الفصل السادس

7.6K 81 3
                                    


*

" تيم "

كان ذاك الصوت الغليظ الأجش الحازم الذي جعله يرفع رأسه من كتابه حيث

كانت تراقب عيناه الأسماء التي زينت حوافه القديمة فقد اعتاد أهالي المدن على

نقل الكتب بين أجيال أبنائهم كما اعتاد أولئك الأطفال كتابة أسمائهم على الهوامش

وكأنه يقول لمن سيستلمه بعده ( هذا الكتاب كان لي قبلك ) ونظراً لظروف تلك

البلاد وحال أهلها فقد كانت قوانين ابن شاهين صارمة على تعليم الأبناء فالذهاب

للمدرسة كان فرض واجب يحاسب عليه ذويهم حال التقصير فيه والكتاتيب ودور

تخفيض القرآن ألغيت بأمر منه كي لا يتخذها الناس بدائل ويقدموا أولويات أخرى

على تعليم أطفالهم وقد خُصص وقتا واسعا في المدارس لتحفيظهم القرآن مع تعلم

الكتابة والرياضيات والتاريخ والعلوم بنوعيها تسلسلا حسب سن الطلاب .

عاد ذاك الصوت الجامد والنظرة الباردة للحديث مجددا وقال بفظاظة

" اسرح في منزلكم أو في الشارع وليس هنا "

ثبث نظره ونظرته الحادة على عيني من كان رحبا مع جميع الطلاب

ومبتسما إلا معه ولم يعلق , لم يقل اليوم درس تسميع فلما الانتباه وما

الضير إن سافر بتفكيره والطلاب يُسمّعون حفظهم وهوا منشغل معهم

فلمن سينتبه , قال ذاك وقد تحولت ملامحه للحدة " كم مرة قلت لا

تنظر لي بهذه الطريقة وكأنك من سني "

وبدلا من أن يخفض نظره للأسفل أشاح به جانبا , فليس من العدل

أن يعامله بما لم يعهده عليه بقية الطلاب وهوا لم يفعل شيئا ولم

يقصر في واجباته كطالب

" اقرأ هيا "

تخللت تلك الكلمات الآمرة الغليظة مسمع الفتى ابن العشر سنين وكأنها

قطار مر بين أذنيه أخلفت طنينا لم يعد يسمع معه شيء وخرجت كلماته

مقتصرة جافة " لم أحفظها "

وكان ذلك الزر الذي ضغطه لينفجر الواقف فوق مقعده الصغير وكأنه

جنون المطر lحيث تعيش القصص. اكتشف الآن