:: بشرى الشفاعة ::
كنت أضج أحيانا من الجراحات التي برأسي وبدني ، ولقد كنت غافلا عنها بسبب اندفاعي لمقارعة الذنب وللفرحة التي أعقبتها ، وكنت أخشى أن تعيقني عن مواصلة الطريق .
لم نقطع من الطريق إلا قليلا فجلست على الأرض وطلبت من ( حسن ) شيئا من الاستراحة ، فرجع إليّ وقال : الوقت قليل فلا بدّ من المسير بأيّ نحو كان .
قلت : أما تراني لا أقدر ؟
وكعادته في مواساته لي ، تقدم نحوي وقال : ليت تقواك أكثر من هذا بقليل لاستطاع درعك دفع الضربة التي نزلت عليه كسائر الضربات .
ألقيت بنظرة على الدرع ، والألم قد سلب مني الراحة ثم قلت : العجب لهذا الدرع الذي لم يستطع المقاومة أمام تلك الضربة رغم ضخامته .
فأجابني ( حسن ) مباشرة ، إنك لم تصم سنة كاملة بعد بلوغك ، أما بقية الأيام فإنك ربما أذهبت أثرها بأعمال غير مرضية .
استولت عليّ الحسرة والندامة والخجل ، فأخذ ( حسن ) بيدي وأنهضني من الأرض وقال : لو استطعت الوصول إلى وادي الشفاعة فهنالك أمل في مواصلتك الطريق مشافى وبسهولة : كان اسم الشفاعة معروفا لديّ كثيرا ومبعث تفاؤل لي في الدنيا ، لذا فقد أسرعت بالسؤال : أين هذا الوادي ؟
فأشار ( حسن ) إلى الأمام وقال : إلى الأمام قليلا ، ثم واصل قائلا : إن الشفاعة تتعلق بالقيامة الكبرى لكنك تستطيع الآن أن تفهم إن كنت من أهلها أم لا ، فإن بشروك بها فإنك ستستلهم روحية جديدة وتطوي بقية الطريق بكل يسر .
كنت أحيط بيدي على رقبة ( حسن ) ونواصل طريقنا بصعوبة بالغة .وحين مسيرنا قلت لـ ( حسن ) : لو كنت أستطيع العودة إلى الدنيا لأخبرت أهلها : إن خير الزاد التقوى . فهز ( حسن ) رأسه وقال : وهو كذلك بالطبع ، ثم سكت ولم أعد أقدر على مواصلة طريقي إذ عمّ الألم جميع كياني فطلبت من ( حسن ) العون فحملني على كتفيه وسار .
وأنا في تلك الحال قلت له : أتستطيع حملي على ظهرك حتى نصل وادي السلام ؟
قال : لا إذن بالدخول لوادي السلام لمن ضربه ذنبه وجرح بدنه ، فأدركت أن لا مناص لي سوى أن تدركني الشفاعة وحسب .
أخذنا خطوة فخطوة نحو وادي الشفاعة يحدونا الأمل ، وأحيانا يقشعر بدني ويهتز كياني لئلا تدركني الشفاعة ، ولم يكن لديّ سوى ( حسن ) الذي يؤنسني في تلك الحالة .
أخذ المناخ يتحسن شيئا فشيئا فقد انخفضت درجة الحرارة ولم يبق من الدخان المتراكم في السماء سوى طبقة خفيفة وكنت أتجرع كل أنواع الألم والعذاب بغية الوصول إلى وادي الشفاعة .
YOU ARE READING
مسير الارواح في البرزخ (قصة مكتملة)
Mystery / Thrillerالاحتضار:منذُ أيام عمّ الألمُ جسدي وأخذ يؤذيني .. وبدأت علامات الموت تدنو مني وحلّت بي حالة الاحتضار . لم اكن اتوقع ان هذا ماسيحدث معي , كل شي بدآ مختلفاً, اصبحت في عالم ثاني .. الان حان موعد رحيلي "قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإ...