننت أنه لن يرد علي، ولكنه فاجأني بقوله: لا أظن أنكِ ترغبين في معرفة الإجابة.

الإفاسيسا: فجر دياناWhere stories live. Discover now