زفاف وعرائس ثلاث

7.1K 215 34
                                    


نظرت ماى باتجاه مارش و جانيوارى بسخط ظاهر وقالت:طلا أستطيع التصديق بأنكما كنتما على علم بالحقيقة على الدوام"
أنتقل الثمانية إلى السكون التى تمثله شقة جود فى الفندق بعد اعتراف جانيوارى ومارش بالحقيقة . تحلق الرجال الأربعة فى الناحية الأخرى لغرفة الجلوس الواسعة وانشغلوا بأحاديثهم الودية تاركين النسوة الأربع للأجواء الحميمية التى كن يحياجنها كثيراً حتى بعيدان عن رجال حياتهن. مع أن ماى لم تكن متأكدة تماماً بشأن (رجل حياتها) ولم تكن لديها أدنى فكرة عما ستفعله هى و جود بشأن (خطوبتهما) عندما ينتهى هذا النهار....
هزت مارش كتفيها مستنكرة وقالت :"أنتِ وأبى كنتما حسّاسين بالنسبة للموضوع لذلك لم نأتِ على ذكره أبداً "
التفتت بعد ذلك إلى أبريل وخاطبتها بصوت أجش قائلة :"كنت أعرف أنا واختى هذه الحقيقة منذ أن شاهدنا أحد أفلامك . لا أحد يستطيع نسيان أمه "
أكدت جانيوارى على كلامها بالقول :"بالتأكيد لا"
بعد ذلك التفتت نحو أبريل وأبلغتها بحياد:"كنا فخورتين بك لكن بصمت"
اضطربت ماى إلى كبح دموعها مرة أخرى عندما سمعت اعتراف شقيقتيها وتحالفهما على الصمت بشأن موضوع والدتهما واستطاعت أن تلاحظ تأثر أبريل أيضاً وتمنت فى سرها ألا تتسبب المرأة الأخرى بأذيتهما مجدداً.
أبتلعت أبريل ريقها بصعوبة وشحب وجهها ثم بدأت تقول:" أنا........"
لكن مارش تدخلت بحدة قائلة :"مع أننا كنا غاضبتين منك قليلاً بالطبع"
ثم أضافت :"ربما كنا فخورتيين بك لكننا كنا نتمنى أن تكونى معنا فى المنزل"
أغمضت أبريل عينيها قليلاً لكن الدموع استطاعت ان تشق طريقها فوق خديها الشاحبين وقالت :"صدقوا او لا تصدقوا كنت أفضل أن أكون فى المنزل معكم , كلكم....."
ـ لكن....
كررت أبريل بحزم بالرغم من اعتراض ماى :"معكم كلكم "
قالت ذلك مركزة نظراتها وتابعت تقول كلامها :"لقد أحببتكن أنتن الثلاثة لكننى أحببت والدكن كثيراً أيضاً"
شعرت ماى بأن عواطفها تغلبت عليها تماماً وبالرغم من أن جود قد أخبرها بأن أبريل لم تتزوج ثانية فهى لم تفكر بالسبب الذى حملها على ذلك وهو حبها الشديد لوالدها....
تأوهت أبريل بشدة وقالت :"أعتقد بأن على شرح كل شئ لكن برغم أننى أنا نفسى لم أفهم كل ما حصل"
شبكت أبريل يديها فى حضنها بقوة ثم أضافت بتأثر شديد كنت فى الثامنة عشرة عندما تزوجت والدكن وكنت فى التاسعة عشرة عندما ولدت ماى وبالطبع جاءت مارش و جانيوارى تباعاً بعد ذلك . وكنا عائلة سعيدة جداً"
وهنا عبست أبريل قبل أن تتابع كلامها :"كان كل شئ على ما يرام وكنت منتسبة أنذاك إلى فرقة من الممثلين المسرحيين المحليين الهواة عندما لاحظنى أحد الوكلاء وعرض على دوراً فى مسرحية تجوب البلاد . وهكذا وصلت أخيراً إلى لندن لتقديم عرض يستمر ستة أسابيع "
أدركت ماى بأن الأمر يشبه ما عرضه عليها دافيد لدور فى فيلمه وأدركت أيضاً الإغراء الذى دفعها لقبول الدور برغم الفوضى التى كان غيابها سيسببها فى المزرعة. هل يعقل أن تكون أمها شعرت بالدافع نفسه على الرغم من وجود الزوج والأولاد؟
كشرت أبريل قليلاً وقالت :"بالطبع لم يسرّ جايمس بالأمر . رضخت لرغبته فى البداية مع أننى لم أكن مقتنعة لكننى أدركت بأن على أن أتحمل مسؤولياتى"
تماماً مثلماً أدركت ماى بأن لديها مسؤولياتها الخاصة تجاه مارش و جانيوارى . لكنها ألتزمت بهذه المسؤوليات أما والدتهن فلم تلتزم بالطبع بها.
ابتسمت ماى ابتسامة لا تنم إلا عن القليل من الثقة عندما تطلع جود نحوها بعبوس. كان من المبكر جداً فى هذه المرحلة من المحادثة معرفة أين ستصل بالضبط......
اعترفت أبريل بصوت أجش :"اردت ان أقوم بالدور من كل قلبى . كنت فى الرابعة والعشرين فقط عندما أتيحت لى الفرصة لأمثل وأذهب إلى لندن....كان الأمر أشبه بحلم رائع يتحقق"
تأوهت أبريل قبل أن تتابع كلامها :"وهكذا تحدثت مع جايمس مرة أخرى بهذا الشأن وشرحت له ان بإمكانى أن أحضر إلى البيت أيام الآحاد و ان الأموال التى سأجنيها ستسمح لنا بإحضار شخص يعتنى بكن وأن الأمر لن يستغرق أكثر من أسابيع عديدة. وما أن أفرغ من هذه المسرحية حتى أبعد الفكرة بكاملها عن ذهنى"
كانت ماى تعرف تلك الحاجة الملحة التى تتكلم عنها أبريل لأنها أحست بها قبل أسابيع قليلة.
هزت أبريل كتفيها وتابعت كلامها :"توسلت جايمس أن يسمح لى بخوض هذه التجربة لكنه وجه أنذاراً وقال بأننى إذا ما خرجت لتحقيق فكرة التمثيل فى مسرحية فعلى ألا أعود أبداً إلى البيت"
هزت أبريل كتفيها وشُحب وجهها وهى تتابع :"لم أظن بأنه يعنى ما يقول"
قالت مارش بتردد :"لكنه عنى ما قاله أليس كذلك؟"
أبتلعت أبريل ريقها بصعوبة وردت :"نعم , عنى ما قاله بالضبط . لم أصدق الأمر فى البداية ......."
ثم هزت رأسها متابعة كلامها :"جالت الفرقة بالمسرحية حتى مانشيستر وهناك وصلتنى رسالة من محام يتهمنى فيها بسلوك شائن لأننى هجرت زوجى و أطفالى الثلاثة وجميعهن دون سن الخامسة . بالطبع أتصلت بـ جايمس هاتفياً على الفور لكنه رفض أن يتحدث إلىّ قائلاً بألأن أى أتصال بيننا يجب أن يمر عبر المحامى من الآن فصاعداً "
كان ذلك كله جديداً بالنسبة لـ ماى . لكن بالرغم من غضبها من ابريل وحبها العميق لوالدها أستطاعت ان تدرك بأن والدها كان قادراً على تنفيذ ما تحدثت عنه أبريل . فمحبة ماى العميقة لوالدها لم تعميها عن رؤية الحقيقة القائلة بأن جايمس كالندر كان رجل قاسياً وغير متسامحاً
شدت أبريل قبضتها بإحكام حتى أن مفاصل أصابعها أبيضت تماماً وتابعت حديثها قائلة:"تمتع والدكن بحضانة كاملة لبناته الثلاثة فور حصول الطلاق لأنه أدعى بأننى والدة غير صالحة تركت أطفالها لصالح مهنة التمثيل وأنه لم يعد لى مكان إقامة دائم وأن مهنتى هى شائنة فى أفضل حالاتها. لم يكن لدى سوى وسائل محدودة للاتفاق مع والدكن "
بدأت الدموع تنهمر من عينى أبريل بغزارة مرة أخرى وأضافت بصوت متألم :"عدنا إلى المحاكم مرات عديدة لكن والدكن كان يأتى دائماً بالأسباب التى تحول بينى وبين حضانتكن عملياً وحتى مكوثكن معى لبعض الوقت . كثيراً ما كان يدعى بإن إحداكن مصابة بالرشح ولا يسمح للاثنيتين الأخرين بالمجئ من دونها أو يدعى بأن لديكم أنتم الأربعة خططاً لتمضية اليوم الذى أقترحته للقائكن. وبعد انتهائى من المسرحية لم أجد عملاً لكن ذلك لم يساعدنى بشئ حصوصاً مع إضطرارى للسكن فى بيت متواضع . وعندما أصبحت فى وضع يمكننى من إسكانكن معى كانت قد مرت ثلاثة سنوات وأكد جايمس لى أن أياً من البنات لم تعد تتذكرنى"
أدركت ماى بألم الآن بأنهن كن يتذكرن والدتهن تماماً...جميعهن تذكرنها فى ذلك الوقت. لا شك أن ماكس على حق . ففى الحياة لا شئ أبيض تماماً أو أسود تماماً لأن ظلال اللون الرمادى موجودة ما بين هذا وذلك.......
تابعت أبريل كلامها بصوت أجش :"لم اتوقف عن حب جايمس . وظل جزء منى يستمر بالأمل.....لكن ذلك الأمل لم يتحقق"
ثم تأوهت بنعومة :"خرج الوضع عن حدوده ولم يكن هناك من أرضية مشتركة نستطيع الاتفاق عليها ولم يكن موضوع الأطفال أسهلها "
ابتسمت قليلاً ونظرت إلى يديها لتقول:"وهكذا غادرت إنجلترا وذهبت إلى أميركا لأبدأ من جديد . وأصبح الباقى من الماضى كما يقولون"
ـ ليس تماماً .
تكلمت ماى أخيراً و وجدت نفسها متأثرة بدرجة أكبر مما ظنت بما سمعته للتو. تابعت قائلة :"أنت لم تغادرى إلى أميركا لأنك نسيتنا جميعاً..."
بدأ وكان أبريل صدمت بما توحيه كلمات ماى فردت مقاطعة :"بالطبع لا لم يمر يوم واحد لم أفكر بكن ومن دون أن أتساءل عن أحوالكن . لطالما أشتقت لأكون معكن فأشارككن ضحكاتكن . وأجفف دموعكن عندما تتعرضن للأذية أو للانزعاج . لكن الأمر كان صعباً جداً بسبب الوضع الناشئ ما بين والدكن وبينى وعكذا فقد......"
تدخلت ماى هنا وقالت:"أرسلت أموال إليه كى تساعدى فى تربيتنا"
ثم أومأت تأكيداً لكلامها باتجاه جانيوارى و مارش عندما رمتاها بنظرة تنم عن المفاجاة إذ لم تستطع الشقيقتان تذكر تدفق مبالغ ضخمة عليهما خلال فترة طفولتهما ز تابعت ماى كلامها :"لم ينفق أبى أى درهم منها واكتشفت بأن هذه المبالغ موجودة فى حساب مصرفى بعد وفاته"
ـ لكن..........؟
ـ كيف أستطاع أن يفعل ذلك؟
تدخلت أبريل لتقطع اعتراضات جانيوارى و مارش قائلة :"ارجوكا لا تلوما والدكما . لقد فعل ما ظن انه الأقضل "
تطلعت ماى نحوها قائلة:"أمازال بوسعك قول هذا بعد كل ما فعله بك...وبنا؟"
أضافت أبريل بتأثر شديد:"أخبرتكن...لقد أحببته على الدوام"
وتابعت ببساطة :"لم أعلم بأنه توفى سوى بعد الجنازة وبكيت عليه لأسبوع بعد ان علمت بوفاته . لا يتعين عليكن العيش مع شخص ما كى تبقين على حبه "
عبست مارش وهى تقول :"لكن بعد ذلك لماذا لن تأتى لتزورينا ؟"
تراقص شبح ابتسامة على شفتى أبريل وردت :"أظن بأننى فعلت ذلك"
أصبح كل شئ واضح أمام ماى الآن . صداقة أبريل المعلنة مع دافيد وعرضه عليها دوراً فى فيلمه الجديد الذى تلعب أبريل فيه دور البطولة....
نظرت ماى بإتجاه أبريل بعينين دامعتين وسألتها :"ه علم دافيد بأن الفتاة التى طلبت منه أن يشاهد تمثيلها هى فى الواقع أبنتك أنت؟"
أطلقت أبريل أبتسامة تقدير للذكاء الذى ينم عنه سؤالها فردت عليها معترفة:"لا. لم يعرف حتى ليلة أمس . شعر بالذهول تماماً مثل الباقين عندما علم"
منتديات ليلاس
قالت ماى بتأثر :"الست أنت من أرسله إلى يوركشاير ليشاهدنى فى المسرحية الإيمائية؟"
ها قد وضعت كل النقاط على الحروف الآن . لم يكن وجود دافيد بين المشاهدين تلك الليلة من قبيل الصدفة كذلك إصراره عليها لقبول الدور منذ ذلك الوقت ثم حضور أبريل شخصياً لتضيف ضغطاً أكبر
ـ تعيش شقيقة دافيد فى هذه المنطقة.....
قالت ماى مقاطعة إياها بنفاد صبر :"أعرف ذلك ومع هذا أنت التى تطلبتِ منه المجئ ومشاهد ة تمثيلى أليس كذلك؟"
بادلتها ابريل نظراتها بنظرة قلقة لكنه لم يكن ليعرض عليك الدور لو لم يقتنع بأنك مناسبة له"
ابتسمت ماى مشجعة وسارعت إلى طمأنة أبريل :"أعرف ذلك. لكن كيف عرفت بأمر مشاركتى فى التمثيل مع فرقة المسرحيين الهواة"
مرة أخرى ابتلعت أبريل ريقها بصعوبة :"قمت ببعض التحريات عنكن بعد موت والدكن ثم حضرت لمشاهدة لمشاهدتك تمثلين فى أحدى الأمسيات وذلك قبل أن أتحدث مع دافيد . أنا.....لا تغضبى منى يا ماى"
أضافت أبريل متوسلة بعد أن رأت الدهشة ترتسم على وجه ماى:"ألا تتفهمين بأنه كان علىّ رؤية إحداكن فى النهاية ؟"
عبست ماى وقالت:"حتى ولو لم نرك نحن؟"
أؤمأت أبريل بحزن ظاهر :"نــعــم"
هزت ماى رأسها ثم وقفت وقالت مؤكدة بصوت أجش :"لست غاضبة أبداً"
تحركت بعد ذلك إلى حيث كانت تجلس أبريل وتابعت كلامها :"لا أستطيع أن أصدق ما كنتِ تعانيه طوال هذه السنين......."
ثم همست بانفعال شديد.....يا إلهى! وأدرك بأن لك الحق فى.....آه يا أمى"
اختنق صوتها وانهمرت الدموع من مآقليها وهى تنحنى لتحتضن المرأة التى ما تزال.......أمها.
كان جود يراقب النسوة الأربعة باهتما كبير حتى وهو يعطى الانطباع بالمشاركة مع الرجال الثلاثة الآخرين . شعر بغصة كبيرة فى حنجرته لرؤية ماى تقف وتتحرك لتحتضن أبريل ولا سيما وهو يشاهد الدموع التى ملأت عيون المرأتين. ها هى الأمور تجرى فى مسارها الصحيح. أدرك جود ذلك حينما شاهد جانيوارى و مارش تقفان لتقوما بالشئ نفسه بينما وقفت ماى جانباً وهى تنتحب بقوة.
وجد جود نفسه يقف بصورة لا شعورية ويقول فجأة :"لو عذرتمونى أيها السادة"
لم يكلف نفسه عناء توجيه نظرة ثانية باتجاههم بل عبر الغرفة ليقف بجانب ماى وقال لها بنعومة :"تعالى معى"
أمسك جود ذراعها بحزم وأخذها إلى غرفة النوم المجاورة ثم أقفل الباب جيداً خلف قبل أن يأخذها بين ذراعيه. وأخذ يمسّد شعرها بينما استمرت بالبكاء على كتفيه ثم أبلغها بصوت أجش :"انا فخور جداً بك يا ماى فخور جداً"
أحب جود هذه المرأة.......أحبها بشدة....لكن رؤيتها وهى تبكى هكذا كان عذاباً مؤلماً بالنسبة إليه . سمحت ماى الدموع عن خديها واستطاعت رفع وجهها لتقول باشمئزاز :"يا لى من خرقاء! لا فكرة لدى لماذا استمر بالبكاء؟"
تحرك جود نحو الطاولة الصغيرة المجاورة للسرير وناولها نديلاً من العلبة الموجودة هناك مما أعطاها لحظات إضافية لمسح دموعها . أما النتيجة فلم تكن مشجعة تماماً كما أيقنت لأنها أحست بأنتفاخ فى عينيها وباحتقان فى أجفانها أما خداها فكانا مخضبين باللون الأحمر . لكطن بالنسبة لـ جود فمازالت تبدو جميلة بشكل غير معقول . حتى انه أراد أن يضمها ثانية بين ذراعيه......إلا أنه كان متأكداً من انها لن ترحب به فى هذه الأثناء.
منتديات ليلاس
تمتم جود فى أذنها بنبرة محايدة :"كان وقتاً مليئاً بالأنفعال بالنسبة إليكن جميعاً"
اعترفت ماى بصوت أجش مؤكدة له بحزم:"نعم أنا...سوف نتجاوزه يا جود. وكما أدركت لتوى الحب يجعل الناس يتصرفون بطريقة غريبة"
فكر جود باستجابة الخاصة تجاه وقوعه فى غرام ماى. من المؤكد أنه لم يكن مرتحاً جداً لهذا أم أن العكس هو الصحيح؟ أكد لها ببساطة:"نعم"
هل فات الأوان بالنسبة إليهما؟ وهل ستقدر ماى فى يوم من الأيام ان تسامحه على بعض الأشياء التى قالها وأقدم عليها فى الأسبوع المنصرم؟ تمنى جود ذلك من كل قلبه لأن فكرة العيش بدونها بدت فكرة سوداوية للغاية.
نظرت ماى إليه وهى أقرب إلى الشعور بالخجل نظراً لوجودها فى غرفة نومه فى الفندق وذكرته قائلة :"كنت خارجاً من الفندق"
أكد لها جود بتثاقل :"نعم لكننى ما كنت لأبتعد كثيراً"
تأكد أنه ما زال يشغل جناحه فى الفندق بدليل وجود العديد من ممتلكاته الشخصية فى هذه الغرفة مثل الكتب الموجودة على الطاولة الصغيرة الموضوعة بجانب السرير بالإضافة إلى العديد من البذلات المعلقة فى خزانة الثياب .
مررت لسانها على شفتيها الجافتين و اومأت قائلة:"آه , أما زالت تنوى الخروج؟"
أخذ جود نفساً متعباً :"ليس إذا استطعت إقناعك بتحويل خطوبتنا إلى حقيقة , لا......"
نظرت غليه ماى بحدة وبدت نظرتها متفحصة كانها تبحث عن دلالات السخرية فى وجهه . لكنها فشلت فى ملاحظة أية دلالات من هذا النوع فتعابير عينيه الرماديتين بدت أبعد ما تكون عن السخرية . همست بتردد :"جود......؟"
أحكم جود شد قبضتيه إلى جانبه وقال :"كنت مغفلاً ماى و مغروراً وعنيداً...."
توقف عن الكلام فجأة ما إن لاحظ أن ماى بدأت بالضحك إلا أنه تابع بسخط:"الأمر ليس مضحكاً! ها أنا أحاول أن أعتذر وأنتِ تضحكين منى"
هزت ماى رأسها وردت عليه :"أنا لا أضحك منك يا جود بل من هذا الوضع الممل المؤلم بكامله"
أخذت نفساً عميقاً وتابعت قائلة :"أنا أحبك يا جود فهل تبادلنى الحب أنت أيضاً؟"
كادت انفاسها تتوقف فى حنجرتها وهى تنتظر رده . إذا كانت قد أساءت فهم ما قاله بشأن خطوبتهما قبل دقائق فلابد أنها ستشعر بالغباء.....
ندت عن جود أنة من شدة انفعاله :"كيف لا أحبك؟ إنك امرأة طيبة لطيفة وصادقة"
شعرت بالدفء يتجمع فى داخلها . دفء راح يتزايد مع كل دقيقة وردت عليه:"هذا كثي علىّ"
هز جود رأسه بحزم وقال :"لا ليس كثيراً . أنك جميلة و رائعة . أنت تملكين كل شئ أرغب بوجوده فى المرأة التى أحبها "
شعرت ماى بالحرارة تصل إلى ذروتها فهمست:"إنك تجعلنى أشعر بالخجل. جود....."
تقدمت ماى خطوة إلى الأمام وهى تنظر إليه بتردد . تحركت يدا جود لتحيطا بوجهها وتركزت نظرته على عينيها قبل أن يسألها :"هل لديك أى مشاعر إزاء دافيد ميلتون ؟"
رددت ماى وراءه بعبوس :"دافيد....؟ بالتأكيد لا ! لكن لماذا بحق السماء؟"
أبلغها جود بقوة :"أنا أحبك ماى كالندر . أحبك وأريد أن أتزوجك وأقضى بقية حياتى وأنا أحبك . هل ستقبلين بى؟"
هل ستقبل به ؟ أن مجرد تفكيرها منذ أيام بأن جود سيخ خ من حياتها سبب لها الكثير من الألم . فهل ستقبل به؟
أبلغته بحزم مماثل:"آه....نعم. لكن بشرط وحيد......."
وعدها جود من دون تردد :"اقبل بأى شئ "
إن حبه لها لا يعرف الحدود. ذلك لا يعنى بأن ماى شكت فى ما قاله للتو , إلا أن استسلامه التام لشروطها أكد لها هذه الحقيقة . لكن الزواج لا يحتمل أنصاف الحلول إطلاقثاً.
أبلغته بصوت أجش :"إشتر المزرعة"
ـ لكن......
تابعت ماى بتصميم :"لقد نشأنا كلنا هنا فى هذا المكان وبالرغم من الظروف التى أحاطت بنا كانت طفولتنا سعيدة"
وأضافت بصوت أجش :"لكن آن الأوان كى نغير ظروف حياتنا سأبقى على محبة والدى لكننى أعتقد بأن المستقبل هو ملك أمى"
فبعد ان عرفتها ماى جيداً جاء دور أبريل لتعرفهن جميعاً ولا شك فى أن ذلك سيستغرق العمر بأكمله . لكن ماى اعترفت بأن أبريل تستحق أن تعرف بناتها عن قرب.
رد جود بنعومة:"وملكنا أيضاً"
التمعت عينا ماى بمشاعر الحب الذى تشعر به تجاهه بينما راحت تنظر إليه بثقة مؤكدة له :"بالتأكيد ملكنا أنا أحبك كثيراً جود . لدرجة كبيرة..."
ذكرها بتألم ظاهر فى صوته :"سبق أن قلتِ بأنه إنجذاب جسدى فقط"
اعترفت ماى بصوت أجش وهى ترد عليه:"كانت تلك محاولة منى لحماية الذات"
وما هى إلا لحظة حتى أخذها جود بين ذراعيه وعانقها بشغف متمنياً لو أنه لا يتوقف عن ذلك مطلقاً.
بعد انتهاء عناقهما اقترح قائلاً :"بإمكاننا جعله عرساً ثلاثياً"
وافقت ماى على الفور وقالت:"بالتأكيد يمكننا ذلك. ستكون أبريل وصيفة الشرف ودافيد الإشبين . أليس رائعاً أن يكون الإشبين و وصيفة الشرف قد قرر الزواج أيضاً ؟ً"

* * *
كان حفل الزفاف مميزاً حقاً. هذا ما فكر به جود عندما وقف على مذبح الكنيسة منتظراً وصول ماى . كان ماكس و ويل يقفان بجانبه وهما ينتظران و صول جانيوارى و مارش .
كان زوج والدتهن إشبين العرسان . أما أم العرائس التى اجتمعت ببناتها الثلاث حديثاً فكانت على أتم الاستعداد للتخلى عنهن لأزواج المستقبل .
عندما أجتمعت الشقيقات الثلاث لمناقشة تفاصيل الزفاف أقترحن جميعهن أن دور وصيفة الشرف هو أكثر ما يناسب أبريل . وقد تأثرت أبريل كثيراً لهذا الشرف الذى أسبغته عليها بناتها الثلاث.
كانت أبريل قد تزوجت دافيد فى احتفال هادئ فى الشهر السابق . ذلك الاحتفال الهادئ سببه أن العروس نجمة سينمائية أما العريس فمخرج أفلام عالمى أيضاً . ألا أن الأسرة أجتمعت يومها وقامت ماى بدور الشاهدة لـ أبريل و جود بدور الشاهد لـ دافيد . وبعدئذ انسحب الثمانية إلى المطعم لتناول وجبة طعام هادئة للاحتفال بالمناسبة قبل أن ينصرف العروسان فى رحلة شهر العسل التى استغرقت أسبوعين.
وإن كان هناك شئ جدير بالذكر فهو أن حب جود لـ ماى و إعجابه بها تعمقا فى الأسابيع الماضية . أما انتقال أبريل من نجمة سينمائية لتلعب دور "ماما" سهل الأمور للشقيقات الثلاثة بسبب قيول ماى الواضح لدورها هذا . أما جود فلم يكن لديه شك بأن الصحافة سيكون لديها ما يشغلها حينما ستظهر الوالدة والأبنة معاً فى الفيلم.
منتديات ليلاس
بدأ قلبه يدق بوتيرة أسرع حين علا صوت أرغن الكنيسة معلنا وصول العرائس. التفت ماكس نحوه ليقول مداعباً :"رأيت ماى لتوى يا جود وهذا يعنى انها لم تغير رأيها"
ألقى ويل نظرة سريعة إلى الناحية الأخرى للكنيسة . وأضاف بصوت أجش :"كلهن هنا...الثلاثة معاً......حمداً لله"
ابتسم جود بوجه الرجلين يا للغربة! لطالما اعتبر هذين الرجلين بمثابة شقيقيه وها هما الآن يوشكان أن يصبحا كذلك بالفعل......
سرعان ما هجرته كل الأفكار ما إن التفت ورأى ماى وهى تتقدم شقيقتيها فى طريق نزولهن عبر الممشى الطويل. كانت أبريل تمشى فخورة إلى جانبها أما الحب الذى كان يشع من عينى ماى فتشبه بالحب الذى يشع من عينيه هو
سوف تُصبح له......
كما سيصبح هو لها
وعلى الدوام!

تمت بحمدالله

حبيبي المغرور _ كارول مورتيمرWhere stories live. Discover now