أنت لي

6.4K 131 3
                                    

كان حظ فرانسيس طيبا ,لأن الطقس يوم مولدها كان رائعا للاحتفال . وكان قد مر أسبوع من الأيام المشمسة الرائعة التي تحدث عنها المزارعون بتفاؤل حذر , ذاكرين أن هذه السنة هي أحدى السنوات التي تجعل من سنوات القحط والرياح وأمراض المزروعات قيد النسيان . لأن فيها هطل ما يكفي من مطر لإبقاء المطر العشب أخضر .
وراقب مزارعو الخضروات بفخر نمو الطماطم , والذرة , والفلفل , الأخضر ... كما راقبوا الأشجار المثمرة من الخوخ والدراق والتفاح المتدلية منها كعناقيد العنب التي انعقدت بدورها .,
وصل سايمون ليرافقها إلى منزل شقيقته , وكالعادة كان السحر بعينه .. حين انطلقت بهم السيارة رمقها قائلا :
- هل أغضبتك ؟.
- لا ... أبدا .
- إذن استرخي ... روزماري في شوق إلى أن تراك والى أن تقيمي عندها .
- وماذا عن دان ؟.
ضحك :
- دان يريد أن تحصل روزماري على ما تشاء , لذالك ترينه في شوق إلى رؤيتك أيضا .
ملأت ضحكته السيارة .. وسرعان ما وجدت نفسها تضحك معه .
- هذا أفضل . ظننتك ستبقين عابسة ..تذكري ...أنت لي ..
- أنا رفيقتك .
- نعم إذا كان هذا يجعلك سعيدة .
ثم أضاف :
- أنت ذكية لورا .
نظر إليها نظره طويلة , ثم قال لها بطريقة غريبة :
- أتمنى ..أحيانا ..أتمنى لو تعاد الحياة .
- ستكون عندها رؤية رائعة .
- انا متأكد من ان هذا حدث من قبل . قرأت كتابا عن رجل أعيد الى الحياة كي يحيا حياته من جديد , بعد ان قرر الا يفعل إي عمل ندم عليه في حياته السابقة ...لكنه وجد انه مضطر , حسب المواقف , الى القيام بالأخطاء نفسها .
ارتجفت لورا :
- اكره التفكير في أن هذا ممكن .
- أظن ان هذا صحيح ..ما الإرادة الحرة إلا وهم .. أنت مثلا , لا تريدين أنت تكوني الآن معي .. ومع ذالك جئت لأنني أقنعتك مستخدما أساليب ليست قويمة , ولأن هناك بعض الروابط التي لا يمكنك تحرير نفسك منها ..
- وماذا عنك ؟ ماذا تفضل أن تفعل الآن ؟
- يافتاتي العزيزة .. أيجب أن تسألين ؟ أفضل أن أكون معك في مكان يبعد مئة ميل عن أقرب كائن حي , حيث أبقى فيه عدة أشهر في عزلة تامة .......
واستمر يتكلم, لكن لورا صمت أذنيها عن سماع كلماته , بوضع يديها على أذنيها إلى أن شاهدته يضحك , قائلا بصوت مرتفع :
- خجلت ! إذا أردت ادخار الخجل فلا تسألي أسئلة مثيرة !.
مالت لورا إلى الأمام لتدير الراديو وهي تفكر أن عليها يوما ما أن تضبط لسانها .!
حين وصلا وجدت لورا أن لامجال لحديث آخر بينهما ذلك أن لورا تعرفت إلى مارلين وأخيها , الذي هو أكثر هدوء وتحفظا , والذي له نظرة أبيه المباشرة الواضحة .
لم يكن دان هناك لكنه جاء وقت الغداء الذي تناولوه على باحة مرصوفة بالحصى حول بركة السباحة ... روزماري كانت طيبة كعادتها و سايمون كان مسترخيا أكثر من أي مرة شاهدته لورا فيها , فما كان منها إلا أن استرخت أيضا , وحين أزف أوان العشاء كانت في شوق للذهاب إلى الحفلة .
عندما نظرت إلى صورتها بالمرآة , برقت عيناها , لأنها بدت متألقة , غامضة , شاحبة اللون كأحجار العقد المتدلي فوق جيدها الجميل ...أما اللمسة الوحيدة من الماكياج فكانت على شفتيها المكتنزتين .
عندما شاهدها سايمون , بدا أن جمالها حرك أعماقه . وقال لها لتسمعه وحدها :
- أهلا بك ..سيدتي الجميلة .!
- وهل أنا جميلة حقا ؟.
ابتسم وقد استعاد سيادته على نفسه ... وانطلق معها في سيارته , ثم تبعتهما أخته وزوجها في سيارتهما , لم يكن منزل آل باركر يبعد ألا بعضة أميال , لكن لورا أحست ان قلقها السابق قد عاد , بل ازداد بسبب هواجسها التي لم تتركها يوما .
كانت الأمسية لطيفة , باردة , صافية , جعلت من الرقص متعة ,لكن رغم البرودة كان في الجو بعض الدفء الذي سمح بالخروج خارج المنزل , وكان كل شيء يتوالف ليؤلف أمسية رائعة , وكانت لورا تعلم أنها تبدو فائقة الجمال , بحيث ستكون الليلة مثار حسد كل امرأة متزوجة أو غير متزوجة .
قالت فجأة :
- سايمون ..
- ما بك ؟.
- لا أريد الذهاب الى حفلة .
فقطب :
- لقد بحثنا هذا الموضوع من قبل , ليس أمامك إلا الذهاب ؟
عضت على شفتها وقالت ببرود :
- لا أريد .
- انه خيارك الوحيد .
- أنت متوحش !. أحيانا أظنك تكرهني .
- أنا لا أكرهك .. بل احتقر نفسي بسبب حاجتي إليك , ولذا أرفضك لكنني لا أكرهك ... لو لا حقتني لا ختلف الأمر لكنك لم تحاولي .
- طبعا لم أحاول ... ولماذا تحدث الأمور هكذا ؟.
- من يعلم ..الحب شعور أسر مجنون , والطريقة الوحيدة لتحطيم أغلاله هو الاستسلام له ...لكنك لن تستسلمي .
- أفضل الموت .!
- أهذا هو ردت فعلك لدى مواجهتك حقائق الحياة ؟ أم انك بالفعل تشعرين بأن هذا قد يوميتك ؟.
- قلت لك من قبل انه قد يميتني .
- مع ذالك فستنقادين اليه , ولا يهمني أذا كنت تكرهنني . فأنا أريدك ... أتفهمين ؟.
راح يتخبط شيء في داخلها ..موجة ساخنة , تبعث على الوهن , اندفعت في شرايينها من جرَاء كلماته التي بعثت فيها رؤى غريبة فأطبقت يديها لتضغط أظافرها على راحتيها , لعل الألم يعيد إليها تعقلها .. قالت بصوت ثابت جاف :
- أنا واثقة بأن الحب رائع .. لكن نتائجه هي ما تقلقني .

عتاب .. روايات أحلام دار الفراشة ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن