سمعت همسًا باسمها، كان بعيدًا وشبه مسموع، شيئًا فشيئًا صار الهمس أقرب حتى شعرت أن مصدر الصوت بجانبها تمامًا، يردد: ديانا، استيقظي أرجوكِ.

فتحت عينيها على مصراعيهما، شهقت طلبًا للهواء، شعرت وكأنه لم يدخل جسدها منذ زمن بعيد.

زفرت كارمن بارتياح وأمسكت يدُها الناعمة يدَ ديانا وقالت: يا إلهي العزيز، كاد الخوف يقتلني.

استغرقت ديانا بضع لحظات حتى تمكنت من استعادة وعيها تمامًا في حين سألتها كارمن بلطف يشوبه القلق: كيف تشعرين الآن؟

أجابتها بهمس وصوت متحشرج:

- أفضل حالًا، ماذا حدث معي؟

- توقفتِ عن التنفس، ونبضات قلبك انخفضت بشدة، كدت أموت رعبًا، ديانا.

ألحقت حديثها بتنهيدة راحة وابتسامة تنير ملامحها الفاتنة.

لم تَرُد؛ فهي تغوص في بحر أفكارها الذي لا قاع له، لكنها أجبرت عقلها على الرجوع إلى وعيه والنظر إلى رفيقتها راغبةً في الحديث، لولا مقاطعة تلك الطرقات المنتظمة على الباب لها.

أذِنَت كارمن للطارق بالدخول، ففُتح الباب وكشف عن رجل، توسّعت عينَا ديانا بصدمة، لم تعد تشعر بنبضات قلبها وكأنه توقف عن العمل.

وقف أمامها ويليام أندرسون بطلّته المميزة ذات الجمال الذي يخطف الأنفاس، ارتدى سُترة سوداء دون أكمام، طولها يصل ركبتيه، أسفلها قميص أبيض أُهملت أزراره العلوية، وحُشرت أطرافه داخل بنطاله ذي اللون المماثل لسترته، خصلاته الكستنائية تداعب عنقه دون أن تتجاوزه لتجعلها ذات طول مثالي، وزادت من جاذبية ملامحه تلك العينان اللتان امتزجت بهما زُرقة السماء وخُضرة الأرض؛ لتكمل لوحة أبدع الخالق في رسمها.

إنه هو! ذلك الطيف الذي أراه في يقظتي ومنامي، فكّرت ديانا بأنفاس مخطوفة وحرارة غريبة تجتاح جسدها الواهن، شعرت وكأن نارًا أُضرمت داخل جسمها بالكامل.

أشاحت نظراتها المصدومة بتوتر خجِل، شعرت بانتفاضة جسدها وكأنه صُعق بواسطة البرق، دفءٌ غريب ينتشر على طول عِظامها مدّها بشعور عجيب عجزت عن تفسيره.

نظر كلٌّ من ويليام وكارمن نحوها باستغراب وصدمة، تحولت عيناها تدريجيًا للون الأزرق وامتزجت بالفضي ثم الأحمر الغامق، وتحول شعرها شيئًا فشيئًا إلى البني المحمر بلمعة عجيبة.

كانت تبدو وكأن روحها ستخرج، طبقت شفتيها معًا لتكبح صوت أنينها، لم تستطع إغلاق عينيها، شعرت وكأن نارًا تحرقها.

الإفاسيسا: فجر دياناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن