الحلقة 3

16.8K 411 1
                                    

*حتي أقتل بسمة تمردك*ج2

الحلقة (3):

قهقه"عمر"بمرح ، ثم فجأة تعالي صوت رنين هاتفهه ، فتناول الهاتف مسرعا ، ليتجمد بمكانه في صدمة و عيناه علي إسم المتصل ..
ظل يحدق بشاشة الهاتف عابسا حتي إنقطع الإتصال ، فإنتبهت"ياسمين"إليه ، و لاحظت تعابير وجهه المكفهر ، فلكزته علي يده قائلة:
-عمر ! ايه مالك في ايه ؟؟
ثم سألته في فضول مترددة:
-مين كان بيتصل بيك ؟؟
عاد الرنين إلي الهاتف مرة أخري ، فتطلع"عمر"إليها دون أن ينبس بحرف ، فرمقته"ياسمين"في إستغراب مقطبة ، و قررت أن تكتشف الأمر بنفسها ، فأخذت الهاتف من يده و تطلعت إلي إسم المتصل ، و كانت والدته ، السيدة"كاميليا" .. توترت"ياسمين"و لم تعرف كيف تتصرف ، فإنقطع الإتصال مرة أخري ، فيما راحت تخاطبه بهدوء متسائلة:
-ليه ماردتش عليها يا عمر ؟؟
حدجها"عمر"بقسوة ، ثم أخيرا نطق فقال منفعلا:
-ليه ماردتش عليها ؟ هو انا مش حكتلك كل اللي حصل قبل كده ؟؟
أومأت"ياسمين"رأسها في إضطراب ، ثم أجابته:
-ايوه حكتلي .. لكن ايا كان اللي حصل مايصحش اللي عملته ده .. مايصحش امك تكلمك و ماتردش عليها يا عمر.
علا صوته فجأة كسوط لاهب عندما قال:
-انا الوحيد في اخواتي اللي روحتلها برجلي و كنت بسأل عليها و بزورها بإستمرار .. من سنة وقفت قصاد اخويا عشانها و دافعت عنها .. كنت فاكر انها اتغيرت بجد .. بس هي بنفسها اكدتلي اني كنت غلطان.
صمت لثوان ، ثم تابع مزمجرا:
-دي ست انانية مابتفكرش الا في نفسها و كل كلمة قالها عز الدين عنها طلعت صح .. انا اللي كنت عيل و مغفل.
-عمر .. خد بالك انت بتتكلم عن امك.
قالت"ياسمين"معاتبة ، فإندفع قائلا بغضب:
-لأ دي مش امي .. انا امي ماتت من ساعة ما سابتتي انا و اخواتي زمان.
-يا عمر آا...
-خلاص لو سمحتي.
قاطعها"عمر"بحزم حانق ، ثم تابع منهيا ا للحديث:
-انا مش عايز اتكلم في الموضوع ده تاني ابدا.
ثم هب واقفا ، و مضي في سبيله إلي خارج قاعة الجلوس ، فتنهدت"ياسمين"و خرجت بإنطباع أنه غادر لأسفه علي تصرفه الحانق نتيجة إثارة ذكرياته المؤلمة ، بينما شعرت هي بالأسف علي تلك السيدة المنبوذة من أبنائها ، و لكنها هزت كتفيها بقلة حيلة ، ثم عادت تتابع دراستها ...

***************************************************************

في الصباح التالي ، و بينما كانت"داليا"تساعد"عز الدين"علي إرتداء سترته راحت تسأله:
-كنت قولتلي امبارح بالليل انك عاملي مفاجأة الصبح !!
صاح"عز الدين"متذكرا:
-ايوه فعلا.
ثم إلتفت إليها و قال:
-دلوقتي بعد ما امشي هتحضري شنطة فيها هدوم ليا و ليكي يكفونا 4 ايام و كمان ساعة مصطفي هيكون مستنيكي تحت تجهزي بسرعة عشان هايجبيك علي الشركة هكون انا خلصت شوية شغل و بعد كده هنتحرك.
فغرت"داليا"فاها ، و نظرت إليه مشدوهة ، ثم سألته:
-هنروح فين ؟؟
أحابها متذمرا:
-هو انا مش قلتلك دي مفاجأة ؟ هتعرفي لما نوصل.
هزت"داليا"رأسها عابسة ، ثم عادت تسأله:
-طيب و عدنان ؟ هنسيبه ؟؟
-اه.
-اه ازاي بس ؟ مين هياخد باله منه ؟؟
-معانا في البيت عمر و عبير و ياسمين .. 3 افراد مش هيعرفوا ياخدوا بالهم من طفل صغير ؟؟
قطبت"داليا"حاجبيها غير راضية ، و تمتمت:
-لأ مش هقدر اسيبه .. ماقدرش ابعد عنه .. يعني ايه يصحي من النوم لا يلاقيني و لا يلاقيك ؟ و بعدين ده ساعات بيصحي بالليل و بيعيط و مابيسكتش الا في حضني .. لأ لأ .. مش هقدر اسيبه.
-خلاص خليكي انا غلطان.
قال ذلك متهكما ، و كاد يمضي إلي خارج الغرفة ، فأمسكت بذراعه قائلة:
-طيب استني.
-انا مسعجل و مش فاضي قرري بسرعة.
قال بنفاذ صبر ، فتنهدت بثقل ، ثم أومأت رأسها قائلة:
-خلاص .. هنسيبه.
-تمام .. يلا بقي اعملي اللي قولتلك عليه بسرعة عشان نلحق نوصل بدري.
قال ذلك ، ثم تقدم نحو فراش إبنه الذي كان مستغرقا في نوم عميق ، و دني منه ، ثم قبل وجنته ، و مسح علي شعره ، ثم إلتفت إليها مؤكدا ما قاله مجددا و رحل ...
فأسرعت"داليا"و راحت تعد لهما الثياب و تضعهم بحقيبة سفر متوسطة ، ثم دلفت إلي الحمام و إغتسلت ،ثم لفت المنشفة الكبيرة حول جسدها ، و عادت إلي الغرفة ، فوجدت"عدنان"و قد إستيقظ لتوه ، فإقتربت منه و الماء يقطر من شعرها ، كان جالسا علي فراشه ، يفرك بعينيه ، عندما خاطبته"داليا"بخفوت و لطف ، و هي تداعب خصلات شعره العسلي الغزير ، ثم تركته و إتجهت نحو منضدة الزينة ، جففت شعرها و مشطته و عقصته إلي الوراء و من ثم إرتدت ملابسها ، و ألقت علي نفسها أخر نظرة ، فشعرت بالرضا علي مظهرها ، فقد إرتدت تنورة من المخمل الأبيض ، تعلوها كنزة قصيرة الأكمام وردية اللون ...
إنتهت من ترتيب نفسها بسرعة ، إذ بدأ"عدنان"بالبكاء ، فأسرعت إليه ، و راحت تسأله و هي تمسح دموعه بأناملها:
-ايه يا حبيبي مالك ؟ مالك ؟؟
نظر الصبي إلي أمه بوهن و الدموع تملأ عينيه الخضراوين الواسعتين ، فتنبهت"داليا"أن إبنها جائع ، فقالت له و هي تلامس خصلات شعره الحريرية:
-يا حبيبي .. انت جعان ؟؟
فهمهم"عدنان"و أومأ رأسه ، فضحكت"داليا"ثم قالت:
-طيب تعالي يا قلبي هأكلك.
ثم أخذته بين ذراعيها و تركت الغرفة متوجهة إلي الأسفل ، و دلفت به إلي قاعة المطبخ الفسيح الفارغ من الخدم في تلك الساعة ، ثم أجلسته علي طاولة عريضة أمامها ، ثم راحت تعد له الجبن مع الخبز ، لم تهتم"داليا"بتناول فطورها ، بل إهتمت بإطعام"عدنان"و لما أنهي فطوره ، أخذته إلي شقيقتها ، و عندما أخبرتها"داليا"عن الخطة المفاجأة ، أمطرتها"ياسمين"بوابل من الأسئلة:
-يعني هتغيبوا عن البيت 4 ايام ؟؟
-ايوه يا ياسمين.
-ممم .. و هتسيبوا معانا عدنان ؟؟
-ايوه.
-طيب هتروحوا فين ؟؟
-لسا ماعرفش.
أجابتها"داليا"في ضيق ، ثم قالت و هي تتلمس وجه إبنها:
-انا لازم امشي دلوقتي .. خدي بالك من عدنان و وصي عمر و عبير ياخدوا بالهم منه انا سايباه معاكي كويس يا ياسمين عايزة ارجع الاقيه كويس.
طمئنتها"ياسمين"في مرح قائلة:
-ماتقلقيش يا دودو .. الاستاذ عدنان في ايد امينة بعون الله .. روحي انتي مع جوزك و انبسطي.
ثم غمزت بعينها مداعبة ، فإبتسمت"داليا"بخفة ، ثم ودعت إبنها بقبلة علي وجنته ، ثم ذهبت إلي غرفتها و أحضرت حقيبة الملابس ، و رحلت ...
و عندما ترجلت من السيارة أمام (مجموعة النصار للنقل البحري) ، خاطبت"مصطفي"قائلة:
-هتستني يا مصطفي و لا هتمشي ؟؟
أجابها"مصطفي بأدب:
-عز الدين بيه قالي اجيب حضرتك لحد هنا و اسيب المفتاح في العربية و امشي.
ثم ترك المفتاح داخل السيارة بالفعل ، و ترجل منها ، فشكرته"داليا"و أصرفته ، ثم نظرت أمامها إلي تلك البناية الضخمة الشامخة ، و تنفست بعمق و هي تتأمل المقر الرئيسي للشركة الذي يشغل برجا من الأسمنت و الزجاج ، إرتفاعه 26 دورا ...
راودتها الذكريات حول المكان ، منذ أكثر من عام ، عندما جاءت إلي هنا من أجل التوظيف ، في ملابسها المتواضعة و مظهرها البسيط ،عندما قابلت"عز الدين نصار"و لأول مرة ، من هنا بدأت حياتها بالتغير الجذري ، هنا حدثت نقطة التحول التي قلبت حياتها رأسا علي عقب ، هنا تعلمت ما معني الآلم ، و البكاء ، و الذل ، و الضعف ، و الغيرة ، و الكره ، و الحب ، هنا بدأت تشعر بالحياة تضج بأعماقها ، حيث كانت حياتها تمر علي وتيرة روتينية بطيئة ...
أفاقت"داليا"من شرودها ، ثم رسمت علي ملامحها معالم الجدية و الحزم ، ثم مضت متجهة إلي داخل الشركة ، و ما أن دخلت حتي جذبت إليها الأنظار ، هؤلاء الموظفين كانوا زملاء لها في الماضي ، أما الأن ، فالوضع مختلف ، أصبحت زوجة رئيسهم ..
تلقت"داليا"نظرات فاحصة ، و أخري حاقدة ، و سمعت بأذنها من يتهامس بشتي الأساليب ، و لكنها ظلت تتقدم إلي الأمام بخطي ثابتة ، واثقة ، حتي وصلت إلي المصعد قاصدة برج السلطة ، حيث يقع مكتب زوجها بالطابق الثالث و العشرون ..
و تنفست الصعداء عندما خرجت من المصعد ، فسارت في إتجاه مكتب"عز الدين"علي سجاد سميك يمتص صوت وقع الأقدام مهما علا ، لكنها توقفت فجأة حين أتاها صوت أنثوي ناعم يمنعها من متابعة طريقها:
-لو سمحتي .. حضرتك رايحة فين ؟؟
إلتفتت"داليا"نحو مصدر الصوت ، ثم تطلعت إلي تلك الفتاة التي إحتلت مكان"إنچي"السكيرتيرة الخاصة بمكتب"عز الدين"فحصتها"داليا"بعينان متهكمتان ، فهي كانت حسناء ، و إنبهرت"داليا"بجمالها ، حيث بدت شديدة الأناقة في ثياب أختيرت بعناية و ذوق بالغين ..
بينما لم تجبها"داليا"بل رمقتها بإبتسامة باهتة ، ثم توجهت نحو مكتب زوجها ، حيث فتحت الباب و دلفت ، بينما تبعتها الفتاة ثائرة ، فإنتبه"عز الدين"الذي كان يجلس خلف مكتبه منكبا علي الأوراق كما عاهدته"داليا"إلي ما يحدث ، فنهض من مقعده ، و راح ينقل نظراته بين"داليا"العابسة"و السكيرتيرة الغاضبة ، ثم قال متسائلا:
-في ايه يا دينا ؟؟
-يافندم المدام دي دخلت و ...
-خلاص يا دينا مافيش مشكلة دي مراتي.
قاطعها"عز الدين"بلطف حازم ، فإضطربت الفتاة ، و راحت تعتذر من"داليا"قائلة:
-انا اسفة جدا و الله ماكنتش اعرف .. حضرتك دخلتي منغير ما تقولي اي حاجة.
-خلاص يا دينا حصل خير.
قال"عز الدين"منيها للأمر ، فإستأذنت الفتاة و إنسحبت في هدوء ، بينما دار"عز الدين"حول مكتبه حتي وصل إلي"داليا"التي إرتسم علي وجهها تعابير العبس ، و الغيرة ، فوقف أمامها ، ثم تنهد قائلا:
-ياااه .. بقالك كتير مادخلتيش عليا مكتبي يا انسة.
تطلعت إليه"داليا"ثم إبتسمت رغما عنها جراء جملته الأخيرة ، فأعجبتها اللعبة و راحت تلعبها معه:
-اعمل ايه طيب يافندم ؟ مش حضرتك اللي فصلتني و حبستني في بيتك و مش بترضي تخرجني ؟؟
قهقه"عز الدين"بصوت مرتفع ، ثم حدثها بجدية قائلا:
-ربع ساعة هخلص الشغل اللي في ايدي ده و هنمشي.
أومأت رأسها باسمة ، فأمرها بهدوء قائلا:
-اقعدي.
أطاعته بآلية ، و جلست علي مقعد وثير قرب المكتب ، بينما عاد يجلس هو خلف مكتبه ، ثم راح ينهي عمله بتركيز بالغ ..
مرت عدة دقائق حتي إنتهي أخيرا ، فنهض و تناول سترته من علي ظهر الكرسي ، ثم أسرع بإرتدائها قائلا:
-يلا.
إلتقطت"داليا"حقيبتها ، و سارت نحوه ، بينما إصطحبها إلي الخارج بعد أن أطفأ أضواء المكتب ، بقيت قريبة منه و هي تمشي إلي جانبه ، فيما كان هو لا يتلفت يمنة و لا يسرة ، و كان الموظفون يفرون من أمامه ليفسحوا له الطريق ، ببنما كان يمسك بيدها أمام الحميع حتي خرجا من الأبواب الرئيسية للشركة ، قادها نحو السيارة ، ثم إستقلا معا ، و إنطلقا في الطريق الفارغ بسرعة تحولت إلي سرعة قصوي حين بلغا الطريق الصحراوي ...
تلك السرعة جعلت"داليا"تجفل مضطربة ، فخرج صوتها مرتجف و هي تقول:
-عز .. عز الدين لو سمحت قلل السرعة شوية.
إبتسم"عز الدين"بخفة ، ثم قال:
-اقللها ليه يا حبيبتي ؟ الطريق فاضي قدامنا.
-معلش عشان خاطري قللها شوية عندنا طفل صغير لسا محتاجنا.
قهقه"عز الدين"بصوت مرتفع ، فيما لبي لها طلبها ، بينما غاصت بمقعدها ، و أغمضت عينيها في إسترخاء ، و بعد مرور ساعة و نصف دون كلام ، لم تتحمل"داليا"الصمت فسألته:
-هنروح فين بقي ؟؟
نظر لها بطرف عينه ، ثم أجابها و هو يركز إهتمامه علي القيادة:
-ساعة كمان و هتعرفي .. و بطلي اسئلة بقي.
و لم يذكر شيئا أخر في هذا الصدد و تركها تخمن ما تشاء عن هذه المفاجأة ، بينما تنهدت بثقل ، و لما يئست منه كفت عن التفكير فيها ، ثم حولت نظرها إلي جانبها ، حيث راحت تحدق عبر النافذة الزجاحية للسيارة في الفضاء الذي يحاصرهم ...
و أخيرا مرت الساعة الأخري ، فشعرت بسرعة السيارة تقل تدريجيا ، فأدارت رأسها نحوه ، فقال دون أن يلتفت إليها:
-وصلنا.
و عند ذلك توقفت السيارة تماما عندما بلغت بوابة خشبية كبيرة متينة ، علي جانبيها أسوار حجرية عالية ، بينما ترجل"عز الدين"أولا لملاقاة أحدهم ، فإتضح لها أن هناك من كان ينتظر محيئهم ...
كان رجل في أواسط العمر ، يرتدي عمامة بيضاء ، و جلباب من اللون الرمادي ، راح يخاطب"عز الدين"بود و أدب ، ثم أسلمه سلسة مفاتيح و رحل بعد أن أوصد الباب الرئيسي للمكان ، فأشار"عز الدين"إلي"داليا"بأن توافيه ، فترجلت و توجهت إليه و علي وجهها علامات التساؤل و هي تتأمل ذلك المنزل الحجري في حضن الجبل .. :
-ايه ده ؟ ايه المكان ده ؟؟
سألته"داليا"فأحاط كتفها بذراعه ثم أجابها:
-احنا دلوقتي علي ارض قرب سينا بكام كيلو متر كده .. ايه رأيك في البيت ده ؟؟
-حلو اوي.
هتفت"داليا"مشدوهة بجمال المكان المحيط بها ، فجذبها"عز الدين"من يدها و قادها إلي الداخل بعد أن فتح الباب ، كان البيت من الداخل رائعا ، مفروش علي الطراز الحديث ، كان يضم غرفة جلوس تفضي إلي شرفة تطل علي أجمل المناظر الطبيعية ، حيث الصحراء و الجبال و التلال و الشمس و السحب الصافية ..
كما ضم أيضا مطبخا صغيرا مجهزا بكل الأدوات ، و الأطعمة ، و المشروبات ، و غرفة نوم كبيرة جيدة التهوئة ، تطل علي البحر ، و حمام غاية في الإتساع و النظافة ، أحست"داليا"أنها سقطت في حلم وردي جميل ، إذ أن تلك المفاجأة كانت بعيدة كل البعد عن خيالها ، ثم فجأة إلتفتت إلي"عز الدين"ثم إقتربت منه ، و طوقت عنقه بذراعيها قائلة و هي تبتسم بحب:
-انت عارف ؟ دي احلي مفاجأة انت عملتهالي.
فإبتسم بدوره و أحابها:
-من فترة فكرت و لاقيت اني اتجوزتك منغير ما اعملك فرح و منغير حتي ما اعملك شهر عسل في اي مكان بعيد عن البيت .. فقلت فرصة اخد اجازة و اجيبك نقضي هنا كام يوم.
ثم صمت قليلا ، و سألها:
-بجد عجبك المكان ؟؟
-اوي اوي.
أجابته ثم راحت تعانقه بقوة ، فلف ذراعيه حولها ، و قوي قبضته عليها مزيدا من عنف ضمه ، بينما ضغطت وجهها علي كتفه و هي تقول:
-بس لو كان عدنان معانا .. يا حبيبي يا تري عامل ايه دلوقتي ؟؟
ثم أسرعت تقول و هي تبتعد عنه قليلا لتواجهه:
-في هنا شبكة ؟ عايزة اتصل بالبيت اطمن عليه.
هز"عز الدين"رأسه آسفا ، و قال:
-للاسف مافيش شبكة هنا .. و دي بالنسبة لي احلي حاجة انا مش بحب التليفونات او بمعني اوضح مابقتش احبها من كتر الازعاج اللي بتسببهولي.
ثم تنهد متابعا:
-طيب .. انا هدخل اخد دُش .. تكوني حضرتي اي حاجة ناكلها لاني جعان جدا بصراحة.
منحته"داليا"إبتسامة عذبة ، ثم أومأت رأسها موافقة ...

******************************************************************

عندما غادرت"ياسمين"المنزل متوجهة إلي المشفي ، أسلمت"عدنان"إلي"عبير"لتهتم به ريثما تعود ، فرحبت"عبير"بحرارة ، و من الجيد أن الصبي إلي الأن لم يشعر بالغربة لغياب والديه ، فيما إغتنمت "عبير"الفرصة و راحت تمرح معه بعض الوقت مستمتعة ، حيث أخذته و توجهت به إلي حديقة القصر ، و بدأت تؤرجحه تلاعبه و تلاطفه ، فتارة تحاول أن تجعله يمشي علي قدميه ، و تارة يسقط علي الحشائش الخضراء فيطلق"عدنان"صيحات الفرح ...
و لما وصل"خالد"فجأة ، و رأي"عبير"و"عدنان"يلعبان بمرح و فرح ، أخذ يقترب منهما بخطي بطيئة و ثقيلة و هو غير قادر علي إزاحة نظره عن هذا المشهد ، بل كان يبدو مسحورا و مندهشا ، مثل واحة بقلب الصحراء ...
و فجأة إنتبهت إليه"عبير"، و كي تخفي إضطرابها ، إنهمكت للحظة بـ"عدنان"المتعلق بعنقها ، ثم إقتربت منه حاملة"عدنان"بين ذراعيها ، و بصورة غير منتظرة ، راح قلبها يخفق بسرعة ، ثم رفعت رأسها نحو"خالد"دون خوف ، و حيته في هدوء قائلة:
-اهلا يا خالد .. ازيك ؟؟
رمقها بنظرة مطولة قبل أن يجبها:
-كويس يا عبير .. انتي ازيك ؟؟
أومأت رأسها ، ثم أجابته:
-الحمدلله تمام.
و ساد الصمت للحظات ، فقطعته قائلة و هي تشعر بالتوتر:
-عز الدين و داليا مش موجودين في البيت و هيغيبوا حوالي 4 ايام.
-ايوه عارف .. اخوكي قالي.
أومأت رأسها ، ثم قضمت شفتها ، و إستأذنت منه قائلة:
-طيب البيت بيتك طبعا .. انا لازم اخد عدنان دلوقتي آكله عشان ده ميعاد غداه .. عن اذنك.
و بينما كانت تمر بمحاذاته ، أمسك بمعصمها قائلا:
-انا جاي عشان اتكلم معاكي شوية.
-بعدين يا خالد لو سمحت .. بقولك هغدي عدنان انا اللي باخد بالي منه في الوقت ده خالته ياسمين في شغلها دلوقتي و لسا ماجتش.
ثم تملصت من قبضته محاولة الفكاك ، بينما كان يريد ألا يتركها تذهب ، و
لكنه رضخ مستسلما بالنهاية ، فتحررت من قبضته و توجهت بالصبي إلي داخل المنزل ، بينما يتابعها"خالد"بعينيه مقطبا ، إلي أن توارت بعيدا عن نظره ...

***************************************************************
حاول الإتصال بها عدة مرات ، و لكنها لم تجب ، فألقي بهاتفهه علي الفراش في ضيق ، ثم راح يذرع الغرفة ذهابا و إيابا ، هو يعلم أنها غاضبة منه بسبب أخر محادثة بينهما ، و لكنه وقتها لم يستطع أن يكبح إنفعالاته ، و في الوقت ذاته كان لابد أن يصغي لها ، فهي لم تقل شيئا خاطيء ...
تنهد بثقل ، ثم قرر أن يخرج من غرفته الفسيحة التي ضاقت علي أفقه ، و بينما كان يمر أمام الغرف ، سمع صوت بكاء أحدهم ....

يتبع ...

حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖حيث تعيش القصص. اكتشف الآن