هل أعرفك؟

8.5K 148 2
                                    


فيلستي مارلو هي المشرفة على حالة لورا منذ أدخلت فاقدة الوعي إلى المستشفى ,,هي امرأة متوسطة العمر نحيلة ,وهي كمعظم الأخصائيين النفسيين , يصعب انتزاع تصريح ثابت منها بصدد أي شيء , خاصة بصدد لورا ..
رفعت عينيها إلى الفتاة الجالسة قبالتها , وفي عينيها عطف :
- تعرفين ان ليس في مقدوري الاجابة عن هذا لورا ,فليس لدي فكرة عما اذا كان من المحتمل ان تعود لك الذاكرة ...نحن هنا نتعامل مع الدماغ , وثمة مناطق منيعة فيه ماتزال مجهولة لنا ...ولم الاهتمام المفاجئ ؟؟
- قال لي احدهم ان فقدان الذاكرة نوع من الهستريا... ويظنني موضوعا مثيرا لدراسة ...لكن كايت أصرت على ان أستشيرك قبل ان اوافق .
- وهل نعلم قد يكون فقدان الذاكرة نوع من الهستيريا ...... اذا احبتت وصفة هكذا , انه نظام دفاعي .عادة يتلاشى في بضعة ايام أو أسابع وأحيانا في حالتك يدوم طويلا ...هناك احتمل وارد ان تعود إليك الذاكرة في بعض الأحيان قد تتطلب دافعا منشطا , دفعة صغيرة في الاتجاه الصحيح , ولهذا حاولنا اكتشاف ماضيك لكنك , لم تكوني متحمسة ..
هزت لورا رأسها , فلمع شعرها تحت أشعة الشمس :
- اجل ...اذكر هذا , انه غريب , لكنني أحسست بالتعب وأردت يومها ان أنام .
- هل فعلت شيئا من اجل ذاكرتك منذ ذالك الحين ؟
بدا علة لورا الاستغراب :
- لا فأنا ...حسنا , حين قال الشرطي انهم لم يجدوا شيئا عني تركت الامر كما هو .
- ام يتبادر الى ذهنك ان ردت فعلك هذا غير عادي ؟
مررت لورا طرف لسانها على شفتيها وشمت رائحة القرنفل تتعالى في الجو من مزهرية الطبيبة .
قال بصوت مبحوح :
- اعتقد ذالك , لكن لم يبلغ احد عني أنني مفقودة , لابد أنني كنت وحيده في هذا العالم , فما من احد بحث عني .
- وما من احد اهتم بك كذالك , وما من احد في المنطقة كان يحمل اسمك . كنا نصطدم بالفراغ اينما اتجهنا , وكأنما اختفت كل آثار تدل عليك .
- وكـأنني مجرمة مختبئة !
فابتسمت الأخصائية :
- فليهنأ بالك .. الشرطة قامت بما في وسعها , ولم تجد دليلا يشير الى تورطك بأي شيء مريب . لكن ......لسبب ما ........أعتقد أنك لا ترغبين في ان يعرف احد مكان وجودك ...ولهذا أوصد عقلك الباب حياتك الماضية ..ومازال يوصد عليها ... والرد على ما أنت فيه يكمن في الماضي ..
- الماضي الذي لا يسمح عقلي بخوضه , خوفا مما قد أجد !
- بالضبط...على الأقل هذا ما أعتقده ..
فكرت لورا قليلا ثم قالت :
- أتظنين أن من المستحسن التحدث عن الأمر مع السيد باركلي ؟.http://www.liilas.com/vb3
- لورا ...لن أقدم لك نصيحة .. فأنت قوية لتتحملين ما قد يظهر أمامك دون ان تتداعي , قد لا يكون الأمر سارا ,لكن لديك القوة والشجاعة .فلقد كنت في الماضي بحاجة إلى الراحة التي وهبك أيها فقدان الذاكرة . فإذا ارتدي أن تذكري ألان عليكي إقناع عقلك الباطني بأن استرداد الماضي لن يؤذيك
- أتظنين أن علي المحاولة ؟
- القرار يعود إليك فقط .. حتى الآن كنت منجرفة ..وهذا الرجل جعلك تفكرين جديا في استعادة الذاكرة ..وهذا دليل حسن ... ما شكله ؟!
- قوي الشخصية ...ممن تسمعين عنه ولا تصدقين ..هو ذكي وحذق جدا ..
- وكأنك عرفت عنه أمورا كثيرة في فترة وجيزة .
- اجل أليس الأمر غريبا !؟ لكنه أوه يجعل من نفسه موجودا .
تمتمت :
- لدى بعض الناس هذه الموهبة ...الشخصية والسحر , او ما شابه . وهو يعمل في مجال مثير للاهتمام ....وأذكر ان له حصة لابأس بها من المنظر الحسن ..
- اوه ....انه مخلوق مؤثر ..مثل الصقر , رأسه كله زوايا مسطحه ليس فيها استدارة حتى ذقنه المربع , أما عيناه فخضراوان غامقتان , لا لمعان فيها وكأنهما – الجاد
لا يمكنك النظر إليهما وقراءة أفكاره ..
لامست قشعريرة بشرتها , وتوترت اعصابها حين قفزت تقاسيم وجه سايمون الكئيب أمام عينيها , فابتسمت لتنهي كلامها :
- انه ليس من الطبقة التي قد تعجبك , وكأنه يعرف عن الجحيم كما يعرف عن باحة منزله الخلفية ..
كان كلاما غريبا , لاكن فيليستي لم تندهش , بل سألتها بإلحاح :
- وكأنك غير معجبة به عزيزتي ؟
- ومن يعجب بالسيد باركلي ؟ انه من النوع المكروه !
- أو المحبوب
هزت لورا رأسها , وابتسمت لتخفي الهاجس المنذر الذي تملكها :
- لا ....الحب لا يمكن ان يكون حبا الا إذا كان متبادلا ؟ سايمون باركلي لم يحب في حياته ,وأنا واثقة من هذا فلدية قوة السحر لا القلب الدافئ ..
- أي انه رجل ...يحس به !
- اووه ...اجل ومن يدري قد تتجسد تجربتي في عمل روائي له عمل يتعلق بفتاة مجهولة ..
- يافتاتي العزيزة لست مجهولة ....حتى وأن لم تعد اليك ذاكرتك فكري جيدا قبل أن تشجعيه .. وسامحيني على ما سأقول : أنتي لاتبدين خبيرة في أمور الحياة , وان كانت ذاكرتي جيده بالنسبة لشائعات, فسايمون براكلي ليس بالرجل الذي قد ارغب بأن تتورط ابنتي معه .. فمن يتورط معه يسخر !.
بعد عدة ايام من هذا القاء لم تندهش لورا حين خرجت من المحل الساعة الخامسة ووجدته ينتظرها وهو يتكئ على السيارة , حين شاهدها استوى في وقفته وتقدم نحوها ,فقالت وهي تحس بنظرته تثبتها في مكانة لتمعن النظر فيها :
- مرحبا !
- مرحبا .....اقبلي دعوتي للعشاء .
عضت على شفتها ساخطة :
- أنت لا تعطي انذرا مسبقا !
- نعم أم لا ...قرري حالا .
أحست بسخطها يتزايد ...ماذا يحسب نفسه بأن يعاملها وكأن عليها ان تشعر بالامتنان لدعوته ؟!.....اهتزت عضلات فكها وقالت بحده :
- لا...شكرا لك .
فرد ساخرا :
- آه ...ها ... هناك اذن مخالب حادة تحت هذا القناع اللطيف ادخلي إلى السيارة لأوصلك إلى المنزل .
ترددت لورا لحظات ,فمهما كان تصرفه مريبا , فمن الغباء ان ترفض توصيلها للمنزل , لكنها سألت ببرود :
- اهاذه عملية اختطاف ؟
- اجل فاليوم عيد ميلاد روزماري التي تريدك معنا على العشاء .
- التفتت إليه وهي تلف حزام الأمان في السيارة :
- لماذا لم تذكر هذا أولا ؟ حقا انك أكثر الرجال إثارة للغيظ ! لن استطيع الذهاب بملابس العمل .
- كان بأمكاني مرافقتك للمنزل لتبديل ثيابك
- اوصلني اليه الان اذن
- لا
- اووه انت تثير الجنون !
- الدرس الثاني : انا شديد الدقة حين يتعلق الامر بتنفيذ ما أريد .
- ولمذا النخفيف من حدة الوصف ؟ لماذا لاتقول انك كثير الوسوسة في دقتك هذه ؟
اضحكه كلامها هذا . لكن ترى امرحه هذا حقيقي ام لا ؟ شعرت بالاحاسيس المخيفة في قوتها تجتاح كيانها كله وابعدت وجهها باتجاه النافذه لئلا يرى تأثيره .. بعد لحضات استرخت , فلا حظت انه يتجه غربا نحو الخط الساحلي كان الريف هناك شديد الرقة كثير الاخضرار , فالأشجار بدأت تزهر وأوراقها راحت ترتدي ثوبها الاخضر من جديد اما العشب بين المراعي فأخضر كثيف .
قال سايمون لها بدون تركيز :
- صهري مزارع ...يربي الخراف والابقار .
- وكيف التقى بأختك ؟
- كانت في ساوثمبتون في رحلة عمل لم اسألها قط عن لقائهما , لكن مما قالته اعرف إنهما كرها بعضها بعضا بالبداية ...لكن الجميع تعجب مما انتهت به علاقتهما ..
- لاكن شقيقتك لاتبدو عاصفة المشاعر .!
- المظاهر قد تكون خداعة ..فقد تبدو لك لعبة لاكنها قادرة على افتعال عاصفة متى أرادت .وهي بحاجة الى يد ثابتة قويه ولن تجد اثبت من يد دان .
- انك تظهره شخص سيء الطباع .!
- فالنقل مثلا اني لو وقعت في مشكلة فلن افكر في اللجوء الى احد سواه .
- تبين لها ان دان دالتون رجل قاس كما وصفه سايمون تماما وقد يماثله في القساوة .فهما يشبهان بعضهما بطريقه مذهله ! فكلاهما يمتلك تلك الثقة الشديده بالنفس , النابعه من معرفتها الباردة عن قوة أو ضعف من يواجهان .. انهما مخلوقان فائقا القوة .. عندما كانت تصاف دان وجدته رجلا مرحا , وذالك رغم برودة عينية السوادوين اللتين بدتا دافئتين حين حطتا على زوجته
التي ابتسمت و قالت للورا بتفهم :
- إنهما يطغيان على كل من بجانبهما , تعالي الى غرفة الاستقبال أضرمت النار مع ان الأمسية دافئة .
بينما كانت تتحدث رافقتها الى غرفة كبيرة فرشت بذوق رفيع , ففيها تحف اثرية واثاث عصري وهي جميعا تناسب عائلة دالتون التي قطنت في هذه المنطة منذ اجيال بعيده , فأنما روزماري تزوجت احد ابناء الطبقة الارستقراطية .
مرت الامسية بشكل مستساغ , كانت روزماري مناكثر النساء فتنة وكياسة ..امازوجها فقد احتفظ بأفكاره لنفسه , ولم يتحدث كثيرا ,, احست لورا بالتوتر من جراء تحديق سامون المستمر اليها , فهو لم يبعد بصره عنها حتى وهو يحدث شقيقته ... بدا العشاء بشكل اجمالي ناجحا فثمة ضحك كثير وحديث مرح ,فقد تمتعت لورا به رغم اضطرابها , وما جعلها تطمئن انهم عاملها حسا وكأنهم لا يعرفون شيئا عن فقدانها لذاكرة .
تنهدت روزماري وقالت :
- لن أتعود على الربيع في هذا المكان أبدا ....فأنا أحب ان يأتي مع الربيع ضجة صاخبة وسماء زرقاء وأزهار صفراء وبيضاء ونرجس ..فالنرجس ينمو خلال الشتاء في هامبشاير والخراف والأبقار تلد في نيسان ! وحدها الأشجار تزهر في أوائل الربيع .... ألا تفضلين ربيع الشمال لورا ؟
ابتسمت لورا وردت بهدوء :
- لست اذكر ....لاكن الربيع هنا رائع ,إذ تبدو الأيام فجأة أطول والأشجار تصبح مورقة والهواء رقيقا منعشا ...وانا أحب الطقس هكذا .
فتدخل سايمون :
- لورا ليست قلقة أبدا لأنها فقدت الذاكرة .
ابدت روزماري الارتجاف :
- لن أكون هادئة لو كنت مكانك ! .....وأنت دان ؟
- انه واقف على نوع الذكريات .
قادهم قوله ذاك الى فصص كثيرة تتناول فقدان الذاكرة ثم تفرع الحديث الى أشياء عامة عن الثقافة في العالم .علمت لورا انها أدهشتهم بسعة إطلاعها على الإعمال الروائية والأدبية العالمية وبعد قليل من النقاش تقبلوا معرفتها هذه ومع ذالك أحست بالسعادة لانتهاء الأمسية ,فللمرة الأولى تختلط مع أناس خارج أيطار المستشفى ممن يعرفون حالتها , ولا يعلقون عليها فهذا يجعل الحياة أيسر لها .
قالت ماري روز :
- يجب ان تزورينا ثانية لورا .
- شكرا لك .
- لكنها لم تلتزم بتكرار الزيارة .
قال لها سايمون في السيارة وكأنه يقرأ افكارها :
- دان معجب بك ...اذن انا السبب .
- ماذا يعني ؟
- ألا ..تعلمين تعجبك فيل , ودان معجب بك , وهذا يعني انك لاتثقين بي , ولهذا لم تلتزمي بدعوة شقيقتي ؟
- وهل كان الامر واضحا ؟
- وهل أنتي قلقه ان كان واضحا أم لا ؟
فتنهدت :
- لا أحب أن أكون فضة فقط كانت لطيفة جدا معي .
- انها روح لطيفة , بل انها من فئة نادرة من الناس لن تتكرر , فلقد أسرت اهتمامها كما أسرت اهتمامي .
انكمشت بشرة وجهها حول فكيها متوترة ,لكنها تمكنت من وضع بعض المرح في صوتها حين قالت :
- أسرت اهتمامك المهني كما أرجو .
- ولماذا هل أخيفك ؟
- قد اكون فاقده لذاكره ,لكن غرائزي مازالت حية وكل غريزة املكها تحذرني منك .
فضحك :
- قلتي لي هذا من قبل ..وضحيه أكثر .
- أنت تعرف جيدا ما اعني , فأنت قاس كجلد السوط ,وقاطع كحده ومؤذ مثله .
- لا أوافقك الرأي على هذا الخليط الوصفي ..فالجلد لاحد له ولا شك انك اكتسبت بعض الخبرة في الحياة بعد فقدان الذاكرة لتتعرفي على نوعي بسرعة .
كانت السخرية في صوته مؤلمة ,وهذا ما جردها من الثقة بالنفس . راحت تتسأل بذعر كيف تحسبه مهتما بها وهو على هذا القدر من الشر .
أبتلعت ريقها تحس بأنها تكاد تتقيأ ,وبأنها غبية ,ثم تأوهت بخشونة :
- ماذا بك ؟ هل أنت مريضة ؟
أوقف الأنوار بسرعة ودون ان يطفئ الأضواء الأمامية استدار ليضيء المصباح الداخلي كي يشاهد قسمات وجهها المتقلصة ضيقا :
- لورا ..........ما الأمر ؟.
كانت لحظة الوهن قد طفقت تتلاشى ,فسألته بخشونة :
- هل طنت أعرفك ؟!.
لم يغير شيء لم تتحرك عضلة واحده من ذالك الوجه القاسي الأسمر , لاكنها أحست بارتداده , وكأنه دفعها عنه حتى أحست بالألم .
- لا ...لا ,لا تعرفين شيئا عني , لاشيء أبدا ... ولم السؤال ؟
كان التنفس العميق يساعدها دائما .لذا أغمضت عينيها وراحت تتنشق الهواء برتابة ,حتى ارتد عنها الخوف والألم معا .
بعد دقائق ردت :
- آسفة لما حدث ....أخاف كثيرا حين أصاب بهذا الغثيان الذي يبعثه الخوف .
حرك السيارة من جديد , وقال بهدوء :
- ولماذا الخوف ؟يجب ان تكوني سعيدة باستعادة ذاكرتك .
مسحت بحذر وجهها بمنديل , وجففت راحتي يدها الناضجتين عرقا .
- لا أنني أخاف ان تذكرت شيئا , أن أجد نفسي في لجة سحيقة من الجحيم لا أستطيع الخلاص منها . اشعر وكأنني أعيش على حافة لجة عميقة , تضيئها أشعة شمس براقة , آمنة دافئة وجميلة بصحبة أناس لطيفين ,.وإذا فقدت توازني أشعر بأنني سأقع فوق الحافة إلى أعماق الجحيم ..
- وهل أنتي واثقة بأن ما في أعماق عقلك الباطني بغيض ؟قد تكون حياتك الماضية عادية سعيدة , فيها عائلة , وأصدقاء , وأحبة . وربما لم تفقدي الذاكرة إلا لحادث ما وقع ..
أطبق جمال المناظر حولهما على خناق لورا , فقالت بصوت أجش :
- قد تكون على حق ...لكن من الظاهر أن آيا من هذه العائلة , أو الأصدقاء أو الأحبة لم يهتم ليعرف ماذا حل بي .
- وهذا ما يؤلمك .
- كثيرا !
- وهذا يعني انه يجب أن يكون هناك شخصا ما ,في مكان ما...شخص تأملين أن يأتي يوما للبحث عنك .
دهشت لسهولة الحديث معه ودهشت لرقته , لكن الإحساس لم يكن مستساغا
, فالكشف هكذا عن أفكارها أمامه , أشبه بمن يكشف نفسه أمام خطر لا يعرفه تماما . فردت متشنجة :
- ربما...لكن يبدو أنني أخفيت آثاري بحذر حتى أن الشرطة لم تكتشف شيئا ..وعلى هذا لابد أن عقلي الباطني منشطر إلى اتجاهين بالنسبة لهذا الشخص المفترض وجوده .
فابتسم متحديا :
- كما هو منشطر اتجاهي . أنت لا تثقين بي , ومع ذالك تحديثين معي ..فلماذا ؟
- ربما لأنك لا تظهر الشفقة علي , بل ولا تعاملني وكأنني إنسان غير سوي . فأنت تحرضني على التفكير , وثمة اهتمام شخصي في اهتمامك بي أيضا .
أضحكة كلامها ثم لم يلبث أن قاد السيارة إلى شجرة سنديان ضخمة وارفة الضلال ...وقبل ان تفكر ..كان قد أوقف السيارة وفك حزام الأمان ملتفتا إليها ليفك حزام مقعدها قائلا بنعومة :
- أنت ساذجة جدا ياعزيزتي .. أخلتني احتاج إلى تشجيع ؟
خفق قلبها خوفا من هذه المشاعر التي بدأت تخفق في داخلها , ستتركها أية حركة منه الآن ضحية , مسلوبة الإدارة ,عارية المشاعر أمام ناظريه .
سألته ببطء :
- ا هذا ما تظن أنني كنت أقوم به ؟ تشجيعك , أنا لا أكاد أعرفك , أو معجب بك
- آووه ...لكنك لا تعرفين أن لا علاقة لهذا بالإعجاب ..أو بالحب ..وان كنت لا تعرفين لورا , فقد أن لكي ان تتعلمين .
كان لكلماته وقع الصاعقه عليها ..في اعماقها بدأت تستعر نار لم تكد تميزها كان لكلماته وقع الصاعقه عليها ..في اعماقها بدأت تستعر نار لم تكد تميزها الى عن طريق خدر غريب جعلها دون حراك ..
- لا أستطيع تحمل ما اشعر به الخوف مؤلم .
- ستعتادين مع الوقت .
مدت يدها الى الأعلى وكأنها تتوسل :
- سايمون ....أرجوك .
كانت تشعر بالخوف منه وتحس بمشاعر حادة تهز كيانها .
( ربما الخوف هو السبيل الوحيد إلى استعادة ذاكرتك لا كنني أتسأل مما انت خائفة حقا ؟ مني أو من ماضيك )
وكأنما رمها كلامه هذا في ماء بارد :
- لا أدري
- أذن سأصحبك إلى منزلك !
حين اقتربا من الشقة تذكرت انها لم تبلغ كايت وهيلين عن مكان وجودهما , وشعرت انها عندما تكون معه تنسحق شخصيتها بحيث لا تستطيع التفكير السوي الذي تظنه جزاء لا يتجزأ من شخصيتها .
لم يحاول الاقتراب منها فأحست بالرعب لانها شعرت بخيبة امل وهو شعور كان اقوى منها , وهذا ما أجبرها على العودة لصلابة التي طالما تبنتها .
سمعته يقول بصوت ساخر :
- الوقت متأخر . وبرد الليل قد يجمدني .. وأنا اعرف الكثير عنك الان .
- اذن تفضل أدخل اذا كنت تحس بالبرد .
فهمس :
- لا ..يكفي هذا الليلة هذا القدر ...تصبحين على خير لورا .
ردت عليه بما هو مناسب ,فضحك ودفعها لتدخل من باب الشقة المفتوح ,تلك الليلة نامت من ان وضعت رأسها على وسادتها , وهذا ما أدهشها . كان نوما عميقا دفع هيلين في الصباح الى ان تهزها أكثر من مره حتى تستيقظ .
دفعت هيلين الستائر تفتحها :
- هيا انهضي .فاليوم جميل ,مرت عشر دقائق على موعد استيقاظك !
تأوهت لورا وجلست :
- آووه ...يا ألهي !كم الساعة الآن ؟
- السابعة وعشر دقائق ..القهوة جاهزة و الحمام غير مشغول .اين كنت ليلة أمس ؟
لملمت بجهد ابتسامة . ثم أدارت ظهرها تتظاهر بارتداء الروب وهي تخبرها بما جرى , فظهر الذهول على هيلين :
- حقا قلت لك انه مهتم بك , هيا أسرعي لتخبرينا أثناء الفطور .
وهذا ما فعلته .
وعلقت كايت :
- لقد رأيته ليلة أمس .
فسألتها روا :
- أين ؟!
- في المستشفى كان يخرج من الجناح الرابع .
أحست لورا بفراغ في معدتها :
- انه جناح فيلستي مارلو ...أتسائل إذا كان يحاول استنباط شيء منها .. يا لجرأته !
فقالت كايت :
- اووه ..لدية الثقة بالنفس التي في الدنيا كلها ..لاكنه لن يستطيع هو أو غيره استنباط شيء من الدكتوره مارلو مالم تشأ ذالك .فهي مراوغة كبيرة عند الضرورة .
فصاحت هيلين بلورا :
- لا تغضبي كثيرا منه ..اتعلمين , اذا اصطحبك لمنزل شقيقته فهذا يدل على انه جاد .
هزت لورا كتفيها :
- أمر مستبعد ..فأنا اعرفها من المحل
فقالت كايت مازحة :
- انت تدورين الان في دوائر رفيعة المقام .فأل دالتون من القانطين الأوائل قي هذه المنطقة .. وكان دان اكبر مورد للحوم قبل ان يتزوج .. ما رأيك بهما ؟
- هما لطيفيان , وهو ممن يسهل التعرف إليه , وهي محبوبة ولكنها معتادة على التعامل مع الأنواع المعقدة , فلا أحد يقول ان سايمون رجل سهل .
أمضت لورا ماتبقى من يومها مشغولة في المحل ..حتى كادت لاتفكر في سايمون وقد استمر ذالك الا ان ظهرت فرانسيس باركر , رائعة في ثوبها الأسود والأبيض , الذي ابرز جمال شعرها الاحمر القاتم وعينيها البنيتين , ابتسمت لورا ابتسامة كادت كادت تخدعها حتى حسبتها غيرت رائيها بشأن البائعات في المحلات .
قالت بدلال :
- أريد رؤية بعض المجوهرات ,,خاصة الأقراط الزمردية تلك .
بدت الاقراط مذهلة على بشرتها الرائعة البيضاء .
- اليست جميلة ؟ عيد ميلادي الحادي والعشرين وشيك . أعلم ان هذا غير مهم هذه الايام ولاكن والداي يودان الاحتفال , وسيقيمان لي حفلة كبيرة ..سأحاول بطريقة لبقة ذكر هذه الأقراط لهما .
لابد ان أل باركر شديدي الثراء ليتحملوا ثمن هذه الأقراط وحفلة كبيرة .
ابتسمت فرانسيس ثانية :
- قال سايمون انه اصطحبك ليلة أمس عند آل دالتون , وقد سرني ذهابك لأنني أحسست بالذنب حين رفضت دعوته في اللحظة الأخيرة ...لكن امي كانت مريضة حقا , ولم استطع الذهاب معه .
- اسفة لسماع خبر مرضها ..هل تحسنت ؟
يبدو ان فرانسيس كانت تتوقع ردا حادا , فامتعضت من هذا الرد وبدا الكدر واضحا في صوتها :
- اووه ..اجل انه بسبب تغيير الطقس والموسم .,هل تمتعت بسهرتك ؟
الفضول الواضح في عينيها اسقم لورا ..
- تمتعت جدا شكرا لك .
- أليس آل دالتون رائعين ؟ روزماري حبيبة ودان ....مازال يجعلني أسيرة حين يبتسم لي .
صمتت تتوقع ردا لكن لورا لم ترد ,فتابعت هذرها :
- أمازح روز أحيانا بالقول لها ان آخاها وزوجها هو أكثر الرجال سحرا في هامبشاير كلها ..اعتقد ان سمعة دان مع النساء كانت رهيبة . وليس سايمون أفضل منه .وطبعا الامر مختلف بين الأصدقاء ..أعني ...ثمة نوع من الفتيات اللواتي يقلب تعرفين ما اعني .
لورا تعرف تماما ما تعني وما تلمح إليه ,وقررت انها لو سمعت فرانسيس تقول (تعرفين ما اعني مره أخرى ) فستركلها حتى تخرج من المحل .
فاجأها جورج مالفن بخروجه من غرفة المخزن الخلفية ليسأل بعد خروج فرانسيس :
- مشاكل ؟
فابتسمت :
- لا .. انها سخافة عقول بعض الفتيات الاتي لايفكرن .
فضحك :
- وهل وجدت صعوبة في التعامل معها ؟
- لا .... لا كنني تمنيت لو لم تكن زبونة .
فقال لها بجدية :
- حسنا ..لاتجعلي مثل هذا يؤثر في نفسيتك الطبية ...وذا تحول سخف بعض الفتيات الا تهجم فناديني على الفور , فلست مضطرة لتحمل هذا !
- اعرف ...ولا كنني اشك بمقدرة فرانسيس على فعل أو قول شيء لا يمكنني معالجته .
اذا كان هذا صحيحا , فلماذا تشعر بالغضب لما كشقته الفتاة الأخرى ؟!!

عتاب .. روايات أحلام دار الفراشة ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن