قصة المريض تان تان

201 7 5
                                    


عندما بلغ من العمر 30 عامًا، فقد لويس فيكتور ليبورجن قدرته على الكلام – أو الكلام بأي طريقة مفهمومة. عقب إدخاله إلى «بيكتر»، وهي مستشفى في ضواحي باريس تتخصص في الأمراض العقلية، تمكن فقط من نطق مقطع لفظي واحد: «تان». ترافق هذا المقطع مع حركات معبرة باليد ونبرات صوتية مختلفة، لكنه كان المقطع الوحيد الذي تمكن ليبورجين من نطقه. بحلول وقت وصوله إلى المستشفى، كان غير قادر على الكلام بشكل مناسب منذ حوالي شهرين إلى ثلاثة أشهر. ورغم أن عائلته ظنت أن حالته قد تكون مؤقتة – ففي النهاية، كان يتعامل مع الصرع بنجاح لسنوات عديدة – سيظل ليبورجن هناك حتى موته، بعد 21 عامًا.

المريض «تان»

بغض النظر عن عجزه عن الكلام، لم يُبدِ لويس فيكتور أي مؤشرات على حدوث صدمة جسدية أو إدراكية. لقد بدا ذكاؤه غير متأثر، حيث كانت قدراته العقلية والجسدية سليمة ومتجاوبة. كما بدا فاهمًا لكل شيء يطلب منه، وفعل ما بوسعه ليستجيب بطريقة جادة. رغم أن «تان» – وتنطق عادة مرتين؛ «تان تان» – ظلت الأمر الوحيد الذي أمكنه نطقه، لكنه لم يتوقف أبدًا عن محاولة التواصل.

لكن خلال عشرة أعوام، بدأ ليبورجن إظهار علامات أخرى على الشقاء. أولًا، أصيب ذراعه الأيمن بالشلل. وسريعًا، لحق بذراعه ساقه اليمنى، تراجعت قدراته البصرية، وكذلك قدراته العقلية. لقد بلغ مرحلة رفض فيها المريض «تان»، مثلما أصبح يطلق عليه، أن يخرج من السرير، وظل على ذلك الحال لما يزيد عن سبعة أعوام.

في إبريل 1861، أصيب ليبروجين بالغرغرينا، فأصبح جانبه الأيمن بالكامل ملتهبًا، وبالكاد تمكن من تحريكه. وفي 11 إبريل 1861، خضع لعملية جراحية، وهناك، التقى لأول مرة بطبيب فرنسي محدد؛ إنه بيير بول بروكا.


بيير بول بروكا

تخصص بروكا في دراسة اللغة، وفتنته حالة ليبورجن. إلى جانب الغرغرينا، قرر اختبار قدرات المريض ليرى مدى إمكانية تحديد نطاق إصابته. لقد كانت عملية صعبة؛ بما أن ليبورجن كان أيمن، فلم يعجز عن الكلام فقط، بل وعجز عن الكتابة أيضًا؛ ما جعل عملية التواصل صعبة. ومع ذلك، تمكن ليبورجين من الإشارة بيده اليسرى – وبينما الكثير من الإشارات كانت مبهمة، عندما تعلق الأمر بالأرقام، احتفظ بقدر مدهش من السيطرة، حيث تمكن من قراءة الوقت بالثواني على الساعة، عرف بدقة مقدار الوقت الذي قضاه في المستشفى. لقد تراجعت قدراته بالفعل، لكن بشكل ما ظل متقد الذكاء.

عندما تعلق الأمر بالكلام – مجال اهتمام بروكا الرئيسي – كان ليبورجن ميؤوسًا منه تمامًا، مثلما وصف بروكا حالته لاحقًا، حيث قال:

لم يعد قادرًا على نطق أي مقاطع لفظية سوى «تان»، والتي يكررها عادة مرتين متعاقبتين أيًا كان السؤال الموجه إليه، كانت إجابته دائمًا «تان، تان» مصحوبة بإيماءات تعبيرية مختلفة. لذلك، طوال إقامته في المستشفى، كان يعرف باسم «تان».

موسوعة طبية .... NfoMED Where stories live. Discover now