::إلى النار ::
وأنا أرتعش من شدة الخوف والرهبة , سألته : إلى أين ؟ فأشار الذنب إلى جبل إلى يساره وقال : خلف هذ الجبل هنالك وادي جميل أودّ أن تبقى فيه إلى يوم القيامة .
كنت أعلم أن لا جدوى من العناد واللف والدوران , فسرت في الطريق الذي أشار إليه , فتقدم هو مسرورا ً عجولاً وبين الحين والآخر يلتفت ويشجعني على مواصلة الطريق .
وبالرغم من أنني لو أرَ خيرا ً من الذنب بشاراته المتكررة وسروره الغير مبرر حفّزني على الاستمرار في المسير .
أخذت أفكر مع نفسي عسى أن ألتقي بـ((حسن)) خلف الجبل , ولعلّ وادي السلام يقع خلف الجبل وأنّ الغبار قد أدناني منه , ولكن هل يمكن الوصول إلى وادي السلام بدون ((حسن)) ؟
قطعنا منتصف الجبل فتناهت إلى مسامعي أصوات نحيب , فواصلت الطريق دون أن أكترث لها , وكلما اقتربنا من قمة الجبل يزداد صوت النحيب حتى استحوذ عليَّ الخوف والرعب فتوقفت وقلت للذنب :
ما هذه الأصوات التي أسمعها , فأجاب الذنب مضطربا ً : أية أصوات ؟
قلت : هذه الأصوات والصرخات التي تصدر من خلف هذا الجبل فتقطع فؤادي .
قال الذنب : إنني لا أسمع صوتا ً لعلها هلاهل وأفراح أهالي تلك المنطقة المنعّمين .
فقلت له : إنني أسمع أصواتاً وصرخات أشبه ما تكون بالصياح والعويل .
فقال الذنب : قلت لك إنني لا أسمع صوتا ً فلا تضيّع الوقت بلا داعي , واصل الطريق بسرعة فالوقت ضيّق والطريق طويل .
هنا فهمت أن الذنب يخفي شيئا ً وهو يتظاهر بعدم السماع , ولم يكن هنالك من مناص فلقد أبعدني الغبار عن ((حسن)) وأصبحت الآن أسيراً بيد الذنب , يا ليتني لم أترك ((حسن)) بيد أنّ الغبار كان من القوة بحيث أبعدني عنه .
كنت أسير خلف الذنب بين طيّات الجبل يعتريني الشك والتردد وإذا بي أسمع صوت ((حسن)) وهو يصيح بي : قف جانبا ً , ففعلت وإذا بصخرة كبيرة تسقط على رأس الذنب ألقت به في قعر الوادي .
عندما شاهدت ((حسن)) مقبلا ً عليَّ من أعلى الجبل واحتضنني , سررت لرؤية ذلك الوجه الجميل والعطر الفواح ووضعت رأسي على كتفه وأخذت أبكي .
قال لي ((حسن)) وهو يمسح دموعي والبسمة ترتسم على شفتيه : ماذا تفعل هنا يا صديقي ؟ أتدري أين أنت الآن ؟
قلت : كلا , فهرَّ ((حسن)) رأسه وقال : إنَّك على شفا وادي العذاب , لقد سمعت باسم هذا الوادي سابقا ً من ((حسن)) لكنني لم أصدق أبدا ً أنني سأقترب من هذا الوادي الخطير , طلبت من ((حسن)) أن يحدّثني عن هذا الوادي فاستجاب لي وقال : إنّه مستقر الذين يعجزون عن العبور من برهوت ولن تكون لهم القدرة على العبور من الصراط يوم القيامة وبالتالي فإنّهم سيسقطون في قعر جهنم, وهنا تلفحهم نفحة من نيران جهنم , أما في القيامة فإنّهم سيستقرون فيها .
لقد أرعبني اسم وادي العذاب ووقوفي على شفيره, وبعد أن هوَّن ((حسن)) من روعي دعاني للاستراحة قليلا ً لرفع التعب .
YOU ARE READING
مسير الارواح في البرزخ (قصة مكتملة)
Mystery / Thrillerالاحتضار:منذُ أيام عمّ الألمُ جسدي وأخذ يؤذيني .. وبدأت علامات الموت تدنو مني وحلّت بي حالة الاحتضار . لم اكن اتوقع ان هذا ماسيحدث معي , كل شي بدآ مختلفاً, اصبحت في عالم ثاني .. الان حان موعد رحيلي "قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإ...