الحلقة (24 و الأخيرة):

22.8K 565 12
                                    

*حتي أقتل بسمة تمردك*

الحلقة (24 و الأخيرة):

إتسعت عينيه في صدمة بالغة ، فراح يعبث بالهاتف في عصبية ، ليري مزيدا من صور جمعت"حسام"بـ"عبير"في شتي الأوضاع الغرامية الرومانسية ..
إنتبهت"عبير"إليه ، فقطبت حاجبيها مستغربة ، ثم مدت يدها و لكزته علي معصمه قائلة:
-خالد ! مالك ؟؟
رفع عينيه عن الهاتف و نظر إليها في حدة بالغة ، فإزدادت حيرتها و دهشتها ، ثم عادت تسأله:
-ايه يا خالد ! مالك ؟؟
نهض من موضعه فجأة ، فإنتفضت علي أثر عصبيته المفاجأة ، بينما توجه نحوها مسرعا ، ثم رفع الهاتف إلي مستوي نظرها كي تتمعن صورتها المخزية ، تسمرت عينيها علي شاشة الهاتف ، فتسارع وجيب قلبها ، و راحت تلهث في وجل ، عقلها توقف عن التفكير ، لم تسطع تدارك الأمر ، فيما أفاقت من نوبة صدمتها علي صوته المتهدج إنفعالا:
-هو ده ؟؟
إرتجف قلبها حين حولت نظرها إليه ، شاهدت مزيج هائل من الغضب و العذاب بعينيه ، فترقرقت الدموع بعينيها ، بينما عاد يسألها مزمجرا:
-هو ده يا عبير ؟ هو ده اللي سلمتيله نفسك ؟ هو ده حبيبك ؟؟
-كان.
هتفت صارخة و دموعها تنساب بغزارة دفعة واحدة علي وجنتيها ، ثم تابعت بصوت ضعيف مرتجف:
-كان يا خالد .. البني ادم ده دمرني و انا بكرهه .. كان اكبر غلطة في حياتي .. اد ايه بتمني الزمن يرجع بيا شوية و انا عمري ما كنت هعمل اي حاجة غلط من اللي عملتها.
إنتحبت بمرارة ، ثم رفعت يدها و كفكفت دموعها ، ثم عادت تنظر إليه في سرعة متسائلة و الدموع تبرق بعينيها الحمرواتين:
-بس انت جيبت الصور دي منين ؟؟
لم يجيبها ، بل تركها مندفعا صوب باب المنزل ، فهرعت خلفه صائحة:
-خالد .. خالد رايح فين ؟ اقف كلمني لو سمحت هتروح فين ؟؟
جذبته من ردائه الذي كاد أن يتمزق لشراستها و هي تصرخ به أن يعود ، بكت علها تلين قلبه بدموعها ، لكنه دفعها عنه بصرامة ، ثم خرج من البيت ، متوجها نحو سيارته .. أمسك بالهاتف و هو يحاول بجهد أن يتذكر رقم أحد الأفراد المهمين بالشركة ، ضرب الأرقام متمهلا ، ثم ضغط زر الإتصال .. إنتظر لثوان بدت دهرا ، حتي أجاب الطرف الأخر:
-الو !
-مراد .. انا خالد .. خالد نصار.
-اهلا اهلا يا خالد بيه .. و الله ما مصدق نفسي مبسوط بمكالمتك اوي .. خير يا باشا في حاجة ؟؟
باغته"خالد"بجدية بالغة:
-عايز عنوان حسام ثابت يا مراد.
-قصدك حسام شريف ثابت بتاعنا ؟؟
-ايوه هو.
إتسم صوت"مراد"بجدية مماثلة و هو يسأل بقلق:
-خير يا خالد بيه ؟ انت عايزه في حاجة مهمة للدرجة دي ؟!
بصوت متهدج إنفعالا أجابه:
-عايزه في حاجة مهمة اوي.



كانت ممدة علي الفراش في هدوء ، بينما تركها وحيدة للتو متوجها نحو الحمام ، شدت الغطاء الأبيض علي جسدها جيدا ، فيما لاحت إبتسامة خفيفة علي شفتيها و هي تتذكر تفاصيل اللحظات الفائتة ، كان رقيقا علي غير العادة ، و كانت طيعة ، تتبع خطواته الخبيرة ، كانت تتجاوب مع خلجاته بشغف ، غمرها شعور هائل بالعطاء دون تردد ، و في ذروة مشاعرهما ، وجدت"داليا"نقطة ضعفه ، لقد تأكدت بما لا يقبل الشك ، أنه إنسان دافئ ، يتفاعل مع عواطفه و أحاسيسه كأي رجل عادي ، و ما تصرفاته القاسية و بروده و عدم إكتراثه سوي أقنعة يختفي خلفها الرجل الحقيقي بداخله ، فيما لو حاولت تحدي رغباته و إراداته ..
أحست من طريقته تلك المرة ، إنها ليست مداعبات رجل يتمتع بوقته لفترة قصيرة فقط ، بل هو أصر علي منحها كنوز الظلام و ثروات الليل الدفينة ، لأول مرة شعرت بإنه يحبها و يريدها ، لم ينقصه سوي الإعتراف ، كانت لتري كل شيء كاملا لولا أنه لا يزال متمسكا بتمرده الذي منعه عن سكب كلمات الحب بأذنيها ، و لكن لا بأس ، فقد أبدي تحولا رائعا حين بدأ يترجم أحاسيسه لأفعال لا يعرف كيف يشكلها بلسانه إلي كلمات ، أو لا يريد بمعني أوضح ..
أفاقت من غيبوبتها الحالمة عندما خرج من الحمام مبتل الخطي ، لاففا حول خصره منشفة و ممسكا بأخري في يده يجفف بها شعره ، وجهت نظرها إليه في صمت ، بينما تعالي فجأة صوت رنين هاتفهه ، فإتجه نحو الطاولة قرب الفراش و إلتقط الهاتف ، ليجد الرقم مجهول ، قطب جاجبيه مستغربا لكنه أجاب بالنهاية:
-الو !
ليصل إلي سمعه صوت يبكي صارخا:
-الحق خالد يا عز.
تعرف فورا علي صوت محدثه ، إلا أنه تجاهل كل شيء مهتما بأمر"خالد"فسأل بقلق حاد:
-ماله خالد ؟؟
قصت عليه"عبير"كل ما حدث ، فلم ينتظر أكثر و أغلق الخط معها ، إستخدم نفس طريقة"خالد"و أجري الإتصال بموظفه"مراد"و طلب منه عنوان"حسام" ، فأجاب"مراد"بإستغراب بالغ:
-هو ايه الحكاية انهاردة ؟ مالكوا بـ حسام ثابت بس ؟؟
و لكنه رضخ بالنهاية إلي طلب رب عمله ، بينما سارع"عز الدين"إلي الخزانة بعد أن أغلق الخط معه .. إرتدي ملابسه علي عجل ، فيما إنتصبت"داليا"نصف جالسة علي الفراش و سألته:
-ايه في ايه ؟ في حاجة حصلت ؟؟
لم يجيبها ، بل غادر الغرفة ثم القصر بأكمله مسرعا ، متجها إلي المكان حيث أرشده"مراد"و حيث يوجد"خالد"الأن .. كان يقود سيارته بسرعة رهيبة ، و كاد يصطدم بأكثر من سيارة بطريقه ، حتي وصل أخيرا أمام البناية الحديثة ، رأي من خلال زجاج سيارته ، إلي جانب الطريق سيارة"خالد"مصفوفة بإهمال ، فترجل من سيارته مسرعا ، ثم إندفع راكضا نحو المنزل .. صعد درجات السلم قفزا حتي وصل إلي الطابق السادس ، حيث ترامي إلي سمعه صوت نزاع حاد ، إتجه نحو شقة"حسام"لاهثا ، ليري"خالد"و"حسام"كل منهما راح يلطم الأخر و يضربه بكل ما أوتي من قوة ..
لم يفطن أحدا منهما إلي إقتراب الرجل الثالث الذي عمد بقوته إلي الفصل بينهما ، نظر إليه"خالد"بإستغراب بالغ و هو يلهث إعياءً ثم صاح منفعلا:
-انت ايه اللي جابك يا عز الدين ؟ امشي.
قبض"عز الدين"علي ذراعه بقوة مكبلا حركته ، بينما إنسل"حسام"من العراك الحاد مسرعا ، ثم توجه إلي غرفته ليحضر سلاحه ، و ما لبثا أن يلحقا به حتي عاد و هو يشير لهما بالسلاح مهددا ، واقفا يتراقبان حركاته بحذر ، إلي أن إستدار ببطء حولهما و غادر بيته راكضا ، فركضا خلفه حتي وصلا إلي الأسفل ... و من دون سابق إنذار إلتفت"حسام"إليهم ، ثم صوب السلاح بعشوائية نحوهم و أطلق إحدي الرصاصات مسرعا ..
تجمد"عز الدين"بأرضه ، كما تسمر"خالد"بمكانه عند صوت إطلاق النار ، خر"عز الدين"صريعا و سرعان ما خضبت الدماء قميصه الأبيض ، فأسرع"خالد"إليه ، بينما فر"حسام"راكضا و هو لا يري أمامه من فرط التوتر الذي عصف بكيانه ، ليلقي حتفه حين صدمته بعنف تلك السيارة علي الطريق السريع ، فسقط أرضا ، لتتلاشي أنفاسه ، و لتفارقه روحه فورا ، ، لقد نال جزاءه ، لقد نال ما يستحقه ..
فيما ركع"خالد"أرضا إلي جانب"عز الدين"الذي غاب عن وعيه بصورة سريعة ، بينما إتسعت عينا"خالد"في ذعر عندما شاهد الدماء تتدفق بغزارة من الجرح العميق بصدره ... هتف بخفوت ذاهلا:
-عز الدين !!



حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖حيث تعيش القصص. اكتشف الآن