تابع الفصل 1

21.3K 548 3
                                    



وقفت أمام مرآتها .. ألقت نظرة أخيرة علي نفسها فتنهدت بسعادة راضية عن مظهرها المثير و ملابسها الفادحة التي و لابد و أن تدير رؤوس معظم الرجال لها ثم خرجت من غرفتها ..

إجتازت مسافة قصيرة بالرواق العلوي و قبل أن تهبط الدرج سمعت صوت غريب آت من داخل حجرة شقيقها ، توقفت للحظة ثم إستدارت و ذهبت لتتفقد الأمر بنفسها و من دون إستأذان فتحت باب الحجرة و طلت برأسها لللامام ثم جالت بنظرها بإرجاء المكان حتي شاهدت أخيها مستلقي علي فراشه غارقا في النوم ، وجهه شاحب اللون به كدمات بسيطة ، شهقت من الصدمة و توجهت مسرعة نحو النوافذ لتزيح الستائر جانبا ليغمر ضؤ الشمس الغرفة و ينيرها بينما أزعجه الضؤ الخافت الذي سرت آشعته إلي الغرفة فتململ في فراشه بضيق قبل أن يفتح عينيه و عندما رآها أمامه حملق فيها بغضب ثم صاح بعصبية:

-انتي ! .. بت انتي انا مش قلتلك مليون مرة تخبطي قبل ما تدخلي عليا اوضتي ثم دخلتي ليه اصلا و كمان بتضايقيني اكتر و بتفتحي الستاير ؟! و ربنا لولا اني تعبان كنت قمت كسرتك.
إعتادت شقيقته علي تلك الوقاحة التي دائما ما تبدر منه فتجاهلت إهانته قائلة:
-اولا انا مادخلتش الا لما سمعتك بتقول آه او حاجة زي كده دخلت اطمن عليك مش اكتر بس شكلي كنت غلطانة اصلا .. ثانيا بقي انا لو كنت خبطت علي حضرتك عمرك ما كنت هتقوم و لا حتي كنت هترد كالعادة بس بما انك رديت عليا باسلوبك المعتاد ده خلاص انا اطمنت كده انك قرد مافكش حاجة .. بس ايه اللي في وشك ده يا عموري ؟ مين اللي روقك كده ؟؟
إرتفع"عمر"بجذعه ساندا ظهره إلي حائط فراشه و إرتكز علي مرفقه فسقطت الأغطية حتي وسطه حيث بدا صدره العاري فيما قال لها بإستنكار متهكم:

-مين ده يا بت اللي يعرف يروقني ؟! .. دي اصابات خفيفة زي ما انتي شايفة مجرد خرابيش عايزة تشوفي اللي اتروقوا بجد كنتي تيجي الحامعة انهاردة الصبح.
-و ايه اللي حصل في الجامعة انهاردة الصبح ؟؟
-ابدا و لا حاجة .. اتخانقت مع شلة عيال كده و واحد من الامن حب يتدخل فأخد نصيبه هو كمان.

جلجلت بإذنه ضحكة شقيقته المرحة الصاخبة بينما سألته:
-و بعدين يعني ؟ .. بعد كل ده ايه اللي حصل ؟؟
-مافيش .. روحنا علي مكتب العميد فكتبلي جواب فصل قمت مقطعه قدامه و مشيت ماعرفش بقي عمل إيه مع الباقي.
شهقت"عبير"بصدمة قائلة:

-يا نهار اسود .. اترفدت يا عمر ! .. دي هتبقي ليلة سودة لو اخوك عرف.
-مايعرف يعني هيعملي ايه انتي فاكراني عيل صغير هيحرمني من المصروف و لا هيعلقني من رجلي في السقف.
-يابني الصياعة دي مش هتنفعك قدامه ابقي استلقي وعدك بقي .. شفت اخرت تصرفاتك الطايشة ؟؟

تأفف قائلا:
-بقولك ايه يا بت .. غوري من قدامي دلوقتي مش عايز اسمع حرف زيادة يلا امشي.
أومأت رأسها قائلة:
-ماشي ياخويا ماشية .. استمتع بقي بوقتك او باللي فاضل من وقتك قبل ما يرجع عز الدين.
ثم إلتفتت و قبل أن تذهب إستوقفها قائلا:
-استني هنا يا بت .. رايحة فين كده بالهدوم دي ؟؟
إستدارت مرة أخري لتكون في مواجهته ثم قالت:
-رايحة party في بيت لينا صحبتي ايه ؟؟
برقت عيناه بإبتسامة خبيثة ثم قال:
-لينا ! .. البت الشقرا ام شعر كيرلي دي ؟؟
-ايوه ياخويا هي.
-طيب ما تاخديني معاكي .. من زمان و انا نفسي اتعرف.
ضحكت بقوة قائلة:
-ياخويا اقعد علي جنب .. هتيجي معايا ازاي و هتتعرف ازاي و انت مشلفط كده هههههه ؟؟
في ثانية إختفت إبتسامته بينما إستمرت تضحك فأمسك بوسادته و قذفها بها فصرخت راكضة إلي الخارج ... !



أسدل الليل ستاره حين إنقضت الطائرة ذات اللون الفضي في مدرج مطار القاهرة الدولي .. وصل"عز الدين"أخيرا إلي الأراضي المصرية ..
بعد أن أنهي كافة الأجراءات بالمطار غادر برفقة"خالد" .. إستقلا السيارة معا قام بتوصيل "خالد"أولا ثم توجه إلي منزله .. علي بوابتا ذلك القصر الفاخر توقف"عز الدين"بسيارته الفارهة حتي إنفتحت له الأبواب فإنخرف بالسيارة إلي اليسار و سار مسافة قصيرة حتي توقف تماما ، دخل"عز الدين" منزله إجتاز بهو طويل أرضه رخامية بيضاء مضاء بمصابيح و ثريات برونزية مصقولة بإناقة بين الركائز و الأعمدة الفخمة التي تتوسطها مرايا كبيرة محفورة بداخل الحائط موضوعة علي الأثاث العاجي الضخم ، و في وسط القاعة الكبيرة التي تكفي للإستضافة حشد عظيم وقف و هتف بإسم أحد الخدم .. لم تمر لحظات حتي أتت بنت متوسطة في العمر ترتدي يذلة العمل البيضاء .. إنحنت أمام"عز الدين"لتحييه ثم قالت:
-حمدلله علي السلامة يا بيه.
إبتسم"عز الدين" إبتسامة لم تصل إلي عينيه ثم قال:
-الله يسلمك يا فاطمة .. عاملة ايه ؟؟
-الحمدلله يا بيه بخير.
-طيب كويس .. اومال فين عمر و عبير ؟؟
-عمر بيه رجع من الضهر و لسا في اوضته و باين نايم .. و الست عبير خرجت من بدري و لسا مارجعتش.
ثم صمتت قليلا و سألته:
-تخب احضرلك العشا ؟؟
-لالا يا فاطمة .. روحي انتي نامي انا اكلت في الطيارة.
أومأن الفتاة برأسها ثم إنسحبت بهدوء .. بينما شعر"عز الدين"بألم في رأسه كان يود أن ينتظر أخته و لكن غلبه الألم كثيرا فصعد إلي غرفته ليستريح ... !


أستيقظت"داليا"في الصباح التالي متأخرة .. قامت منتفضة من فراشها تركض إلي حجرة الجلوس لتنظر في الساعة المعلقة هناك .. لقد تأخرت في النوم كثيرا أسرعت إلي غرفتها و بدلت ملابسها بسرعة غادرت المنزل علي عجل و سارعت بإستيقاف سيارة أجرة ، أخبرت السائق بالمكان الذي تقصده .. دقائق و كانت أمام مقر الشركة ، أعجبها المكان كثيرا لرقيه و تأثيثه الأكثر رقيا ، عندما دخلت إلي الشركة كانت السماعات المنتشرة في جوانب السقف تبث موسيقي هادئة متناغمة متوافقة مع الديكور الداخلي .. ساعدتها تلك الأجواء في إستعادت حيويتها ..
كانت هناك فتاة ذات مظهر أنيق خلف مكتب الإستقبال ، حدثتها بصوت خافت و أعطتها إستمارة لتملأها ..
لم تكن"داليا"متأخرة كثيرا .. يوجد ثلاث أو أربع فتيات في إنتظار المقابلة الشخصية ، أخذت"داليا"الإستمارة و جلست علي أحد المقاعد الوثيرة الموزعة في قاعة الإستقبال ، أسندتها إلي منضدة صغيرة بجوارها و بحثت في حقيبة يدها عن قلم و عيناها علي الأخربات .. واحدة فقط لفتت نظرها بملابسها الأنيقة الأخريات لم تري فيهن منافسا محتملا ، كن إما صغيرات جدا أو كبيرات جدا ..
نظرت إلي الإستمارة فوجدتها مليئة بعشرات الأسئلة عن مؤهلاتها و خبراتها و عن بياناتها الشخصية و كذلك عن أحلامها و أفكارها و طموحاتها و نظرتها للمستقبل و مدي رغبتها في الإستقلال و إنشاء عمل يخصها .. لم نكن قد رأت شيئا كهذا من قبل .. لم تملأ أساسا إستمارة سيرة ذاتية كهذه في أي عمل تقدمت له من قبل ، و في ذروة تركيزها سمعت صوتا يقول:
-......... !!

حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖حيث تعيش القصص. اكتشف الآن